من أجل أسرة سعيدة

abir1992

:: عضو منتسِب ::
إنضم
15 ماي 2010
المشاركات
54
نقاط التفاعل
3
النقاط
3
من اجل اسرة سعيدة




يولي الإسلام عناية واضحة نحو تربية المجتمع المسلم، في روابط قوية من التلاحم، والتعاون والشعور بمصلحة الجماعة. ولما كان الأمر كذلك فان التربية الأسرية في الإسلام تقوم على وحدة المعتقد، فهي العنصر الأساسي في توحيد الأهداف والاهتمامات والتصورات العامة لأفراد الأسرة المنسجمة.


الانسجام والتوافق الأسري



قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم : "حُبب إلي من دنياكم ثلاث، الطيب والنساء وجُعلت قرة عيني في الصلاة" [1] . فقد جمع الرسول صلى الله عليه وسلم بين قرة العين في الصلاة، ومعناها قمة القرب من الله وبين حب الزوجة. كما حقق الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك الربط عمليا عندما كان يصلي على فراش عائشة وهذا معناه أن المكان الذي يكون فيه الإنسان مع زوجته من الممكن آن يكون هو بذاته مكان قرب الإنسان من ربه دون تعارض. إذ تقول عائشة عندما سألها ابن عمر: "اخبرينا بأعجب شيء رأيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكَت وقالت: كل أمره كان عجبا. أتاني في ليلتي حتى مس جلده جلدي ثم قال: ذريني أتعبد لربي فقلت: والله إني لأحبُّ قربك وإني أُحب أن تتعبد إلى ربك فقام إلى القربة فتوضأ ولم يكثر صب الماء ثم قام يصلي حتى بلَّت لحيته ثم سجد حتى بل الأرض" [2] .


وكذلك ربط بين مشاعر العبودية لله ومشاعر الأبوة والرحمة بالذرية في وقت واحد وكان يسجد فإذا ارتفع الحسين فوق ظهره ظل ساجدا حتى ينزل وكان يصلي وهو يحمل ابنته زينب على يده وبذلك تمتزج مشاعر العبودية لله مع مشاعر الرحمة والأبوة.

هذه حجة الوداع، اللقاء الأخير بين النبي صلى الله عليه وسلم وأمته، يقوم فيهم بوصاياه التي ستعيش معهم ويعيشون بها ومن بعده إلى قيام الساعة يقول: "واستوصوا بالنساء خيرا فإنهن عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك إلا أن يؤتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إلا أن لكم على نسائكم حقا فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ألا وحقهن عليكم أن تحنو إليهن في كسوتهن وطعامهن" [3] والواضح من الرسالة أن جوهرها هو قيام علاقة طيبة بين رجال ونساء الأمة بالتكوين الأسري الصحيح وتحقيق مبدأ التحصين.
صور من واقع العصر النبوي في حماية الأسرة


لتحقيق التوافق بين ضرورة الدعوة وتكاليفها وبين الطبيعة الأسرية نذكر هذه المواقف:


- نرى رجلا صحابيا اسمه حاطب ابن بلتعة "يبعث بخطاب إلى أهل مكة يخبرهم فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم سيأتي إليهم بجيش ويعلل هذا بأن كل الصحابة لهم ما يحمي أزواجهم وأولادهم في مكة فأراد أن يكون له بهذا العمل عند أهل مكة يدا يحمي بها زوجته وأهله ويصدق الرسول صلى الله عليه وسلم هذا التعليل ويقول: صدق ويأمر الصحابة ألا يقولوا له إلا خيرا" [4] .

- ولما تغيب عثمان عن بدر كان تحته بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت مريضة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن لك أجر رجل وسهمه.

والأمر الذي يسبق كل العوامل السابقة، ليتحقق التوافق بين واقع الأسرة والدعوة هو اختيار الزوجة أو الزوج، والقرآن يحدد ضرورة اختيار الزوج أو الزوجة بمقتضى الدعوة فيقول: ﴿ ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم، ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا، ولعبدٌ مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون﴾ .

ومنطوق الآية أن الدعوة إلى الله صيغة حياة الداعية ولا بد آن تكون الزوجة والزوج لونا منسجما ومتجانسا مع هذه الصيغة.
[4] البخاري ج 1ص304.


