وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر.


72.gif



1asp143.gif
وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر
1asp143.gif




تنويه: بمناسبة ذكرى الفاتح من نوفمبر تشرين الثاني و هي ذكرى اندلاع الثورة الجزائرية المباركة ضد الاستدمار الفرنسي الذي عاث في الارض فسادا فأهلك الحرث والنسل و هتك العرض واحتل الأرض و استغل ثروات البلاد و استرق واسترق العباد...هذه الثورة العظيمة التي كانت مثلا ساميا للتحرر من قيود الاسر و القهر وجبروت المستعمر و تحرير الجزائر كانت هذه الثورة المباركة مثلا للبلدان الأخرى ومنها انطلقت مشاعل التحرر في كل البقاع و شجع الحركات التحررية في إفريقيا و أسيا و أمريكا الجنوبية.
وبادئا ذي بدء نستفتح هذه السلسلة من تاريخ الجزائر بقول الله تعالى:


(أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَ لَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَ بِيَعٌ وَ صَلَواتٌ وَ مَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَ لَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ) (الحج 39-40 )



{ وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } [آل عمران:169]



849193434152475833.jpg



هذه قصيدة لشاعر الثورة الجزئرية مفدي زكرياء


1asp143.gif
... نوفمبــــــر...
1asp143.gif

1asp143.gif



نوفمبر جل جلالك فينا


نوفمبر جل جلالك فينا
ألست الذي بث فينا اليقينا
سبحنا على لجج من دمانا
و للنصر رحنا نسوق السفينا
و ثرنا نفجر نارا و نورا
ونصنع من صلبنا الثائرين
ونلهم ثورتنا مبتغانا
فتلهم ثورتنا العالمينا
و تسخر جبهتنا بالبلايا
فنسخر بالظلم والظلامينا
و تعلو السياسة طوعا وكرها
لشعب أراد فأعلى الجبينا
جمعنا لحرب الخلاص شتاتا
سلكنا به المنهج المستبينا
و لولا التحام الصفوف وقانا
لكنا سماسرة مجرمينا
فليت فلسطين تقفو خطانا
و تطوي كما قد طوينا السنينا
وبالقدس تهتم لا بالكراسي
تميل يسارا بها و يمينا


********** **********
شغلنا الورى... وملأنا الدنا...
بشعر نرتله كالصلاة
تسابيحه من حنايا الجزاااااااااائر
1asp143.gif
1asp143.gif
1asp143.gif
1asp143.gif

***********************


وهذا اليوتيوب بصوت الشاعر الثائر يمجد ثورة نوفمبر

وكلمات القصيدة مكتوبة على اليوتيب بالعربية و مترجمة

http://www.youtube.com/watch?v=H1xucfBwxj4&feature=player_embedded

1- كرونولوجيا المقاومة والحركة الوطنية 1830-1954

1830
14 جوان انزال الحملة الفرنسية العسكرية
18 جوان معركة اسطاوالي بين الفرنسيين وقوات الداي
23 جويلية بداية المقاومة في متيجة

1832
27 نوفمبر اندلاع مقاومة الامير عبد القادر

1833
3 جوان حمدان خوجة يقدم تقريرا عن احوال الجزائريين

1834
26 فيفري توقيع معاهدة دي ميشال

1835
27جوان معارك الاميرعبدالقادر معركة المقطع
31 سبتمبر الامير عبد القادر يراسل بريطانيا

1836
21 نوفمبر معركة قسنطيتة الاولى

1837
30 ماي توقيع معاهدة التافنة بين الامير عبد القادر والجنرال بيجو
13/6 اكتوبر معركة قسنطينة الثانية

1839
23 ديسمبر معارك جيش الامير معركة واد العلايق

1843
16 ماي زمالة الامير عبد القادر تسقط على يد الدوق دومال

1845
26 سبتمبر معارك جيش الامير معركة سيدي ابراهيم

1847
جويلية انتقال الامير عبد القادر الى المغرب
23 ديسمبر الامير عبد القادر يستسلم للقائد الفرنسي لامورسيير
25 ديسمبر الامير عبد القادر يحول الى فرنسا

1848
5 جوان احمد باي يستسلم للقوات الفرنسية
نوفمبر الامير عبد القادر ينقل الى سجن لامبواز

1849
ماي بداية مقاومة الزعاطشة
26 نوفمبر الشيخ بوزيان يستشهد في معركة سيدي المزاري

1851
فيفري اندلاع مقاومة الشريف بو بغلة
5سبتمبر اندلاع مقاومة ابن ناصر بن شهرة

1852
4/2 1852 ديسمبر اندلاع مقاومة الاغواط

1855
30اوت 1855 اندلاع مقاومة جرجرة بقيادة الشريف بو حمارة

1857
ماي اندلاع مقاومة لالة فاطمة انسومر

1864
8 افريل اندلاع مقاومة اولاد سيدي الشيخ

1869
1فيفري 1869 معارك مقاومة اولاد سيدي الشيخ معركة الدبداب بقيادة سي يعلا.
كرونولوجيا المقاومة والحركة الوطنية 1871-1919

1871
جانفي اندلاع مقاومة بني تاصر
فبراير اندلاع مقاومة الصبايحية ومحمد الكبلوتي
مارس تعيين هنري دي قيدون حاكما عاما على الجزائر
05 مارس الشريف بو شوشة يدخل منطقة وادي سوف ويعين بن ناصر بن شهرة خليفة عليها
15 مارس اندلاع مقاومة الحاج المقراني
25 مارس مصادرة املاك محمد المقراني بقرار من الحاكم العام الفرنسي
افريل الشيخ الحداد ينضم الى المقراني المعارك الى جانب المقراني
05 ماي استشهاد محمد المقراني
جوان اندلاع مقاومة مولاي الشقفة
جويلية الشيخ الحداد يقع اسيرا لدى الجيش الفرنسي رفقة ابنه عزيز
20سبتمبر معركة نقرين بين الشريف محمد بن عبد الله والجيش الفرنسي
12 اكتوبر الشريف بن عبد الله ينتقل الى الجنوب التونسي

1873
جوان تعيين الجنرال انطوان شانزي حاكما عاما للجزائر
جويلية الشريف بوشوشة يقوم بعدة هجمات على المواقع الفرنسية في الجنوب

1874
مارس الشريف بوشوشة يقع اسيرا

1875
02 جوان بن ناصر بن شهرة يغادر تزنس في اتجاه بيروت و دمشق بسبب مضايقات باي تونس
29 جوان السلطات الفرنسية تنفد حكم الاعدام في حق الشريف بوشوشة في قسنطينة

1876
11 افريل اندلاع مقاومة واحة العامري -بسكرة-

1879
مارس تعيين البير قريفي حاكما عاما للجزائر
جوان اندلاع مقاومة الاوراس الأولى

1881
16 فبراير اندلاع مقاومة التوارق بقيادة الشيخ آمود
ابريل اندلاع مقاومة الشيخ بو عمامة
19 ماي معارك مقاومة اولاد سيدي اشيخ معلاكة الشلالة
14اوت الجيش الفرنسي يدمر ضريح سيدي الشيخ
26 نوفمبر تعيين لويس تيرمان حاكما عاما للجزائر

1883
26 ماي وفاة الامير عبد القادر بن محي الدين في دمشق

1888
اوت الجيش الفرنسي يشن حملة عسكرية في جبال عمور ضد القبائل التي انضمت الى مقاومة الشيخ بو عمامة

1901
26 افريل اندلاع مقاومة عين التركي ومليانة بقيادة الشيخ يعقوب بن الحاج
جانفي الادارة الفرنسية تصادر املاك المشاركين في مقاومة عين الترك
فبراير السلطات المغربية تطرد الشيخ بوعمامة من فقيق بطلب من الفرنسيين
07 ماي اندلاع معركة تيت بقيادة الشيخ آمود

1903
جانفي معركة السمامير قرب وجدة بين الشيخ بو عمامة والجيش المغربي

1905
جويلية/اوت اندلاع عدة حرائق للغابات في منطقة الشلف وبلاد الفبائل واعتماد فرنسا مبدأ المسؤولية الجماعية لمعاقبة القبائل

1912
03 فبراير صدور مرسوم التجنيد الاجباري للشبان الجزائريين
19 سبتمبر صدور مرسوم حول العقوبات الخاصة بالتجنيد الاجباري
21 سبتمبر اندلاع مقاومة بني شقران -معسكر- ضد التجنيد الاجباري

1916
فبراير الشيخ آمود ينتصر على القوات الفرنسية في معركة جانت
سبتمبر مقاومة الاوراس الثانية ضد التجنيد الاجباري

1919
كرونولوجيا المقاومة والحركة الوطنية 1919-1954

1923
جويلية مغادرة الامير خالد الجزائر الى القاهرة

1924
جويلية رسالة الامير خالد الرئيس هيريو
3سبتمبر انقاد مؤتمر الشمال افرقيين بمشاركة الامير خالد

1925
25 ماي 1925 موريس فيوليت حاكم عام الجزائر
مارس 1926 تأسيس حزب نجم شمال افريقيا

1927
18/10 جوان تاسيس فيديرالية المنتخبين الجزائريين

1930
1جانفي الاحتفال بالذكرى المئوية للاحتلال
وقولة أحمد مصالي الحاج للمحتفلين الفرنسيين بعد ان حمل حفنة من التراب وقال لهم:
(إعلموا جيدا أن تراب الجزائر لا يرهن ولا يباع).

1931
5ماي1931 تاسيس جمعية علماء المسلمين
8جويلية 1931 اعلان مشروع بلوم فييوليت

1935
17 سبتمبر1935 اول مؤتمر لجمعية علماء المسلنين الجزائريين

1936
9جانفي وفات الامير خالد
26 افريل اعتماد فدرالية الكشافة الاسلامية
7جوان انعقاد المؤتمر الاسلامي

1937
17/8 اكتوبر تاسيس الحزب الشيوعي الجزائري
26 جانفي صدور مرسوم رئاسي بحا النجم
12/11 مارس تاسيس حزب الشعب الجزائري
14 جويلية مظاهرات حزب الشعب الجزائري في العاصمة

1940
16 افريل 1940 وفاة الشيخ عبد الحميد بن باديس

1941
8ماي1941 اعدام محمد بوراس

1943
12 فيفري صدور البيان الجزائري

1944
14 مارس تاسيس حركة احباب البيان والحرية

1945
8 ماي 1945 مظاهرات 8 ماي 1945
التي راح ضحيتها 45000 شهيد جزائري
في كل من سطيف وقالمة وخراطة

1946
28/25 سبتمبر تاسيس حزب الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري
10نوفمبر 1946 تاسيس حركة ا نتصار الحريلت الديمقراطية

1947
15فيفري المؤتمر الاول لحركة الانتصار للحريات الديمقراطية
اكتوبر فوز حركة انتصار الحريات في الانتخابات
20سبتمبر القانون الاساسي للجزائر

1948
سبتمبر 1948 رسالة الحاج مصالي الى الامم المتحدة

1949
18/16 سبتمبر المؤتمر الثاني للاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري

1950
مارس1950 الشرطة الفرنسية تباشر تفكيك المنظمة الخاصة
10ماي القاء القبض على احمد بن بلة
ماي جمعية العلماء المسلمين تطالب بفصل الدين عن الدولة
21/20 جوان محاكمة احمد بن بلة في قضية بريد وهران

1951
1ماي مظاهرات بباريس بقيادة حركة الانتصار للحريات الديمقراطية

1952
16 مارس فرار احمد بن بلة ومحساس من السجن
14 ماي مظاهرات حركة الانتصار للحريات الديمقراطية في مدينة الشلف
ماي فرنسا تطرد أحمد مصالي الحاج خارج الجزائر

1953
افريل بداية الازمة بين مصالي الحاج والمركزيين
12 جوان مانديس فرانس حاكما عاما للجزائر

1954
15/13 جويلية المؤتمر الاستثنائي لحركة الانتصار للحريات الديمقراطية
مارس تاسيس اللجنة الثورية للوحدة والعمل
18/17 جوان مانديس فرانس رئيسا للوزراء
25 جويلية اجتماع22
24 اكتوبر تاسيس جبهة التحرير الوطني
10اكتوبر 1954 قرار المنظمة الخاصة بهيكلة التراب الوطني
24 اكتوبر تحديد 1 نوفمبر موعدا لاندلاع الثورة

2- كرونولوجيا الثورة الجزائرية المباركة

01 نوفمبر 1954
اندلاع الثورة التحريرية الكبرى

03 نوفمبر 1954
ردود الفعل الفرنسية على اندلاع الثورة

05 نوفمبر 1954
استشهاد رمضان بن عبد المالك (أحد مفجري الثورة) قرب مستغانم

18 نوفمبر 1954
استشهاد باجي مختار (أحد مفجري الثورة) قرب مدينة سوق اهراس

23 ديسمبر 1954
بداية العمليات العسكرية

14 جانفي 1955
اعتقال مصطفى بن بوالعيد قائد المنطقة الأولى بتونس
استشهاد ديدوش مراد (قائد المنطقة الثانية و أحد مفجري الثورة) في معركة بوكركر.

23 جانفي 1955
انطلاق عمليتي فيوليت – فيرونيك

25 جانفي 1955
تعيين جاك سوستال حاكما عاما على الجزائر خلفا لروجيه ليونار.

05 فيفري 1955
سقوط الحكومة الفرنسية بعد فشل سياسة منديس فرانس

26 مارس 1955
الحلف الأطلسي يعلن مساندته للحكومة الفرنسية في حربها ضد الجزائر.

01 أفريل 1955
المصادقة على تطبيق قانون حالة الطوارئ لمدة 6 أشهر من طرف الجمعية الوطنية الفرنسية

15 ماي 1955
تدعيم المجهود الحربي الفرنسي بتخصيص 15 مليار فرنك للقضاء على الثورة

16 ماي 1955
مجلس الوزراء الفرنسي يقرر إضافة 40 ألف جندي و يستدعي الإحتياطيين

01 جوان 1955
جاك سوستال يعلن عن إصلاحات

13 جوان 1955
معركة الحميمة الأولى في الولاية الأولى

24 جوان 1955
إلقاء القبض على الأمين دباغين

13 جويلية 1955
ميلاد الإتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين

20 أوت 1955
بداية الهجوم الشامل بمنطقة الشمال القسنطيني

22 سبتمبر 1955
معركة الجرف الأولى

29 سبتمبر 1955
إنشاء المصالح الإدارية المختصة

01 أكتوبر 1955
وصول كمية من الأسلحة لجيش التحرير الوطني على متن السفينة الأردنية "دينا"
بداية هجوم جيش التحرير في الغرب الجزائري

27 أكتوبر 1955
التحاق بودغان علي (العقيد لطفي) بصفوف جيش التحرير الوطني

30 أكتوبر 1955
استشهاد البشير شيحاني قائد الولاية الأولى

10 ديسمبر 1955
التحاق 180 ألف جندي إضافي بالجيش الفرنسي في الجزائر

07 جانفي 1956
حل جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وذوبانها في جبهة التحرير الوطني

19 جانفي 1956
اغتيال الدكتور بن زرجب بتلمسان

24 فيفري 1956
تأسيس الإتحاد العام للعمال الجزائريين

22 مارس 1956
استشهاد القائد مصطفى بن بوالعيد (أحد مفجري الثورة) قائد الولاية الأولى.

05 أفريل 1956
التحاق مايو (و معه كمية من الأسلحة) بالثورة

16 أفريل 1956
استشهاد سويداني بوجمعة (أحد مفجري الثورة) بالقرب من القليعة

22 أفريل 1956
انضمام أحمد فرنسيس للثورة
فرحات عباس يحل الإتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري وينظم إلى جبهة التحرير

28 أفريل 1956
تصدي جيش التحرير لعملية التمشيط المسماة "الأمل و البندقية"

06 ماي 1956
معركة جبل بوطالب في الولاية الأولى

19 ماي 1956
إضراب الإتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين والتحاقهم بالثورة

23 ماي 1956
إلقاء القبض على عيسات إيدير

07 جويلية 1956
معركة الونشريس بالولاية الرابعة

20 أوت 1956
انعقاد مؤتمر الصومام الذي قام بإعادة تنظيم الثورة و خرج بعدة قرارات.

23 سبتمبر 1956
استشهاد زيغود يوسف (أحد مفجري الثورة) بمنطقة سيدس فرغيش

16 أكتوبر 1956
الجيش الفرنسي يحجز باخرة أتوس و هي محملة بـ 70 طن من الذخيرة موجهة لجيش التحرير الوطني

01 نوفمبر 1956
جبهة التحرير الوطني تنشر قرارات مؤتمر الصومام

08 نوفمبر 1956
معركة جبل بوكحيل بالولاية السادسة

09 ديسمبر 1956
معركة النسينسة بالولاية السادسة

26 ديسمبر 1956
معركة أولاد رشاش بالولاية الأولى

01 جانفي 1957
تأسيس إذاعة صوت الجزائر

07 جانفي 1957
بداية معركة الجزائر العاصمة بقيادة الجنرال ماسو

09 جانفي 1957
تأسيس الهلال الأحمر الجزائري

28 جانفي 1957
انطلاق إضراب الثمانية أيام

23 فيفري 1957
إلقاء القبض على العربي بن مهيدي (أحد مفجري الثورة)

03 مارس 1957
استشهاد العربي بن مهيدي تحت التعذيب

20 أفريل 1957
معركة فلاوسن بالولاية الخامسة

28 ماي 1957
استشهاد علي ملاح قائد الولاية السادسة

12 جوان 1957
موافقة البرلمان الفرنسي على تشكيل حكومة بورجيس مونري

19 جويلية 1957
معركة جبل بوزقزة في الولاية الرابعة

06 أوت 1957
صدور مرسوم ماكس لوجان لتقسيم الصحراء

28 أوت 1957
انعقاد أول مؤتمر للمجلس الوطني للثورة الجزائرية بالقاهرة

19 سبتمبر 1957
مصادقة مجلس الوزراء الفرنسي على قانون الإطار الخاص بالجزائر

08 أكتوبر 1957
استشهاد علي عمار (علي لابوانت) و حسيبة بن بوعلي بالقصبة

25 أكتوبر 1957
اجتماع لجنة التنسيق و التنفيذ بتونس

27 ديسمبر 1957
اغتيال عبان رمضان بالمغرب بتهمة التخطيط للقضاء على رفاقه من العسكريين و ذلك بعد خلافات حادة معهم خاصة كريم بلقاسم و بوصوف.

08 جانفي 1958
حل الإتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين

08 فيفري 1958
قصف ساقية سيدي يوسف

19 فيفري 1958
قرار مجلس الوزراء الفرنسي بإقامة مناطق محرمة على الحدود الجزائرية

15 أفريل 1958
سقوط حكومة فليكس قايار تحت تأثير الثورة

25 أفريل 1958
تنفيذ حكم الإعدام بالمقصلة في الشهيد طالب عبد الرحمان

27 أفريل 1958
انعقاد مؤتمر طنجة و إعلان تأييده للثورة الجزائرية

13 ماي 1958
انقلاب 13 ماي 1958 في فرنسا وعودة الجنرال شارل دوغول

24 جوان 1958
زيارة شارل دوغول للجزائر

27 أوت 1958
امحمد يزيد يقدم بيانا للأمم المتحدة لفضح سياسة فرنسا في الجزائر

19 سبتمبر 1958
تأسيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية و الإعلان عنها بالقاهرة.

26 سبتمبر 1958
أول تصريح للحكومة المؤقتة تعلن فيه فتح مفاوضات مع فرنسا

02 أكتوبر 1958
إعلان فرنسا عن مشروع قسنطينة الإقتصادي و الإجتماعي لتجفيف منابع الثورة

23 أكتوبر 1958
دوغول يعرض على جبهة التحرير سلم الشجعان

02 ديسمبر 1958
انتخاب شارل دوغول رئيسا للجمهورية الفرنسية، ويطلب صلاحيات واسعة.

08 ديسمبر 1958
برمجة القضية الجزائرية ضمن جدول أعمال الأمم المتحدة

07 مارس 1959
نقل أحمد بن بلة و رفاقه إلى سجن جزيرة إكس

28 مارس 1959
استشهاد العقيدين الحواس و اعميروش

18 أفريل 1959
الشروع في تطبيق مخطط شال

05 ماي 1959
استشهاد العقيد سي محمد بوقرة

22 جويلية 1959
الشروع في تنفيذ عملية المنظار في الولاية الثانية

29 جويلية 1959
استشهاد العقيد سي الطيب الجغلالي قائد الولاية السادسة

01 سبتمبر 1959
مصادقة الجامعة العربية على عدة قرارات لدعم الثورة الجزائرية

04 سبتمبر 1959
جيش التحرير يتصدى لعملية الأحجار الكريمة

16 سبتمبر 1959
شارل دوغول يعترف بحق الجزائريين في تقرير المصير

10 نوفمبر 1959
شارل دوغول يجدد نداءه لوقف إطلاق النار

20 نوفمبر 1959
الحكومة المؤقتة تعين أحمد بن بلة و رفاقه للتفاوض مع فرنسا حول تقرير المصير

10 ديسمبر 1959
اجتماع المجلس الوطني للثورة الجزائرية و تكوين الحكومة المؤقتة الثانية برئاسة فرحات عباس

19 ديسمبر 1959
الإتحاد العام للعمال الجزائريين يرفض نتائج التحقيق الخاصة بظروف وفاة عيسات إيدير

05 جانفي 1960
جريدة لوموند الفرنسية تنشر تقرير الصليب الأحمر حول التعذيب في الجزائر

18 جانفي 1960
المجلس الوطني يوافق على إنشاء قيادة الأركان برئاسة العقيد هواري بومدين

13 فيفري 1960
أول تجربة نووية فرنسية بمنطقة رقان بالصحراء الجزائرية

08 مارس 1960
اجتماع المجلس الوطني للثورة الجزائرية بتونس

27 مارس 1960
استشهاد العقيد لطفي قائد الولاية الخامسة جنوب مدينة بشار.

30 أفريل 1960
تفجير قنبلة نووية للمرة الثانية بالصحراء

01 ماي 1960
استخدام فرنسا قنابل النابالم جنوب عين الصفراء

14 جوان 1960
دوغول يعلن استعداده لاستقبال وفد عن قادة الثورة بباريس من أجل إيجاد نهاية مشرفة للمعارك.

28 جوان 1960
انطلاق المفاوضات الجزائرية الفرنسية في مولانmelun

05 سبتمبر 1960
شارل دوغول يعلن في ندوة أن الجزائر جزائرية

27 سبتمبر 1960
زيارة فرحات عباس و بن طوبال للإتحاد السوفياتي و الصين

07 أكتوبر 1960
اعتراف الإتحاد السوفياتي بالحكومة المؤقتة للجزائر

16 نوفمبر 1960
دوغول يعلن أمام مجلس الوزراء الفرنسي عزمه على إجراء استفتاء و تقرير المصير

11 ديسمبر 1960
اندلاع مظاهرات 11 ديسمبر في مناطق عديدة من الجزائر خاصة في المدن الكبرى

20 ديسمبر 1960
الجمعية العامة للأمم المتحدة تصادق على لائحة الإعتراف بحق الشعب الجزائري في تقرير مصيره.

11 أفريل 1961
دوغول يصرح في ندوة صحفية أنه ليس من مصلحة فرنسا البقاء في الجزائر و يؤكد على أن الجزائر جزائرية

10 ماي 1961
الإنطلاق الفعلي للمفاوضات الجزائرية الفرنسية في إيفيان لكنها فشلت بسبب إصرار الوفد الجزائري على عدم المساس بسيادة و وحدة التراب الوطني.

20 جويلية 1961
استئناف المفاوضات في قصر لوغران Lugrin

9 أوت 1961
اجتماع المجلس الوطني للثورة الجزائرية و تعيين بن يوسف بن خدة رئيسا للحكومة المؤقتة مكان فرحات عباس الذي اشتدت خلافاته مع القيادة العامة لجيش التحرير

06 ديسمبر 1961
ظهور منظمة الجيش السري (oas) التي عرفت بالإرهاب و الأعمال الإجرامية على جميع المستويات و كانت تمثل اليمين المتطرف في الجيش الفرنسي الرافض لأي حل مع الجزائريين سوى الحل العسكري الحاسم.من أشهر عملياتها تفجير سيارة مفخخة بميناء الجزائر و قتل63 بريئا و حرق مكتبة جامعة الجزائر مما أدى إلى إتلاف600 ألف عنوان و تفجير المخابر و القاعات

09 جانفي 1962
محمد الصديق بن يحي يقدم مذكرة الحكومة الجزائرية ردا على مذكرة فرنسا

22 فيفري 1962
اجتمع المجلس الوطني للثورة الجزائرية بطرابلس لدراسة نص اتفاقيات إيفيان في كل جزئياتها, و تم التصويت على مشروع نص الإتفاقيات بالإجماع ما عدا أربعة (4) هم هواري بومدين و قائد أحمد وعلي منجلي و الرائد مختار بوعيزم.

27 فيفري 1962
مظاهرات ورقلة تنديدا بمشروع فصل الصحراء عن الشمال

18 مارس 1962
التوقيع على وثيقة اتفاقية إيفيان من طرف كريم بلقاسم و لوي جوكس، و إعلان بن خدة عبر إذاعة تونس عن وقف إطلاق النار في كافة أنحاء الجزائر بداية من 19 مارس 1962، و قام دوغول قبل ذلك بقليل بإعطاء نفس الأوامر للقوات الفرنسية.

29 مارس 1962
تكليف الهيئة التنفيذية المؤقتة برئاسة عبد الرحمان فارس بتسيير الفترة الإنتقالية و تحضير الإستفتاء

01 أفريل 1962
منظمة الجيش السري تكثف من أعمالها الإرهابية ضد الشعب الجزائري

01 جويلية 1962
استفتاء تقرير المصير

05 جويلية 1962
الإعلان الرسمي عن الإستقلال


المجد والخلود لشهدائنا الأبرار
وتحيا الجزائر حرة أبية



ta7iya.gif





87108647zx9.gif

qasralkhair-8c94891f8b.gif
</B></I>





 
مقاومة البطل ابن ناصر بن شهرة.

1265018739.gif




star7.gif



1_53549.gif
s%20(25).gif
1_53549.gif



مقاومة البطل ابن ناصر بن شهرة

0013lj.jpg




1- المولد والنشأة

ينتمي ابن ناصر بن شهرة بن فرحات إلى قبيلة المعامرة والحجاج الذين ينتمون بدورهم إلى الأرباع . ولد عام 1804 .

الناصر بن شهرة بن فرحات شيخ قبائل الأرباع بنواحي مدينة الأغواط ، ذلك الرجل الذي دام كفاحه ضد الإحتلال الفرنسي أكثر من أربع وعشرين سنة (1267-1292هـ/1851-1875م) ولد الناصر بن شهرة بعشيرة الأرباع قرب الأغواط عام 1804 وكان أبوه شهرة وجده فرحات قائدين وشيخين بالتوالي على الأرباع فنشأ بن شهرة في جو ملؤه الحياة العربية القحة بما يروي فيها من أخبار الفروسية والكرم وأحداث الكر والفر في الحرب والنزال متمسكا بسيرة أسلافه شيوخ الأرباع وزعماء الصحراء منتمياً إلى الطريقة القادرية.


2- جهاده
استهل جهاده منذ عام 1851، فاعتقلبمدينة معسكر قرب " بوغار " غادرها متخفيا في 05 سبتمبر 1851، التحق بالشريف محمد بن عبدالله ( بالرويسات) بمدينة( ورقلة ) وقام بالتنسيق معه .استمات في الدفاع عن مدينة الأغواط وقصورها وكذا ورقلة. لجأ إلى " نقطة " وتوزر بالجريد التونسي و في تونس ربط علاقات عديدة باللاجئين الجزائريين وأخذ من هناك يشن الغارات على الأعوان الفرنسيين.

وعندما اندلعت مقاومة أولاد سيدي الشيخ عام 1864 عاد ابن ناصر بن شهرة إلى الجزائرمتخفيا ودخل إلى ورقلة واتصل بسي الأعلى يوم 6 أوت في طاقين واشترك معه في عدة معارك . رجع إلى ورقلة بصحبة سي الأعلى عام 1865 وبعدها إلى مدينة المنيعة ومدينة عين صالح لتجنيد الناس وامتدت حركته إلى عين ماضي .وخلال كفاحه بالجزائر لم يقطع صلاته بتونس حيث كان يتردد عليها لجمع الأنصار وتدبير الخطط وتوفير الذخائر والمؤن .

كان من المشاركين في مقاومة المقراني والحداد عام 1871 و كانت جبهة عمله الصحراء الشرقية ،وبعد إلقاء القبض على بومزراق زعيم المقرانيين يوم 20 جانفي 1872 قرب الرويسات أخذ ابن شهرة يواصل نشاطه من الجريد ونفزاوة إلى أن أرغمه باي تونس على الرحيل، فتوجه إلى بيروت إلى أن توفي عام 1884

المقاومة في مدينة الأغواط:

188110.jpg


1- ظروف مقاومة مدينة الأغواط :

عملت الإدارة الاستعمارية على بث روح النزاع و الفرقة بين القادة والزعماء من القبائل و شيوخ الزوايا مما أدى إلى زعزعة المنطقة و نشوب اضطرابات غاية الخطورة في الوقت الذي اشتعل فيه فتيل مقاومة الزعاطشة ، وهي كلها معطيات أقنعت فرنسا بضرورة شن حملة على الاغواط انطلاق من مدينة المدية بعد أن كلفت رسميا الجنرال لادميرول L'ADMIRAULT بالمهمة في ماي 1851.

وفي 3 جوان 1851 دخل الطابورالفرنسي بمدينة الجلفة ، و استدعى شيوخ القبائل منهم خليفة الأغواط و الآغا سي الشريف بالأحرش و كان القائد ينوي تعيين ابن ناصر بن شهرة خليفة على الأغواط عوض أحمد بن سالم غير أن ابن ناصر ظل يرى في فرنسيين غزاة طامعين و رفض خدمتهم ليلتحق بمحمد بن عبد الله أحد أعلام المقاومة في الجنوب الجزائري الشاسع ضد الاحتلال.


2- سقوط المدينة:

إثر عودته إلى الاغواط، كان ابن ناصر بن شهرة قد دخل قصر البلدة، و من جانبه أمر الحاكم العام راندون RANDON الجنرال لادميرول في فبراير 1852 بالسير إلى الاغواط في طابور يزيد على 1500 جندي ، و كان وصوله أسوار مدينة في 4 مارس ثم تقدم إلى غاية قصر الحيران دون مواجهة حيث ثبتّ فيها كتيبه من الجيش و فرقة من الصبايحية ليعود بعدها إلى الأغواط.


ورغم ذلك بقيت الإدارة الاستعمارية متخوفة من رد الفعل الجزائري حتى أنها ارتأت استقدام و حدات إضافية من الجيش المرابط بتيارت بقيادة الجنرال ديلينيه (Déligny).



و من جانبه سار محمد بن عبد الله إلى نواحي مدينة الاغواط بغرض تأديب القبائل الرافضة الالتحاق به لكنه سرعان ما تراجع إلى تاجرونة قريبا من منع وادي زرقون بعد أن بلغه خبر تحرك الجنرال لادميرول كما عمل على حشد المزيد من رجال القبائل و الالتحاق بجيش ابن ناصر بن شهرة من القبائل الأرباع،أولادسيدي عطاء الله ، و سعيد عتبة، المخادمة و رقلة ، شعانبة متليلي ، أولاد عامر بتماسين، أولاد جلاب و أهل ميزاب و قد أثار هذا الحشد تخوفات الفرنسيين و لهذا أوكلت للضابط " كولينو " COLLINEAU مهمة تجميع فرق الجيش استعدادا للمواجهة كما لم ينقطع الشريف محمد بن عبد الله عن التردد على الاغواط بهدف تحسيس و توعية سكانها فلما علم الجنرال " يوسف بالأمر وظف كل الأساليب لاستمالة أهل الأغواط مقابل حياة الشريف لكنه فشل في ذلك وعليه قرر الحاكم العام التدخل عسكريا لضرب الاغواط وإخضاعها و قد جند لأجل ذلك خمسة طوابير يقرر أوامرها الجنرال بيليسيي ( pellissier).


كانت كل هذه الاستعدادات توحي باقتراب موعد شن الحرب و بالفعل انطلقت المعارك في صبيحة يوم 3 ديسمبر ، على جبهات مختلفة ترمي لإيقاع الاغواط، واستمر الهجوم في اليوم الموالي حيث استطاعت القوات الفرنسية التمركز في المواقع الحصينة ، و اتخاذ المسجد مقرا لغرفة العمليات ، وقد أسفرت المواجهة عن مقتل الجنرال بوسكاران فخلفه العقيد " كلار " بالتنسيق مع الجنرال يوسف لتنفيذ عملية اقتحام المدينة حيث اشتد الاقتتال في مختلف الأزقة و حتى المنازل كلف الجيش الفرنسي خسائر معتبرة و أظهر المجاهدون الحنكة و القوة في مقاومتهم ، بينما ركزت المدفعية على ضرب أسوار الاغواط للسماح بتوغل المزيد من العسكر الفرنسي الذين احتلوا أعالي المدينة ، و استمرت المواجهة طويلا لتنتهي بسقوط الاغواط ووقوع مجازر رهيبة من جراء الأعمال الوحشية التي ارتكبت في حق السكان و على جماجم هؤلاء احتفل بيليسييه بالنصر حيث فرشت الزرابي الفاخرة وسط المدينة و تناول عليها غداءه وهنأ ضباطه و قام بتعيين العقيد "كلار" قائدا أعلى على مدينة الأغواط ، بينما استطاع الناجون من أهل المدينة الانسحاب و على رأسهم الشريف محمد بن عبد الله و ابن ناصر بن شهرة و يحي بن معمر والتلي بن لكحل بعد أدركوا أن المواجهة كانت تفتقر بكثير إلى عنصر التكافؤ العسكري خاصة بالنظر إلى ثقل حصيلة الضحايا التي تجاوزت 2500 شهيدا ، ناهيك عن أعداد الجرحى الذين لم يسلموا من ملاحقة الجنود الفرنسيين لاستكمال مجازرهم و قد استمر الأمر أزيد من أسبوع و الهدف من ذلك تصفية جيوب المقاومة في مختلف المناطق و من الجانب الفرنسي سقط حوالي 60 قتيلا و على رأسهم الجنرال " بوسكاران " الذي دفن هناك وقائد الفيلق موران بالإضافة إلى أعداد هامة من الجرحى.



3- نتائج المقاومة

كان سقوط مدينة الأغواط بمثابة انتصار لفرنسا و قد اعتبرته خطوة هامة للتوسع في عمق الصحراء الجزائرية الشاسعة و إخضاعها لسيطرتها ، فضلا عن أنه يرمي إلى:

- إخضاع قبائل بني ميزاب و حملهم على المرور بمدينة الأغواط إجباريا.

-مراقبة التموين بالمئوونة من مخازن الأغواط و فرض غرامات على أهل الصحراء .

-عزل قبائل أولاد نايل و الأرباع وراء مرتفعات جبل عمور الشامخ.

-تحويل الاغواط إلى مركز للإدارة و التحكم في شؤون التجارة إلى عمق الصحراء الجزائرية.

-اعتبار الأغواط نقطة انطلاق للتوسع الفرنسي في الصحراء الجزائرية الشاسعة. غير أن المقاومة بقيادة بن ناصر بن شهرة ومحمد بن عبد الله استمرت على نفس الوتيرة مما عاق عملية التوسع الفرنسي في الصحراء الجزائرية وخاصة بعد أن تكللت هذه المقاومة بإندلاع مقاومة أولاد سيدي الشيخ ، وبروز محمد بن التومي المدعو الشريف بوشوشة.


ثورة بن ناصر بن شهرة:

بدأ المجاهد بن ناصر بن شهرة يعد للثورة سنة 1846 ولكنه اعتقل سنة 1851م ووضع تحت الإقامة الجبرية رفقة عدد كبير من أتباعه من رجال الأرباع في محتشد قريبا من (بوغار) سرعان ما أن فر منه.


و في آخر شهر ذي القعدة (1267هـ/5 سبتمبر 1851م)اتصل بن ناصر بن شهرة بالمجاهد البطل شريف بلدة ورقلة السيد (محمد بن عبد الله) فاتفق معه على الجهاد ثم رجع إلى الشمال الشرقي واستولى على قرية قصر الحيران (11 شوال 1268هـ/31 جويلية 1852م). و يومئذ وفد عليه أعيان رجال الصحراء الأشاوس مثل (السيد يحيى بن عمر) أحد شيوخ مدينة الأغواط والسيد (الشريف ابن الأحرش)الذي كان خليفة الأمير عبد القادر ثم صار- باش آغا على عشائر أولاد نايل ، وكان هذا اللقاء في مكان اللقحات في أرض الشبكة قرب (بريان) وذهب ابن شهرة مع شيخ قبيلة ورقلة محمد بن عبد الله إلى المدينة (القرارة) للتسليح والتموين. و استقر بالجنوب التونسي بانتظار تطور الأحداث ليستأنف الجهاد وأخذ من هناك يشن الغارات على أذناب فرنسا داخل الحدود الجزائرية وشارك (محمد بن عبد الله) في معاركه ضد القوات الفرنسية بناطق ( تقوصة ، بريزينة ، الرويسات نوفمبر1853م). و في صيف سنة 1281هـ/1864م انتقل متخفياً إلى ورقلة، واتصل بالسيد(العلا) من أولاد سيدي الشيخ فاشتركا في قيادة الثورة. كانا في يوم (2 ربيع الأول- 6 أوت 1864م) على رأس جيش كبير من الفرسان حيث كان عددهم لا يزيد عن 15000 فارس وتقدمو إلى أرض (طاقين) وهنالك وقعت معركة كبيرة ضد جيوش الاحتلال وفي يوم (19 جمادي الأول -21 أكتوبر1864م).



انتقل ابن ناصر بن شهرة رفقة مرافقيه من أولاد سيدي الشيخ والأرباع، إلى ناحية( وادي النساء) جنوب (بريزينة) للاتصال بسيدي الحاج الدين بصحراء الساورة. وأصبح هو والأنصار يمثلون قوة كبيرة في المنطقة فأضعفتهم فرنسا بقطع صلتهم عن القوافل حتى تعبوا. وفي سنة (1282هـ/1864م)رجع ابن ناصر بن شهرة وسي العلا إلى مدينة ورقلة.



و في ربيع سنة (1283هـ/1866م) توجه(بن ناصر بن شهرة وسي الزبير وابن أخيه سي أحمد بن حمزة) -من زعماء ثورة سيدي الشيخ- إلى مدينة المنيعة. و منها انتقل ابن شهرة إلى مدينة عين صالح لتجنيد المجاهدين من - توات والشعانبة ومن الطوارقأيضا- وفي شهر شوال (1285هـ/جانفي1869م) اشتعلت نار الحرب بعين ماضي وكانت هناك معركة هائلة بين قوات الاستعمارو الجيش الجزائري البطل الذي لم يتجاوز عدده في هذه المعركة 3000 فارس وألفا من المشاة بسلاحه العتيق البالي.


و في شهر ذي الحجة –مارس- 1869 م التحق البطل ابن شهرة بالبطل بوشوشة الذي كان قائد جيش (الشعابنة ومتليلي وشعانبة المواضي بمدينة المنيعة وأهل توات)، وكان معه ثلة من المجاهدين. فالتقيا في قرى (المخرق وقنيفيد على الضفة اليسرى لوادي مزي) فانضموا كلهم إلى بوشوشة وفيها كان الاستلاء على مدينة المنيعة وطرد قائدها (جعفر المعين) من طرف السلطة الفرنسية.


و في بلدة نفطة جنوب غربي تونس اجتمع ابن شهرة باخوانه في الإجهاد ومن ضمنهم المجاهد (محي الدين بن الأمير عبد القادر) وأولاد البطل الشعانبي السوفي (بوطيبة بن عمران) و(محمد بوعلاق التونسي) وجميعهم كان في ضيافة وتأييد الشيخ مصطفى بن محمد بن عزوزالجزائري رئيس الزاوية الرحمانية هناك.


إنتشرت رسائل ابن شهرة ومحي الدين بن الأمير عبد القادر ، التي أرسلاها إلى القبائل و العشائر الجزائرية لحثها على الجهاد، والتحقت يومئذ الأرباع بقائدها ابن ناصر بن شهرة ملبية الدعوة قال رين : " أرسل إلينا الرؤساء الموالون أعدادا كبيرة من هذه الرسائل، وقد تجمع لدى القائد العسكري لناحية بسكرة نحو (44 رسالة) كلها محفوظة في وثائق بسكرة".


وكان على بعضها ختم الأمير محي الدين وعلى بعضها ختم ابن ناصر بن شهرة، فمنها ما كان مرسلاً إلى رئيس زاوية (تماسين)، ومنها ما أرسل إلى السيد (باي آغا) تقرت وورقلة وإلى رؤساء وأعيان الطرود بمنطقة واد سوف وإلى الأغواط ومتليلي وميزاب وإلى الشريف (بوشوشة) وإلى المخادمة والشعانبة وغيرهم...


وفي شهر صفر (1287هـ/مايو 1870م) إستقر بن شهرة صحبة رفيقه الأمير محي الدين بمدينة عين صالح ومعهما ثوار الصحراء الشرقية وهناك إلتقت جيوشهما بجيوش الشعانبة بقيادة بوشوشة، وثوار أولاد سيدي الشيخ بزعامة سي الزوبير، وكانت الثورة مشتعلة في الشمال بقيادة المجاهد الحاج محمد بن الحاج أحمد المقراني والشيخ ابن الحداد رئيس الزاوية الرحمانية في صدوق تحت قيادة بومزراق المقراني والسيد عزيز بن الشيخ الحداد.


وانتشرت الثورة إلى أعماق الصحراء الجزائرية حيث استولى بن شهرة على تقرت وورقلة، واستولى الأمير محي الدين على نقرين وتبسة في شرق الجزائر وفي أثناء ذلك كان استشهاد المرحوم المقراني (15صفر1288هـ/6 ماي 1871م) في مكان يعرف (بسوفلات) قرب مدينة عين بسام، ثم وفي (23 ربيع الثاني- 13 جويلية 1871م) ألقي القبض على الشيخ الحداد ولما تغير الحال في الشمال قرر آل المقراني الاعتصام بالصحراء الشاسعة، فكان لابن شهرة الفضل في دخول المقراني إلى تونس.


وبعد وقوع بومزراق وبوشوشة في الأسر وتمكن الجيش الفرنسي الاستيلاء على تقرت و ورقلة تفرق المجاهدون في أنحاء البلاد، فمنهم من لجأ إلى تونس، ومنهم من ذهب إلى طرابلس الغرب وبقي بن شهرة وحده ينازل جيش الاحتلال الفرنسي فكان يشن عليه بعض الهجومات من الجريد و نفزاوة التونسيتين، ثم دخل إلى تونس لاجئاً.

وفي (27ربيع الثاني 1292هـ/2جوان1875م) أرغمه باي تونس على الرحيل، فركب الباخرة من مرسى حلق الوادي إلى بيروت، وكان برفقة الرفيق في الجهاد (محمد الكلبوتي).


واستقر ببيروت البطل ابن شهرة رفقة صديقه الحميم الأمير (محي الدين بن الأمير عبد القادر)إلى سنة (1300هـ/1883م) كما أنه اتصل بالأمير عبد القادر بنفسه بدمشق فتوسط له لدى الحكومة التونسية لبيع ما تركه بتونس عند رحيله منها، ثم كانت وفاته في سنة 1884 م فكان عمره حينها 80 سنة.


رحمه الله تعالى و أسكنه فسيح جناته


المجد والخلود لشهدائنا الأبرار




ta7iya.gif





87108647zx9.gif











qasralkhair-8c94891f8b.gif
 
مقاومة الشريف محمّد بن عبد الله المدعو : بومعزة

1265018739.gif





star7.gif



1_53549.gif
s%20(25).gif
1_53549.gif


الشريف محمّد بن عبد الله المدعو: بومعزة

وفي 1845 شهدت منطقة الظهرة انتفاضة زعيم بومعزة المدعو الشريف محمد بن عبد الله وعرفت هذه الإنتفاضة بانتفاضة الظهرة ، استطاع أن يكبد هذا الزعيم خسائر فادحة في صفوف المستعمر ، حيث قامت انتفاضته ضد التعسف والظلم و النقص في الأرزاق وقد أثار بومعزة الرعب في جيش الإحتلال حيث استطاع أن يصد هجومات المقدم ميليت على تحصينات مستغانم لكن طاردته قوات هذا القائد بتعاون مع قوات " سانت أرنو " قاد مدينة الأصنام ( الشلف حاليا ) والكولونيل " جيري " و الكمندان " برت " قائد مدينة تنس أفلت منهم والتحق بدائرة الأمير في المغرب الأقصى حيث أقام فترة من الزمن ثم عاد إلى منطقة الظهرة التي شهدت انتصاراته الأولى وهناك حاول النهوض من جديد لكنه فشل بسبب القمع الوحشي من طرف جيش الإحتلال وقد انتهى به الأمر أن سلم نفسه في 13 ماي 1847 م للجنرال " سانت أرنو " فسلمه هذا إلى المارشال " بوجو" الذي حمله إلى فرنسا حيث سجن عدة سنوات ، وكانت ثورة بومعزة قد شملت عدة مناطق حيث تنقل هو فيما بين 1841 م – 1847 م.

14 افريل 1845 المعركة بجبال الظهرة
18 افريل 1845 المعركة بحوض شلف


أوائل شهر مارس 1847
المعركة بالونشريس


مقاومة بومعزة

و لقد اشتعلت مقاومة جديدة في أفريل 1845 على يد الشاب بومعزة في منطقة الظهرة . مقاومة بومعزة تلقى الشاب بومعزة الدعم الكامل من قبيلة أولاد رياح حيث تمكن و بفضلها من هزم قبيلة سنجاس العميلة والموالية للفرنسيين كما تمكن في نفس الوقت من القضاء على الآغا الذي نصبته الإدارة العسكرية الفرنسية على المنطقة جزاء لما قدمه من خدمات جليلة لها في أوقات سابقة، عرف الشاب بومعزة كيف يوسع من رقعة انتفاضته الشعبية ما أقلق كثيرا الجنرال بيجو إلى درجة أنه قرر وضع إستراتجية خاصة بهدف القضاء عليها فبعث خمس قوافل عسكرية إلى المنطقة لتوزع عند وصولها عبر مختلف مناطق الظهرة لمحاصرتها وتوجيهها بالدرجة الأولى خاصة إلى تلك المناطق التي امتدت إليها نار المقاومة ولإنجاح خطته استنجد بكل من الجنرال " آبوفيل " قائد قافلة مدينة سطيف والجنرال "ماري" قائد قافلة مدينة المدية أما القوافل الثلاثة فهي تلك القوافل التي كانت متمركزة بمنطقة مدينة " الأصنام" سابقا مدينة الشلف حاليا حيث كان يقودها كل من الكولونيل "لادميرو" و"سانت آرنو" إلى جانب الكولونيل "بيليسيي" وبهذا الحشد الكبير يكون الجنرال بيجو قد جند خمس قوافل عسكرية ضخمة للقضاء على مقاومة بومعزة الشعبية.


