عن الروافض ، ومن كتبهم ، أتحدث :

د.سيد آدم

:: عضو مُتميز ::
إنضم
28 مارس 2014
المشاركات
787
نقاط التفاعل
472
النقاط
23
(1) :
توطئة :
ستكون ورقتنا هذه ، بشكل مجمل ، معتمدة على نصوص من كتاب الروافض " الكافي " حيث يمثل هذا الكتاب ، ومؤلفه هو الكُليني ، صورة لا يرضى عنها الجمهور الأكبر من المسلمين ، وهي من تصور الشيعة عامة ، والشيعة الإمامية خاصة ، لمسألتين من أدق ، وأهم ، المسائل لدى المسلمين كافة : القرآن الكريم كمالاً ونقصاناً ( !!! ) ، والصحابة رضي الله عنهم عدولاً أو متهمين ( !!! ) .
وهذان ، لعمرُك ، أصلان اثنان من أهم الأصول لدى كافة المسلمين ... أو يُفترض ذلك . ويعد من نقْص ، أو نقْض ، الاعتقادِ الكلامُ في " زيادة " أو " نقص " الأول ، و " اتهام " الثاني .
ولا شك أنه من معسّرات البيان في هذا الأمر مبدأ " التقية " الذي يختبيء وراءه الشيعة عامة ، والإمامية منهم خاصة !!! .
وأول كلامنا سوف يتناول : الإجابة عن ثلاثة أسئلة :
ما الإمامية ؟ ،
وما كتاب الكافي ؟ .
ومن الكليني ؟ .
يُتْبع ...
 
(1) :
وأول كلامنا سوف يتناول : الإجابة عن ثلاثة أسئلة :
ما الإمامية ؟ ،
وما كتاب الكافي ؟ .
ومن الكليني ؟ .

