كردستان واقع أم تاريخ

السلام عليكم ورحمة الله


كردستان واقع أم تاريخ



كثر الحديث عن مشكلة الأكراد، وما يعانونه من تشتت وحياة قاسية، وفي ظل الصراعات وكثرة المشاكل تضيع الحقيقة وأصل الحكايات، خصوصا إذا كان من أطراف المشكلة من هو ضعيف، ولا يملك أدوات إدارة الصراع، وهذا الموضوع يعرض من هم الأكراد؟ وما هي جذور المشكلة؟ ولماذا؟.

الكرد شعب آري، من مجموعة الشعوب الهندو ـ أوربية (تضم البلاد ابتداءً من الهند وحتى أيسلنده)، من العائلة الإيرانية اللغوية (هى مجموعة اللغات التي ترجع إلى أصل لغوي واحد، ويوجد بينها خصائص نحوية، ولفظية مشتركة)، والتي تضم الشعوب الفارسية ولاوردوا (الهندية) والبلوج والبشتون

ومن الصعب معرفة التعداد الحقيقي للشعب الكردي؛ وذلك بسبب تقسيم دولتهم بين الدول المختلفة: (العراق ـ سوريا ـ إيران ـ تركيا ـ الاتحاد السوفيتي (سابقًا)، كما تعيش أيضًا مجموعة من الأكراد في دول (لبنان ـ اليمن ـ باكستان) وأيضًا في أوروبا خاصة في ألمانيا والسويد وأمريكا، حيث يقدر عدد هؤلاء بأكثر من مليون كردي، ولكن يمكن تقدير عددهم جميعًا بحوالي 35 مليون كردي.

والأكراد هم المجموعة العرقية الوحيدة في العالم التي يبلغ تعدادها أكثر من 30 مليونا، ولم تحصل على حقوقها القومية، كما أنها تعتبر ثالث مجموعة شعبية في آسيا الصغرى والشرق الأوسط بعد العرب (160 مليونا) ثم الترك (60 مليونا).







جذور الشعب الكردي



يرجع العنصر الكردي منذ البداية، وكما تشير الأبحاث إلى الميديين، حيث انتصر الميديين على الآشوريين في القرن السابع (ق.م)، ولكن يختلف الباحثون فيما قبل هذه الفترة، إذ إنه من المعروف عدم وجود عنصر شعبي نقي تمامًا، بمعنى أنه لا توجد حضارة لم يمتزج داخلها أجناس مختلفة في فترات معينة في تاريخها، إلا أن ما اتفق عليه الباحثون هو أن العنصر الميدي هو العنصر الأساسي في التكوين العرقي للشعب الكردي.


أما مساحة كردستان كما يقدرها الباحثون فحوالي 500,000 كم2 تقريبًا وهي بلد جبلي تحتضن جبال وسهولاً خصبة وترويها أنهار عديدة (دجلة والفرات) حيث ينبعان من أرضها وتكثر في أرضها العيون والنهيرات والجداول.

إلى جانب ما بأرضها من ثروات معدنية ونفطية ومائية، فبالنسبة لمواردها المائية ففيها أكثر من عشرة آلاف ينبوع، وبها أيضًا العديد من المساقط وشلالات المياه والبحيرات الطبيعة، وكل ذلك كما نرى يشكل قوة زراعية وصناعية هائلة، حيث إن الشلالات تعتبر من أهم مصادر توليد الطاقة.

ويأتي على رأس القائمة البترول، إذ إن كردستان تقع على مقربة من أغنى حقول البترول في العالم؛ حيث يقدر احتياطي النفط في كردستان ككل بأكثر من خمسة وأربعين مليار برميل، أي أكثر من احتياطي الولايات المتحدة.

وبجانب النفط يوجد الكثير من المعادن المهمة، مثل: الكبريت، والفوسفات، واليورانيوم، والذهب، والنحاس، والفضة، والحديد، والرصاص، والزنك، والنيكل، والرخام، والمرمر.

كما تغطي الغابات مساحات كبيرة من كردستان، والمقصود بكردستان هنا أي المناطق التي كانت تضمها الدولة قبل تجزئتها ما بين العراق، وسوريا والأردن.. وغيرهم.




اللغة واللكنات الكردية.




أما لغة كردستان فهي لغة مستقلة خاصة بهم، وهي تنتمي كما ذكرنا إلى العائلة اللغوية الإيرانية، والتي تضم كلاً من اللغة الفارسية ـ والأفغانية ـ والبلوجية ـ والطاجيك ـ والأسيتينية.

وهذا لا يتنافى مع أن لكل لغة منهم خصائصها المختلفة عن غيرها، مع أن أصولهم واحدة، تمامًا مثل الأصل اللاتيني لكل من اللغات الفرنسية ـ والإنجليزية ـ والأسبانية.