مجازر أولاد رياح

وقعت مجزرة في أولاد رياح بغار الفراشيش في ناحية الظهرة في شهر يونيو 1845 م و الذي إرتكبها الجلاد العقيد بيليسييه الذي أصبح جنرالا ثم ماريشالا ثم حاكما للجزائر فيما بعد خلال الستينات وخلاصتها أنه وقعت معركة كبيرة خلال شهر يناير 1845 بناحية الظهرة شاركت فيه عدة طرق صوفية ، القادرية و الرحمانية والدرقاوية و الطيبية وعرفت عند الفرنسيين بانتفاضة الطرق الصوفية وقد شاركت معهم قبيلة أولاد رياح فغزاها بيليسيه وأحرق كل ما فيها مما إستدعى فرار القبيلة وهي تحارب إلى ناحية غار الفراشيش اجتمعت به وعددها أكثر من ألف شخص رجالا ونساء و أطفالا مع حيواناتهم وكان هذا يوم 17 يونيو وتم محاصرة الغار من طرف الفرنسيين مع جميع الجهات وطلب من القبيلة الإستسلام أو الموت ، اختناقا بالدخان ولكن كان ردها هو الرصاص ومضى اليوم الأول 17 / 18 من الشهر دون خروج أحد وأثناء الليل جلب العقيد تعزيزات الجيش وضيق الحصار على الغار وضاعف من إيقاد النار الذي جلب لها أكداس الحطب وأحاط بها الغار وراح يضاعف من عملية إشعال النار و التدخين في مداخل الغار وتواصلت العملية طول الليلة الثانية وأعطى القائد تعليمات بإستمرار الخنق ومضاعفته وقبل طلوع النهار بنحو ساعة وقع انفجار مهول في قلب الغار وكان ذلك إشارة باختناق ما يزيد عن ألف شخص و كانت هذه المجزرة رهيبة للغاية هزت الجزائريين واثارت ضجة في البرلمان الفرنسي آنذاك.


مجزرة الفراشيش في جوان 1854

1278275201.png

جنرالات فرنسا السفاحين المجرمين

لا يمكن الكشف والحديث عن الحركة الاستعمارية في الجزائر دون التطرق و الحديث عن المجرمين الذين عاثوا في أرض الجزائر الطاهرة فسادا خاصة خلال النصف الثاني من القرن 19 على غرار كل من بيليسيي، كافينياك، سانت آرنو وغيرهم من السفاحين الذين اعتمدوا سياسة الأرض المحروقة حيث لا يقل هؤلاء مسؤولية عن مجرمي الحرب العالمية الثانية التي دارت ما بين 1939 إلى 1945 أمثال أدولف هتلر، قورينغ هيرمان، هينريتش هيملر دون نسيان ما ارتكبه الصهاينة آرييل شارون، رافياييل هيتان وعموس يارون وغيرهم في صبرة وشتيلة ذات عام 1982 وأقرب منا ما اقترفته الصهيونية تزيبي ليفني ، يهود باراك ، يعلون وآفي ديشتار وغيرهم من الذين ارتكبوا جرائم الحرب ضد الشعب الغزاوي الأعزل ما بين 27 ديسمبر و18 جانفي 2009 كل هؤلاء وغيرهم يصنفون في خانة مرتكبي المجازر ضد الإنسانية حيث بات التاريخ والمحاكم الدولية تطاردهم حتى في قبورهم وكيف لا بعد التصريح الذي أدلى به المجرم بيليسيي ذات عام 1845 عندما ارتكب مجزرته الدنيئة في حق مواطني أولاد رياح حيث قال : "جلد واحد من طبل عسكري مجند في الجيش الفرنسي أغلى من 1000 جلد من الذين أحرقوا في مغارة الفراشيش"

إنتهاكات بالجملة:

بهذه العبارات الحاقدة يطوي الكولونال بيليسيي ملف المجزرة التي تفنن في صنعها بمغارة " الفراشيش" هذه المغارة التي دخلت تاريخ الجزائر صدفة تقع في منطقة الظهرة المتواجدة في شرق ولاية مستغانم والتي تبعد عن مقر الولاية الأم بحوالي 115 كلم ارتكبت في ذات المغارة المذكورة أبشع المجازر ذات أيام 19 و20 من شهر جوان 1854، إلا أنه وللأسف لم تكن هذه هي المجزرة الأولى التي دونها العسكر الفرنسي في سجلاته بل ألف عليها حيث سبقتها مجازر أخرى كان بطلها آنذاك المارشال " بيجو " الذي قضى وبصفة كلية على القوات المغربية التي كان يقودها سيدي محمد عبد الرحمان في 14 أوت 1844 في معركة "إسلي" نسبة إلى تلك المنطقة التي تقع في الجهة الشرقية لمدينة وجدة، ففي الوقت الذي كانت هذه الحرب تدور رحاها بين جيش ملك المغرب والجيش الفرنسي كان الأمير عبد القادر متواجدا بالأراضي المغربية وقد لجأ إليها في تلك الفترة بعد ما انهزم جيشه في معركة الزمالة شهر ماي من سنة 1843 أمام قوات الدوق دومال ابن ملك فرنسا آنذاك جرت هذه المعركة كانت بمنطقة "طاقين" الواقعة جنوب شرق مدينة قصر الشلالة حيث تصارع الجيشان بكل قوة وشراسة إلا أن التفوق كان حليف الفرنسيين الذي تمكنوا من أسر حوالي 3000 شخص إضافة إلى إستلائهم على المؤن والذخائر بما فيها المكتبة الخاصة للأمير إن هذه الإنتصارات التي بات يحققها الجيش الفرنسي من الفينة للأخرى أضيفت إلى أرصدة قادته العسكريين حيث توهموا على أنهم وضعوا بهذا حدا نهائيا للمقاومة الشعبية في الجزائر ، إلا أن هذه التخمينات والحسابات سقطت وخابت بمجرد ما اشتعلت مقاومة جديدة في أفريل 1845 على يد الشاب بومعزة في منطقة الظهرة . مقاومة بومعزة تلقى الشاب بومعزة الدعم الكامل من قبيلة أولاد رياح حيث تمكن و بفضلها من هزم قبيلة سنجاس العميلة والموالية للفرنسيين كما تمكن في نفس الوقت من القضاء على الآغا الذي نصبته الإدارة العسكرية الفرنسية على المنطقة جزاء لما قدمه من خدمات جليلة لها في أوقات سابقة، عرف الشاب بومعزة كيف يوسع من رقعة انتفاضته الشعبية ما اقلق كثيرا الجنرال بيجو إلى درجة أنه قرر وضع إستراتجية خاصة بهدف القضاء عليها فبعث خمس قوافل عسكرية إلى المنطقة لتوزع عند وصولها عبر مختلف مناطق الظهرة لمحاصرتها وتوجيهها بالدرجة الأولى خاصة إلى تلك المناطق التي امتدت إليها نار المقاومة ولإنجاح خطته استنجد بكل من الجنرال " آبوفيل " قائد قافلة مدينة سطيف والجنرال "ماري" قائد قافلة مدينة المدية أما القوافل الثلاثة فهي تلك القوافل التي كانت متمركزة بمنطقة مدينة " الأصنام" سابقا مدينة الشلف حاليا حيث كان يقودها كل من الكولونيل "لادميرو" و"سانت آرنو" إلى جانب الكولونيل "بيليسيي" وبهذا الحشد الكبير يكون الجنرال بيجو قد جند خمس قوافل عسكرية ضخمة للقضاء على مقاومة بومعزة.

مقاومة بومعزة الشعبية:

كان الكولونيل بيليسيي على رأس قافلة عسكرية ضخمة تتحرك بخطى ثابتة حيث كانت متكونة من 4000 عسكري مدعمة ب 200 ڤومي (قوم هي تلك المجموعات من أهالي المنطقة التي جعلت منها القوات الفرنسية قوات إضافية أو تابعة لها تسخرها عند كل معركة مع بني جلدتها مقابل أموال أو امتيازات) حيث وجهت هذه القوة العسكرية الكبيرة إلى المنطقة التي يقطنها أولاد رياح بهدف اخضاعها وقهرها ومن ثمة إنهاء تمردها حيث وضع الكولونيل بيليسيي نصب أعينه الوصية التي تركها الجنرال بيجو له ولبقية الضباط الفرنسيين ذات يوم 11 جوان 1845 عندما كانوا يتهيأون للرحيل انطلاقا من مدينة "أورليان فيل" حيث قال لهم " في حال رفض هؤلاء السراق الخروج من المغارات لكم أن تفعلوا ما فعله "كافينياك " الذي تجرأ ودون تردد على حرق قبيلة [ سبيحا ] لهذا يستوجب عليكم أنتم كذلك حرق هؤلاء كالذئاب" .

عشية انطلاق هذه القوافل العسكرية وخروجها من ثكنتها تحركت وحدة استطلاعية يوم 17 جوان من ثكنات مدينة " أورليان فيل " سابقا مدينة (الشلف حاليا) حيث جابت الجهة اليسرى من وادي جراح وراحت تقطع كل أشجار التين كما تعمدت حرق المنازل والمحاصيل الزراعية ما دفع بأهالي أولاد رياح ولتوقيف هذا الإعتداء الهمجي والإجرامي قاموا بمهاجمة هذه الوحدة الاستطلاعية وهكذا دارت مناوشات بينهما تراجع على إثرها المهاجمون واختاروا الاختباء داخل مغارة محاذية لوادي "الفراشيش" هذه المغارة التي تمتد على طول 200 م وهي محفورة في مادة الجير لا الكلس وتتميز بظلام دامس والرطوبة كبيرة.

خلال هذه الفترة كانت القافلة العسكرية التي يقودها الكولونيل بيليسيي قد غادرت ثكنة مدينة " أورليان فيل " مدينة الشلف حاليا متجهة نحو النقطة التي حددت لها ضمن إستراتجية بيجو وهي منطقة أولاد رياح المتاخمة لجبال الظهرة الشامخة حيث مارست خلال مشوارها وعبر المناطق التي مرت بها سياسة الترهيب بعدما شرعت في تسليط سياسة الأرض المحروقة على الأهالي أين باشرت في تطبيق برنامجها التقتيلي والتخريبي وهذا كلما اصطدمت بأراضي زراعية أو أهالي عزل على غرار قبيلة " بني زنطيس " حيث عند رؤية سكان القبيلة هذه القافلة الطويلة والكبيرة المحملة بأعتى الأسلحة الدفاعية والهجومية أسرعت النساء والأطفال وكذا الشيوخ للاختباء داخل مغارة الفراشيش حاملين معهم كل أمتعتهم ومؤونتهم وحيواناتهم من حمير وبغال وكذا الخيول ، هذه المغارة التي تعود سكان أولاد رياح الهروب إليها كانت عبارة عن ملجأ لحمايتهم من تسلط الجيش العثماني على الأهالي حيث كان يطل عليهم إلا في موسم الحصاد لأخذ محاصيلهم الزراعية كما كان يجمع الضرائب التي يفرضها عليهم إضافة إلى إرغامهم على مد الإتاوات طواعية مستعملين في سياستهم حتى أسلوب السلب والنهب ، أما العامل الثاني الذي كان يدفع أولاد رياح الهروب إلى المغارة هي تلك المعتقدات التي كانت سائدة آنذاك والتي تقوم على خرافة أن هذه المغارة تعد بمثابة البرج الحصين الذي يبعد الأخطار عن من بداخله لسببين أولهما ارتفاعها عن الوادي بحوالي 80م من جهة وثانيها أنها مكسوة بأشجار العرعار أما العامل الثالث الذي كان يدفع الناس اللجوء إلى المغارة يندرج في خانة المعتقدات الشعبية والقائلة على أن المكان مقدس يحميه أحد الرجال الصالحين ببركاته .

كل هذه المعتقدات والروايات لم تظهر لأهالي أولاد رياح الأخطار التي كانت تحدق بهم كما كانوا في هذه اللحظة يجهلون المصير المحتوم الذي سيلاقونه داخل هذه المغارة لأنهم لم يكونوا يتصورون ولو للحظة الحقد والكراهية التي كان هؤلاء الأوربيون وفي مقدمتهم بيليسيي يحملونه لهم في قلوبهم وهم يقرعون طبول الحرب .

خلال صبيحة يوم 18جوان 1845 طوق الجيش الفرنسي المغارة بعدما عجز عن اقتحامها بسبب الطلقات النارية التي كان يطلقها المجاهدون المتواجدون بداخلها فأعطى بيليسيي أمرا للمدفعية بقنبلة المغارة حتى يستسلم من بداخلها وعند عجزه عن تحقيق ذلك تمركزت قواته حول مداخل المغارة إلى غاية اليوم الموالي أي يوم 19جوان 1845 وفي حدود الساعة العاشرة صباحا طلب بيليسيي من جيشه قطع الحطب من الأشجار المتناثرة هنا وهناك في المنطقة ومن ثمة جمع القش الذي كان متواجدا بكثرة في الحقول حيث أن شهر جوان هو موسم الحصاد وبعد جمع كل ما طلبه أمر بوضع الخشب على شكل رزم ووضعها عند مداخل المغارة الشمالية والجنوبية عندها أمر بإضرام النار على هذه الحزم الخشبية التي كانت في نفس الوقت محفوفة بالقش ، يقول الضابط الإسباني الذي كان شاهدا على الحادثة في الرسالة التي بعثها إلى الجريدة "المدريلانية هيرالدو Le Madrilène Héraldo "

... إن النار أبت في البداية أن تشتعل بسبب المياه التي كانت تغمر مدخل المغارة وفي حدود الساعة الواحدة مساء يواصل قائلا بدأنا برمي أمام المدخلين حزم أخرى من الحطب حينها اشتعلت النيران و من الصدف يقول أن بدأت الرياح تنقل الدخان إلى داخل المغارة ... مما كان يسمح للعساكر بدفع الحزم من الحطب إلى داخل فتحاتها تماما كما يحدث بداخل الفرن " في نفس السياق وجه أحد الجنود الفرنسيين رسالة إلى عائلته يقول فيها بالنسبة لهذه الليلة المشئومة على أنه " .... أبقيت النار مشتعلة خلال طول الليل ... وعلى ضوء ألسنتها كنا نشاهد الوحدة العسكرية التي كانت مكلفة بالحفاظ عليها ، كنا نسمع صيحات الرجال والنساء والحيوانات وكذا تصدع وتكسر الصخور المتفحمة التي كانت تسقط داخل المغارة بفعل ارتفاع درجة الحرارة .

" للعلم كانت هذه المأمورية تجري تحت حراسة مشددة للضباط الفرنسيين الذين شددوا على مواصلة اشتعال النار ودون انقطاع لمدة ثمانية عشر ساعة حيث بدأت المحرقة في الساعة الواحدة مساء من يوم 19 جوان لتنتهي على الساعة السادسة صباحا من يوم 20 من نفس الشهر.

مطالب أولاد رياح للجنرال بيليسيي :

في يوم 20 جوان 1845 وفي ظل المحرقة التي سلطت على أولاد رياح بمغارة الفراشيش تضاربت الآراء والقراءات حول ما حدث في هذا اليوم حيث توجد عدة قراءات منها قراءتين يمكن اعتبارهما أكثر مصداقية من البقية لذلك نسردها في ما يلي بالنسبة للأولى تقول على أنه في صبيحة يوم 20 جوان وعلى الساعة التاسعة صباحا خرج البعض من الرجال من المغارة التي كانت تلتهمها ألسنة النيران حيث قدمت اقتراحا للجنرال بيليسيي تمثل في قبولها دفع ما قيمته 75.000 فرنك فرنسي مقابل انسحاب جيشه من المنطقة إلا أن هذا الأخير رفض هذا الطلب واعتبره شرطا غير مقبول وعندها عاد الرجال إلى المغارة وبدل البحث عن صيغة أخرى لحل المأساة أمر هذا القائد الفرنسي وفي حدود الساعة منتصف النهار بإعادة إشعال النيران مرة أخرى وتأجيجها من جديد .

أما القراءة الثانية فتقول على أنه عند غروب الشمس حاول بعض اللاجئين إلى المغارة مغادرتها بحثا عن الماء وهروبا من جحيم ألسنة النار والدخان وارتفاع درجة الحرارة التي أصبحت لا تطاق وهذا من أجل الفرار نحو الوادي فتعرضوا إلى إطلاق نار مكثف من قبل العسكر الفرنسي ورغم كل ذلك تمكن أحد الفارين رغم إصابته بجروح من الإفلات والنجاة فلجأ إلى قبيلة " زريفة " المجاورة لقبيلته حيث أبلغ القايد بما يحدث لأهالي أولاد رياح من حرق وإبادة جماعية طالبا منه النجدة كما كشف له عن استعداد هؤلاء للاستسلام شريطة أن تقدم لهم ضمانات بأن لا يمسهم أي مكروه عندها انتقل القايد إلى مكان تمركز الكولونيل بيليسيي وأبلغه بالمستجدات وبعد أخذ ورد ومفاوضات ماروطونية تبين من خلالها أن أولاد رياح لن يستسلموا إلا بعد ما يتأكدون أنهم لن ينقلوا إلى سجن مدينة مستغانم وذلك لما رأوه قبل هذا من تعذيب وترهيب واضطهاد حيث لم ينج منهم إلا القليل من الموت لذا فهم يريدون ضمانات مسبقة من بيليسيي حتى لا يرسلون مرة أخرى لسجن مستغانم المعروف لديهم باسم " برج التعذيب " وللتأكد من حسن نية الجنرال بيليسيي طالب اللاجئون منه أن يأمر عساكره الابتعاد عن المغارة حتى يتسنى لمن بداخلها الخروج بأمان إلا أن هذا الأخير رفض إبعاد قواته عن مداخلها المطوقة بإحكام ففضل أهالي أولاد رياح البقاء بداخلها ومصارعة الموت عوض الاستسلام إلى قوات العدو وما يتبعها من ذل وهوان .

نتائج المحرقة :

صبيحة يوم 20 جوان 1845 وبعد انتهاء المحرقة تمكن عسكر الفرنسيين الدخول إلى المغارة حيث ينقل أحد جنود الجيش الفرنسي وهو من مجند إسباني تلك المشاهد المروعة التي رآها حيث يقول " عند المدخل كانت الأبقار والحمير والخرفان مستلقية على الأرض وكأنها في رحلة البحث عن الهواء النقي ، الصافي لتستنشقه ، ووسط هذه الحيوانات كانت النساء والأطفال ، رأيت بأم عيني رجلا ميتا ركبته في الأرض ويده تشد بكل قوة قرن ثور ، تقابله امرأة كانت تحتضن طفلا يبدوا أن هذا الرجل اختنق في نفس الوقت الذي اختنقت فيه كل من المرأة والطفل والثور حيث كان جليا أن هذا الرجل كان يبحث عن الطريقة التي ينقذ بها عائلته من هيجان هذا الثور الذي كان يركض في كل مكان ( .... ) في الأخير عددنا 760 جثة " .

أكد هذا الرقم الضابط الإسباني الذي حدد عدد الجثث ما بين 800 إلى 1000 أخرج منها 600 دون حساب الذين أحرقوا جماعيا حيث ذابت أجسامهم بفعل الحرارة مكونة كومة واحدة من لحم البشر المفحم كما مات أغلبية الأطفال وهم مختبؤون في الملابس الداخلية لأمهاتهم ".

بهذه المشاهدات للعسكريين الفرنسيين انتهت حلقة من حلقات الأعمال الإجرامية والإرهابية التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي في حق الجزائريين وإلى اليوم لم تعمل أية جهة على دفن ضحايا هذه المجزرة حيث عملت فرنسا الاستعمارية كل ما في وسعها لطمس هذه الحقيقة . من الجانب الفرنسي كانت الخسائر التي تم الإعلان عنها كالتالي خمس جرحى لا أحد منهم في حالة خطيرة وخمسة وعشرون مريضا بالإسهال .

أما المجرم بيليسيي صاحب هذا الصنع ونتيجة ردود الأفعال و الاستنكارات المختلفة التي باتت تطلقها التيارات السياسية من باريس عند بلوغها نبأ المحرقة وما أحدثته من تقزز تقشعر لها النفوس رد عليها قائلا : " كل ما جرى يتحمله أولاد رياح بسبب تعنتهم ، لقد حاولت مرارا من أجل تفادي ما حدث ، أنا رجل إنساني ولم أجد خلال مهامي أي مخرج لإنقاذ هؤلاء المساكين من هذا المأزق الجهنمي الذي سقطوا فيه وكل ما حدث لهم كان خارج إرادتي و ما طلبهم السخيف القاضي بعدم الذهاب إلى سجن مستغانم كان مطلبا تافها " و في آخر أيامه وقبل وفاته في سنة 1864 وحسب أحد الشهود كان بيليسيي يردد دوما " قولوا وكرروا أنني لم أرغب يوما في قتل القبائل الثائرة " إلا أن صديقه الكولونال سانت أرنو يفضحه عبر تلك الرسالة التي بعثها لأخيه آدولف يوم 27 جوان 1845 والتي يقول فيها "... كلفت مع الكولونال بيليسيي بمهمة الإستيلاء على منطقة الظهرة وقد نجحنا في ذلك ، بيليسيي أقدم مني في الجيش الفرنسي وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة، لذا عاملته باحترام وتركت له حصة الأسد [... ] إلا أنه يكون قد تعامل بنوع من الصرامة . لو كنت في مكانه لفعلت نفس الشيئ " بعد مرور شهر فقط من محرقة أولاد رياح يبعث سانت آرنو لأخيه آدولف رسالة بتاريخ 15 أوت 1845 يروي فيها الكيفية التي قام هو الآخر بارتكاب محرقته ضد قبيلة " السبايح " حيث يقول فيها " لقد أغلقت بإحكام كل المنافذ إلى أن أقمت مقبرة كبيرة وشاسعة . ستغطي الأرض وإلى الأبد كل جثث المتعصبين . ولا أحد يمكن أن ينزل إلى الكهوف ، لا أحد يعلم .... إلا أنا على أنه توجد تحت أقدامي 500 جثة من قطاع الطرق والذين لم يذبحوا أبدا الفرنسيين " حيث طالب من أخيه عدم لإفصاح عنها لأنه كان يعلم أنه ارتكب محرقة لن يغفرها له التاريخ حتى بعد موته .

جريمة حرب والتي يعرفها القانون الدولي اليوم ومحكمة العدل الدولية في سنة 1998 بما يلي " جرائم الحرب هي كل تلك الخروقات التي لا حد لها مثل الاغتيالات ، سوء معاملة المواطنين العزل داخل أراضي محتلة أو ترحيلهم قهريا للسخرة أو من أجل أي عمل آخر كذلك تعتبر من جرائم الحرب معاملة الأسرى أو كذا أسرى البحر معاملة سيئة إلى جانب إعدام الرهائن و تحطيم أملاك عامة و خاصة وأخيرا تخريب دون سبب مدن وقرى والتي لا تمس بأي صلة بالحرب " ـ إلى متى يبقى هؤلاء المجرمون الذين ارتكبوا أعمالا بشعة في حق الشعب الجزائري والإنسانية مندسين بفعل المصلحة العليا للوطن أو بمعاهدات وقعت تبرئ كل الأعمال التي سبقتها وتمنع متابعتهم أو حتى فتح تحقيقات في تلك الجرائم التي ارتكبوها والتي زهقت بسببها آلاف الأرواح دون سبب يذكر ؟ .




300803.jpg



رحمهم الله تعالى و أسكنهم فسيح جناته


المجد والخلود لشهدائنا الأبرار




ta7iya.gif





87108647zx9.gif








qasralkhair-8c94891f8b.gif
 
مقاومة لالة فاطمة نسومر بجبال جرجرة الشامخة.

igj80342.gif


star7.gif


1_53549.gif
s%20(25).gif
1_53549.gif

1267image002.jpg


مقاومة لالة فاطمة نسومر بجبال جرجرة الشامخة.

nsoumer.jpg

المجاهدة البطلة لالة فاطمة نسومر

33717138381772877417100.jpg

لبؤة الجزائر الثائرة

http://www.youtube.com/watch?v=jW0TAgRV9kA



http://www.youtube.com/watch?v=RYbsJD-AQvY

Lala_Fatma.jpg

أيقونة و فخر كل امرأة جزائرية حرة أبية

عندما نتحدث عن الشهداء والمناضلين في سبيل الوطن والذين حملوا الراية الوطنية عاليا , فنذكر جهادهم الجبار وكفاحهم الباسل وكل هذا غالبا ما يقتصر على الرجال لان من صفات الرجل هي الشدة والعزم والقوة, ولكن عندما نتحدث عن المرأة الجزائرية الحرة الأبية على مر التاريخ والتي مزجت بين الجمال والدين والوطنية والشجاعة فنحن ندرك ما نقول لأن التاريخ يروي حكايتها التي تعبر عن رمز من رموز المقاومة الجزائرية - منذ دخول فرنسا سنة 1830 - و كلها تتجمع في مناضلة شجاعة قهرت الجنرالات حتى اصبحت مثالا يحتذى به في المرأة الجزائرية المناضلة , الحرة الأبية نفتخر بها كجزائريين لانها فعلا فخر للجزائر.


تعتبر « لالة فاطمة نسومر » نموذجاً فذا لكفاح المرأة الجزائرية بتمردها على الظلم والطغيان ، وأسطورة تروى جيلا بعد جيل . فهذه المرأة ذات الأصول الأمازيغية , إستطاعت بكل ما تملك الأنثى من سلاح أن تقهر أعلى الرتب العسكرية في الجيش الفرنسي الاستعماري الذي أراد أن يقتحم عرين اللبؤة ،ناهيك عما امتازت به من الأدب والتصوف والذكاء الخارق ، وما انفردت به من بطولة وشجاعة ودراية وحنكة في إدارة المعارك ، وهي التي واجهت عشرة جنرالات من قادة الجيش الفرنسي فلقنتهم دروس البطولة والفروسية . فهي قد نشأت في أسرة تنتمي في سلوكها الاجتماعي والديني إلى الطريقة الرحمانية ، فأبوها سيدي « محمد بن عيسى » مقدم الشيخ الطريقة الرحمانية ، وكانت له مكانة مرموقة بين أهله وكان يقصده العامة والخاصة لطلب المشورة وأمها هي لالا خديجة التي تسمى بها جبال جرجرة بالجزائر .


المولد والنشأة

نشأت لالة فاطمة في أحضان أسرة تنتمي في سلوكها الاجتماعي والديني إلى الطريقة الرحمانية . أبوها سيدي محمد بن عيسى مقدم زاوية الشيخ سيدي أحمد امزيان شيخ الطريقة الرحمانية . كان يحظى بالمكانة المرموقة بين أهله ، إذ كثيرا ما يقصده العامة و الخاصة لطلب النصح و تلقي الطريقة ، أما أمها فهي لالة خديجة .

ucr0pi0t.jpg

قمة جبال لالة خديجة بجرجرة الشامخة

l26dpfgu.jpg

قمة جبال لالة خديجة بجرجرة الشامخة

ولدت لالة فاطمة بقرية ورجة بعين الحمام سنة 1246هـ/1830م وتربت نشأة دينية، لها أربعة إخوة أكبرهم سي الطاهر. و تذكر المصادر التاريخية ما كان للمرأة من خصائص تميزها عن بنات جيلها ،من سحر الجمال ورقة الأدب . وعند بلوغها السادسة عشر من عمرها زوجها أبوها من المسمى يحي ناث إيخولاف، لكن عندما زفت إليه تظاهرت بالمرض فأعادها إلى منزل والدها و رفض أن يطلقها فبقيت في عصمته طوال حياتها . آثرت حياة التنسك والانقطاع والتفرغ للعبادة ،كما تفقهت في علوم الدين و تولت شؤون الزاوية الرحمانية بورجة . وبعد وفاة أبيها وجدت لالة فاطمة نسومر نفسها وحيدة منعزلة عن الناس فتركت مسقط رأسها وتوجهت إلى قرية سومر أين يقطن أخوها الأكبر سي الطاهر ، وإلى هذه القرية نسبت. تأثرت لالة فاطمة نسومر بأخيها الذي ألم بمختلف العلوم الدينية و الدنيوية مما أهله لأن يصبح مقدما للزاوية الرحمانية في المنطقة و أخذت عنه مختلف العلوم الدينية ،ذاع صيتها في جميع أنحاء القبائل.

صورللقرية التي ترعرعت في ربوعها






49136058.jpg

القرية التي ترعرت وتربت في ربوعها اللبؤة لالة فاطمة نسومر



مقاومتها للاحتلال الفرنسي

lallafatmanssumere7cc9.jpg

تصوير مطبوع يظهر لالا فاطمة نسومر أثناء القتال


برهنت فاطمة على أن قيادة المقاومة الجزائرية لم يختص بها الرجال فقط بل شاركت فيها النساء، وفاطمة نسومر شبت منذ نعيم أظافرها على مقت الإستعمار ومقاومتها له ولما واتتها الظروف انضمت إلى المقاومة حيث شاركت بجانب الشريف بوبغلة في المقاومة والدفاع عن منطقة جرجرة الشامخة.

LALA-NSOUMER.jpg

معاركها ضد الجيوش الفرنسية


لم تكن لالة فاطمة نسومر غافلة عما يجري حولها من تطورات في المنطقة ، حيث كانت على علم بتحركات القوات الفرنسية في منطقة تيزي وزو بين عامي 1845 - 1846 و منطقة دلس عام 1847، و عندما شن الجيش الفرنسي حملة على المنطقة أظهرت شجاعة كبيرة . أنقذت بوبغلة المتواجد في قرية سومر بعد المواجهة الأولى التي وقعت له في قرية "تزروتس" بين قوات الجنرال "ميسيات " و الأهالي ، إلا أن هؤلاء تراجعوا بعد مقاومة عنيفة ، نتيجة عدم تكافؤ القوى من حيث العـــدة و العدد ، وكان على هذا الجنرال أن يجتاز نقطتين صعبتين ، هما : ثشكيرت و ثيري بويران ،وقد شارك بوبغلة في هذه المعركة و جرح فيها فأنقذته لالة فاطمة ووقفت إلى جانبه وبقيا في بني يني يحرضان على الجهاد، و شاركته في أغلب المعارك التي خاضها منها معركة وادي سباو بتاريخ 7 أفريل 1854 ضد القوات الفرنسية بقيادة الجنرال وولف ، حيث أظهرت فاطمة نسومر شجاعة فائقة ونادجرة جدا حيرت كبار الضباط الفرنسيين ، حققت انتصارات أخرى ضد العدو بنواحي ( إيللتي و تحليجت ناث و بورجة و توريتت موسى و تيزي بوايبر)، عند وفاة الشريف بوبغلة لم تتوقف بل واصلت المقاومة و خاضت عدة معارك ضد القوات الفرنسية، أهمها معركة إيشريضن التي وقعت في 24 جوان 1857 في منطقة الأربعاء ناث إيراثن غير أن عدم تكافؤ القوى أدى إلى انهزام الثوار فانسحبت نحو جبال جرجرة الشامخة الشديدة البرودة و تحصنت بها و كونت فرقا سريعة من المجاهدين يتبعون مؤخرات الجيش الفرنسي و يقطعون عليهم طرق المواصلات و الإمدادات .


80877040.jpg

معارك طاحنة

ونتيجة للهجمات المتواصلة للمجاهدة و تعاظم شأنها ،تخوفت السلطات الفرنسية من ازدياد خطرها ،فجهزت لها جيشا يقوده الماريشال راندون اتجه صوب قرية " أيت تسورغ " و قرية " اشريضن" أين تتمركز فاطمة نسومر رفقة 7000 رجل و عدد من النساء . و قد التقى الفريقان بتاريخ 11جويلية 1857 و لكن رغم المقاومة الشديدة التي أبداها الثوار، إلا أن الكفة رجحت لصالح الفرنسيين نتيجة عدم تكافؤ القوى. انتهت المعركة بمقتل 44 جنديا فرنسيا من بينهم ضابطان و 327 جريحا منهم 22 برتبة ضابط وبعد مفاوضات توقف القتال بأربعة شروط منها :

- إعادة انتشار القوات الفرنسية خارج القرى و التجمعات السكانية .

- عدم دفع الضرائب .

- عدم متابعة و معاقبة قادة المقاومة .

- حماية الأشخاص و الممتلكات .

- قاد المفاوضات عن الجانب الفرنسي الماريشال روندون ، وعن الجانب الجزائري سي الطاهر. وقد تظاهر الماريشال راندون بقبول شروطها إلا أنه أمر بإلقاء القبض على الوفد الجزائري بمجرد خروجه من المعسكر .

بالرغم من الهزيمة النكراء التي منيت بها قوات روندون بتشكرت ، إلا أن ذلك لم يثنه من مواصلة التغلغل بجبال جرجرة، فاحتل منطقة عزازقة في سنة 1854 فوزع الأراضي الخصبة على المعمّرين الوافدين معه، و أنشأ معسكرات في كل المناطق التي تمكّن منها، وواصل هجومه على كل المنطقة . بالرغم من التغلغل والزحف لم يثبّط عزيمة لالة فاطمة نسومر من مواصلة هجوماتها الخاطفة على القواة الغازية فحققت انتصارات أخرى ضد العدو بنواحي يللتن و الأربعاء ناث إيراثن و تخلجت و عين تاوريغ و توريرت موسى، مما أدى بالقوات الفرنسية إلى الاستنجاد بقوات جديدة و عتاد حديث، إضطرت على إثرها فاطمة نسومر إلى إعطاء الأوامر بالإنسحاب لقواتها إلى قرية تاخليجت ناث عيسو، لا سيما بعد اتبّاع قوات الاحتلال أسلوب التدمير و الإبادة الجماعية، بقتل كل أفراد العائلات دون تمييز و لا رحمة.




المارشال جاك لوي رندون 1795-1871



و لم يكن انسحاب فاطمة نسومر انهزام أو تقهقر أمام العدو أو تحصننا فقط بل لتكوين فرق سريعة من المجاهدين لضرب مؤخرات العدو الفرنسي و قطع طرق المواصلات و الإمدادات عليه.

الشيء الذي أقلق جنرالات الجيش الفرنسي و على رأسهم روندون المعزز بدعم قواة الجنرال ماكمهون القادمة من مدينة قسنطينة . خشي هذا الجنرال من تحطم معنويات جيوشه أمام هجمات فاطمة نسومر، فجند جيشا قوامه 45 ألف مقاتل بقيادته شخصيا، اتجه به صوب قرية آيت تسورغ حيث تتمركز قوات فاطمة نسومر المتكونة من جيش من المتطوعين قوامه 7000 فارس و عدد من النساء وعندما احتدمت الحرب بين الطرفين خرجت فاطمة في مقدمة الجميع تلبس لباسا حريريا أحمر كان له الأثر البالغ في رعب عناصر جيش الاحتلال.

على الرغم من المقاومة البطولية للمجاهدين بقيادة فاطمة نسومر فإن الانهزام كان حتميا نظرا للفارق الكبير في العدد و العدة بين قوات الطرفين، الأمر الذي دفع فاطمة نسومر إلى طرح مسألة المفاوضات و إيقاف الحرب بشروط قبلها الطرفان.

إلا أن السلطات الاستعمارية كعادتها نقضت العهود ،إذ غدرت بأعضاء الوفد المفاوض بمجرد خروجهم من المعسكر حيث تمّ اعتقالهم و إعدامهم جميعا ، ثم أمر الجنرال روندون بمحاصرة ملجأ لالا فاطمة نسومر و تم أسرها مع عدد من النساء.


ولم يكتف بذلك بل أرسل النقيب فوشو إلى قرية ثخليجث ناث عتسو لالقاء القبض لالة فاطمة انسومر فأسرها هي وعدد من النسوة . وتفيد المصادر أن الجيش الفرنسي إثر هذه المعركة صادر العديد من الممتلكات ،ونهب حلي النساء جميعها ذهبا وفضة و 50 بندقية و أكثر من 150 مجلدا من الكتب العلمية و الدينية .

وفاتها

قد أبعدت لالة فاطمة إلى زاوية بني سليمان قرب مدينة تابلاط تحت مراقبة الباشآغا الطاهر بن محي الدين ،و بقيت هناك ست سنوات تحت الحراسة المشددة في سجن -يسر- إلى أن وافتها المنية في سبتمبر عام 1863 عن عمر يناهز 33 سنة على إثر مرض عُضال تسبب في شللها.


"جان دارك" جرجرة

c3e427a2a77bb51f760a8d9b7c454c1b_lm.jpg

جرجرة الشامخة


أطلق عليها المؤرخ الفرنسي لوي ماسينيون لقب "جان دارك جرجرة" تشبيها لها بالبطلة القومية الفرنسية "جان دارك"، غير أنها كانت ترفض ذلك اللقب مفضلة لقب "خولة جرجرة" نسبة إلى "خولة بنت الأزور" المجاهدة المسلمة التي كانت تتنكر في زي فارس وتحارب إلى جانب الصحابي خالد بن الوليد.


تكريم الجزائر لإسمها

تقديرا لدور فاطمة نسومر التاريخي أطلق اسمها على جمعيات نسوية، كما ألفت حولها أعمال أدبية وفنية، وأطلقت الجزائر مؤخرا اسم "فاطمة نسومر" على إحدى بواخرها العملاقة المُعدة في اليابان لنقل الغاز الجزائري تخليدا لذكراها.

الدراما السورية المتفوقة عربيا وبالتعاون مع التلفزيون الجزائري جسدت قصة حياة البطلة لالة فاطمة نسومر فشكرا لاحبابنا السوريين الأعزاء و أحباب جدنا الأمير عبد القادر .

*** عذراء الجبل ***
مسلسل سوري جزائري

jjqal5fwbb.jpg

مسلسل مشترك جزائري سوري يحمل عنوان "عذراء الجبل" يروي قصة البطلة والمقاومة المجاهدة الجزائرية لالة فاطمة نسومر.

المسلسل يتناول سيرة إمراة بحجم الرجال كما وضع إطارا زمنيا للمسلسل حيث يمتد من حادثة المروحة 1827 مرورا إلى غاية وفاة البطلة الجزائرية لالة فاطمة نسومر سنة 1863

فكل الشكر والعرفان و الإمتنان لإخواننا الأحبة وأشقائنا الأعزاء في سوريا ودمشق عاصمة الأمويين.
ولم يخطيء الأمير عبد القادر لما فضلها عن باقي البقاع لتكون دار له في منفاه.


المجد والخلود لشهدائنا الأبرار






ta7iya.gif
















qasralkhair-8c94891f8b.gif
 
آخر تعديل:
جرجرة منطقة السحر و الجمال و البطولات

igj80342.gif




star7.gif



1_53549.gif
s%20(25).gif
1_53549.gif


250px-Algeria_%28orthographic_projection%29.svg.png


جرجرة منطقة الجمال والسحر و البطولات

EM634323.gif



أردت أن أنقل لكم بعض الصّور عن جبال "جرجرة " بالجزائر ، وأذكّر إخواني أن هذه الجبال تقع في شرق العاصمة الجزائر، وتبعد عنها بنحو مئة كيلومتر، هي منطقة أعلى قمّة بها تعلو عن سطح البحر بأكثر من 2200 متر ، تغطّي قممها الثلوج طوال فصل الشتاء وبعضا من فصلي الربيع والخريف مطلّة على مدينة تيزي وزو شمالا ومدينة البويرة جنوبا ومدينة بجاية شرقا، يقصدها السّواح في الشتاء من أجل التزلّج على الثّلوج وصيفا من أجل التمتّع بالهواء النقي وهروبا من الحرارة، مشهورة بمرتفعات تيكجدة الرائعة والمصنّفة ضمن الأماكن السياحية الهامة عالميا.

أرجو أن تنال هذه الصور إعجابكم

مع حلول فصل الشتاء في الجزائر، يشهد موقع تكجدة الجبلي ببياضه الثلجي الناصع غزوا مكثفا لقوافل من عشاق التزلّج الذين يغتنمون هذا الوقت من كل عام لممارسة هوايتهم المفضّلة، ويعرف هذا المكان السياحي بولاية البويرة (120 كلم شرقي الجزائر)، منذ أواخر الشهر الماضي، تواجدا هائلا للهائمين بالسياحة الجبلية والمولوعين برياضات التزحلق والتسلق والمشي في غمرة من الفرحة والسرور.

p%209.jpg


بدأت رحلتنا السياحية صوب هذا المعلم السياحي المتواجد في جبال جرجرة انطلاقا من مفترق الطرق بمدينة البويرة، وصولا إلى مفترق الطرق باسليم عند الصعود إلى تكجدة، وهو مسلك يفتح للزائر نافذة تمكنه من الإطلاع على مناظر طبيعية خلابة وجبال وكهوف ووديان، حيث يمتد البصر بعيدا مع ما تزخر به تكجدة من خامات تستهوي الزائر لاسيما تلك الينابيع المائية المنحدرة من جبال جرجرة التي يتوقف فيها الزائر مجبرا لتذوق عذوبتها لاسيما في فصل الصيف.

وفي طريقنا إلى تكجدة استأنسنا ببعض الحيوانات كالأبقار التي خيّل إلينا للوهلة الأولى أنها تائهة غير أنّ مرافقنا عبد الغني أسرّ لنا أنّ هذه الأبقار تعوّدت على الرعي هناك بحرية، ومن دون أن يزعجها أحد، تماما مثل حيوانات أخرى كالقردة التي تقفز فوق أغصان أشجار الأرز مرحبة بطريقتها الخاصة بأصدقاء تكجدة.

التقت إيلاف بـ"محمد أمزال" رئيس رابطة الرياضات الجبلية، قال إنّ العديد من منتسبي الهيئة التي يرأسها يفضلون القدوم إلى تكجدة، معتبرا أنّ سقوط كميات من الثلوج بهذه المنطقة الساحرة يمثل فرصة مغرية لممارسي رياضة التزحلق على الثلج، ويشير محمد إلى كون تكجدة باعتبارها الموقع الملائم لممارسة شتى أصناف الرياضات الجبلية، يقصدها الآلاف من الشباب، بينهم ستمائة رياضي ينتمون إلى 12 ناديا، يريدون إجراء تمارين في علو يزيد عن 1400 متر.

ويشير العم أحمد (56 عاما) المشرف على أحد المرافق التابعة لتكجدة، إنّه مع حلول الإجازة الشتوية، تُصبح تكجدة مقصدا للزوار والوفود الرياضية من كافة مناطق البلاد، لاسيما المهووسين منهم برياضة التزحلق على الثلج وتسلق الجبال والتجوال على الأقدام، وكذا العوائل المتشبثة بالسياحة الجبلية التي تجد فيها كل المتعة والراحة وهذا إلى حد تشكيل طوابير طويلة من السيارات المصطفة على حافتي الطريق.

وبعدما استعادت تكجدة أمنها واستقرارها، باتت بحسب أبناءها في مرحلة تفتح على محيطها الخارجي ومن ثمة استقطاب واسع وجذب كبير للزوار والسواح من كل حدب وصوب، بهذا الصدد يبرز محمد (26 سنة) ابن تيكجدة إنّ توافد الشباب على مسقط رأسه صار قياسيا سواء في إطار منظم كالأفواج الكشفية والجمعيات الشبابية والنوادي الرياضية أو كأفراد في حالة تنزه، ويلفت محمد إلى أنّ هؤلاء يطالبون بالإكثار من هياكل الاستقبال بحيث تكون خدماتها في متناولهم وفي مستوى قدراتهم المالية.

p%204.jpg


ويضيف سفيان (29 سنة) التاجر بمدينة البويرة، أنّ تنافس الناس فيمن يظفر بساعات في الصعود إلى سفح الجبل والتدحرج فيه من أعلى إلى أسفل، صار أمرا مألوفا بعدما كانت تكجدة منطقة مهجورة أيام احتدام الأزمة الأمنية في الجزائر خلال تسعينيات القرن الماضي وتعرضها إلى التخريب إبان العشرية السوداء، ويتباهى سفيان بكون موقع تكجدة تجلى هذه السنة في أبهى حلة وتحوّل إلى مقصد للزوار ومكان للترفيه والتسلية والراحة وسط بيئة صحية وهواء نقي.

ويلاحظ ناصر (38 سنة) بائع التزحلق، أنّ "أصدقاء" تكجدة تحركوا بشكل كبير لتوفير الخدمات التي تليق بمقام قاصدي هذا المعلم السياحي، وأثمرت تحركات أصدقاء تكجدة بإطلاق مشاريع حيوية كمسبح نصف أولمبي ومركز للتوعية وحظيرة محلية وغيرها من المرافق الأخرى التي زادت من قيمة هذا الموقع الطبيعي الذي ينفرد بثروته النباتية والحيوانية، ما يجعل جمهور الزوّار يستمتعون بالثلوج وتلك المناظر الخلابة وسط سكون وهدوء يبعثان على التأمل و التدبر في مفاتن طبيعة تكجدة الساحرة، علما أنّ القائمين على هذا الموقع السياحي وبغرض تثمينه سيفتتحون قريبا متحف للبيئة والسياحة، بحيث يكون الأخير مُرشدا ودليلا ماديا للسواح.

ويبدي نبيل (32 سنة) الذي يزور تكجدة دوريا رفقة أترابه سمير وسعيد ورضا ومصطفى، اهتماما وتعلقا بتكجدة التي يصفها بالأجمل بين قمم وجبال جرجرة العتيقة، ويؤيد المهندس المعماري مصطفى (36 سنة) نظرة صديقه نبيل، مستدلا بالأفراح والمنتديات التي تحتضنها تكجدة نهاية كل أسبوع وسط طبيعة حانية وانسياب المياه المتدفقة من الينابيع، وهو تحوّل جعل أصدقاء تكجدة رفقة السلطات المحلية يفكرون في تنظيم مهرجان تكجدة لأول مرة قبل نهاية السداسي الأول من السنة الحالية.

وترى الطالبتان فاطمة (20 عاما) وزميلتها حليمة (19 سنة)، أنّ كل زائر لهذا الموقع السياحي يجد ضالته المنشودة حتى إذا ما قضى يوما فقط متجولا بين تلك الربوع والتلال المكسوة بالثلوج وتحت أشجار الأرز وعبر المسالك الغابية، يعود منها نشيطا وخفيفا ورشيقا.

وتمتدح السيدة جميلة (45 عاما) وهي ربّة بيت، المكان واصفة إياه بمحضن الفرحة والابتهاج لكل من يحلّ بهذا الموقع السياحي الآخذ في الانتشار، وعلى منوالها تنسج لمياء (33 سنة) ونجلاء (29 سنة) وصفية (40 عاما) اللواتي تشدّدن على أنّ تكجدة تشكل بقراها ومشاتلها الجبلية وينابيعها المائية المتدفقة هي الأخرى واجهة متقدمة للسياحة الجبلية.


مناظر رائعة من جبال جرجرة الشامخة

3599larbaa-ouacif1.jpg


12259.jpg


img4048v.jpg



img4050f.jpg



chreaalgeriaal7.jpg



DkxhYE762138-02.jpg


V08CTj011269-02.jpg



o4zJgD983155-02.jpg





6117567.jpg


OyAWGA052068-02.jpg



Zvtcrs917510-02.jpg




img4077yd.jpg



img4078p.jpg



img4079g.jpg



img4080.jpg



img4081f.jpg



img4091y.jpg





img4096ux.jpg



img4098x.jpg



img4112.jpg










1260604570667306100.jpg



2543652667_1.jpg




kabylie-djurjura2.jpg



hiver-neiges-neiges-bouira-algerie-9615594745-674968.jpg






























84c3286254.jpg


4ab198e9e1.jpg


85a26443f3.jpg


132ea92f1a.jpg


7a61e8631b.jpg


f3c8422ad2.jpg


fce79cdbfe.jpg


8be5d805e1.jpg


5c06119086.jpg




أتمنى أن أكون قد نقلت لكم صورا مقبولة عن "جبال جرجرة " ومناطق القبائل الكبرى والصغرى كل هذه المنطقة التي تغطيها اليوم بالضبط الثلوج الكثيفة
وتقبلوا فائق احتراماتي وتقديري

تابعونا لنتواصل مع المقاومة الشعبية الجزائرية الباسلة ضد الظلم و الطغيان
ضد الإستعمار والإستدمار.


ta7iya.gif













qasralkhair-8c94891f8b.gif
 
ثورات أولاد سيدي الشيخ

igj80342.gif




star7.gif



1_53549.gif
s%20(25).gif
1_53549.gif


ثورات أولاد سيدي الشيخ


مقاومة اولاد سيدي الشيخ من اطول واعنف المقاومات الشعبية ضد الاستعمار الفرنسي.



01 مقدمة


خاض أولاد سيدي الشيخ مقاومة عنيفة دفاعا عن الوطن و الديار، فبعد أن رسمت الحدود بين الجزائر و الـمغرب بموجب معاهدة لالة مغنية تمزقت على إثرها مصائر بعض القبائل المنتشرة على هذا الخط و منها قبيلة أولاد سيدي الشيخ، كما نجحت فرنسا في استمالة سي حمزة بن بو بكر زعيم الفرع الشرقي من أولاد سيدي الشيخ بتعيينه سنة 1850 خليفة على الجنوب الجزائري .