(2) :
ونحن حال نطرح هذه الأسئلة الثلاثة عن : الإمامية ، وكتاب الكافي ، ومؤلف كتاب الكافي ، فإنما نفعل ذلك حتى يأتي طرْحُنا ، ومن ثم نقْدُنا ، علمياً جاء ، فالطرح جاء من " كتبهم " ... بل ومن أحد أهم هذه الكتب إن لم يكن أهمها على الإطلاق ، ثم النقد يكون صحيحاً ، وسليماً ، حال يأتي على نصوص " أصلية " لا " ثانوية " .
- ما الإمامية ؟ :
هؤلاء هم " القائلون بإمامة علي ، رضي الله عنه ، بعد النبي صلى الله عليه وسلم بالنص الـ ظاهر الـ صريح . وحجتهم أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، " إنما بعث لرفع الخلاف وجمْع الكلمة ، فلا يجوز أن يفارق الأمة ويتركهم هملاً يرى كل واحد منهم رأياً ، ويسلك كل واحد منهم طريقاً لا يوافقه في ذلك غيره . بل يجب أن يعين شخصاً هو المرجوع إليه ، وينص على واحد هو الموثوق به والمعوَّل عليه . وقد عيّن علياً ، رضي الله عنه ، في مواضع تعريضاً ، وفي مواضع تصريحاً " ... هكذا زعمَ القومُ .
إن الإمامية تخطت هذه الدرجة إلى الوقيعة بين كبار الصحابة رضي الله عنهم ، طعناً وتكفيراً . وزعموا أنهم ( = الصحابة ) مرتدون مارقون ، ورموْهم بالظلم والعدوان واغتصاب الخلافة من عليّ رضي الله عنه وآل بيته "1.
ويقال لهم ، ( = الإمامية ) الاثنا عشرية ، ذلك لاعتقادهم في اثني عشر إماماً " معصوماً " : أولهم علي ، رضي الله عنه ، وآخرهم / خاتمهم محمد بن الحسن العسكري ، وهو " القابع في سرداب سامراء منذ القرن الرابع الهجري !!! بحسب اعتقادات القوم .
ويقال لهم ، أيضاً ، الجعفرية نسبة إلى جعفر الصادق رضي الله عنه . وهو : أبو عبد الله ، جعفر بن محمد الصادق . وهو ذو علم ، لا شك ، غزير ، سواء في الدين أو في الأدب ، ما يجعله " كامل الحكمة " ، كما أنه عُرف عنه الزهد في الدنيا ، والتورع عن الشهوات . أقام بالمدينة المنورة زمناً ، ثم قصدَ العراق ، فأقام بها ، أيضاً ، زمناً . الرجل لم يتعرض لمسألة الإمامة قط ، ما يعني أنه " لم ينازع أحداً في الخلافة " . والرجل منسوب ، من ناحية الأب ، إلى " شجرة النبوة " ، ومن جانب الأم ، منسوب إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه . أعلن الرجل تبرأه مما نسبه إليه " الغلاة " فأعلن البراءة منهم كرجال ، كما سبق وأعلن البراءة منهم كأفكار ، ولعنهم ... : " سئل أبا جعفر محمد بن علي ، وجعفر بن محمد عن أبي بكر وعمر ، فقالا : نتولاهما ؛ فقد كانا إماميْ هُدى . أيسب الرجل جده ؟ أبو بكر جدي ، لا نالتْني شفاعةُ محمدٍ ، صلى الله عليه وسلم ، يوم القيامة إن لم أكن أتولاهما ، وأبرأ من عدوهما "2 .
يطلق أهل السنة على القوم مسمّى الرافضة ، ذلك لأن " زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنهم ، لما ظهر في الكوفة في من بايعه من أصحابه ، أيامَ هشام بن عبد الملك ، سمع من بعضهم طعناً في في أبي بكرٍ وعمرَ رضي الله عنهم ، فأنكر ذلك على قائله ، فانصرف عنه من بايعه . فقال لهم : رفضتموني " .
والنص الفائت يبين أن القوم سُمّوا باسم الرافضة لأنهم رفضوا موقف زيدٍ من صحابيّ رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي بكر وعمر رضي الله عنهما .
لكن ، نشير إلى أنه ليس كل من بايع زيداً انصرف عنه ؛ فقد بقي معه منهم عدد قليل ، قاتلوا معه إلى أن قُتل3 .
والقوم يكرهون ، ولا يُقرون ، هكذا تسمية ، بل وينكرونها ! وهم لم يثبتوا / يتفقوا ، على رأي واحد ، في شأن " تعيين " الأئمة بعد كل من الحسن والحسين وعلي بن الحسين ... : " إن نيّفاً وسبعين فرقة من الفرق المذكورة ، هو في الشيعة خاصة " .
لكنهم متفقون على " سوق الإمامة إلى جعفر بن محمد الصادق " ثم يختلفون ، ثانيةً ، في من تم النص عليه من أولاده من بعده .
وتتلخص عقائد القوم في الآتي :
- يعتقدون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، إلا القليل منهم4 .
- يعتقدون أن لا أحدَ يدين بدين إبراهيم ، عليه السلام ، إلا هم و " شيعتهم "5 .
- يعتقدون أن " الناس كلهم أولاد زنى " إلا هم و " شيعتهم "6 .
- يعتقدون أن المصحف " زِيدَ فيه ، وانتُقِص منه " ، وأن الصحابة ، رضي الله عنهم ، قد كتموا النصوص ذات التعلق بخلافة علي رضي الله عنه .
---
1- الشهرستاني : الملل والنحل ج1 ص161
2- الحافظ المزي : تهذيب الكمال ج5 ص80 ، والبيهقي : الاعتقاد ص 358
3- جاء في الكافي ... ص1935 : " أن رجلاً قال لأبي عبد الله : جُعلتُ فداك ، فإنا نُبزناً نبزاً ( = اللقب يُشعِر بالذم ) انكسرت له ظهورنا ، وماتت له أفئدتنا . فقال أبو عبد الله : الرافضة ؟ . قال : نعم . قال : لا والله ، ما سموكم به ، لكن الله سماكم به " .
4- روضة الكافي ص341 رواية رقم 2115 ، 455
5- نفسه ص2088 رواية رقم 359
6- نفسه ص2109 رواية رقم 431
يُتْبع ...
 
