يوميات طبيبة نفسية...

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

lady.nina

:: عضو مُتميز ::
إنضم
2 ماي 2008
المشاركات
917
نقاط التفاعل
4
النقاط
37
إليكم هذه المجموعة من القصص المنقولة للفائدة عن يوميات طبيبة نفسية


(شبح إمرأة)


الجزء (1)



بداخل أحد العيادات النفسية الكبرى بوسط العاصمة
جلست الطبيبة سلوى تستمع لتسجيل أحد المرضى


ماذا أقول يا دكتورة إنها جميلة ......... جميلة جدا أكثر مما أحب


وليس ذلك فقط أنها شديدة الذكاء


هنا سمعت الطبيبة سلوى صوتها


وهي تقول هدئ من نفسك ولتجلس على الكرسي ولتحكي القصة من البداية


حاضر يا دكتورة


بدأت قصتي عندما قررت والدتي تزويجي فاختارت أحد الفتيات


وحسب ما تقتضيه العادات لم أراها إلا يوم الزواج


وهنا فوجئت بجمالها الباهر وبسحرها


فنفرت منها ومن جمالها


فاستغربت هي لأمري فلم تدع سبيلا إلا وسلكته


وكنت اعتقد بأنها عقل أجوف لا يهتم سوى بأمور الجمال حتى برهنت لي الأيام بأنها قد تفوقني ذكاء وحنكة


فقلت لا بد بأنها ربة بيت سيئة وستثبت لي الأيام ذلك


حتى رزقنا الله ببنت تشبه أمها تماما ومع ذلك ظلت غير مقصرة في أمور البيت


ماذا أقول عنها أنها أفضل من أي آلة أنها لا تنسى شيئا وكل عملها على أحسن وجه


حتى ابنتنا أني أنفر منها بسبب جمالها وشبهها لأمها


أني أقضي معظم الوقت خارج المنزل وعندما أعود تحاصرني زوجتي بدلالها وجمالها


فلا أعرف ماذا أفعل


وفكرت في الزواج نعم فكرت بالزواج بأخرى لكني عدلت عن رأي لأن الجميع يعتبر زوجتي كاملة فماذا أريد أكثر
ثم أني أنا نفسي أعارض الزواج بأكثر من واحدة مالم يكن هناك سببا مقنعا فماذا يكون سببي عندما يسألني الناس هل أقول أن زوجتي جميلة
ثم أني حاولت أن أحب زوجتي بكل الوسائل لكن في كل مرة كان يقف جمالها عائق في وجهي



هنا ضغطت الطبيبة سلوى على زر المسجل لتطفئه


وبعد دقائق حضرت الممرضة لتقول


لقد وصل المهندس حازم


لتجيب الطبيبة سلوى دعيه يدخل


وبعد أقل من دقيقة كان المهندس حازم يجلس أمام الطبيبة سلوى وهو مطأطأ الرأس
فنظرت له بدورها لدقيقة ثم قالت
هل أحضرت الصورة
قال نعم
ومد يده ليعطيها الصورة بيد مرتجفة


فسارعت الطبيبة لأخذ الصورة


وجلست لمدة تتأملها وهي غير مصدقة أنها فعلا جميلة


بشعرها الحريري المنسدل على كتفيها وخصرها النحيف وأناقتها الواضحة


إنها جميلة بل باهرة الجمال


مع ذلك لم تبدو أي تعابير على وجه الطبيبة سلوى تدل على رأيها فهذه أحد صفات الطبيب النفسي الماهر


مدة يدها لترجع له الصورة ثم قالت نعم إنها جميلة


فرد حازم بانفعال ..... جميلة جدا أكثر مما ينبغي


فأشارت بيدها له أن يتوجه للكرسي الكبير لتبدأ الجلسة


وبدأت بسؤاله أسئلة اعتيادية عن طفولته


فجأة انفرجت أسارير حازم وقال لقد كانت طفولتي جميلة جدا


وأنا أعشق أيام الطفولة


وأخذ يتحدث عن مواقفه مع أصحابه وأيام الشقاوة


وأسهب في وصف بعض المواقف والأحداث فمر الوقت سريعا


حتى انتهى الموعد


فوقف حازم وهو ينظر للطبية ثم قال ماذا الآن هل كل زياراتي ستكون على هذا المنوال


ابتسمت الطبيبة ثم قالت أنها الجلسة الثانية فقط لنا


لكن لا تخف بعد أيام قليلة سوف تعود ليس من أجل عمل جلسة إنما لتخبرني بأنك هائم بحب زوجتك


نظر لها حازم متشكك ثم قال اتمنى ذلك فقد تعبت من الصراع مع نفسي


وبعد أن حددت له موعد بعد يومين غادر الغرفة
 
..............

وقبل الموعد المحدد مع حازم


جلست الطبيبة سلوى تٌقلب مجلات عرض الأزياء

حتى استقر رأيها على واحدة أخيرا

فوضعتها على المكتب ووضعت البقية في الدرج

وبعد دقائق كان حازم بداخل الغرفة أمرته بالجلوس وهي تتظاهر بالإنشغال
ثم قامت من مكانها ومعها مجلة مدت يدها لتعطيه المجلة

فقال مستغرب ماذا

قالت وهي تبتسم لدي زواج أحد قريباتي وأردت أن أخذ رأي رجل
في موديل الفستان بما أنك هنا قلت لما لا تساعدني هل لديك مانع

ضحك حازم وقال في نفسه هل هذه من أتيت لأشكو لها مشكلتي النساء لا يتغيرن أبدا

نظر لها ثم قال لا ليس لدي مانع

قالت عظيم أختر واحدا

وفعلا أخذ المجلة وأخذ يتصفح فيها حتى وقف أخيرا عند أحد الفساتين وقال هذا مناسب

أخذت بدورها المجلة وابتسمت لم تكن الطبيبة سلوى تنظر لموديل الفستان إنما لوجه العارضة أنها أقل جمالا من زميلاتها

قالت له وهي تبتسم شكرا كثيرا فعلا لقد ساعدتني كثيرا

ابتسم حازم وهو فخورا بنفسه

ثم قالت فلنبدأ الجلسة إذا سمحت

تمدد حازم على الكرسي واسترخى

فقالت له اغمض عينك واسترخي تماما

وتخيل الآن بأنك تجلس مع حبيبتك وأنت في قمة السعادة

أخبرني هل ترى زوجتك

فقال


أخبرني هل ترى زوجتك

فقال لا

قالت : صف لي المرأة التي تراها

وهنا أخذت الطبيبة دفتر صغير لتسجل فيه المواصفات

قال أنها متوسطة الطول

وحنطية البشرة

وشعرها قصير ومجعد

وتوجد شامة صغيرة سوداء اللون على خدها الأيمن

هنا قاطعته الطبيبة وقالت هذا جيد ولكن ركز على وجهها أكثر صف عينيها , أنفها

فقال أن عينيها ليستا واسعتين ولونهما أسود

وأنفها معكوف

سألته وجهها هل هو دائري , مثلث كيف هو شكله

قال إنه دائري ويحمل في النهاية لمحة من الحنان

قالت حسنا هذا يكفي افتح عينيك

سألها حازم ماذا الآن

قالت لاشيء انتهينا لهذا اليوم هل تحب أن تسمع الموسيقى الهادئة حتى يحين دور ......... كانت تريد قول المريض لكنها انتبهت لنفسها وقالت دور الشخص التالي

قال لا بأس وعاد ليسترخي على الكرسي واغمض عينيه

وجلست تتأمله وتسجل بعض الملاحظات

وبعد دقيقتين قالت له هيا انهض انتهى الموعد

ثم اكملت وهي تنظر له بعد يومين في نفس الموعد

فخرج وهم يتمتم حسنا


وعندها جلبت المجلة وفتحتها على الفتاة التي أختارها والمواصفات فرأت إنهما متشابهان

ورفعت بعدها سماعة التليفون لتتصل بصديقتها هدى

......... ألو

........ أهلا عزيزتي هدى

........ أهلا سلوى هل أنا في حلم أين أنتِ منذ مدة لم نسمع صوتكِ

........ تعرفين مشاغل الدنيا الكثيرة

........ ليكن الله في عونك

....... أخبريني عن معرضك هل لقي النجاح المتوقع

........ لا بأس به

....... كل هذا تواضع الجميع يعرف أنه لا يوجد من يضاهيكِ في الرسم واسمك أصبح أشهر من نار على علم

.......... نعم هذا صحيح لكن هناك واحدة مازلت تفوقني شهرة

.......... من هي ؟؟

......... الطبيبة المشهورة سلوى

تضحك سلوى وتقول إذن اسمحي لي لا أعتقد بأنكِ ستتفوقي عليها


.......... بكل تأكيد من يستطيع التفوق عليها

......... حسنا يا عزيزتي أعرف بأنكِ مشغولة ولكن هل بإمكاني طلب خدمة منكِ

......... بكل تأكيد

......... سأرسل لكِ ورقة تحمل مواصفات لامرأة وكذلك مجلة تحمل صورة امرأة تحمل تلك المواصفات وأريدكِ المزج بين صورة الفتاة التي بالمجلة والمواصفات وترسمي لي صورة تلك الشخصية

هل بإمكانك ذلك ؟

......... بصراحة لا أعتقد بأن المهمة سهلة لكني سأجرب

........ حسنا وكم من الوقت ستأخذين

......... يومين كحد أقصى

........ شكرا لكِ لا أعرف ماذا كنت سأفعل من دونكِ

....... كنت ستنتحرين بكل تأكيد ولتضحك بعدها

لتجيبها سلوى والابتسامة على شفتيها وهل عندكِ شك

والآن يا عزيزتي مضطرة لترككِ لكن لا تنسي أمر الصورة

لتجيب هدى : لا لن أنسى

لتضحك سلوى وتقول وداعا

وتضع السماعة مكانها

.................



بعد يومين كانت الطبيبة سلوى تتأمل الرسم الذي رسمته صديقتها هدى

ثم قالت كم هي ماهرة لم أتوقع أن ترسمها بهذا الشكل المبهر تبدو كأنها حية

ووضعت الرسم بعدها في الدرج

.............

بعد ساعة حضر حازم على الموعد

فتوجه ليجلس على الكرسي الكبير

لكن الطبيبة سلوى قالت : ليس هناك من داعي فلتجلس هنا لجواري

هز حازم كتفيه وقال : كما تشائين

قامت الطبيبة من مكانها وأخذت تمشي في الغرفة وكأنها تفكر ثم قالت: لم تخبرني عن والدتك

قال حازم ما بها

قالت: أريد مقابلتها

هنا صعق حازم وقال : لكن لا أريد أن يعرف أحد بأني أحضر هنا

ابتسمت وقالت : هذا ما يقوله الجميع في البداية

رد حازم بعصبية ماذا تقصدين في البداية

هنا جلست الطبيبة سلوى وقالت: أنها والدتك وليست أحد آخر إلا تثق بوالدتك ثم أنها مرة واحدة فقط أريد الجلوس معها لبعض الوقت

جلس حازم يفكر ثم قال : ماذا اقول لها بان طبيبتي النفسية تريد مقابلتك
ستعتقد بأني مجنون وبأن عقلي أوشك على نهايته

ابتسمت وقالت : لا لن تقول ذلك وهي لن تخبر أحد لنفس السبب الذي تفكر فيه أنت

رد حازم حانقا اسأليني أنا عن أي شيء وسأجيب لماذا والدتي

أجابته بهدوء إذن هل تريد أن أقول لك أحضر زوجتك

قال : لا هذا مستحيل

قالت: إذن أحضر والدتك

جلس حازم يفكر للحظة ثم قال سأحاول

قالت : خذ كل وقتك ثم ثق بأني أريد مساعدتك وليس أحراجك أمام عائلتك

.............

بعد يومين اتصل حازم ليخبر الطبيبة سلوى بأنه سيحضر بعد ساعة مع والدته

فجلست تنتظرهم و كلها شوق لرؤية والدته

وبعد قليل حضر حازم مع والدته

بعد يومين اتصل حازم ليخبر الطبيبة سلوى بأنه سيحضر بعد ساعة مع والدته

فجلست تنتظرهم و كلها شوق لرؤية والدته


وبعد قليل حضر حازم مع والدته

وجلست سلوى تتأمل في والدته فخاب أملها حيث أنها كانت تعتقد بأنها تشبه الصورة وبأن حازم متعلق بوالدته ويريد فتاة أحلامه وزوجته شبيهة بوالدته

ولكنها لم تيأس ونظرت لحازم وقالت : فلتتركنا لوحدنا لبعض الوقت

وبمجرد خروج حازم توجهة والدته للطبيبة سلوى ونهالت عليها بالاسئلة

أخبريني يا دكتورة لماذا يحضر ابني عندك هل هو مجنون من ماذا يشكو

ابتسمت الطيبة وقالت : إنه أعقل مني ومنكِ ولا يعاني من أي شيء

ولكن تعرفين الإنسان احيانا بحاجة لصديق ليخبره ما يجول في قلبه وأنا هذا الصديق لحازم

هيا الآن اجلسي لنتحدث قليلا

ثم وجهت نظراتها ناحيتها وقالت حدثيني عن حازم

فقالت والدته : عن ماذا مثلا

فكرت الطبيبة سلوى ثم قالت عن شبابه عن مغامراته هل كانت هناك فتاة يحبها

هنا سكتت أم حازم

فنظرت لها الطبيبة سلوى وهي تقول لا تخافي كل ما تقوليه يبقى سرا في هذا المكان

فقالت أم حازم : كما تعرفين لكل شاب مغامراته قبل الزواج كان لحازم بعض الصديقات ولكنه لم يكن متعلق بواحدة منهن بدليل عندما طلبت منه الزواج لم يمانع ولم يختر واحدة منهن

هنا أجابت الطبيبة سلوى : هكذا إذن

و حدثت نفسها إذن فهي ليست صديقته أو حبيبته من تكون يا ترى

وتنبهت على صوت أم حازم وهي تقول ما بك يا دكتورة

فتبسمت سلوى وقالت لاشيء اكملي

لتجيب أم حازم أكمل ماذا

فقامت سلوى من مكانها وقالت سأريكِ صورة وتمعني جيدا فيها هل سبق ورأيتها

فأجابت أم حازم حسنا

وهنا أحضرت الطبيبة سلوى الرسم وأعطته لأم حازم

فجلست الأخيرة تنظر للصورة وفجأة كأن الذاكرة استيقظت عندها
فقالت : أنها صورة هند من أين أتيتي بها

فتبسمت سلوى وقالت : جميل جدا إذن فهي موجودة على أرض الواقع أخبريني من تكون

قالت أم حازم : نعم أنها كانت جارتنا

فردت سلوى كانت

لتجيب أم حازم نعم كانت تعمل في دور الروضة وكانت معلمة حازم وكان يحبها جدا حتى تزوجت وانتقلت بعدها لمدينة آخرى فحزن حازم جدا ومرض بعدها لمدة أسبوع ورفض العودة للروضة

هنا تنهدت الطبيبة سلوى وقالت لقد فهمت كل شيء

لتجيب أم حازم : ماذا فهمتي

لتقف الطبيبة سلوى وتقول : لا لاشيء .......... ارجوا منكِ أن لا تخبري حازم بما دار بيننا وأن لا تذكري هند

لتجيب أم حازم في فزع : لماذا

ابتسمت عندها سلوى وقالت : ليس هناك شيء ولكن لا تخبري حازم هذا فقط هو المطلوب منكِ هل هو كثير

تململت أم حازم في جلستها وقالت : لا ليس كثير

فنظرت لها سلوى وقالت الآن يمكنكِ الذهاب إذا أردتي وشكرا لحضوركِ وتفهمكِ أنتِ أم عظيمة سعيدة لتعرفي عليكِ

ومدة يدها لتصافحها

فنفرجت أسارير أم حازم وقالت : شكرا لكِ يا ابنتي

وقامت بعدها من مطرحها لتغادر الغرفة

وفور خروجها دخل حازم وهو ينظر للطبيبة سلوى

وقبل أن ينطق قالت هي : خير أن شاء الله اذهب لأيصال والدتك وغدا لنا موعد في نفس هذا الوقت

فاستشاظ حازم غيضا لكنه لم يقل شيئا وغادر الغرفة


................