اظهر الخليفة الولاء لفرنسا ووضع نفوذه في خدمتها، إلا أنها لم تطمئن إليه لما له من مكانة بين القبائل الصحراوية الجزائرية ، فاستدعته إلى الجزائر العاصمة، للتحقيق معه متذرعة بشكاوى بعض سكان المنطقة ، غير أنه لقي حتفه يوم 15 أوت 1861م. وادعى الفرنسيون أن زوجته دست له السم .وولت مكانه ابنه الأكبر بوبكر ، برتبة "باش آغا" وهي أقل من رتبة خليفة لكنه سرعان ما قتل هو الآخر مسموما من قبل أتباعه في 22جويلية 1862م.

نصبت فرنسا سي سليمان بن حمزة مكان شقيقه سي بوبكر ، و عزلت القائد سي ال***ر من آغاوية بمنطقة ورقلة ، بذريعة مرضه الـمزمن ، وقامت بتعيين شقيقه سي لعلا بن بوبكر مكانه، وكان هذا الأخير متأكدا من أن وفاة سي حمزة وابنه بوبكر إنما هو عمل دبرته السلطات الفرنسية فأخذ يحرض ابن أخيه سي سليمان على مقاومة الاستعمار مستغلا بعض العوامل منها مثلا سحب فرنسا لبعض قواتها الرابضة بالجنوب الغربي لتدعيم مجهودها الحربي الاستعماري بالمكسيك والكوشنشين (الهند الصينية) .

2- أسباب مقاومة أولاد سيدي الشيخ

سلك الاستعمار الفرنسي في عملية التوسع و بسط النفوذ العديد من الأساليب كاستغلال نفوذ أسرة أولاد سيدي الشيخ مطية للتوغل في الجنوب ،وحينما تيقن الزعماء من خطر هذه السياسة تصدوا له، وأعلنوا الجهاد .

على أن دوافع أخرى دينية وسياسية واقتصادية عجلت باندلاع المقاومة يمكن حصر بعضها في النقاط التالية:

- رفض الاحتلال ، وهو العامل الرئيس لكل المقاومات .

- إثقال كاهل السكان بالضرائب ، لتحطيمهم ماديا وتفقيرهم .

- سياسة فرنسا القائمة على فكرة "فرق تسد " بضرب وحدة الصفوف.

- محاولة فرنسا زعزعة نفوذ سي سليمان و الحد من نفوذه.

في خضم هذه الظروف وجه سي سليمان نداء إلى عائلته مؤكدا أن الفرنسيين الذين سمموا أباه حمزة و أخاه بوبكر، لن يتورعوا في قتله وعليه لابد من الاستعداد للمواجهة والشروع في التحضير لاعلان الجهاد.

- ويبقى السبب المباشر تلك الإهانة التي تعرض لها سي الفضيل وعدد من أفراد عائلة أولاد سيدي الشيخ يوم 29 جانفي 1864م في ساحة البيض على يد ضباط المكتب العربي .

3- المرحلة الأولى : 1864 – 1967

أعلن فيها سي سليمان الجهاد ، بعد أن وافقه شيوخ الزاوية واستجاب له عدد معتبرمن الأتباع والأنصار وكلف سي الفضيل بمهمة التعبئة و الاتصال بالقبائل وأتباع الطريقة البوشيخية المنتشرين عبر ربوع الصحراء الشاسعة.

وفي يوم 08 أفريل 1864 اندلعت المقاومة بالاغارة على مخيم للجيش الفرنسي في هضبة عوينة بوبكر شرق منطقة البيض مما أثار الارتباك و الهلع في صفوف القوات الفرنسية ، كما انقض سي سليمان على العقيد بوبريط وقتله ، غير أنه تعرض بالمثل على يد الجند الفرنسيين.

خلف هذا الانتصار أثرا حسنا بين القبائل التي سارعت إلى الانضمام إلى المقاومة، خاصة بعد أن علمت بسقوط العديد من الضباط الفرنسيين ، نذكر منهم العقيد "بوبريتر والنقيب "إسنارد" (ISNARD) ونقيب الـمكتب العربي بمنطقة تيارت والـمترجم "كابيسو" (CABISSOT) ، ونقيب الصبايحية "تيبولت" (THIBAULT) مع ملازمه الأول "بيران" (PERRIN) و ملازم القناصة "بوبيي" (BEAUPIED).

وبعد استشهاد سي سليمان بن حمزة بويع سي محمد قائدا،ولصغر سنه استعان بعميه سي ال***ر وسي لعلا،وقد عرف عن هذا الأخير الحيوية و الحنكة في ادارة المواجهة ، بقدرته على التعبئة .

كما تدعمت المقاومة يوم 17 أفريل بانضمام قبيلة أولاد شايب من دائرة بوغار تحت قيادة الآغا النعيمي ولد الجديد و حوالي خمسمائة فارس ، بعد أن قاموا بهجوم مباغت على معسكر فرنسي، يقوم بمهمة التجسس وجمع الأخبار عن تحركات المجاهدين، وقضوا على الـملازم أحمد بن رويلة وضابطين فرنسيين و11 صبايحيا. وأمام هذه التطورات سارع الجنرال يوسف إلى تنظيم كتيبة في بوغار للسيطرة على القبائل الثائرة وتهدئة الأوضاع.

ومن أشهر المعارك التي خاضها سي محمد بن حمزة ، معركة ابن حطب يوم 26 أفريل 1864م ضد فيلق الجنرال "مارتينو" (MARTINEAU) المتجه إلى منطقة البيض.

وفي يوم 13 ماي 1864م وقعت معركة "ستيتن" بين المقاومين بقيادة سي محمد وقوات العدو بقيادة الجنرال "دلينيه" ، فقد فيها المجاهدون العديد من الرجال ، مما جعل سي محمد ينسحب إلى الجنوب ، وتمكن بذلك الجنرال "دلينيه" من الانتقام من السكان العزل.

استغل المجاهدون ظروف اشتداد الحر ، للانقضاض على الـمراكز الفرنسية وتأديب القبائل الموالية للاستعمار فهاجموا فرندة في 12 جويلية 1864 لتأديب الخونة ، غير أن السلطات الفرنسية عززت مراكزها بتجهيز خمس كتائب منها كتيبة الجنرال "لوقران" و "دلينيه - مارتينو" ، وكتيبة "جوليفي" ولم يحول ذلك من شن هجوم بزعامة سي محمد على كتيبة الجنرال "جوليفي" بمنطقة عين البيضاء يوم 30 سبتمبر 1864م ، وألحقوا بها خسائر جمة.

لهذا أصدرت الحكومة الفرنسية التعليمات للجنرال "دلينيه" والجنرال يوسف لفك الحصار عن هذه الجهات ، وكلفت "شانزي" بمطاردة المجاهدين .

فخيم الجنرال "دلينيه" بالبيض لمحاصرة المقاومين ، ومراقبة تحركاتهم فوقعت معركة غارة سيدي الشيخ يوم 4 فبراير 1865م ، جرح خلالها سي محمد بن حمزة ، و توفي متأثرا بجروحه يوم 22 فبراير من نفس السنة. خلفه أخاه سي أحمد ولد حمزة ،ونظرا لصغر سنه تولى سي بوزيد مهمة تنظيم المقاومة ، طوال سنة 1865.

و شهدت سنة 1866 عدة اشتباكات ومعارك برز خلالها العقيد "دي كولومب الذي حقق بعض الانتصارات نظرا لخبرته ومعرفته بالـمناطق الصحراوية الشاسعة ، من أهمها معركة الشلالة في أفريل 1866 .

4- المرحلة الثانية : 1867 – 1881

لم تـثن الهزائم الأخيرة من عزيمة أولاد سيدي الشيخ على مواصلة المقاومة ، ، بل اعتصم المجاهدون بالجنوب و الحدود الجزائرية الـمغربية لـمعاودة القتال عن طريق الكر والفر ، للتغلب على القوات الاستعمارية الضخمة التي لا يمكن صدها بأسلوب حروب المواجهة.

تعد الفترة الممتدة من 1867م إلى 1869م فترة قحط في الجزائر ، حيث شهدت أزمات متتالية كالمجاعة و تفشي الأوبئة إضافة إلى زحف الجراد ، مما أودى إلى هلاك العديد من الأهالي ، رغم ذلك، استمرت المقاومة ولو بوتيرة أقل انطلاقا من الحدود.

وبعد وفاة سي أحمد بن حمزة في شهر أكتوبر 1868م بتافيلالت خلفه سي قدور بن حمزة الذي تمكن من توحيد صفوف أولاد سيدي الشيخ ، وتنظيم المقاومة، ففي عهده وقعت معركة أم الدبداب قرب عين ماضي في شهر فبراير 1869، انتصر فيها العدو الذي زاد من تعزيز قواته بالمنطقة، فأرسلت عدة بعثات منها بعثة "وانمبفين" (WIMPFEN) التي تمكنت يوم 19 مارس من ضرب قبيلة حميان.

لقد انعكست الأحداث الجارية في فرنسا و أوروبا سيما منها هزيمة باريس أمام بروسيا سنة1870 وسقوط النظام الامبراطوري وقيام الجمهورية الفرنسية الثالثة ايجابيا على المقاومة مما شجعها على الاستمرار، ومن أشهرما خاضته من معارك معركة ماقورة في 17 أفريل 1871 استشهد فيها أزيد من مائتي مقاوم.

غير أنها لم تستطع مواكبة مقاومة الـمقراني والشيخ الحداد.وفي 23 ديسمبر لحق الجنرال "أوصمانت" بالقائد سي قدور بن حمزة الذي اخترق صفوف القوات الفرنسية بكل شجاعة ، نحو التل و قد أصابه في موقعة "ميقوب" ففرَّ إلى الجنوب مع عمه سي لعلا. و بذلك تعد هذه المعركة بمثابة الضربة القاضية ، كونها آخر معارك أولاد سيدي الشيخ الشراقة ضد الإحتلال الفرنسي .


titre12.gif








ta7iya.gif













qasralkhair-8c94891f8b.gif
 
مقاومة الصبايجية و الكبلوتي 1871

igj80342.gif





star7.gif



1_53549.gif
s%20(25).gif
1_53549.gif



مقاومة الصبايجية والكبلوتي 1871

من هو الكبلوتي؟؟


هو محمد بن الطاهر بن رزقي الكبلوتي من عائلة رزقي التي تنتسب إلى قبائل الحنانشة إحدى القبائل العربية الكبرى المتواجدة قرب الحدود التونسية،وكان عمه رزقي الحنانشي قد عينه الحاج أحمد باي حاكم الشرق الجزائري شيخا على قبائل الحنانشة بدلا من الشيخ الحسناوي الذي ينتمي إلى نفس القبائل.


و عرف عن محمد الكبلوتي أنه كان ثائرا ضد التواجد الإستعماري الفرنسي منذ الستينات من القرن التاسع عشر، وقد لعب دورا مميزا إلى جانب الصبايحية في إنتفاضتهم عام 1871، وعندما إشتد عليهم الخناق، إلتحق مع الصبايحية بتونس في شهر فبراير 1871، وهناك نظم صفوف اللاجئين الجزائريين ليقوم بشن هجمات قوية على مراكز تواجد الفرنسيين وأعوانهم على المناطق الحدودية ما بين القالة شمالا وتبسة وسوق أهراس جنوبا.

عند إلتحاقه بتونس حاولت فرنسا ملاحقته من خلال ضغطها على الحكومة التونسية التي قبلت طلبها ، وأمام هذه الضغوطات أرغم محمد الكبلوتي على مغادرة تونس بحرا عام 1872 متوجها إلى مالطة إلا أنه عاد إليها مختفيا، ليغادرها مرة أخرى متوجها إلى الشام حيث إتصل بالأمير عبد القادر الذي قدم له كل التسهيلات لينتقل بعدها إلى طرابلس الغرب عام 1876 ومنها دخل إلى تونس مختفيا وإستقر بها إلى غاية القبض عليه وحبسه في سجن حلق الوادي وعندما إشتد عليه المرض أدخل مستشفى الصادقي بتونس في أفريل 1883 إلى أن وافته المنية في أبريل 1884

1- مقدمة

كانت مقاومة منطقة سوق أهراس احدى المقاومات الشعبية ، التي قادها الصبايحية وانضم إليهم محمد الكبلوتي من الحنانشة، لتعم وتنتشر عدواها بين كل قبائل الحنانشة بمنطقة سوق أهراس، وإن تعددت أسباب إنتفاضة الصبايحية إلا أنها تصب في بوتقة المقاومة الشعبية التي تنوعت مطالبها .


2- أسباب مقاومة منطقة سوق أهراس

يعود اندلاع هذه الانتفاضة في بدايتها إلى القرار الذي أصدره وزير الحربية الفرنسي بتاريخ 18 جانفي 1871 القاضي بنقل عدد كبير من قوات الصبايحية التي كانت مجندة في صفوف الجيش الفرنسي إلى أوربا للمشاركة إلى جانب فرنسا في حربها ضد بروسيا مع بداية عام 1871. وهو القرار الذي لم يقبل به الصبايحية فثاروا ضده وكانت البداية من مناطق تواجدهم إبتداء من منطقة مجبر بعمالة التيطري إلى الطارف بالشرق الجزائري وبوحجار وعين قطار لتعم كل مناطق الحدود الشرقية وعلى الأخص منطقة سوق أهراس.
ولم يكن الترحيل وحده السبب في إندلاع مقاومة الصبايحية بل الأوضاع المزرية التي عانوا منها كانت سببا آخر دفعهم إلى ذلك وكانت وراء هروب العديد منهم من مراكز تواجدهم إنطلاقا من مركز مجبر بالتيطري مع نهاية عام 1870 لتنتشر عدوى الهروب إلى جماعة الزواوة هم كذلك حيث فرّ منهم 75 مجندا بعتادهم من بوغار إلى المدية وقصر البوخاري، أما في عين قطار جنوب شرق سوق أهراس فقد فر 135 مجند من الصبايحية بأسلحتهم، إن رفض الصبايحية في مراكز تواجدهم لقرار الترحيل الإجباري, زادهم شجاعة على التمرد ليرتفع عدد الفارين بأسلحتهم ويصل إلى ألفي صبايحي تمكنوا من تجميع أنفسهم وساندتهم عائلاتهم، في حركتهم، فكانت فرصة سانحة للساخطين من الحنانشة على السياسة الاستعمارية المطبقة في منطقتهم لتوسيع الانتفاضة .


3- دور محمد الكبلوتي في المقاومة

توسعت دائرة الانتقام ضد السلطات الاستعمارية، بعد حركة الصبابحية ووجدت قبائل الحنانشة الفرصة سانحة للتعبير عن رفضها للإحتلال الفرنسي بإنضمامها الجماعي، وقد تزعمهم جماعة من شيوخ الحنانشة منهم الشيخ أحمد الصالح بن رزقي والفضيل بن رزقي، وبإنضمام محمد الكبلوتي أصبحت الانتفاضة في أوج قوتها، ومست مناطق عديدة عرضت مصالح الفرنسيين للخطر.
لقد تميزت هذه الانتفاضة الجماعية بأول عمل عسكري وهو قتل أحد الضباط وإضرام النار في مزارع المعمرين القاطنين بمنطقة سوق أهراس وماجاورها، كما تم إعدام تسعة من الكولون في 26 جانفي 1871 وقد تمكنوا من محاصر ة المدينة لمدة ثلاثة أيام كاملة، ولقطع الإمدادات عنها قام مجاهدو الإنتفاضة بتخريب أسلاك الهاتف حتى لا تتمكن القوات العسكرية المرابطة بقالمة من دعم قوات سوق أهراس، وقد برز دور محمد الكبلوتي في هذه الإنتفاضة حيث خاض مع الصبايحية وقبائل الحنانشة عدة معارك ضارية منها معركة عين سنور في 30 جانفي من نفس العام لكن تزايد القوات الإستعمارية ومحاولتها القضاء على الإنتفاضة دفعت بالكبلوتي ومن معه من الصبايحية والحنانشة إلى الفرار واللجوء إلى تونس منتصف شهر فبراير 1871، حيث قام بمراسلة رئيس وزراء تونس مصطفى خزندار ليضمن له الحماية ومن معه من الصبايحية، ولكن هذا الأخير لم يأخد أوامر السلطات التونسية مأخذ الجد في توقيف نشاطه الجهادي ضد الفرنسيين حتى لايحرجها أمام السلطات الفرنسية، حيث شارك في العديد من المعارك خاصة بعد إندلاع مقاومة محمد المقراني والشيخ الحداد ومنها معركة وقعت في 24 جوان 1871 وأخرى في 30 أوت من نفس السنة وقد بقي الكبلوتي على صلة دائمة بالمقاومين منهم بن ناصر بن شهرة وكان نشاطه الدؤوب والمتواصل داخل التراب الجزائري وراء طرده نهائيا من تونس عام 1875 مع المقاوم بن ناصر بن شهرة.

4- رد فعل الفرنسيين على المقاومة

استمر أسلوب فرنسا في قمع المقاومات الشعبية بإستخدامها كل الوسائل المتاحة القائمة على الحديد والنار وكان أول رد فعل للفرنسيين هو إحالة الموقوفين من الصبايحية والحنانشة على المحاكم العسكرية حيث صدر في حقهم عدة أحكام متفاوتة، كان أقساها حكم الإعدام الذي نفذه الجنود الفرنسيون في المقاومين بالساحة العمومية بمدينة سوق أهراس، والبعض منهم حكم عليهم بالأشغال الشاقة والنفي إلى السجون الفرنسية النائية، يضاف إليها مصادرة أملاك وأراضي قبائل الحنانشة ، ولم يتوقف رد الفعل الإستعماري عند هذا الحد بل عمد جنود الإحتلال إلى أخذ بعض أسر وعائلات المقاومين كرهائن إلى حين إستسلامهم، ناهيك عن حرق المنازل وتخريب الممتلكات.




ta7iya.gif
















qasralkhair-8c94891f8b.gif
 
مقاومة البطل الثائر الشريف بوشوشة

igj80342.gif






star7.gif



1_53549.gif
s%20(25).gif
1_53549.gif

Algeri02.htm_asc002.gif



مقاومة البطل الثائر الشريف بوشوشة
101.jpg




bouchoucha.jpg

المجاهد البطل الشهيد الشريف بوشوشة


الاحتلال الفرنسي لوادي سوف

بعد سقوط إمارة بني جلاب و دخول الجيش الفرنسي لمنطقة وادي سُوف في أواخر سنة 1854 إعتقد الفرنسيون أنهم أحكموا سيطرتهم على المنطقة إلا أن ذلك لم يحدث على أرض الواقع حيث لم ينعم الفرنسيون بالهدوء و الاستقرار بل جوبهوا بمقاومات و انتفاضات متتالية من قبل الثوار و المقاومون الذين استفادوا من معرفتهم بمسالك الصحراء الشاسعة الواسعة و قرب الحدود التونسية الليبية التي كانوا يلجاؤون إليها لتنظيم الصفوف و جلب السلاح و إعداد المقاومين .



و كانت المنطقة تعاني الاضطرابات و بدأت تحركات المقاومين و خاصة سي النعيمي , و محمد بو علاق اليعقوبي , و بن ناصر بن شهرة و الشريف محمد بن عبد الله .



أراد الجنرال راندون في أواخر الخمسينات ضبط الحدود الشرقية للمنطقة , فتم انجاز خريطة سنة 1857 و لكن الحدود النهائية للعرق الشرقي الكبير لم تحدد لها معالم ثابتة , و إنما خضعت للتغير باستمرار خصوصا ما بين 1867-1870 , إذ بقيت الحدود غير واضحة بين سوف و جنوب شط الجريد.



و لكي يتحقق نوع من الهدوء في وادي سوف , شيد الفرنسيون عدة أبراج للمراقبة في الجهات الأربعة لسوف لتأمين القوافل و المحافظة على الأمن , وهـذه الأبراج هي : برج الحاج قدورة في الجهة الشرقية , و برج بوشحمة في الشمال , بينما شيدوا في الجهة الغربية برجان , برج الفرجان , و برج مولاي القايد لحماية الطريق الرئيسي بين تقرت و سُوف .



و قد تجددت المقاومة عندما قدم الشريف محمد بن عبد الله و بن ناصر بن شهرة من تونس وشاركا في ثورة أولاد سيدي الشيخ في عام 1864 .فاستمر بن شهرة في المقاومة , بعدة جبهات في وسط الصحراء العميقة الشاسعة و في أطرافها المتاخمة للحدود الجنوبية و الشرقية . و كانت تربطه علاقة مع الطيب بن عمران الشعنبي السوفي , الذي كان مشهورا بجرأته و قوته , فجمع 264 من المحاربين الشجعان من طُرود سُوف و شعانبة الوادي و عسكر بهم في جنوب ورقلة في فيفري 1864 لغزو تلك الجهات ثم إلتجأ كغيره من المقاومين الى تونس.



و تجددت المقاومة مرة أخرى بوادي سوف و ما جاورها ممتدة من منطقة عين صالح الى نواحي كل من ورقلة و تقرت و سوف و تبسة و نقرين بالشرق و بلاد الجريد و نفطه بتونس , وقاد هذه المقاومة الشريف بوشوشة و محي الدين بن الأمير عبد القادر.



فقد قام الشريف محمد التومي بوشوشة، بالسيطرة على منطقة ورقلة في 5 مارس 1871، وعيّن بن ناصر بن شهرة آغا عليها، وكانت ورقلة تابعة لسلطة أغا تقرت "علي باي بن فرحات"، فاتصل جماعة من شعانبة الوادي بالشريف بشوشة وأخبروه بأن "علي باي بن فرحات" قد أودع أمواله وعياله ببلدة قمار بوادي سُوف، فهاجمها بوشوشة يوم 8 مارس 1871 فاحتمت عائلة على باي بالزاوية التجانية، وبعد مفاوضات مع أعيان الوادي، رجع بوشوشة ونجت عائلة "علي باي بن فرحات".








زحف الشريف بوشوشة نحو منطقة تقرت و استولى عليها في 13 ماي 1871 وعيّن "بوشمال بن قوبي" آغا عليها، فصارت وادي سوف تابعة لسلطة بوشوشة.



ولما تأكد للفرنسيين من عجز "على باي بن فرحات" أعدوا جيشا بقيادة الجنرال "لاكروا فوبوا" الذي أعد خطة استطاع بها انتزاع منطقتي ورقلة وتقرت من أنصار بوشوشة في جانفي 1872 ثم اتجه نحو سوف فأخضعها للسلطة الفرنسية وعيّن قائد الصبايحية "العربي المملوك" حاكما عليها.



والجدير بالذكر أن وادي سوف ما بين 1837 - 1872 كانت ملجأ آمنا للمقاومين، تدعمهم بالمال والسلاح والرجال، ولما انتهت فترة السبعينات من القرن 19 بتصفية فلول المقاومة الشعبية بالجنوب، بدأ الفرنسيون يهيئون الظروف للاستقرار في الجنوب الجزائري الشاسع ، قريبا من الحدود التونسية التي كانت فرنسا بصدد التخطيط لاحتلالها، وتعتبر سُوف أهم موقع يمكن استغلاله لتأمين ظهر الفرنسيين.



وتمكنت فرنسا من فرض الحماية على تونس في 12 ماي 1881 وفي مقابل ذلك كُلف الضابط "ديبورتار" - الذي سبقت له المشاركة في احتلال تونس - بتأسيس أول مكتب عربي بالدبيلة القريبة من الحدود التونسية، فكانت المركز الأول لاستقرار الفرنسيين في سوف. ثم أخذت القوات الفرنسية في التزايد بالدبيلة واستمر ذلك إلى سنة 1887، وبعد ذلك بدأ العدد يتناقص لأن الإدارة الفرنسية بدأت الاستقرار بقوة في مدينة الوادي عاصمة اقليم سُوف منذ سنة 1882، ويعتبر النقيب "فورجيس" (1886-1887) ثاني حاكم عسكري لملحقة الوادي، والذي خلف الضابط "جانين".


واستعان الفرنسيون بالقياد وشيوخ القبائل لادارة شؤون السكان، وصارت الوادي ملحقة منذ 1885 تابعة لمدينة بسكرة ثم حُولت تابعة إداريا إلى دائرة تقرت عام 1893، وشهدت الملحقة بعد ذلك تغيرات مستمرة في حكامها العسكريين.




carte-2.jpg


من هو الشريف بوشوشة؟؟؟

1- المولد والنشأة

ولد محمد بن التومي بن إبراهيم المدعو بوشوشة (بمعنى الفارس) بقرية الغيشة الواقعة بجبال العمور حوالي 1827 من أسرة فقيرة.

عاش منذ صغره حياة الرعي و الفروسية وتعلم ما تيسر من القرآن الكريم وبعدما انتقل نحو ناحية فقيق لجمع الأموال و المؤن والأسلحة الضرورية لتنقلاته وحركته تعرض للاعتقال من طرف الجنود الفرنسيين وأدخل السجن سنة 1862 لمدة.

حاول أن يلعب دورا في مقاومة أولاد سيدي الشيخ لكنه لم ينجح في مسعاه. قام برحلة نحو تونس وطرابلس وبعد عودته إلى الجزائر جند بوشوشة جماعة من مدينة عين صالح فبايعته قبائل الشعانبة كلها على الجهاد ضد الفرنسيين واستطاع تحقيق انتصارات عديدة على الجيوش الفرنسية .

2- جهاده

تعتبر مقاومة الشريف بوشوشة من المقاومات التي ضايقت الاستعمار وأعاقت توسعه في الصحراء ،ومما زاد في نشاط بوشوشة اندلاع مقاومة المقراني.

تمكن الفرنسيون من دحره من ورقلة في 2 يناير 1872 بقيادة الجنرال (دولا كروا) إلا أن اختلال ميزات القوى أدى إلى سقوطه أسيرا في معركة ( الميلوك ) جنوب عين صالح وصدر في حقه الإعدام ،نفذ فيه الحكم بمدينة قسنطينة في 29 جوان 1875 وظل معلقا ساعات طوال.



picture.php

منطقة وادي سوف بالجنوب الشرقي من الصحراء الجزائرية
taghzoutuu4.jpg

منطقة وادي سوف في الجنوب الشرقي من صحراء الجزائر الشاسعة والرائعة

رحم الله البطل الشهيد الشريف بوشوشة وأسكنه فسيح جناته
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار



13427.jpg





Algeria-wilayas-ar.png





ta7iya.gif





87108647zx9.gif






qasralkhair-8c94891f8b.gif
 
مقاومة المجاهد الشيخ بوعمامة( 1881 - 1908 )

1265018739.gif





star7.gif



1_53549.gif
s%20(25).gif
1_53549.gif


مقاومة المجاهد الشيخ بوعمامة .
udxafo0716avbk0nbutf.jpg




مقاومة الشيخ بوعمامة (1881 - 1908 )

المتوفي في 12 رمضان 1908
cheik_10.jpg


1- مقدمة

عانى الجنوب الوهراني على غرار المناطق الجزائرية الأخرى ويلات الاستعمار الفرنسي من خلال سياسته الجهنمية المبنية على ضرب الصف الواحد معتمد في ذلك على الدور الكبير للمكاتب العربية التي نجحت بدورها في خلق البلبلة وإثارة أحقاد القبائل فيما بينها حتى يستتب لها الأمر, كما أنها استطاعت أن تتغلغل بين العائلات الكبيرة لخلق الفتن وهذا ما حدث بين فرع الغرابة الذي ينتمي إليه الشيخ بوعمامة و فرع الشراقة أبناء عمومته إلا أن الشيخ بوعمامة أدرك نوايا الاستعمار الفرنسي ,فأعلن الجهاد لتخليص البلاد والعباد من براثن الاحتلال الفرنسي وقداستمر جهاده
إلى غاية عام 1908.

2- الأوضاع الممهدة لمقاومة الشيخ بوعمامة

إن المتتبع لتاريخ منطقة الجنوب الوهراني منذ مقاومة أولاد سيدي الشيخ يجد أن المنطقة كانت تعيش إستقلالية في تسييرها لشؤونها الداخلية ومرد ذلك هو التمركز الضئيل جدا للمستوطنين في المنطقة ,وحتى الجيش الفرنسي لم يكن يملك إلا مركزا واحدا في الابيض سيدي الشيخ فرع الشراقة , لكنه استطاع بعد معارك ضارية خاضتها ضده عائلة أولاد سيدي الشيخ من تشتيت هذه العائلة , فمن أفرادها من اضطر مكرها إلى الهجرة إلى المغرب الأقصى ,ومنهم من نزح إلى ضواحي الجنوب الأقصى الجزائري وتمركز في منطقة المنيعة .
.
و الملفت للانتباه أن عزوف سكان المنطقة عن المقاومة التي كانوا قد أعلنوها عام 1864 لم يدم طويلا ,حيث ظهر على مسرح الأحداث فرع أولاد سيدي الشيخ الغرابة من خلال الصمود الذي أثبته الشيخ سي معمر بن الشيخ الطيب رئيس فرع الغرابة في مقارعته للعدو الفرنسي في المنطقة بداية من شهر أفريل 1873 , لكن هذا الأخير اضطر إلى الانسحاب ووضعه تحت الإقامة الجبرية , ولكن
ما أن انتهت فترة 1878 - 1880 حتى ظهرت شخصية مجاهدة أخرى من نفس الفرع وهي الشيخ بوعمامة الذي حمل لواء الجهاد ضد الاستعمار الفرنسي ووقف في وجه التوسع في المناطق
الصحراوية.

3- أسباب مقاومة الشيخ بوعمامة

يكفي القول بأن رفض الشعب الجزائري للاحتلال الفرنسي يعد من أهم العوامل التي دفعت بالشيخ بوعمامة إلى الإعداد والتنظيم للعمل الثوري ضد العدو بالجنوب الوهراني ومما لاشك فيه أن هناك جملة من الأسباب ساهمت بشكل كبير في التعجيل بإشعال الثورة ومن أهمها مايلي:

1- الأسباب المباشرة:

يعتبر مقتل الضابط الفرنسي واين برونر وهو برتبة ملازم أول وكان يشغل رئيس المكتب العربي لمنطقة البيض وذلك في 22 أفريل 1881 ,مع أربعة من حراسه من فرسان الصبايحية عندما حاول جاهدا إيقاف نشاط الشيخ بوعمامة السبب المباشر في اندلاع المواجهة بين الشيخ بوعمامة والإدارة الاستعمارية الفرنسية .

2- الأسباب غير المباشرة

تأثر الشيخ بوعمامة بفكرة الجهاد ضد الصليبيين الغزاة المحتلين لكونه رجل دين وصاحب زاوية , هذا إلى جانب الأفكار الإصلاحية التي وصلت إلى المناطق المجاورة وأثرت تأثيرا مباشرا على الشيخ , وكان من أبرزها دعوة جمال الدين الأفغاني و السلطان عبد الحميد الثاني إلى بناء تحالف إسلامي في إ طار الخلافة الاسلامية كأساس لتغيير أوضاع المسلمين وطرد المستعمرين و هي الأفكار التي وصلت إلى المغرب العربي الكبير كذلك عن طريق الوافدين من المشرق العربي ,يضاف إلى هذا كله دور دعاة الطريقة السنوسية في إثارة سكان المناطق الصحراوية الجزائرية ضد تغلغل الاستعمار ومواجهته وقد كان لهذا الدور مفعوله على نفسية الشيخ بوعمامة ,وهي عوامل كافية ليقوم الشيخ بوعمامة بحركته الجهادية ضد الإستعمار الفرنسي في منطقته.

السبب الإقتصادي:

إن تردي الأوضاع الإقتصادية في منطقة الجنوب الوهراني في تفجير الأوضاع واندلاع الثورة , خاصة بعد انتشار المجاعة التي أهلكت سكان المنطقة وفقدوا جرائها كل ممتلكاتهم ناهيك عن الغبن الذي تسببت فيه السياسة الجائرة للإدارة الاستعمارية ,ومنها منع بعض القبائل من التنقل ما بين 1879 و1881,خاصة قبائل آفلو والبيض و قبائل جبال القصور الرحالة وقد تولد عن ذلك نوع من التذمر و الاستياء الشديدين ,وقد نجم عن موت أعداد كبيرة من المواشي وقد وصلت نسبة الخسائر التي لحقت بمنطقة آفلو وحدها بثلاثمائة رأس أي 80/. منها نسبة 37/. في سنة 1879-1880 و
نسبة 43/. سنة 1880-1881 .

وكذلك عزم السلطات الفرنسية على إقامة مركز عسكري للمراقبة في قصر تيوت ,بعد فشل البعثة الرسمية لدراسة مشروع مد الخط الحديدي عبر الصحراء في الجنوب الغربي لإقليم وهران عام 1879


مراحل المقاومة


أ- المرحلة الأولى

لم يعلن الشيخ بوعمامة الثورة على الاستعمار الفرنسي بمنطقة الجنوب الوهراني إلا بعد أن هيأ جميع القبائل الصحراوية الجزائرية عن طريق مريدي الطريقة الشيخية المنتشرين عبر كل المنطقة, ومنها قبائل الطرافي و رزاينة والأحرار و فرندة و تيارت ,وقد وجدت هذه الدعوة صداها لدى قبائل عمور و حميان و الشعامبة ,وقد استطاع الشيخ بوعمامة في وقت قصير أن يجمع حوالي ألفان وثلاثمائة جندي بين فرسان و مشاة .

لقد وقعت أول مواجهة عسكرية بين الشيخ بوعمامة و القوات الفرنسية في 27 أفريل 1881 بالمكان المسمى سفيسيفة جنوب منطقة عين الصفراء ,أسفرت عن انهزام الجيش الفرنسي واستشهاد بعض رجال الشيخ بوعمامة منهم وقائد المعاليف قائد الرزاينة.وأمام خطورة الوضع سارعت السلطات الاستعمارية إلى إرسال قوات إضافية إلى المنطقة لقمع الثورة والقضاء عليها وتمثل المدد الذي وصل إلى المنطقة فيما يلي:

- ثلاث فيالق من المشاة تحت قيادة العقيد إينوسانتي .

- فرقتين يقودهما القايد قدور ولد عدة .

- فرقة تيارت يقودها الحاج قدور الصحراوي.

- قافلة من ألفين وخمسمائة جمل ومعها ستمائة جزائري .

- قائد الشعبة العسكرية لمعسكر الجنرال كولينو دانسي هو الذي تولى القيادة العامة لهذه القوة العسكرية.

أما المواجهة العسكرية الثانية بين الطرفين الجزائري والفرنسي كانت في 19 ماي 1881 بالمكان المسمى المويلك وتقع قرب قصور الشلالة بجبال القصور ,وكانت معارك عنيفة جدا اشتد فيها القتال بين الطرفين وكان النصر فيها حليف الشيخ بوعمامة رغم تفوق العدو في العتاد والعدة .

وحسب تقارير الفرنسيين أنفسهم فإن هذه المعركة خلفت خسائر لكلا الطرفين ,وقد قدرت خسائر الفرنسيين فيها ستون قتيل واثنان وعشرون جريحا.

وبعد هذه المعركة ظل الشيخ بوعمامة سيد الموقف ,حيث توجه إلى الأبيض سيدي الشيخ مما ساعد الثوار في هذه الفترة على قطع خطوط التلغراف الرابط بين منطقتي فرندة والبيض ومهاجمة مراكز الشركة الفرنسية الجزائرية للحلفاء,وقد قتل العديد من عمالها الإسبان مما دفع بالسلطات الفرنسية إلى اتخاذ اجراءات لحماية مصالحها منها تجميع أربعة طوابير قوية في النقاط التالية:

- فرقة راس الماء أسندت مهمتها إلى العقيد جانين.

- فرقة بخيثر بقيادة العقيد زويني .

- فرقة تيارت وأسندت مهمتها إلى العقيد برونوسيار.

- فرقة البيض وكانت بقيادة العقيد تاديو ثم العقيد نيغريي.

ولمواجهة انتصارات الشيخ بوعمامة المتتالية قامت السلطات الفرنسية بتحركات سريعة تمثلت في إرسال قواتها نحو الجنوب الغربي من أجل تطويق الثورة والقضاء عليها وبالتالي تتوسع في المنطقة وتبسط نفوذها على كل قصور الجنوب الوهراني.

لقد تم تكليف العقيد نيغريي بمهمة معاقبة القبائل التي شاركت مع الشيخ بوعمامة في الثورة وكانت البداية بنسف زاوية سيدي الشيخ الكبير المتواجدة بالبيض سيدي الشيخ,تلتها المجازر الرهيبة التي قام بها جيش الاحتلال في حق السكان العزل من أهالي الطرافي والربوات بمنطقة البيض انتقاما لمشاركتهم في الثورة ,ونفس الجرائم ارتكبت ضد سكان الشلالة الظهرانية ,و في الأبيض سيدي الشيخ ارتكبت أعمال شنيعة على يد السفاح نيغريي في 15أوت 1881 الذي قام بتفجير قبة سيدي الشيخ ونبش قبره وهو استهزاء بالجوانب الروحية للشعب الجزائري وعاداته وتقاليده.وما بين سبتمبر وأكتوبر عام1881 تعرضت القوات الفرنسية بقيادة كل من الجنرال كولونيو والجنرال لويس إلى هجومات المجاهدين قرب منطقة عين الصفراء نتج عنها سقوط العديد من القتلى والجرحى بين الطرفين ,كذلك قام السفاح لويس بتحطيم القصرين اللذين كان يمتلكهما الشيخ بوعمامة وهما قصرمغرار الفوقاني و قصر مغرار التحتاني,كما دمرت زاوية الشيخ بوعمامة أيضا وقتل العديد من السكان العزل.

ومن التطورات الهامة التي حصلت خلال هذه الفترة كذلك هو التحاق الشيخ سي سليمان بن حمزة زعيم أولاد سيدي الشيخ الغرابة إلى ثورة بوعمامة على رأس ثلاثمائة فارس ,واتجه مع قوته إلى جنوب غرب منطقة عين الصفراء ومنها إلى منطقة البكاكرة للضغط على القبائل الموالية للاستعمار الفرنسي.

أمام تزايد القوات الاستعمارية وتوافد الدعم لها من كل منطقة ازداد الضغط على الشيخ بوعمامة فاضطر إلى الانسحاب متجها إلى منطقة فقيق بالمغرب الأقصى الشقيق ,حيث قل نشاطه وتفرق أتباعه وأنصاره ,وقد انضم البعض منهم إلى السي قدور بن حمزة زعيم أولاد سيدي الشيخ الشراقة ,أما البعض الآخر فقد انضم إلى صفوف الشيخ سي سليمان بن حمزة قائد أولاد سيدي الشيخ الغرابة ,وباقي المجاهدين فقد مكثوا بمنطقة فقيق وضواحيها.

وفي 16 أفريل 1882 لاحقت قوات الاحتلال الشيخ بوعمامة في الأراضي المغربية ,لكنه رد عليها بهجوم عنيف في منطقة شط تيغري كبد العدو خسائر فادحة في الأرواح وأجبره على الانسحاب .

لقد كان لهذه الهزيمة وقع كبير في الأوساط العسكرية الفرنسية ,وزادت من جهة أخرى الثورة صمودا وتحديا وأثبتت تفوقها مرة أخرى على القوات الفرنسية .

ب - المرحلة الثانية:

عرفت مقاومة الشيخ بوعمامة خلال هذه المرحلة فتورا ملحوظا بعد استقرار في مسقط رأسه الحمام الفوقاني بفقيق التي وصلها في جويلية 1883, حتى يتمكن من تنظيم صفوفه للمستقبل ,وهذا ماجعل السلطات الاستعمارية تتخوف من تحركاته الكثيفة لذا سارعت في إرسال برقية موقعة من طرف الجنرال سوسيي قائد الفيلق التاسع عشر إلى حكومته في باريس يدعوها إلى الضغط على السلطان المغربي لطرد الشيخ بوعمامة من الأراضي المغربية لأنه يشكل خطرا على المصالح الفرنسية في المنطقة .

هذا التحرك دفع الشيخ بوعمامة إلى مغادرة المنطقة ,ولجوئه إلى إقليم توات واحتمى بسكان واحة دلدول مع نهاية عام 1883 ,واستقر هناك إلى غاية عام 1894 حيث أسس زاوية له وشرع في تنظيم الدروس الدينية لمواصلة الجهاد ووقف زحف التوسع الاستعماري في الجنوب الغربي الجزائري ,حيث قام بمراسلة مختلف شيوخ القبائل الصحراوية لإعلان الجهاد ضد الكفار ومقاومتهم .

كما كان لهذا النشاط صدى واسعا بين القبائل الصحراوية ,خاصة قبائل التوارق الذين اقترحوا عليه الانتقال إليهم ليتعاونوا في الجهاد ضد العدو الفرنسي ,كما آزرته وانضمت إليه بعض القبائل المقيمة على الحدود الجزائرية - المغربية .

لقد حاول الاستعمار الفرنسي خنق الثورة من كل الجهات وبكل الوسائل والتوسع في الجنوب الجزائري وذلك عن طريق إقامة المؤسسات الاقتصادية وإنشاء المراكز التجارية في كل من إقليم توات وتاديكالت .

ج- المرحلة الثالثة:

تعتبر هذه المرحلة بداية النهاية ,ففي خضم هذه الأحداث استطاع الشيخ بوعمامة أن يكسب العديد من الأنصار ويحضى بثقة سكان المناطق الصحراوية ,وهذا ما جعل السلطات الاستعمارية تفكر في استمالته بكل الوسائل فقامت بالاتصال عن طريق المفوضية الفرنسية بمدينة طنجة المغربية عام 1892 للتفاوض حول قضية الأمان التي انتهت بدون نتيجة .

إن الصلات الودية والطيبة التي كانت بين الشيخ بوعمامة والسلطات المغربية أثارت قلق وتخوف السلطات الاستعمارية الفرنسية ,خاصة بعد الاعتراف به زعيما لقبائل أولاد سيدي الشيخ ومشرفا على كل المناطق الصحراوية مما دفعها مرة أخرى إلى محاولة كسب وده لتسهيل مهمتها في التوسع وبسط نفوذها على المناطق الصحراوية ,لذلك قرر الوالي العام لافريار في 16 أكتوبر 1899 منح الشيخ بوعمامة الأمان التام دون قيد أو شرط.

ومع مطلع القرن العشرين دخل الشيخ بوعمامة المغرب الأقصى واستقر في منطقة وجدة , الأمر الذي جعل السلطات الفرنسية في الجزائر تتنفس الصعداء بتخلصها من أحد أشد أعدائها مقاومة .

إن السنوات التي خاضها الشيخ بوعمامة في الجهاد عرقلت بشكل كبير التوسع الاستعماري في أقصى الصحراء خاصة الناحية الغربية منها ,رغم الحصار الكبير الذي حاولت السلطات الاستعمارية فرضه على المقاومة بقيادة الجنرال ليوتي.

ykg395rt8zdbtceedzaq.jpg



5- نتائج مقاومة الشيخ بوعمامة

تمثلت هذه النتائج فيما يلي:

1- كانت ثورة الشيخ بوعمامة تحديا كبيرا لسياسة الجمهورية الثالثة ,والتي كانت ترمي إلى إتمام عمليات الاحتلال الشامل للجزائر ,واستطاعت أن تعطل وتعرقل المشاريع الفرنسية في الجنوب الغربي.

2- تمثل ثورة الشيخ بوعمامة المرحلة النهائية من استراتيجية الزعامات الوطنية في مواجهة الاستعمار الفرنسي عن طريق المقاومات الشعبية التي تعتمد أساسا على العامل الديني في تعبئة الجزائريين لمقاومة الاحتلال.

3- تعتبر ثورة الشيخ بوعمامة من أعنف المقاومات الشعبية في المنطقة العربية برمتها خلال القرن التاسع عشر بعد مقاومة الأمير عبد القادر طبعا.

4- كشفت ثورة بوعمامة ضعف الفرنسيين في مواجهة المقاومة مما جعلها تبحث عن الحلول السياسية لإخماد نار الثورة خصوصا مع المرحلة الثانية 1883-1892 حين ظهرت قضية الأمان الذي كانت تبحث عنه السلطات الفرنسية من بوعمامة الذي رفضه من خلال المراسلات و المفاوضات التي كانت تسعى إليها فرنسا.

5- الخسائر البشرية والمادية هي الأخرى كانت من أبرز النتائج التي تمخضت عن الثورة.

6- عجلت الثورة بإتمام مشاريع السكك الحديدية في المنطقة وربط الشمال بالجنوب.

7- إن مقاومة الشيخ بوعمامة حتى وإن لم تحقق أهدافها في طرد الاستعمار من المنطقة بسبب العقبات التي اعترضتها منها على وجه التحديد عدم التمكن من توحيد فرعي أولاد سيدي الشيخ وكذلك ضغوط السلطان المغربي عبد العزيز على الثورة وحصرها في الحدود ,إلا أنها أثبتت قدرتها على المقاومة وطول النفس وعرقلة التوسع في المنطقة .




رحمه الله تعالى و أسكنه فسيح جناته


المجد والخلود لشهدائنا الأبرار




ta7iya.gif










qasralkhair-8c94891f8b.gif
 
البعد الروحي لمقاومة الشيخ بوعمامة

1265018739.gif






star7.gif



1_53549.gif
s%20(25).gif
1_53549.gif


البعد الروحي لمقاومة الشيخ بوعمامة:


sidi%20abdelhakem.jpg

الشيخ بوعمامة رحمه الله تعالى


لقد ظهر سيدي بوعمامة منذ سنة 1888م في منطقة جنوب الصحراء قطبا ربانيا، مستقطبا ولاء أغلب القبائل الصحراوية الجزائرية بلا منازع، فضلا عن تقدير أشراف تافيلالت له بجنوب المغرب الأقصى، ولم يستطع أحد أن ينازعه هذا النفوذ، بل امتد نفوزه إلى قبائل الطوارق الذين عبَّروا له عن استعدادهم للالتحاق به في الوقت المناسب، وذلك من خلال مراسلتهم له أواخر سنة 1888م.

وهكذا ما إن حلت سنة 1892م حتى أدركه كل من القصر العلوي بالمغرب والمفوضية الفرنسية بطنجة، ما أصبح عليه سيدي بوعمامة من نفوذ روحي، وتأييد قبلي، وقوة حربية بالمناطق الصحراوية ومحيطها، وبذلك سعى الطرفان إلى اكتسابه، في حين تبدو رغبة الشيخ بوعمامة في الحفاظ على حريته واستقلاله واضحة من خلال معاملاته ومراسلاته السياسية مع الحكام العسكريين المباشرين، ولا شك أن له يداً في الوقائع التي دارت بين الفرنسيين و الأمازيغ في نخيلة في 05 جويلية 1903م، وفي الهجوم الواسع على مركز تاغيت بجبل منطقة بشار، وتنظيم حملات الساهلة والمطارفة، وأوجروت وشروين وتيميمون بالصحراء الجزائرية الشاسعة إلى آخر المعارك التي خاضها وحرض عليها.

وقد امتد الشيخ بوعمامة في ثورته من الواحات الجنوبية عبر وادي الزوزفانة و وادي الناموس، وعندما وصل إلى الناحية الشمالية فيغيغ أسس زاوية بواحة المغرار التحتاني، كما حاول إقامة حلف من قبائل لعمور وبني كيل وغيرهما من قبائل الحدود إلى ناحية تلمسان نفسها: والهجوم على الفرنسيين الذين أرغموا على استرجاع عدد من فيالق جيوشهم؛ حيث استعدوا من جديد بعدما تكبدوا خسائر فادحة للهجوم بأسلحتهم المتفوقة والضغط على الشيخ بوعمامة نحو الجنوب، حيث رجع سنة 1882 إلى ناحية دلدول وهي واحة في جورارة وسط توات، حيث أسس زاوية هناك يدرس فيها القرآن الكريم والعلوم الشرعية، فاكتسب بها مزيدا من الأنصار والأتباع.