(1) :
وما كتاب الكافي ؟ .

(3) :
- ما كتابُ الكافي ؟ :
هو أحد الكتب الأربعة ذات التواتر عند الشيعة ، وفيه جمعٌ غير قليل من الأحاديث المروية بأسانيد القوم .
وهذه بعض الأقوال المادحة في الكتاب :
- الشيخ المفيد ... : " الكافي من أجلّ كتبِ الشيعة وأكثرها فائدةً " .
- محمد بن مكي ، وهو يجيز ابن الخازن ، ... : " كتاب الكافي في الحديث الذي لم يعمل الإمامية مثله " .
- علي بن عبد العالي الكركي ، وهو يجيز القاضي صفي الدين عيسى ، ... : " الكتاب الكبير في الحديث المسمّى بالكافي الذي لم يُعمل مثله . قد جمع من الأحاديث الشرعية ، والأسرار الدينية ، ما لا يوجد في غيره مثلُه " .
- الفيض الكاشاني ... : " الكافي أشرفُها ، وأوثقُها ، وأتمُّها ، وأجمعُها ، لاشتماله على الأصول من بينها ، وخلوه من الفضول وشينها " .
- المجلسي ... : " كتاب الكافي أضبَطُ الأصول ، وأجمعُها ، وأحسنُ مؤلفات الفرقة الناجية وأعظَمُها " .
- محمد أمين الأسترآبادي ... : " وقد سمعنا من مشايخنا ، وعلمائنا ، أنه لم يُصنَّفْ في الإسلام كتابٌ يوازيه ، أو يدانيه " .
ويزعم القوم أن الكتاب قد " عُرضَ على القائم ( = المهدي المنتظر عند القوم ) ، فاستحسنه ، وقال : هذا كافٍ لشيعتنا " .
وحديثاً ، نُقدتْ ، وبيد بعض رجالات القوم ، محتوياتُ الكتاب ، وكانت النتيجة كالآتي :
- أحدهم : ثلثا الروايات : ضعيف .
- وآخر : الصحيح : خمسة آلاف ، واثنان وسبعون حديثاً ، والحسن : مائة وأربعة وأربعون حديثاً ، والموافق : ألف ومائة وثمانية وعشرون حديثاً ، والقوي : ثلاثة مائة وحديثان ، والضعيف : تسعة آلاف وأربعة مائة وخمسة وثمانون حديثاً .
لكن القوم ، وبرغم ما سبق ، يعودون فيقولون " إن اتّصاف هذا المقدار من مرويات الكافي بالضعف ، لا يعني سقوطها بكاملها عن درجة الاعتبار ، أو عدم الاعتماد عليها في أمور الدين ؛ ذلك لأن وصف الرواية بالضعف ، من حيث سندها ، وبلحاظ ذاتها ، لايمنع من قوتها من ناحيةٍ ثانية كوجودها في أحد الأصول الأربعمائة ، أو في بعض الكتب المعتبَرة ، أو موافقتها للكتاب والسنة ، أو لكونها معمولاً بها عند العلماء . فقد نص أكثر العلماء على أن الرواية الضعيفة إذا اشتُهر العمل بها ، والاعتماد عليها ، تصبح كغيرها من الروايات الصحيحة . وربما تترجّح عليها في مقام التعارض " .
و ... :1 " تصحيح السند شيء ، وتصحيح الرواية شيء آخر . وليس كل رواية يُحكَم عليها بضعف السند لأجل ضعف الراوي ، أو الجهل بحاله . وقد تكون ، هناك ، قرائن خارجية ، أو داخلية ، على صحة الرواية وصدورها من المعصوم . وبناءً على ذلك ، يكون الحُكم بصحة رواية ، أو ضعفها ، من شؤون الفقيه المجتهد الذي له اطلاع واسع ، وإلمام كبير ، وخبرة عالية ، بكثير من العلوم التي هي دخيلةٌ في ذلك ، كعلم الحديث ، وعلم الرجال ، وعلم أصول الفقه ، وعلم الفقه ، وعلم التفسير ... وغيرها . لذلك ننصح بترك البتّ في تصحيح الروايات إلى أهل الخبرة من الفقهاء والمُحدّثين ، وعلى هذا الأساس من الطبيعي أن يحصل الاختلاف بين العلماء ، لأن ملاك تصحيح الروايات تختلف عندهم ، كما أن درجات العلم والخبرة