راعية في بيتها
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : "الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة إذا نظرت إليها سرتك وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك" [5] وقوله صلى الله عليه وسلم : "تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذاتِ الدِّين تَرِبَتْ يداك" [6] .

وعن ثوبان قال لما نزل في الذهب والفضة ما نزل قال: "فأي المال نأخذ قال عمر: أنا أعلم ذلك فأوضع على بعير فأدركه وأنأ في أثره فقال يا رسول الله أي مال نتخذ قال: ليتخذ أحدكم قلبا شاكرا ولسانا ذاكرا وزوجة تعين أحدكم في أمر الآخرة" [7] .

أن تكون امرأة لا تريد إلا الآخرة هذه صفة أساسية لمعالجة الطبيعة الإنسانية للمرأة في واقع الدعوة. لأن المرأة ستبذل إحساس الأمان في حياتها والحماية من زوجها كما أن المرأة ستبذل التميز المادي وهذه كلها أمور تفرضها الدعوة على الزوجين، اللذين يعيشان في واقعهما سواء أكانت الدعوة في مرحلة الاستضعاف والكفاح من أجل التمكين أم في مرحلة التمكين إلى إمكانية مادية لتطلعات المرأة ورغباتها.

وهؤلاء نسوة النبي صلى الله عيه وسلم "يتظاهرن عليه" ويطالبن بتغير المعيشة بعد أن جاءت الأموال وتحقق التمكين فأمر الله سبحانه النبي صلى الله عليه وسلم أن يضع نساءه بين الرضا بالمعيشة التي هم عليها أو الطلاق فجاء قوله عز وجل: ﴿ يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فان الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما﴾ .

فالمرأة إذا بطبيعة الضعف والطموح والرغبات المادية لا يمكن أن تصدق في تغيير وجهاد حقيقيين إلا إذا تجردت من تلك الصفات وأرادت الآخرة.

يقول الأستاذ عبد السلام ياسين: "مساندات كن ومانعات للرجل عن التدحرج. بل ومنهن من تقتحم العقبة لا تنتظر الرجل أن يسحبها معه كما يسحب التابع. كم من صحابية أسلمت وتخلت عن المشرك الزوج. والمشرك الأب والمشركة الأم. والمشركين العشيرة. والقوم والحماية والرزق. كم منهن هاجرن إلى الله ورسوله ابتداء من ذاتهن وهمتهن ومبادرتهن"[8] ويقول أيضا: "من أنت في حقل الإنسانية. شوكة أنت أم زهرة واعدة. أم نبتة حائرة أنت. من أين جئت وإلى أين! ما الحياة والموت. وماذا بعد الموت...

من هذا السؤال تبدأ الدعوة، فمن كانت تائهة في الغفلة، قانعة بإسلام موروث يكتنفه الجهل بالدين يأتيها السؤال من قبل الرفق والتذكير والتودد والموعظة، ولا حاجة ولا فائدة من النقاش الفكري والجدل العقلي، لا فائدة مع هذا الصنف ولا حاجة إلى التفلسف، غبرة من الغفلة تنفض، وركام من رين المعاصي السالفة والغفلات الفارطة، نتوب جميعا من ذلك وإذا نحن على الفطرة والسلامة الأصلية"[9] .

إن واقع الأسرة السليم لا يكون ولن يكون إلا إذا حيت هذه الأسرة على قضية الرسالة وتصور الوجود من خلال تلك القضية والقدرة على مواجهة أي واقع مخالف لهذا التصور
[5] أخرجه مسلم في الرضاع 1467.
[6] متفق عليه
[7] أخرجه أحمد في المسند 5-278.
[8] تنوير المؤمنات ج1 ص79.
[9] تنوير المؤمنات ج 1 ص 237.

راع في بيت أهله


من الأمور التي يتحقق بها الأمان داخل البيت اتباعه صلى الله عليه وسلم في تعامله في بيته. تقول السيدة عائشة رضي الله عنها: "ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما قط، إن اشتهاه أكله وإن كرهه تركه" [10] .