بينما الطبيبة سلوى تراجع بعض الملفات

حتى طرقت الممرضة الباب وقالت : المهندس حازم بالخارج

فنظرت سلوى لساعتها فرأت بأنه حضر قبل الموعد بربع ساعة ولكنها قالت دعيه يدخل


لقد بدى واضحا على حازم بأنه لم ينم ليلته



نظرت له الطبيبة سلوى وقالت : كنت اتمنى أن تحضر وأنت مرتاح أكثر

ليجيب حازم ومن أخبركِ بأني غير مرتاح

قالت لا أعلم أنها عيناك ووجهك الشاحب مع ذلك لن نؤجل شيء

نظر لها حازم بعينين تملؤهما الحيرة

أشارت له بالتوجه للكرسي وأمرته بالاسترخاء

ثم قالت : لم تخبرني يا حازم عن طفولتك

قال : أخبرتك كل شيء عنها بالمرة السابقة هل نسيتي

قالت : أنا لا أنسى شيئا

نظر لها حازم دون جواب

لم تتكلم الطبيبة سلوى لكنها رفعت الورقة المقلوبة ووجهتها بناحية حازم

نظر حازم لذلك الرسم بتمعن ثم صرخ أنها المرأة التي دوما أراها من أين أتيتي بصورتها

ابتسمت سلوى وقالت : ألم تتذكرها

هز حازم رأسه نفيا


قالت : الا تتذكر أيام الروضة واللباس الكحلي

وباص الروضة والصراع مع الفتيان ........ والمعلمة الحنونة الطيبة


هنا صعق حازم وكاد أن يهوي أرضا وكأن الذاكرة عادت به للوراء سنين عدة

ثم صرخ نعم أنها معلمتي ............ وكنت أحُبها جدا لقد كانت دوما طيبة معي وكنت احيانا أقارن بينها وبين صوتها العذب وتوبيخ أمي فكانت تفوز كفتها

ولكن لماذا لماذا أراها دوما

قالت : لقد تعلق قلبك بها وكنت تجد فيها الحنان الذي تفتقده احيانا عند أمك

وقد اختزن عقلك الباطن صورتها وتمنى بداخله أن تكون امرأتك شبيهة بها ولكنها جاءت على العكس فنفرت منها ليس لجمالها وإنما بسبب حبك لصورة معلمتك وهنا بدأ الصراع بين عقلك الباطن والظاهر


صرخ حازم نعم أنتِ محقة فأنا عندما كنت أرى زوجتي كنت أرى صورة ......... ارتبك حازم لم يعرف بماذا يسميها

ثم قال صورة المعلمة هند دون أن أتذكر بأنها هي أو أن أعرفها

ولكن ماذا الآن يادكتورة

قالت سلوى : ثق بأنك لن ترى تلك المرأة مرة آخرى فقد انتهى الصراع بين عقلك الباطن والظاهر وبمجرد تعرف عقلك الظاهر على شخصية المرأة فأنها انتهت بالنسبة له ولم تعد تعني له شيئا

قام حازم من مطرحه وتوجه ناحية سلوى وهو يقول : شكرا لكِ يا دكتورة شكرا لكِ فأنا فعلا أشعر براحة كبيرة هل تعرفين ماذا سأفعل الآن

قالت : ماذا

قال : سأتوجه لشراء هدية كبيرة لزوجتي وكذلك لأبنتي

ابتسمت الطبيبة سلوى وقالت: اذن اذهب سريعا قبل أن تغلق المحلات أبوابها

خرج حازم وهو فرحا وسلوى تشيعه بنظرها والإبتسامة على شفتيها





تمت




وموعدكم مع القصة الثانية
 
الحلقة الثانية


( نعم قتلته)



الساعة تقارب عقاربها على التاسعة مساء والطبيبة سلوى تستعد للذهاب للمنزل

فتفاجأ بضجة في الخارج وتدخل الممرضة سحر مذعورة وتقول : إنها الشرطة تملىء المكان بالخارج

وقبل أن تخرج الممرضة

دخل ضابط وقال : هل بأمكاني التكلم معكِ قليلا يا دكتورة

قالت : تفضل ونظرت لسحر فأغلقت الأخيرة الباب وخرجت

فأجال الضابط نظره في أرجاء الغرفة ثم قال :

أنا الضابط محسن وقد أتيتك بناء على طلب قسمنا وهو الجنائيات العامة حيث نريد منكِ مساعدتنا

يا دكتورة ......... سلوى أليس كذلك

فأجابت نعم

قال : أنها أحدى السجينات قد قامت بقتل ابنها منذ خمسة أيام وهي ترفض الكلام ونعتقد بأنها مضطربة نفسيا ونريدكِ أن تحللي شخصيتها وتخبرينا
حيث اعتماد على حكمكِ سيتم محاكمتها


نظرت له الطبيبة سلوى ثم قالت : أنها مسؤولية كبيرة لكن نحن في خدمة الشرطة

فنظر لها الضابط والإبتسامة تلوح على شفتيه وقال : عظيم

وقام من مطرحه وفتح الباب ونادى على شخص آخر فحضر وكانت يده مقيدة بيد امرأة

فنظر لها الضابط محسن وقال : أنها ريم المعنية بالحديث

نظرت لها الطبيبة سلوى لقد كانت إمرأة في أواخر العشرينات من العمر وهي هزيلة الجسم ويبدو بأنها منذ أيام لم تأكل ولم تنم

ولكنها بعد ذلك نظرت للساعة وقالت : لكني مغادرة الآن

فقال الضابط محسن : حسنا متى يمكننا العودة مرة آخرى

قالت : غدا إذا كان الأمر مستعجل عند السادسة مساء

ثم توقفت عن الحديث ونظرت للحشد المتواجد بالخارج وقالت : لا داعي لإحضار هذا العدد الهائل من العساكر والضباط

هنا ضحك الضابط محسن وقال : حسنا سيحضر عسكري واحد فقط هل هذا جيد

فقالت : نعم جيد


وخرج الجميع والطبيبة سلوى تشيعهم بنظرها

..................

في اليوم التالي شغلت تلك المرأة فكر سلوى وجلست تفكر فيها حتى حانت السادسة

وسمعت جلبة بالخارج فتيقنت بأنهم قد حضروا

فخرجت لترى........ لقد حضر فعلا عسكري واحد ويده مشبوكة مع المدعوة ريم

فقالت للعسكري فك قيدها

هنا نظر لها العسكري وقال : لكن

قالت : لا تخف أنها الآن تحت مسؤوليتي ......... فك قيدها

وتوجهت سلوى ناحية ريم وأدخلتها للغرفة

ثم نظرت للعسكري وقالت له أبقى بالخارج

............

بداخل الغرفة جلست ريم تنظر لسلوى بعيون حائرة وتائهة

فقالت لها سلوى : هيا أجلسي واستريحي

فلم تستجب ريم لكلمات سلوى

فقامت سلوى بإجلاسها بنفسها

ثم رجعت للمكتب وصمتت لبرهة ثم قالـت : لقد أخبرني الضابط

ونظرت لها ثم اكملت حديثها ......... يمكن للجميع أن يعتقد بأن القسوة تعمي قلوب بعض البشر

لكن ماعدا الأم لا يمكن أن تؤذي ابنها

أنا أعرف عن ماذا أتحدث فأنا أم لطفلة ورغم القساوة التي أبديها مع بعض المرضى والأشخاص

ومع أني تعودت أن أخفِ مشاعري لكني لا أستطيع أن أخفِ حبي لإبنتي واشتياقي لها

وهذا حال جميع الأمهات

حتى لو كانت تلك الأم مجنونة فلن ولن تؤذي وليدها يوما

هنا صرخت ريم ..... نعم أنا من قتلته أنا من قتلته

وأجهشت في البكاء بعدها

فاقتربت منها الطبيبة سلوى وهي تقول هدئي من روعكِ

لكنها ازدادت في بكاءها وبعد دقائق وقعت مغشيا عليها

وبعد محاولة الطبيبة سلوى بأيقاظها فتحت عينيها وهي تنظر لسلوى

فتركتها الأخيرة وهي تقول إرتاحي ........ هيا حاولي النوم ولا تفكري في شيء

وفعلا استغرقت ريم في النوم رغما عنها فهي لم تنم منذ أيام

.............

بعد ساعتين نظرت سلوى للساعة ولريم وهي نائمة

واقتربت منها و هي تقول استيقظي يا عزيزتي استيقظي

أفاقت ريم وهي مذعورة

فقالت سلوى : آسفة ولكني مضطرة للمغادرة ولأغلاق العيادة

فهمت ريم المطلوب فقامت من مكانها وتوجهت ناحية الباب وفتحته بيد مرتجفة لترى العسكري واقف بإنتظارها فأعطته يدها ليكبلها بالأغلال


ودعتها سلوى بعينيها وهي آسفة لأيقاظها

.................

في اليوم التالي حضرت ريم في نفس الموعد لكنها بدت بحال أفضل

فقالت لها سلوى : اهلا تفضلي

نظرت لها ريم ولكنها لم تجب

وبعد دقائق كانت ريم تجلس على الكرسي وهي مسترخية والى جانبها سلوى

وقبل أن تنطق الطبيبة سلوى بأي كلمة

قالت ريم: من أين أابدأ

أجابتها الطبيبة سلوى بصوت حاني : من أي مكان يعجبكِ


تنهدت ريم وأغمضت عينيها وبدأت في الحديث

بدأت معاناتي عند إنجابي لطفلي أنه الأول والأخير

لقد كنت فرحة جدا به وبجماله وبأنه معافاة

حتى أصبح عمره خمسة أشهر فلاحظت بأنه لا يستجيب لي عندما أكلمه

ولاتثيره الألعاب التي تصدر صوت وليس هذا فقط عندما انظر له فهو قلما ينظر لي

لم اهتم للموضوع وقلت ربما هو متأخر عن بقية الأطفال سأنتظر شهر وأرى ماذا يحدث معه

لكن مر شهر ثم آخر ولم يتغير شيء

فأخذته للطبيب فقام بفحصه وتوجه ناحيتي وقال هذا شيء طبيعي أن لا يستجيب إنه لا يرى ولا يسمع

صعقت ولم أصدق كلام الطبيب قلت كيف ومتى حدث هذا لم يخيرني أحد مسبقا

فقال الطبيب الم يتم فحصه عند ولادته

قلت بلى

فلم أصدق الطبيب فراجعت غيره ثم غيره وكانت النتيجة واحدة

لم أكره طفلي بلى على العكس أحببته أكثر وأكثر لأنه ضعيف

لكني كرهت نظرات الشفقة بعيون أسرتي وأقربائي

فقررت بأني لن أخبر صديقاتي بالعمل ليس لأني أخجل من وضعه بل لأهرب من نظرات الشفقة

يكفيني ما لدي

حتى قرر صديقاتي بأنهن سيزرنني فأنا قلما أخرج وألبي دعواتهن

فقررن المجيء عندي حتى لا يكون لدي عذر

استقبلتهم في بيتي وأنا فرحة بهم

وقد أحضرت حاضنة لتجلس مع


هنا توقفت ريم عن الكلام وسقطت دموعها

فقالت لها سلوى يكفيكي هذا اليوم

فأشارت ريم بحركة من رأسها نفيا

ثم تابعت أحضرت حاضنة لتجلس مع نور لقد كان اسمه نور لكنه لم يرى النور يوما

ولكنه جلس يبكي ويصرخ فذهبت أنا له


هنا قالت أحدى صديقاتي أحضريه لنراه فنحن لم نره سوى في الصور

حاولت الهروب من سؤالهن لكنهن اصررن

وبعد إصرارهن أحضرته

لقد كان في الثانية وقتها......... أعجبن بجماله وبلون عينيه العسلي المخضر

وجلسن يحدثنه لكنه لم يستجيب

فقالت إحداهن ممازحة ماذا هل هو أطرش

عندها شعرت بان شيء قد تفجر بداخلي فصرخت نعم أنه لا يسمع ولا يرى ايضا

وغبت عن الوعي بعدها

وعندما أفقت رأيت وجوه صديقاتي والتي تحمل في عيونها الكثير من الشفقة والأسى



بعد تلك الحادثة كنت كل يوم اسمع همسات هنا وهناك في مقر عملي هذا بالأضافة لنظرات الشفقة

لم اتحمل كل هذا فقدمت استقالتي

وجلست بالبيت وحيدة مع طفلي

صحيح بأنه لم يكن يسمعني أو يراني لكنه كان يشعر بي

ففي أحد المرات قمت بتغير عطري وعندما اقتربت منه لأحمله رفض

فوضعت يدي على شعره فعرفني ولكنه رفض الاقتراب مني وكأنه يعاتبني لأني لم استأذنه في تغير العطر الذي تعود عليه وبه كان يعرفني حتى قبل قدومي

في اليوم التالي عدت لأستخدام نفس العطر فرأيت الإبتسامة تشوح على وجهه قد فرح لأني فهمت رسالته


وبعد أن تعودت على وضعي طلب مني زوجي ان نعود لأنجاب طفل آخر

أرهبتني الفكرة فرفضتها بشدة

لم اكن أرغب بأنجاب آخر ليتعذب وأن أتى معافاة لا أرغب لطفلي أن يشعر بالغيرة منه

فأنا أحبه لدرجة أني لا أريده أن يشعر بأنه مختلف يوما


فتركني زوجي وذهب للزواج بآخرى لم اعترض ولم اهتم

فابني أصبح محور اهتمامي وحياتي كلها

ومع أني لم أكن أخرج فأن الجميع لم يتركني لوحدي

كانت تحضر بعض من جاراتنا ويبدأن في اعطائي النصائح في كيفية التعامل مع الأطفال وكيفية الأهتمام بهم

ماذا تعرف تلك النسوة عن كيفية التعامل مع طفل لا يرى ولا يسمع وبالتالي فهو لا يتكلم

ماذا يعرفن عن المعاناة التي أشعر بها و أنا أرى بأنه مختلف

مع ذلك لم يتغير حبي له بل أنه كان يكبر كل يوم عن اليوم الآخر

كنت احتفل بعيده كل سنة أنا وهو فقط لم نكن بحاجة لأحد

لم نكن بحاجة لنظرات الشفقة والسخرية احيانا

فالبعض يتساءل لم الزينة مادام لا يراها

والبعض الآخر يهمس لما الموسيقى أنه حتى لا يسمعها

ربما ذلك صحيح لكنه يمتلك قلب يشعر به

وبذلك ازداد بعدي عن الناس يوما بعد يوم


حتى أصبح نور في السادسة وبعد عيده بيومين مرض جدا

فقد أصيب بالحمى

بقيت حرارته مرتفعة لمدة أسبوع وأنا أعطيه الدواء هذا بالإضافة للكمادات لكن كل ذلك لم يكن يجدي

كنت أسهر معه وحدي بالليل واسمع صوت أنينه

كنت دوماً اتمنى أن ينطق يوما بكلمة ماما لكني في ذلك اليوم كنت أسمع صوت يصدر منه ولكنه صوت ألمه وضعفه

حتى في تلك الليلة رجعت بي الذكريات وأنا في أشهر حملي الأولى كنت اتخيل واقول لنفسي بأن طفلي عندما يبلغ السادسة سنذهب أنا وهو للسوق لشراء الملابس التي تعجبه ألوانها وسيتباهى أمام اصدقائه في المدرسة بأنه هو من أختار ملابسه

فانظر له أنه حتى غير قادر على سماعها وليس فقط عدم رؤيتها

و جاءت تلك الليلة المشؤمة لقد زداد أنينه وألمه فلم استحمل صوته

ولم اتحمل عذابه فأنا أعشقه ولا أريده أن يتعذب أبدا


فخطرت تلك الفكرة المجنونة بخاطري بأنه لو مات سيتحرر من كل عذاباته سيتحرر من قيوده سيتحرر من كل شيء بالتأكيد سيتمكن من الرؤية والسماع

لم أفكر كثيرا فوضعت الوسادة على وجهه الصغير لم يقاوم كثيرا وغاب بعدها عن الوعي بل عن الدنيا كلها

لست نادمة أعرف بأنه الآن سعيد وحر وطليق

ربما لم يتمكن من رؤيتي فأنا مجرمة ومصيري مختلف عن مصيره لكن لا يهمني سوى بأنه سعيد وفرح


اتمنى فقط أن يعرف بأني اعشقه ولم أحب يوما أحد مثله

وأجهشت بعدها بالبكاء

ولكنها فجأة توقفت عن إصدار أي صوت فاقتربت منها سلوى

لكنها لم تستجب لأي حركة

أخذت الطبيبة سلوى يدها لتقيس نبضها فكاد أن يتوقف قلبها لقد

فارقت ريم الحياة

وبعد أن أفاقت الطبيبة سلوى من الصدمة اتصلت بالضابط محسن

وقالت بصوت مهزوز ماذا لو أخبرتك بأن ريم في كامل قواها العقلية فماذا سيكون مصيرها

ليجيب الضابط الإعدام طبعا

لتجيب سلوى اعتقد بأن العدالة قد أخذت مجراها

لقد ماتت ريم يمكنكم ان تحضروا لاستلام الجثة

ولتجلس بعدها سلوى على الكرسي وتسند رأسها للخلف والدموع تجري على خديها


تمت

34.gif
 
الحــلقة الثالثة

(هذه هي حياتي)