والممارسة مختلفة . وعلى العموم ، فكتاب الكافي من الكتب المعتبرة ، بل هو أتم كتاب روائي عند الإمامية ، وأغلب روايته محكومة بالصحة . وقد أشار المؤلف الكريم إلى ذلك في ديباجة الكتاب ، وقد نقل عنه الإمام الحجة أنه قال : " الكافي كافٍ لشيعتنا " . ومن الخطأ إفراز الروايات الصحيحة عن غيرها لِما ذكرنا من أن ملاك التصحيح ليس مجرد وثاقة الراوي ، بل لابد من ملاحظة كل الجهات التي توجب صحة الرواية ، والقطع بصدورها عن المعصوم "2 .
... :3 " إن الثناء ، والتمجيد ، الذي سمعته عن كتاب " الكافي " في كلمات العلماء الأعلام يعود إلى جلالة مؤلفه وحرصه على تدوين ما صح عنده من آثار الرسول صلى الله عليه وسلم . وأما تصنيف العلماء المتأخرين لجملةٍ من مروياته ، فلا يقدح في مكانته ، أو التقليل من شأنه ، إذ ينبغي الملاحظة أن للتضعيف ، والتصحيح ، معنيين عند الإمامية : أحدهما عند المتقدمين ، ويمثلهم الشيخ الكُليني ومن في طبقته . والثاني : عند المتأخرين ، ويمثلهم العلّامة الحِلّي ومن في طبقته . ومعنى الصحيح عند المتقدمين هو القبول بالحديث والعمل به لاحتفائه بقرائن تدل على صحة صدوره . وهذا عندهم بغض النظر عن وثاقة رواة السند . أما المتأخرون فهم لا يرون الحديث صحيحاً إلّا إذا ثبت عندهم وثاقة رواته بالخصوص . والسر في ذلك هو الابتعاد زمناً عن عصر صدور النص ، إضافةً إلى غياب القرائن التي يمكن لها أن تفيد الاطمئنان بالصدور في قبول الحديث وعدمه . لذا فإن ما سمعتموه من التضعيف لأحاديث الكافي إنما كان باصطلاح المتأخرين دون المتقدمين الذين كتب الشيخ الكليني كتابه على منوالهم وصرّح في بداية كتابه بأنه ذكر فيه الآثار الصحيحة عن الصادقين ليُعمل بها " .
وللمجلسي ، وهو أحد رجال الفريق الذي قام بتحقيق الكافي ، قولٌ يعلق به على واحدةٍ من روايات التحريف في الكافي ... : " ولا يخفى أن هذه الأخبار ، وكثيراً من الأخبار ، صريحة في نقص القرآن القرآن وتغييره . وعندي أن هذه الأخبار متواترة معنىً . وطرحُ جميعها يوجب رفع الاعتماد على الأخبار رأساً . بل ظني أن الأخبار في هذا الباب لا تقصر عن أخبار الإمامة ، فكيف يثبتونها "4 .
عامةً ، الكتاب يقول جمهور الإمامية بوثوق رواياته ، وأن ضعف بعض أسانيد هذه الأحاديث ليس يقدح في صحتها والعمل بها عند القوم .
---
1- عن السيد جعفر علم الهدى .
2- www.rafed..net .
3- عن مركز الأبحاث العقائدية .
4- الشيخ المجلسي : مرآة العقول في شرح أحاديث الرسول ج12 ص525 نقلاً عن :
http://rafed.net/books/olom-quran/nafe-tahref/a04.html لكن ، وللأمانة العلمية ، هناك أقوال تقف على جهة غير تلك ، منها ما قاله " الشيخ الصدوق " محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابَوَيه ... : " اعتقادنا أنّ القرآن الذين أنزله الله على نبيّه صلّى الله عليه وآله وسلّم هو ما بين الدفّتين وما في أيدي الناس ، ليس بأكثر من ذاك ... ومن نسب إلينا أنّا نقول إنّه أكثر من ذلك ، فهو كاذب " . ما يدل ، بقول أحدهم ، على أنه " لو كانت أحاديث النقيصة صحيحة ومقبولة ، لما قال الصدوق ذلك " .
يُتْبع ...
 