وكانت اللغة الكردية تكتب قبل الإسلام من اليسار إلى اليمين بأبجدية تشبه إلى حد كبير الأبجدية الآشورية والأرمينية، وبعد دخول الإسلام اكتفي بالأبجدية العربية، أما في تركيا فقد فرض كمال أتاتورك الحروف اللاتينية؛ لذا فإن الكردية في تركيا تكتب بحروف اللاتينية.






وتنقسم اللغة الكردية إلى لهجتين أساسيتين:



1- الكرمانجية: ويتكلم بها الأكراد القاطنون في كردستان تركيا، وجزء من أكراد كردستان العراق وكردستان سوريا والجزء الشمالي الغربي من كردستان إيران.

2- والسورانية: ويتكلم بها أكراد السليمانية وأريبل وكركوك (كردستان العراق) وأكراد كردستان إيران.



وهناك لهجات أخرى يتكلم بها مجموعات صغيرة من الأكراد.



مما سبق يتبين لنا أنه بعد تقسيم كردستان بين العديد من الدول، فإن الأكراد لا يزالون على تمسكهم بحضارتهم ولغتهم وهويتهم.




دخول الاسلام.



أما بعد دخول الإسلام على يد "خالد بن الوليد" و"عياض بن غنيم"، وبعد فتحهم كردستان خلال القرن السابع وحتى القرن الحادي عشر بعد الميلاد، أصبح الغالبية العظمى من الأكراد مسلمين على المذهب السني الشافعي.

ويوجد أيضًا أكثر من ستة ملايين كردي شيعي كما يوجد مسيحيون وقلة قليلة يهودية في العراق، لكنها هاجرت إلى إسرائيل بعد عام 1948، وهي تشكل الآن جالية كردية يهودية تعدادها 100 ألف كردي مدني فى إسرائيل.

وكان من نزعة الأكراد إلى الاستقلال أن اعتنقوا المذهب السني، وذلك لتأكيد اختلافهم عن الإيرانيين الشيعة واختاروا الشافعية من المذهب السني لتأكيد اختلافهم عن الأتراك السنة الحنيفيين.


علاقة الأكراد بالعرب المسلمين





بعد دخول معظم الأكراد في الدين الإسلامي بدءوا يعملون تحت رايته، محاولين إعلاء كلمته ونشره في كل مكان يذهبون إليه غير مبالين بأصولهم غير العربية؛ لذا فعلينا منذ البداية معرفة أعظم الحكومات الكردية في العهد الإسلامي، وهي حكومة الدولة الأيوبية والتي قدمت الكثير للمسلمين جميعًا دون التفريق بين عرب وعجم.

ومؤسس هذه الدولة هو جد "صلاح الدين الأيوبي" المقاتل العظيم الذي تولى خلافة مصر في (567 هـ)، وأسس الدولة التي حكمت مصر وليبيا والشام واليمن أكثر من قرن، والذي قام وهو الكردي المسلم بإعادة القدس الشريف تحت الحكم الإسلامى حين انتصر في معركة حطين على الصليبيين.

كما أن المثقفين الأكراد ساهموا في تطوير الثقافة الإسلامية أيضًا مثل "بديع الزمان الهمذاني"، وأيضًا في تطوير الثقافة العربية، مثل: أمير الشعراء أحمد شوقي، والزهاوي، والرصافي، وغيرهم، فكل هؤلاء كانوا يعملون كمسلمين ولم يعرف أحد منا أصلهم كأكراد إلا حديثًا.

ومن المعروف تاريخيًّا أن الدولة ابتداءً من شمال أفريقيا إلى النمسا كانت تحكمها الإمبراطورية العثمانية، والتي كانت في فترة انهيارها تسمى بـ "رجل أوروبا المريض"؛ حيث بدأت هذه الإمبراطورية العظيمة في التفكك والتنازل أمام إنجلترا وفرنسا وروسيا القيصرية، مما أعطى الفرصة لبعض القوميات غير التركية (العربية ـ والكردية ـ والأرمنية) في الثورة والانفصال عن الباب العالي.


ونجد أن تركيا لم تتخل بعد عن هذا الحلم، أي "حلم الدولة الطورانية"، والتي تبدأ من تركيا وحتى الصين قاضية تمامًا على أي تأثير خارجي، حتى لقد شنَّ كمال أتاتورك حربًا على الإسلام وأيضًا على الهوية العربية، وكان أولها إلغاء الكتابة بالحروف العربية "الهجائية العربية"، واستبدل بها الهجائية اللاتينية.
للامانة منقول للافادة
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top