في إحدى العمارات الفارهة في الدور الرابع تحديدا بالشقة الخامسة والعشرين

كانت سلوى جالسة تتأمل نفسها في المرآة وهي تمشط شعرها لتسمع طرق

على الباب ويدخل منه شخص

لتبتسم سلوى وتقول : أهلا أمي

لتجيبها الأخيرة هيا يا عزيزتي العشاء أصبح جاهز سأذهب الآن لأعلم يارا وسأحضر لنتعشى جميعا

تستوقفها سلوى : لا يا أمي أنا سأخبر يارا

وتتوجه سلوى بناحية الغرفة القريبة من غرفتها وتطرق الباب

ليجيبها صوت طفولي : ادخل

تدخل سلوى والإبتسامة على شفتيها ........ عزيزتي يارا هيا بنا للعشاء

لتجيب يارا بلهجة حادة : ليس لي رغبة في تناول العشاء

وقفت سلوى للحظات تتأمل تلك الطفلة العنيدة ثم قالت : لماذا يا حبيبتي فأنتِ لم تأكلي شيئا منذ الغداء

لتجيب يارا بنفاذ صبر : أخبرتكِ ليس لدي رغبة في الأكل ماذا هل ستجبريني على الأكل أيضا

تنظر لها سلوى وتقول : لا بالتـأكيد لن أجبركِ ولكن إذا ما شعرتي بالجوع سنكون بإنتظاركِ

وتخرج من الغرفة وتتوجه ناحية المطبخ لتقابل أمها

وقبل أن تنطق سلوى بأي كلمة قالت أمها : أين يارا

لتجيب سلوى لن تحضر لا أعرف ماذا بها إنها عصبية جدا

ثم توجهت لتحضر صينية وبدأت بوضع الطعام عليها ثم قالت : ارجوكِ يا أمي خذي لها هذا الطعام


أخذت أم سلوى الطعام وتوجهت به ناحية غرفة يارا

لتجد يارا مستلقية على سريرها .......... نظرت لها ثم قالت : هيا يا عزيزتي لتتناولي عشاءكِ

لتجيب يارا بعدم إهتمام : لا أريد شيئا

تضع أم سلوى الطعام على المكتب الصغير وتهم بالخروج

لتستوقفها يارا : أرجوكِ يا جدتي خذي هذا الطعام

فتعود أم سلوى أدراجها وقد تعكر مزاجها من سلوك يارا

وتقول بلهجة حادة يبدو بأننا قد أفرطنا في دلالكِ

لماذا كل هذا العناد .......

إذا كنتِ لا ترغبين بالأكل حسنا وأنتِ محرومة من العشاء غداً أيضاً

وتأخذ الصينية بعدها وتخرج

................


بعد العشاء توجهت سلوى ناحية غرفة يارا وطرقت الباب ودخلت قبل أن يأتيها جواب

وتوجهت بناحية يارا وهي تقول :
عزيزتي هل بإمكاني النوم عندكِ الليلة فقد اشتقت إليكِ كثيرا

أعدكِ لن أصدر أي صوت و لن أزعجكِ

تغيرت ملامح يارا وأصبحت أكثر هدوء وبدى عليها التفكير فاستغلت سلوى الفرصة وقالت حسنا سأذهب لإحضار بطانية ووسادة وخرجت سريعا قبل أن تتمكن يارا من النطق بأي كلمة

أحضرت سلوى بطانية ووسادة ثم نظرت ليارا وهي تقول : أخبريني يا عزيزتي أين أضعها فأشارت يارا لركن من الغرفة


بدأت سلوى بتحضير المكان لتنام ثم وضعت رأسها على الوسادة الصغيرة

نظرت لها يارا ثم توجهت لسريرها ........ بعد دقائق قليلة تنبهت سلوى على صوت يارا وهي تقول :

ماما هل نمتي

لتجيب سلوى لا لم أنم لكني سأنام فورا لكي لا أزعجكِ

لكن يارا عادت للحديث مجددا ..... ماما هل

سلوى : ماذا

يارا : هل ستتزوجين

تصعق سلوى وتقوم من مطرحها وتتوجه لسرير يارا

من قال لكِ ذلك

أطرقت يارا رأسها وقالت : إذن فعلا سوف تتزوجين

هزت سلوى رأسها وقالت : أنا لم أقل ذلك ولكني أريد أن أعرف من أخبركِ بذلك


يارا : لقد سمعت جدتي تحدثكِ بالموضوع أنا لم أقصد أنا استمع لكما لكني كنت ذاهبة لأطلب منكِ المساعدة في حل المسألة و هناك سمعتكما تتكلمان

هل فعلا نسيتِ بابا وستتزوجين وهل سأنتقل معكِ أنا

تبتسم سلوى وهي تقول : انتظري انتظري ....... هل تقومين بالتخطيط عني

لا بالتأكيد لن أتزوج ولا تفكري في هذا الموضوع صحيح بأن بابا قد توفي لكنه باقٍ بقلوبنا أليس كذلك

يارا: لقد اشتقت إليه كثيرا

سلوى : أنا أيضا اشتقت إليه لكنكِ هنا إلى جانبي وأنتِ أهم شيء بحياتي

هيا يا عزيزتي نامي ولا تعودي للتفكير في هذا الموضوع مجددا
0124.gif


ارتاحت يارا من كلام أمها واستعدت للنوم وسرعان ماغطت في نوم عميق

لكن سلوى قد جفاها النوم وهي تنظر للصورة المعلقة على الحائط

التي تحتويها وتحتوي يارا وتحتوي ماهر زوجها

لم تنسى سلوى ماهر يوما لكن كلام يارا أيقض الحنين في قلبها مجددا

وجعل الذكريات تعود بها

حتى استوقفتها الذاكرة للحظاتها الأخيرة مع ماهر وهو راقد على الفراش

دون أن يعي بوجودها فقد تعرض لحادث أثناء عودته للمنزل

وتحطمت سيارته وسيارة الشخص الآخر ليرقد هو في غرفة العناية المركزة راضخا تحت رحمة النزيف الداخلي لعله يتوقف فينبثق الأمل بحياته بينما الشخص الآخر قد فارق الحياة

وماهي إلا أيام قليلة ولحق به ماهر

لتجد سلوى نفسها وحيدة في معترك الحياة

أمام مسؤوليات كبيرة وتربية طفلة

بالإضافة لفقدانها للصدر الحنون الذي يبادلها هموم النهار ويعينها على سهر الليل الطويل

أطلقت سلوى تنهيدة قصيرة وعادت للنظر للصورة

ومسحت الدمعة التي جرت على خدها وبدأت في قراءة سورة الحمد

لتهديها لروح زوجها الراحل ماهر فهذا ما هو بحاجة له

..................

في الصباح لم يفت أم سلوى وجه سلوى الشاحب وعيناها المنتفختان من البكاء

ومع ذلك تجاهلت كل هذا واقتربت من ابنتها وهي تقول : نسيت أخبركِ ياعزيزتي بأن أم علي كانت عندنا بالأمس

سلوى : أهلا وسهلاً بها في أي وقت

أم سلوى : ولكن زيارتها هذه المرة مختلفة

سلوى : وكيف ذلك

أم سلوى : إبنها علي يريد الزواج

سلوى : معقول هل يريد الزواج على نهى إنها لإنسانة رائعة

امتعضت أم سلوى من كلام سلوى وقالت : ليس ذلك موضوعنا

سلوى : إذن ماهو موضوعنا

أم سلوى : ما رأيك أنتِ في علي

سلوى : وما أهمية رأي فيه إنه جارنا وزوج نهى معلمة يارا في المدرسة

أم سلوى : ولماذا تحشرين نهى في الموضوع

سلوى : إنها زوجته

أم سلوى : حسنا لقد جاءت أم علي طالبة يدك له فما رأيك

صرخت سلوى : وماذا تعتقدين رأي هل سأطير فرحا لإن عريس طرق بابي

أرجوكِ يا أمي لقد تحدثنا في هذا الموضوع مطولا وأنتِ تعرفين رأيي ماما فلماذا نعيد فتحه مجددا

ثم أني لا أعرف من أين تأتين بكل هؤلاء العرسان هل وضعتِ إعلان في الجريدة

أم سلوى : هل هذا هو جزائي لأني خائفة عليكِ

وأريد أن اطمئن عليكِ قبل رحيلي من هذه الدنيا

تقاطعها سلوى وتقول : أمي لا داعي لمثل هذا الكلام

ستعيشين بإذن الله حتى ترين يارا عروس

أم سلوى : يارا نعم يارا , هل رأيتِ كيف أصبح سلوكها إنها بحاجة لرجل ليهذب خلقها

رجل تخاف منه وتحترمه

سلوى : لماذا وماذا فعلت يارا

هل أغضبتكِ في غيابي

تنحنحت أم سلوى وقالت: لا لم تفعل شيء ولكن تحسبا للمستقبل فهي مازالت صغيرة لكن غدا

ربما لا نستطيع ضبطها لوحدنا

سلوى : لماذا وهل تشكين في تربيتي ليارا

لا تقلقي لن يحدث شيئا ثم أني دوما مسيطرة على كل الأوضاع

أم سلوى : نعم بكل تأكيد بدليل وجهك الشاحب وعيناكِ المنتفختان

صدقيني يا بنيتي إنك بحاجة لرجل يساندكِ ويساعدكِ على هموم هذه الدنيا

رجل تشكين له همومك وتفضفين مافي قلبك

قامت سلوى من مطرحها وهي تقول : حسنا يا أمي إني مغادرة هل تريدين شيئا من الخارج اجلبه لكِ حين عودتي

أم سلوى : لا فائدة من الحديث معك

تخرج سلوى وتترك ورائها أمها


....................

في المساء حين عادت سلوى للبيت استقبلتها أمها وهي تقول : غيري ملابسك بسرعة واذهبي لغرفة الضيوف إن نهى بإنتظارك مع أني أخبرتها بأنك ستتأخرين لكنها أصرت على إنتظارك

ذهبت سلوى لتجد نهى جالسة في ركن من الغرفة والحزن باداً عليها

حيتها سلوى وجلست

وإنتظرت أن تبدأ نهى بالحديث لكنها ظلت صامتة

فبدأت سلوى بقولها : أخبريني كيف هو عملك بالمدرسة

لتجيب نهى : لا بأس به إنه جيد

سلوى : أخبريني هل تحسنت صحة إبنك مؤيد

نهى: نعم إنه بخير لكن المشكلة لا تكمن فيه

سلوى : ماذا تقصدين

نهى : إنه علي

صمتت سلوى واكتفت بالنظر لنهى

فتابعت نهى : إنه يريد الزواج

سلوى : ماذا هل حدث بينكما شيء ليتخذ قرار كهذا

نهى : لا أعلم لقد تغير كثيرا في الفترة الأخيرة وأخذ يتحدث بأنه بحاجة

لمرأة تستعمل عقلها ولا تحركها العواطف في كل المواقف

بحاجة لمرأة جذابة أنيقة....... تغوص في أعماق نفسه

لتعرف عن ماذا يبحث .......... لقد تغير كثيرا

صمتت نهى ونظرت لسلوى

أفطرقت سلوى رأسها وقالت : لن أخفي عليكِ شيئا يا نهى أن علي زوجك قد طلب يدي

صعقت نهى من الخبر وأخذت في الصياح هل هذا معقول

كنت أعرف بأن سكننا بجوار إمرأة شابة وعلى مستوى عالي من الثقافة لن يعود علي إلا بالشقاء

قاطعتها سلوى قبل أن يتفاقم الوضع لتقول : أرجوكِ يا نهى ليس هناك داعي لهذا الحديث فأنتِ تعرفين بأني وهبت حياتي لتربية إبنتي وعملي

وليس خطأي أن فكر زوجك بالزواج ثانية

أحست نهى بالذنب لحديثها السابق

فقالت : إعذريني يا سلوى فأنا فعلا لا أعرف ماذا أفعل

ابتسمت سلوى وقالت : بكل تأكيد أنا أعذرك فهذه الغيرة طبيعية

لنفكر معا كيف يمكنك أبعاد هذه الفكرة من عقل زوجك

قالت نهى : كيف

نظرت سلوى لنهى ثم قالت: ليس هناك أسهل من استخدام سحرك الأنثوي

نظرت نهى لسلوى متعجبة وهي تقول : ماذا تقصدين

سلوى : أخبريني كيف تعامليه في الفترة الأخيرة

نهى : لقد زاد إهتمامي به وأصبحت أتمنى رضاه فقط

سلوى : حسنا يبدو بأنه من أولئك الأشخاص الذين لا يشعرون بقيمة الشيء حتى يفقدوه

كل ماعليكِ عمله هو إهماله لبعض الوقت والتظاهر بأنك مشغولة

ولستِ مستعدة لسماع قصصه عن المرأة العاقلة

نهى : وهل تعتقدين بأن هذا الشيء سينفع

سلوى : بالحقيقة لا أعلم فأنا لا أعرف من أي الرجال زوجك

ولكن لنجرب هذه الطريقة


........................

بعد عشرة أيام إتصلت نهى بسلوى وهي فرحة لتخبرها بأن زوجها قال لها بأنه سيكون أغبى رجل في العالم لو فكر يوما بالزواج بآخرى

ضحكت سلوى وقالـت: وكيف حدث هذا

لتجيب نهى : بالحقيقة لا أعلم كل مافعلته بأني تجاهلته وأصبحت أخرج

وأكثر من قراءة بعض الكتب التي لم يكن لدي وقت حتى للنظر لها

فوجدت بأنه أخذ يحوم حولي ويراقب ماذا أفعل

ويحاول مقاطعتي من وقت لآخر ........ ويخترع أي قصة ليدخل الغرفة التي أكون فيها


حتى سألني في أحد المرات إن كان لدي شيء ليقرأه هو أيضا فأعطيته أحد الكتب وأخذت أسرد عليه مميزاته ومضمون الكتاب

فوجدته ينظر لي بإعجاب وكأنه اكتشف شيء جديد في

فعرفت بأنها الفرصة السانحة التي حدثتني عنها لأستغل فيها سحري

حتى إذا ما جاء مساء الغد وجدته يفاجأني بهدية ثمينة وسهرة رومانسية

ضحكت سلوى وقالت : أعتقد بأن مشكلتكِ قد حلت , فحافظي على زوجكِ

حتى لا يسرق منكِ

ضحكت نهى بدورها وقالت: ٍ سآتي لكِ لتنقذيني بأفكاركِ الرائعة

وليضحكا بعدها معا


تمت
 
الحلقة الرابعة
( هل أنا مريضة؟ )


بينما سلوى تراجع قائمة المواعيد ليوم غد لفت نظرها الاسم الأخير

ريفاء مصطفى

لم تصدق سلوى عينيها وجلست تتأمل في ذلك الاسم وهي تقول هل من المعقول أن تكون هي أم هو مجرد تشابه أسماء


................

