همة محمد - صلى الله عليه وسلم -

جمال التلمساني

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
6 أوت 2010
المشاركات
1,635
نقاط التفاعل
1,798
النقاط
71
همة محمد

- صلى الله عليه وسلم -



الحمد لله الذي كان بعباده خبيراً بصيراً وتبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفةً لمن أراد أن يذّكر أو أراد شكرواً، والصلاة السلام الأتمان الأكملان على الحبيب المصطفى والرسول المجتبى وعلى آله وأصحابه صلاة دائمة متلازمةً إلى يوم البعث والنشور، اللهم بلغه صلاتنا وسلامنا في هذه الساعة المباركة وفي هذا اليوم المبارك.

أما بعد:
عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى فإنها خير زاد ليوم المعاد.
حديثنا اليوم هو بعنوان (همته صلى الله عليه وسلم).
أيها الناس: من هو صاحب المقام المحمود؟
من هو صاحب اللواء المعقود؟
من هو صاحب الحوض المورود؟
من هو صاحب الكنزين؟
من هو صلى إلى القبلتين؟
من هو الذي أنشق له القمر نصفين؟
من هو الذي سلم عليه الحجر؟
من هو الذي سار إليه الشجر؟
من هو الذي انهمل بدعائه المطر؟
من هو خاتم الأنبياء؟
من هو قدوة الأولياء...؟ ؟؟
السماواتُ شيّقاتٌ ضمارُ
space.gif

والفضاء والنجوم والأنوار
space.gif

كلها لهفةٍ إلى المصطفى
space.gif

الهادي وحبٌ ولوعةٌ وثناءُ
space.gif

فما حملت من ناقةٍ فوق ظهرها
space.gif

أبرّ وأوفى ذمةً من محمدِ
space.gif



أتى صلى الله عليه وسلم في جمعٍ من الصحابة بعد صلاة العصر، وإذا بقدرٍ استجمعت غلياناً، وقد أدركه الجوع صلى الله عليه وسلم، يجوع وهو سيد الخلق، ينام على التراب وهو أفضل الناس، يتوسد الحصير وهو شفيع العالمين، وكانت تعجبه الذراع، فأخذ الذارع بيده صلى الله عليه وسلم فنهش منها نهشه ثم قال (أنا سيدُ ولد آدم يوم القيامة) - نقول أنعم وأكرم - ثم قال للصحابة (أتدرون ما ذاك؟) قالوا الله ورسوله أعلم فقال ( إذا جمع الله الأولين والآخرين ليومٍ لا ريب فيه واستشفع الناس بآدم "ثم ساق القصة..." قال: كل يقول نفسي نفسي، فيأتون إليّ لأشفع لهم عند ربي فأقول (أنا لها أنا لها، ثم اسجد تحت العرش، فيفتح الله عليّ محامد لم يفتحها عليّ اليوم، فيقول الله لي (ارفع رأسك وسل تعطى واشفع تشفّع).. هذا هم مقام الحمد وهذه هي الهمة العالية التي أوصلته إلى هذا المكان الرفيع صلى الله عليه وسلم.
هذا الذي جاء والأبحار مالحةٌ
space.gif

فمجّ فيها فصار الماءُ كالعسل
space.gif

هذا الذي رد عيناً بعد ما فقئت
space.gif

وريقه قد شفى الإمام علي
space.gif



في غزوة الأحزاب تجتمع عليه الخصوم ويتحزب عليه المشركون حتى ضاقت به وبأصحابه الضوائق ﴿ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا ﴾ [الأحزاب: 10] خوفٌ ومرضٌ وقلقٌ وفزع ٌ وإرجافٌ. فيأتي صلى الله عليه وسلم إلى الصحابة وهم يحفرون الخندق وقد عرضت لهم صخرة فيأخذ المعول ويقول باسم الله - وهم لا يأمنون يذهبون إلى الخلاء، ولا يجدون كسرة الخبز - ثم يضرب بالمعول ضربةً فإذا بارقٌ بالمشرق والمغرب فيتبسم صلى الله عليه وسلم تبسم الواثق بالله ويقول: (أُريت قصور كسرى وقيصر وأبواب صنعاء وسوف يفتحها الله عليّ ) وضرب ضربة أخرى وتبسم وقال ( أُتيت الكنزين الأبيض والأحمر) أي الذهب والفضة. فأما المؤمنون فقالوا ﴿ صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 22] وأما المنافقون - عليهم لعائن الله تترى إلى يوم القيامة) فقالوا ﴿ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا ﴾ [الأحزاب: 12].

وأما همته صلى الله عليه وسلم في الدعاء فيقول - صلى الله عليه وسلم - (إذا سألتم الله الجنة فأسلوه الفردوس فإنه أعلى الجنة وأوسط الجنة وسقفه عرش الرحمن ومنه تفجّر انهار الجنان).

