السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تفصيلاتك عادية رحم الله من كتبها أو قالها من علمائنا فهناك اتفاق على كفر من لم يحكم بما انزل الله وانا مقتنع بهذا لكن اين تفصير الشروط التي على اساسها يكفر الحاكم فلم تذكر تفصيل اقامة الحجة ولا الجهل كعذر ولا الاكراه وغيرها وهذا كلام الشيخ بن عثيمين رحمه الله في شروط تكفير حكام المسلمين وعن تكفير بمن لا يحكم بما انزل الله فنحن نقر ذلك لكن بشروط فاتني بنقض هذه الشروط ان استطعت
جواب الشيخ محمد بن صالح العثيمين قاله في لقاء الباب المفتوح الشريط (51) :
"السؤال: هناك قضية تثار الآن حول ما يناط للتشريع العام فيما يحكم به الحكام، ويستدل أصحاب هذا الرأي بفتواكم حفظكم الله في المجموع الثمين بأن هذا الكفر وأنه واضح؛ لأنه تبديل لشرع الله، كذلك ينسب هذا إلى الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله. فالسؤال هنا: هل ترد موانع التكفير أو ما اشترطه أهل السنة والجماعة في إقامة الحجة على من حكم بغير ما أنزل الله تشريعاً عاماً؟
الجواب: كل إنسان فعل مكفراً فلا بد ألا يوجد فيه مانع التكفير، ولهذا جاء في الحديث الصحيح لما سألوه هل ننابذ الحكام؟ قال: [إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان] فلا بد من الكفر الصريح المعروف الذي لا يحتمل التأويل، فإن كان يحتمل التأويل فإنه لا يكفر صاحبه وإن قلنا إنه كفر.
فيفرق بين القول والقائل، وبين الفعل والفاعل، قد تكون الفعلة فسقاً ولا يفسق الفاعل لوجود مانع يمنع من تفسيقه، وقد تكون كفراً ولا يكفر الفاعل لوجود ما يمنع من تكفيره، وما ضر الأمة الإسلامية في خروج الخوارج إلا هذا التأويل، فالخوارج كانوا مع علي بن أبي طالب على جيش أهل الشام ، فلما حصلت المصالحة بين علي بن أبي طالب وأهل الشام خرجت الخوارج الذين كانوا معه عليه حتى قاتلهم وقتلهم والحمد لله، لكن الشاهد أنهم قالوا: حكمت بغير ما أنزل الله؛ لأنك حكمت البشر، فخرجوا عليه. فالتأويل الفاسد هو بلاء الأمة؛ فقد يكون الشيء غير كفرٍ فيعتقدها هذا الإنسان أنه كفر بواح فيخرج، وقد يكون الشيء كفراً لكن الفاعل ليس بكافر لوجود مانع يمنع من تكفيره، فيعتقد هذا الخارج أنه لا عذر له فيخرج. ولهذا يجب على الإنسان التحرز من التسرع في تكفير الناس أو تفسيق الناس، ربما يفعل الإنسان فعلاً فسقاً لا إشكال فيه، لكنه لا يدري، فإذا قلت: يا أخي! هذا حرام. قال: جزاك الله خيراً. وانتهى عنه. إذاً: كيف أحكم على إنسان بأنه فاسق دون أن تقوم عليه الحجة؟ فهؤلاء الذي تشير إليهم من حكام العرب والمسلمين قد يكونون معذورين لم تتبين لهم الحجة، أو بينت لهم وجاءهم من يلبس عليهم ويشبه عليهم. فلا بد من التأني في الأمر.
ثم على فرض أننا رأينا كفراً بواحاً عندنا فيه من الله برهان، وكلمة (رأينا) شرط، و[كفراً] شرط، و[بواحاً] شرط، و(عندنا فيه من الله برهان) شرط.. أربعة شروط:
فنقول: [أن تروا] أي: تعلموا يقيناً احترازاً من الشائعات التي لا حقيقة لها.
وكلمة [كفراً] احترازاً من الفسق، يعني: لو كان الحاكم فاسقاً فاجراً لكن لم يصل إلى حد الكفر فإنه لا يجوز الخروج عليه.
الثالث: [بواحاً] أي: صريحاً لا يتحمل التأويل، وقيل البواح: المعلن.