في اليوم التالي لم تكف سلوى عن النظر للساعة حتى حانت الساعة الرابعة مساء

ودخلت الممرضة سحر وهي تقول : لقد حضرت السيدة ريفاء مصطفى هل أدخلها

فقالت سلوى : نعم أدخليها ..........وجلست تتأمل في الباب حتى دخلت منه سيدة تناهز الثلاثين بيضاء البشرة ممشوقة القوام

نظرت لسلوى بعينين حادتين

لكن سلوى قابلت تلك العيون بابتسامة مشرقة وأشارت لها بالجلوس

تقدمت السيدة الثلاثينة لتجلس ببرود

لتحيها سلوى بتشكك : اهلا بأديبتنا الكبيرة

تفاجئة السيدة وقالت: هل عرفتني

ابتسمت سلوى قالت: اذن أنت هي

بالحقيقة لم اتوقع أن تجمعنا الصدفة الرائعة أنا معجبة بقصصك ورواياتك كلها الواحدة تلو الاخرى

ليأتيها صوت ريفاء تشوبه نبرة حزن: شكرا لكِ

نظرت سلوى للورق بين يديها لتنظر مطلوب استشارة طبية

وتقول بعدها : أنا بالخدمة

صمتت ريفاء لبرهة وكأنها تفكر ثم قالـت: كيف بأمكاني معرفة إذا ماكنت مريضة أو لا

أعني نفسيا

أدارت سلوى عينيها في أرجاء الغرفة ثم صوبتهما باتجاه ريفاء وقالت: لماذا مالذي جعلك تفكرين بالأمر

ريفاء : أوه لا تسأليني فأنا فعلا أشعر بأن شيئا قد أخترقني

وأجهشت بعدها في البكاء

قامت سلوى من مكانها وهي تقول : هدئي من نفسكِ

ولنبدأ من البداية ما الذي حدث

نظرت ريفاء لسلوى بعيناها المحمرتان وهي تقول : آسفة لم أكن أريد البكاء

ليجبها صوت سلوى الحاني : لا تقولي هذا الكلام , أنا كلي أذان صاغية

تنهدت ريفاء وقالت: صدقيني لا أعرف ماذا أقول

لكني اشعر بحزن عميق جداا

ولا أعرف سببه

أشعر بأني إنسانة آخرى

لتجيبها سلوى بصوت حاد : ما الذي حدث

ريفاء: هذا ماجئت لمعرفته

سلوى : حسنا سنبدأ من البداية هل تشعرين بخفقان شديد في قلبك

أجابت ريفاء : نعم كثيرا لدرجة أني أشعر بأن إمكان أي شخص سماع ضربات قلبي المتتالية بقوة

سلوى : هل تشعرين بفقد للشهية ونقصان مفاجىء لوزنك

ريفاء: نعم فقد خسرت ستة كيلو غرامات من وزني خلال شهر ونصف دون رغبة مني في ذلك وبات وزني ضئيل جدا كما ترين

سلوى : هل يجافيكي النوم في أكثر الليالي

ريفاء: بل قولي جميع الليالي

أصبحت أسهر دون سبب واتمنى النوم ولو للساعة واحدة

سلوى : هل تشعرين بضيق في صدرك

ريفاء : يا آلهي وكأنك تسكنين بقلبي , نعم كل ماذكرته صحيح

سلوى: وهل ترغبين بالبكاء وتشعرين بحزن غامر و مفاجىء

ريفاء: أن دموعي تأبى النزول لعلي أشعر بقليل من الراحة

لقد تعبت كثيرا , أنا على هذه الحالة منذ أكثر من ستة أشهر

لم أذق طعم النوم أو الراحة

ارجوكِ ساعديني , وهل أنا مريضة لأني راجعت طبيب عضوي وفحص كل جسدي

لكنه قال بأني سليمة

إذا لماذا كل هذا التعب الذي أشعر به

سلوى : لاتقلقي سنكتشف ذلك

هل تحبين الجلوس على الأريكة لتكوني مسترخية أكثر

لتجيب ريفاء : نعم أرغب بذلك

انتقلت ريفاء لتسترخي على الأريكة المريحة وبجوارها سلوى

ليأتيها صوت سلوى الهادىء وهي تقول : الآن تـحدثي عن أي شيء

ومن أي مكان

صمتت ريفاء لبرهة ثم قالت : رغم أني مشهورة واسمي يتصدر المجلات والصحف

إلى أني لا أشعر بسعادة كبيرة

فمازالت ذكريات الطفولة تعود لي عندما كنت طفلة صغيرة في بيت

متواضع ليس فيه سوى غرفتين بالكاد كانت تكفي عددنا الكبير

ورفيقاتي في المدرسة أني اكرههم

ونظرت لسلوى

لكن سلوى لم تبدي أية استجابة

فعادت للحديث : لقد كنا يتفاخرن كثيرا بمنازلهم الفارهة

وبملابسهم من المحال المشهورة

بينما أنا كنت أراقب كل ذلك بصمت وسكوت

وانتقلنا لمرحلة المراهقة , وكانت موضة الاحتفال بأعياد الميلاد

ففي كل أسبوع كانت أحدى الفتيات تحتفل بعيدها

وأنا لم استطع الذهاب لتلك الأعياد لعدم تمكني من شراء هدية وبالطبع لم أكن أملك الزي المناسب

مع ذلك لم يتركنني وشاني كانوا يتعمدن أحراجي

فتارة يسألنني عن موعد عيد ميلادي

وتارة عن المكان الذي سأقيم فيه الحفلة

لا أعرف لماذا كنا يردن مني الاحتفال بمولدي فانا لم أكن سعيدة لأني سأكبر سنة وسيزداد شقائي فيها

بسببهن قررت لن أتزوج إلا رجل غني بل واسع الثراء

يحقق كل مطالبي ويجعلني انفق النقود بغير حساب وفي أي وجهة أريد

وفعلا تزوجت برجل ثري لا يهمه كم أنفق من المال

وكم أصرف وحسابي في البنك يتضاعف ويتضاعف دون أن اعمل شيئا

لكني فجأة شعرت بالفراغ يحيطني

فقد كبرت دون أن يكون لي صديقة اشكوا لها مايختلج في صدري

أحدثها عن آمالي , عن أحزاني

وزوجي أنه دوما بعيدا عني في عمله الذي لا ينتهي
وهو دائم السفر

حتى في أحدى سفراته رافقته إلى حيث لندن الباردة

لكنه تركني في الفندق وحيدة كالعادة

وبينما أنا جالسة في ردهة الفندق انظر للمارة وللخدم وهم يتحركون كالنحل الذي لا يتعب

قررت أن أبدد الملل بالكتابة

وفعلا قمت بالكتابة لأنتج رواية في وقت قصير

وعدنا بعدها لأرض الوطن وقمت بطباعة الرواية لتنشر

وبعد أن رأت تلك الرواية النور

بدأت أشعر بقلق مفاجىء

ويجافيني النوم حاولت معرفة السبب لكني لا أعرف

هنا تحدثت سلوى : وماذا كان مضمون الرواية

صمتت ريفاء ثم قالت : كتبت عن حياتي , ظننت بأني سأرتاح

إذا ما أفضيت ببعض من أسراري

لكن النتيجة جاءت عسكية


صمتت سلوى قليلا ثم قالت : لقد تعودتي أن تكنزي كل شيء بقلبك دون أن يكون هناك من تخبريه عن أي شيء

تعودتي أن تكوني صديقة ذاتك

ولكنك فجأة قمت بنشر أسرارك وكل أحلامك وآمالك للجميع

فنتابك خوف داخلي

خوف أن يعرف الجميع بأنك تتحدثين عن ذاتك عن نفسك التي طالما حفظتها وأخفيتها عن عيون الناس

فأجابت : ريفاء معك حق , أنا خائفة من ذلك , لكن ماالحل الآن

لتجيب سلوى: أنه سهل وبسيط

وقومي بكتابة قصة آخرى مناقضة تماما لشخصيتك

عندها ستشعرين بقليلا من الراحة

لتلمع عينا ريفاء وتقول : سأبدأ بذلك فورا

لتقاطعها سلوى : ولكن هناك شيء آخر أهم من الرواية

لتقول ريفاء : ماهو

لتجيب سلوى : ابحثي عن صديقة مخلصة تفضين لها بهمومك

لتجيب ريفاء : لقد وجدتها , هل تقبلين أن تكوني صديقتي

تبسمت سلوى وقالت: على الرحب والسعة .


تمت
__________________
 
( خُلقت قاتلا )

بينما سلوى تغادر العيادة عند الساعة التاسعة كعادتها
رأت ذلك الشاب الأسمر واقف حائرا
وقفت للحظات تتأمله أنها ترا ه أكثر من ثلاث ليالي يحوم حول المكان
أخذتها الأفكار وحدثت نفسها هل من الممكن أنه يريد سرقة المكان , لكنها سرعان ما أبعدت الفكرة من رأسها وقالت : ماذا يسرق فأنا لا أملك سوى الملفات في العيادة
ولكن الأفكار عاودتها وحدثت نفسها لربما يريد سرقة أحد الملفات ليبتز صاحبه
ياآلهي ماذا أفعل
وقبل أن تفيق من أفكارها , جاءها صوت العم مرعي بواب العمارة : ماذا هناك يا دكتور هل نسيتي شيئا
لتجيب بشرود : لا يا عم مرعي لم أنسى شيئا , ارجوا أن تحرس المكان جيدا
ليجيب عم مرعي : لماذا هل هناك شيئا يا دكتورة
سلوى : أبدا , أنت تعرف أولاد الحرام قد كثروا هذه الأيام
العم مرعي: الله يبعدهم عنا وعنكِ وعن الجميع
سلوى : شكرا , تصبح على خير
العم مرعي : وأنتِ من أهله
....................
بعد أيام نست سلوى أمر الشاب
لكنها سرعان ما تذكرته وهي تراه في صفوف المنتظرين في العيادة
وبعد ثلاث ساعات حان دوره
كان شاب فاره الطول , له عينان عسليتان لا تتناسب مع بشرته السمراء
وقف حائرا مترددا
نظرت له سلوى وقالت : اجلس من فضلك
جلس على الكرسي وبلع ريقه
وحاول أبعاد بصره عن سلوى
باشرت سلوى بالحديث : استرخي وتفضل بماذا يمكن أن اخدمك
ليجيب : أنا , بالحقيقة
وصمت بعدها لتستحثه سلوى تكلم يا مرسي
لينظر لها ويقول : كيف عرفتي اسمي
تبسمت سلوى وقالت : من الاستمارة
مرسي : اها
وعاد للصمت
لتحاول سلوى معه مرة آخرى
وتقول : تحدث عن أي شيء, حتى لو لم تكن قد أتيت لتقوله
ليفرقع مرسي أصابعه ويقول : بالحقيقة أنا إنسان مهوس , واطلب منكِ مساعدتي , لقد وجدت اعلان في الصحيفة عن عيادتك وعرفت بأنك أفضل طبيبة في المنطقة
سلوى : أنا بخدمتك
إذا أحببت لننتقل للأريكة إن كنت تريد
مرسي: كما تريدين
كان مرسي طويل القامة بحيث إن رجليه تدلت من الأريكة
طلبت منه سلوى التنفس بعمق , وأخذ وقت قبل البدء في الحديث
وبعدها بدأ مرسي بالحديث
بالحقيقة لا أعرف ماهي مشكلتي فأنا إنسان ناجح في عملي فقد درست دبلوم محاسبة
وأعمل الآن في أحدى الشركات
والجميع يحبني
لكن هناك شعور داخلي يتملكني لا أعرف ماهو , فكلما رأيت شخصا أتخيل بأني أقوم بقتله
وبأني امسكه من رقبته حتى يقع ميتا
لتتدخل سلوى : متى يتكرر هذا المشهد معك , هل يرتبط بوقت معين
أم في جميع الأوقات
ليجيب مرسي : لا أعرف تحديدا , لكن المشهد يتكرر إذا ما بقيت في نفس المكان كثيرا
فقد مكثت هنا ما يقارب الأربع ساعات
حتى تخيلت نفسي أقتل الممرضة القابعة بالخارج
لتشهق سلوى ولكنها سرعان ما تداركت خطأها وقالت : آسفة أكمل
ليقول مرسي : ارجوا إن لا تفزعي مني
لتجيبه سلوى باسمة : أنا لا أخاف أبدا , ولكن لكي اتمكن من مساعدتك يجب أن تكون صريحا معي ولا تخفِ شيئا
مرسي : صدقيني لن تري مني إلا الصدق
سلوى : حسنا , فلنبدأ , حدثني عن طفولتك
مرسي : لقد كانت طفولة عادية لم تكن سعيدة وليست شقية ايضا
فقد كنت الأخ الأصغر بين خمسة أخوة كلهم من الفتية
سلوى : كيف كانت العلاقة بينك وبين أخوتك
تردد مرسي ثم قال : لا بأس بها
سلوى : ووالدك ووالدتك , كيف هي علاقتك معهما
ولاحظت سلوى بأنه بدأ يتصبب عرقا , وبأن لونه قد تغير
فأعادت السؤال عليه مجددا
ولكنه صرخ بوجهها وتوجه ناحيتها وأخذ يعصر رقبتها بيديه لتدوي صرختها في أرجاء المكان
ولتحضر الممرضة سحر والعم مرعي مسرعين على آثر صرختها
ويخلصوها من بين يديه
وبعد أن تأكدوا من سلامتها , تلفتوا حولهم ليجدوا بأن مرسي قد غادر العيادة مسرعا
.........................
لم تنم سلوى ليلتها وهي تفكر بمرسي
والسبب الذي يجعله يقدم على هذا الفعل
و هل سيعود للعيادة مرة آخرى أم لا
و عادت بذاكرتها بالسؤال الذي جعله يثور ويغضب هكذا ربما يكون هو السبب
...................
في الصباح
راجعت سلوى ملف مرسي والمعلومات التي سجلها ولكنها لم تكن أكيدة بأنها معلومات صحيحة
ومع ذلك قامت سلوى بألغاء جميع مواعيدها
وتوجهت نحو أحدى تلك العناوين التي سجلها مرسي
فأوصلها ذلك العنوان عند بيت متواضع
طرقت سلوى الجرس
لتخرج لها طفلة يبدو بأنها في عمر الثلاث سنوات
فاقتربت منها سلوى وهي تقول : حبيبتي , أين ماما , أين بابا
وقبل أن تقول سلوى شيئا آخر كانت الطفلة قد غادرت
ثم عادت بصحبة سيدة يبدو بأنها والدتها فهي تشبهها تماما
توجهت تلك السيدة ناحية سلوى وهي تقول : بماذا يمكنني أن أخدمك
لتجيب سلوى : هل هذا منزل ابن السيد محمد راضي
لتجيب السيدة : نعم , إنه منزل راضي ابنه الأكبر
تلفتت سلوى حولها ثم قالت : هل بأمكاني الدخول
نظرت لها السيدة ثم قالت : لكِ ما شئت ِ, وأفسحت لها الطريق لتدخل
وبمجرد وصولهم لغرفة الضيوف , قالت السيدة : لم تقولي من أنتِ , ولماذا جئتي
صمتت سلوى ثم قالت : لقد أتيت بخصوص مرسي
صرخت السيدة مرسي وماذا فعل هذه المرة , سأذهب لأخبر زوجي أنه أخاه , فأنا ليس لي شأن بمرسي
ذهبت السيدة
وبعد فترة جاء رجل
نظرت سلوى له ثم حدثت نفسها لابد بأنه راضي أخ مرسي إنه لا يشبهه إنه متوسط القامة وملامحه أقل حدة من مرسي
وقبل أن تنطق سلوى
قال الرجل : نعم أنا راضي , ماذا فعل مرسي
فكرت سلوى بسرعة بأنها لو أخبرته بأنها طبيبة نفسية فسيتعامل معها بحذر
لذلك قالت : أنا أتيت من قبل المشفى فقد عالج مرسي أسنانه عندنا ولكنه لم يدفع المبلغ المطلوب عليه للآن
فتنهد راضي وكأنها أزاحت ثقلا عنه بكلامها
فقال : بالحقيقة مرسي لا يسكن هنا الآن لذلك , لا يمكنني مساعدتكِ
وصرخ بصوت عالي : أمينة , أمينة
فجاءت السيدة مرة آخرى
فقال : أوصلي السيدة , فقد انتهت من مهمتها
شعرت سلوى بخجل فقامت من مطرحها
وبينما هي تسير مع أمينة قالت : لماذا , غادركم مرسي
أجابت أمينة : لقد تسبب لنا في كثير من المشاكل مع الجيران
وجدت سلوى بأن أمينة من النوع الثرثار فاستغلت ذلك بقولها : وكيف ذلك
لتجيب أمينة : لقد كانت تنتابه احيانا حالات ......
ولكنها فجأة توقفت عن الكلام
فقالت سلوى : يا آلهي سأطرد من عملي إن لم أحصل على مكان مرسي وأتي من عنده بالنقود
نظرت لها أمينة ثم قالت : حسنا , سأعطيكِ عنوانه , لكن لا تخبري أحد بأنك حصلتي عليه مني
لتلمع عينا سلوى وتقول : كوني أكيدة من ذلك
وأخرجت سلوى من حقيبتها قلم وورقة وسجلت أمينة العنوان عليه
خرجت سلوى وهي تنظر لذلك العنوان أنها المرة الأولى التي تسمع فيها عن ذلك الشارع
ومع ذلك أعطت العنوان للسائق وهي تقول : هل تعرف هذا الشارع
نظر لها السائق وقال : نعم أعرفه
قالت سلوى : ممتاز , خذني إلى هناك
فزع السائق : هل تريدني الذهاب إلى هناك سيدتي , إنه مكان لا يليق بكِ
ضحكت سلوى وقالت: الا يعيش هناك بشر , اذن هو يليق بي , تحرك إلى هناك
بعد فترة طويلة
وصلت سلوى للمكان المطلوب
لكنها لم تتوقعه بهذا السوء
فقد كانت المباني قديمة جداا , و الطرقات مزدحمة بالمارة
ومع ذلك خرجت من السيارة وأشارت لطفل بالاقتراب
وقامت بسؤاله عن منزل السيدة زهرة , حيث يسكن مرسي
قام الطفل بأيصالها لمنزل مهترىء مكون من طابقين
شكرت سلوى الطفل وكافأته بمبلغ من المال
وطرقت الباب بيدين مرتجفة , لتخرج لها سيدة تناهز الستين
حيتها سلوى وقالت : هل يسكن مرسي محمد هنا
أجابت السيدة نعم
لتقول سلوى : هل بأمكانك أخذي إليه
نظرت لها السيدة ثم قالت : تفضلي
وصلت سلوى مع السيدة لغرفة فوق السطوح
لتقول السيدة : هنا يسكن
طرقت سلوى الباب ولكن لم يجب أحد
فقالت السيدة : يبدو إنه ليس هنا , فأنا لم اسمع صوت عودته البارحة
وضعت سلوى يدها على المقبض فوجدت بأن الباب مفتوح
فلمعت عيناها وقالت : لقد طلب مني انتظاره
نظرت لها السيدة باستغراب ثم قالت : كما تحبين
وذهبت وهي تتمتم لا يبدو عليها بأنها من هذا النوع
......................
دخلت سلوى الغرفة وهي تقدم خطوة وتأخر الآخرى
لقد كانت الغرفة صغيرة وتحوي سريرا
ومكتب خشبي صغير
وكانت الملابس مبعثرة هنا وهناك
جلست سلوى على كرسي قريب من المكتب
وجلست تتأمل المكان , ثم التفت ناحية المكتب لتجد عليه أوراق مبعثرة
فأخذت أحداها لتقرأها
لتجد تلك الكلمات المكتوبة بخط غير مرتب
خنقاًً
ماتت
تركت سلوى تلك الورقة وأخذت ورقة آخرى لتجد عليها نفس الكلمات
وهكذا حتى وصلت للورقة الأخيرة
لقد كانت مختلفا قليلا حيث كتب عليها
لم تمت غرقا إنما خنقا
طوت سلوى تلك الورقة ودستها في جيبها
وبعد مضي ساعتين
شعرت سلوى بالملل فقررت الذهاب والعودة غدا
وقبل إن تغادر المكان رأت إن تعرج على السيدة لتسألها بعض الأسئلة
و فور خروجها من الغرفة وجد ت السيدة واقفة وعند رؤيتها لسلوى تظاهرت بالانشغال بأطعامها لبعض الحمام
فاقتربت منها سلوى وهي تقول : ما أجمل الجو إنه مشرق
لتضحك السيدة : نعم , خصوصا بالنسبة للعشاق , ولتنظر لسلوى , لكن سلوى تجاهلت كلماتها الأخيرة وقالت: منذ متى تسكنين هنا يا عمة
لتجيب السيدة : زهرة اسمي زهرة
لتضحك سلوى : ياعمة زهرة
لتجيب العمة زهرة : بالواقع منذ مدة طويلة جدا , فقد ولدت هنا , وحتى يومك هذا أعيش هنا
أخذت سلوى بعض الحبوب من السلة القريبة من العمة زهرة وأخذت تطعم الحمام وهي تقول : ومرسي ماذا تعرفين عنه وعن والديه
لتتنهد زهرة وتقول : والدته ليرحمها الله فقد ماتت موتتا بشعة
استمرت سلوى بأطعام الحمام وهي تقول : كيف ذلك
لتجيب زهرة : لقد انتحرت
لتفزع سلوى : انتحرت وكيف ذلك
صمتت زهرة ثم قالت : بالحقيقة لا أذكر جيدا , ولكني كنت اسمعهم يقولون بأنها ماتت غرقا بعد أن رمت نفسها لأمواج البحر
لكن تحليل الشرطة يقول بأن هناك آثار على رقبتها جراء محاولة أحدهم خنقها , مع ذلك فهي ماتت غرقا وليس خنقا
صمتت سلوى وقد شعرت بدوار
فغادرت مسرعة وهي تقول : أوه لقد تذكرت أمرا , وداعا الآن
وقفت سلوى عند ذلك المنزل
وجلست تفكر , تلك الحادثة حدثت منذ زمن بعيد ولابد إن مرسي كان عندها طفلا
ربما شاهد تلك الحادثة
نعم شاهد والدته تقتل
فربما بعدما حاول القاتل خنقها أغمي عليها فوجد بأن تلك فرصة جيدة فأخذها ليرميها في البحر فماتت غرقا
ولكن مرسي شاهد القاتل وهو يقوم بخنقها
لذلك كتب تلك الكلمات
وأخرجت الورقة من جيبها وجلست تتأمل فيها
ثم أعادتها وهي تشعر بالنصر
....................
حاولت بعد ذلك سلوى الاتصال بمرسي لكن جميع محاولاتها باءت بالفشل
فقررت بأنه ستعود لمنزله أو بالأصح غرفته غداا
.....................
في اليوم التالي استيقظت سلوى منذ الصباح المبكر
وتناولت فطورها
ثم أخذت الجريدة لتقرأ ها
وأخذت تقلبها حتى فوجئت بالخبر
انتحار شاب في الثالثة والعشرين من العمر
فأخذت سلوى تتأمل صورة الشاب إنه مرسي
وتابعت القراءة وهي غير مصدقة
وقد وجد إلى جانب الجثة ورقة كُتب عليها
قتلت نفسي لكي لا أقتل أحداً
....................
أغلقت سلوى الجريدة وهي تشعر بالحزن لحال مرسي فقد أوشكت على مساعدته
فمرسي لم يدرك أنه كان يحاول تقليد ذلك القاتل الذي رأه يخنق أمه
فعقله الباطن يريد أن يستيقظ ويذكره بالقاتل
عن طريق تجسيد ذلك المشهد وهذا مالم يدركه مرسي