وكذلك لا ترى الزوجة زوجها يعيبها في شكلها ومظهرها. ولذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يقبح الرجل زوجته فيقول لها قبحك الله، كما يجب على الرجل أن يستجيب لطبيعة المرأة التي لا يمكن أن تتغير فيها مثل طبيعة الحديث التي تعتبر من أبرز طبائع المرأة فيتحتم على الرجل سماع حديث زوجته وأن يظهر تجاوبا واهتماما، وهذا حديث السيدة عائشة إذ كان صلى الله عليه وسلم يقول: كنت لك كأبي زرع لأم زرع، بمعنى أنه صلى الله عليه وسلم ينصت لها ولا يمل.

ونجد أنه من الخطير المنع والتذمر من النفقة ومن أجل هذا أجاز النبي صلى الله عليه وسلم أن تأخذ المرأة من مال زوجها إذا كان بخيلا. فقد جاءته هند زوجة أبي سفيان وقالت إن أبا سفيان رجل مسيك فهل يجوز لي أن آخذ من ماله دون علمه فأذن لها بقدر حاجتها. البخاري ص507 ج9.

فقد جاء في هذا قوله صلى الله عليه وسلم إنما تُنصرون بضُعفائكم. وقوله: دينارٌ أنفقته في رقبة ودينار أنفقته على أهلك أعظمها أجرا الدينار الذي أنفقته على أهلك. ولعل أروع صورة قوله صلى الله عليه وسلم : "حتى اللقمة التي تضعها في فم امرأتك لك بها صدقة" [11] ، يوضح هذا كيف تكون المعاملة الراقية والكرامة والوجدانية في سد احتياج المرأة.

[10] متفق عليه.

[11] رواه مسلم.

الولد الصالح


روى الإمام مسلم وأصحاب السنن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له" .

يقول الأستاذ عبد السلام ياسين:

الحديث دليل قاطع على أن الذرية –صالحة أو فاسدة– هي من عمل الإنسان، لا ينفي كونها خلقا لله كونها عملا للإنسان، فقد توجه أمامنا عظم مسؤولية الإنسان عن ذريته: تصلح إن أصلحها، وتفسد إن أساء تنشئتها، فيترتب على هذا المنطق المستنير بنور الوحي ونور التوجيه النبوي منهاج المسؤولية البشرية عن صلاح الأجيال وفسادها... إن كمال المرأة الوظيفي وكمال الرجل، أبوين مسؤولين مربيين. هو غاية ما يراد منهما تحقيقه حفظا لفطرة الله. ونشرا لرسالة الله وخدمة لأمة رسول الله ما يرفع المرأة إلى القداسة إلا أمومتها، وما يرفع الرجل إلا أبوته"[12]
تنوير المؤمنات ج 2 ص 218.،
ويذكر حقهما بعد حق الله مباشرة في قوله تعالى: ﴿ وقضى ربك إلا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا﴾ .



إن الأسرة القوية. والأم المربية المصلحة عماد الأسرة. والأسرة القوية عماد المجتمع الصالح.
وبذلك تأخذ الأسرة وضعها في اتجاه الحركة وتدخل معها المشاعر والغرائز في طاقة التحرك وتنضم فيها الزوجة إلى دوافع العمل وتتحول بها الذرية إلى إمكانية امتداد بشري للدعوة فيتحقق الانطلاق الحركي مع الارتباط الأسري والالتزام الاجتماعي والاحتياج المعيشي.

من أسباب السعادة الزوجية



إن واقع الفوضى الجنسية وانتشارها على وجه السرعة راجع إلى تقلّص القيم الأخلاقية في المجتمع، وانطفاء الفطرة، وتراجع صوت النهي والتحذير، وقد كان سيدنا لوط عليه السلام –نظرا لما سقط فيه قومه من انحراف وإسراف- يبحث بين الناس عن رجل رشيد.