والرابع: (عندكم فيه من الله برهان) يعني: ليس صريحاً في أنفسنا فقط، بل نحن مستندون على دليل واضح قاطع.
هذه الشروط الأربعة شرط لجواز الخروج، لكن يبقى عندنا شرط خامس لوجوب الخروج وهو: هل يجب علينا إذا جاز لنا أن نخرج على الحاكم؟ هل يجب علينا أن نخرج؟ ينظر للمصلحة، إن كنا قادرين على إزالته فحينئذٍ نخرج، وإذا كنا غير قادرين فلا نخرج، لأن جميع الواجبات الشرعية مشروطة بالقدرة والاستطاعة. ثم إذا خرجنا فقد يترتب على خروجنا مفسدة أكبر وأعظم مما لو بقي هذا الرجل على ما هو عليه، لأننا خرجنا ثم ظهرت العزة له، صرنا أذلة أكثر، وتمادى في طغيانه وكفره أكثر، فهذه المسائل تحتاج إلى تعقل، وأن يقترن الشرع بالعقل، وأن تبعد العاطفة في هذه الأمور، فنحن محتاجون للعاطفة لأجل تحمسنا، ومحتاجون للعقل والشرع حتى لا ننساق وراء العاطفة التي تؤدي إلى الهلاك". أ.هـ
وهذا بيان حال السلف مع تكفير الحكام و شروط تكفيرهم
الرد على الشبهة من أربعة أوجه
الوجه الأول :
ليس كلّ من حكم بغير ما أنزل الله يكون كافراً ؛ إذ هناك تفصيلٌ في المسألة - من جهة النوع - , فليست هذه المسألة مكفِّرةً بإطلاق .
الوجه الثاني :
لا يُنكَر أنه قد يوجد من الحكام - في هذا الزمان - من وقع في الحكم بغير ما أنزل الله على صورته المُكفِّرة . ولكن الحاكم - وإن وقع في أمرٍ مُكفِّرٍ - فإنه لا يجوز تكفيره بعينه إلا بعد إقامة الحجة عليه .
لأن اعتقاد أهل السنة والجماعة يقضي بعدم تنزيل الأحكام على الأعيان إلا بعد إقامة الحجة على تلك الأعيان .لأنه قد يكون جاهلاً . . أو قد يكون متأوِّلاً . . أو قد يكون عنده مِن علماء السوءٍ مَن لبَّس عليه . . .إلى غير تلك الاحتمالات التي توجب التريُّث وعدم العجلة ؛
ولئن كانت الحدود تُدرأُ بالشبهات ؛ تالله إن الكفر لمن باب أولى .
وهنا السؤال :
هل أقيمت الحجة على كل حاكم بعينه بحيث يستطيع المُكفِّر الجزم بكفر ذلك المعين ؟
فإن دُعِيَ للخروج - مطلقاً- ؛ فـ
الوجه الثالث :
لا يُنكَر أنه قد يوجد من الحكام من وقع في الصورة المكفِّرة وقامت عليه الحجة المشروطة في المعين ؛
ولكن الخروج على الحاكم الكافر له شروط ؛ هي :
1. القدرة على إزاحة ذلك الكافر .
2. عدم ترتّب مفسدةٍ عُظمى .
3. إحلال مسلم مكانه .
فلا يجوز الخروج على الكافر ما لم تُستجمع هذه الشروط ؛
وإلا وجب الكفّ عن الخروج والصبر وسؤال الله تعالى الفرج .نُقولٌ على ما نَقول
بيان أنه لا يجوز التكفير بمسألة الحكم بغير ما أنزل الله على الإطلاق ؛ بل لا بدّ من تفصيل
إن القول بالتكفير مطلقاً بكلّ صورةٍ من صور الحكم بغير ما أنزل الله يلزم منه لوازم فاسدة ؛ وبيان هذا على النحو التالي :
المقدمة الأولى :
مسألة الحكم بغير ما أنزل الله لا تختصّ بالحاكم أو القاضي ؛ بل يدخل فيها كل من تولَّى الحكم بين اثنين ؛
لذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ( الفتاوى 18/170 ) :
« وكل من حكم بين اثنين فهو قاضٍ , سواءً كان : صاحب حربٍ , أو متولِّي دِيوان , أو منتصِباً للاحتساب بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , حتى الذي يحكم بين الصبيان في الخطوط ؛ فإن الصحابة كانوا يعدُّونه من الحكام » انتهى .