انتهت
 
( الأنوركسيا )
فقدان الشهية


الحلقة السادسة


تأملت سلوى المرأة التي تجلس في مواجهتها

والأوراق التي بين يديها لتقول : اعتقد بأن هناك خطأ , فالعمر الذي في الورق ....

ابتسمت المرأة وقالت قبل إن تكمل سلوى كلامها : بالحقيقة ليس هناك أي خطأ

فلست أنا المعنية به

إنها ابنتي إيمان وهي تجلس الآن بالخارج , أردت إن أحدثك على انفراد قبل إن تباشري معها

حركت سلوى رأسها إيجابا وقالت : تفضلي , أنا بالخدمة

تنهدت المرأة وقالت : بالحقيقة لا أعرف من أين ابدأ , ولم يكن الطبيب النفسي في حساباتنا أبدا ً

لكننا تعبنا مع إيمان ووجدنا بان مصلحتها فوق كل شيء لذلك تريني اليوم جالسة هنا

إيمان اليوم في الرابعة عشر من العمر كما قرأتِ

مشكلتها بدأت عندما كانت في الثانية عشر أي قبل سنتين

في البدء لم نلحظ شيئا كانت تفوت وجبات الغداء والعشاء

وبعدها تبعها الفطور وبعدها كل الوجبات الخفيفة

فأصبحت لا تأكل إلا بالأجبار وبالغصب
ثم زادت حالتها سوءاً وأصبح جسمها لا يتلقى الغذاء إلا في المشفى من خلال الأنابيب التي تمدها بقليل من الجلوكوز

ومنذ ثلاثة شهور قمنا بأنقاذها من محاولة انتحار

ولم نعرف ماذا نعمل فوجدنا بأن السبيل الوحيد إن نلجأ للطبيب نفسي

فما رأيكِ يا دكتورة

تكلمت سلوى بكل هدوء : في البداية اهنئك بأنك أقدمتِ على هذه الخطوة , ولم تمنعك نظرة المجتمع من الحضور وأثرتي مصلحة ابنتك , سأحاول عمل جهدي لتتخلص إيمان من حالتها

فمرض فقدان الشهية منتشر كثيرا بين الفتيات , ولكن مما يبدو من كلامك بأن ابنتك قد وصلت لمرحلة متقدمة جدا منه ومع ذلك لن نيأس

فلتسدعي إيمان للدخول

تحركت أم إيمان من مطرحها وخرجت

ولتعاود الدخول مع فتاة أقل ما يمكن القول عنها بأنها شبح إنسان

بوجهها المصفر الشاحب وجسمها النحيل جدا

تقدمت سلوى ناحيتها وقالت مبتسمة : تفضلي عزيزتي إيمان بالجلوس هنا لجواري

ونظرت لأم إيمان التي فهمت الإشارة وهمت بالخروج

وبمجرد خروج أم إيمان

التفت سلوى ناحية إيمان وقالت: اسمك جميل جداا فأنا أعشق هذا الاسم

لم تلتفت إيمان ولم تنطق بكلمة واحدة

فعاودت سلوى الحديث أخبريني يا إيمان , هل أجبرتك والدتكِ على الحضور

هنا التفت إيمان لسلوى وأشارت بحركة من رأسها ايجاباً

ضحكت سلوى وقالت : حسنا , سأخبرك سرا بيني وبينك ولا تخبري والدتك

لن أخضعك لأي فحص نفسي , وكل ما سنفعله هو التسلية مع بعضنا البعض

نطقت أخيرا إيمان : تسلية , وكيف سنتسلى

لتجيبها سلوى : ماهو الشيء الذي تحبين القيام به

لتجيب إيمان : ليس هناك شيء أحب القيام به

حركت سلوى رأسها يمينا ويسارا متأملة الغرفة حتى وقع بصرها على صندوق خشبي موجود أعلى خزانة الملفات

فتحركت من مطرحها وأحضرته ثم تقدمت ناحية إيمان وقالت : سنتسلى بهذا , فما رأيكِ

نظرت إيمان لسلوى مستغربة وقالت : كيف

لتضحك سلوى : أنها لعبة قديمة , كل ما علينا إن نحضر ورقة وقلم

ونكتب شيء نعتقد بأن الشخص الآخر يفكر به , ونضع الأوراق في الصندوق ثم نبدأ بفتحها

ونرى من الذي يتمتع بحس التخاطر

تغيرت ملامح إيمان وبدت أكثر راحة وقالت : لم اسمع بهذه اللعبة من قبل , لكن يبدو بأنها مسلية

أشارت سلوى بحركة من يدها مسلية جداا , ومتأكدة بأني سأفوز عليكِ

ضحكت إيمان وقالت : لنرى

بدأت إيمان بالكتابة على الأوراق الصغيرة ومن ثم وضعها بداخل الصندوق وبالمثل سلوى

وبعد إن امتلىء الصندوق بالأوراق

قامت سلوى بخلط الأوراق جيدا ثم قدمت الصندوق لإيمان لتختار ورقة

أخذت إيمان ورقة وبمجرد فتحها اعتلى وجهها الحمرة

لتقول سلوى : اقرأيها

لتقول : إيمان أنتِ بارعة

لتضحك سلوى وتـأخذ الورقة من يد إيمان لتجد خطها وقد كتبت عليها

لم أتوقع إن تكون الطبيبة صغيرة في العمر فقد توقعتها عجوز ( ماتفكر به إيمان )

لتضحك سلوى وتقول : هيا جربي مرة آخرى

أخذت إيمان ورقة آخرى وهذه المرة كان الخط خط سلوى أيضا

وبدأت في قراءتها

هل تعتقد بأني غبية وبأنها ستهزىء مني وبأني لن اكتشف لعبتها وبأنها تريد استدراجي ( ماتفكر به إيمان)

نظرت إيمان لسلوى وقالت : أنتِ فعلا بارعة

ابتسمت سلوى وقالت : هيا جربي مرة أخرى أيضا

وسحبت إيمان ورقة آخرى وفتحتها لتجد هذه المرة خطها وقدمتها لسلوى وقالت : اقرأيها أنتِ

أخذتها سلوى وقرأتها : إلى أي نوع تنتمي هذه الفتاة ( ما تفكر به الطبيبة )

ضحكت سلوى وقالتِ أنتِ أيضا بارعة

واستمرت إيمان في سحب الأوراق الواحدة تلو الآخرى

فتارة تجد فكرتها وتارة فكرة سلوى

حتى وصلت إيمان للورقة التي كتبت عليها سلوى ( لماذا إيمان حزينة)

نظرت إيمان لسلوى ودمعت عيناها

ثم ازدادت دموع إيمان غزارة

اقتربت سلوى منها أكثر ومسحت دموعها بالمنديل

وقالت : لماذا تبكي يا حبيبتي , هدئي من نفسك

هيا الآن امسحي دموعك وأخرجي لوالدتك ولا تخبريها بسرنا

ابتسمت إيمان وخفضت رأسها

وقامت مع سلوى لتوصلها لوالدتها التي تنتظرها بالخارج

وفور خروجهما اتجهت أم إيمان ناحيتهما وعيونها معلقة على سلوى

قالت سلوى : إن إيمان ابنتك شخصية رائعة ولقد سعدت بالتعرف عليها , أرجو أن تحضريها غدا عند الساعة الرابعة مساء

فأطرقت أم إيمان رأسها ايجابا وخرجت مع ابنتها

.......................

باليوم التالي حضرت إيمان مع والدتها على الموعد تماما

وتكلمت أم إيمان مع سلوى مستفسرة عن إيمان

فقالت سلوى : بالحقيقة مازال لدينا بعض الوقت , يجب اولا إن ابني جسرا بيني وبين إيمان حتى أستطيع إن أحوز على ثقتها , ثم نرى ماذا نستطيع فعله

وسوف أطلب منك طلب أرجو أن لا تفهمي قصدي خطأ

أم إيمان : تفضلي

سلوى : لا أريدك إن تكلميني على انفراد أمام إيمان , وذلك حتى احوز على ثقة إيمان الكاملة

أم إيمان : حسنا كما تشائين , ولكن كيف سأعرف عن تحسن حالتها

سلوى : يمكنك مهاتفتي وٍاخبرك أنا بكل التطورات

أم إيمان: حسنا , كما تريدين

خرجت أم إيمان ولتدخل بعدها إيمان

ابتسمت سلوى لها فور دخولها وقالت : أهلا وسهلا , تفضلي يا عزيزتي

أخبريني ماذا عملتِ أمس بعد خروجكِ من هنا

لتجيب إيمان : لم أفعل شيئا

رفعت سلوى حاجبيها وقالت : معقول , إذا ماذا فعلتي اليوم في المدرسة , هل تحدثتي مع رفيقاتك في المدرسة ولعبتي معهم

لم تجب إيمان ولم تحرك ساكنا

فعاودت سلوى الحديث : حسنا , مما يبدو إنه ليس هناك ما تخبريني به لذلك , سٍأخبرك بماذا حلمت البارحة

قالت إيمان : حسنا

ضحكت سلوى وقالت : حلمت بأني عدت فتاة صغيرة مشاغبة وبأن المعلمة قد وبختني لأني لم أنجز الواجب واستيقظت فزعة ولكني حمدت الله بأنه كان مجرد حلم

ضحكت إيمان

فقالت سلوى : وأنتِ بماذا حلمتي

تغيرت ملامح إيمان وقالت : لقد حلمت بكابوس

صمتت سلوى ثم قالت بحذر : وماذا كان

لتجيب إيمان : لقد حلمت باني فراشة جميلة زاهية الألوان حرة انطلق إينما اشاء بين سفوح الجبال والمروج الخضراء لأتمتع بجمال الطبيعة
وفجأة وبينما أنا استريح على فرع شجرة جاء عصفور صغير والتهمني لأموت وتنتهي حياتي

نظرت سلوى لإيمان وقالت : ما الذي جعل العصفور يأكلك

لتجيب إيمان : إنه حب البقاء , لكي تعيش لابد إن تقتل الغير وأنا أكره إن يموت أي مخلوق حتى لو كان مجرد حيوان

لتقول سلوى : لهذا السبب أنتِ لا تـأكلي

اطلقت إيمان تنهيدة وقالت : أتعرفين الطائر المدعو أبو حن

لتجيب سلوى : بالحقيقة لا

لتقول إيمان : لهذا الطائر قصة مشهوةر كان في يوم من الأيام يطير متجولا حتى مر ببحيرة يكاد يجف الماء فيها ووجد السمكات الجائعة

فذهب لأصطياد اليرقات وأحضرها ليطعم السمكات التي أكلت حتى شبعت

وبعد قليل جاء إنسان واصطاد تلك السمكات وبهذا يكون قد ضاع جهد الطائر هباءا وبدل إن يساعد تلك السمكات على العيش جعلها أكثر سمنة ليستمتع بتناولها الإنسان

أتريدين مني إن أكون هكذا

صمتت سلوى التي فوجئت بحديث إيمان وحاولت إن تجد ثغرة تنفذ من خلاله

حتى قالت : ولكن يا إيمان أنتِ لم تفكري بتلك اليرقات التي أكلها السمك

أليس من حقها أن تعيش

لتجيب إيمان : إنها مجرد يرقات

ابتسمت سلوى وقالت : لكنها كانت ستكبر وتنتج حشرة

يا عزيزتي إيمان أنا ايضا لدي قصة سوف تعجبك فلتسمعيني جيدا

فأشارت إيمان برأسها علامة الإيجاب

وبدأت سلوى بالحديث : كانت هناك دجاجتان تعيشا في مزرعة

وقد سمعتا عن إنهما قد تذبحان وبذلك تكونان غذاء لإنسان فخافت إحداهما وهربت

ولكنها تعبت من التنقل فقررت العودة للمزرعة وعند عودتها شمت رائحة الشواء الشهي فسألت الكلب عن هذه الرائحة فقال لها : إنها رائحة شواء صديقتك