وظل الشيخ بوعمامة ثائرا إلى سنة 1908م حيث استقر بمنطقة أنكاد أما سي حمزة وسي قدور بن حمزة وغيرهما من زعماء أولاد سيدي الشيخ الشرقية. وذكرت بعض المصادر أن فرنسا نجحت في إغرائهم بالوسائل الدبلوماسية حيث عقدت معهم اتفاقيات لصلح، ومنحتهم خلال سنة 1883-1884م امتيازات سلطوية، وكان الجنرال (thomassin) هو الذي تولى أمر المفاوضات مع سي الدين وذويه، ونجح في جذبهم بوسائل اعتمد فيها بالأساس على التدخل مع سكان جورارة وبعض القبائل المحلية التي يظهر أنها مالت للفرنسيين بوسيلة أو بأخرى.

وبهذا أخذت وضعية توات تنقلب، فقد بدأت فرنسا تؤسس لنفسها نفوذا سياسيا بين بعض القبائل التي أصابها الخوف نتيجة تزايد الضغط العسكري الفرنسي ضد واحات توات.

وهكذا استطاع الفرنسيون أن يعقدوا اتفاقيات مع عدد من الفصائل التي تسكن بواحة جورارة، وكذلك مع بعض فصائل ذوي منيع، وبعض الطوائف من سكان منطقة عين صالح.

وفي الوقت الذي أعطى فيه مؤتمر برلين 1885م حرية التوسع الأمبريالي في إفريقيا بالنسبة للدول الأوروبية التي حضرت هذا المؤتمر، بادرت فرنسا إلى تهيئة الشروط الضرورية لاكتساح منطقة توات، وفعلا شيدت في السنة التالية للمؤتمر 1886م حصنا في منطقة المنيعة، ووضعت فيه حامية عسكرية تتركب من 1560 جنديا بصفة دائمة، وهي الحامية التي سيقرر البرلمان الفرنسي في بداية العقد الأخير من القرن 19ميلادي رفع عددها إلى 6000 جندي، وقد كانت حامية فرنسا قد حاولت الاستقرار بها منذ 1873م، ولكنها انسحبت منا لأسباب أمنية.

وفي التاريخ نفسه 1886م قامت بعثة دراسية فرنسية تحت إشراف الضابط (بالا) الذي تجول عبر منطقة توات كلها بمساعدة شخصين مسلمين من كبار قصور حاسي الشيخ بالحدود الوسطى، وقد خرج (بالا) من قصور الأبيض سيدي الشيخ، ونزل عبر حوض وادي كير، ثم وصل إلى واحات الخنافسة، ثم تجول في قصور جورارة، وزار مؤسسة الشيخ بوعمامة في ناحية دلدول، ومكث هناك في ضيافة بعض الأهالي مدة ثمانية أيام، ثم توجه إلى منطقة عين صالح مروراً بناحية تادمايت؛ حيث اغتيل هناك في شهر فبراير 1886م هو ومرافقاه الجزائريان، وقد كان اغتياله على يد أصحاب الشيخ عبد القادر بن باجودة الذي كان من أكبر زعماء منطقة عين صالح، الذي سبق له أن نصب كمينا للبعثة العسكرية الفرنسية سنة 1881م و قتل الكثير منهم.

الشيخ بوعمامة الروحي:

الشيخ بوعمامة – رحمة الله عليه - هو أحد أحفاد الولي الصالح الشيخ عبد القادر بن محمد المعروف بسيدي الشيخ.

وهو من بني عمومة سي سليمان بن حمزة زعيم المقاومة الكبرى المسماة في التاريخ ثورة أولاد سيدي الشيخ.

دخل بوعمامة التاريخ من بابه الواسع، واشتهر حتى بلغت شهرته الأصقاع والآفاق، مشرقا ومغربا؛ لأنه أشرف على انتفاضة شرسة و مقاومة باسلة كادت أن تعم الغرب الجزائري بأكمله، بل لأنه أدرك بالبديهة الصائبة والرأي الراجح الدور الذي يجب أن تلعبه الزوايا الروحية.

نسب الشيخ بوعمامة:

الشيخ بوعمامة هو: محمد بن العربي بن الحرمة بن إبراهيم بن التاج بن عبد القادر بن محمد سيد الشيخ القطب بن سليمان بن سعيد بن أبي ليلة بن عيسى بن أبي يحي بن معمر الملقب أبو العالية بن سليمان بن سعيد بن عقيل بن حفص الملقب حرمة الله بن عساكر بن زيد بن حميد بن عيسى بن التادلي بن محمد الملقب السلي بن عيسى بن زيد بن الطفيل المدعو الزغاوي بن صفوان بن محمد بن عبد الرحمان بن سيدنا أبي بكر الصديق - رضي الله عنه-.

فهو من مواليد منطقة امغرار في حدود 1845م، حيث نشأ وترعرع في هذه المنطقة التي عرفت بالتوتر والغليان في النصف الأخير من القرن التاسع عشر، وانعدام ما يسمى بالدولة إضافة إلى طغيان قطاع الطرق، خاصة وأن المنطقة حدودية، وهناك ما يسمى مخزن السلطان لا يتساهلون مع هذه القبائل، فهم يمارسون معها سياسة العصا الغليظة، وهي تشكل خطرا جاثما يهدد الأمن ويجعل المنطقة كلها على فوهة بركان سرعان ما يندلع في أي مكان وفي أي اتجاه.

وكان احتراف الوعي لا محيد عنه للشباب، قبل أن يشتد عودهم، فيمتهنون التجارة، وعن طريق القوافل يكونون همزة وصل بين الصحراء الشاسعة جبوبا و التل الوهراني، إلا أن والده السي العربي بن الحرمة قرر أن يجعل ابنه ملازما للشيخ محمد بن عبد الرحمان أحد مقدمي الطريقة الشيخية، الذي تعلم على يديه بعض آي القرآن الكريم والحديث الشريف، وبعد ذلك بالنسبة لأهل لطريقة الأوراد، والأذكار ثم المبادئ العامة للتصوف والزهد في الحياة.

وتعلم الطريقة بما يؤهله لأن يكون شيخا مقدما، ومن هنا بات واضحا أن زاوية امغرار قد حُسم الأمر في شيخها ومقدمها من البداية لما عرف عن هذا الشاب من ورع وحكمة وسداد رأي ونفاذ بصيرة، وحسن تدبير تألقاً بجديه القطبين الصالحين سيدي الشيخ وسيدي سليمان بن أبي سماحة.

فها هو يكرس جانباً مهماً من حياته في طلب العلم والبحث في الأمور الفقهية المختلفة، إلا أن العصر بأكمله لم يكن ليزخر بحواضر متميزة للعلم والعلماء في هذه المنطقة من الجزائر بالضبط، فهي بؤرة توترات وحروب سواء تعلق الأمر بالغزو الفرنسي أم مخزون السلطان المغربي، المهم أن الشاب يكون قد ارتحل إلى المغرب ليتابع حلقات درس القرويين.

ويمكن أن نؤكد أن الرجل عصامي، نهل من المصادر المهمة التي وقعت بين يديه، فأخذ ما كان يجب أن يأخذ، فتثقف وتفقه واطلع على كثير من المعارف التي كان يرغب في الاطلاع عليها ككتب التصوف - على سبيل المثال.

فها هي وفود القبائل تعترف أما مقدم الطريقة بمشيخته سيداً جديداً للزاوية، وشيخاً روحياً لهذه الطريقة الصوفية البديعة المرتبطة به شخصياً، التي أطلق عليها اسماً. وفيما بعد صارت الوفود ترتاح إليه وهي الطريقة (الإيمانية)، ومن هنا تدخل اعتبارات عديدة في اختيار الشيخ الزاهد، أهمها:

شرف نسبه، وسمعته الحسنة، ونبل خلقه وسيرته الورعة، ولطف تعامله مع الجميع.

فعلى الرغم من ثقافته المتواضعة ودرجات التفقه غير المعمق مقارنة بمشائخ الطرق العريقة إلا أنه صاحب خبرة ومجالس ومعارف شفوية مهمة، مما جعل أهل الطريقة يزكونه لمشيخة الطريقة الصوفية، ويختارونه دون سواه، ومن هذه البداية برز تفوقه وذكاءه الخارقان، وذلك بعد أن اختار اسما للطريقة الشيخية متوخياً تغيير اسمها، تفادياً للصراع الذي قد ينشب مع بني عمومته، ولذلك كانت الطريقة الإيمانية مجرد اسم للشيخية حتى وإن بدل فيها بعض ما يمكن أن يبدل من أشياء طفيفة لا تمس جوهر الطريقة.

ولقد ركز الشيخ بوعمامة في بدايته على ربط الصلة الروحية بالقبائل، فجعل الأفئدة تتعلق بمنهجيته في الطريقة الإيمانية والتي رسمها بطابعه الورع وحياته الجهادية، ولعل العنصر الرئيسي في بصمات الشيخ هي المرتكز الجهادي الثائر على الأوضاع المزرية التي كانت تعيشها المنطقة، وأصبح من المؤكد لديه أن الوازع الديني وحده الكفيل بتغيير ما يسود من مآس، وماكاد يرتبط بالزاوية ومشيختها ويعلن عن أذكار وأوراد الطريقة الإيمانية حتى ارتبط بالسيدة ربيعة ابنة عمه، والتي أنجبت له نجله السي الطيب في عام 1870م، الذي أصبح رفيق حياته ومعاركه كلها.

لم تكن سلطات الاحتلال الفرنسي على جهل تام بما تحضره مشيخة الزاوية وزعيمها الروحي، الذي وصفته التقارير المختلفة بأنه مجرد رجل مهوس، بينما ذكرته تقارير أخرى بأنه رجل دين، صاحب طريق مرابط، يجمع أموال الزكاة لينفقها على أصحابه المجاذيب من مريدي الطريقة، والبعض وصفه بأنه مجرد مجنون مدروش.

وواصل الشيخ بوعمامة تحضيراته المادية والبشرية في سرية تامة، فاجتمع إليه شيوخ القبائل المجاورة للمنطقة، وشرع في مراسلة العديد من الذين اعتقد فيهم المؤازرة والمساندة، وقد أعطت قبيلة الشعانبة خير مثال على ذلك، كما أنه بعث وفوداً إلى أولاد سيدي الشيخ الغرابة، ثم أولاد سيدي الشيخ الشراقة.

وهذه أسماء بعض الرسل:

- مرزوق السروري: إلى قبائل الطرافي.

- الطيب بن الجرماني: إلى قبائل الأحرار الشراقة.

- بلقاسم ولد لزفران: إلى قبائل أولاد ازياد.

- العربي ولد الطيب أحمد: إلى قبائل الرزاينة.

لقد بعث الشيخ بوعمامة عدة رسائل إلى أعيان القبائل وتلا عليهم رسالة الجهاد مع توضيح الأسباب، وهذه الرسالة التي تلاها عليهم:

( الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله: جماعتنا المحروسة بعين الرضا قبيلة بعد قبيلة من غير تخصيص، نعلمكم أعلمكم الله خيرا على أمر الجهاد في سبيل الله بعدما فرق الكفار الفرانساويون بين الأخوة، وفسقوا في أرضنا، واستحلوا حرماتنا، أرادكم الله وأعانكم، وللخير والجهاد وفقكم. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته).

فتوكل الشيخ على المولى عز وجل، وخاض المعارك الطاحنة رفقة أتباعه ومريديه، والسبب المباشر في إعلان الجهاد من طرفه هو هذا الوازع العقائدي، بل أن الجحافل المنضوية تحت راية جهاده والتي تعد بالآلاف ماكان لها أن تكون لولا شدة اقتناعها بأنها تحارب قوات الكفر، وتحمل شعار الجهاد في سبيل الله وإعلاء كلمة الحق، وتحرير الوطن من دنس المحتل ،وعلى وجه أخص أن الجميع متأكد بأن الزعيم الروحي ليس له من هدف يصيبه إلا الإيمان الراسخ، ثم أنه أثبت للملأ أنه لا يسعى إلى تكوين زعامة سياسية، وإنما كان تركيزه على أن يفهمه الجميع بأنه قائد روحي ثائر على الظلم والاضطهاد على شاكلة سليمان بن حمزة وبقية أبناء عمومته، يتزعم مجاهدين أوفياء كما كان يصفهم، يدافعون عن شرفهم ولا يسكتون أمام جبروت الظالم المستبد.

إنه بذلك هو رفاقه يعلنون كلمة الحق تمازجها لحظات النصر ، وفي الوقت ذاته يقيمون حلقات الذكر لقراءة القرءان الكريم حيثما حل بهم الظلام، وفي زاويتهم المتنقلة يستعيدون أورادهم وأدعيتهم الصوفية العميقة، مهللين ومكبرين ومسبحين على طريقتهم الإيمانية.

فعلى الرغم من عدم تمكنه من الثقافة العميقة إلا أنه استطاع مجاراة أحداث زمانه نتيجة دهائه السياسي وخبرته بالمنطقة ومجالسته لكبار العارفين من هذه القبائل المختلفة التي جمعته بها كلمة الجهاد، ثم إنه متمكن من الثقافة الشفوية التي عرف بها كبار القادة وعظماء الرجال .

راسل شيوخ القبائل وقادة الاحتلال الفرنسي برسائل تاريخية وعرض المشورة على ثلة من المقربين منه .

استقبل مبعوثي القادة العسكريين وأجابهم مشافهة وتارة عبر رسائل، وفي كل الحالات كان يلح على ترديد كلمته التاريخية الشهيرة: (يجب أن تخرجوا من أرضنا والجزائر ليست فسحة لكم ولحم اولادها مر) رافضا الصلح بكل صوره، وكان يراه خيانة .

ومرت زاويته بعدة مراحل في حياته، ولكنها بدت إلى التطور شيئا فشيئا، فبعد أن أسسها في أمغرار وجدد الحصون حولها وبني جوانبها، خاض عدة معارك أهمها معركة تازينا 19-05-1881م والتي انتصر فيها المجاهدون انتصارا عظيما، وفتحت الطريق أمام الشيخ بوعمامة لينشر ثورته في مناطق التالية : عين الصفراء ، البيض، أفلو، فرندة، تيارت، سعيدة، و بشار، وبعد هده الثورات اضطرت السلطات الفرنسية أن تجعل باستعادة جزء من قواتها العسكرية التي اشتركت في احتلال تونس لتواجه به مقاومة جيش الشيخ بوعمامة.

وإرسال العقيد القائد (نقريي) من ناحية البيض إلى الأبيض سيدي الشيخ، الذي فكر في أن القضاء على ثورة أولاد سيدي الشيخ يستلزم تحطيم ضريح سيدي الشيخ، والزاوية بنطقة البيض .

وانتقلت الزاوية والطريقة الإيمانية إلى الخيم حيث الشيخ بوعمامة متنقل عبر التلال والفيافي، ثم أعاد بناءها في دلدول قرب منطقة تيميمون بأقصى الجنوب الجزائري وتجمعت حوله القبائل وأعيان القصور والواحات.

لقد قام الشيخ بوعمامة بعدة معارك في ناحية جرارة وأماكنها معلومة إلى يومنا هذا، ومنها:

معركة حاسي الشيخ: يقع بين المنيعة و ناحية لحمر.

معركة حاسي علي : هناك مقبرة الشهداء بزاوية الدباغ إلى حد الآن .

ومن دلدول حيث فقد ابنه: المسمى السهلي بوعمامة انتقل إلى العرق، وأقام زاويته في مكان يسمى: اعريس سيدي بوعمامة.

ومن العرق انتقل إلى بني ونيف، حيث بني قبة جده الشيخ سيدي سليمان بن أبي سماحة البكري الصديقي وبني المسجد ومرافق الزاوية سنة 1891م الموافق لـ 1311هـ، ولما أنجز البناء أقام صدقة عظيمة ودعى إليها أهل بني ونيف والقصور القريبة منها، وفي ذلك يقول الأستاذ طواهرية عبد الله هذا النظم:

بن ضريحه المجاهد العتيد
أبو عمامة لجده السعيد
مشيدا ضريحه والمسجدا
حتى بدا في حلة مجددا
في ألف هجرة ثلاثمائة
وواحد ملازم لعشرة

ومن بني ونيف ذهب الشيخ رحمه الله إلى واد قير.

وفي سنة 1886م قدم الشيخ بوعمامة ورقة طلب الأمان من فرنسا حينما أشتد عليه الخناق من مختلف الجبهات، إلا أن الفرنسيين رفضوا طلبه،ولم تبرر التقارير العسكرية سبب الرفض ، والذي يكون مرده إلى عملية استدراج استراتيجي عسكري كانت تخفيه لتستعمله محالة قصف المواقع التي يستعملها الشيخ ، ولذلك بدأت تموه في اعتقادنا، وهو الأمر الذي تفطن إليه الشيخ بوعمامة بدليل أنه بعث رسالة ثانية يطلب فيها الأمان وجاءه الرد بتاريخ 08 ديسمر 1899م في رسالة تقول فيها السلطات العسكرية لناحية عين الصفراء بأننا نقبل طلبك الأمان.

إلا أن الشيخ بوعمامة استغل هده الموافقة المبدئية سياسيا وكأنه يقول لهم : ها أنتم تعترفون بالانتفاضة الكبرى والمقاومة المباركة التي أنهكتكم ودوختكم، وهنا يمكن نجاح الشيخ سياسي .

إن الانتصارات العديدة التي أحرزها على العدو خلال سنوات الجهاد صنعت منه رمزا بطوليا جعل السلطات توافق مكرهة على طلبه، إلا أن الشيخ رفض قبولهم لطلبه الأمان ورمى به جانبا وتوغل في أعماق الصحراء الجزائرية الشاسعة بجيشه وبالضبط إلى في ناحية دلدول، ليجدد قواه في الصمت الصوفي المطبق هناك، وكان يشرف على عمليات سريعة تداهم العدو في حصونه من حين إلى آخر .

- نتائج مقاومة الشيخ بوعمامة:

تمثلت هذه النتائج فيما يلي:

1- كانت ثورة الشيخ بوعمامة تحديا كبيرا لسياسة الجمهورية الثالثة ,والتي كانت ترمي إلى إتمام عمليات الاحتلال الشامل للجزائر ,واستطاعت أن تعطل وتعرقل المشاريع الفرنسية في الجنوب الغربي الجزائري سنوات عديدة.

2- تمثل ثورة الشيخ بوعمامة المرحلة النهائية من استراتيجية الزعامات الوطنية في مواجهة الاستعمار الفرنسي عن طريق المقاومات الشعبية التي تعتمد أساسا على العامل الديني في تعبئة الجزائريين لمقاومة الاحتلال.

3- تعتبر ثورة الشيخ بوعمامة من أعنف المقاومات الشعبية في المنطقة العربية برمتها خلال القرن التاسع عشر بعد مقاومة الأمير عبد القادر طبعا.

4- كشفت ثورة بوعمامة ضعف الفرنسيين في مواجهة المقاومة مما جعلها تبحث عن الحلول السياسية لإخماد نار الثورة خصوصا مع المرحلة الثانية 1883 -1892 حين ظهرت قضية الأمان الذي كانت تبحث عنه السلطات الفرنسية من بوعمامة الذي رفضه من خلال المراسلات و المفاوضات التي كانت تسعى إليها فرنسا.

5- الخسائر البشرية والمادية هي الأخرى كانت من أبرز النتائج التي تمخضت عن الثورة.

6- عجلت الثورة بإتمام مشاريع السكك الحديدية في المنطقة وربط الشمال الجزائري الواسع بجنوبه الشاسع .

7- إن مقاومة الشيخ بوعمامة حتى وإن لم تحقق أهدافها في طرد الاستعمار من المنطقة بسبب العقبات التي اعترضتها منها على وجه التحديد عدم التمكن من توحيد فرعي أولاد سيدي الشيخ وكذلك ضغوط السلطان المغربي عبد العزيز على الثورة والمقاومة الجزائرية وحصرها في الحدود ,إلا أنها أثبتت قدرتها على المقاومة وطول النفس وعرقلة التوسع في المنطقة .

حــوصلـة :

أشرف الشيخ بوعمامة على الطريقة الشيخية، فهذبها ورتب ما يرتب فيها وجعل منبعه فيما أبدعه منها وسماها (
icon_sad.gif
الطريقة الإيمانية ) لكي لا يحس أبناء عمومته بأنه مغتصب لحقهم في إرث جدهم الأول، ثم إن ما أراده من الطريقة قد تحقق بإتقان ومهارة وعبقرية،لأن المنهج السفلي في الذكر جعله معاصرا وصنع من المريدين والدراويش جيشا عرمرما يقف غصة في حلق الجيوش النظامية فيهزمها ويرسم انتصارات باهرة.


قاد انتفاضة لم تتوقف إلا بوفاته في يوم 08 أكتوبر 1908م في شهر رمضان حيث عمل كل ما في وسعه لتوحيد القبائل الجزائرية بالغرب و الجنوب، جعل من أولاد سيدي الشيخ والجادبة، وحميان، والعمور، والشعانبة، قوة عظيمة يحسب لها ألف حساب بعد أن كانوا في غالبيتهم متطاحنين على أماكن كلأ والآبار ، بل أنه أدخلهم التاريخ من باب الواسع، قال عنه أحد القادة الفرنسيين (( إن ثورة بوعمامة ومقاومته الباسلة هي قضية شعب بأكمله)).

وقال عن نفسه: (( بأنني خلقت من أجل رفاهية أبناء هدا البلد الأوفياء لأوامر القرآن)) .

وكان يقول : (( إن جيشي الحقيقي هو الإيمان )).

وكان يرى في قبول الاستسلام مع فرنسا بأنها: (( قبول السيادة الفرنسية معناه خيانة الله)).

كذا قام في تسيير مراحل انتفاضته والتي عمت أرجاء الغرب الجزائري كله ، وشملت التل والصحراء على السواء، لقد ملأ الدنيا وشغل الناس، وفتق عقولا أخمدتها جلابيب تحجر الدروشة العميقة، وجعل الزاوية متفتحة على فهم ما حولها بل انتقل بها إلى مرحلة العطاء والتضحية .

إن الشيخ بوعمامة جعل العدو بقواته الرهيبة يجعل ألف حساب للمقاومات ،مهما كان شكلها ومهما كانت قوات نفدها وأنصارها .

إن ثورة الشيخ بوعمامة ومقاومته الباسلة انطلقت من صلب الطريقة الصوفية، ثائرة على الأوضاع المزرية التي كان يعيشها المواطن الجزائري متفهمة لحقائق العصر ونابضة بدفق هواجس المستقبل، وبذلك تكون مكملة للحلقة التي فتحها الأمير عبد القادر، وعمقها أولاد سيدي الشيخ والثوار التواتيين في انغر والدغامشة، ومنطقة جرارة لتجدها أجيال أول نوفمبر 1954م مرتكزا تستند عليه لمواصلة المسيرة.

قصيدة في رثاء الشيخ بوعمامة باللهجة الجزائرية:

عزوني ياناس في شيخ العـربان
عزي وعنايتي ومفاتح أورادي
تبكي عيني لبوعمامة طول الزمان
تبكي عيني على مدى نكس ميعادي
تبكـي عيني عليه ما طـال الزمان
طول الحياة والدموع على خدي
تبكـي عيني عليه مفتاح البيان
ركن الرحمة الله عليه الخير يهدي

المصادر:

- لفت الأنظار إلى ماوقع من النهب والتخريب والدمار بولاية أدرار إبان احتلال الاستعمار، الشيخ مولاي التهامي غيتاوي، منشورات ANEP، الجزائر، 2006.

- أبطال ومعارك المقاومة الشعبية، موقع شريطي محمد،

- مقاومة الشيخ بوعمامة 1881-1908.

بقلم:
إدريس بن محمد بن خويا

رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته.

المجد والخلود لشهدائنا الأبرار.




ta7iya.gif





87108647zx9.gif






qasralkhair-8c94891f8b.gif
 
الرسالة الأولى

1265018739.gif







star7.gif


1_53549.gif
s%20(25).gif
1_53549.gif

الرسالة الأولى
b_751116699.jpg

رسالة تعزية إلى سكان منطقة تاويالة

رسالة تعزية الشيخ بوعمامة الى سكان منطقة تاويالة على شهدائهم الأربعة في معركة بمنطقة العين الصفراء وهذا نصها:

((من رئيس المقاومة الشيخ بوعمامة الى كبير الدوار محمد بن عثمان

بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة و السلام على اشرف المرسلين سيدنا محمد بن عبد الله خاتم النبيئين و المرسلين و صلى الله عليه و اصحابه اجمعين هذه رسالة من عند رئيس و قائد و مقاوم الثورة الشيخ بوعمامة لبيض سيدي الشيخ الى قرية تاويالة السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته فانه قد القي عليكم اخيار المقاومة فانها فيها نتصور باذن الله نصرا مبينا مع انه قد استشهد من ابنائكم اربعة رجال و هم عبد الله بن عروس و محمد بن علي و عابد بودربالة و منصور بن محمد فانهم فيها استشهدو في سبيل الله فلذا اننا نخبركم عن احوال الثورة و عن انتصارات فيها ضد العدوان الفرنسي و مازلنا نقاوم و نهاجم حتى الموت او النصر فلا تحزنو على الشهداء بل اصبرو بالصبر المتين لقوله تعالى ( و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون) و كان نصرنا باذن الله في العين الصفراء و نجحنا في المعركة باذن الله و سوف ننجح باذن الله و الرسالة بيننا و بينكم مستمرة و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته وهذا الذي وقع بتاريخ 20 جوان 1884 )).


ملاحظة: من خلال بحثي في شبكة الأنترنت حول معركة العين الصفراء التي هي مؤرخة مابين 1881-1883 حسب المركز الوطني للدراسات و البحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر 1954 ومن خلال هذه الوثيقة فان المعركة و قعت في 1884 وليس مابين 1881-1883

0282d110.jpg

وثيقة أصلية بخط يد الشيخ بوعمامة وهي رسالته التي بعثها معزيا فيها أهالي تاويالة.



ayat169170171alomrangb3.jpg

رحمهم الله تعالى وأسكنهم فسيح جناته.

المجد والخلود لشهدائنا الأبرار.




ta7iya.gif




87108647zx9.gif










qasralkhair-8c94891f8b.gif
 
آخر تعديل:
الرسالة الثانية.

1265018739.gif








star7.gif


1_53549.gif
s%20(25).gif
1_53549.gif


الرسالة الثانية
b_751116699.jpg

رسالة من الشيخ بوعمامة الى أحد أعيان تاويالة



وهذا نصها:



( بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة و السلام على اشرف المرسلين سيدنا محمد بن عبد الله خاتم النبيين و المرسلين و صلى الله عليه و سلم فإن مقاومة الشيخ بوعمامة قد تلقت الخبر من طرف العدو الفرنسي بان منطقة تاويالة هي التي تدعم المقاومة فلذا فاننا نخبركم بالخبر العاجل عن هذه البيعة و لتكونوا حرصين كل الحرص عن هذا الأمر و لتاخذوا حذركم من عدوكم و اخفاء الرسائل التي هي بيننا و عليكم بكتمان السر و ان تخبروا رجالكم الذين كانوا يريدون الإلتحاق بالمقاومة لكي يختبؤوا و ليثبتوا على اقوالهم بان لا يبوحوا بالسر مهما كانت ظروف العدو و هذا ما أردت ان اقوله لكم و عليكم برد الرسالة فيما بعد.



و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته.).



صورة الرسالة:



0272cf10.jpg


وثيقة أصلية بخط يد الشيخ بوعمامة وهي رسالته التي بعثها إلى أحد أعيان أهالي تاويالة.





ayat169170171alomrangb3.jpg

رحمهم الله تعالى وأسكنهم فسيح جناته.

المجد والخلود لشهدائنا الأبرار.




ta7iya.gif




87108647zx9.gif











qasralkhair-8c94891f8b.gif
 
ثورة العامري ( البوازيد)1876

1265018739.gif









star7.gif


1_53549.gif
s%20(25).gif
1_53549.gif


ثورة العامري ( البوازيد)1876

المبحث الأول : أصل البوازيد:


يعود أصل البوازيد إلى الولي الصالح سيدي بوزيد بن علي بن مهدي بن صفوان بن مروان بن يسار بن موسى بن سليمان بن يحيى بن موسى بن عيسى بن إدريس الأصغر بن إدريس الأكبر بن عبد الله الكامل بن الحسن السبط بن الحسن المثنى بن علي بن أبي طالب وفاطمة بنت الرسول ¬_ صلى الله عليه وسلم _ .

ولد سيدي بوزيد بمكة المكرمة في بداية القرن الخامس (420هـ،1050م)،ومن صفاته أنه كان أشقر اللون، مقرون الحاجب، كثيف اللحية، له علامة في طرف جبهته ،وهو جرح أصابه به جواد من الخيل وهو في سن الثامنة عشر ،كما عاش من العمر ما قارب 163 سنة ،تلقى تعليمه الأول في مسقط رأسه ،حيث حفظ القرآن الكريم ولم يتجاوز من العمر 10سنوات ،كما درس الفقه والحديث وعلوم الشريعة، وتتلمذ على يد شيوخ أجلاء منهم أبو حامد الغزالي، سيدي ابن العربي،وغيرهم من العلماء.

وعندما بلغ من العمر أربعين سنة، عزم على الرحيل لزيارة ضريح إدريس الأكبر، في المغرب الأقصى الشقيق، فاستغرقت رحلته نحو 40 سنة،وقد شهد له سكان المناطق التي حل بها بالعلم وسعة الرزق وحسن الأخلاق.

و بمدينة فاس بالمغرب الأقصى ، طاب له العيش فإستقر بها، إلى أن أصبح حاكما لها ،ولكن ومع مرور الوقت نشب نزاع بينه وبين أبناء عمه الأدارسة، فتنازل لهم عن الحكم ورحل هو وأفراد عائلته إلى جبل راشد بالمغرب الأقصى، و في سنة (510هـ، 1150م)،زار الجزائر، أين استقر في منطقة "بجبل العمور"،حملت اسمه "قرية سيدي بوزيد "،كما يوجد بها ضريحه .

توفى في (580هـ،1210م)،خلف أربعة أولاد هم : عبد الله ،محمد، أحمد، علي .

 عبد الله وذريته:

أولاد عبد الله هم جزء كبير من سكان القرية حيث ضريح سيدي بوزيد، والجزء الآخر توزعوا بين الهامل بمدينة بوسعادة،و تاقين (قرب مدينة معسكر) ،أولاد سيدي العيد في فرندة بمدينة تيارت، أولاد عبد المالك في ثنية الحد بمنطقة تيسمسيلت .


 محمد وذريته:

أولاد سيدي محمد غادروا كلهم إلى المغرب ولم يبق أحد من ذريته في الجزائر، وهم الآن موزعون بين تازا والدار البيضاء بالمغرب الأقصى ،حيث قرية بالقرب من هذه المدينة تحمل اسم سيدي بوزيد.

 أحمد وذريته:

أولاد أحمد وهم موجودون كلهم في أقصى الشرق الجزائري حتى تونس، حيث تحمل ولاية تونسية اسم سيدي بوزيد. نبغ من أولاده وأسلافه كثير من العلماء والأولياء منهم:

سيدي محمد بالقاسم الهاملي، وضريحه في بلدية الهامل بالقرب من بوسعادة.

سيدي الحسين بن أحمد البوزيدي مدرس بالأزهر في مصر.

سيدي محمد بوزيدي المستغانمي شيخ الطريقة الشاذلية الشهيرة.

سيدي إبراهيم بن أحمد شيخ طريقة ومؤسس الزاوية القادرية في تونس .

سيدي محمد البوزيدي المغربي شيخ الطريقة الدرقاوية.

العالم الصوفي الكبير بن عجيبة المغربي، صاحب المؤلفات العديدة، من ضمنها:
أيقاظ الهمم في شرح الحكم العطائية لابن عط الله الإسكندري.

العلامة سيدي محمد الشاذلي القسنطيني وكان من الأصدقاء المقربين للأمير عبد القادر.

 علي و ذريته:

وهم أولاد جلول، أولاد إدريس، أولاد أيوب، أولاد جعفر لجبابرة (المدعوون البوازيد الشراقة) وأولاد عيسى بالقبائل وهم ينتمون إلى الزاوية الرحمانية أولاد أسعود في منطقة البيض، أولاد صافي في منطقة سيدي بلعباس، بني سعد في منطقة تلمسان، أولاد بوزيد بن عبد الله في منطقة غيليزان.

وقد أشتهر عرش البوازيد عموما بالشجاعة والكرم وسعة العلم لقول الشاعر:

وحاصل الذكر أن البوازيد كلهم فإما شجـاع بالسلاح مغمـد
وإما كريم الضيف للقرى وإما مـلك سائس يتهــدد
وإما همام العصر سلطان قائد وإما تقي بـلتقى يتعبــد
وإما ولى كامل يرشد الورى وإما عليـم للعلــوم مجـدد
وإما فتى حمل القرآن ربنا وإما إمام خطيب مصهرد

و بوازيد منطقة الزاب بمدينة طولقة ينتمون إلى الابن الرابع لسيدي بوزيد على بن سيدي بوزيد، و بسبب الإضطهاد الذي تعرض له هؤلاء البوازيد في الغرب الجزائري من قبل أمراء تلمسان ،انسحبوا تباعا إلى جبل عمور ( عين الريش )،ثم إلى أولاد جلال وأخيرا استقروا في العامري .

كما أن بوازيد فوغالة، كانوا يتنقلون إلى سوق السبت الموجودة في طولقة، حيث كانوا يقصدونها لفرز التمور (دقلة نور) ،وتنقلاتهم كانت وما تتم في مجموعات .

وبعد استقرارهم في العامري، شرع البوازيد في تشييد المنازل وبعض المرافق المهمة كالمسجد القديم على سبيل المثال .

كما أنهم كانوا يمتلكون ثروة هائلة، والمتمثلة في قطعان الماشية والتي كانت سببا في انتقالهم إلى التل في مواسم الحر .

وعن تاريخهم في المنطقة قبل الاحتلال الفرنسي ،فقد كانت منطقة لغروس في العهد التركي تحت قيادة البوزيدي (شيخ الغروس)،وذلك بعد منحه صالح باي الزميرلي البرنس الأزرق ،كدليل على تعينه شيخ العرب بالزاب الشرقي ،حيث كان هذا البرنس الأزرق اللون دليل على مرتبة المشيخة ،وكان هذا الشيخ تابع لأوامر القايد التركي الذي يلبس البرنس الأحمر . كما حرص البوازيد على تقديم لشيخ العرب 300 فارس تساعده في عملية استخلاص الضرائب من سكان الزاب .

وفي أواخر القرن17 وبداية القرن 18 قادة أم هاني التركية بنت رجب باي قسنطينة (ضرة جراحة بنت الشيخ الحداد والدة فرحات بن السعيد ) ، حركتها في منطقة الزاب ،فكان من أهم نتائجها انقسام قبائل الجنوب إلى قسمين حيث ضم:

القسم الأول: أهل بن علي، الشرفة، غمرة فامتنعوا عن تقديم الطاعة لشيخ العرب
إلا بقوة السلاح.

القسم الثاني : البوازيد ،أولاد زكري الذين قدموا لشيخ العرب الطاعة العمياء .
وبقى الولاء إلى غاية الاحتلال الفرنسي للزيبان 1844، وفي هذه المرحلة لم يختلف الوضع كثيرا حيث ظل البوازيد أوفياء لشيخ العرب وحادثة مقتل فرحات بن السعيد على يد البوازيد 1842 اكبر دليل على ذلك .

۞ لمحة عامة عن واحة العامري

تقع واحة العامري في الجنوب الغربي لمدينة بسكرة، على بعد 50 كلم تقريبا على مجرى مائي ينحدر من جبال أقسوم ويصب في وادي جدي ،و قد قامت هذه القرية على أنقاض قرية قديمة تدعى بيقو تقع على بعد 500 م شرق القرية الحالية، و قد زالت آثار هذه القرية و لم يبق من أثارها إلا القليل ∙

أما القرية الحديثة (العامري) ،فهي قرية بسيطة البناء مبنية من الأخشاب و الجريد، يتجاوز عدد دورها 300 دار يحيط بها سور حصين، مزود بمنافذ و أبراج لمراقبة محيطها، و لدفاع عنها ، يوجد بالقرية مدخلان (شرقي وغربي) و هما عبارة عن بابين يوصدان بعد صلاة العشاء ،و يفتحان مع طلوع الشمس،كما يوجد بها قصر العامري المكون من منازل متجاورة ∙

و قد كانت حياتها الاقتصادية جد مزدهرة، و ذلك بسبب وجود الكثير من المتاجر و دور الحرفيين ( صناع، حدادين... الخ).

والمنطقة مشتهرة بصناعة الزرابي و البرانس الجزائرية ، و صناعة السلاح كالحراب و الخناجر و كذلك صناعة البارود، كما كانت تقام بها سوق أسبوعية كل يوم جمعة ، و أهالي المنطقة يعتمدون في معيشتهم على غرس النخيل، و زراعة الحبوب و الخضر، و على رعي المواشي و الإبل و تربية الخيول خاصة عند البوازيد الرحل المنتشرين في ضواحي القرية.

أما فيما يخص الجانب الثقافي للواحة، فهو لا يقل نشاطا و ثراء عن الجانب الاقتصادي، فقرية العامري كثرت بها دور العلم خاصة المساجد و قد لعبت دورا فعالا في الحياة الثقافية بالمنطقة، فأصبحت مقصدا لكثير من العلماء في بلاد الجريد و نفطة ، كما اشتهر بها عدد من الأطباء العارفين بفن الطب .

۞ نبذة عن حياة الشيخ أمحمد يحيى:

هو الشيخ أمحمد يحيى بن محمد بن الصغير بن عبد الله ،ولد سنة1841 ،و هو زعيم قبيلة أولاد إدريس ، و هو فرع من أولاد بوزيد، و لا يعرف شيء عن حياته قبل أن يتزعم الثورة، سوى أنه كان من عائلة ميسورة الحال، و لديه القدر الكافي من العلم.

وبسبب ذكائه أصبح أمين وصاحب سر القائد، كما شغل منصب كاتب (خوجة) القايد بولخراص بن قانة و لعدة سنوات وهذا ما جعله يتزعم عرش أولاد إدريس، و قد تزعم الثورة و هو في سن الخامسة والثلاثين .

كما أنه عرف بالبطولة و حسن الخلق و الذكاء، و قد ساعده منصبه كثيرا على تقصي الأمور عن كثب و إدراك النوايا الحقيقية للعدو الفرنسي، فعارضها و تصدى لها، فطلب منه بولخراص الاستقالة من منصبه لشيخ قبيلة أولاد إدريس،بتهمه كتابة شكاوي باسم الأهالي وإرسالها إلى قائد المنطقة ،ورغم تأكيد خبراء الخطوط على براءة أمحمد يحيى ،إلا أن بن قانة أصر على عزله من هذا المنصب ،وهذا ما زاد فيه رغبة في الانتقام والتحالف مع علي باي لأجل ذلك ما أنه ينحدر من أسرة عريقة نبغ منها أخوه مسعود الذي كان قاضيا بمدينة بسكرة.

المبحث الثاني : أسباب اندلاع ثورة واحة العامري


لا تختلف أسباب مقاومة سكان واحة العامري عن بقية أسباب المقاومات الأخرى، و ذلك بسبب الترابط و التقارب فيما بينها، و هذا يعود إلى تمحورها حول هدف واحد هو رفض التواجد الفرنسي و عدم الرضوخ لسياسته الجائرة المطبقة ضد كل القبائل الجزائرية .​

ومن الأسباب المهمة لاندلاع هذه الثورة نذكر :

1- يعتبر السبب الديني من بين أهم الأسباب لإندلاع الثورة ،حيث أن سكان الصحراء كانوا ينظرون للفرنسيين على أنهم كفار و من الواجب محاربتهم و هذا ما ولد كرها شديدا في أنفسهم حيث أنهم لم يكونوا يفوتون فرصة تسمح لهم بمهاجمه القوات العسكرية الفرنسية، هذا الكره الذي كان نتيجة ما عانوه من سياسة المطاردة و التشرد المفروضة عليهم خاصة أثناء حركة بوشوشة .​

2- سعي أحمد بن عياش - رجل دين - في مارس 1876 إلى تحريض الأهالي للجهاد ضد الغزاة الفرنسيين و طردهم، حيث ذكرت صحيفة المبشر (Mobacher)عن تزعم ابن عياش لحركة التمرد والعصيان " أنه كثيرا ما يتضح بعد التحقيق أن إدعاءات ابن عياش كاذبة وهى بتالي من إيحاء أمحمد يحيى ... وابن عياش تمكن من أن يؤلب الناس على الإدارة الأهلية المتمثلة في الأعوان ".​

كما بعث الحاكم العام شانزي( Chanzy) إلى الجنرال كارتيري( Carteret) برسالة في 01جانفي 1876 أبلغه فيها " إن الثورة التي حدثت بعدما عملت فرنسا على إحلال السلام في المنطقة ،ليس مردها إلى المرابط ابن عياش فحسب...ولكن هي نتيجة الصراعات والدسائس المتواجدة بين الأطراف المسيطرة في المنطقة " .​

كما اقترح قائد الدائرة لبن قانة ˶بأن لا يعطي لهذا الدرويش أهمية مبالغ فيها ، لأن عملية عزله ستكون بشكل تدريجي، وذلك بالسماح إلى عشابة البوازيد بالتوجه نحو الشمال ،وإذا قام هذا الدرويش وهو مبتغانا بالسفر معهم فسوف تنخفض وتضيع هيبته يوما بعد يوم ،وسيصبح من السهل إلقاء القبض عيه عند مروره بباتنة إلى قسنطينة ،أما إذا قبل التعاون معنا فسنعيده كما كان من قبل مجرد معتوه˵ .​

3- بعد تمكن القوات الفرنسية من القضاء على حركة بوشوشة ،حيث ظل هذا الأخير مسيطرا على الجنوب الجزائري الشاسع منذ 1872 إلى غاية إلقاء القبض عليه ،و إعدامه يوم 31 مارس 1874 ،في جويلية 1874 قام الحاكم العام بإعادة تنظيم إدارة المناطق الصحراوية ،وذلك بإسناد القيادة إلى ابن إدريس ،في محاولة منه لخلق التوازن بين الطرفين المتصارعين (بن قانة وعلي باي ) ، و هي نفس السياسة التي اتبعتها في المقاومات السابقة مثل : ثورة المقراني و الحداد 1871 .​

كما أمر بمنح شيء من حرية التصرف لزعماء الأهالي ،وهذا لتجنب التدخل المباشر في شؤون المنطقة ،و اقتصر تدخل الضباط في حالة عجز رؤساء الأهالي عن حل الصراع ، إلا أن هذه السياسة لم تنجح لأن المكلفين بتطبيقها(من ضباط المكاتب العربية) كانوا يعملون على تجسيد سياسة الدس و الإيقاع بين العائلات خاصة بن قانة وأولاد بوعكاز .​

هذه الخصومات انعكست سلبا على قبيلة أولاد بوزيد ،فأعلنوا الثورة ضد فرنسا بعد أن قاموا ضد الأمير عبد القادر و حلفائه .​

وقد ذكر المؤرخ الجزائري يحيى بوعزيز في كتابه: الجزائر في القرنين 19 و 20 عن كتاب نشره أحد أفراد عائلة بن قانة في الصحافة الفرنسية حول اتهام علي باي زعيم بوعكاز في التسبب في إثارة بعض المشاكل، التي أدت إلى نشوب هذه الثورة و السبب في توجيه هذا الاتهام هو الإساءة إلى سمعة بوعكاز وإظهار عجزهم في الحكم، وقد سمحت هذه الإدعاءات والشكوك التي حاولت الصحافة الأوربية (Liberté) حبكها في محاولة لإظهار الدوافع الحقيقية لثورة البوازيد ،إلا أن هذه المحاولات وحسب رأي أجرون لم تخرج عن نطاق الوصف الخيالي واللامعقول، لينتهي مصير هذه المحاولات في المحاكم ،كما حدث لجريدة (Zéramma ).​

ورغم كل ذلك فإن هناك بعض الجرائد التي استطاعت أن تعطي نظرة حقيقية لما يحدث، وذلك ما ذهبت إليه جريدة (Des Déats) التي نشرت مقال لـ Ismaël urbain حيث ذكر فيه " أن فكرة التعصب هي فكرة مستبعدة ،حيث اعتبره مبررا، لكنه لا يمكن له أن يرتقي إلى درجة السببية ،كما اعتبر أن التخطيط لثورة من طرف شخص واحد هو أمر مثير للشبهة ،وأعتبر أن التنافس القائم بين العائلات من أهم أسباب التوتر " .​

4- أما شانزي فقد أرجع أسباب ثورة واحة العامري إلى عمق الواقع اليومي لسكان الواحة ،كما أكد على أنها حركة معزولة "إن الحيرة الصامتة التي تعيشها العديد من القبائل مجسدة في سذاجة الالتفاف حول المعلومات الكاذبة والإشاعات الرائجة وإلى موقف بعض الطرق الدينية من كل ذلك ،كما أرجع هذه الأسباب وذلك في تصريح له في جوان 1876، حيث حذر وزير الداخلية من نشوب المزيد من الاضطرابات وذلك بسبب سوء تقدير القوة التي تتوفر عليها السلطة ،وإلى الصرامة المتزايدة للقمع المسلط على السكان، وقد شرح الجنرال ( Bressoles) ذلك بقوله :"أنه لا ينبغي أن نعجب من محاولة تعلق القبائل بأماني انتصار ثوار الجنوب ،فهذه الأماني نتيجة اضطرارها لتحمل أعباء الاستحواذ على أملاكها العقارية ،فهي تخشى وصول اليوم الذي ترغم فيه على مغادرة أراضيها ... و باختصار فإن موقف العسكر، هو الدسائس والصراعات التي تحرك الصفوف إليها لم تكن لتجد مكانا لها في أعماق القلوب لو لم تكن الثورة قد سكنتها من قبل " .​

5- عمل الإدارة الفرنسية على رفع الضرائب و قد أوكلت مهمة تحصيلها إلى القايد بولخراص ،الذي كان متسلطا على السكان، إضافة إلى معاملته السيئة لهم ،وقد عبرت جريدة (La Vige Algérienne) عن ثقل هذه الضرائب الصادرة في 23 مارس1882 بمقال بعنوان صرخة إنذار (Cri Alarme) " لن نكون مبالغين إذا قلنا أنه لو طبق هذا الأسلوب الاستنزافي ،على بلد أوروبي ،ولو كان من أغنى البلدان ،فإن مرور سنوات قليلة يكفي لإحلال البؤس التام به" .​

6- الكره و العداء الذي كان يكنه الشيخ أمحمد يحيى منذ 1875 للسلطات الاستعمارية و لأعوانها، و ذلك بعد مقتل أخيه الأكبر مسعود الذي كان قاضيا في مدينة بسكرة -في ظروف غامضة في منزل الوكيل بالقاسم بن خمار- و قد شاع بين الناس أن القائد محمد الصغير بن قانة هو من أمر بدس السم له، كما تؤكد المراجع على أنه قتل مسموما فتألم أمحمد يحيى كثيرا لمقتل أخيه و قرر أن يأخذ بثأره من هؤلاء الخونة، ومما يرجح مقتل القاضي مسعود مسموما هو قيام السلطات الفرنسية بعزل الضابط كروزي(Crouzet)و تعيين مكانه جليز( Gellez)، الذي أصدر قرارا في 29 نوفمبر 1875 باعتقال أمحمد يحيى استجابة لرغبة بولخراص و سمح للقرار أن يطبق.​

كما انه تحالف مع علي باي وبدأ بالتحضير للثورة بشكل سري ،وقد أكد الجنرال كارتيري ،أن دافع الانتقام هو من بين أهم أسباب الثورة ،ولكن الحاكم العام شانزي لم يقتنع بهذا التحليل، وبرره إلى ميل الجنرالين إلى القبول برواية بن قانة والتي كان الهدف منها الإطاحة بعلي باي ،وهذا الاتهام يدخل ضمن حلقات الصراع بين العائلتين لا أكثر ولا أقل ،وما دعم شكوك الحاكم العام هو بقاء قوات علي باي في مكانها المحدد لها طوال فترة الثورة ،وهذا أكبر دليل على بطلان هذا التحالف .​