المقدمة الثانية :
المرء الواقع في أيّ معصيةٍ يصدُقُ عليه أنه حاكمٌ بغير ما أنزل الله ؛ فمثلاً : حالق اللحيةِ يكون كذلك ؛ لأن حُكْمَ اللهِ تعالى في اللحية ألاّ تُحلق , فمن ثَمّ كان الحالق قد حكَّم هواه في شأن نفسه ولم يأخذ بحكم الله تعالى .
اللازم الفاسد ( النتيجة ) :
فيلزم من هذا تكفير كلّ مَن وقع في المعصية ! كحالق اللحية في المثال السابق !
ولأجل فساد هذا الإطلاق فقد قال العلماء عن آية المائدة : « ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون » أن ظاهرها ليس بمرادٍ ؛ وأنه لا يجوز أخذها على إطلاقها :
قال ابن عبد البر - رحمه الله - ( التمهيد 17/16 ) :
« وقد ضلّتْ جماعة من أهل البدع من :الخوارج , والمعتزلة ,في هذا الباب فاحتجوا بآياتٍ من كتاب الله ليست على ظاهرها مثل قوله تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) » انتهى .
وقال العلامة أبوحيان الأندلسي - رحمه الله - ( البحر المحيط 3/493 ) :
« واحتجّت الخوارج بهذه الآية على أن كل من عصى الله تعالى فهو كافر , وقالوا : هي نصٌّ في كل من حكم بغير ما أنزل الله ؛ فهو كافر » انتهى .
وقال الخطيب البغدادي - رحمه الله - ( تأريخه 10/183 , ترجمة الخليفة المأمون , ترجمة رقم : 5330 ) :« أخبرنا أبو محمد يحيى بن الحسن بن الحسن بن المنذر المحتسب ,
أخبرنا إسماعيل بن سعيد المعدّل ,أخبرنا أبو بكر بن دريد ,أخبرنا الحسن بن خضر قال :سمعت ابن أبي دؤاد يقول :أُدخل رجلٌ من الخوارج على المأمون ,فقال : ما حملك على خلافنا ؟قال : آيةٌ في كتاب الله تعالى .
قال : وما هي ؟
قال : قوله : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) .
فقال له المأمون : ألكَ عِلْمٌ بأنها مُنزَلة ؟
قال : نعم ,
قال : وما دليلك ؟
قال : إجماع الأمة ,
قال : فكما رضيتَ بإجماعهم في التنزيل فارضَ بإجماعهم في التأويل ,
قال : صدقتَ , السلام عليك يا أمير المؤمنين » انتهى .بيان أنه ليس كل من وقع في الكفر يكون كافراً
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ( فتاواه 16/434 ) :
« فليس كل مخطيء كافراً ؛ لا سيما في المسائل الدقيقة التي كثر فيها نزاع الأمة » انتهى .
وقال - رحمه الله - ( فتاواه 12/466 ) :
« وليس لأحد أن يكفر أحداً من المسلمين وإن أخطأ وغلط ؛ حتى : تقام عليه الحجة ,
وتبين له المحجة ,ومن ثبت إسلامه بيقين لم يزُل ذلك عنه بالشكّ ؛ بل لا يزول إلا :
بعد إقامة الحجة , وإزالة الشبهة » انتهى .
وقال - رحمه الله - ( فتاواه 12/487 ) :
« . . . كلّما رأوهم قالوا : ( من قال كذا فهو كافر ) , اعتقد المستمع أن هذا اللفظ شامل لكلّ من قاله , ولم يتدبروا أن التكفير لـه شروط وموانع قد تنتفي في حق المُعَيّن , وأن تكفير المطلق لا يستلزم تكفير المُعَيّن إلا إذا وجدت الشروط وانتفت الموانع .
يُبيِّن هذا :
أن الإمام أحمد وعامة الأئمة الذين أطلقوا هذه العمومات لم يكفروا أكثر من تكلم بهذا الكلام بعينه » انتهى .
وقال - رحمه الله - عن مسائل التكفير ( فتاواه 23/348 ) :
« . . . ولكن المقصود هنا :
أن مذاهب الأئمة مبنية على هذا التفصيل بين النوع والعين . . . » انتهى .