فقالت : أهذا ما يسمونه بالذبح هل عندما أذبح ستكون رائحتي جميلة هكذا وذهبت مسرعة تجري وراء المزارع وهي تقول أذبحني أذبحني لتكون رائحتي جميلة كهذه

ضحكت إيمان وقالت : يالها من غبية حمقاء

لتجيبها سلوى : لا أنها ليست غبية لكن لكل مخلوق هنا وظيفة فذهبت هي لتؤدي وظيفتها

فقالت إيمان : وكيف ذلك

لتجيب سلوى : تلك الدجاجة خلقها الله مهيئة لإنتاج البيض ليكون غذاء للإنسان وايضا جعل لحمها طري ولذيذ
فلو لم يأكل الإنسان بيضها أو لحمها لن يكون هناك معنى لوجودها وستحزن هي

لتصرخ إيمان : هل يعقل ذلك

لتقول سلوى : حسنا دعينا من تلك المسألة وأخبريني لو امتلىء دولابك بالملابس وكان فيه بعض الملابس القديمة فماذا ستفعلين

لتجيب إيمان : سأتخلص من الملابس القديمة

ابتسمت سلوى وقالت : بهذه الطريقة ذاتها يتم الحفاظ على الاتزان في الكون

لتقول إيمان : كيف لم أفهم ذلك

لتجيب سلوى : لو لم يأكل الإنسان الحيوانات ولم تأكل الحيوانات بعضها البعض لمتلىء الكون بهم وسيكون هناك تزاحم كبير

هزت رأسها إيمان ولكنها بقيت صامتة

ابتسمت سلوى وقالت : يبدو بأنكِ لم تقتنعي , ولكن ذلك ليس مهم ألن تخبريني بالسبب الحقيقي

صعقت إيمان ونظرت لسلوى

ابتسمت سلوى وقالت : اعرف بأنك تريدي إن تختبري ذكائي وترين هل سأصدق حكايتك تلك

إيمان يا عزيزتي لنبدأ منذ البادية ولنعد لسنتين وكيف بدأ الموضوع

وحدث معكِ

صمتت إيمان ثم قالت بصوت مهزوز : لقد تعبت تعبت واتمنى إن أجد حلا

لتقاطعها سلوى : سنحل المشكلة معا يا حبيبتي , هيا تكلمي

ترددت إيمان فاستحثتها سلوى : هيا تكلمي

فقالت إيمان : أني أرى البداية تماما وكأنها حدثت بالأمس كان يوما عاديا و كنت بالمدرسة مع صديقاتي كن يتحدثن بأن الفتاة يجب إن تكون رشيقة في كل وقت وكل عمر

وعند عودتي للمنزل فتحت التلفاز لأشاهد عروض الأزياء

فذهبت بعدها لغرفتي وقارنت بين جسمي وأجسام العارضات فشعرة بخيبة أمل

خرجت من غرفتي لأجد أمي تتحدث بالهاتف مع صديقتها عن حميتها الجديدة

فقررت الخروج لأتمشى قليلا لأقابل جارنا الذي كان يجري بأقصى سرعة محاولا تخفيف وزنه الزائد

وقبل إن أنام فكرت بكل الأمور فوجدت بأن تلك الاشياء لم تحدث صدفة في يوم واحد بل هي تنبيه لي لكِي أخفف وزني

وبدأت بمحاولات بسيطة لترك الشوكولا ثم الآيس كريم وبعدها أصبحت أفوت وجبة العشاء الثقيلة ومع ذلك كلما نظرت لنفسي في المرآة لم أكن أجد ما يسرني

وبعد مضي سنة أخبرني الجميع بأن وزني نقص جداا سعدت بالأمر وقلت لن أكتفي وسأنقص وزني أكثر

وبدأت محاولاتي الشاقة وكلما نظرت في المرآة فوجئت بنفسي التي أجدها سمينة فامتنعت عن الطعام كلياً

ثم بدأ الأرق معي وأصبحت أرى الطعام كابوسا يلاحقني وبأني لا يجب إن أكل شيئا

شعرت بالخوف من كل الأمور التي حدثت معي

حاولت إن أتراجع وأعود لتناول الطعام لكني لم أتمكن

الطعام بالنسبة لي كابوس وعدو

لذلك حاولت إن انتحر لكن أهلي قد انقذوني لأعود لمعاناتي

أنا تعيسة جداا وبدأت إيمان بالبكاء

أحتضنتها سلوى وقالت : لا تقلقي يا عزيزتي , أنا هنا لجوارك

سنتغلب على هذا المرض اللعين بأرادتك القوية

هيا يا إيمان أخبريني هل ذهبتِ لأخصائية تغذية

لتجيب إيمان : لا

سلوى : حسنا هذه أولى خطواتنا سأوصي عليكِ عند أحد الاخصائيات الممتازات وستذهبي وستصف لكِ جدولا حاولي إن تسيري عليه

وبدوري سأكتب لكِ بعض الحبوب التي ارجوا إن تتناوليها فما رأيكِ يا إيمان

مسحت إيمان دموعها وقالت : هل سأنجح

أجابتها سلوى بصوت واثق بأرادتك القوية ستنجحين

هيا اذهبي واخبري والدتك لتحضر لأعطيها عنوان الاخصائية الغذائية

هكذا ذهبت إيمان ووالدتها إلى حيث أرشدتهم سلوى على أن يعودا لزيارة سلوى بعد ثلاثة أيام

................

بعد ثلاثة أيام اتصلت أم إيمان بسلوى لتخبرها بأنهم لن يتمكنوا من الحضور بسبب إن إيمان ترقد في المشفى فهي لم تـاكل شيئا

توقعت سلوى هذا الشيء فأخذت عنوان المشفى

وعندما أفاقت إيمان وجدت سلوى لجوارها

فوجئت إيمان وشعرت بالخجل

حاولت إن تحدث سلوى لكن سلوى نظرت لها ثم خرجت

وبعد يومين اتصلت أم إيمان لتخبر سلوى بأن إيمان بدأت في تناول القليل من الطعام والاخصائية تقول بأنها ستتحسن إذا واضبت على ذلك

وبأن إيمان تريد زيارتها

وكالعادة حضرت إيمان مع والدتها

حيت سلوى إيمان ونظرت لها بفخر وقالت : أنتِ رائعة يا إيمان

لتجيب إيمان على استحياء : بفضلك يا دكتورة شعرت ما أنا فيه من مشكلة وحاولت إن أكون قوية لكي لا أخيب املك

ابتسمت سلوى وقالت : كنت متأكدة بأنك فتاة قوية والآن أخبريني هل ستواضبين على تناول الطعام أم ستعودين

لتقاطعها إيمان : لا لقد عدت لرشدي وجئت لأسلم عليكِ وأودعكِ لكني سأشتاق لكِ

لتقول سلوى : يمكنكِ زيارتي في أي وقت فانتِ صديقتي وسنلعب مجددا لعبة الصندوق

لتضحك إيمان وتقول : لكن كيف عرفتي بأن تلك الورقة لن تظهر في البداية

ضحكت سلوى وقالت : لقد كتبتها مع الأوراق لكني أحتفضت بها في كم قميصي وبعد إن فرغ الصندوق وبقي فيه القليل من الأوراق وضعتها في موقع تختارينه وأنتِ غير منتبهة

ونجحت خطتي ولقد تأثرتِ

ابتسمت إيمان لتبادلها سلوى الابتسامة وتقوم من مطرحها وتحضر علبة البسكويت وتقول لإيمان : تفضلي ولنقل وداعا للأنوركسيا

أخذت إيمان قطعة البسكويت لتلتهمها بسعادة

تمت
 
الحلقة السابعة
(نظرية الكمال)

وقف ذلك الشاب للحظات حائرا مترددا
نظرت له سلوى وهي تقول : ماذا إلا تريد الجلوس
فجلس على الكرسي المواجه لها
نظرت سلوى للأوراق التي بين يديها ثم قالت : جميل هندسة ديكور , إذن أنت فنان؟؟
ابتسم ابتسامة أظهرت أسنانه البيضاء
وقال : لا فقط مهندس
ابتسمت سلوى وقالت : حسنا , والآن ماهي المشكلة
أدار يديه على شعره الحريري وقال : بالحقيقة لا أعرف من أين ابدأ
قاطعته سلوى : من المكان الذي يعجبك
فقال : حسنا , لقد فسخت خطبتي من خطيبتي منذ أسبوعين وخطيبتي هي سبب مجيئي إليك
لقد قامت برمي الدبلة في وجهي وقالت باني إنسان مجنون وعلي مراجعة طبيب نفسي فهي تعبت من نصائحي وإرشاداتي
لم اعر كلامها أي اهتمام لكن كلماتها بقيت ترن في أذني حتى قررت المجيء إليكِ
قالت سلوى : وما هو سبب تركها لك
قال : لقد رسبت في الجامعة , وذلك أغضبني كثيرا فأنا كنت اطلب منها الاجتهاد دوما وإن تكف عن العبث
لكنها كانت تتجاهل كلماتي
وعندما رسبت أعطيتها بعض النصائح للاجتهاد ولتحسين استخدام وقتها
كما أني بصراحة تغيرت مشاعري نحوها فأنا اكره الفشل
فأنا أكره أي إنسان فاشل فما بالك من ستصبح زوجتي وأم أولادي
وهي لم يفتها فتوري وانقطاع زياراتي
حتى في يوما زرتها ففوجئت بوجومها وغضبها الواضح في عينيها وقالت : بأنها سئمت حديثي عن الكمال البشري وبأن الإنسان لابد إن يسعى للكمال في جميع الأمور
وبأنها تعبت من محاولة إرضائي دون جدوى ونزعت الدبلة من بنصرها وقالت : اخرج من هنا ولا أريد رؤيتك مرة أخرى وحاول علاج نفسك بالذهاب لطبيب نفسي
قالت سلوى : وأنت يا عمر هل تعرف ما هي مشكلتك
ليجيب : أنا كنت دوما أسعى لتهذيب نفسي وابتعادي عن الأخطاء في جميع الأمور
فالخطأ بالنسبة لي جريمة يجب إن يعاقب عليها القانون كما يعاقب على السرقة
تداركته سلوى بقولها : ولكن الإنسان ليس ملاك وكل إنسان يخطأ
فقال : نعم ولكن إذا عمل كل شيء بشكل دقيق فلن يقع في الأخطاء
قالت سلوى: وهل تفصح عن هذا الشيء دوما
ليجيب : نعم لقد أصبحت اليوم وحيد حتى أفنان خطيبتي تركتني
واليوم أنا أريد إن أتغير فهل ستساعديني
قالت سلوى : حسنا ولكنك لم تخبرني , كيف تولد عندك ذلك الشعور
والخوف من الوقوع في الخطأ حتى بات هاجس بالنسبة لك
تقلصت عينا عمر وكأنه يتذكر شيء من الماضي وقال : بالحقيقة كانت والدتي مديرة في أحد المدارس , وكانت حياتنا تسير تحت روتين معين فيجب إن أصحو عند الخامسة وأرتب سريري وأرتدي ملابسي
وعند السادسة أكون موجود على مائدة الفطور
ومن يتـأخر يحرم من الفطور
وكان لابد أن أكون الأول بالصف وإلى سأعاقب
هكذا كانت حياتي وحياة أخوتي فأصبح الأمر بالنسبة لي عادة
ففي أحدى المرات تعرفت على شاب رائع ولكن عندما عرفت بأنه لم يكمل تعليمه الثانوي أصبحت أتهرب منه
فأنا أكره الفشل أكره
قاطعته سلوى : وكيف عرفت بأنه فاشل
ضحك عمر وقال: ألم اقل لكِ بأنه لم يتم تعليمه
فقالت سلوى : صحيح بأن العلم مهم للإنسان لكن هناك أحيانا ظروف تمنع المرء من التعلم ولكن ذلك لا يعني نهاية العالم وفشله فهناك العديد من البشر الناجحين وهم ذو نصيب بسيط من التعليم
نظر لها عمر : ثم قال , هل أنا غريب الأطوار
ابتسمت سلوى وقالت : لا أبدا , كلما في الأمر بأنك أصبحت متعود على الجد والاجتهاد وكل شيء يزيد عن حده ينقلب ضد الشخص
ثم قالت : أخبرني يا عمر , هل تعرف كيف يعالج المدمنين
ليصرخ عمر : أعوذ بالله مالنا ومالهم
لتبتسم سلوى وتقول : لأنك مدمن , نعم لست مدمن على الشراب والمخدرات والحمد لله
ولكنك مدمن على الجد و الاجتهاد ومدمن أيضا على الروتين
نظر عمر لسلوى وقال : معك حق يا دكتورة فأنا نادرا ما أغير من حياتي وأنا لا أغفر الأخطاء أبداً مهما كانت صغيرة ........ ولكن ما العمل الآن يا دكتور؟؟
لتجيب سلوى : الأمر بسيط جدا , سنبدأ بالتدريج , اخبرني هل ترتب سريرك يوميا فور استيقاظك
ليجيب عمر : نعم
لتقول سلوى : حسنا , سنبدأ من هنا , عندما تستيقظ اترك سريرك كما هو واذهب للعمل
ليضحك عمر ويقول : وما دخل السرير في الموضوع
بادلته سلوى بابتسامة وقالت : سنرى , هل بإمكانك التوجه للعمل والسرير غير مرتب
ولان اذهب وسأعطيك موعد بعد أسبوع
خرج عمر وهو مستخف بما قالته سلوى
......................
بعد أسبوع عاد عمر
قابلته سلوى بابتسامتها المعهودة وقالت : أخبرني كيف جرت الأمور
علت وجنتي عمر حمرة خفيفة وقال : لم أتوقع إن يكون الأمر صعبا هكذا ففي اليوم الأول نسيت ورتبته وفي اليوم الثاني كان قلبي يرقص خوفا من شكله الغير مرتب فعدت فورا لترتيبه وفي اليوم الثالث تركته غير مرتب وخرجت من المنزل
لكني لم أستطع التوقف عن التفكير به فعدت ورتبته
وفي اليوم الرابع نجحت بعد عن قاومت كثيرا لكي لا أعود لترتيبه
ابتسمت سلوى وقالت : أخبرني هل حدث شيئا عندما تركته غير مرتب
قال : لا لم يحدث شيئا
فقالت سلوى : اسمعني يا عمر أنا هنا لا أدعوك للفوضى وعدم التنظيم , لكن ذلك الاختبار البسيط الذي أجريته يبين لك بان مثل هذه الأشياء هي أمور طبيعية تحدث مع الجميع
ويجب عليك إن تتخذ الأمور ببساطة وإن لا تعقدها لتسهل حياتك وحياة من حولك
ليجيب عمر : صدقيني يا دكتورة رغم فكرة الاختبار البسيطة
إلا أني شعرت بأنه غير في الكثير
وعرفت بأن هناك بعض الأخطاء ليس هناك من ضرر من حدوثها فلن تنقلب الدنيا إذا ما فشل الإنسان في الامتحان مرة واحدة وشعر بخطئه وحاول مرة أخرى مجتهدا
فكل نجاح يسبقه فشل
زادت ابتسامة سلوى لتظهر بياض أسنانها المتناسقة وتقول : رائع يا عمر لم أتوقع إن يؤثر فيك ذلك الاختبار بهذه الصورة أنت إنسان طموح
1.
ومشكلتك كانت بسيطة والآن وقد تغلبت عليها ماذا ستفعل
ليجيب عمر : سأتوجه فوراً لخطيبتي أفنان التي يعود الفضل لها لوجودي هنا وأطلب السماح منها وسأساعدها على النجاح
وبعدها سنتزوج لننجب أبناء غير مهووسون بالكمال البشري
ويضحك بعدها لتبادله سلوى بابتسامة جميلة من ثغرها .

انتهت​
 

الحلقة الثامنة

( اعترافات رجل )


الساعة تشير بعقاربها للثامنة صباحاً

تتوقف سلوى عند باب العمارة كعادتها لتحي عم مرعي

سلوى : صباح الخير ياعم مرعي

العم مرعي : صباح الخير يا دكتورة

تهم سلوى بالانصراف فيناديها العم مرعي

: يا دكتورة لديكِ رسالة

سلوى : رسالة من من

العم مرعي : بالحقيقة لا أعرف سألته من يكون لكنه قال سلم هذا الظرف للدكتورة سلوى ومن ثم اختفى

سلوى : وأين هو هذا الظرف

اخرج العم مرعي من جيبه ظرف أبيض صغير وسلمه لسلوى

أخذت سلوى الظرف باستغراب وقلبته بين يديها ثم صعدت للعيادة

وفور وصولها همت بفتح الظرف

لكن الممرضة سحر أبلغتها بحضور أول مريض

فوضعت الظرف جانبأ وبدأت بالعمل

....................