7- الرسالة التي بعثها سكان بسكرة، و المناطق المجاورة إلى الحاكم العام الفرنسي بالجزائر في شهر جوان 1875 ،حيث اشتكوا له ظلم و غطرسة بولخراص بن قانة، إضافة إلى تجبر الضابط الفرنسي كروزي فاتهم بولخراص بن قانة كاتبه أمحمد يحيى صاحب فكرة تحرير الرسالة للأهالي، و تم إلقاء القبض عليه و ترحيله إلى مركز القيادة ببسكرة ،حيث حقق معه الضابط لوفرو ولكن نتيجة التحقيق أسفرت عن براءته، و على الرغم من براءته إلا أن بولخراص ظل ناقما عليه و طلب منه الاستقالة منبه، لكن الشيخ أمحمد يحيى أصر على مواصلة ممارسة مهامه ككاتب حيث أنه عندما دعا بولخراص أمحمد يحيى إلى بسكرة رفض الامتثال لأوامره خوفا من أن يلقى مصير أخيه .​

المبحث الثالث: مجـريات الثـورة:

بعد رفض أمحمد يحيى تلبية دعوة بولخراص إلى بسكرة ،وجه له هذا الأخير دعوة ثانية، بعد أن قدم له الضمانات الكافية لسلامته، فاتجه إلى بسكرة و اجتمع كل من أمحمد يحيى و بولخراص و الضابط جيليز ،و تناقشوا في العديد من المسائل التي كانت سببا في إشعال نار الخلاف بين القائد بولخراص و كاتبه، و بعد هذا الاجتماع تنفس جيليز الصعداء ظنا منه أنه قضى على الخلافات ،و أن الأمور ستعود إلى نصابها من جديد و لكن الذي حدث هو أنه بعد عودة أمحمد يحيى إلى أولاد بوزيد شرع في دعوة البوازيد إلى الوئام لأنه كانت هناك انقسامات في صفوفهم ، وقد تمكن أمحمد يحيى من التوفيق بين مختلف الأطراف ،كما أصبح بحكم الأمر الواقع شيخ للقبيلة ، كما حثهم على إعلان الثورة .​

لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا لم يقم الحاكم العام الفرنسي باعتقال أمحمد يحيى عندما أتى إليه في بسكرة رغم إصداره قرار اعتقاله في 29 نوفمبر 1875؟.​

وقد وجد أمحمد يحى في رجل الدين أحمد بن عياش قوة دعائية لثورته، فاستطاع هذا الأخير أن يوحد صفوف الأهالي و يجندهم و يبدد خلافاتهم الهامشية ،هذه الخلافات التي زرعها الاستعمار من أجل بث التفرقة قصد إضعافهم، و بذلك اندلعت الثورة في واحة العامري 2.​

و عندما علمت السلطات الاستعمارية بأمر الثورة ،سارعت إلى الواحة قصد القضاء عليها قبل أن يشتعل لهيبها و يصعب إخمادها، فعملت في بادئ الأمر على سياسة التفرقة و ذلك بزرع الدسائس و الفتـن في أوساط الأهـالي و الإساءة إلى كل من أمحمـد يحيى و بن عياش ،و إظهار نواياهم في القضاء عليهم و تدميرهم و السير بهم إلى مصير مظلم 3.​


كما طلب الحاكم جيليز من بولخراص أن يرسل له تقريرا يتضمن تفاصيل ما يحدث في واحة العامري، فأجابه أن البوازيد مخلصون للسلطة الفرنسية و أن اجتماعاتهم كانت من أجل طلب الغيث(صلاة الاستسقاء) و ليس الغرض منها الثورة .​

إلا أن الضابط جيليز لم يقتنع بتقرير بولخراص ، وذلك بسبب ما أخبره به أحمد باي قائد أولاد زكري، عن تذمر أولاد بوزيد و عزمهم على إعلان الثورة و قد أخبر جيليز كل من الجنرال كارتيري و لوفرو عن مخاوفه قبل انطلاق الحملة على تقرت.​

وعلى الرغم من استجابة أولاد بوزيد لطلب الجنرال كارتيري في المساعدة لاقتحام مدينة تقرت ،حيث وصلت قوات البوازيد إلى بسكرة في وقتها المحدد للمشاركة في الحملة(على الرغم من عزمهم على إعلان التمرد).​

و في صباح 08 مارس 1876 توجهت القوات الفرنسية رفقة البوازيد إلى مدينة تقرت و ما إن وصلوا "مراير" حتى انفصلوا عنه و كان ذلك في 11 مارس ،1876 وحاولوا استغلال فرصة انفرادهم بالجنرال كارتيري و الهجوم عليه و على قواته في واد ريغ لكنه تفطن لنية البوازيد فاضطر للعودة أدراجه .​

وبعد هذه الحادثة أعلن الحاكم العسكري لتقرت أن عرش البوازيد في حالة عصيان ،ولابد على فرنسا أن تسرع في اتخاذ التدابير اللازمة لإخماد هذه الثورة ،قبل أن يمتد لهيبها إلى المناطق المجاورة للعامري ،وتصعب السيطرة عليها .​

وفي 26 مارس 1876 ،وردت إلى مقر الحكومة العامة أخبار عن بداية انتفاضة قبيلة البوازيد البدوية ،وذلك بزعامة مرابط مجهول لدينا ،وقد عجز قائد المنطقة بن قانة في إحكام السيطرة على الوضع ، فالمنطقة إلى غاية هذه الفترة بقيت بعيدة عن التخطيط لأي ثورة وذلك بسبب القمع الشديد الذي تعرضت له ثورة1871 ،إلا أن العداء القائم بين آل بن قانة وعائلة بو عكاز (علي باي) ،هو الذي دفع بعودة الاضطرابات من جديد .​

و بعد هذه الحادثة تأكدت البداية الحقيقية للثورة ،خاصة بعد أن أكدها القائد بولخراص للضابط لوفرو و كان ذلك في 19 مارس، كما حمله لوفرو كامل المسؤولية، و اتهمه بالعجز عن رصد كل ما يحدث من حوله، كما أبلغ الجنرال كارتيري بالمستجدات التي حدثت في المنطقة و بالاستعدادات التي قام بها كل من الزعيمين أمحمد يحيى و أحمد بن عياش، و اتصالهما بشيوخ القبائل المجاورة لهم، و قد نجح في كسب دعم قبيلة المسالمية و قبيلة سيدي سليمان ،و الشيخ بن داح شيخ قبائل الجبابرة، والشيخ مبروك بن بريكة شيخ قبيلة أولاد داود و الشيخ محمد بلحاج بن سالم و الشيخ علي بن ريش شيخ زاوية متليلي ، بهدف تحطيم نفوذ و سيطرة فرنسا وأعوانها من عائلة بن قانة .​

و بهذا قرر لوفرو اللجوء إلى الحيلة و الخداع مرة ثانية، فحاول استمالة الشيخ أمحمد يحيى و استدراجه إلى بسكرة، قصد القضاء عليه و التخلص منه و على انتفاضته متجاهلا و ككل مرة أن الثورة لا يقودها الأشخاص بل الأهداف و المبادئ.​

فراسله يطلب منه القدوم إلى بسكرة، قصد التحاور معه ،لإيجاد حل للمشاكل العالقة بشكل سلمي، لكن أمحمد يحيى تنبه للمكيدة المدبرة ضده فرد عليه بالرفض، بحجة أن البوازيد يرفضون ذهابه خوفا على حياته .​

كما أن بولخراص رفض التنقل إلى واحة العامري خوفا على حياته، لذلك قرر لوفرو التنقل بنفسه إلى الواحة في 28 مارس 1876، قصد التفاوض مع أعيان عرش البوازيد ، أثناء مروره بطولقة على رأس فرقة صغيرة ،استقبله الأهالي ببرودة و تذمر شديدين ، فطلب من الشيخ عثمان بن علي، شيخ زاوية طولقة، مرافقته إلى واحة العامري قصد التوسط بينه و بين أمحمد يحيى.​

وبمجرد اقتراب لوفرو من الواحة ، أحاط به مسلحون من البوازيد يتزعمهم أمحمد يحيى ، فطلب لوفرو من قائد عرش البوازيد التريث ومعالجة الأمور بطرق سلمية ،لكن محمد بن يحيى طلب منه التراجع، وإعطاء له فرصة ليتشاور مع أعيان الواحة قائلا :"اذهب إلى السهل مع فرسانك وسأجيبكم "، وقد كان التهديد مستترا في كلام أمحمد يحيى ، وهذا الذي لم يستحسنه لوفرو لأنه بها أصبح يرى الأدوار تعكس .​

كما أنه تفطن لخطة أولاد بوزيد بمحاولة إغتياله ،فقاموا بمحاصرته،وقطع سبل العودة أمامه . فلجأ إلى زاوية طولقة واحتمى بها ،حيث قام بإرسال الرسل إلى القائد الحاج بن قانة الذي كان في أورلال طالبا النجدة ،و بقي محتميا في الزاوية إلى أن وصلت قوات الإغاثة ،و عاد من مهمته تحت حراسة عسكرية مشددة ليلا.​

وعند عودته إلى بسكرة قدم تقريرا عن مهمته إلى الحاكم العام جيليز ،حيث طلب فيه من الحكومة عزل البوازيد عمن حولهم لتجنب إنتشار لهيب الثورة .​

وفي 30 مارس1876 أرسل شيخ الزاوية رسالة إلى أمحمد يحيى ، يطلب فيها منه الحضور، لكن الرسول عاد ليخبرهم أن الوقت قد فات و أن الثورة قد اندلعت و اشتعل لهيبها ،و أنه لم يعد هناك أي مجال للتفاوض أو الحوار كما أنبأهم بأن بن عياش و رجاله قد أغاروا على المنازل و الخيام للمناطق القريبة من طولقة، و هم الآن متمركزون في السهل الممتد بين طولقة و فرفار .​

و في هذه الأثناء بدأ الجنرال كارتيري بتجهيز قواته للسير إلى واحة العامري ،من جهة أخرى قام الزعيم أمحمد يحيى بجمع السلاح و تعبئة كل الطاقات، كما أن داعيته بن عياش قام بحمل علم أخضر (رمز الجهاد) و بدأ يحث الناس على حمل السلاح و الصمود لتخليص البلاد من الأعداء ،فاستجاب البوزيد و المناطق المجاورة للنداء .​

وفي 3 أفريل 1876 منح لوفرو للبوازيد مدة خمسة 5 أيام للعدول عن أمر الثورة ،كما كلف بن قانة بتبليغهم الرسالة التالية " سوف أحاول إخبار السكان أنهم آيلون لا محالة إلى طريق مسدود وإنهم إذا استسلموا بدون قتال سينجون من 14قطعة مدفع مصوبة نحوهم وبنادق 2000 جندي ستدك بيوتهم " .​

وقد وصلت إلى بسكرة يوم 2 أفريل أربع سرايا مشاة بمجموع 440 رجلا لتتوجه هذا الصباح من بسكرة ،ليصبح مجموعها 6 سرايا وكانت تحت قيادة كارتيري القادم من قسنطينة.​

أما قوات السيد (Dubuch) ،والمكونة من كتيبة للمشاة المقاتلين فوج لمدفعية الميدان و3 فرق للفرسان ،وفوج للمقاتلين الجزائريين ، 44 من البغال التي تحمل الغذاء ،و122من الحيوانات التي تحمل الإمدادات والأمتعة ووصلت هذه القوات في 6 أفريل1876 .​

وبعد انقضاء المدة التي منحت للبوازيد للعدول عن موقفهم ،تحركت هذه القوات و عسكرت في منطقة مليلي وفي 9 أفريل وصلت إلى ناحية بوشقرون وفي 10 من نفس الشهر عسكرت بالقرب من الولي سيدي رحال ،بالقرب من فوغالة.​

و في صباح يوم 11 أفريل 1876 اتجهت هذه القوات نحو واحة العامري الذي خرج فرسانها لرد الهجوم وعلى الساعة السابعة اندلعت المواجهة الحاسمة بين الطرفين ،حيث بلغت قوات العدو 2200 جندي و حوالي 800 من المشاة و 200 خيالة و فرقة من مدفعية الجبال و عناصر من القومية بقياد بن قانة وكانت مكونة من عرب الشراقة وقد كانوا مترددين كثيرا في مهاجمة إخوانهم من البوازيد بالرغم من تشجيع رؤسائهم ولكن في الأخير قرروا الانضمام إلى صفوف البوازيد .​

وتمثلت أوامر الجنرال كارتيري فيما يلي : "خذوا مواقع ممتازة ،دون أن تبتعدوا عن العامري مع بقاء الاتصال بمدينة بسكرة ،وحاولوا تجنب كل استعراض للقوة عند مروركم بالواحات ،حيث يتحصن العدو ويدافع وراء الجدران والنخيل وراقبوا دائما ضواحي العامري ،واطلبوا مساعدة القوات القومية الذين انتم متأكدون من ولائها ،،حيث يقوم هؤلاء القومية باستيلائهم على بعض ما سيصادر ،وأعلموا البدو والرحل أنهم لا يمكنهم التنقل إلى التل حتى يعاد الأمن . وهكذا لن يصمد هؤلاء الخارجون عن القانون طويلا، وهم متحصنون بالعامري" .​

و زحفت هذه العساكر صوب واحة العامري، و تمركزت بالقرب من القرية على مرتفعات تمكنهم من مراقبتها ،و هي كدية ميمون شرقا و طبانة شمالا و ذراع بلمسيس غربا و دام الحصار طويلا ،حيث قرر الثوار نقل المعركة بعيدا عن القرية حفاظا على الأهالي و المساكن و البساتين ،و قد قدرت قوات الثوار بحوالي 1000 فارس و 2000 من المشاة .​

و نشبت معركة طاحنة بين الطرفين، و قد ذكرت بعض المصادر أن الهجوم الفرنسي استمر من الساعة 8 إلى الساعة 10 والنصف، وأكدت على أن القائد أمحمد يحيى قد استشهد في أولها ،كما استشهد 50 آخرين من المجاهدين و جرح الداعية بن عياش، كما تم جرح و قتل عدد كبير من القوات الفرنسية.​

و أمام هذه التطورات عقد مجلس حربي في الواحة ،حيث أصر الزعماء على مواصلة المقاومة، على الرغم من الخسائر التي مني بها الثوار، إلا أن أغلبيتهم صمموا على مواصلة الجهاد،حيث قال بن عياش "أنا مستعد لأن أموت ألف مرة على أن أسلم علم الثورة للفرنسيين ".​

كما أن العدو فرض عليهم حصارا فاعتصم الثوار داخل الواحة مدافعين عنها رافضين الاستسلام.
ومن أسباب الفشل هي :​

1. عدم احترام الثوار للخطة الموضوعة.​

2. القصف العشوائي لفرنسا الذي أربك صفوف الثوار.​

3. مساعدة القوم والقياد لفرنسا وتزويدها بمعلومات هامة عن الواحة،وعن أساليب القتال عند البوازيد .​

4.نجاح الحصار نظرا للموقع المفتوح للواحة ،مما أجبر الثوار على الاحتماء بقصر العامري ،وتمكن فرنسا من السيطرة على مجريات المعركة .​

أما أيام 12 و 13 أفريل فقد تضمنت نشاطا للدوريات الذي قادها العدو ليتمكن من رصد الخسائر التي ألحقت بالثوار .​

و في 14 أفريل 1876 استغل الثوار فرصة هبوب عواصف رملية شديدة وقاموا بالهجوم مرة أخرى ،وذلك من الساعة السابعة عشر والنصف إلى الساعة الثانية والعشرون ،و اقتحموا مخيما للفرنسيين بكل عزيمة و إيمان، و تمكنوا من خلال هذا الهجوم من جرح 3 ضباط فرنسيين ،إضافة إلى جرح بن قانة قائد قوم بسكرة، و قتل 27 جندي فرنسي و 4 من الخونة و جرح ثلاثة آخرين،وقد عرف هذا الهجوم بليلة "الزدمة" أو "الخدعة في جنان الرومي" .​

وفي 20 أفريل اشتبك الثوار مع قوات العدو، الذي فضل التمركز في المعتقل في انتظار وصول المساعدات ،وقد استغل الثوار حالة الارتباك التي تخللت صفوف العدو الذي كان في فترة تناول وجبة العشاء والذي سهل للثوار عملية الهجوم هو سي المكي بن عيسى الذي كان مدربا في الجيش الفرنسي وكان يفرق بين نغمات الأبواق ،فما إن عزفت نغمة العشاء حتى أمر الثوار بالهجوم، إلا أن هذا الهجوم لم يحقق أي نجاح.​

وأمام هذا الحصار رأى زعماء الواحة ، ضرورة طلب الإعانة من الواحات المجاورة و بدأ بن عياش الزعيم الروحي للثورة في كتابة الرسائل إلى زعماء القبائل المجاورة طالبا منهم العون و المساعدة.​

ووصلت النجدات من أنحاء واحات الزيبان ،حيث بلغت 500 متطوع، و هذا ما بعث الخوف في نفس الجنرال كارتري من حدوث ثورة عارمة فأرسل في طلب تعزيزات من منطقتي بوسعادة و قسنطينة ،كما أنه أحكم الحصار على الواحة في انتظار وصول النجدات،وقد دام هذا الحصار حوالي شهر أكثرت فيه فرنسا من القصف العشوائي على الواحة الصامدة .​

و في 22 أفريل 1876 وصلت الإمدادات العسكرية للجيش الفرنسي الآتية من عدة مناطق، بما فيها القبائل الموالية للقوا ت الاستعمارية ،فوصلت قوات قسنطينة بقيادة العقيد ناروي (Narrue).الذي تمركز شرق الواحـة ،إضافة إلى قوات القومية القادمة من منطقة بريكة .​

و في 24 أفريل وصلت قوات من بوسعادة بقيادة روكبرون (Roquebrune) و عسكرت كل قوة في المكان المخصص لها حسب الخطة الموضوعة، و قد أحاطت هذه القوات بالواحة من الشمال و الغرب بينما من الجنوب حاصرتها قوات القومية،التي تضمنت 320 من الخيول .​

وفي 27 أفريل شرعت القوات الفرنسية بقصف الواحة من الجهات الثلاث للواحة كما تم استعمال 14 مدفعا ،وقد استمر القصف العشوائي لمدافع العدو إلى غاية 29 أفريل، فتضرر الثوار المحتمين في القصر كثيرا من هذا القصف ، فلم يسلم العباد و الدور وحتى أشجار النخيل ،وأمام هذا الخناق القاتل الذي فرض على الواحة الصامدة ومن بداخلها ،وبعد ثلاثة أيام من القصف المتواصل أجبر المقاومون على الإستسلام ، وأصبح مطلبهم الوحيد هو النجاة بأرواحهم .​

المبحث الرابع : العقوبات التي فرضت على الواحة:

بعد الهزيمة تكون وسائل الانتقام عند الاستعمار وأعوانه واحدة في كل زمان ومكان، وبعد كل انتفاضة يلجأ الاستعمار إلى السلب التدمير والتهجير والتشريد ،واستعمال جميع الوسائل التي يمكن أن تمنع المقاومة من الظهور مرة أخرى ،فبإستسلام الثوار و انتهاء المعركة بدأت فرنسا بتسليط أبشع و أقسى العقوبات على الواحة و سكانها فقاموا بتخريبها بشكل كامل كما اقترفوا أبشع الجرائم من هدم المنازل و حرق الأشجار و قطع النخيل ،على غرار ما فعله الجنرال هربيون بواحة الزعاطشة،ولكن هذه المرة بشعار جديد ويل للمهزومين .​

ومن الإجراءات التي اتخذها الاستعمار مايلي :​

1- فرض غرامة مالية مضاعفة بـ 8 مرات للضريبة السنوية المعتاد دفعها وذلك بموجب القانون الصادر في الجريدة الرسمية في 12 أوت 1876، حيث فاقت 150.000 فرنك كما أرغمتهم على تسليم 1122 بندقية، إلا أنهم لم يتمكنوا من تسليم سوى 452 بندقية .​

و أمام عجزهم عن تسليم الكمية المحددة ألزمتهم بدفع غرامة مالية قدرها 45200 فرنك، كما شملت الغرامات بعض القبائل المساندة و المتعاطفة مع الواحة و قد قدرت بـ44200 فرنك ،كما فرضت عليهم ضريبة حرب قدرت 000 100 فرنك ،تدفع في مدة لا تتجاوز 4 سنوات .​

أما قوات القبائل المجــاورة التي ساعدت الثورة فقد تقرر أن تدفع غرامــة قدرها
100 50 فرنك مقابل البنادق التي لم تسلم وعددها 501 بندقية .​

إضافة إلى دفع دية مقدرة ب6000فرنك للقوات القومية التي قتلت أثناء الاجتياح ودفع 3000فرنك مقابل ما قتل من خيول .​

2- مصادرة الأملاك العقارية، و نهب الأثاث المنزلي و المؤن و المصوغات بمختلف أنواعها، كما قامت السلطات الفرنسية ببيعها لأعوانها و أصدقائها فيما بعد، كما أمرت بمصادرة نخيل واحة العامري و فوغالة ،حيث قدر التقرير العسكري المؤرخ في 21 جويلية 1876 أن قيمة الممتلكات المصادرة لعرش لبوازيد تم استخلاصها كما يلي :​

واحة العامري 337 نخلة و واحة فوغالة 1810 نخلة وواحة البرج وواحة داران 144نخلة بإضافة إلى 510 جملا وبعض الأغنام و الماعز ، فقدرت الأملاك المستخلصة بـ72000 نخلة و المواشي و الخيول كما استولت على 700 خيمة و 5000 رأس من الغنم و ما يزيد عن 4000 من الإبل .​

وقد منحت بعض هذه الممتلكات المصادرة لعرب الغرابة أعداء قبيلة البوازيد بعد مساندتهم للقوات الفرنسية ،في القضاء على الثورة كإمتياز لهم .​

3- استشهاد 400 مجاهد من بينهم قائد المعركة أمحمد يحيى و مصادرة سلاحه و جوداه و بيعها بالمزاد العلني أمام محكمة طولقة بثمن قدره بـ4 دوروه، و قد اشتراها بولخراص شيخ قرية أوماش .​

4- تشريد و تشتيت فروع البوازيد الأربعة قصد إضعافهم و التخلص من خطرهم فنفى الجبابرة إلى منطقة تيارت ،وأولاد إدريس إلى ولاية المسيلة ،وأولاد أيوب إلى منطقة تبسة وأولاد سعود إلى منطقة بريكة ، كما نفي البعض منهم إلى سبيطلة (تونس) شرقا و إلى تيهرت و التل الوهراني وفاس والدار البيضاء غربا بالمغرب الأقصى الشقيق و بمنطقة القبائل الكبرى يوجد هناك قرية البوازيد و سكانها يطلق عليهم إيبوزيدن – كما نفي البعض منهم إلى منطقة قرب ناحية جيجل ،ويطلق عليهم في الوقت الحالي بني فوغال ،كما نفيت جماعات أخرى إلى شاطودان ، و من بين الأعوان الذين تولوا مهمة نقل البوازيد إلى الغرب الجزائري أوزلاقن و الباشا أغا ابن علي الشريف ،كما تم نفي قادة المعركة إلى كل من جزيرة كيان وكورسيكا ،ولم يبقى في الواحة إلا 18 عائلة كان أربابها في سفر فلم تثبت ضدهم أي تهمة .​

وقد تعرضت العائلات أثناء حملة تهجيرها إلى مجاعات قاسية و أزمات اقتصادية فتاكة ،حيث صرح قائد منطقة سطيف قائلا :"منذ انتهاء حملة الحصاد أصبح المنفيون عاجزون في أغلب الأحيان عن الحصول على ما يسدون به رمقهم ،إلا ما يقدم لهم من صدقات ...ولهذا نقترح على الإدارة العسكرية ،استقدام هؤلاء إلى أقبوا (القبائل ) للعمل كأجراء لدى الكولون هناك "وقد تحدث أجرون ( Ageron)عن دور هؤلاء في تخطيط لغليان شعبي جديد لرد الاعتبار بعد الإهانة التي تعرضوا لها فيقول "وفور اعتقادهم أنهم في مأمن من الرقباء يتحدثون عن ثورة سوف تحطم المسيحيين في ظرف شهرين ".​

كما أن أولاد سعود وأولاد زيد أحمد المنفيون إلى ناحية بريكة لم يكن بإمكانهما البقاء في بريكة ،وذلك بسبب فقر المراعي هناك وأيضا للقرب الكبير من العامري وفوغالة ،ولذلك تم إرسالهم إلى أولاد بوعون دائرة باتنة .​

أما المنفيون لمنطقة القالة فإنهم وبعد نهاية موسم الحصاد لم يجدوا ما يسد رمقهم لذلك
قام الحاكم العسكري للمنطقة بتوزيعهم في المناطق المجاورة ،أما الضابط المكلف بالشؤون الأهلية بمنطقة جيجل فيقول حول هذه المسألة :"... لم يظهر حتى الآن أي تصرف مشين من قبلهم وأن أوضاعهم المادية تحسنت فأغلبهم مستعملين كخدم من طرف الأعيان المكلفين بمراقبتهم" .​

أما عرش الجبابرة فكانت الوجهة المسطرة له هي منطقة الغرب ، حيث أنهم لم يتمكنوا من العيش في المنطقة ،وهذا ما دفع بهم إلى الفرار للمناطق المجاورة للقطاع الوهراني، ويقول في هذا الصدد الحاكم العسكري لوهران :"إن بيوت لبازيد التي نقلت إلى الغرب ،قد فر البعض منها إلى موطنها الأصلي " .​

وقد أحصى التقرير المؤرخ في 18جوان 1882 عدد العائلات الماكثة في منطقة وهران ب 133 عائلة ،وهي موزعة كالتالي: 54 عائلة في دائرة سعيدة و 53عائلة في منطقة معسكر و6عائلات في ناحية تيارت .​

وفي 10جوان 1879 استفاد البوازيد من قرار الحاكم العام العفو على الأشخاص الذين كانوا يعملون في الجيش خلال حدوث التمرد أو يعملون في الخدمة العامة ،و الذين يملكون مبررا بعدم وجودهم في الجزائر خلال التمرد .​

كما أنه في سنة 1879 تمت أول عملية بيع لواحة العامري ،وكانت المزايدة التي حدثت تشمل قطع منفصلة لكنها فشلت لعدم حضور أي مشتري ،وذلك تضامنا مع أصحاب الواحة الأصلين .​

وفي 3 نوفمبر1879 أقيمت ثاني عملية بيع على أساس الواحة كاملة ،وتمت عملية البيع لصالح السيد (Forciolle Treille) و السيدة (Sarradin) وهما من المعمرين .​

وفي 7 أوت 1890 ، تم العفو عن مجموعات البوازيد المتواجدين في التل وسمح لهم بالعودة إلى واحة الزيبان. ووزعت عليهم أراضي للحرث في منطقة الدوسن.​

و قد خيروا بين شراء البساتين أو الدور فاختاروا الثانية ، و بقيت البساتين بيد المعمرين الذين سخروا الأهالي لخدمتها تحت الذل و الهوان كما أجبروا على ممارسة حياة الرعي و الخماسة في ممتلكاتهم ،كما أجبرتهم على ممارسة أعمال السخرة و المتمثلة في شق الطرقات و تعبيدها منها الطريق الرابط بين منطقتي باتنة و بسكرة .​

وفي سنة l922، قدم البوازيد التماسا يطالبون فيه رفع الحراسة القضائية عليهم.​

وفي سنة 1917 قاموا بإجراء اتصالات مع السيد ترايل قصد إعادة شراء نخيلهم ، وذلك بواسطة بن قانة.​

وقد طلب السيد ترايل قيمة 150.000 فرنك ، لكن البوازيد لم يكن بإمكانهم جمع غير 100.000 فرنك، ويبدو أن العملية فشلت لأنهم لم يتمكنوا من الحصول على قرض 50.000 فرنك الباقية.​

وقد تم شراء واحة فوغالة من طرف نفس السيد ثم انتقلت الملكية إلى السيد (Bchère) وذلك بعد تصفيتها.​

5- إلقاء القبض على الزعيم الديني للمقاومة ابن عياش بعد إصابته بجروح خطيرة رفقة 91 مجاهدا آخر أين عرضوا على محكمة عسكرية فأصدرت حكم الإعدام رميا بالرصاص بحق كل من ابن عياش ، كما أمرت بسجن 68 ثائرا وتوزيعهم على سجون مختلفة في منطقة الشرق الجزائري.
كما أصدرت قرار النفي في حق 91مجاهدا إلى كورسيكا .​

6- عزل الخائنين علي باي ومحمد ابن إدريس آغا تقرت و ورقلة ،الأول لعجزه عن الدفاع عن تقرت ضد بوشوشة 1872 ،وقد أصدر قرار تجريده من جميع وظائفه في أفريل 1877، و الثاني رغم ولائه الأعمى لها و تمكنه من القضاء على حركة بوشوشة ووقوفه في وجه الزاوية التيجانية ،إلا أن العقيد نولا اتهمه بالخيانة و الكذب فتم إبعاده وعندما انتصرت الزاوية التيجانية عليه و على أولاد بن قانة تخلت القوات الفرنسية عن حلفائها التقليديين وحاولت التقرب من الزاوية التيجانية تحت شعارها المعتاد" نحن مع الأقوى " ،هذا بالإضافة إلى تقسيم أعراش البوازيد والزيبان والهدف من هذا التقسيم هو إضعاف سلطة بن قانة وتقوية نفوذ بن شنوف.​

7- بتاريخ 12أوت 1876 أصدرت السلطات الفرنسية قرارا تم نشره في الجريدة الرسمية و يتضمن هذا القرار استخلاص الأموال المحصل عليها من واحة العامري و تتم كالآتي:​

أ- الأموال المحصل عليها من طرف الفرنسيين كعقاب لسكان واحة العامري و توضع هذه الأموال في صندوق خاص .​

ب- كل فرد من سكان واحة العامري أغتصبت أرضه و أصبح يطالب بها ما عليه إلا شراءها من جديد و بأسعار باهضة الثمن من السلطات الفرنسية و يتم دفعها للصندوق السابق ذكره و تصرف أمواله لتعبيد الطريق الرابط بين مناطق كل من (تقرت وورقلة) و(بسكرة وباتنة ) كما تستغل هذه الأموال لقمع الثورات الملتهبة.​

كما طالب مجلس الجماعة للبوازيد من الإدارة الفرنسية في 1906 بشراء ممتلكاتهم السابقة التي قامت فرنسا ببيعها ،ولكن الحاكم العام رفض الطلب وعاود البوازيد المحاولة في 03أفريل1910 بمساعدة الحاكم العسكري لتوقرت فكان رد الحاكم العام "إنه على البوازيد الرجوع إلى الذين اشتروا تلك الممتلكات والتفاهم معهم وإن الإدارة تمتنع مستقبلا عن تقديم أي رد حول هذا الطلب ".​

8- تشتيت السكان على مناطق متباعدة وذلك بغرض تفكيك الرباط القبلي والاجتماعي، وتضرر الكثير من الأسر بفعل النفي الاضطراري وعدم قدرة أفرادها على التواصل، ومنهم من مازال حتى اليوم .​

9- كما أنه صدر مرسوم في 30 جوان 1876 لإنهاء حكم الجيش وسيطرته على المناطق الساحلية من الجزائر وإلحاق هذه الناحية بالوزارات المختلفة في باريس ،نتيجة عجزه في الكثير من المرات في القضاء على الثورات الشعبية لولا مساعدة فرق القومية له رغم التطور العسكري الكبير له.، ولكن الهدف الحقيقي من هذا التحويل هو إدماج الجزائر بفرنسا وجعلها مقاطعة فرنسية، وذلك لإتاحة فرصة للجالية الأوربية بالجزائر لتفرض وجودها على الحاكم العام بالجزائر، وتوجه أمور البلاد حسب مصالحها دون الظهور على الساحة.​

لقد تصدى سكان واحة العامري للاستعمار الفرنسي ولحملاته الشرسة وذلك على الرغم من الصعوبات والمضايقات التي تعرضوا لها ،كما أنهم حملوا لواء الجهاد وثورة بدأها زعيمها الروحي بن عياش .​

وحقيقة أنه لم يكتب لها النجاح وتحقيق النصر وذلك لعدة ظروف إلا أنها تمكنت وبقلة حجمها من أن ترعب صفوف العدو في الكثير من المرات وأثبتت وبشكل لا يدعو لشك أنه عندما يتعلق الأمر بدفاع عن الأرض والعرض فإن الدفاع يكون مستميت .​


ayat169170171alomrangb3.jpg

رحمهم الله تعالى وأسكنهم فسيح جناته.

المجد والخلود لشهدائنا الأبرار.


ta7iya.gif



87108647zx9.gif








qasralkhair-8c94891f8b.gif



 
مقاومة الأوراس الأولى عام 1879

1265018739.gif











star7.gif



1_53549.gif
s%20(25).gif
1_53549.gif


مقاومة الأوراس الأولى عام 1879


1149-2.jpg



1- مقدمة


إندلعت مقاومة الأوراس عام 1879 بزعامة الشيخ محمد بن عبد الرحمن لتثبت الإحتلال الفرنسي أن عهد المقاومات مازال قائما وأن التواجد الإستعماري في الجزائر لا يختلف بين نظامه العسكري ونظامه المدني فهما وجهان لعملة واحدة هي الإستعمار الفرنسي، خاص وأن المعمرين في ظل النظام المدني وجدوا ظالتهم في تطبيق سياستهم على أساس أنهم سعوا إلى إقامته منذ أمد لأن النظام العسكري لم يحقق لهم مطالبهم بل كان عائقا كبيرا أمام مصالحهم، لذلك جاءت هذه المقاومة لتبرهن مرة أخري أن الشعب الجزائري يرفض كل أشكال الإحتلال من خلال مقاومته التي لم تنقطع خلال القرن التاسع عشر.

2- أسباب مقاومة 1879

كانت هناك أسباب جوهرية وعوامل أساسية وراء إندلاع هذه المقاومة ، منها ما ميز المرحلة الإنتقالية التي شهدتها الجزائر من نظام الحكم العسكري إلى نظام الحكم المدني ثم العامل الإجتماعي الذي إعتمدت السلطات الإستعمارية عليه كثيرا من خلال دور المكاتب العربية في تجزئة طبقات المجتمع الجزائري والعمل على تفرقة وحدة صفّه ، حيث برزت الصراعات الطائفية والعشائرية بين العائلات لتنتقل إلى القبائل، يضاف إليها العامل الإقتصادي الذي كان مرتبطا بالوضع الزراعي الذي كان يعتمد عليه كثيرا سكان منطقة الأوراس ولكن الأوضاع المزرية من مجاعات وجفاف وقحط زاد من معاناتهم أمام تزايد الضرائب التي أثقلت كاهلهم في الوقت الذي فتحت فيه كل المجالات وأعطيت كل الوسائل للمعمرين على حساب السكان وكذلك العامل الديني كان له نصيبه في تأجيج هذه المقاومة .

1. العامل السياسي :

عرف نظام الحكم في الجزائر منذ الحملة العسكرية الفرنسية عام 1830 إلى غاية سقوط فرنسا أمام ألمانيا في معركة سيدان عام 1870 أنه إعتمد على الظلم والقهر وسوء المعاملة تجاه الجزائريين، بل تفنن في ذلك من خلال عدة أنماط جهنمية كان أبرزها سياسة الأرض المحروقة التي إعتمدها الجنرال بيجو في السابق، وقد إتبعه في ذلك كل القادة والحكام العسكريون نزولا عند رغبة المعمرين الذين لم يرضوا بذلك لكثرة جشعهم فكانوا وراء النظام المدني الذي حقق لهم أكثر مما يريدون سيايسا لكونهم أصبحواهم الأداة الفاعلة سياسيا في الجزائر وفي باريس.

2. العامل الإجتماعي :

أذكت السلطات الإستعمارية الفرنسية نار الفتنة بين القبائل من خلال توسيع الصراعات الخطيرة بين العائلات ذات التفود القبلي والعشائري، وقد برز الصراع في منطقة الأوراس بين عائلة بن قانة أخوال زعيم مقاومة الشرق الجزائري الحاج أحمد باي وعائلة إبن شنوف المنتمية إلى عائلة سي بوعكاز، وكان سبب الصراع هو من بمقدوره السيطرة على القبائل في تلك المنطقة، وقد كان التحريض ضد عائلة بن قانة حتى تقدم السلطات القرنسية على عزلهم من المنصب الذي أوكلته لهم وهو أغا العرب (شيخ العرب) حيث إتهموا من طرف عائلة بن شنوف بأنهم وراء إثارة سكان الأوراس على القيام بالثورة ضد التواجد الفرنسي، وضد تطبيق الإجراءات القمعية والزجرية التي إنهكت كاهل الطبقات الإجتماعية، وهو ما جعل العامل الإجتماعي سببا من الأسباب الرئيسية في التعجيل بإندلاع هذه المقاومة.

3. العامل الإقتصادي :

كانت الظروف المأساوية التي كان بعيشها سكان منطقة الأوراس قد زادت في شقائهم خاصة وأنهم أصبحوا يعانون من القحط والجفاف الذي أثر سلبا على المنتوج الزراعي والحيواني خاصة وأن هؤلاء السكان هم مجتمع رعوي يعتمد في معيشته على الزراعة المعيشية فقط ، وما زاد في سوء الأوضاع و فجرّ الإنتفاضة هو تشديد جباة الضرائب ضدهم من خلال دفع القياد و الاغوات و شيوخ القبائل في إجبار السكان رغم الظروف القاسية على دفع الضرائب هذا إلى جانب دفع نسب الفوائد و الربا التي تتعارض مع الدين الإسلامي و بذلك جاء هذا العامل ليزيد من معانات السكان و يدفعهم إلى تفجير هذه المقاومة .

3- مراحل امقاومة 1879

لقد مرت مقاومة 1879 بالأوراس بمراحل هامة تمثلت فيما يلي:

1. المرحلة الأولى :

بدأت بإنطلاق الشرارة الأولى في 30 ماي 1879 عندما وقعت محاولة اعتقال إمام مسجد منطقة الحمام وسط فرقة اللحالحة وهو الذي أصبح الزعيم الروحي لهذه المقاومة. لتبدأ آنذاك مرحلة الهجوم على المتعاونين مع السلطات الفرنسية وعلى رأسهم القياد.

بعد ذلك كان الهجوم على القائد السي الهاشمي بشتارزي الذي تحصن ببرج تكوت وقد تمكّنوا من قتله ليعودوا إلى منطقة العناصر، بعدها قام كل من والقائد محمد بن بوضياف وقائد بني وجانة و محمد سديرة قائد الأعشاش بالتمركز بمحاذاة منطقة العناصر إستعداداً للهجوم على الثوار في 1 جوان 1879 مدعمين بقوة فرنسية لكنهم فوجئوا بهجوم ليلي غير منتظر، قتل فيه القائد بوضياف، ليأتي دور القائد الحسن بلعباي مع خليفته دعاس وقد كلّلت هذه المرحلة بالنجاح وزرع الرعب في نفوس القياد الذين كانوا الأداة الفاعلة في يد السلطات الفرنسية.

المرحلة الثانية:

تميزت بشمولية هذه الثورة في منطقة الأوراس بانضمام العديد من الثائرين ضد ممثلي السلطة الإستعمارية وبذلك اتسعت القبائل المساهمة في المقاومة من فرق أولاد داوود و قبائل بني بوسليمان و أحمد خدو وفرقاً من بني وجانة ووادي عبدي إلى جانب التأييد المطلق من شيخ الزاوية الرحمانية لوادي عبدي، الشيخ الهاشمي بن دردور.

لم يكتف زعيم هذه الثورة الشيخ محمد بن عبد الرحمن عند هذا الحد بل راسل كل مقدمي الطريقة الرحمانية في كل من قبائل وادي عبدي و بوزينة و بني وجانة وغسيرة وبني أملول والبعادشية، وكذلك الشأن بالنسبة لباقي القبائل منها قبيلة الحراكتة والسقنية وقرفة وغيرها يطالبهم بإعلان الجهاد وقد وصلت رسائله إلى قبائل زواوة قصد توسيع الثورة وفي خضم هذه الإستعدادات كان الطّرق الإستعماري قد جهّز جيشاً كبيرا من ثلاثة طوابير بقيادة اللّواء فرجمول Forgemol، كان الطابور الأول المتوجه من مدينة باتنة يتكون من ستة فيالق بقيادة فرجمول، أمّا الطابور الثاني الآتي من مدينة بسكرة بقيادة العقيد كجار Cajard كان يتكون من ثلاثة فيالق، أمّا الطابور الثالث الآتي من مدينة خنشلة ويتكون من فيلق واحد بقيادة الكولونيل غوم Gaume .

وجرت إثر هذه التحركات معارك ضارية غير متكافئة بين جيوش مدججة بالسلاح ومنظمة ولها خبرة عسكرية في حين كان الجانب الجزائري يتشكل من متطوعين عاديين تنقصهم الخبرة الميدانية والعتاد العسكري المتطور.

وكان من أهمها معركة الأرباع شمال مدينة باتنة في الثامن والتاسع جوان 1879 تليها معركة قرية توبة قرب وادي أم العشرة في 15 جوان من نفس العام، ومعارك أخرى في العديد من مناطق الأوراس.

المرحلة الثالثة:

تميزت بتراجع الثوار أمام القوة الإستعمارية مدعمة بالقوة المحلية وعلى رأسها القياد وهذا ما أثّر سلباً على استمرارية المقاومة وتحقيقها لإنتصارات معتبرة.

وكان تعثر الثوار في مرات عديدة وراء ضعف صفوفهم، حيث تمّ أسر العديد منهم وكانت البداية بـ 168 رهينة لتصل إلى 103، ممّا دفع العديد منهم إلى الهجرة إلى تونس الشقيقة بناءً على النداء الذي وجهه زعيم الثورة محمد بن عبد الرحمن إلى سكان المنطقة حتى لا يتعرضوا إلى الهلاك على يد الجيش الإستعماري أمّا الذين بقوا فقد تعرّضت قراهم إلى الحرق والدمار وسلبت أملاكهم، وقتل الكثير منهم.

4- نتائج مقاومة 1879

- أثبتت مقاومة 1879 أنّ الشعب الجزائري بإمكانه نقل المقاومة عبر ربوع الوطن الشاسع.

- بروز البعد الديني والوطني لهذه الثورة على غرار الثورات السابقة .

- تلاحم القبائل فيما بينها على إعتبار العدو الفرنسي قوة كافرة ودخيلة ضد الإسلام.

- سقوط ضحايا جزائريين وصل عددهم 562 شخصا.

- إبعاد 20 عائلة إلى مدينتي القل وتقرت و26 عائلة إلى مدينة سطيف و 12 عائلة إلى مدينة جيجل.

- فرض غرامة مالية على القبائل الثائرة وصلت 70 372 355 فرنك فرنسي.

- تسليم 1705 بندقية.

- الإستيلاء على أكثر من 2777 هكتار.

- تسليم السلطات التونسية للسلطات الفرنسية زعيم المقاومة الشيخ محمد بن عبد الرحمن ورفاقه والتي بدورها أصدرت ضدهم أحكاماً متفاوتة بعد إجتماع المجلس العسكري بسطيف في جوان 1880 وكان كالتالي:

- 14 ثائر حكم عليهم بالإعدام ومن بينهم الشيخ محمد بن عبد الرحمن.

- 10 أشخاص بالأشغال الشاقّة لمدّة 10 سنوات.

- 7 أشخاص بالأشغال الشاقة لمدّة 5 سنوات.

- شخصان بالإقامة الجبرية لمدّة 5 سنوات.

- 7 أشخاص بعامين سجناً عادياً.

- النفي إلى كورسيكا وكيان بغويانا الفرنسية.

- إبعاد العائلات إلى المناطق النائية .



ayat169170171alomrangb3.jpg


رحمهم الله تعالى وأسكنهم فسيح جناته.

المجد والخلود لشهدائنا الأبرار.


ta7iya.gif




87108647zx9.gif









qasralkhair-8c94891f8b.gif


 
الشيخ آمود قائد المقاومة الشعبية في منطقة التوارق (1881 - 1923).

1265018739.gif









star7.gif


1_53549.gif
s%20(25).gif
1_53549.gif


الشيخ آمود قائد المقاومة الشعبية في منطقة التوارق
( 1881-1923).

tamanrasset.gif

موقع منطقة تمنراست أقصى الجنوب الشرقي الجزائري

algerie31rb.jpg

صحراء تمنراست الجزائرية

ChEIKH-AMOUD-BEN-EL-MOKHTAR.jpg


من هو الشيخ آمود ؟؟؟

ينتسب الشيخ آمود بن المختار إلى قبيلة إبمانان التي استوطنت منطقة جانت آتية من الساقية الحمراء ووادي الذهب وفي هذه المدينة الجزائرية الصحراوية الشاسعة تعلم القرآن وحفظه، ونهل من معين اللغة العربية.

استطاع الشيخ آمود أن يتزود بالعلم والمعرفة، فقام بعدة رحلات علمية منها رحلته إلى مدينة تمنراست العميقة ومدينة عين صالح وهذا ما جعله محط أنظار سكان قبائل التوارق الذين التفوا حوله عندما ناداهم إلى الجهاد ضد الاستعمار الفرنسي في المنطقة.

وقد ألحقت مقاومة الشيخ آمود عدة هزائم بالجيش الفرنسي في الجزء الشرقي من الصحراء الجزائرية الفسيحة الأرجاء.

ومن أهم معاركه ضد الاستعمار معركة بئر الغرامة عام 1881 التي تم فيها القضاء على الضابط الفرنسي فلاترز. وكذلك معركة جانت عام 1909 يضاف إليها معارك أخرى في عين صالح وتمنراست وعين إيمجن 1916 وقد وجد الشيخ آمود سندا قويا في هذه المعارك التي خاضها ضد الفرنسيين يتمثل في الطريقة السنوسية التي كانت تمده بالسلاح وتجاهد إلى جانبه إلى غاية سنة 1923.

showImage.php

جبال تمنراست


كانت هذه المقاومة استمرارية للمقاومات الشعبية التي عمت الجزائر خلال النصف الثاني من القرن العشرين، وأظهرت للسلطات الاستعمارية أن الصحراء الجزائرية هي معقل آخر من معاقل المقاومة بعد أن أحتل الشمال بدأت فرنسا توغلها بإرسال البعثات العسكرية والحملات المتوالية تمهيدا لمرحلة احتلال المناطق الصحراوية الشاسعة والمترامية الأطراف، إلا أن سكان التوارق قاوموا هذه البعثات التي كانت ظاهريا علمية وباطنيا إحتلالية توسعية.

أسباب مقاومة التوارق:

إن الدراسات الأكاديمية التي تناولت مقاومة التوارق بمنطقة الهوقار دلت دلالة قاطعة أن جوهر المقاومة هو رفض الاستعمار ويرجع ذلك ككل الثورات والمقاومات الشعبية التي ميزت النصف الثاني من القرن التاسع عشر إلى البعد الروحي الذي وحد السكان وحثهم على محاربة العدو الفرنسي أينما وجد لكونه عنصرا دخيلا ويحمل راية الكفر وهو الشعورالذي كان سائدا لدى كل
الشعوب الإسلامية والعربية خصوصا عند الشعب الجزائري برمته، علما وأن هناك طرق دينية عديدة كان لها أتباعها في هذه المناطق الصحراوية الجزائرية الفسيحة الأرجاء والمترامية الأطراف والنائية منها الطريقة السنوسية التي اكتسحت مناطق الهوقار و لها أتباع ومريدون كثيرون.


أما السبب الثاني فيعود إلى اكتشاف سكان التوارق للدوافع الحقيقية الكامنة وراء البعثات الفرنسية المتتالية على المنطقة، وهي اكتشاف الطرق التي تسهل عملية الاحتلال العسكري للمنطقة والهيمنة عليها، وتشجيع التنصير بين سكانها.

2978730731_50ef1fa3ab_b.jpg


linternaute_algrie.jpg

صورتان لجبال الهقار

مراحل مقاومة التوارق بتمنراست

مرت مقاومة التوارق هي الأخرى بمراحل تاريخية متميزة بحكم طبيعة المنطقة التي لم يدخلها الاستعمار إلا في الربع الأخير من القرن التاسع عشر وذلك بعد استتباب الأمور نسبيا في المناطق الأخرى من التراب الجزائري...وبسبب ثورات هذا الشعب العنيد و مقاوماته للجيوش الفرنسية بكل شراسة واستبسال منقطع النظير شرقا وغربا و شمالا .