وأما همته صلى الله عليه وسلم في العطاء، فهذا رجلٌ من الصحابة يسأل الرسول صلى الله عليه وسلم ثوبه – وهو ثوبه الوحيد ومع ذلك يدير الأمة، والكنائز تجبى إليه صلى الله عليه وسلم، وتعرض له الجبال ذهباً وفضة – أتته امرأة أنصارية فنسجت له ثوباً، ليلبس هذا الثوب أطهر وأحسن جسم في العالم وأعظم بدن في الدنيا، فبعدما لبسه صلى الله عليه وسلم، عرض له أنصاري فقال: يا رسول الله: أُكسني ثوبك الذي عليك، فقال صلى الله عليه وسلم الذي لا يخشى الفاقة.

(أنظرني قليلاً) - تأمل ثوبه الوحيد وهدية ومحتاجٌ إليه - ومع ذلك دخل صلى الله عليه وسلم بيته ولبس إزاره القديم الممزق وأتى بالثوب وأعطاه الأنصاري، فقالوا الصحابة للأنصاري (فعل الله بك وفعل) هذا نص البخاري: تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرد أحداً وتسأله ثوبه.
ولم لم يكن في كفه غير روحه
space.gif

لجاد بها فليتقي الله سائله
space.gif

تراه إذا ما جئته متهللاً
space.gif

كأنك تعطيه الذي هو أنت سائله
space.gif



قال الأنصاري: والله الذي لا إله غيره ما لبسته وما طلبته إلا يكون كفني إذا مت، وفعلا لقد كان كفناً له بعد موته رضي الله عنه.

أتى صلى الله عليه وسلم إلى حنين وأخذ غنائم الطائف يقول ابن هشام أنها (24) ألف رأس من الغنم و (7) ألاف رأس من الإبل وأعداد هائله من البقر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مخاطباً الأبطال الذين أسلموا من التو: (يا عيينه خذ مائة، يا أبا سفيان خذ مائة، يا أقرع خذ مائة ) فأتاه حكيم بن حزام وقال: أعطني يا رسول الله فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم (أترى ما بين الجبلين) قال: نعم. قال صلى الله عليه وسلم (خذها لك) ثم أتاه الرجل مرة أخرى، فأعطاه ما بين الجبلين، ثم جاءه مرة ثالثة وسأله فأعطاه ما بين الجبلين وقال

(خذها لك) ثم قال صلى الله عليه وسلم (يا حكيم اليد العليا خير من اليد السفلى) فقال حكيم (والله لا اسأل أحداً غيرك، ثم واصل صلى الله عليه وسلم يوزع تلك الغنائم، فوالله ما عاد ببقرة ولا شاة ولا بعير ولم يعد إلا بكسائه صلى الله عليه وسلم كساء العَظَمَة والمجد، ومع ذلك الأعراب يحاصرونه ويسألونه فيقول صلى الله عليه وسلم (أيها الناس فكو ردائي فوالذي نفسي بيده لو كان لي مثل جبال تهامة ذهباً وفضةً وأنعاماً لوزعتها فيكم ثم لا أكون بخيلاً ولا جباناً ولا كذاباً).

أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم وللمسلمين من كل ذنب فاستغفروه فيا فوز المستغفرين.




الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعد..

وبعد:
وأما همته صلى الله عليه وسلم في الزهد في الدنيا فيقول (لأن أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أحب إليّ مما طلعت عليه الشمس) فلم تكن همته صلى الله عليه وسلم في منصب زائل فالمنصب كان سبباً لخسارة فرعون، ولم تكن همته صلى الله عليه وسلم في كنوزٍ ولا ذهبٍ ولا فضةٍ فإنها تعاسة قارون، ولم تكن همته صلى الله عليه وسلم في جاهٍ دنيوي وشهرةٍ ذاهبة فإنها كانت لعنةُ أبي جهل... ولكم همته صلى الله عليه وسلم (رضوان الواحد الأحد ) همته صلى الله عليه وسلم (سجدةٌ بخشوع ودمعةٌ بتبتّل وقراءةٌ بتدبر) ومن أراد أن يدخل مع محمد صلى الله عليه وسلم مُدخل صدق ويُسقى من حوضه صلى الله عليه وسلم فليقتدي بسيد الخلق في الهمة العالية..

أختم بهمته صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ سورة (والضحى..) وهي سورةٌ خاصةٌ له صلى الله عليه وسلم، فلما بلغ قوله تعالى ﴿ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ﴾ [الضحى: 5] دمعت عيناه صلى الله عليه وسلم وقال (والذي نفسي بيده لا أرضى وأحدٌ من أمتي في النار) فنسأل الله أن يشفعه فينا.

عباد الله: صلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه فقال تعالى ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [الأحزاب: 56].
اللهم أصلح شبابنا وشباب المسلمين وأحفظهم من الفتن.
اللهم وأرزقهم التوفيق والنجاح والصلاح في الدنيا والآخرة.
اللهم اعز الإسلام وانصر المسلمين.
آمين




 
بارك الله فيك

الله ارزقنا شفاعته يوم القيامة

وارقنا شربة من يديه الشريفتين لا نظمأ بعدها أبدا

الله صل على سيدنا محمد الحبيب المصطفى
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top