عند الساعة الثانية عشر مساءاً

تندس سلوى في فراشها استعداداً للنوم

ولكنها فجأة تتذكر أمر الظرف فتقوم من فراشها وتتوجه لحقيبتها

وفور رؤيتها للظرف اطلقت تنهيدة اعلانأ عن فرحتها

قلبت الظرف بين يديها و من ثم فتحته





السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بعد السلام والتحية وقبل أي شيء ارسل لك ِ اعتذاري نعم اعتذاري لإزعاجك وأخذ جزء من وقتكِ

لربما أنتِ تتسألين من أكون وماذا أريد

حسناً سأخبرك

ولكني لن أخبركِ عن اسمي فأنا أجبن من أفصح عنه

أني شاب في الثامنة والثلاثين من العمر

رئيس قسم في أحدى البنوك الأهلية

متزوج ولدي خمسة أطفال

( مواصفات عريس )

أني امزح معكِ

وآسف لمزاحي أحببت إن أخفف من توتر الجو

بالحقيقة يا دكتورة أني أتردد على العمارة التي توجد بها عيادتك منذ ثلاثة أيام انظر لها من خلال نافذة سيارتي ثم افر هارباً

أني بحاجة فعلا لأتحدث مع شخص مختص مثلكِ ولكني أجبن من اظهر ضعفي إمام إمرأة وإذا ما قلتي لماذا لا اذهب للطبيب رجل مثلي

فتلك مشكلة أكبر

إن أظهر ضعيفا أمام رجل مثلي لربما يمر مثل ما أمر به ويتغلب عليه

اعتذر للإطالة سأدخل في الموضوع مباشرة

كل مافي الأمر أني بحاجة لأنفس عن همومي بدون إن تهتز هيبتي

فأنا بالعمل رئيس قسم في مكتب يضمني ويضم موظفين معي

أني لا أستطيع المزاح معهم خوفاً من إن تهتز صورتي فيستهترون في أداء العمل

فأظل طيلة وقت الدوام محافظ على وجهي بدون تعابير

وانقل نظري بين الموظفين لأخبرهم بأني موجود ومتيقظ

فتمر علي ساعات العمل طويلة انتحل فيها شخصية غير محببة لشخصيتي

وبعد إن ينتهي الدوام

اتوجه للبيت ولكني أظل حريصاً على إن يبقى وجهي خال من التعابير

فأنا أريد من أولادي إن يشعروا بهيبتي بمكانتي فيخافوني وينفذوا ما أمر به ويستقيموا في أمور حياتهم

ويمر الوقت في البيت وأنا أرشد هذا وازجر هذا

لحتى أرى في نظراتهم الملل والكلل متمنين خروجي واعطائهم نزهة مني

وفعلا أني اخرج من البيت واتوجه للمقهى القريب

وهناك أرى بعض الأصدقاء القدماء فأحاول قدر الإمكان الإبتعاد عنهم خوفا من إن يشيعوا شخصيتي القديمة المرحة

واجلس مع بعض الجيران واحرص على إن يبقى وجهي خال من التعابير

ونتحدث عن إشياء لا أحبها

وإذا ما اطلق أحدهم نكتة فأني احرص على إن يبقى وجهي خال من التعابير

وبعدها أعود للبيت اتسلى ببعض المقالات

واستمع لحديث زوجتي فيعجبني بعض حديثها

ولكني احرص على إن يبقى وجهي خال من التعابير

بعد هذه النبذة البسيطة واعذريني إن كانت مملة

أني أشعر برغبة في التغير دون إن تهتز صورتي إمام الجميع

وفي نفس الوقت خائف من التغير بعد أكثر من ثمانية عشر سنة مضت

أني أعلنها ألان أمامك بأني خائف

أنا الرجل القوي ذو الوجه الخال من التعبير خائف

أني أرى الكوابيس في منامي

واتخيل ابتسامة السخرية في وجه الموظفين ووجه أولادي

لقد مللت من شخصيتي الباردة ومن الوجه الخال من التعابير

ولكني خائف خائف خائف

وأني الآن اطلب النصح منكِ

ولكني أجبن من إن افصح عن شخصيتي إمامك

فهلا ساعدتي هذا الرجل المسكين

وإذا ما سألتي كيف السبيل لذلك

اتركي رسالة لي عند البواب وسأتي غداً لاستلامها
وإذا ما أصريتي على رؤيتي ومعرفة من أكون بأمكانك ذلك
عند الساعة التاسعة سأكون واقف امام بوابة العمارة

وعند التاسعة وخمس دقائق سأغادر

ارجوكِ يا دكتورة

إنه رجاءي الأخير ساعديني

لإتمكن من النوم مجددا


التوقيع

الرجل ذو الوجه الخال من التعابير




وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أيها الرجل

اسمح لي بمنادتك أولا بهذا الاسم

لا بد إن تعرف ان سلوى الإنسانة والطبيبة لا تتوانى في تقديم مساعدة لأي شخص إذا ما كان بأمكانها ذلك

فهأنا ارسل لك هذه الرسالة

داعية المولى إن تستفيد مما سيأتي فيها

فأولاً يا عزيزي الرجل أنت لم تذكر سبب تغيرك المفاجىء وتحولك لرجل جاد جامد

لا يحب المزاح

هل هو المركز من غيرك أم حرصك على تربية أولادك تربية شرقية مستقيمة هو من غيرك

أم هو خوفك من إن يتقدم بك العمر وتلتصق بك الشخصية الهزلية

فتظل أسيرها طول العمر

إنك لم تذكر أي سبب

مع ذلك أنا أرى بأنك استيقظت متأخراً

ولكن ذلك ليس مهم المهم بأنك استيقظت وحاولت التغير

فأول ما يجب عليك عمله هو التدرج

لإنك إذا ما حاولت التغير بين يوم وليلة ستصدم أنت أولاً ومن ثم ستصدم من حولك

فكل ما عليك أنت تقف امام المرأة دقيقتان في اليوم وتحاول الابتسام امام نفسك

ثم تعود نفسك على الابتسام دون مرآة

ومن ثم تعود نفسك على الابتسام امام الناس

هذه الخطوة الآولى

وبعدها عليك تلوين حياتك بألوان زاهية

وإذا ما سألت كيف ذلك

فمثلاً عند ذهابك للعمل

وإنجاز أحدى مرؤوسيك عمله على خير وجه أثني على عمله

وابتسم وإن لم تقدر تصنع الابتسامة حتى تتحول لحقيقة

وحاول التقرب من الموظفين بقولك إنك اليوم تشعر بملل فهل يمتلك أحدهم نكتة ؟؟

إن اطلاق النكات الخفيفة في العمل ليس عيباً

ومع ذلك حاول أشعارهم بأنك حريص على العمل

وإذا ما انتهى الدوام قم بوداع الموظفين بحرارة وتمنى لهم نهاراً سعيداً

ولا تنسى الابتسامة على وجهك

وبعدها إذا ما توجهت للبيت حاول اصطحاب معك حلوى لتغري بها الأولاد لتكافىء من ينجز عمله

وايضاً لا تنسى الابتسامة على وجهك

وفي العطل الأسبوعية سيكون جميلاً لو أخذت الأولاد لرحلة إلى البحر أو المتنزه

إما في المقهى

لا بأس لو بدأت بالابتسام مع النكات

ومن ثم حاول أدارة كف الحديث إلى حديث يعجبك

وتذكر بأنك في المقهى للتسلية

امنح روحك فسحة لتعبر عن ذاتها بحرية

بعد كل ذلك انصحك بمارسة الرياضة فأنها تمنح النفس الطمأنينة

وقبل كل هذا وذاك توجه لخالقك وتذكر بأنه الذي يغير ولا يتغير

للأسف هذا كل مالدي فأنت لا تعرف كم هو صعب إن نصف شيء من دون رؤية عيني الشخص

كما يصعب على الطبيب تحديد حالة المرض وشدته دون فحص المريض

وبالنسبة للمزحة فقد أعجبتني

وفعلا ً خففت من توتر الجو

في النهاية اتمنى لك حياة سعيدة وملونة



التوقيع

الطبيبة سلوى

-------

كانت هذه الكلمات التي كتبتها سلوى للرجل المجهول والتي وضعتها في ظرف مغلق

حتى إذا ما جاء الصباح أعطتها للعم مرعي

.......................

بعد برهة من الصباح تنظر سلوى للساعة

فترى بأن عقارب الساعة تقترب من التاسعة وخمسة عشر دقيقة صباحاً

فتقوم من مطرحها و تتوجه ناحية النافذة وتنظر من خلالها فترى رجل عريض المنكبين قد خط الشيب خصلاً في شعره الأسود يغادر بوابة العمارة

كان هذا وصفه من الخلف ولم ترى سلوى ملامح وجهه

تهز سلوى كتفيها وتعود لمتابعة عملها

......................... ..

بعد ستة أشهر استلمت سلوى ظرفاً من العم مرعي

قال ان الرجل الذي أمرته يوماً باعطاءه الظرف جاء اليوم ايضاً وطلب منه تسليم هذا الظرف لها

فتحت سلوى الظرف

ورأت فيه بطاقة صغيرة كان مكتوب فيها




لقد تحولت من الرجل ذو الوجه خال التعابير إلى الرجل ذو الابتسامة الساحرة

التوقيع

الرجل المبتسم



تمت

__________________
 
( صوت من الماضي )
الحلقة التاسعة

أنها تقضي الليل في التجوال بين الغرف تفتح هذه الغرفة وتلك الغرفة
ولا ترتاح حتى يستيقظ النائم فيها
اعتقدنا في البدء أنها مرحلة عابرة ولكنها استمرت معها وهي للان على هذه الحالة مما يزيد على الثلاث سنوات
وسلوكها هذا جعل أخوتها يضجرون منها فأصبحوا يغلقون الغرف بالمفاتيح والأقفال
فتطرق الابواب وتصيح عندها وتسبب ازعاج كبير وينقضي الليل ونحن في محاولة تهدأتها
ويذهب الجميع للعمل والمدرسة وهو متعب ولم يذق طعم النوم
لقد عرضتها مسبقاً على طبيب فقال أنها تعاني من ضعف وهزال ووصف لها فيتامينات ومقويات
ولم يذكر شيئاً عن حالتها هذه
وفكرت في اعطاءها حبوب منومة لعلها تنام وتريحنا ولكني خفت عليها من الادمان
نعم خفت عليها من إدمان تلك الحبوب
فهي ستبقى ابنتي المدللة والتي أحبها كثيراً
واليوم يا دكتورة بعد إن ضاقت بنا الدنيا رأيت ان الحل قد يكون بين يديك
فبماذا تنصحينا
كانت تلك كلمات الرجل الجالس بمواجهة سلوى
نظرت له سلوى بأسى فقد بدى التعب على وجهه واضحا
وقالت : اطمئن يا أستاذ أسامة فهالة ستكون بين أيداً أمينة ولكن هل ساعدتني بالاجابة على هذه الاسئلة
أسامة : بكل تـأكيد يا دكتورة
سلوى : منذ متى بدأت تنتاب هالة هذه الحالة
أسامة : منذ حوالي ثلاث سنوات
ابتسمت سلوى وقالت : أنت لم تفهم قصدي , هل هناك حادث ما حدث وبعده أصبحت هالة تأتي بمثل هذا السلوك
أخذ أسامة يفكر وقد ضاقت عيناه ثم قال : لا اعتقد يا دكتورة
أو ربما فقد انتابت هالة هذه الحالة بعد وفاة شقيقتها التوأم بسنة
دونت سلوى ملاحظاتها ثم قالت : وكيف توفيت شقيقتها ؟؟
أسامة : توفيت بأحدى نوبات الربوة الحادة , فقد كانت تعاني من حالة متقدمة من الربو
سلوى : وهل توفيت في المشفى أم المنزل ؟؟
أسامة : بالمنزل وقد باغتتها الحالة وهي نائمة وكانت هالة نائمة معها بنفس الغرفة ولكنها لم تستيقظ على آثر صراخ أختها لذلك اعتقد أنها تشعر بالذنب
فهي دائما تصرخ اني أحبكم وأخاف من إن تموتوا وأنتم نيام مثل هيام
وهيام هذا هو اسم أختها المتوفاة
مسح أسامة دمعة سقطت من عينيه مجبراً
فقالت سلوى : آسفة لتذكيرك بما فات , ولكن كل ذلك يصب في مصلحة هالة
أسامة : لا عليكِ يادكتورة كل مايهم ألان هالة
متى يمكنني إحضارها
سلوى : هل بعد غدا مناسب
أسامة : كما تشائين يا دكتورة
ثم قام من مطرحه وودع سلوى وخرج
................
الساعة الرابعة مساءاً
وقبل إن تفتح سلوى دفتر المواعيد لتعرف من التالي
دخلت الممرضة سحر لتخبر سلوى بحضور الأستاذ أسامة وابنته هالة
وبعد دقائق كان أسامة وابنته بالداخل
نظرت سلوى لهالة الملتصقة بأبيها
كانت متوسطة القامة سمراء البشرة وذات عيون بنية جميلة
وكان في نظرتها الكثير من العناد و الاصرار والخوف الواضح
فقالت سلوى : يمكنك الانصراف لعملك يا أستاذ أسامة وسأبقى أنا وهالة نتحدث قليلاً
نظرت هالة لأبيها بهلع ولكنه نظر لها مطمئناً ومن ثم خرج
توجهت نظرات هالة لسلوى
فابتسمت سلوى وقالت : اقتربي هنا إلى جانبي
......... هيا اقتربي
فتحركت هالة وجلست على الكرسي المواجه لسلوى
نظرت سلوى لهالة الجالسة بمواجهتها و قالت : غدا هو عيد ميلادك أليس كذلك
تفاجأت هالة ونظرة لسلوى باستغراب
فقالت سلوى : هذا حسب ما هو مكتوب
فأجابت هالة بحركة من رأسها إيجاباً
فتحت سلوى درج المكتب وأخرجت منه كيس
وقدمته لهالة
وقالت : خذيه أنها هدية لكِ
نظرت هالة لسلوى مشدوهة
فاقتربت سلوى منها وقامت بفتح الكيس وإخراج صندوق منه
كان بلون خشب السنديان
وقدمته لهالة وقالت : افتحيه هناك شيء جميل بداخله ينتظرك
فتحته هالة بيد مرتجفة
وحالما فتحته خرجت منه صوت الموسيقى الهادئة
ولكنها رمته بعيداً حالما رأت الفتاتين التؤأم يرقصان مع بعضهما البعض
وأخذت في البكاء
ظلت سلوى تتأملها ثم قالت : هل تذكرتي هيام ؟؟
فزاد نحيب وبكاء هالة على أثر هذا السؤال
فعاودت سلوى الحديث : عزيزتي هالة , هل أنتِ تحبي هيام لأنها شقيقتك أم لأنها هيام ؟
وإذا ما سألتي ما هو الفرق , فهناك فرق كبير إن تحب شخص من أجل صلة الدم فقط وإن تحبه لأجل روحه الطاهرة لأجله هو فقط أينما كان وإين كان
أمسكت سلوى بيدي هالة وقالت : انظري لعيني هيا انظري
حركت هالة رأسها ونظرت لسلوى بعينيها المملؤتين بالدموع
فتبسمت سلوى لها وأخذت منديلا ومسحت دموعها وقالت : اسمعيني جيداً يا هالة , أنا أعرف بأنكِ تحبين هيام وبل تعشقيها ايضاً فأنتِ وهي روح واحد لجسدين مختلفين
ولكن هل بمكانكِ إن تصدقيني القول
هل كنتِ نائمة عندما استغاثت هيام ؟؟
حررت هالة يديها من بين يدي سلوى وتصاعدت أنفاسها بسرعة
وشرد ذهنها وكان الذاكرة تعود بها للبعيد
ثم صرخت بصوت عالي ..... لا لا لا لم أكن نائمة
كانت تصرخ وتقول النجدة هالة أنا اتألم بسرعة اذهبي لتخبري أمي وأبي أنا غير قادرة على التنفس
ولكني كنت اضحك واقول يالكِ من كاذبة
لا لن أصدقك هذه المرة أيتها الكاذبة
فتعود هي مجددا للصراخ لا لست كاذبة ليس هذه المرة
هالة ارحميني أني امووت
فيزاد معها صوت ضحكي
وفجأة سكتت عن الصراخ فظننت أنها تعبت من اللعب معي ونامت فنمت بدوري
بعد هذه الكلمات أخذت هالة في البكاء بشدة
احتضنتها سلوى وهي تقول : هوني عليكِ يا صغيرتي , هوني عليكِ
أخذ صوت هالة يطل بين بكائها
لم أكن أريد موتها
أنا من قتلها أنا من قتلها
فقاطعتها سلوى : لا تقولي هذا يا هالة , أنتِ لا ذنب لكِ
هيا أخبريني لماذا ظننتي بأنها كاذبة
فأجابت هالة وهي بين بحر من دموعها
لقد كانت هيام تتصنع كثيراً وتقول بأنها مريضة وتعاني من نوبة فأقوم أنا على أسرع ما يكون لكي أخبر أمي و أبي
وقبل إن اخرج يتصاعد صوت ضحكها وتقول بأنها تمزح
لقد فعلتها مراراً وتكراراً حتى مللت منها
وياليتني لم أفعل ذلك و أمل منها
لقد كلفني ذلك حياة أغلى شخص بحياتي
صمتت سلوى قليلاً ثم قالت : أخبريني ولماذا تفعلي ذلك بأهلك وتزعجينهم في نومهم هل تخافين عليهم من الموت إن يسرقهم كما سرق هيام؟؟