خطر الفوضى الجنسية


بضعف الغيرة على الأعراض تنتشر القيم السّلبية ويتجذّر الانحراف الذي يتحوّل بالإنسان السّلبي إلى موقف المنحرف الضّال.
ولذلك تحوّل موقف امرأة العزيز عندما راودت سيدنا يوسف عليه السلام عن نفسه إلى موقف عامّ للنسوة بمجرّد أن أرسلت إليهنّ وأعلنت رغبتها في سيدنا يوسف فدخل عليهنّ فعذروها.
فاعتبر سيّدنا يوسف هذا الموقف دعوة منهنّ جميعا فقال: ﴿ ربّ السجن أحب إليّ ممّا يدعونني إليه﴾


وخطر الجنس يأتي أيضا باعتبار أنّه يتحوّل إلى طاقة للتّحرك بأيّ قضيّة باطلة يعتنقها الإنسان المنحرف، ومن هنا كانت الغريزة الجنسية هي الطاقة الأساسية للحركة الجاهلية، والمثال الذي يؤكد هذه الحقيقة هو دفع النساء المشركات للرجال المشركين لقتال المسلمين في غزوة أحد بقولهن: ”إن تقبلوا نعانق ونفرش النمارق أو تدبروا نفارق فراق غير وامق“.[1]


ومن أخطر الواجهات التي يهجم علينا منها التصور الدوابّي للوجود واجهة الإعلام الفاسد الذي يتفنّن في عرض الزّنا والفاحشة بوسائل البثّ الفضائي والفن الإباحي واستعمال جسم المرأة شبه عار في قنوات إبليس…



لهذا يبقى واجبا على الدعوة الإسلامية مواجهة خطر الانحلال والميوعة ومشاعية الجنس، لكن مع الحرص على عدم التّقوقع حول تلك التصورات التقليدية المظلمة التي تعتبر المتعة شبهة وحراما.

يقول الأستاذ المرشد عبد السلام ياسين ׃

”هل لنساء ورجال الإسلام متّسع في شريعة الله وسنته ليسعد جسم المرأة بالرجل، أم إنّ الإسلام تجهّم وتكشير وتقشّف وإعراض عن المرأة واعتبارها رجسا وشيطانا، والغريزة الجنسية والجماع واللذة سفالة وقذارة“.[2]


من الطبيعي أن يلازم خطر الفوضى الجنسية خطر يوازيه ويمهّد له وهو خطر الحبّ في الواقع الجاهلي، فقد أقرّ النبي صلى الله عليه وسلّم الحبّ كحقيقة واقعة مثل حقيقة الجنس عندما رأى عبدا يجري وراء جارية وهو يبكى فقال: ”انظر يا أبا بكر، ودعا الجارية فجاءته فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أترضين أن تتزوجيه؟ قالت تأمر أم تشفع قال: أشفع، قالت إذن لا أتزوّجه“.[3] وبذلك يكون الخطر الحقيقيّ على الإنسان عندما يمارس حبّا جاهليا هو عجزه تماما على أن يكون صاحب رسالة استخلافية.
[1] بيت الدعوة رفاعي سرور ص9. [2] تنوير المؤمنات ج1 ص186. [3] أخرجه البخاري في النكاح 9/408.




لا حرج في حلال


إن الله ما حرّم خبيثا إلا أبذله الله بحلال طيب، البيع بدل الربا، الزواج بدل الزنا، اللذة في الجماع الحلال بدل الفاحشة، الطيبات من النساء بدل الخبيثات، ويعلّمنا صلى الله عليه وسلّم آداب الجماع وما يباح منه فيقول: "من أتى كاهنا فصدّقه بما بقول أو أتى امرأة في دبرها -وفى رواية - وهى حائض فقد برئ مما أنزل على محمد".



يقول: جابر رضي الله عنه كانت يهود تقول من أتى امرأة في قبلها من دبرها كان الولد أحول فأنزل الله ”نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم أنّى شئتم“ سورة البقرة الآية 221.



وقال ابن قيم الجوزية رحمه الله في زاد المعاد: "مما ينبغي تقديمه عن الجماع ملاعبة المرأة وتقبيلها ومصّ لسانها، وكان صلى الله عليه وسلم يلاعب أهله ويقبّلها".



روى أبو داود في سننه أنّه صلّى الله عليه وسلّم كان يقبّل عائشة ويمصّ لسانها. ويذكر عن جابر بن عبد الله قال: نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن المواقعة قبل الملاعبة.