1. المرحلة الأولى :

إفشال البعثات الأولى.

وجد سكان التوارق أنه من الضروري مواجهة هذه البعثات الإستطلاعية والإستكشافية والعمل على إفشالها لأن الهدف منها هو التمهيد للإحتلال في المنطقة وهذا ما وقع للعديد من هذه البعثات، نذكر بعثة كل من دورنو دوبيري وجوبار عام 1874 حيث تم قتلهما على يد التوارق قرب عين أزهار ونفس المصير بالنسبة البعثات الدينية حيث قتل كل من الراهب بوشار و مينوري وبوليمي قرب مدينة عين صالح سنة 1876 إلى جانب فشل بعثة إروين دوباري عام 1877 .

2. المرحلة الثانية :

ظهور الشيخ آمود

كان الشيخ آمود أحد المقاومين و أبطال الثورات الشعبية خلال هذه الفترة فبعد أن اشتدت اهتمامات الفرنسيين بالجنوب الجزائري الشاسع ، ظهرت مقاومة الشيخ آمود كتحد وطني لها وقد تميز نشاط المقاومة على عهده بمواصلة القضاء على كل البعثات الدينية منها والعسكرية على حد سواء، وكانت أبرز بعثة تلك التي قام بها الكولونيل فلاترز لكونها تدخل في سياق حركة توسيع الإحتلال أقصى الجنوب، حيث انطلقت حملته من مدينة ورقلة صباح يوم 5 مارس 1880 واجتازت العرق الشرقي الكبير وكان هدفها الحقيقي هو البحث عن السبل الكفيلة لاستعمار الصحراء الجزائرية الشاسعة ومن ثمة ربط كل المستعمرات الفرنسية في القارة الأفريقية، وهي مهمة في غاية الأهمية والخطورة وكانت وراء ترقيته إلى رتبة عقيد وعند وصوله إلى منطقة تيماينين حاول الاتصال بزعماء قبائل التوارق من الأزجر والآهقار لتسهيل مهمته التي قوبلت بالرفض لكنه أصر على المواصلة باتجاه منطقة غات وما أن وصل بقواته حتى وجد الطريق إلى بحيرة منفوغ مقطوعا و حاول التوغل أكثر حتى واجهه التوارق الذين كانوا على استعداد لخوض المعركة، وقد وجد فلاترز نفسه محاصرا من كل الجهات مما اضطرإلى الفرار والعودة إلى مدينة ورقلة التي دخلها في 17 ماي 1880 وبذلك فشلت محاولته الأولى فشلا ذريعا.

وفي 14 ديسمبر 1880 خرج الكولونيل فلاترز في بعثة ثانية من مدينة ورقلة لنفس الغرض وهو جمع المعلومات عن المنطقة لتسهيل الاحتلال، وقد سلك طريق الطاسيلي عابرا العرق الشرقي الكبير بمحاذاة وادي الايفرغار في اتجاه أمفيد والهقار التي وصلها في 18 جانفي 1881 ومنها إلى هضبة تينفارت وعين زيمان إلى سبخة أمدغور و تيخشين .

كانت أول معركة خاضها الشيخ آمود ضد الاستعمار الفرنسي هي الهجوم على الحملة الاستطلاعية العسكرية بقيادة العقيد فلاترس والقضاء عليها بوادي تين ترابين ، وذلك يوم 16 فبراير 1881.

وكان من أهم نتائج هذا الهجوم تعطيل تقدم الجيش الفرنسي في الصحراء لـمدة عشرين سنة كاملة ، وكذا إبراز حرص وإرادة القبائل الصحراوية في الدفاع عن مناطقها والتصدي للغزو الأجنبي.

هذا ما دفع بالساسة والقادة العسكريين الفرنسيين إلى مراجعة استراتيجيتهم بتركيز سيطرتهم على الواحات والـمدن الواقعة على الطريق التجاري قبل الـمغامرة في أعماق الصحراء الجزائرية الرهيبة بشساعتها وعمقها وستقوم فرنسا باحتلال مدينتي عين صالح وعين الصفراء عام 1900 تطبيقا للخطة الجديدة .

وفي فبراير وصلت البعثة بمنطقة بير الغرامة وما أن حلت بها حتى قامت القبائل التارقية تحت قيادة زعمائها ومنهم الشيخ أمود وأهيتغل بهجوم كاسح وسريع على القوات الفرنسية التي لم تتمكن حتى الرد عليها وقد قتل قائد البعثة الكولونيل فلاترز وكل من معه منهم السادة روش وغيار ومارسون ودونري ودبانور إلى جانب عدد كبير لم تتناوله المصادر الفرنسية وبقي طي النسيان.

3. المرحلة الثالثة:

انعكاسات مقاومة التوارق على الوضع في الصحراء .

اعتبرت إبادة بعثة الكولونيل فلاترز في 16 أفريل 1881 بداية مرحلة جديدة في مقاومة التوارق وانعكست إيجابا على المقاومة الشعبية، فكانت وراء إستمراريتها في حين أوقفت من جهة اخرى طموحات الاستعمار في احتلال الصحراء لمدة زمنية طويلة ماعتب ردّ فعل السلطات الإستعمارية هذه الأوضاع دفعت السلطات الفرنسية إلى التفكير مجددا في وضع خطط يتماشى وسياسة احتلالها للجنوب الجزائري الشاسع من خلال إنشاء مراكز عسكرية متقدمة في أعماق الصحراء لتسهيل مهمة البعثات مستقبلا وهذا ما شهدته سنوات 1893 و1894، لكن من جهة أخرى كانت هذه المرحلة أيضا نفسا آخر لمقاومة سكان أقصى الصحراء وهذا ما حدث لبعثة كولو حيث قتل مع رجاله في 31 أكتوبر 1891بمنطقة المنيعة، لكن استمرار العدو في تقويض دعائم المقاومة وارتكاب المجازر في حق المقاومين أدى إلى تثبيت وجوده في هذه المنطقة.

مواصلة الكفاح المسلح ضد الجيوش الفرنسية في أعماق الصحراء:

شارك الشيخ آمود أيضا في معركة (تيت) بالقرب من مدينة (تمنراست) في 7 ماي 1902، التي انتهت بموافقة الآمنوكال (موسى آق مستان) على توقيع الصلح مع الفرنسيين في مدينة (عين صالح)يوم 21 جانفي 1904.

وكانت هذه الاتفاقية تقر بإعتراف الأمينوكال باحتلال الفرنسيين للصحراء الجزائرية والالتزام بعدم مهاجمتهم والعمل تحت سلطتهم. لكن الشيخ آمود رفض الاعتراف ببنود هذه الاتفاقية، وأكد على عزمه مواصلة الجهاد ضد الفرنسيين.

فوقف في وجههم في سنة 1908 عندما حاولوا الاستيلاء على مدينة (جانت) مسقط رأسه ، وأرغمهم على التراجع إلى حين. وأعادوا الكرة في العام الـموالي فتمكنوا بفضل تفوقهم العددي والعسكري من دخول الـمدينة والسيطرة عليها بعد الإمدادات الجرارة التي وصلتهم.

وأدى سقوط مدينة جانت إلى انسحاب الشيخ آمود من الـمنطقة والالتحاق بالسنوسيين في ليبيا الشقيقة لمشاركتهم جهادهم ضد الإيطاليين.

غير أن الشيخ آمود سيعود مجددا إلى الطاسيلي عام 1913 ليقود الجهاد ضد الجيش الفرنسي وقائده الجنرال"لبرين. ولجأت السلطات الاستعمارية إلى طرق عديدة لمحاولة إعادة الاستقرار والأمن بالصحراء ، دون جدوى ؛ فتقدمت بعرض للصلح إلى الشيخ آمود ، لكن زعيم مقاومة قبائل التوارق رفض أي اتفاق مع العدو ، مفضلا مواصلة الكفاح والجهاد مدعما في ذلك من طرف سكان مناطق الهقار والطاسيلي.

قاد الشيخ آمود عدة معارك ضد القوات الفرنسية بين 1913 و 1923 ، أي في الـمرحلة الأخيرة من جهاده في الجزائر.

ونذكر من أشهر المعارك ، معركة (جانت) الشهيرة سنة 1918 ومعركة (إيسكاو) في سنة 1920.

وفاته

وأمام الزحف الـمتواصل للجيش الفرنسي الـمدجج بالأسلحة الحديثة ،و الإمدادات الكبيرة، أجبر الشيخ آمود بن مختار على مغادرة الـمنطقة راجعا إلى منطقة فزان بليبيا في 1923 ، ليستقر بها إلى جانب المجاهدين الليبيين حتى وفاته عام 1928.




ayat169170171alomrangb3.jpg


رحمهم الله تعالى وأسكنهم فسيح جناته.

المجد والخلود لشهدائنا الأبرار.


ta7iya.gif



87108647zx9.gif








qasralkhair-8c94891f8b.gif

 
موقف سكان وادي مزاب من التجنيد الإجباري في الجيش الفرنسي

1265018739.gif



arme_franaise.jpg


موقف سكان وادي مزاب من التجنيد الإجباري في الجيش الفرنسي.

pt883.jpg

800px-Ghardaia.jpg

بني مزاب بمدينة غرداية

موقف سكان وادي مزاب من التجنيد الإجباري في الجيش الفرنسي ما بين (1912 و 1925)

(*) بالحاج بن باحمد ناصر
باحث ـ ماجستير تاريخ

عرفت الجزائر مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين, نهضة وحركة وطنية ظهرت بأشكال جديدة واعتمدت أساليب مختلفة, حيث تحولت تدريجيا من العمل العسكري إلى العمل السياسي تحت تأثير العديد من العوامل، لاسيما قضية التجنيد الإجباري الذي أرادت الإدارة الفرنسية فرضه على الجزائريين, والذي يضاف إلى القوانين الاستثنائية التي كانت تثقل كاهلهم، وعلى رأسها: قانون مجلس الشيوخ، قانون الأهالي, المحاكم الرادعة, وغيرها.

وقبل ذلك كله فإن التجنيد الإجباري في الجيش الفرنسي يُنافي عقيدة الجزائريين المسلمين, إذ يُجبرهم على القتال تحت علم غير إسلامي, ليحاربوا إخوة لهم في الدين, كما أنه يناقض اتفاق 05 جويلية 1830 الذي نص على احترام فرنسا الكامل للدين الإسلامي والقوانين والأعراف الجزائرية.
وقد عبر أغلب الجزائريين ومن بينهم سكان وادي مزاب عن رفضهم للتجنيد الإجباري بأشكال عديدة وهي: المظاهرات الشعبية والعرائض والوفود، وكتابة المقالات الصحفية.

1- فرض التجنيد الإجباري وبداية معارضة المزابيين :

بعد إصدار السلطات الفرنسية لمرسوم 03 فيفري 1912، الخاص بتجنيد الأهالي الجزائريين في الجيش الفرنسي، تعالت أصوات المعارضة والاحتجاج من مختلف المدن الجزائرية، فبعض الأهالي سلكوا مسلك التظاهر إلى حد الشغب والبعض الآخر بعث بالوفود، وبعضهم لجأ إلى الجبال والمناطق النائية، وآخرون هاجروا البلاد كلية هروباً من نير التجنيد. وما كان من السلطات الفرنسية إلا أن استعملت القوة والقسر لاقتياد الشبان الجزائريين المعنيين بقانون التجنيد (أي البالغين سن الثامنة عشرة سنة) إلى الثكنات العسكرية.

أمَّا منطقة وادي مزاب فالأمر لم يكن يعنيها بعد، ذلك أن مرسوم التجنيد كان يخص الإقليم المدني فحسب (المناطق الشمالية من الجزائر)، لكن المرسوم كان يمس أبناء المنطقة المستقرين في مدن الشمال لأنه ينص في المادة الثامنة منه على ما يلي:

«يسجل على قوائم الإحصاء لكل بلدة أو قرية الأهالي الجزائريون البالغون سن الثامنة عشر غير الـمولودين بها، شرط أن يكونوا مقيمين بها منذ أكثر من سنة».

وهذا يمسُّ عددا كبيرا من المزابيين المستقرين في مدن الشمال ـ على عادة أجدادهم منذ القديم ـ قصد التجارة التي يعتمدون عليها أساسا في كسب قوتهم وقوت أهليهم الذين يتركونهم في بلادهم القاحلة. وبهذا بدأت معارضة المزابيين للتجنيد الإجباري، فشرعوا في تهريب أبنائهم البالغين سن التجنيد من مدن الشمال إلى الجنوب بعدما لم يجدوا خيارا غير العودة إلى بلادهم وهم مكرهون على ترك مصدر رزقهم الأساسي، ومن خلال الوثائق التي اطلعنا عليها في مكتبة الأستاذ الباحث حواش عبد الرحمان بغرداية، اكتشفنا وجود تنسيق كبير بين قصور وادي مزاب وبين أعيان المزابيين في شمال البلاد لهذا الغرض، وهنا يبرز أحد أعيان قصر بني يزقن بنشاطه الحثيث في هذا المجال وهو زكريا زكري بن سعيد الذي كان لعدة سنوات محور معارضة المزابيين للتجنيد الإجباري، ففي أواخر سنة 1912 تنقل إلى باريس على رأس وفد ممثل لسكان وادي مزاب والتجار في مدن الشمال، وكان الوفد متكونا من السادة: الحاج بكير بن حاج قاسم، يحيى بن قاسم، والحاج محمد بن حمو بوجناح، واتصل هؤلاء بمن سبق لهم التعامل والتنسيق معهم من محامين وغيرهم من رجال القانون الفرنسيين أمثال المحامي هنري مورنارد (Henry Mornard)، وقابلوا وزير الداخلية وسلموا له العريضة باسم سكان وادي مزاب والتجار في الشمال في ديسمبر 1912.

2 - وادي مزاب خلال الحرب العالمية الأولى (1914 ـ 1918) :

لم تكن منطقة وادي مزاب خلال الحرب العالمية الأولى معنية بأمر التجنيد لأنها كانت من مشمولات الإقليم العسكري (الجنوب الجزائري)، لكنها كانت بالمقابل ملجأ الفارين من التجنيد والثائرين على فرنسا مثلما يؤكده هذان التقريران الإداريان:

أولا: تقرير الحاكم العام لوتو (Lutaud) الذي وصف حالة الجنوب كله في تلك المرحلة بقوله: «(...) لقد كانت باقي مناطق الجنوب تدين بولائها لنا بشكل واضح، (...) وهو ليس حال غرداية التي صيَّرها المزابيُّون بؤراً للعناصر الثائرة والخطيرة، ومصدراً للأخبار السيئة فقط(2). فرغم عدم قدرتهم على مواجهتنا مباشرة بالسلاح إلاَّ أنهم يشكلون خطراً غير مباشر علينا، لذلك لا بد من فرض عقوبات وقيود جدُّ صارمة وقاسية تجاه العناصر المعادية لنا بتلك المنطقة للحدِّ من تنقُّل العدوى الثورية إلى المناطق المجاورة. وربَّما قد تنامت هذه الروح العدائية لنا بعد زيارة السناتور التركي سليمان الباروني في جوان 1914، الذي ترك في المزابيين آثاراً بليغة جدا»(3).

ثانيا: تقرير السيد جونار (Jonnar) الذي جاء فيه ما يلي: «شهدت هذه السنوات فوضى وإجراماً خطيراً، ممَّا أدى إلى أزمة سنة 1918، فرغم وسائل القمع الشديدة، إلاَّ أن مزاب كان دائماً في الواجهة بسبب مشاكله الخاصة والمتميزة، فعلى خلاف المناطق المجاورة التي أظهرت ولاءها لفرنسا، كان المزابيون متعنِّتين ومتمسِّكين بمواقفهم تجاه السلطات الفرنسية، خاصة في قضية التجنيد الإجباري، (...) فلما أرادت الإدارة الفرنسية في سبتمبر 1918، أن تجنِّد أبناءهم أبدت جماعاتهم رفضها وتحفظها تجاه القضية»(4).

3 - انطلاق عمليات التجنيد في وادي مزاب ومعارضة السكان لها :

أصدرت السلطات الفرنسية في شهر ديسمبر من عام 1918، أمراً يقضي بتجنيد 238 شاباً من منطقة غرداية لدفعة سنة 1919، وتركت أمر إحصائهم للقياد، الذين حددوا بدورهم يوماً لإجراء القرعة، وأعلنوا قائمة الشبان المعنيين بالجندية في 01 جوان 1919، وأرسلوا لهم أوامر الحضور إلى الثكنة في اليوم المحدد. لكن لم يلتحق أي شاب في الموعد (5)، وهو ما اعتبرته الإدارة الفرنسية تمرداً صريحاً، يستوجب التدخل، وأول إجراء قامت به هو اعتبارها هؤلاء الشبان الفارين من التجنيد، متمردين على الحكم، وهو ما يخول لها تسليط عقوبات قانونية صارمة عليهم. في حين كان هؤلاء الشبان، يتنقلون بين مختلف مدن التل، هروبا من التجنيد، وهو ما دفع بالحاكم العسكري لمقاطعة غرداية إلى أن يرسل تقريراً إلى الحاكم العام آنذاك آبيل (Abel Jean Baptiste)(6) يخبره فيها بحقيقة الوضع بالمنطقة.

ومع مرور الوقت، تطورت قضية التجنيد الإجباري في وادي مزاب الذي رفض أهاليه أن يخضعوا لقانون 3 فيفري 1912، فدخلت القضية مكاتب مجلس الحرب في العاصمة، ليفصل في وضع بعض الشبان الموقوفين في حالة هروب من الجندية، لكنه وجد أن الفصل في هذه القضية صعب جداً، بسبب عدم وضوح حالة سكان وادي مزاب من الناحية القانونية، وبالتالي فقد عجز عن إصدار أي حكم تجاه هؤلاء الشبان، فترك الأمر معلقاً.

وفي نفس الأثناء، تعددت الاجتماعات بوادي مزاب، مثل ذلك الاجتماع الذي نظم ببني يزقن بزعامة قاضي البلدة الحاج محمد بن الحاج حمو يدر في 19 مارس 1921 لمناقشة تطورات الأمور مع جماعة من وجهاء البلدة. وفي 25 من نفس الشهر(مارس) اجتمع كافة أعيان مدن مزاب السبع، لدراسة عدة قضايا أهمها دراسة تطورات قضية التجنيد الإجباري في المنطقة، خاصة وأن الإدارة أصبحت تستعمل القوة والزجر في اقتياد الشبان إلى الثكنة لإجراء عملية القرعة، وبالتالي تجنيد الحصة السنوية المطلوبة قسراً. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فقد ناقش المجتمعون قرار 5 مارس 1921 الخاص بتطبيق مرسوم 03 فيفري 1912، في مناطق الحكم العسكري (الجنوب)(7). لكن الهدف الأول للاجتماع، كان محاولة تحرير عريضة مطالب، لتقديمها إلى الحاكم العام، الذي كان من المقرر أن يزور المنطقة في نهاية الشهر، ولكن الزيارة ألغيت لظروف خاصة.

لقد كان سكان وادي مزاب مستعدين للتضحية بأي شيء من أجل إعفائهم من التجنيد الإجباري، بل وكانوا متحمسين لإيصال قضيتهم إلى أعلى الهيئات في الدولة الفرنسية.

لكن في يوم 01 جويلية 1921 أعلم كافة قياد وادي مزاب أن الحصة المقررة لدفعة 1921 هي (150) رجلاً ولابد من تقديم هذا العدد قبل نهاية نفس العام، وهو الأمر الذي دفع بالقياد إلى الضغط على العشائر لتقديم العدد اللازم من المجندين، فجُنِّد سنة 1921 واحد وعشرون شاباً لكن بصيغة التعويض، وقبل نهاية السنة تم تجنيد ستَّة وثلاثين بنفس الصيغة.

وفي الأشهر الأولى من سنة 1922 تقدم (62) اثنان وستون شاباً (عوضاً) جلهم من اليهود والبدو من أصل 283 شاباً مطلوباً، من بينهم (132) مائة واثنان وثلاثون شاباً مزابيًّا تم تجنيدهم قسراً من طرف اللجنة المكلفة بذلك.

أكَّد تقرير اللجنة المكلفة بالإحصاء وإجراء القرعة ـ عند مرورها لإجراء القرعة من 06 إلى 13 جوان 1922 ـ أن سكان المنطقة غير مستعدين إطلاقاً لأداء فرض الجندية. وهو ما دفع بالإدارة إلى الضغط على القياد وضمان العشائر لإقناع الأهالي بالقبول بالتجنيد.

وينقل لنا نص برقية القائد العسكري بمنطقة غرداية التي بعث بها إلى الحاكم العام بالعاصمة بتاريخ 20 جوان 1922 صورة عن معارضة سكان وادي مزاب للتجنيد والتي يقول فيها: «إن معارضة الأهالي للتجنيد الإجباري مستمرة دائماً، فكلُّ الشباب في مزاب يختفون بمجرد ظهور عساكرنا (...) إن التجربة أكدت هذه السنة أن كل التعليمات والمراسيم القانونية الخاصَّة بالتجنيد واجهت عراقيل عويصة عند محاولة تطبيقها. وذلك بسبب الدعاية المضادة التي نواجهها من طرف الأهالي، وكذلك تلك التجمعات التي ينشطها ويعقدها أعيانهم»(8).

استمر الأمر كذلك خلال السنوات من 1922 إلى 1925 حيث تواصل إرسال العرائض إلى السلطات الفرنسية على مختلف المستويات، فجاء الرد من طرف مجلس الشورى(9) بتاريخ 16 أوت 1922 رافضاً فيه كل ما تقدم به سكان واد مزاب من حُجج. ثم أصدر مجلس الدولة قراره في 15 ماي 1925 رافضا كل الحجج التي تقدم بها المزابيون، وهو القرار الذي خيب آمال سكان واد مزاب في الحصول على إعفاء من الجندية، رغم مساعيهم الحثيثة والجادة التي تبينها الوثائق.

4 - أسُس معارضة المزابيين للتجنيد الإجباري :

منذ صدور مرسوم 03 فيفري 1912، رفع سكان وادي مزاب عقيرتهم بالشكوى من هذا القانون الجائر، على غرار الكثير من الجزائريين على أساس أنه خرق واضح لما جاء في معاهدة 05 جويلية 1830.

لكن المزابيين استغلوا الوضع الخاص الذي يتميزون به عن غيرهم، وهو تمتعهم بالحماية والاستقلال الذاتي بموجب معاهدتي 1853 و1882 مع السلطات الفرنسية، وعلى هذا الأساس اعتبروا أن تطبيق مرسوم 03 فيفري 1912 عليهم أمر غير مشروع قانونياً؛ لأنه خرق للمعاهدتين من جهة، ومن جهة أخرى فإن فرض الجندية على أهالي وادي مزاب تهديد لمستقبلهم لأنهم يعتمدون على فئة الشباب في تجارتهم وكسب قوتهم نظراً لقساوة طبيعة المنطقة، بالإضافة إلى ما في ذلك من مخالفة للشريعة الإسلامية.

1 ـ الأساس السياسي والقانوني في معارضة التجنيد :

1 ـ 1 ـ الوضع السياسي للمزابيين:

بعد زحف القوات الفرنسية على الجنوب الجزائري ودخولهم إلى مختلف المدن الجنوبية عقد سكان وادي مزاب معها معاهدة بتاريخ 29 أفريل 1853 بالأغواط وهي المعاهدة التي جعلتهم تحت حماية الفرنسيين مقابل دفع ضريبة سنوية قدرها خمس وأربعون ألف فرنكا فرنسيا (45000) قيمة الخراج الذي كانوا يدفعونه إلى العثمانيين من قبل، وبالتالي فان مرسوم 22 جويلية 1834 الذي تم بموجبه تنظيم الجزائر إلى ثلاثة عمالات إداريا وكذا تعيين حاكم عام على أملاك فرنسا في شمال أفريقيا لم يكن يعني مزاب(10) الذي كان يتمتع بنظام الحماية.

*-معاهدة 29 أفريل 1853:

بعد سيطرة القوات الفرنسية على مدينة الأغواط في ديسمبر 1852 توقع المزابيون الانتقام العسكري منهم ومن دورهم البارز في مقاومة الاحتلال بمدن الشمال فأرسلوا وفدا إلى الحاكم العام راندون (Randan)(11)، الذي عرض على جماعات بني مزاب في رسالة مؤرخة في 24 جانفي 1853 حماية تجارتهم وتنقلاتهم عبر مدن التل الواقعة تحت الاحتلال الفرنسي مقابل دفعهم ضريبة سنوية مقدارها 45000 فرنك فرنسي(12). فانقسم المزابيون بين مؤيد ومعارض لعقد المعاهدة وفي الأخير تم الاتفاق والتعاقد مع السلطات الفرنسية يوم 29 أفريل من نفس السنة.

ونصت المعاهدة ـ مما نصت عليه ـ على حماية فرنسا للمزابيين واحترام دينهم وأن لا تتدخل مطلقاً في أمورهم الداخلية وتترك لهم حرية تقسيم القسط الذي تتحمله كل مدينة من الضريبة السنوية مثلما جاء في المعاهدة: «إننا لا نريد بأية صفة التدخل في أموركم الداخلية وأنكم ستبقون من هذه الجهة مثلما كنتم في الماضي، إننا لا نشتغل بأعمالكم إلاَّ إذا مست الراحة العامة»(13).

وبالتالي لا يمكن اعتبار سكان وادي مزاب رعايا؟ أضف إلى ذلك أنَّ القوانين الدولية تمنع إلحاق أي أذى بالشخصية السياسية للبلد المحمي خاصة إذا ما بقي هذا الأخير على الحياد حيال أي حرب بين الدولة الحامية وأي دولة أخرى(14).

*ـ التقرير المؤرخ في 21 ديسمبر 1882:

صرح أحد المسؤولين السياسيين الفرنسيين وهو أوغستان برنارد بما يلي: «باستيلائنا على مزاب قضينا على عشِّ الثورة الدائم والمستودع الذي كان يجد فيه الثوار ضدنا الأسلحة والعتاد والتموين»(15) وهو ما يوضح سبب حمل السلطات الفرنسية على إلحاق مزاب بفرنسا من طرف الحاكم العام لويس تيرمان(16) حيث تم إحلال حامية عسكرية وتنصيب مكتب عربي في ميزاب للسيطرة عليه بشكل أضمن وتم عقد المعاهدة في 30 نوفمبر 1882(17)، وصادق عليها رئيس الجمهورية الفرنسية آنذاك وهو قريفي (Greffy) في 21 ديسمبر 1882 والتي نصت على أن المزابيين ولأنهم لم يحفظوا العهد الذي تم التعاقد عليه في 29 أفريل 1853 القاضي بعدم تمويل الثوار، بتركهم أسواقهم مفتوحة أمام الثائرين على السلطات الفرنسية، فعليه تفرض عليهم حامية عسكرية لتراقبهم عن قرب. ولكن أقرت المعاهدة أيضا على إبقاء الحماية الفرنسية على مزاب وترك سكان المنطقة أحرارا في تسيير أنفسهم داخلياً اعتمادا على تعاليم الدين الإسلامي والمذهب الإباضي وفقه مشايخهم (العزابة)، وبالتالي تم الحفاظ على الاستقلال الذاتي للمنطقة.

إذا لا يمكن من الناحية القانونية فرض وتطبيق مرسوم 03 فيفري 1912 على مزاب لأنه بلد محمي بموجب معاهدتي 1853 و1882 التي لم يأت ما يناقضها. أكثر من ذلك وبعد عريضة من جماعات مزاب رفعوها إلى الحاكم العام تيرمان في العاصمة بتاريخ 7 فيفري 1884 جاء الرد عليها كالآتي: «(…) لقد استندتم في مُكاتَبَتِكُم على الوعد الصادر منا لكم في 29 أفريل 1853 والذي جددناه لكم في 21 ديسمبر 1882 عند احتلال مزاب، وأن الأمل الذي وضعتموه في الحكومة الفرنسية لا يخيب لان فرنسا تتذكر دائما المعاهدة التي عقدتها معكم»(18) وفي هذا أكثر من اعتراف على أن مزاب كان مستقلاًّ ذاتياً عن الحكم الفرنسي الذي لم يكن يتدخل إلا عندما يتعلق الأمر بحفظ الأمن العام.

1 ـ 2 ـ حفاظ المزابيين على الأنظمة التقليدية والاجتماعية المحلية :

رغم الاحتلال الفرنسي لمنطقة وادي مزاب، إلاَّ أن المزابيين حافظوا على نظامهم الاجتماعي الخاص بموجب المعاهدتين المذكورتين آنفا، ورغم ما جاءت به معاهدة 1882 بإحلال حامية عسكرية على المنطقة إلا أنها لم تلغ شرعية النظام الاجتماعي للمزابيين.

أمَّا في الجانب الديني والاجتماعي فقد كان ولاء الأهالي في هذه المرحلة لمجلس العزابة ومجلس عمي سعيد، حيث زادت سلطتهما في المجتمع المزابي خصوصا بعد فقدان القائد لمصداقيته اتجاه العامة بسبب تدخل الإدارة الفرنسية في صلاحياته حيث أصبح منصبه بمرور الزمن شكلياً فقط.

أما من الناحية القضائية فقد كان المزابيون مستقلين عن القضاء العام في الجزائر بعد أن أصبح قاضي الصلح الفرنسي يتحكم في جل وأغلب الأحكام(19). فالإباضية (سكان وادي مزاب) وفي 07 نوفمبر 1887 أصدر الحاكم العام أمرا يتضمن إحداث سبعة محاكم إباضية في مدن مزاب وإنشاء مجلس استئناف بغرداية وهو مجلس عمي سعيد، وبفضل مساعي المزابيين وطلباتهم الكثيرة أصدر رئيس الجمهورية الفرنسية كارنو (Carno) مرسوماً يوم 29 ديسمبر 1890 يقضي بإنشاء ثلاث محاكم إباضية في كل من الجزائر العاصمة وقسنطينة ومعسكر، ثم حولت هذه الأخيرة إلى وهران، بالإضافة إلى خمسة محاكم فرعية تحكم بين الإباضيين في قضايا الأحوال الشخصية وتقسيم التركات يسيرها «باش عدل» بترشيح من أهالي وادي مزاب(20). فهذا الامتياز القضائي يؤكِّد الاستقلال الذاتي للمزابيين عن الإدارة الفرنسية في كل المجالات الإدارية والاجتماعية والقضائية.

1 ـ 3 ـ قضية يهود مزاب:

جنَّس قانون أدولف كريميو (Crémieux) الصادر في 14 أكتوبر 1870، يهود الجزائر بالجنسية الفرنسية، ولكن في مزاب كان اليهود يرزحون تحت الوضع الخاص للمزابيين (الحماية)، وعلى هذا الأساس، وعندما أصدر قرار تجنيس اليهود في سائر الأراضي الجزائرية لم يشمل هذا القرار يهود مزاب لأنَّهم كما ذكرنا يحسبون ضمن وضع المزابيين الخاص والمتميِّز(21). وهو ما أثار جدل مسألة الوضع القانوني لمزاب من جديد.

كما أن ما يثبت الوضع المتميز ليهود مزاب عن سائر اليهود في الجزائر هو بعض القرارات حول قضايا مختلفة أصدرتها المحاكم الفرنسية اتجاه بعض اليهود المنتمين لمزاب والتي أكدت بموجبها أن هذه المنطقة لم تكن من ملحقات الإدارة الفرنسية، مثل إصدار قرار بتاريخ 16 جانفي 1909 يقضي بتجنيس يهودي أصله من مزاب ـ مولود بغرداية في سبتمبر1876 ـ اسمه كوهان إبراهيم بن يوسف(22) مـمَّا يدل دلالة واضحة أن الإدارة الفرنسية كانت تعتبر يهود مزاب غير مجنسين بعد بالجنسية الفرنسية.

1 ـ 4 ـ قضية الضريبة :

كما هو معلوم فان المزابيين كانوا بموجب معاهدة 29 أفريل 1853 يدفعون ضريبة سنوية قدرها 45000 فرنك فرنسي مقابل حماية الدولة الفرنسية لهم ولتجارتهم وحرية التصرُّف في أمورهم الداخلية وعلى هذا الأساس فلا يمكن فرض قانون التجنيد الإجباري على بلد محمي يدفع ضريبة سنوية، وفي هذا يقول أحد رجال القانون الفرنسيين وهو الدكتور المحامي برونيل (Prunelle) «(…) إن الأمة المستقلة التي تدفع خراجاً لا تجب عليها الخدمة العسكرية إلا إذا التزمت بمقتضى اتفاق على ذلك مع الدولة الأخرى التي تعاقدت معها وهذه ليست حالة المزابيين، وبالتالي ليس من العدل فرض التجنيد عليهم»(23).

2 ـ الأساس الديني في معارضة المزابيين للتجنيد:

رغم تعهد الدولة الفرنسية للجزائريين عند احتلالها لبلادهم باحترام معتقداتهم ودينهم الإسلامي إلا أنها تعدت على حرمات هذا الدين الحنيف في عدة مناسبات وبعدة أشكال وفي مختلف مناطق البلاد خاصة عند فرضها للتجنيد على المسلمين الجزائريين.

لذا فقد اعتمد سكان وادي مزاب في شكاياتهم كثيراً على قضية منافاة الجندية للدين الإسلامي باستنادهم على الدلائل الشرعية من القرآن والسنة وهي:

إن المجند الجزائري في الجيش الفرنسي سيضطر إلى قتل عدوه وإلا فسيقتل، وفي كلا الحالتين هو آثم، لأنه لا يجوز للمسلم أن يقتل مشركا إلا بعد أن يدعوه إلى كلمة التوحيد، فإن أقر بها فقد عصم منه دمه وماله، وبالتالي فلا يحل قتاله إلا بموجب شرعي، والله تعالى يقول عن هذا: {مِنَ اَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَآءِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ اَوْ فَسَادٍ فِي الاَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا}(24).

2- ثم إنَّ المجند الجزائري في الجيش الفرنسي سيضطر أيضا إلى قتال إخوة له في الدين وذلك بمشاركته في الحرب الفرنسية على المغاربة، أو في حالة الحرب الوشيكة على العثمانيين حلفاء الألمان، وقد جندت فرنسا آلاف الجزائريين لإتمام احتلال المغرب الأقصى سنة 1911 على الخصوص، وفيها قتل الإخوة في الجنس والدين بعضهم بعضا في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، والله سبحانه وتعالى يقول: {وَمَنْ يَّقْتُلْ مُومِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}(25).

وكما روي في الأثر أن المسلم إذا أعان الظالم ولو بمدة قلم فهو ملعون إلى يوم الدين، وقال تعالى: {وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}(26).

وحتى في حالة التعويض (إيجاد البديل) فإن الأمر سيَّان، لأن الجزائري المسلم القادر يستأجر بماله من يعوضه، وبالتالي فهو يستأجر يقتل أحداً بدون موجب شرعي، والقاتل بنفسه وماله سواء. لذلك رفض المزابيون مرسوم 3 فيفري 1912 من الأساس فالقاتل بنفسه أو بماله سواء.

3 ـ لا يحل للمسلم أن يقاتل أو يقتل أخاه المسلم مختاراً أو مجبراً دفاعاً عن كيان دولة مشركة بأي وجه من الوجوه فالمجندون في الجيش الفرنسي (طوعا أو كرها) يرغمون ويساقون إلى القتال في الصفوف الأمامية في حروب فرنسا وحلفائها، فهي ترغمهم على قتال قوات العثمانيين في الحرب العالمية الأولى والثانية دفاعا عن فرنسا، كما أجبرت فرنسا الجزائريين والمغاربة والتونسيين على الوقوف بجانبها ضد ثورة عبد الملك بن عبد القادر الجزائري التي قام بها ضد فرنسا سنة 1915 في تازة بفاس ودامت إلى غاية 1924 وكذا ضد ثورة الريف المغربي بزعامة البطل عبد الكريم الخطابي في حروبه ضد الإسبان سنة 1920 ثم ضد فرنسا لتحرير مراكش من جرثومتي الإسبان والفرنسيين؛ ودليل ذلك هو تلك الرسالة التي بعث بها عبد الكريم الخطابي إلى الجزائريين والتونسيين(27) والتي تحدث فيها وأكد وجود أبناء الجزائريين والتونسيين ضمن الجيوش الفرنسية المواجهة له.

وبالإضافة إلى كل ما مضى فإن الجندية تضطر الجندي المسلم لترك ركن عظيم من أركان دينه وهو الصلاة، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم : "ليس بين العبد والكفر إلا تركه الصلاة"، كما يجبر الجندي المسلم في الجيش الفرنسي على أكل ما لا يُحِلُّ له دينُه أكلَه، وعلى شرب ما لا يُحِلُّ له شربه؛ فالسلطة الفرنسية كافرة وبذلك فهي لا تفرق بين حلال أو حرام كما أن الجندي ليس له من سبيل غير أكل ما يقدم له، وبالإضافة إلى ذلك فان الجندي المسلم يعاشر في الجيش الفرنسي من لا خلاق لهم من كحوليين وشواذ(28).

وعن هذا جاء في عريضة لسكان وادي مزاب: "إن الصلاة أهم فرض يوجبه علينا ديننا, فهي كما قال النبي صلى الله عليه وسلم مدار الدين, والصلاة لا تكون صحيحة إلا في شروط محدودة من نظافة جسم وفراغ بال, وتكون في أوقات معلومات (...) فلا يمكن إذا توافقها مع لوازم الجندية كما هي معروفة في العسكر الفرنسوي".(29)

لهذا قال المحامي برونيل في كتابه عن تجنيد الجزائريين ما يلي: «يستحيل تحقيق إجراء الخدمة العسكرية دون اعتداء على الفرائض الدينية بمقتضى الدين الإسلامي الذي يُوجب خمس صلوات في اليوم والليلة مع وضوءاتها»(30).

من خلال ما مضى نستنتج أن السبب الرئيس في رفض المزابيين للخدمة العسكرية الإجبارية هو العامل الديني وليس الخوف من العمل العسكري الحربي حيث لم يتوانَ المزابيون أبدا في تلبية نداء الوحدة الوطنية عبر التاريخ مثلما فعلوه في عهد مولاي حسن باشا في سنة 1541م بشهادة حمدان بن عثمان خوجة وكذا في حملة صالح رايس نحو الجنوب سنة 1552م، ثم الدفاع عن السواحل الجزائرية عام 1830 كما كانوا بقوة وراء أسوار قسنطينة عند احتلالها.

3 ـ الأساس الاقتصادي في معارضة المزابيين للتجنيد:

تتميز منطقة وادي مزاب أو بلاد الشبكة بقسوة الطبيعة، لذا فإن ظروف المعيشة بها صعبة والحياة قاسية، فالفلاحة مثلا تتطلب رؤوس أموال كبيرة(31) لاستصلاح الأراضي وحفر الآبار التي يصل عمقها إلى خمسين متراً لتوفير المياه، لذلك فهي بحاجة إلى سواعد قوية للقيام بكل ذلك وقد رأى المزابيون أن تجنيد الشباب لمدة ثلاث سنوات يعني انهيار النشاط الفلاحي في المنطقة، وكذلك الأمر بالنسبة للتجارة حيث يجبر المزابي على ترك وطنه في سن مبكرة للعمل في التجارة بمدن الشمال ويبقى من خمس إلى سبع سنوات دون العودة إلى أهله، وبعودته يصرف كل ما جمعه في تلك السنوات. وبالتالي فإن تجنيد الشباب المزابي يؤدي إلى عواقب خطيرة من أهمها:

*-تعطيل الأشغال الفلاحية مدة التجنيد مما يؤدي إلى تلف الأراضي.

*-ضياع تجارته وقت أدائه فرض التجنيد وتلف أشغاله بها وربما توقفها نهائياً، وضياع أموال الناس وحقوق كل من له علاقة به في تجارته.

*-إن نقل الشبان الجزائريين إلى فرنسا لتأدية الخدمة العسكرية قد يؤدي إلى ضياعهم في نمط الحياة الجديد الذي يعتبر أحسن ـ ماديا على الأقل ـ من حمل الفأس وحرث الأرض وأفضل من العمل المضني في التجارة, وإذا ما تبدلت أخلاق هؤلاء الشباب وعاداتهم فسيكون من الصعب ترك ذلك النمط الجديد والعودة إلى الحياة الصعبة, وهو ما يترتب عنه ضياع عائلته وأولاده ومن يتعلق به من أهله, لأن أبواب اللذائذ والشهوات انفتحت أمامه في أوروبا, وتعوّد على الأكل من كل غلة والتنقل بكل حرية عكس بلاده(32).

وهذا ليس بمجرد حديث دون دليل بل هو ما دلت عليه التجربة وواقع الحال آنذاك فقليلون هم من عادوا إلى بلدهم(33).

وقد جاء في عريضة من بني يزقن بوادي مزاب ما يلي:

«نحن أمة فقيرة ضعيفة ووطننا وطن الفقر والمجاعة ليس فيه ضرع ولا زرع (...) ومعيشتنا فيه مكدَّرة شاقة ولذلك تجدنا مقيمين متفرقين في بلاد التل نسعى بالكد والجهد على تحصيل القوت وجلب المعيشة لنا ولأولئك القوم أهلينا الضعفاء العاجزين من النساء والشيوخ والصبيان».(34)
وقد قال المحامي برونيل في كتابه عن التجنيد الإجباري ما يلي: «إن المزابيين مراعاة لفقر أرضهم نجد غالبهم تجاراً في الخارج، والخدمة العسكرية التي تجبرهم على ترك تجارتهم حصة من الزمن تكون محطمة وقاضية بالموت بلا شك على حالتهم الاقتصادية»(35).

5 - بعض وجهاء المعارضة المزابية للتجنيد الإجباري

برزت عدة شخصيات في مرحلة العشرينيات من القرن العشرين، عملت على رفع عرائض وشكايات سكان منطقة مزاب إلى السلطات الفرنسية العليا في الجزائر وباريس. وفيما يلي أبرز هؤلاء الأعلام الذين لعبوا دوراً بارزاً في معارضة سكان وادي مزاب للتجنيد الإجباري:

1– زكريا زكري بن سعيد بن إسماعيل (1852 ـ 1948):

تعلَّق اسم زكري بن سعيد بأغلب الوثائق الخاصة بمعارضة سكان وادي مزاب للتجنيد الإجباري، وإنه لأكبر دليل على نضال هذا الرجل العظيم والدبلوماسي الذكي الذي لم يدخل يوماً معهد السياسة.
يعتبر زكري بن سعيد من وجهاء القوم في مزاب عامة، وبني يزقن خاصة، فكثيراً ما تطلب مشورته ويُؤخذ برأيه في مختلف القضايا الاجتماعية. عُرف بشخصيته القوية، وشدة تمسكه بمواقفه، لقد كان له فضل كبير في توصل سكان وادي مزاب إلى الحصول على الإعفاء من التجنيد عام 1947، نظراً لمساعيه الحثيثة في هذا الشأن، في حين لم يُكتب عنه إلا الشيء الهزيل في بعض المقالات، وهو أمر غير كاف في حق الرجل، كان زكري بن سعيد تاجراً بقالمة، وكان إنسانا بسيطاً ومتوسط الحال، حسب ما أكده لنا حفيده الدكتور زكريا محمد في إحدى الاستجوابات الشخصية معه، وحسب ما روي عنه في بعض المخطوطات التي تعود إلى تلك المرحلة، فقد كان شخصاً يعيش للجماعة ولخدمتها، وهو الأمر الذي جعل تجارته بقالمة تضعف حتى أصبح من التجار الصغار. برز زكري بن سعيد في قضية رفض التجنيد منذ سنة 1912، حيث كان ـ دون مبالغة ـ محور معارضة المزابيين للتجنيد الإجباري، وذلك ما تدل عليه الوثائق الخاصة بالموضوع، وكانت له علاقات وطيدة مع شخصيات فرنسية هامة ساهمت كثيرا في الدفاع عن قضية سكان وادي مزاب، كما كانت له مراسلات مع أبرز شخصيات المنطقة خاصة الشيخ إبراهيم أبو اليقظان وعبد العزيز الثميني وصالح بن يحيى المعروفين بعلاقاتهم مع حزب الدستور التونسي. كما كانت له اتصالات مع الشيخ إبراهيم بن عمر بيوض وغيره من معارضي السياسة الفرنسية في المنطقة.

2 ـ موقف الشيخ أبي اليقظان بن الحاج عيسى (1888 ـ 1973)

المفكر الجزائري المعروف وصاحب الجرائد والمقالات الصحفية المؤثرة، كتب عن القضايا الوطنية والعربية السياسية والاجتماعية والدينية.

وعليه فقد راح يهاجم بصراحة مشروع التجنيد الإجباري الذي عزمت الإدارة الفرنسية على تطبيقه على سكان وادي مزاب بالقوة. وهو المشروع الذي كان من الأسباب المباشرة الدافعة لأبي اليقظان لخوض معترك الصحافة(36).

وفي مقال له نشرته جريدة الإقدام سنة 1922 اعتبر التجنيد إعداماً للمزابيين، كيف لا وهو يسلب من المجتمع الإسلامي أبناءه لقتال إخوانهم المسلمين لفائدة الكافر والمستعمر، كما أنه خرق واضح لمعاهدتي 1853 و1882 اللتين تَعتَبِران مزاب بلداً محمياً لا مستعمرا، وقد قال عن الحكومة الفرنسية ما يلي: «أما موافقتنا لها في ذلك الاختيار فمستحيل، وأما جبرا فإننا ندعها تفعل ما تشاء ولكننا نحتج ضد صنيعتها هذا بكل ما لدينا من الحجج الشرعية ونحاكمها أمام الرأي العام الفرنسي، وأمام التاريخ ما بقي فينا من الحياة»(37).

وقد كانت له مواقف وآراء واتصالات مع زكري بن سعيد منذ أن كان طالباً في تونس، وهي في مجملها تحفيز من زكري بن سعيد لأبي اليقظان لنشر قضية التجنيد في الصحف التونسية. وبعد دخوله الجزائر سعى وجاهد بقلمه في سبيل كل القضايا الوطنية على حد سواء، فأبو اليقظان رمز للوطنية والانتماء الإسلامي مهما كان العرق أو الجنس.

3 ـ موقف الشيخ بيُّوض إبراهيم بن عمر (1899 ـ1981):

قال الشيخ بيوض (أحد أعلام الإصلاح في الجنوب الجزائري) عن التجنيد الإجباري في القرارة (إحدى قرى مزاب السبعة) ما يلي: «وقد تقوت الحركة الإصلاحية في الجزائر ومزاب بعد الحرب العالمية الأولى، وفي أول عام 1919 قام الناس في القرارة ومزاب لمناهضة التجنيد الإجباري، وقد جندت فرنسا جماعة من شباب الإصلاح انتقاماً منهم ومن آبائهم المصلحين وتجريداً لمعاهد العلم من طلبتها النجباء، وفي هذا العام ارتكب الاستعمار وأذنابه فظائع كثيرة في المصلحين بالقرارة لإخماد جذوة الإصلاح (…) لقد قتلوا جماعة من المصلحين (…) وسجنوا الحاج العنق والسيد حمو بن إبراهيم أبا العلاء أحد صناديد الإصلاح ومصلحين كثيرين امتلأت بهم السجون في القرارة ومزاب"(38).

وهذا دليل قاطع على القهر الذي استعملته السلطات الفرنسية في تجنيد الشبان بمنطقة وادي مزاب، حيث كان الشيخ بيوض رحمه الله ممن أخذ بالقوة، وبعد الإفراج عنه سارع إلى كتابة شكاية عن التجنيد الإجباري وما صاحبه من فضائح، وعرضها على ثلاثة وسبعين رجلاً أمضوها، فدُعُوا إلى غرداية كلهم فسألهم الحاكم العسكري عمن كتب الشكاية، ولكنهم لم يدلوا بشيء، وقد تأثرت الولاية العامة بهذه الشكاية التي هزت الحكام العسكريين الطغاة في غرداية والأغواط خاصة(39).