هزت هالة رأسها نفياً وقالت : لا , حقيقة أني أخشى إن افقد أحدهم يوماً
ولكني لا أستطيع النوم بسبب ظل هيام الذي يلاحقني ويخبرني أن أهلي لو عرفوا ماقمت به فسوف ينتقمون مني ويقتلوني تماما كما قتلتها أنا
وأنها ستسعى لتخبرهم بما فعلت وذلك أثناء نومهم ليروها في الحلم
وذلك الشيء يفزعني ويجعلني حريصة على إن يبقوا بدون نوم حتى لا يعرفوا الحقيقة .
فزعت سلوى من تفكير هالة
وقالت : لا يا هالة إن كل هذه الأمور أوهام
وما رأيك لو أخبرنا أهلك بالموضوع وسترين كيف أنهم يحبونك حتى بمعرفة الحقيقة
صرخت هالة : لا أرجوكِ أني خائفة
أجابتها سلوى بصوت حاني : ثقي بي وسأكون عند حسن ظنك , هل أنتِ موافقة
صمتت هالة طويلا
فاستحثتها سلوى على الكلام : هيا قولي بأنك موافقة
فهزت هالة رأسها مستسلمة
بعد ربع ساعة حضر أسامة والد هالة

فطلبت سلوى من هالة الانتظار بالخارج حالما تتحدث مع والدها
جلس الأستاذ على الكرسي المواجه لسلوى وكله لهفة لمعرفة ما توصلت له سلوى
ولم تطل سلوى عليه فقالت : أجبني يا أستاذ أسامة هل تعرف قصة الراعي مع الذئب

فضحك أسامة وقال: ومالها هذه القصة في موضوعنا
قالت سلوى : بل أنها صلب الموضوع
أخبرني ما رأيك في ما أصاب الراعي
قال أسامة : إنه يستحق ذلك وأكثر من ذلك
قالت : سلوى إذاً اتفقنا
لتسمع القصة منذ البداية

إن هيام كانت تلعب دور الراعي مع هالة وتتصنع بحدوث نوبات لها
فتذهب هالة مسرعة لأخباركم لتعملوا اللازم مع هيام , فتضحك هيام معلنة بأنها كانت تمزح
ويتكرر ذلك الموقف كثيراً

حتى جاء اليوم الموعود فظنت هالة إن هيام تمزح فلم ترضخ لها هذه المرة
فحدث ماحدث
صرخ أسامة : هالة لم تكن نائمة
فقاطعته سلوى : ارجوا إن تهدأ من نفسك

لم يكن لهالة أي دور , إنما هو قضاء الله وقدره
والكلام الآن لن ينفع والحي أبقى من الميت
وهالة لا يمكن لومها كما لا يمكننا لوم أهل القرية
فهم قد فقدوا أغنامهم كما فقدت هالة تؤأمها وروحها الآخرى

أجاب أسامة : معك حق , إذاً وهل توصلتي لمبرر لتصرفات هالة
ابتسمت سلوى وقالت : خذ , إن هالة تظن بأنكم لو عرفتوا الحقيقة فسوف تقتلونها
وذلك عن طريق شبح هيام الذي يلاحقها ويخبرها بأنه سيزوركم في المنام ليخبركم بالأمر

فتقتلونها
فما رأيك أنت بالأمر ؟؟
أجاب أسامة : ولهذا تحرص على بقاء الجميع مستيقظ
سلوى : تماما

وكل ما أريده منك الآن إن تخرج وتحتضن هالة وتخبرها انك تحبها
وستقتل كل من يفكر بقتلها
أدار أسامة يده على رأسه متردداً
فحثته سلوى بقولها : هيا ماذا تنتظر إلا تريد النوم
خرج أسامة ليرى هالة جالسة بحالة عصبية
فاقترب منها وأحتضنها بحنو الأب وقال : ياه يا حبيبتي كما عانيتي
لا تقلقي منذ اليوم واطردي تلك المخاوف فأنا سأقتل كل من يفكر في قتلك
فصرخت هالة : أبي كم احبك .

انتهت

__________________
 

الحلقة الاخيرة

( كل فتاة بأبيها معجبة )


أمسكت دفترها بيديها الصغيرتين

وعيناها مصوبتين نحوي ترجوني إن اعفوها من ذلك الأمر

لكني نظرت لها وقلت : هيا يا منى لطالما استمتعنا بقراءة ما يخطه قلمك

سقطت دمعتها وسط دهشة الجميع

سقطت لتلوث ذلك الدفتر الجميل وتبعثر الحبر الأزرق

أغلقت دفترها ونظرت لي وللطالبات الجالسات أمامها

وقالت : لطالما أحبب هذا الدفتر , ولطالما أحبتتك يا معلمة فاطمة

ولطالما أحببت أنا أقف هنا في المقدمة وسرد ما يجود به قلمي

قلمي الصادق الذي تعود إن يحكي كل الصدق ولا شيء غير الصدق

لكنه هذه المرة كذب

كتبت مالم أشعر به

نمقت كلمات وكلمات ودموعي تنساب كالنهر

كتبت عن أحداث تخيلتها عن أب حنون يجمعنا في أوقات الشتاء حوله ليدفئنا حضنه الدافىء بديلأ عن نار المدفأة

أب يخرج في الصباح ويعود في المساء ورغم تعبه إلا إنه يبادلنا بابتسامة

ويحكي عن عمله وماحدث بمرح

وعندما يستلم الراتب يعود محملاً بالهدايا

ونحن بالبيت نتظر عودته بفارغ الصبر

وعندما يعود يتسابق كلاً منا لسرد قصته قبل الآخر

وننكب فوق كتبنا لندرس بجد لا حباً في الدراسة إنما لندخل السعادة لقبله ونفرح بهداياه الثمينة

أباً يأخذنا بالعيد للحدائق والملاهي

أباً يفرح لفرحنا ويحزن لمرضنا وحزننا

لكنني كذبت فأنا لا أملك هذا الأب

ولكني أملك أب اتمنى موته

اعذروني لوقاحتي

لكنها الحقيقة فانا أشعر بهماً كالجبال عندما يسألني أحد عنه

كما أني اشعر بالتعاسة لالتصاق اسمي بأسمه

إنه سكير عربدي

منذ عرفته وهو لا يمارس سوى مهنة السباب والشتائم

إنه قاسي

وأناني وحقود

لن أنسى ضرباته القاسية بسبب أو بدون سبب

لن انسى كيف إنه أضاع جهدي فبينما أنا اذاكر واكتب

يأخذ هو دفاتري ليستهزىء بما كتبت

لن أنسى بأنه كان يضيع جهد أمي فبينما هي تحيك الملابس لنا

يأتي هو ليأخذ تلك القطعة ليمزقها أرباً وبدون سبب

لن أنسى بأنه من اضاع أخي وسبب في موته

فقد طرده لأنه دافع عن والدتي فخرج أخي محملاً بهمه تائهاً وحيداً ليرتطم بموج البحر يائساً

لن أنسى بأنه كان إن يودي بحياة أختي الصغرى بعد إن حملها وأوقعه من سريرها لأنه ظن إن سجائره قد تكون ضاعة منه في ذلك السرير

لقد تعبت من الكذب لا أريد إن اقول لصديقاتي إن والدي أخذنا لنتسلى في عطلة الأسبوع

أنا اكذب واكذب لأجمله

لم أعد أريده إن يكون جميلاً بنظر العالم

و لا أريد أن ينتقل لقلمي الكذب أريده صافياً نقيا لا مشوهاً ككلماتي عنه

فاعذروني

لا أريد أن اكتب عن فضل الأب

فأنا لم أعرفه

لا أريد أن اقول بأني أحبه لأني اكرهه

لا أريد عن اتلفظ بكلمة بابا لأني أكرهها


تلك كلماتها التي هزت الفصل وفجرته

تلك الكلمات التي جعلتنا نصمت كالحجر

تأملتها طويلاً ثم تأملت الطالبات الباكيات

أشرت لها بالعودة لمكانها ونظرت لي نظرة معاتبة

وكأنها تقول أخبرتك منذ البداية باني لا أريد الخوض في الآمر

لم تسقط دموعي

لكن عقلي كان تائهاً واستيقظ ذلك الشريط الذي أكرهه

رأيته وهو يتحرك وعدت لتخيل وجهه المكفهر

لم يكن سكرياً ولم يكن عربدياً

كان شهيراً بحسن الخلق

وكان يقضي الوقت الطويل في القراءة وبصوت مرتفع

صوته كان يخيفني

لكنها الأوقات الوحيدة التي كنا نسلم منه

كان يأكل وبعد إن ينتهي من غذاءه يحظرنا جميعاً لنتناول بقايا طعامه وهو يتأملنا باشمئزاز

ورغم إن البيت مليء بالغرف إلا إنه كان يجمعنا جميعا ثلاثة بنات وصبيان لننام في غرفة واحدة في وقت الحر دون إن يسمح لنا حتى بفتح النوافذ لتجديد الهواء

وبفتحها في وقت الشتاء بدون لحاف

كان متقشفاً وكم شعرت بالحياء بان مريولي كان هو ذاته لمدة ثلاث سنوات رغم بأني كبرت عليه

وكم كان شعوراً قاسياً عندما كن يتحدثن الفتيات عن أشياء كثيرة لا أعرف عنها شيء

لكني اتصنع الفهم

آه ما أقسى إن تزيف مشاعرك

وتتحدث عن شخص بما لا تريد

أشياء كثيرة مرت بخيالي بعد كلمات منى

تذكرت لحظاته التعسفية

عندما كان يجمعنا وينظر لوجوهنا ثم يقول أنا مسافر

ولا أريد عن يتغير شيئاً بهذا البيت

كنا نقف دون حراك

وننظر للأرض وقلوبنا ترتجف

ترتجف خوفاً منه وفرحة بأننا سنرتاح منه للأيام معدودة

ولكن الفرحة لا تتم فلابد إن يذيقنا طعم العذاب قبل سفره

فينهال علينا ضرباً بسبب وبدون سبب

كنت اتمنى احياناً لو كان سكيراً عندها سأجد مبرر لتصرفاته وسأشفق عليه وربما أحببته

فكم هو شعور قاسي عندما يكره الابن أباه

أنها مسألة صعبة

مسألة يصعب حلها بقانون المثلثات لفيثاغورس

وقوانين الجاذبية لنيوتن

وحتى شعر أحمد شوقي لن يستطيع إن يصف ذلك الشعور

إنه أشبه بالخيانة

خيانة للدين الذي يحثنا على حب الأبوين والحرص عليهم

والدعاء لهم

فكيف بك إذا تحول دعاءك لدعوة سوء

خيانة للفطرة السوية التي توجد منذ الولادة وتحث على حب الأبوين

خيانة للمجتمع الذي يحاول غرس في نفسك كل سلوك حسن

خيانة لذاتك عندما تكذب وتجمل صورة مشوهة

لربما هي أعظم خيانة في الوجود

كلمة كره بحد ذاتها هي كلمة بغيضة فكيف بك إذا شعرت بهاا ......

أمسكت سلوى بيدي فاطمة الجالسة على حافة سرير سلوى بغرفتها المنزلية

فاطمة صديقة سلوى منذ أيام الطفولة

ومن ثم مسحت على شعرها وقالت : فاطمة , أيعقل أنا صديقتك والتي اعتقدت أني أقرب لكِ من الروح للروح اليوم افاجأ بما عانيتي أين كنت أنا كل تلك السنوات

نظرت فاطمة لعيني سلوى المحتبستين بالدموع

وقالت : سلوى , أعرف بأنكِ صديقتي المفضلة , لكن صدقيني هو شعور مر أن تتكلم عن احد أقرباءك بسوء فما بالكِ بمن يكون أباكِ

شعرت براحة بالتكلم لكِ والافصاح عن مشاعر بقيت محتبسة سنين طوال

لم اعتقد يوماً بأني سأبوح بها

وأنا اليوم اطلب مشورتك

قالت سلوى : وكم هو شعور مر إن ترى أحد المقربين لك يعاني , لربما سمعت حديث الكثير من الأشخاص وتعاطفت مع البعض

لكن قلبي لم يهتز ويتفجر بالغضب كما يشعر الآن

وأنا اسمع حكايتك ,

قاطعتها فاطمة : لا تقلقي يا سلوى فأنا قوية ولم يؤثر علي الأمر سلباً أبدا كما ترين , ولكني أريد مشورتك بخصوص منى فهي متغيبة منذ ذلك اليوم

وأنا حائرة حاولت مهاتفتها , لكن زميلاتها قلن بأنها لا تملك هاتف وهي تقيم في قربة بعيدة عن المدرسة

ولا أحد يعرف عنوانها بالضبط

فماذا أفعل ؟؟

نظرت سلوى لفاطمة وقالت : لماذا لم تسألي أدارة المدرسة

فردت فاطمة بيأس : كن أول من طرقت بابهن

أنا خائفة عليها , فلابد أنها تشعر بالإحراج من الطالبات ومني وخصوصا بأن حكايتها أذيعت في كل المدرسة

قالت سلوى : اعتقد إن أفضل الحلول إن تنقل منى من المدرسة لمدرسة آخرى

لأن شبح ذلك اليوم سيظل يلاحقها طالما هي بين جدران تلك المدرسة

أجابت فاطمة : معك حق , ولكن كيف السبيل الوصول لها

والآن يا سلوى اعذريني مضطرة للمغادرة

ردت سلوى معاتبة : فاطمة

فابتسمت فاطمة وقالت : اعلم , في يوم آخر

وخرجت فاطمة من بيت سلوى وشبح الذكريات مازلت معلقة بذاكرتها

...............

بعد عدة أيام جاءت هاجر زميلة منى للمعلمة فاطمة بغرفة المدرسات

طالبة منها محادثتها في أمر مهم

فقالت فاطمة : خير يا هاجر , هل هناك شيء لم تفهميه من الحصة

فقالت هاجر : لا ولكني لدي رسالة من منى لكِ

تغيرت ملامح فاطمة وقالت : أين هي , وأين منى

قالت هاجر : لقد أتت بصحبة والدتها اليوم حيث نقلت لمدرسة قريبة من قريتها وطلبت مني تسليم هذه الرسالة لكِ

أخذت فاطمة الرسالة وفتحتها بتخوف




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

معلمتي الغالية فاطمة

عذرنا لكِ على ازعاجك والتسبب بالفوضى والتوتر في ذلك اليوم

وتخريب ما هو مخطط له من جو دافىء ومشاعر صادقة وروح محبة

لم أكن أريد فعل ذلك

لكني لا أعرف ما بالي لم أتمكن من الكذب , لربما بأن الصدق هو الأقوى في ذاتي

أريدكِ إن لا تقلقي علي

فالقسوة علمتني إن أكون طيبة وحنوونة

متسامحة وبشوشة

قوية الإرادة وناجحة

صادقة فوق كل الاعتبارات

وذكية في تعاملاتي

معلمتي الغالية لن أنساكٍ

ولن أنسى لحظات الصدق تلك

وداعاً


مسحت فاطمة الدمعة الساقطة من عينيها وطوت تلك الورقة وابتسمت وتمتمت لا خوف عليكِ يا منى.




__________________
 


قد اخذت من القصص يومين و انا اقرؤها
والان اضع الرد لاشكرك
بارك الله فيك
 
قد اخذت من القصص يومين و انا اقرؤها
والان اضع الرد لاشكرك

بارك الله فيك



و فيك بارك

سررت لمروركي اختي ياني

NSAP1187_LARGE.JPG
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top