يقول الأستاذ المرشد:

”.. يكتمل سرور النفس بين الزوجين وسعادتهما الجسدية بالتفاهم الرقيق والكلمة العذبة واختيار الوقت الأنسب والحركة الأجمل، ما دام الرجل والمرأة في حلال فلا حرج عليهما فيما يصنعان من فنّ الملاعبة ودلال المرأة وتعطّف الرجل.. “.[4]
[4] تنوير المؤمنات ج1 ص 19

مودة ورحمة


ولمّا كان للزواج صلة مباشرة بإحساس الحبّ والألفة مصداقا لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ”الأرواح جنود مجنّدة ما تعارف منها ائتلف وما تنافر منها اختلف“ متفق عليه، فلا انسجام بين الزوجين إلا بارتباطهما القلبي ببعضهما البعض. إلاّ إذا ترسّخت بينهما معاني السكينة والمودة والرحمة.

فهذا العاصي بن ربيع زوج زينب بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يخرج من مكة فرارا من الإسلام فتبعث إليه ليرجع إلى مكة ويدخل في الإسلام، فيبعث إليها برسالة هذا نصّها:

"والله ما أبوك بمتّهم وليس أحبّ إلي من أن أكون معك يا حبيبة في شعب واحد ولكن أكره أن يقال إن زوجك خذل قومه فهلاّ عذرتِ وقدرتِ"

واضح من الرسالة حبّ العاص لزينب بدليل أنه يودّ أن يكون معها وبدليل أنه كره أن يقال عنه ما يضايقها، وفي النّهاية من أجل هذا الحبّ استطاعت أن ترجع إليه وتأتي به مسلما..

وهذا الطفيل بن عمرو الدوسي يدخل في الإسلام فتأتى امرأته لتقترب منه فيمنعها ويقول لها:

قد أصبحت عليّ حراما،... فكان ردّها: أنا منك وأنت منى ودينك ديني، وأسلمَت.
وهذا الحبّ واضح من قولها أنا منك وأنت منى... [5]

وهذه أمّ حكيم بن حارث بن هشام أسلمت يوم الفتح بمكة وهرب زوجها بن أبى جهل من الإسلام حتى قدم اليمن، فارتحلت أمّ حكيم حتى قدمت عليه باليمن فدعته إلى الإسلام فأسلم فتزوجته.

وهذا معناه أن مشاعر الحبّ تزداد بين الزوجين باستمرار هذه العلاقة، وهذا هو الذي جعل الحبّ سببا أصليا لحماية العلاقة الزوجية.

ولذلك جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تطلب الطلاق من زوجها فسألها عن المدّة التي تعاشرا فيها، فرفض صلّى الله عليه وسلّم طلاقها لمّا علم بقصر المدّة التي عاشاها، وقال حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك...[6]

وتذوّق العسيلة هو الجماع، أقوى منابع الحبّ إذا كان سليما في العلاقة الزوجية، وأخطر أسباب فشل هذه العلاقة بدليل أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أقرّ امرأة على الطلاق من زوجها لمّا فشلت المعاشرة الجنسية بينهما، إذ قالت المرأة يارسول الله إنّ فلانا لا عيب عليه خلقا ولا دينا، ولكن أكره الكفر بعد الإيمان، وفي رواية أخرى علّلت سبب طلاقها مباشرة بهذا الفشل الجنسي...

كما يجب أن يسبق ويلازم الجماع جوّ عاطفيّ وجدانيّ، فإنّ هذه العاطفة وتلك الوجدانية يجب أن تبقى دائما حتى وإن لم يكن هناك جماع.
تصف السيدة عائشة رضي الله عنها معاملة رسول الله لها وهي في حال الحيض -حيث لا يكون جماع طبعا- إذ تقول:
”كنت أتعرّق العِرق وأنا حائض فأعطيه إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيضع فمه في الموضع الذي وضعت فمي فيه، وأشرب الشراب فأناوله فيضع فمه في الموضع الذي كنت أشرب فيه“. [7]

5 ذكرها ابن إسحاق مرسلة، البداية والنهاية 3/99.
[6] أخرجه النسائي في الكبرى 93/1.
[7] أخرجه مسلم من حديث عائشة في الحيض، رقم 300، وعند النسائي 148/6 وغيره
 
آخر تعديل:
موضوع ممتـــاز
خطى رائعة من أجل بيت سعيد والله
بوركتي
تحيــــاتي
 
آخر تعديل:
شكرا على الموضع الجميل
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top