وقال - رحمه الله - ( فتاواه 12/500 ) :
« . . . فتكفير المُعيّن من هؤلاء الجهال وأمثالهم بحيث يُحكم عليه بأنه من الكفار ؛ لا يجوز الإقدام عليه إلا بعد أن تقوم على أحدهم الحجة الرسالية التي يتبيّن بها أنهم مخالفون للرسل ؛ وإن كانت هذه المقالة لا ريب أنها كفر .
وهكذا الكلام في تكفير جميع المُعيّنين . . . » انتهى .
وقال الإمام الألباني - رحمه الله - ( الصحيحة ، تحت الحديث رقم : 3048 ) :
« ليس كل من وقع في الكفر - من المؤمنين - وقع الكفرُ عليه وأحاط به » انتهى .
فائدة :
شروط التكفير أربعةٌ , تقابلها أربعٌ من الموانع ؛ وهي :
1. توفر العلم وانتفاء الجهل .
2. وتوفر القصد وانتفاء الخطإ .
3. وتوفر الاختيار وانتفاء الإكراه .
4. وانعدام التأويل السائغ , والمانع المقابل له هو : وجود التأويل السائغ .بيان أن الخروج على الحاكم الكافر ليس على إطلاقه ؛ بل هو مشروطٌ
تقدم نقل كلام : الحافظ ابن حجر , والإمام ابن باز , والإمام ابن عثيمين , - رحمهم الله - ,
في الأصل الرابع من الأصول الأربعة التي في أول الكتاب , فراجعه إن شئت .وأختم الكلام على هذه الشبهة بنقل جانب من فتاوى اللجنة الدائمة في مسألة الحكم بغير ما أنزل الله
السؤال الثاني من الفتوى رقم ( 5226 ) , ( فتاوى اللجنة 2/141 ) :
س : متى يجوز التكفير ومتى لا يجوز ؟ وما نوع التكفير المذكور في قوله تعالى :
( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) ؟
الجواب :
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه . . وبعد :
أما قولك متى يجوز التكفير ومتى لا يجوز فنرى أن تبين لنا الأمور التي أشكلت عليك حتى نبين لك الحكم فيها .
أما نوع التكفير في قوله تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) أكبر , قال القرطبي في تفسيره : قال ابن عباس - رضي الله عنهما - ومجاهد - رحمه الله - : ومن لم يحكم بما أنزل الله رداً للقرآن وجحداً لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - فهو كافر . انتهى .
وأما من حكم بغير ما أنزل الله وهو يعتقد أنه عاصٍ لله لكن حمله على الحكم بغير ما أنزل الله ما يُدفع إليه من الرشوة أو غير هذا أو عداوته للمحكوم عليه أو قرابته أو صداقته للمحكوم لـه ونحو ذلك , فهذا لا يكون كفره أكبر ؛ بل يكون عاصياً وقد وقع في كفر دون كفر وظلم دون ظلم وفسق دون فسق . وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
عضو عضو نائب رئيس اللجنة الرئيس
عبد الله بن قعود عبد الله بن غديان عبد الرزاق عفيفي عبد العزيز بن عبد الله بن باز
السؤال الحادي عشر من الفتوى رقم ( 5741 ) , ( فتاوى اللجنة 1/780 ) :
س : من لم يحكم بما أنزل الله هل هو مسلم أم كافر كفراً أكبر وتقبل منه أعماله ؟
الجواب :
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه . . وبعد :
قال الله تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) وقال تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ) وقال تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ) لكن إن استحل ذلك واعتقده جائزاً فهو كفر أكبر وظلم أكبر وفسق أكبر يخرج من الملة ، أما إن فعل ذلك من أجل الرشوة أو مقصد آخر وهو يعتقد تحريم ذلك فإنه آثم يعتبر كافراً كفراً أصغر وظالماً ظلماً أصغر وفاسقاً فسقاً أصغر لا يخرجه من الملة كما أوضح ذلك أهل العلم في تفسير الآيات المذكورة . وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
عضو نائب رئيس اللجنة الرئيس
عبد الله بن غديان عبد الرزاق عفيفي عبد العزيز بن عبد الله بن باز