واستمر الشيخ بيوض في رفع راية الإصلاح مستغلاً أي فرصة لكتابة المقالات اللازمة ضد الجندية وغيرها.

خاتمة:

عارض سكان وادي مزاب قانون التجنيد الإجباري على غرار أغلب الجزائريين، وأسسوا معارضتهم على أسس سياسية وقانونية ودينية واقتصادية، وبذلوا في سبيل ذلك كل ما يلزم، وكانت نتيجة كل تلك الجهود هي الإعفاء من التجنيد في سنة 1947، وقد اقتصرنا في بحثنا هذا على نصف الفترة تقريباً نظرا لأهمية الموضوع الذي لا تكفي هذه الدراسة لتناول جميع حيثياته، ونترك ما تبقى منها إلى بحث أوسع في المستقبل إن شاء الله.

وضرب بذلك سكان وادي مزاب مثالا بارزا في معارضة السياسة الاستعمارية، وتبقى تجربتهم جديرة بالدراسة والتحليل والاستنتاج لاستخلاص العبر والاستفادة منها.

--------------------

قائمة المراجع

المراجع العربية:

1- أحمد توفيق المدني، كتاب الجزائر.

2- جريدة الإقدام، عدد 86، 07/07/1922.

3- بالحاج بن باحمد ناصر، موقف سكان وادي ميزاب من التجنيد الإجباري 1912 ـ 1925، مذكرة ليسانس في التاريخ المعاصر، مرقون، جامعة الجزائر، 2000 ـ 2001.

4- حمو محمد عيسى النوري، دور الميزابيين في تاريخ الجزائر قديمًا وحديثا، مج1، نبذة من حياة الميزابيين الدينية والسياسية والعلمية، من سنة 1505م إلى 1962م. دار البعث، قسنطينة.

5- عمر بن عيسى حاج محمد، مذكرات ووثائق رسمية عن وادي ميزاب من ناحيته الدينية والسياسية والاجتماعية من سنة 1853 إلى سنة 1951، مطبعة النهضة، تونس، 1951.

6- محمد علي دبوز، أعلام الإصلاح في الجزائر 1921 – 1975، ج2، ط1، مطبعة البعث، قسنطينة، الجزائر، 1980.

7- محمد قنانش ومحفوظ قداش، نجم الشمال الأفريقي وثائق وشهادات لدراسة الحركة الوطنية الجزائرية، ط2، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1994.

8- محمد ناصر بو حجَّام، الشيخ بيوض والعمل السياسي، ط1، المطبعة العربية، غرداية، 1991.

9- محمد ناصر، أبو اليقظان وجهاد الكلمة. الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، 1980.

المراجع الأجنبية:

10- Bruno Charles Dominique, La Propagande Anti-Française au M’zab au Début des Années 1920, Mémoire de Maîtrise d’act., U. de Provence, Aix-Marseille, 1988.

11- Haouache, B. : Le Conscription des Indigènes Mozabites Par Le Décret de 03 Février 1912, Mémoire de D.E.A Université de la Sorbonne, Nouvelle Paris.1993.

12- Huguet J., Les Juifs du M’zab, Ecole de Médecine, tome IV, Paris, 1902.

13- K. E. « Mozabite », La Cause Du Peuple Mozabite, I.M.P. Prolétariat, Alger, 1924.

14- Omar Ben Aissa, Question Mozabite, Le Service Militaire Conséquence de Son Application au M’zab, La typographie d’art, Alger, 1930.

15- Zeyes E., Législation Mozabite, Son Origine, Ses Sources, Son Avenir, Adolph Jordan, Alger, 1886.
--------------------

الهوامش

(*) لأكثر تفاصيل انظر: بالحاج ناصر، موقف سكان وادي ميزاب من التجنيد الإجباري 1912 ـ 1925، مذكرة ليسانس في التاريخ المعاصر، مرقون، إشراف الدكتور حباسي شاوش، جامعة الجزائر، السنة الجامعية 2000 ـ 2001.

(2) هنالك تقارير عديدة في أرشيف ما وراء البحار بفرنسا تؤكد الدور الذي كان يلعبه الميزابيُّون في تمويل وإيواء الثوار. (للمزيد انظر : Carton 22h 25).

(3)Bruno Charles Dominique, La Propagande Anti-Française au M’zab au Début des Années 1920, Mémoire de Maîtrise d’act., U. de Provence, Aix-Marseille, 1988, P.26.

(4) Bruno Ch. D., op. cit., P. 206.

(5) Haouache, B. : Le Conscription des Indigènes Mozabites Par Le Décret de 03 Février 1912, Mémoire de D.E.A Université de la Sorbonne, Nouvelle Paris, 1993, P 52.

(6) آبيل: هو حاكم الجزائر العام من 31/07/1919 لغاية 28/07/1921.
(7) Bruno Ch. D., op. cit., P. 33.

(8) Haouache, op.cit

(9) Ibid.

(10)Omar Ben Aissa, Question Mozabite, Le Service Militaire Conséquence de Son Application au M’zab, La typographie d’art, Alger, 1930, P.23.

(11) الاكسندر راندون كان حاكماً عاماً على الجزائر من 11 ديسمبر 1851 إلى 24 جويلية 1858.

(12)Merghoub. B, op, cit. , p. 51-52.

(13) بالحاج ناصر، المرجع السابق، ص 39.

(14) K. E. « Mozabite », La Cause Du Peuple Mozabite, I.M.P. Prolétariat, Alger, 1924,P 13

(15) يوسف بن بكير الحاج سعيد، تاريخ بني ميزاب، المطبعة العربية، غرداية 1992، ص 113.

(16) لويس تيرمان حاكم عام من 26 / 11 / 1881 إلى 18 / 04 / 1891.

(17) بالحاج ناصر، المرجع السابق، ص 40.

(18)Prunelle A, op. cit., P.70.

(19) توفيق المدني، كتاب الجزائر، ص335.

(20)Zeyes E., Législation Mozabite, Son Origine, Ses Sources, Son Avenir, Adolph Jordan, Alger, 1886. P. 05.

(21)Huguet J., Les Juifs du M’zab, Ecole de Médecine, tome IV, Paris, 1902, P.06.

(22) عمر بن عيسى حاج محمد، مذكرات ووثائق رسمية عن وادي ميزاب من ناحيته الدينية والسياسية والاجتماعية من سنة 1853 إلى سنة 1951، مطبعة النهضة، تونس، 1951، ص77.

(23) Prunelle.A, op,cit, p.70.

(24) سورة المائدة، الآية، 32.

(25) سورة النساء، الآية، 93.

(26) سورة البقرة، الآية، 190.

(27) انظر نص رسالة عبد الكريم الخطابي في كتاب: محمد قنانش ومحفوظ قداش، نجم الشمال الأفريقي وثائق وشهادات لدراسة الحركة الوطنية الجزائرية، ط2، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1994، ص 26، 30.

(28) فساد أخلاق المجندين كان الشغل الشاغل للأولياء في كل المناطق الجزائرية وهو ما نستشفه من خلال أغلب الشكاوى والعرائض مثل الشكوى المؤرَّخة في 24 جوان 1912 بعين توتة، للمزيد
انظر:

Meynier.G, op, cit, p.98 .

(29) من إحدى عرائض وادي ميزاب التي اطلعنا عليها.

(30) Prunelle.A, op, cit, p.67

(31) تبلغ رؤوس الأموال 25000 فرنك، انظر عمر بن عيسى، بيان حقيقة التجنيد، ص23.

(32) كلُّ الشكايات والعرائض التي بعث بها سكان وادي ميزاب إلى السلطات الفرنسية لا تخلو من هذه القضية.

(33) عمر بن عيسى، المرجع السابق، ص37.

(34) عريضة حصلنا عليها من الأستاذ الباحث عبد الرحمان حواش .
(35) Prunelle. A, op,cit, p.67.

(36) محمد ناصر، أبو اليقظان وجهاد الكلمة، ص 94.

(37) الإقدام، عدد 86، 07/07/1922.

(38) محمد علي دبوز، أعلام الإصلاح في الجزائر 1921 ـ1975، ج2، ط1، مطبعة البعث، قسنطينة، الجزائر، 1980، ص 181، 182.

(39) محمد ناصر بوحجَّام، الشيخ بيوض والعمل السياسي، ط1، المطبعة العربية، غرداية، 1991، ص 35، 36.




نشر المقال في دورية الحياة، العدد: 11، 1428هـ/2007م، ص103-122.








star7.gif


1_53549.gif
s%20(25).gif
1_53549.gif




ayat169170171alomrangb3.jpg

رحمهم الله تعالى وأسكنهم فسيح جناته.


المجد والخلود لشهدائنا الأبرار.


ta7iya.gif



87108647zx9.gif








qasralkhair-8c94891f8b.gif
 
مقاومة بني شقران بمدينة معسكر 1914 .

1265018739.gif













star7.gif


1_53549.gif
s%20(25).gif
1_53549.gif


مقاومة بني شقران بمدينة معسكر 1914


7365922.jpg

منظر طبيعي من منطقة بني شقران بمدينة معسكر غرب الجزائر.

1- مقدمة

تعد إنتفاضة سكان منطقة بني شقران بمدينة معسكر في سنة 1914 من الـمقاومات الكبرى في بداية القرن العشرين من حيث خصائصها و أسباب اندلاعها ,ومن جهة أخرى فهي استمرارية لسلسلة المقاومات والانتفاضات والثورات التي شهدتها أرض الجزائر عموما ومنطقة الغرب الجزائري على وجه الخصوص .

2- أسباب مقاومة بني شقران

لقد عانت منطقة بني شقران ، كغيرها من المناطق الجزائرية الأخرى ، من تطبيق الإدارة الفرنسية الاستعمارية لسياسات ترمي إلى تشجيع الاستيطان الأوروبي ، ومصادرة أملاك الجزائريين أفرادا وقبائلا ، وفرض قوانين تعسفية وكذا سياسة ضريبية ظالـمة على الأهالي.


وقد عمدت السلطات الفرنسية على ضرب هذه الـمنطقة بالذات ، باعتبارها مهد مقاومة الأمير عبد القادر وبؤرة توتر دائمة تهدد الوجود الفرنسي في كل وقت.

وازدادت هذه العملية شدة بعد تطبيق ("قانون سيناتوس") 1863 وقانون ("فارنييه") وتم تهجير آلاف من العائلات الجزائرية نحو مناطق قاحلة وجبلية في حين حولت الأراضي الخصبة لزراعة الكروم.

أما الفلاحين الجزائريين فقد شكلوا فئات الخماسين والبطالين بالنظر إلى فقدانهم لـمصادر العيش ووسائل الحياة .

والأكثر من ذلك ، فإن العقوبات و الغرامات التي نص عليها قانون الغابات التعسفي قد منعت الجزائريين من استغلال الـموارد الغابية لحاجاتهم الخاصة كما فعلوا قبل الاحتلال.

أما قانون الأهالي ، فقد تميز بالجور والتعسف والظلم في حق سكان الـمنطقة. وكانت العقوبات والقرارات القهرية تصدر عن موظفين إداريين وأعوان أمن أعطيت لهم صلاحيات قمعية واسعة ، فعاثوا في الـمنطقة فسادا.

وحسب الـمصادر الفرنسية ، فإن مدينة معسكر كانت تحتل الـمرتبة الأولى في عمالة وهران من حيث عدد العقوبات الـمسجلة في عامي 1913 و 1914 .

من جراء هذه الممارسات ، تولد لدي سكان جبال بني شقران و معسكر إحساس قوي بالحقد والكراهية للاحتلال الفرنسي، وبرزت من جديد روح الـمقاومة والتمرد التي لم تندثر لديهم منذ مقاومة الأمير عبد القادر الباسلة.

و لا شك في أن الدافع الـمباشر لهذه الانتفاضة هو صدور قانون التجنيد الإجباري للجزائريين والشروع في تطبيقه الواسع.

وقد كانت ردود فعل الجزائريين تجاه قانون 3 فبراير 1912 كثيرة وأخذت عدة أشكال ، منها إرسال الوفود وكتابة العرائض وتقديم الشكاوي والهجرة إلى البلاد الإسلامية

3- مراحل مقاومة بني شقران

في غرب الجزائر ، تكوّن وفد يمثل القطاع الوهراني واتجه إلى باريس لتقديم مطالب سكان الجهة الغربية الـمعارضين لقانون التجنيد الإجباري.

أما سكان مدينة سعيدة و مدينة سبدو ومدينة الغزوات فقد لجأوا إلى أسلوب العرائض والشكاوي للتعبيرعن سخطهم ومعارضتهم لسياسات الـمستعمر.

أما في مدينة تلمسان فقد فضلت العشرات من العائلات الجزائرية الهجرة إلى خارج البلاد ، متجهة نحو الـمشرق العربي للالتحاق بالآلاف من الجزائريين الـمهاجرين في الحجاز والشام.

أمام عجز الأساليب السلمية في تحقيق مطالب الجزائريين وعدم جدواها ، سلك الجزائريون نهج العصيان والتمرد كرد فعل على استمرار السلطات الاستعمارية في التطبيق الفعلي لقانون التجنيد ، خاصة بعد صدور الأمر بالإسراع في تجنيد دفعة سنة 1914 من الشباب الجزائري.

بعد اندلاع الحرب العالـمية الأولى كثفت الإدارة الفرنسية عملية التجنيد التي مست حوالي 4.000 شاب في نهاية أوت 1914، استفادوا من تدريبات عسكرية أولية قبل إرسالهم إلى جبهات القتال بأوروبا.

أمام هذا الغليان ، انتشرت في منطقة معسكر إشاعات مفادها أن فرنسا ستقوم باستدعاء حديثي السن و إلغاء التعويضات وكذا اللجوء إلى الـمرضى والرجال الـمسنين إن لزم الأمر واستفحلت الأوضاع عليها أمام الألـمان.

كل هذه الأسباب دفعت بشباب أولاد سيدي دحو والقرى المجاورة إلى رفض الامتثال لأوامر الإدارة الفرنسية بالتسجيل في قوائم التجنيد في أواخر العام.

عندها لجأت السلطات الاستعمارية إلى أسلوب التهديد والـمساومة ، فألقت القبض على شيوخ القرية لإجبار الشباب على الرضوخ. إلاّ أن هذا العمل كان بمثابة وضع البارود في النار ، فانفجرت الأوضاع وعمت المنطقة كلها.

وعلى الرغم من حشد فرنسا لقوات عسكرية كبيرة ، فإن السكان استمروا في رفضهم تسليم أبنائهم. وعمت الفوضى والاشتباكات في مدينــة "المحمديــة" في شهر أكتوبر 1914 ، أدت إلى سقوط عدة قتلى وجرحى لدى الطرفين.

وهاجم المنتفضون مزارع الكولون فخربوها وأشعلوا النيران في كل ما يعبر عن الإدارة الاستعمارية وهاجموا أعوان الإدارة للانتقام منهم على دورهم في إحصاء الشباب القابل للتجنيد.

بعد هذه الحوادث بدأت عمليات القمع بواسطة قوات عسكرية جاءت من كل أنحاء الغرب الجزائري ، وتمت محاصرة منطقة بني شقران من 5 إلى 20 أكتوبر 1914 ، أحرقت خلالها عدة قرى وشرد سكانها ، مثل دوار الفراقيق.

وقد حاول السكان التفاوض مع الجيش الفرنسي ، غير أن هذا الأخير ألقى القبض على الوفد و اعتقل كل الـمشكوك فيهم. وانتهت هذه الانتفاضة ، بعد قمع واضطهاد دام عدة أسابيع ، بتوقيف الـمئات من الشباب والرجال في المنطقة وعلى رأسهم قادة التمرد والاحتجاج.

قدم الـمعتقلون إلى المحاكم الاستثنائية الفرنسية ، فأصدرت في حقهم أحكاما مختلفة ، تتراوح بين الإعدام والسجن المؤقت وقد تمثلت العقوبات كذلك في مصادرة أملاك عدة قبائل و أعراش في منطقة بني شقران وفرض غرامات مالية باهظة عليها ، وكذا عزل الكثير من الأعيان عن مناصبهم.

إمتدت انتفاضة بني شقران إلى كل نواحي منطقة معسكر حتى بعد انتهاء التمرد الأول ، فاستمر العصيان في 1915 بشكل أقل عنفا، قبل أن تشهد مدينة تبسة و مدينة سوق أهراس بالشرق الجزائري الثائر أعمالا مماثلة في نفس السنة.

وارتفع عدد الشباب الفارين من الجيش الفرنسي على الرغم من كل الإجراءات القمعية الفرنسية للحد من هذه الظاهرة.





ayat169170171alomrangb3.jpg

رحمهم الله تعالى وأسكنهم فسيح جناته.


المجد والخلود لشهدائنا الأبرار.


ta7iya.gif



87108647zx9.gif








qasralkhair-8c94891f8b.gif
 
مقاومة مولاي الشقفة عام 1871

1265018739.gif










star7.gif



1_53549.gif
s%20(25).gif
1_53549.gif



مقاومة مولاي الشقفة عام 187
1 مقاومة مولاي الشقفة عام1871.
carte_jijel_ancienne.jpg


نعود بكم لسنة 1871 ولكن لنحط في ربوع المقاومة بالشرق الجزائري ببلدية الشقفة بمدينة * جيجل *

chekfa-1.jpg

قرية الشقفة في أعلى هضبة.
1- مقدمـة:
شهدت ولاية جيجل على غرار العديد من مناطق الوطن العديد من المقاومات الشعبية ضد الاستعمار الفرنسي , وكانت هده المقاومات شكل من أشكال الرفض الجزائريين لكل المشاريع الاستعمارية الرامية إلي مسح الشخصية العربية والإسلامية للجزائريين , ومن بين هده المقاومات الشعبية التي كانت منطقة جيجل مسرحا لها ومازالت الذاكرة الشعبية لسكانها تحتفض بها مقاومة مولاي الشقفة التي جرت في العشرين جوان عام 1871 إمتدادالمقاومة الشيخ المقراني بمنطقة القبائل و هو الاسم الذي أطلق فيما بعد علي بلدية الشقفة الواقعة جنوب شرق عاصمة ولاية جيجل وحوالي 25 كلم .


2- مسيرتـه :
كان مولاي الشقفة رجلا متدينا تذهب بعض المصادر التاريخية إلي أنه إسمهالحقيقي هو الحسين بن أحمد. أقام زاوية بناحية السوق القديم بمنطقة الشقفة موطن إستقراره في منتصف القرن الخامس عشر ميلادي لنشر التعاليم الإسلامية ومبادئ الطريقة الرحمانية . وكان لهدا الشيخ المتدين القادم من منطقة العيون الكائنة من الصحراء الغربية علاقات متينة مع شيوخ القبائل المجاورة كالزواغة ومنطقة القبائل الكبرى .

3- أسباب مقاومة مولاي الشقفة:


ظهرت مقاومة مولاي الشقفة نتيجة للضغوطات الممارسة علي السكان من طرف المستعمر بأشكالها المختلفة المعنوية منها والمادية والعقائدية ومن أهم الأسباب نذكر الأتي :

- صدور مرسوم كريميو سنة 1871 القاضي بمنح الجنسية الفرنسية لليهود الجزائريين .
- إصدار الإدارة الإستعمارية للعديد من القوانين التعسفية في حق الأهالي.
- مصادرة أراضي الأعراش من طرف المعمرين.
- فرض ضرائب وأتاوات باهضة علي الأهالي .
- اثر مقاومة الشيخ المقراني علي المناطق القريبة ومنها منطقة الشمال القسنطيني .
وعلي غرار العديد من المقاومات الشعبية التي شهدتها مختلف مناطق الوطن ضد الإستعمار الفرنسي لعب البعد الديني دورا أساسيا في تحريك الجماهير الجزائرية في ثورتها الرافضة لكل أشكال الإستغلال .

4- دور مولاي الشقفة في مواجهة الإستعمار الفرنسي :

قدم مولاي الشقفة مساهماته لمقاومة الشيخ المقراني بمنطقة القبائل سنة 1871 من خلال فتحه جبهة ثانية ضد الفرنسيين , بالمنطقة الممتدة من ضواحي بني إيدير بالشقفة وأعالي برج الطهر إلي غاية ضواحي ولاية ميلة.

لقد إستطاع الشيخ الحسين بن أحمد الملقب بمولاي الشقفة من كسب تأييد العديد من سكان قبائل المنطقة وشيوخهم ومن أبرزهم الشيخ إبراهيم بن عمر من قبائل بني عبيد والشيخ صالح بن صويلح من قبائل بني فرغان والشيخ أعمر بن رفاس من قبائل مسلم , وقد وحد صفوف المقاومة في منطقة جيجل مع الشيخ محمد بن فيالة مقدم الزاوية والمقدم الحاج العربي وبن الحاج محمد الصديق .


5- سير العمليات الجهادية:

تمثلت بداية العمليات الجهادية في الهجوم علي القافلة العسكرية الفرنسية بتاريخ 4 جويلية عام 1871 لتتوسع علي نطاق كبير في منطقة جيجل, حيث وقع الهجوم على مدينة جيجل في 04 جويلية من نفس السنة وألحق المجاهدون بالقوات الفرنسية خسائر بشرية ومادية معتبرة ومنها إنتقلت الإنتفاضة إلى شمال منطقة الميلية , قام إثرها المجاهدون بالهجوم على القوات الفرنسية المرابطة فيها , بعد دلك بدأت عملية التوعية بضرورة الإنخراط في صفوف المقاومة من منطقة إلى أخرى , فمن سكان عشيش وبني قايد والعقيبة إلى بني تليلان بمنطقة الماء الأبيض , وقد أعتمد الشيوخ ومنهم محمد بن فيالة على مراسلة شيوخ وسكان هده المناطق لحمل السلاح وحثهم على تخريب المنشآت الإقتصادية التي أقامها العدو الفرنسي , وقد تم تخريب السكة الحديدية الرابطة بين منطقتي سكيكدة وقسنطينة كما تعرضت القرى التي أنشاها المعمرون بدورها إلى الحرق والتخريب و في يوم 27 جويلية 1871 خاض المجاهدون بقيادة كل من الحسين بن أحمد الملقب مولاي الشقفة و محمد بن فيالة معركة كبيرة ضد قوات العدو الفرنسي ، هاجموا خلالها منطقة ميلة و أتلفوا مزارع المعمرين.

و نتج عن هذه المعركة التي وقعت في وادي شرشار وقوع خسائر كبيرة في صفوف العدو الفرنسي و في خطة إستراتيجية إنسحب حسين بن أحمد إلى قبائل الزواغة و بني خطاب و إستقر بينهم في حين لجأ محمد بن فيالة إلى قبائل بني حبيبي حيث أتى مع قواته على حرق مزارع المعمرين وغابات وادي الكبير ووادي الزهور ، و مع بداية شهر أوت من عام 1871 خاض المجاهد حسين بن أحمد و محمد بن فيالة عدة معارك ضارية ضد القوات الفرنسية التي كان على رأسهـا كل من الجنـرال دولاكروا والضابط أوبري . لينتقلا بعدها إلى مناطق أخرى لتوسيـع الإنتفاضـة، حيث وصـلا بقواتهمـا إلى عـين النخلـة ثم فج بينـان و منهـا إلـى جبـل سيـدي معـروف و جبـل قوفـي .

6- أسباب فشل مقاومة مولاي الشقفة :

إن الموازنة العسكرية في هذه الإنتفاضة بين القوات الجزائرية المشكلة من المتطوعين يحدوهم الجهاد و حب الإستقلال و طرد الكفر من أرض الجزائر الثائرة ، و قوة كافرة إستعمارية هدفها السيطرة على خيرات الشعب وإحتقاره و إدلاله بالقوة التي إستمدتها من تجاربها في خوضها لحروب كبيرة في أوروبا يعهدها الجزائريون من قبل ، بغض النظر عن العتاد العسكري المتطور آنذاك خاصة سلاح المدفعية التي إشتهرت به فرنسا الإستعمارية في تلك الحقبة .

إن قلة العتاد العسكري وضعف التخطيط العسكري و قلة الخبرة والتجربة الميدانية بالنسبة للإنتفاضة كانت العوامل الأساسية في إفشالها ، حيث تمكنت القوات الاستعمارية المدججة بالأسلحة و المعتمدة على الخونة في مراقبة رجال الإنتفاضة من محاصرة الثوار و إقتياد كل من البطلين الحسين بن أحمد و محمد بن فيالة أسيرين في 21 أوت 1871 ، لكن هذا الحدث لم يؤثر على إستمرارية الإنتفاضة حيث قام الشيخان القريشي بن سيدي سعدون ، و عمر بوعرعور بمواصلة الإنتفاضة في كل من مدينة القل وواد الكبير و فرجيوة ، غير أن القوات الفرنسية ألقت القبض على الشيخ القريشي في حين تمكن الشيخ عمر بوعرعور من الهروب إلى تونس بصفة سرية عن طريق بجاية إلى أن توفي هناك في منفاه .

7- ردود الأفعال الفرنسية :

كرد فعل لإنهزام مقاومة مولاي الشقفة بفعل التفاوت الواضح بين الآلة الإستعمارية و الأهالي من حيث العدة و العتاد قامت فرنسا بنفي القبائـل و الأعراش إلى الجنوب الشرقي للجزائر و منطقة كاليدونيا و تجريد الأعراش و القبائل المتمردة من أراضها .




المجد والخلود لشهدائنا الأبرار


ta7iya.gif



87108647zx9.gif













qasralkhair-8c94891f8b.gif
 
ثورة الأوراس الثانية 1916 م- 1335 هـ

1265018739.gif






star7.gif



1_53549.gif
s%20(25).gif
1_53549.gif



ثورة الأوراس الثانية 1916م- 1335 هـ



149523_448614761407_136331496407_5822019_1303490_n.jpg






جبل الأوراس الأشم



1- مقدمة:









لم تكن ثورة الأوراس سنة 1916 إلاّ امتدادا لمقاومات أخرى شهدتها الـمنطقة منذ أن وطأت أقدام الـمستعمر تراب الجزائر الطاهر. وقد كان لهذه الانتفاضة أهمية بالغة نظرا للأوضاع العامة التي وقعت فيها ، والظروف التي جرت فيها والتي بثت الهلع في نفوس الفرنسيين، وأجبرتهم على اتخاذ كل الإجراءات للقضاء عليها.






2- أسباب ثورة الأوراس







تعود أسباب الثورة إلى عدة عوامل منها تدهور ا لأوضاع الاجتماعية السياسية والاقتصادية والتي أثرت تأثيرا مباشرا على الجزائريين, الذين كانوا يعيشون أوضاعا سيّئة جدا بفعل المجاعات والأوبئة والقوانين الجائرة منها قانون الأهالي إلى جانب انتشار الفقر وغلاء المعيشة.








كل هذه العوامل كانت كافية لاندلاع الانتفاضة وقد أكد بعض الـمؤرخين دور الطرق الصوفية في دفع الجزائريين إلى الثورة والتمرد.






وفوق هذا كله ، فإن الاستياء الكبير الذي انتشر لدى الجزائريين بسبب صدور قانون التجنيد الإجباري في عام 1912 ، إذ يعد الشرارة التي فجرت الأوضاع.






وعلى الرغم من أن هذا القانون قد لقي إقبالا من طرف بعض المثقفين من حركة الشبان الجزائريين ذات الاتجاه الليبرالي ، باعتباره وسيلة للاندماج حسب رأيهم ، إلاّ أنه وجد معارضة شديدة من طرف الجماهير وتزايد رفض الجزائريين للتجنيد الإجباري بعد وصول أخبار مهولة عن سقوط الآلاف من الشبان المجندين في الـمعارك الضارية التي دارت بأوربا ، إذ سجلت وزارة الحرب الفرنسية 7.822 قتيلا و30.354 جريحا و 2611 أسيرا إلى غاية أكتوبر 1916.






كانت فرنسا في 1916 في أمس الحاجة إلى قوات إضافية ، لذلك عزمت على تجنيد الشباب البالغ من العمر17 سنة وإرسالهم إلى جبهات القتال في أقرب الآجال.






ومن جهة أخرى ، فقد كان لـمصادرة أراضي السكان في مطلع القرن العشرين بمدينة عين التوتة ومدينة مروانة ومدينة سريانة بمنطقة الأوراس لإنشاء مراكز توطين للمهاجرين الأوروبيين وتأسيس البلديات المختلطة منها بلدية بلزمة عام 1904 ، أثرا بالغا في اندلاع الاضطرابات بالمنطقة مما جعل محكمة الجنايات بمدينة باتنة تصدر أحكاما متفاوتة على الـمتهمين بالسجن. وانتقاما من ذلك ، رفض الجزائريون الانصياع لقوانين الـمستعمر وأعلن الرافضون لقانون التجنيد الإجباري في ديسمبر 1914 بأنهم يتمتعون بدعم الأتراك والألـمان في سبيل تحرير الجزائر.






اختلفت مقاومة الأوراس لعام 1916 على غرار مقاومة بني شقران 1914 ، عن مقاومات القرن 19 في عدة نقاط من أهمها :








- أنه لا صلة للانتفاضة بالطرقية والزوايا.








- أنها لم تندلع بسبب انتفاضة الأسر والعائلات الكبرى للاستعمار الفرنسي.








- أنها لم تقم بسبب تناقص القوات العسكرية الفرنسية في البلاد كما كان الحال مابين 1870 و 1871.






لقد كانت هذه الانتفاضة رد فعل جماعي قوي ضد السياسة العسكرية الاستعمارية المتمثلة في قوانين 1907 و 1912 حول التجنيد الإجباري للشباب وكذا أعمال السخرة في المزارع والمصانع بفرنسا .





3- مراحل ثورة الأوراس







بدأت ثورة الأوراس فعليا في 11 نوفمبر 1916 عندما تجمع سكان عين التوتة وبريكة في قرية بومعزاز ، واتفقوا على الإعلان عن الجهاد.






وسرعان ما ذاع هذا الخبر بين القرى والتحق الـمئات من الرجال بالنداء الـمقدس ، مما دفع بالفرنسيين إلى قطع الاتصالات بين الـمنطقة والعالم الخارجي عن طريق منع التنقلات والسفر من وإلى الأوراس.







وكان رد فعل الـمنتفضين أن خربوا خطوط الهاتف والتلغراف والجسور. كما أنهم هاجموا الأوروبيين ومنازلهم وممتلكاتهم ، واستهدفوا أعوان الإدارة الاستعمارية في كل القرى والـمداشر .





تكثفت عمليات الثوار ضد الـمصالح الفرنسية ، فمست برج "ماك ماهون" الإداري وأدت إلى مصرع نائب عمالة باتنة وتخريب البرج بعد أن فرت حاميته العسكرية الفرنسية.







في الوقت الذي استهانت فيه الإدارة الاستعمارية بهذه الأحداث ، قام الثوار بمحاصرة مدينة بريكة في 13 نوفمبر 1916 ، ليهاجموا قافلة فرنسية في اليوم الـموالي.






أمام تفاقم الوضع وامتداد نطاق الانتفاضة ، طالب الحاكم العام في الجزائر بإمدادات عسكرية إضافية مؤكدا على ضرورة استعمال الطائرات لإرهاب السكان ، خاصة وأنه قد قتل 10 جنود فرنسيين في اشتب اكات 5 ديسمبر 1916 بينما كانت القوات الفرنسية تهاجم المتمردين اللاجئين بجبال مسمتاوة.






وبالفعل، فقد سحبت فرنسا الفرقة 250 المحترفة من جبهات القتال بأوروبا ووجهتها إلى الجزائر ليصل عدد الجنود الفرنسيين بالأوراس إلى 6.000 رجل تحت قيادة الجنرال "مونيي" ، كما استقدمت القيادات العسكرية الطائرات الحربية من نوع التي كانت بتونس ووجهتها إلى منطقة الأوراس الثائرة. ومع بداية جانفي 1917 ، وصل عدد القوات الفرنسية الـمرابطة بالأوراس إلى أزيد من 14.000 جندي ، مدعمة بأحدث الأسلحة بقصد القضاء النهائي على الانتفاضة وقمع رجالها.






لقد ارتكبت الجيوش الاستعمارية من نوفمبر 1916 حتى نهاية ماي 1917 أبشع الجرائم ضد السكان العزل انتقاما منهم على استمرار الـمقاومة.






ولعل أكبر دليل على ما اقترفته الأيادي الفرنسية خلال هذه الفترة هو تقرير اللجنة البرلـمانية الفرنسية التي تطرقت للسياسة التي مارسها الفرنسيون والتي اعتمدت القتل بكل أنواع الأسلحة ، والأرض المحروقة ومصادرة أملاك السكان لم تقتصر على ذلك بل اعتقلت فرنسا 2904 ثائرا ووجهت لهم تـُهم التمرد وإثارة الاضطرابات وقدم إلى المحاكم 825 جزائريا ، سلطت على 805 منهم ما يقارب 15 سنة سجنا بينما وجه 165 إلى المحاكم العربية في مدينة قسنطينة ، و45 إلى محكمة مدينة بانتة التي أصدرت بحقهم 70 سنة سجنا.






وقد فرضت على المحكوم عليم غرامات مالية تقدر بـ 706656 فرنك فرنسي ، وصادرت الإدارة الاستعمارية حوالي 3.759 بندقية صيد قديمة و7.929 رأس غنم و4.511 رأس معز و266 رأس بقر. كما سارعت الحكومة الفرنسية أمام خطورة الوضع إلى وضع الـمنطقة كلها تحت الإدارة العسكرية بمقتضى قرار 22/11/1916.






وعلى الرغم من كون آمال الجزائريين لم تتحقق في التخلص من الاستعمار وتسلطه في مقاومة الأوراس الأشم لعام 1916 ، إلا أن آثار هذه الانتفاضة ومآسيها بقيت ماثلة في أذهان سكان الـمنطقة وفي كتابات المؤرخين و قصائد الشعراء حتى إندلاع ثورة أول نوفمبر المجيدة و أعطت دروسا للفرنسيين في ساحات الوغى .






thumbnail.php












المجد والخلود لشهدائنا الأبرار
61896dzslideshud5.gif


ta7iya.gif



87108647zx9.gif














qasralkhair-8c94891f8b.gif
 
حركة الأمير خالد السياسية 1919-1925

1265018739.gif







star7.gif



1_53549.gif
s%20(25).gif
1_53549.gif






حركة الأمير خالد السياسية 1919-1925

الجزء الأول.





sanstitreeb.png



صورة للأمير خالد بن الأمير عبد القادر الجزائري





تمهيد:

عرفت الجزائر تحولا جذريا في مقاومتها ضد الاحتلال الفرنسي مع مطلع القرن العشرين، و انتهجت فعل المقاومة السلمية بذلا من حركة المقاومة الشعبية التي لم تحقق الأهداف المرجوة منها، لاختلال التوازن بين المعتدي و المعتدى عليه.و تعد المرحلة ظاهرة صحية في بداية اليقظة الجزائرية، إذا ارتسمت في الأفق تيارات سياسية إصلاحية تدعو إلى المساواة في الحقوق بين الجزائريين و الفرنسيين، و لو أنها لم تكن مهيكلة أو منظمة تحت أي شكل من الأشكال الحزبية أو المنظمات القانونية، إلا أنها تعد إرهاصات أوجدت الأرضية الخصبة لميلاد الحياة السياسية و الأحزاب الوطنية بعد نهاية الحرب العالمية الأولى عند رجوع الشباب الجزائري الذي جند في الحرب، و الذي سوف يحمل عبء أول حركة سياسية منظمة، و يعتبر الأمير خالد حفيد الأمير عبد القادر من رواد هذا العمل السياسي، و الذي يعد بحق حلقة هامة في بداية تاريخ الجزائر السياسي المعاصر.

مولده و نشأتـه :

ولد الأمير خالد بن الهاشمي بن الأمير عبد القادر بمدينة دمشق بسوريا يوم 20فيفري 1875 مستقر إقامة أسرته بعد مغادرتها الجزائر سنة 1848، و استقرارها بدمشق سنة 1854 .و نشأ خالد في دمشق قلعة العروبة و الإسلام، و بها تلقى معلوماته الأولية وتربى تربية صحيحة وسط كنف العائلة. و قد رباه والده تربية دينية قوية بعد أن حفظ القرآن و تعلم العلوم العربية والدينية وبرع فيها .

و انتقل الأمير خالد رفقة والده إلى الجزائر،و بها تابع دراسته الإعدادية، و منها التحق بباريس لمزاولة دروسه بثانوية لويس الكبيرLOUIS LEGRAND سنة 1885.و كان الأمير الهاشمي يأمل أن يدخل أبنه إلى الكلية العسكرية سان سير Saint Cyr بباريس بعد نجاح ابنه في الحصول على شهادة البكالوريا فرع علوم، و كان يرى أن الحياة العسكرية


تعد من المراتب العليا وهي مصير مستقبل أبنه خالد حسب ما تضمنته مراسلة والده إلى السلطة الفرنسية التي أشار إليها م.ج.فاسي إلى السيد جول كامبون الحاكم العام في الجزائر وقتئذ حول مهمته كوكيل للتسيير و الإشراف على أملاك الأمير الهاشمي أبن الأمير عبد القادر.

والظاهر أن رغبة الأمير خالد لم تكن بادية لمزاولة دراسته في الكلية العسكرية الفرنسية، وكان رافضاً لفرنسا منذ شبابه،و تذكر المصادر التاريخية أنه رد على والده الذي أرغمه على الالتحاق بسان سير بقوله:"إنني عربي وأُريد أن أبقى عربياً وأن لا أتخلى أبداً عماَ أومن به وأعتقده من الآراء، ولذلك فأنا أرفض،وسوف أرفض دائما ما يطلبه مني أبي" .

و قد تنازل خالد على موقفه أمام رغبة والده في الدخول إلى الكلية العسكرية الفرنسية، وخصوصا بعد المضايقات التي تلقاها والده من قبل السلطة الفرنسية حول تصرفات خالد التي توحي بالعصيان المدني.وقد وجد خالد نفسه أمام رغبة والده وقبول نصائحه.و هكذا تابع خالد دراسته على مضض من غير ان تكون له رغبة فى ذلك، والتحق بسان سير سنة1892.

وتذكر الكثير من الدراسات التاريخية حول مرحلة تواجد الأمير في سان سير أن هذا الأخير ظل محافظا على أصالته و إسلامه و وطنيته،وأعطيت له غرفة لأداء فريضة الصلاة كما خصص له طعام خاص مراعاة لقواعد الإسلام،و كان الأمير يشعر دائما بالخجل من الظهور أمام الجزائريين بالبذلة التي كان يرتديها السانسيريون،و يذكر فاسي في تقريره أن الأمير خالد كان دوما خلال إجازته يرتدي البذلة العربية التي كانفخورا بها،ولا ينزعها إلا عندما تدعو الضرورة للقيام ببعض الزيارات الرسمية.

مما يلاحظ أن الأمير خالد وجد صعوبة في التأقلم وسط محيط و عوائد كلية سانسير الفرنسية،و قد أشارت التقارير الفرنسية يومئذ إلى أن الأمير خالد كان سيء الطوية و النوايا إزاء فرنسا، الأمر الذي دفع به إلى التخلي عن الدراسة بالكلية سنة 1895.

وقد أشار خالد إلى مقاطعته للدراسة, خلال إجازته الثانية في الجزائر، و كتب يقول:"نعم ها أنا مرة أخرى في الجزائر، و كنت قد بدأت أشعر بالضجر من مدرستهم التي لن أعود إليها، لأنني قررت أن أقدم إليهم استقالتي".

وحسب ما ذكره فاسي فإن الشروط التي تقدم بها الأمير الهاشمي له حول إمكانية عودة ابنه للدراسة كانت من إملاء خالد، و تتمثل في اختياره للفيلق العسكري الذي ينتمي إليه،حتى لا يجبره أحد على محاربة العرب في الجزائر، و قد اغتاظ فاسي من ذلك.

و أعتبر شروط خالد مبالغ فيها، خصوصا إذا علمنا و أن مهمة فاسي هي الترويض و التجسس على عائلة الأمير الهاشمي في الجزائر و حتى خارجها.

و مع تزايد تعنت الأمير خالد و مواقفه الصعبة تجاه فرنسا من جهة، و نشاطاته المكثفة مع الشباب الجزائري من جهة أخرى، عززت الإدارة الفرنسية المراقبة عليه. خصوصا و أنه كان يسافر إلى داخل الوطن، و قد أشار فاسي عدة مرات إلى تنقلات الأمير خالد و بالخصوص سفره إلى مدينة قسنطينة. و كل ذلك دفع بالإدارة الفرنسية إلى اتخاذ إجراءات وقائية ضده تخوفا من فراره إلى الخارج، و عمدت إلى ترحيل العائلة إلى منطقة بوسعادة و وضعها تحت الإقامة الجبرية حتى يكون بعيدا عن منطقة الشمال التي تتوفر على مؤهلات العمل السياسي.

و برغم أن عائلة الهاشمي لقيت من يرحب بها في منطقة بوسعادة ،فإن ذلك قد أنقص من عزيمة خالد،و لذلك فقد التحق مجددا بالكلية العسكرية. و بعدما أنهى دراسته بها انخرط في سلك الحياة العسكرية في الجيش الفرنسي سنة1896. و ارتقى إلى رتبة ضابط بتاريخ11 سبتمبر1897،وأدى واجباته العسكرية في إقليم الشاوية بالمغرب الأقصى سنة 1907 . وفيها ارتقى إلى رتبة قبطان سنة 1908.

وهناك جملة من العوامل التي أثرت إيجابا في تكوين الأمير، و تحصيله سياسيا ووطنيا يمكن جمعها في النقاط التالية :

1- انتسابه إلى عائلة الأمير عبد القادر ذات المرجعية الدينية التي أهلتها لخوض حركة الجهاد و المقاومة ضد الغزاة الفرنسيين المحتلين مدة طويلة من الزمن.

2- اعتماده على المرجعية التاريخية لعائلته التي تركت الأرزاق و العقارات وهاجرت إلى بلاد الشام، وظل الأمير خالد من المطالبين بإعادتها لأملاك العائلة .

3- تربيته في بلاد الشام وسط محيط المهاجرين الجزائريين الذين ظلوا على ولائهم للوطن الأم الجزائر، و وسط هذا الجو العربي اكتسب خالد طفولته الأولى المفعمة بحب الوطن.

4- معاينة الأمير لمرحلة من شبابه للوضع في الجزائر، و هي خاضعة للإجراءات الفرنسية التعسفية التي طبقت على الأهالي و خصوصا قانون الإنديجينا البغيض قد اثر ذلك نفسيته.

5- تكوين الأمير في المدرسة الفرنسية أكسبته حقائق كانت غائبة لديه،كما زودته بعامل اللغة الفرنسية،و قد مكنت الأمير من الخوض في قضايا سياسية و فكرية و مخاطبة فرنسا بلغتها أكسبته المزيد من التعرف بقظايا عصره .

6- خدمته في الجيش الفرنسي، و مشاركته في الحرب العالمية الأولى أكسبته الخبرة العسكرية،و حتى السياسية،بعد أن عايش وقائع الحرب في جبهات القتال، و وقف بنفسه على عنصرية فرنسا تجاه المجندين الجزائريين و كيف كانت تتعامل معهم .

7- تأثر الأمير بحركة عمه الأمير عبد الملك ضد الفرنسيين في المغرب الأقصى ما بين 1915 و 1925،و قد استوحى الأمير خالد نشاطه السياسي من حركة عمه،و كانيرغب في تمثيل ذلك في أرض الجزائر، بغية الحصول على الحقوق السياسية و المدنية للجزائريين.


2 - أوضاع الجزائر و العالم عشية نشاط الأمير خالد:

لقد عرفت الجزائر قبيل الحرب العالمية الأولى نشاط حركة النخبة الجزائرية التي بدأت سعيها في إطار الأبوة الفرنسية، برغم جدية أمالها بعد صدور قانون التجديد الإجباري في 3 فبراير 1912 والذي أصبح حديث الساعة بين كافة الجزائريين مع اختلاف مشاربها الثقافية و السياسية بما فيهم الطبقة الشعبية البسيطة.

ومن تم وجد أعضاء لجنة الدفاع عن مصالح المسلمين الجزائريين التي تأسست في العاصمة سنة 1908 نفسها و كأنها موكلة للدفاع عن الجزائريين أمام عنصرية قانون التجنيد، و تعسف بنوده الخاصة بالجزائريين مقارنة بما يطبق على الفرنسيين .

وتعد هذه الجماعة هي السباقة لأخذ زمام المبادرة و الدفاع عن مصالح المسلمين الجزائريين، وذلك في غياب التمثيل الشرعي و الوطني وقتئذ.باستثناء بعض المبادراتاليتيمة التي تجلت في الأفق عن طريق العرائض من طرف أعيان قسنطينة بزعامة عائلة ابن باديس ، وأهالي ندرومة بزعامة محمد بن رحال و نحوهما مع نهاية القرن التاسع عشر.

وإذا كانت مبادرة هذه الجماعة قد أعدها بعض المؤرخين بمثابة المبادرة الفعالة في نمو اليقظة الجزائرية مثل ما أشار إلى ذلك المؤرخ الفرنسي اندري نوشي في كتابة ميلاد الوطنية الجزائرية.

في حين أن هناك من يرى العكس من ذلك، و أن الفكر السياسي الذي تولد عن هذه المبادرة لم يرق إلى تبني المشروع الوطني الحقيقي للجزائريين.و قد أشار إلى ذلك الزعيم التونسي علي باش حمبة الذي تقابل مع الوفد الجزائري الذي سافر إلى باريس في صائفة 1912، و بعد أن طلب منه ضرورة العمل المشترك بينهما، أصيب بخيبة أمل لأن النخبة الجزائرية متشبعة بالأفكار اللائكية الرافضة للطرح الإسلامي بحسب قوله .

و رغم ذلك فإنه لا يمكننا تقزيم مطالب الوفادة الجزائرية لأنها مهمة زمنياً في وقت،لم تتكون فيه بعد الأحزاب السياسية, و التنظيمات الوطنية الفاعلة، و من جملة المطالب التي تقدم بها الوفد الجزائري وقتئذ نذكر ما يلي :

1- إن قانون التجنيد الإجباري جاء معاديا للديمقراطية، و هو ينطبق على الفقراء دون سواهم.

2- المدة الزمنية للخدمة العسكرية غير عادلة بين أبناء الأهالي و المعمرين.

3- تعويض الأهالي عن التجنيد بمبلغ250 ألف يعد إهانة لهم وهم بمثابة مرتزقة.

4- ضرورة بناء قانون التجنيد وفق مبادىء الثورة الفرنسية(الإخاء - المساواة – الحرية).

5- إلغاء قانون الأهالي التعسفي .

6- التخلي عن العمل بالأحكام الزجرية القاهرة .

7- التوزيع العادل للضرائب بين الجزائريين و المعمرين.

8- تَوسيع دَائرة التمثيل النيابي للجزائريين في المجالس المختلفة.

والظاهر أن الوضع العام في الجزائر خلال العشرية الأولى من القرن العشرين كان ينذر بالعديد من المخاطر. إذ تذكر المصادر التاريخية أن معارضة الشباب الجزائري(الجزائر الفتاة) لسياسة فرنسا و بخصوص قانون التجنيد كانت قوية في معظم أنحاء الوطن، إذ قابل المواطنون حاكم منطقة سيدي يعقوب بضواحي المدية بالرجم بالحجارة ،و نفس المصير تعرض له أيضا حاكم منطقة المعاضيد بضواحي برج بوعريريج، أما منطقة الأوراس فقد انتفض شبابها و تمرد ضد الإدارة الاستعمارية، ولم يستجيبوا لقرار التجنيد. وحضر منهم قرابة 25 شاب من مجموع 141 من المدعوين، و بنفس الغضب عبر شباب الغرب الجزائري، و انتفض أهالي ندرومة (مدينة الشيخ بن رحال )و امتثل للتجنيد شاب واحد من مجموع 160 من المدعوين ،كما هاجر شباب تلمسان إلى المغرب الأقصى حتى لا يجندون لخدمة العلم الفرنسي .

أما مدينة قسنطينة فلم يتأخر شبابها هي الأخرى عن سياسة الرفض و الاستماتة في وجه سياسة الإدارة الاستعمارية، و قد صرح أحد أعيانها سنة1914 لرئيس المكتب العربي للشؤون الأهلية يقول:"بإمكانكم الزيادة في الضرائب و نحن قابلون ،لكننا لا نسلم لكم أبناءنا....." .

أما عن أوضاع العالم الخارجي، فقد كانت هي بدورها تعج بالحركات التحررية المنادية بالاستقلال، خصوصاً بعد ظهور حركة الجامعة الإسلامية وبروز أفكارها بين شعوب المستعمرات. ودعوتها إلى تجديد الدين الإسلامي ومحاربة البدع، وتنمية الشعور الوطني ورفض الاستعمار. وقد تأثر الجزائريون بالعديد من رجال الجامعة الإسلامية أمثال جمال الدين الأفغاني (1838-1897) ومحمد عبده(1849-1905)ورشيد رضا (1865-1935) ونحوهم من زعماء الإصلاح الإسلامي .

كما كانت لإسهامات السلطان العثماني عبد الحميد الثاني في شؤون الدولة العثمانيةوقعه الفعال على الذهنية الإسلامية، وكذا المطالبة بالوحدة وجمع شمل المسلمين،وفي ذلك الصدد يذكر أبو القاسم سعد الله أن الجامعة الإسلامية شجعت الهجرة الجزائرية باتجاهبلدان المشرق العربي، وانضم الجزائريون إلى لجان هذه الجامعة التي أنشئت لتمثل المسلمين الذين كانوا تحت الحكم الأوروبي.

ومن بين الأحداث الهامة أيضا التي هزت مشاعر الجزائريين الاعتداء الإيطالي على ليبيا سنة 1911، وقد ساند الشعب الجزائري إخوانهم في ليبيا ماديًا و معنويًا،وذلك بجمع التبرعات و الكتابات الصحفية،و كانت دعوة عمر بن قدور الجزائري الصريحة إلى الوقوف إلى جانب الأخوة الليبيين، وقد نشرها في جريدة الحضارة التي جاء فيها: " وتنصب الدسائس على بلاد العرب وتروج فيها الأكاذيب الأجنبية وتقوم الفتن في كل ناحية وتنتهك حرمة بيضة الإسلام ويزري بها أهلها ويتبرأ منها ذووها،هناك يود كل موحد لو أن رأسه حز عنه نخيل راحة طرابلس الغرب برقة دون أن يعاين هذا المصاب الجهل ولعذاب الآخرة أكبر. فليتق الله أرباب الأمر في طرابلس الغرب ويرقة إن كانوا يعقلون..." .

كما شهدت الفترة ميلاد حركة ثقافية و فكرية تمثلت في ضرورة الإحياء التاريخي، والبحث عن ماضي الأجداد ونفض الغبار عن الماضي، ونبذ ذاكرة النسيان.

وظهرت الكثير من الكتابات التاريخية ككتابات ابن عمار سنة1902،وابن مريم سنة1907،و رحلة الورتلاني 1908،و موسوعة تعريف الخلف برجال السلف للشيخ الحفناوي1907،و كل ذلك يعد بمثابة تأسيس المدرسة التاريخية الجزائرية.

ومن المعالم المساهمة في اليقظة الجزائرية وقتئذ بروز حركة صحفية وطنية نشيطة عالجت القضايا الجزائرية،و لعل الدارس لمرحلة ما بين 1900و 1925 يجد ميلاد العشرات منالعناوين الصادقة و المعبرة عن الانتماء الوطني و الديني المتأصل في تاريخ الجزائر و من هذهالعناوين نذكر: جريدة المغرب 1903 و المصباح 1904،و الهلال 1906،و كوكب إفريقيا 1907،و الجزائر 1908،و الحق الوهراني 1911،و الإسلام 1912،والفاروق1913،و ذو الفقار 1913،و الصديق 1920،و النجاح 1919،و الإقدام 1920 والفصيح 1921،و لسان الدين 1923،و التقدم 1923، و المنتقد 1925، و الشهاب1925،و صدى الصحراء 1925.

3 - نشاط الأمير خالد في الجزائر :
يبدو أن الإدارة الفرنسية كانت تراهن دوماً على توظيف أبناء العائلات الأهلية التي رسمت لنفسها مرجعية في التاريخ،و من تلك العائلات عائلة الأمير عبد القادر،ولذلك فلا غرابة أن نجد نشاطات الأمير خالد في مرحلتها الأولى تنصب في هذه الرؤية في بعض الأحيان،إذا أدى واجباته العسكرية في المغرب الأقصى سنة 1907، وارتقى إلى رتبة قبطان سنة 1908، بعدها اتضح للسلطات الفرنسية أنه من أنصار السلطان مولاي عبد العزيز ضد مولاي حفيظ المطالب بالعرش.

ومع أن خدمات الأمير كانت لصالح الإدارة الفرنسية،إلا أن هذه الأخيرة لم تضع كل ثقلها في الرجل،و كانت حذرة من نشاطاته،و لعل ذلك ما كشف عنه المارشال ليوتي سنة 1912 أنه توجد في شخص الأمير ملامح الشغب والاضطراب.

وخلال سنوات 1913 إلى 1919 برزت شخصية الأمير خالد كحلقة هامة في العمل الوطني في الجزائر، و إذا كانت مشاركته في الحرب العالمية الأولى تطوعاً منه،فإن مرد ذلك لم يكن بعيداً عن سياسة التجنيد الإجباري الذي سلط على الشباب الجزائري من جهة، و إلى سياسة فرنسا في تكوينها العسكري للأمير من جهة أخرى، و مع ذلكفإن نشاطات الأمير لم تكن بعيدة عن معاناة الجزائريين، و لا عن اهتمامات النخبة الجزائرية وحركة الجزائر الفتاة.ولذلك كانت سيرته محل شك من قبل الإدارة الفرنسية.
وأعفي من الخدمة العسكرية في نهاية 1915 وتحصل على التقاعد سنة 1919 ليتفرغ للحياة السياسية.

1- مشاركة الأمير في الانتخابات :
لقد عرف عن الأمير خالد جرأته في طرح القضايا السياسية و المطالبة بالمحقوق، و كان يعلم أن الأغلبية الساحقة من الشعب الجزائري يرفض التجنس و الاندماج عكس ما تطالب به النخبة الجزائرية المغربة، لذلك دعا الأمير إلى الاستفادة من الجنسية الفرنسية شريطة الإبقاء على الأحوال الشخصية الإسلامية، وبذلك كان يعرف كل الاتجاهات السياسية قبل الحرب و بعدها.

و من المؤكد أن حصول الأمير على التقاعد قد ساعده على الخوض في قضايا السياسة و التفرغ لها،و كشف عن توجهاته الوطنية النابعة من الذات الإسلامية و عارض توجهات النخبة المغربة بزعامة الدكتور ابن التهامي، و من ثم لاح في الأفق تياران تيار الأمير الإصلاحي المنتسب إلى جماعة النخبة المحافظة، و تيار ابن التهامي المنتسب إلى التوجه الليبرالي المفرنس الذي رضع من لبن فرنسا و تغذى من فتات موائدها.

و لذلك فلا غرابة أن نجد هذه الاتجاهات تنعكس على الحملة الانتخابية التي قادها كل طرف، و دخل الأمير معترك الانتخابات المحلية في ديسمبر 1919 و تمكن من الفوز على خصومه السياسيين من دعاة التجنس و الاندماج و التغريب، و كان الأمير خلال حملته الانتخابية يطلب من الجزائريين التصويت على قائمة المترشحين المسلمين غير المتجنسين، و كان يفصح عن أعداءه من أصحاب القبعات قائلا لهم:" إذا كنتم تريدون جنة الإسلام فعليكم بانتخابات نحن المسلمين لأننا مؤمنون ".

و الحق أن هذه الانتخابات المحلية تعد بداية تحول في تاريخ النخبة الجزائرية التي انشطرت إلى نخبة وطنية بزعامة الأمير خالد والحاج موسى، ونخبة اندماجية بزعامة ابن التهامي وولد عيسى، وقد تحصلت النخبة الوطنية على 940 صوتاً في حين لم تتحصلالنخبة الاندماجية إلا على 340 صوتاً.

ويعد انتصار خالد في الانتخابات ضربة قاتلة لمشروع ابن التهامي الاندماجي من جهة ومن جهة أخرى دعما لأنصار الشخصية الإسلامية الجزائرية ، و لذلك أعتبر العديد من المؤرخين أن فوز خالد في الجزائر العاصمة هو فوزه على الجزائر كلها بحسب تعبير أجيرون خلال دراسة له حول أول انتخاب للأهالي المسلمين بالجزائر.

والجدول التالي يوضح ذلك بعدد الأصوات الفائزة لكل قائمة :

الاتجاهالإصلاحي
عدد الأصوات
نوعية المجالس المنتخبة
عدد الأصوات
الاتجاه الاندماجي

جماعة الأمير خالد

925


المجلس البلدي

332
جماعةبن التهامي

2505


المجلس العمالي

256

7000


المجلس المالي

2500



كما اعتبر الدكتور سعد الله أن هذه الانتخابات كانت فرصة ثمينة بالنسبة للجزائريين الذين جعلوا من الصندوق وسيلة هامة للتعبير عما يجيش في صدورهم رغم أن إصلاحات فبراير 1919 قد قيدت القسم الانتخابي للجزائريين ، ونفس الطرح تقريبا ذهب إليه المدعو و ورثام الذي سلط أضوائه حول هذه الانتخابات، وكشف عن قدرة الجزائريين في الاحتكام للصندوق بقوله:" إن الجزائريين قد برهنوا على أنهم مناورون شجعان في صناديق الانتخابات و أنهم متخصصون في فن الديماغوجية. "

ومما لاشك فيه أن قدرة الجزائريين على المناورة و اختيار أهم القوائم في هذه الانتخابات جاءت نتيجة لإسهامات الأمير خالد خلال حملته الانتخابية، التي استوحاها من المرجعية التاريخية وخصوصيات الشعب الجزائري، إذ كثيراً ما كان يذكرهم وقتها بكفاح جده الأمير عبد القادر ضد الغزاة، و كان يقول لهم لا تنسوا أن آباءكم قد هبوا للنضال لأول إشارة من جدكم الكريم للتصدي للاستعمار ومحاربته.

وإذا كانت صراحة الأمير خالد قد جلبت له الكثير من المتاعب من قبل دعاة الاندماج و الإدارة الفرنسية ، فإن النفس الطويل الذي كان يتمتع به خالد أهله من جديد لربح انتخابات 9جانفي 1921، و كان برنامجه السياسي و الاجتماعي مماثلاً لانتخابات 1919 الذي فاز بها في بداية عمله السياسي.

2- برنامجه الإصلاحي :
يبدو أن العمل السياسي الذي خاضه الأمير خالد بعد نهاية الحرب العالمية الأولى لم يكن وليد الصدفة,بل يعد تسلسل منطقي لرسالة الجهاد التي بادر بها الأمير عبد القادر منذ بداية الاحتلال، و قد أشار الأمير خالد إلى ذلك في العديد من المناسبات. و قد أبرز ذلك في جريدة الأقدام بقوله : " إن أجدادنا قد أضرموها حربا حامية الوطيس مدى 15سنة و أزيد، و لم يكن النصر حليفهم، و لكن تقدير بطولتهم و شجاعتهم و شهامتهم حق ثابت لا ينبغي أن ينكره المنتصرون علينا كما لا ينبغي لي أنا حفيد الأمير عبد القادر أن أسكت عنه مثلما فعل كثير من المنتخبين "

كما أن بروز شخصية الأمير السياسية لم تكن بالظاهرة الغريبة على الساحة السياسية الوطنية وقتها ،بل سبقته إلى الحقل السياسي كتل النخبة سواء الاندماجية منها بقيادة الدكتور تامزالي أو المحافظة بزعامة كل من الشيخين المولود بن الموهوب و عبد الحليم بن سمايةو لو أن هذه النخب قد اختفت بعد نهاية الحرب العالمية الأولى. و الظاهر أن ذلك الفراغ يعد من بين العوامل المحفزة التي ساعدت الأمير على الدخول إلى معترك السياسية. ويصبح المتحدث الرسمي باسم الحركة الوطنية الجزائرية، و زعيما لها ليس في الجزائر فقط بل في العالم الإسلامي أيضا.

وبذلك أصبح الأمير في نظر فرنسا من المدافعين على التعصب الديني ومن الدين يشكلون خطرا كبيرا على مصلحة فرنسا في الجزائر، بل و في العالم الخارجي أيضا.

كان الأمير خالد دوما يقف إلى جانب الجزائريين،و قد تألم لحالتهم التعسة تحت نير سياسة الاستعمار، و قد أشار إلى ذلك في الكثير من المناسبات، وكشف عن سياسة الاستغلال التي يعانيها الشعب الجزائري، الذي كان بمثابة العبيد لخدمة الكولون ، كما أوضح الأمير أن الإدارة الاستعمارية لا يهمها سوى سن القوانين الزجرية، و أن هناك تفاوتا طبقيا ملحوظا و قد أشار الأمير خالد إلى ذكر في جريدة الأقدام تحت عنوان"القانون الأهلي والتموين" بقوله :( لقد جددت الحكومة قانون القوات الزاجرة و النفي في برهة إحدى و عشرين ساعة بدون مباحثة ولا معارضة و لا استفهام .

إن سعر كيلو من الخبز يساوي فرنك ونصف، وكيلو من السميد فرنك وثمانين سنتيما. فالأجير الأهلي يربح من الثلاثة إلى الأربعة فرنك في جناء العنب، بعد أن يخدم اثني عشر ساعة في اليوم، وجملة من الخدامين لا يطلبون إلا الخبز الضروري لأولادهم).

ويواصل الأمير خالد في تبيان الحسرة والألم الذي أهاله نتيجة الضيم الاستعماري، والتسلط والقهر في غياب العدل والمساواة إلى أن يقول(فمن تجول نوعا ما في الدواخل يرى ما يفطح الكبد من زمرة التعساء، وصفر الوجوه نحلاء الأجسام، ومع هذا لا يعطوهم إلا القوانين الزاجرة).

وحتى يتسنى للأمير إنجاح مهامه، و الرد على خصومه السياسيين أسس جريدة الإقدام سنة 1919، واستطاع من خلالها التعبير عن وجهات نظره، وبالخصوص بعدما انسحب من زمرة ابن التهامي وجماعته. وقد كتب محمد ناصر حول أهمية الجريدة في ذلك الوقت العصيب من عمر الحركة الوطنية بقوله وراحت الإقدام تعرب عن اتجاهها الوطني الواضح رافضة التجنس رفضاً قاطعاً مطالبة بتمثيل الأهالي الجزائريين بالبرلمان الفرنسي ومقاومة نزعة الكولون العنصرية...

إلى أن يقول: من هنا فإن الإقدام تعد أول جريدة عربية تصدر في الجزائر تمثل هذه الروح الوطنية الخالصة ..)

والحق أن الأمير قد اتضحت مطالبه السياسية ما بين1919-1922، ونادى ببرنامج إصلاحي قائم على فكرة المساواة وتمثيل الجزائريين في البرلمان الفرنسي وأخذ الجنسية الفرنسية دون التخلي عن الأحوال الشخصية الإسلامية، وكان برنامجه مستوحى من مرجعية الشعب الجزائري و مقوماته وأصالته الدينية، ولذلك فلا غرابة أن نجد الأمير يربط في عمله بين جانبي الدين والوطن، بل اعتبر أن صمود الجزائريين في وجه الاحتلال واستماتتهم في المقاومة مردها إلى المقوم الديني الذي ضمن بقاء الشخصية الإسلامية عبر العصور التاريخية، وبالخصوص منذ الاحتلال الصليبي للجزائر في صائفة 1830. ومن تم برز الأمير خالد لا كزعيم سياسي فقط، ولكن كمدافع غيور على الإسلام .

و الظاهرأن حماسة الأمير خالد السياسية وجرأته في طرح القضايا الوطنية مكنته من استمالة النخبة المعتدلة، وكذا رئاسته للوفادة التي قدمت في حدود 1919جملة من المطالب الوطنية إلى الرئيس الأمريكي ويلسون خلال انعقاد مؤتمر الصلح بباريس عقب إنهاء الحرب العالمية الأولى .

و حسب الرسالة التي تلقاها الأمير خالد و الممضاة من كاتب سر الرئيس عن طريق الملازم جورج ب نوبل، فإن مطالب الأمير قد أوصلت إلى صاحبها،إذ أشار إلى ذلك بقوله: " إنني أكتب إليكم لأعترف باستلامي العريضة المقدمة من قبل ممثلي عرب الجزائر الخمسة، و هذه العريضة التي أرسلت إلي من قبلكم بواسطة الملازم نوبل، إني سأكون سعيداً أن ألفت إليها نظر الرئيس ".

وكان الأمير جريئا في طرحه لقضية تقرير مصير الشعب الجزائري بنفسه، وتمكن من إيصال صوت الجزائر إلى مؤتمر الصلح، و طالب بأحقية الجزائريين في تمثيل أنفسهم. ولذلك اعتبر الكثير من الباحثين أن مساهمة الأمير تعد عملاً ثورياً دفع بالقضية الجزائرية باتجاه المطلب الاستقلالي.

كما أن مضمون المذكرة التي قدمها الأمير كانت جامعة و شاملة لقضايا جزائرية. إذ شرح الأمير من خلالها عدم شرعية الاحتلال وكشف عن الإجرام الفرنسي في حق الجزائريين العزل، برغم المقاومة الشعبية الشرفة، كما أوضح الأمير الوعود الفرنسية المزعومة وخرقها لمعاهدة 5 جويلية 1830، ومن تم وقف الأمير عند الأسباب الحقيقية للاحتلال و بين نتائجه الوخيمة على وضعية الجزائريين. وأنه حان الأوان للاعتراف بالمطالب المشروعة للجزائريين والاحتكام للشرعية الدولية.وحق تقرير المصير تحت وصاية عصبة الأمم، وأنهى الأمير عريضته بالإشادة بالمشاعر الولسونية.

وقد تعددت جوانب البرنامج الإصلاحي الذي دعا إليه الأمير، ولم يقف عند المطالب السياسية وفتح الأفاق أمام تمثيل الجزائريين بل دعا أيضاً إلى ضرورة الإصلاح الديني و الدفاع عن المؤسسات الإسلامية، ومن تم فقد عارض الأمير البدعة و الضلالة وحارب الشعوذة التي ألصقت بالعديد من الزوايا، وغيرتها من مجراها الإصلاح والديني والتربوي، وجد الأمير في العديد من شيوخ القرآن وزوايا الضلالة بعد أن أصبح هؤلاء يستغلون طيبة الجزائريين باسم الدين،وذلك يتناف وتعاليم الإسلام الحقيقي، وكشف الأمير خديعة هؤلاء على صفحات جريدة الأقدام بعنوان : "في الزوايا خبايا"، وأوضح من خلالها الدسائس التي ترصد لاصطياد على الزوايا من طرف القائمين عليها بعد أن تجرد هؤلاء الشيوخ من الصفة السمحة للإسلام وابتعدوا عن الدور التربوي و الأخلاقي، وأصبحوا هم الجهلة . وكانت دعوة الأمير صريحة إلى كل الجزائريين إلى ضرورة اليقظة و إسناد أمور الدين لأصحابها، حتى تتحقق الخدمة العامة لكل الجزائريين.

و كانت حركة الأمير دعوة جديدة للإصلاح الاجتماعي و التكفل بقضايا الشباب الجزائري، والدفع بهم إلى الأخذ بالعلوم وكسب المعارف، والتخلي عن الرذيلة والآفات الاجتماعية ، ومن تم دعا إلى محاربة مظاهر الانحلال الخلقي وترك التردد على الحانات و أوكار الفساد، والتشبه بالغربيين. لأن ذلك لا يعني التمدن الحقيقي، و قد أشار إلى ذلك بقوله: " أيها الأولاد و أيتها الشبيبة شمروا على ساعد الكد و الجد، و تزاحموا على أبواب المكاتب و المدارس و الكليات لتجنوا من ثمرات العلوم ما يرفع به قدومكم بكم مسلكاً حسنا، ويحي ذكركم و أعلموا أنكم خلقتم للعلم و العمل لا للجهل و الكسل، و لا تسارعوا لأبواب الحانات و محلات اللهو لأن ذلك يؤدي لما لا يرضي الله، و مخل للشرف و مذهب للعقل والحياء. "
و مما سبق ذكره نجد أن الأمير قد دعا إلى العودة إلى العلم و العمل و الأخذ بالحركة الثقافية كمعبر ضروري لتحقيق التقدم، و إخراج المجتمع الجزائري من كابوس الاستعمار، و بذلك تتحقق الشخصية الوطنية التي جعل منها الأمير الأرضية الصلبة لتحقيق كل مطمح جزائري، بل اعتبرها تكملة و امتدادا للشخصية العربية و الإسلامية و أن تحقق الجزء يبقى خدمة الكل شريطة صلة هذا الجزء بالكل، و يقصد به وحدة العالم العربي و الإسلامي و قد بين ذلك بقوله :" سادت العرب بالإسلام الذي كان الوسيلة العظمى لجمع كلمتهم و تعاضدهم و تعاونهم على البر و التقوى ، فمع قلة عددهم جالوا في الآفاق و نشروا العلوم و المعارف و التمدن الديني و الدنيوي، و ما نجحوا إلا لقوة إيمانهم و صدقهم و إخلاص نيتهم، و حماستهم و عدلهم و عفتهم، و حبهم الخير لجميع المخلوقات، و إنقاذ الأمم من ظلمات الجهل بنور الإسلام .

"هكذا إذا راهن الأمير على عنصر الشباب و الثقافة لخدمة الحركة الوطنية الجزائرية، و طعم جهوده لإنجاح ذلك بتشجيع الفنون المختلفة كالمسرح و نحوه ليهز النفوس ويبعث فيها روح الأمل، و يعود أليه الفضل في ظهور الحركة المسرحية الجزائرية .

و قد أسس أول جمعية ثقافية مسرحية بمدينة المدية ، كما قام أيضا بإنشاء فرقة مسرحية بالعاصمة و أخرى بالبليدة .

و كان الأمير خالد من المتحمسين لزيارة الوفد المسرحي المصري للجزائر سنة 1921 بقيادة جورج أبيض وقدمت الفرقة للجمهور الجزائري مسرحيتين باللغة العربية عنوانهما شهامة العرب، و صلاح الدين الأيوبي وقد ساهم الأمير في تهيئة المناخ الملائم لإنجاح هذه التظاهرة الثقافية، و كان يقوم شخصياً بالدعاية لها طوال ثلاثة أيام قبل أن تقوم الفرقة السالفة الذكر بعرض ثالث عرض لها بالعاصمة تحت عنوان مجنون ليلى، وقد استطاع خالد أن يبيع سبعمائة تذكرة حضر أصحابها هذه الدراما الأخيرة.

و الحق أن جهود الأمير خالد قد أثمرت في سنواتها الأولى ، وأصبحت بادية للعيان،بعد أن ناصره الكثير من رجال الفكر و الثقافة، و باركوا جهوده الإصلاحية التي أدخلت تعبيرا جذريا في مطالب النخبة الجزائرية.

وكانت دعوة الأمير للتضامن الوطني جعلته يفكر في تعميق حركته إلى كل الشرائح الاجتماعية، وأسس في 23 جانفي 1922 جمعية الاخوة الجزائرية مع نخبة من المثقفين الجزائريين من بينهم القائد حمود، و زهير بن سماية، و يوسفي حميدة, و غيرهم ممن خدموا النخبة الوطنية مع بداية القرن. وقد أطلق سعد الله على هذه الجمعية بجمعية المؤاخاة الإسلامية.

ومن أهداف الجمعية أنها وجدت لخدمة القضايا السياسية والاجتماعية و الثقافيةوحسب ما ذكره بن العقون فإن المراد منها هو تعبئة الجزائريين، و تكثيف الجهود و توضيح التضحيات الجسام التي بذلها الشباب الجزائري إلى جانب فرنسا فى الحرب العالمية الأولى، و كذا تحسيس الجزائريين بالقضايا السياسية، و المطالبة بإلغاء القوانين الفرنسية الجائرة مع إشراك الأهالي في التمثيل النيابي، و تطبيق المساواة بين الجزائريين و الفرنسيين بحسب ما نصت علية القوانين الفرنسية.

ومن تم فقط عزز الأمير جهود جمعية الأخوة بطموحات الجزائريين فبعد مضي شهريين فقط على ميلادها، بادر الأمير و صحبه بعقد تجمع هام في باب الواد بحضور الكثير من الأنصار و الفضول، ومن بين الشخصيات التي دعمت جمعية الأمير نذكر على سبيل المثال لا الحسر المحامي أحمد العيمش و الطبيب بن العربي و كانت لهما مواقف مشجعة لنشاط الأمير، و قد غطت جريدة الأقدام تجمع الأمير واعتبرته بمثابة عودة الأمل للجزائريين، وهو دعوة للاتحاد و التضامن وصف الصفوف وكتبت تحت عنوان "بارقة الأمل" بقولها :" ثم جاء دور الأمير فوعظ الناس و أطنب في شرح كلمة الاتحاد و ألقى على مسامعهم قصيدة حماسية إرشادية أثرت على أفكار الحاضرين و أبكت الكثير منهم . "



وتابعت الجريدة تعليقها على الحدث، و اعتبرته دعوة جديدة ليقظة الجزائريين لاكتساب المعارف و الصنائع، ونبذ الأعمال المخلة بالحياء، وانتشال الشباب من أزقة السوء و الرذيلة، و الاعتماد على الذات و جمع الكلمة، و قد ألقى الأمير في الحفل قصيدة مؤثرة بعنوان "ذكرى للعاقلين و تنبيه للغافلين" و كشفت القصيدة عن شاعرية الأمير الجياشة و الحماسية، و مما جاء في بعض أبياتها قوله :


هذا التأخر دون الناس كلهم *** أهل الجزائر ما هذا الخمود و ما
بين الورى في الملأ سربا من الغنم*** استيقظوا من سبات كاد يجعلكم
على تقهقر أسمى سائر الأمم*** علاكم الذل بعد العز و أسفي
وسارعوا لاكتساب العلم بالقلم*** سيروا على منهج الأسلاف واجتهدوا


وتذكر المصادر التاريخية أن سنة 1922 تعد سنة مجد للأمير, فبعد نجاحه في انتخابات 1919 و بروز خصومه السياسيين تألق نجمه في ربيع 1922 بعدما تمكنه من مقابلة رئيس الجمهورية الفرنسية الكسندر ميلران الذي زار الجزائر في ربيع 1922م، وكان اللقاء بمسجد سيدي عبد الرحمان بالعاصمة، وقد ألقى الأمير خطاباً هاما باسم جميع الجزائريين. وقد ذكر الأمير من جديد الرئيس الفرنسي بأن الجزائريين وقفوا إلى جانب فرنسا في محنها، وهم يطالبون في الحال، بالحريات المدنية من فرنسا و السماح لها بالارتقاء في المناصب، و أن يكون لهم تمثيل نيابي في المجلس الوطني الفرنسي، و قد ركز الأمير في مطالبه على فكرة التعويض، و أنها حق جزائري مشروع، و من تم اعتبر البعض أن مطالبه ربطت بين لغة الترهيب و الترغيب. و أن قلوب الجزائريين لا تزال بعد متجهة نحو فرنسا .

و الظاهر أن مطالب الأمير كانت قريبة من لغة الصرامة و الوضوح، أكثر ما كانت مبنية على لغة الترجي و المهانة، ولعل ذلك ما كشف عليه الشيخ المولود الزريببي أحد رجال الإصلاح المعاصرين لحركة الأمير خالد، و بطلب من هذا الأخير لخص الزريببي مطالب الأمير المتمثلة في :" إعادة مجد أجدادنا ولو يقطع رقاب الجزائريين".

وفي نفس السنة عزز الأمير من نشاطاته السياسية، وقام بالعديد من الجولات إلى خارج الجزائر العاصمة بغية كسب المزيد من الأنصار، وحل به الترحال إلى مدينة تلمسان و عقد تجمعاً شعبياً في قاعة الحفلات التابعة للبلدية، وكانت تدخلات الأمير بالعربية الفصحى، وركز خلالها على ضرورة إبطال الإجراءات التعسفية التي لا تزال مفروضة على الجزائريين، كما استنكر سياسة التجهيل و التهميش والإقصاء المفروضة على الأهالي ودعا الحضور للمطالبة بالحقوق السياسية و الاشتراك في السلطة . وقد لقيت أفكاره هذه رواجها في المنطقة، وقد دعا إليها مجدداً أحد رسل الأمير و المدعو أحمد بهلول الذي زار المنطقة في خريف 1922.

وبمرور الزمن اكتسب نشاط الأمير المصداقية لدى الكثير من رجال الفكر، وانسبوا إلى حركته. و أبدوا عن استعدادهم اللامشروط لخدمة القضية الوطنية، ومن هؤلاء نذكر الشريف علي الطاهر الذي حضر اجتماع جمعية الأخوة في صائفة 1922 وألقى كلمة مؤثرة كشف فيها عن عيوب التعصب و التحجر، ودعا الجميع إلى الاعتصام بالإسلام، و نبذ الأفكار المتزمتة الرافضة للتحرر.و من بين المتدخلين أيضاً الحاج محمد بن رحال، والسيد رشيد ساطور وعمر الميزابي و يوسفي حميدة.




و كتبت الأقدام معلقة على المتدخلين في اللقاء بأنه بمثابة "المدرسة التي تبعث الأفكار الصافية النافعة و أنه دعوة للوحدة وضربة لدعاة الفتن و تقسيم الوطن".
يتبع...
في الجزء الثاني من هذا الموضوع




المجد والخلود لشهدائنا الأبرار

61896dzslideshud5.gif




87108647zx9.gif













qasralkhair-8c94891f8b.gif

 
تابع: حركة الأمير خالد السياسية 1919-1925

1265018739.gif








star7.gif


1_53549.gif
s%20(25).gif
1_53549.gif






حركة الأمير خالد السياسية 1919-1925

الجزء الثاني.





sanstitreeb.png


صورة للأمير خالد بن الأمير عبد القادر الجزائري




3-نفي الأمير خالد و متابعة نشاطه خارج الجزائر :

مما لاشك فيه أن نشاطات الأمير المتعددة الجوانب قد جلبت حولها الكثير الأنظار الشبوهات ، فبقدر ما كسبت من الأنصار، و ممن يصغون إليها سواء من الجزائريين أو حتى من بعض الفرنسيين المعتدلين، أمثال فيكتور سبيلمان ، فإنها فتحت ضدها الكثير من الخصوم السياسيين و الإداريين. المتطرفين الذين رفضوا المطالب الجزائرية مهما كان نوعها.

و إذا كان الأمير خالد قد اعترضته صعوبات جمة في نشاطاته من طرف الإدارة الاستعمارية ، فإن ذلك ليس بالغريب عليه ولم يتعبه، بقدر ما أقلقته أطراف جزائرية لم تكن غريبة على حياته، وبالخصوص جماعة النخبة الليبرالية المتطرفة التي يقودها كل من بن التهامي، و وليد عيسى و بوضربة و محمد صوالح. وقد عارض هؤلاء برنامج الأمير الذي كشف خططهم الداعية لسياسة الاندماج والتجنس ورفض الحضارة العربية الإسلامية التي امتدت جذورها في عمق التاريخ الجزائري.

و يعد مؤتمر رؤساء البلديات الذي احتضنته العاصمة في 27 ماي 1920 بداية الضعف العلني في برنامج الأمير، بعد تواطىء جماعة بن التهامي مع حاكم ولاية الجزائر لوفيبور، وغلاة المعمرين. برغم أن التقارير الفرنسية تذكر عن الأمير أنه وقتها لا يزال يأمل في التعاون مع الفرنسيين، وحسب برقية الحاكم العام أوجان أبيل إلى وزارة الداخلية الفرنسية بتاريخ 18 ماي 1920، فإن اجتماع الأمير بوفادة عربية مشكلة من أنصاره خلصت إلى معارضة الخصوم السياسيين المتحالفين مع رؤساء البلديات, ولم تستهدف ضرب سياسة الولاية العامة المنتهجة .

وكان لتضييق الخناق على حركة الأمير من قبل الإدارة الفرنسية أثره الواضح على تقديم استقالته من عضوية المجالس المنتخبة في ربيع 1921 وكتب في ذلك رسالة إلى شيخ بلدية الجزائر العاصمة ذكره فيها بالدوافع الحقيقية لتخليه عن المسؤولية التي أوكلها له الشعب الجزائري بقوله:" ليس هناك سبب خاص يدفعني إلى التخلي عن النيابة التي منحتني إياها ثقة شعب الجزائري المسلم، وإني أردت بانسحابي من المجلسين أن أستعيد حريتي ."

وحسب ما ذكره توفيق المدني الذي كان معاصراً الأحداث وقتئذٍ ، فإن المضايقة على الأمير كانت بتخطيط من الإدارة الفرنسية، و بتواطىء بين الحاكم العام "تيودور ستيق "و والي الجزائر العاصمة "لوفيبور " الذي كانت له دراية كبيرة بحيثيات نشاطات الأمير و وتعلقه بالشعب الجزائري .

ولعل الشيء الذي يدعم ذلك, التقرير الفرنسي الذي بعث به رئيس الملحق العسكري بالأغواط إلى القائد العسكري لمقاطعة غرداية وهو بدوره يبلغها إلى الحاكم العام يشعره فيها عن توزيع نشرة تحريضية صادرة عن جمعية الأخوة على سكان صحراء الجزائر، و نزولها عند رغبة أعيان المنطقة، و ذلك ما شكل خطراً على المصلحة الفرنسية .

واضطر الأمير إلى الانسحاب من الساحة السياسية في أفريل 1923 و أعلن أنه سيتوجه إلى سوريا، بعد ما عاش مضايقات السلطة الفرنسية و أعوانها من الجزائريين المتجنسين، و يذكر شارل روبير أجيرون أن الأمير كشف عن ذلك الجو المشحون بتوتر و قلق في رسالة بعث بها لأحد أصحابه في صائفة 1923 إذ يقول فيها:" أننا لا نستطيع أن نعيش في الجزائر حيث أن الحياة لا تطاق بالنسبة إلى، إنني انسحب إلى بلد أكثر هدوءاً ".

و مهما يكن من أمر، فإن انسحاب الأمير من الحياة السياسية لم يكن برغبة منه، بل أرغمته الظروف على ذلك الفعل، و أن ذلك الإجراء حضرته الدوائر السياسية في باريس مع وزارة ريمون بوانكري و اشرف على تنفيذه سيق الحاكم العام في الجزائر .

و يذكر سعد الله أن السلطات الفرنسية أصبحت قلقة من نشاطات خالد الوطنية، و من إصراره على التعويض. و قررت سنة 1923 نفيه من الجزائر بعد أن أوصت بصفة خاصة فيدرالية رؤساء البلديات و النواب التي اتهمت الأمير خالد بالقيام بنشاطات معادية لفرنسا بتنفيذ ذلك .

و بعد صعود هيريو إلى رئاسة الوزراء في 1924 و باعتباره من المحسوبين على اليسار،تفاؤل الكثير من الزعماء السياسيين و الإصلاحيين بتغير الأوضاع أمام مطالبهم، و منهم الأمير خالد الذي بعث برقية من منفاه في صائفة1924 إلى رئيس وزراء فرنسا، و اعتبر توليته على رئاسة الوزراء عهدا جديدا لأهالي الجزائر يقودهم إلى طريق التحرر، و قد احتوت الرسالة على مطالب جامعة و شاملة عبرت عن برنامج الإصلاحي للأمير خالد و المتمثلة في النقاط التالية:

1- مساواة التمثيل النيابي في البرلمان الفرنسي بين الجزائريين و الأوروبيين القاطنين بالجزائر .

2- إلغاء القوانين و الإجراءات الاستثنائية الخاصة بالجزائريين في محاكم الجنايات و إبطال الرقابة الإدارية مع العودة إلى القوانين العامة دون قيد و لا شرط.

3- المساواة في الحقوق و الواجبات مع الفرنسيين بخصوص الخدمة العسكرية.

4- ارتقاء الجزائريين في المرتبة المدنية و العسكرية و الاعتماد في ذلك على عنصر الكفاءة و المقدرة الشخصية.

5- إجبارية التعليم على الجزائريين مع الاحتفاظ بحرية الاختيار في نوع التعليم.

6- حرية الصحافة و الاجتماع.

7- تطبيق فصل الدين على الدولة الفرنسية.

8- رفع القيود و الإجراءات على كل المساجين و العفو على المنفيين .

9- تطبيق القوانين الاجتماعية و العمالية على الجزائريين.

10- الحرية المطلقة للعمال الجزائريين في الذهاب إلى فرنسا .

وتذكر الكثير من المصادر التاريخية أن نفي الأمير خالد إلى خارج الجزائر جعلته أكثر راديكالية في طرحه للقضايا الوطنية ، بل أنه نقل المعركة إلى فرنسا نفسها، و أشرف برفقة مناصريه على التمكين من جميع عمال الشمال الأفريقي، في الكثير من اللقاءات التحسيسية و التوجيهية نحو التحرر والمطالبة بالحقوق المهنية و الاجتماعية وحتى السياسية.

وقد ارتسمت معالم العمل الوطني في فرنسا بهجرة الأمير خالد إليها منذ 1923، وفي جويلية 1924 عقد الأمير مؤتمرين في باريس تحت رعاية الاتحاد العالمي و هو منظمة يسارية كانت تؤيد القضية الجزائرية. و خلالها استطاع خالد من تكوين لجنة من الجزائريين المناصرين له منهم الحاج عبد القادر، و الحاج مصالي، وعبد العزيز منور و علي الحمامي و أحمد بهلول و بانون أكلي، وكلفت هذه اللجنة بمهام الإشراف على عمال المغرب العربي و تنظيمهم في شكل هيئة اتحادية المغاربة .

و في 7 ديسمبر من نفس السنة ترأس الأمير مؤتمر عمال شمال إفريقيا الذي ضم ممثلين عن خمسة و سبعين ألف عامل ، و خلال التجمع عبر المؤتمرون عن تضامنهم عن طريق برقيات التأييد لحركات المتحرر في كل من الجزائر، و المغرب الأقصى ، و مصر و تونس .

ولعل أهم نتيجة خلص إليها الأمير من خلال التجمعات العمالية التي عقدها في باريس هو الوصول بهم إلى تأسيس جمعية سياسية بعنوان "نجم الشمال الإفريقي"الذي أصبح رئيساً شرفياً لها. كما أصدر النجميون سنة 1927 جريدتين باسم الإقدام الباريسي. والإقدام الشمال الإفريقي و هي امتداد لجريدة الإقدام التي عطلتها فرنسا في الجزائر سنة 1923.

ومما سبق ذكره نخلص إلى القول، أن الأمير خالد قد أفلح في مسعاه بباريس و حققما لم يتحقق له في الجزائر، و أوجد المناخ الملائم لميلاد حركة سياسية جزائرية ثورية سوف يكتب لها النجاح في الدفع بالقضية الوطنية نحو الأمام، لكن المنون خطف خالد في سنة 1936 بدمشق، و قد ترك ذلك الأثر البليغ على الجزائريين ، وجعلوا يوم حداد بمناسبة الذكرى الأربعينية على وفاته، وأقاموا له الصلاة في المساجد و المقابر و كتبت جريدة الدفاع وقتها تذكر بخصال الرجل الوطنية و الدينية بقولها:"وهب خالد للجزائر كل حياته ونشاطه وذكائه، وللإسلام كل عواطفه وقلبه."

أما جمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي اعتبرت نشاطاتها بمثابة امتداد طبيعي لحركة الأمير خالد ، فقد رزيت هي الأخرى عند سماعها بوفاة الأمير، و ذكرت بخصاله الحميدة وكتبت مجلة الشهاب مذكرة بوطنية الأمير، و صدقه في العمل بقولها :"إن الأمير خالد رجل قومي يعتز بقوميته، و مسلم يحمل غيرة صادقة على دينه ... كان صلب الرأي قوي الإيمان، صريح القول. دافع عن وطنه حتى فارقه، و ذهب ضحية عقيدته، و جهاده ودفاعه."

وظاهر أن حركة الأمير ظلت سارية المفعول لدى أنصاره في الجزائر. لا في فترة الاستعمار فحسب، و لكن حتى بعد الاستقلال، و قد تجسد ذكره في شهادة أحد الذين عرفوه و عاشروه، و قد أدلى بها بعد الاستقلال احدهم قائلاً، أن الأمير قال له ذات يوم لن اعرف الراحة و الطمأنينة إلا يوم تصبح الجزائر فيه حرة مستقلة، إذا توفيت قبل ذلك فاستمروا أنتم في كفاحكم و سأكون في قبري مطمئناً لذلك، إن تحرير الجزائر العزيزة هو تحرير شعبنا نهائياً من الاضطهاد و التعسف، و إني لموقن بأننا سننتصر بإذن الله.

الخلاصة :
مما سبق ذكره نخلص إلى القول أن حركة الأمير خالد تعد، لبنة هامة في بناء المسرح السياسي للجزائر المعاصرة ، و كانت مطالبة جامعة و شاملة ربطت بين البعد التربوي و الإصلاحي و الاجتماعي و السياسي في قالب ثوري، خاطبت العقول و أذكت الأحاسيس ونمت الشعور، وكونت الوئام لدى الجزائريين. الذين أصبحوا يفكرون بكل جدية في مطالبهم المختلفة انطلاقاً من مبدأ المساواة مع المعمرين، لما قدموه من دعم مادي و معنوي لفرنسا في أحلك محنها .

لكن تواطىء دعاة التجنس و الإدماج مع الإدارة الاستعمارية و غلاة المعمرين أجبروا الأمير على مغادرة الجزائر، بعد أن اتهموه بالتعصب و التطرف السياسي . لكن قضايا الجزائر ظلت عالقة في اهتمامات الأمير و هو في المنفى. و نقل المعركة إلى فرنسا و شرح تفاصيلها بين الطبقة العمالية المهاجرة لأقطار المغرب العربي، و بذلك حقق الأمير أمنيته و مهد لتأسيس نجم شمال إفريقيا الذي ولد في باريس 1926 و اصبح الأمير رئيساً شرفياً له.و بذلك يعد من الرواد الأوائل الذين ارسوا معالم جديدة في منظومة القيم السياسية في تاريخ الجزائر المعاصر.

المصادر و المراجع المعتمدة في البحث .

1- الجيلالي عبد الرحمان ، تاريخ الجزائر العام ، الجزء الرابع ، ط 4 ، ( دارالثقافة بيروت ، 1980) .

2- خرفي صالح ، عمر بن قدور الجزائري ، طI ، ( المؤسسة الوطنية للكتاب الجزائر1984 ) .

3- دبوز محمد علي ، نهضة الجزائر الحديثة و ثورتها المباركة ، الجزء الثاني ، طI (المطبعة العربية الجزائر 1969) .

4- نفسه، نهضة الجزائر الحديثة و ثورتها المباركة، الجزء الثاني، طI،(المطبعة العربية الجزائر 1969) .

5- زوزو عبد الحميد ، الهجرة و دورها في الحركة الوطنية الجزائرية بين الحربين 1919-1939 ، طII ، ( المؤسسة الوطنية للكتاب الجزائر 1985 ) .

6- سعد الله أبو القاسم ، الحركة الوطنية الجزائرية 1900-1930 ، الجزء الثاني ، ط4( دار العرب الإسلامي بيروت 1992 ) .

7- سعد الله أبو القاسم ، أبحاث و آراء في تاريخ الجزائر، الجزء الثاني ، ط I ، ( المؤسسة الوطنية للكتاب 1986 ) .

8- سعد الله أبو القاسم ، أبحاث و آراء في تاريخ الجزائر ، ج4 ، ط I ، ( دار الغرب الإسلامي بيروت 1996) .

9- سعد الله أبو القاسم ، تاريخ الجزائر الثقافي ، الجزء 8 ، ط I ، ( دار الغرب الإسلامي 1998) .

10- سعد الله أبو القاسم ، تاريخ الجزائر الثقافي ، ج6 ، ط I ، (دار الغرب الإسلامي 1998) .

11- ابن العقون عبد الرحمان ، الكفاح القومي و السياسي من خلال مذكرات معاصر الجزء 1 ، طI ، (المؤسسة الوطنية للكتاب الجزائر 1986 ) .

12- الفاسي علال ، الحركات الاستقلالية في المغرب العربي (القاهرة 1949) .

13- قداش محفوظ ، الأمير خالد وثائق و شهادات لدراسة الحركة الوطنية الجزائرية، طI( ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر1987) .

14- مرتاض عبد الملك، الثقافة العربية في الجزائر بين التأثير و التأثر طI ، (دار الحداثة ديوان المطبوعات الجامعية 1982).

15- مناصرية يوسف، الاتجاه الثوري في الحركة الوطنية ، طI ، (المؤسسة الوطنية للكتاب الجزائر 1988).

16- ناصر محمد، الصحف العربية الجزائرية من 1847-1939 ، طI، ( الشركة الوطنية للنشر و التوزيع الجزائر 1980 ).


المقالات ( بالعربية ):

1- بن عدة عبد الحميد ، جوانب من كفاح الأمير خالد الديني و الاجتماعي والثقافي في الجزائر ما بين 1919-1924 ، مجلة المبرز، عدد7 جوان 1996 .

2- سعد الله أبو القاسم ، وثائق جديدة عن ثورة الأمير عبد الملك الجزائري في المغرب المجلة التاريخية المغربية ، عدد1، جانفي 1971 .

3- قداش محفوظ ، صور من حياة الأمير خالد في شبابه ، مجلة الثقافة ، عدد13، مارس1973 .

4- قداش محفوظ، الأمير خالد و نشاطه السياسي بين 1919-1925، مجلة تاريخ و حضارة المغرب، عدد4، جانفي 1968 .

الجرائد و الدوريات :

1- جريدة المغرب بيار فونطانا .

2- التقويم الجزائري للشيخ محمود كحول .

3- جريدة الإقدام للأمير خالد .

4- مجلة الشهاب ، عبد الحميد بن باديس .

المراجع بالفرنسية :


1-
Ageron, Charles Robert, Politiques Colonial au Magreb (P.V .F Paris 1972 )


2-
Ageron, Charles Robert, Les Algériens Musulmans et la Fronce 1871-1919 .(p/u/F paris 1972)


3-
Carlier Omar et autres, Le Lettres Intellectuels et Militants en Algérie1880-1950 .(Office Des Publications Universitaires Alger 1980 ) .


4-
El Hadj Messeli , Les Mémoires De Messali El Hadj 1899-1939 Préface De Ben Bella ( France )


5-
Julien Charles André, Etudes Maghrébins, Publications de la Faculté des Lettres et Sciences Humaines .De paris1964


6-
Khaled L’émir, La Situation Des Musulmans D’Algérie1924 (op u Alger 1987).


7-
Nouschi Charles André, La Naissance Du Nationalisme Algérien Paris1962 ).


8-

BachetarZi Mahiedine, Mémoires1919-1939 Préface Bencheneb (S.NED.Alger 1968 ) .




المقالات بالفرنسية :


1-
Ageron Charles Robert, Le Premier Vote de L’Algérie Musulmane, les élections du Collège Musulman Algérien en1919-1920In Revue D’histoire et de Civilisation du Maghreb.N 8 Janvier 1970 .


2-
-J . Desparmet, Contribution à L’histoire in Afrique Française Juill et 1936.


3-
Merad Ali, La Formation de la Presse musulmane en Algérie 1919-1939 In Revue de L'Institut des Belles Lettres N 105 Tunis 1964 .


الجرائد و الدوريات بالفرنسية :




1-La Défense 24 Janvier 1936 .



2-EL Moudjahid 20 Novembre 1967 .



3-Fouquet Emmanuel , Dictionnaire Encyclopédique ( Paris 1999 ) .




التقارير الفرنسية :


1-Archives d’AIX en Provance France .





المجد والخلود لشهدائنا الأبرار

61896dzslideshud5.gif




87108647zx9.gif













qasralkhair-8c94891f8b.gif
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top