[FONT=&quot]موضوع [/FONT][FONT=&quot]رررآئع [/FONT][FONT=&quot]
رفع آلله قدرگي فى آلدآرين
وآچزآ لگي آلعطآء
شگرآ لطرحگي آلمميز
وآنتقآئگي آلهآتف
چعله آلمولآ فى موزين حسنآتگي
پورگت چهودگي[/FONT]
 
(1) :
ومن الكليني ؟ .
(4) :
- من مؤلف الكافي ؟ :
هو محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي ، المعروف بـ السلسلي البغدادي أبو جعفر الأعور .
ينتسب الرجل إلى بيت في كُلَين .
كان شيخ الشيعة الإمامية في زمانه بالري .
انتقل لبغداد وسكن في " درب السلسلة " ( لهذا كان من ألقابه السلسلي ) بباب الكوفة . تكلم في الحديث ، وذلك بدءاً من العام 327هـ .
انتهت إليه " رئاسة " فقهاء الشيعة الإمامية في فترة حكم الخليفة المقتدر .
أثنى عليه غير واحد من الطائفة :
• النجاشي : ... : " شيخ أصحابنا في وقته بالري ، ووجههم . كان أوثق الناس في الحديث ، وأثبتهم " .
• الطوسي : ... : " ثقةٌ ، عالمٌ بالأخبار " .
• رضي الدين ، ابن الطوسي : ... : " الشيخ المتفق على ثقته وأمانته " .
مات الرجل العام 329 هـ .
---
الدراسة :
أولاً : موقف الشيعة الإمامية من القرآن الكريم . ( مرويات الكافي في التفسير ) :
يُتْبع ...
 
(4) :
أولاً : موقف الشيعة الإمامية من القرآن الكريم . ( مرويات الكافي في التفسير ) :
(5) :
أولاً : موقف الشيعة الإمامية من القرآن الكريم . ( مرويات الكافي في التفسير ) :
القرآ ن الكريم هو : ( كتاب الله تعالى المنزّل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بلفظه ومعناه ، وقد نُقل إلينا متواتراً قطعيّ الثّبوت ، مكتوباً في المصاحف ، صحيحاً غير محرّف ، ولا مبدّل ، من أول سورة " الفاتحة " إلى نهاية سورة " الناس " ) .
والقرآن الكريم هو " الأصل الأول عند جميع المسلمين بجميع طوائفهم ونِحَلِهم ، لا يجادل في ذلك مجادل ، ولا يماحل فيه مماحل . حتى الطائفة الإمامية تقر بذلك ، وتصرح به في جُلّ مصادرها ومراجعها وأدبياتها " .
لكن هؤلاء يخالفون جمهور المسلمين في مسألتين :
الأولى ، حقيقة هذا القرآن ، ومقداره ، وحَدّه .
الثانية ، تفسيره ولفظه .
• موقف الشيعة الإمامية من القرآن : جمعه ، وحده ، ومقداره :
في الجملة ، قام اختلاف كبير في الروايات المنسوبة لـ الأئمة المعصومين1 ، فيما له تعلق بحقيقة القرآن وحَدّه .
لكن ، وعلى الوجه الآخر ، قام اتفاق بين القوم على أن " القرآن الذي بين أيدينا ليس هو كل القرآن الذي أنزله الله على رسوله صلى الله عليه وسلم . فقد دخله التحريف والنقص "2 .
والقوم يواجهون هذا القرآن بـ : مصحف السيدة فاطمةَ رضي الله عنها ، كذا بمصحف علي بن أبي طالب .
... : " إن القرآن الذي جاء به جبريل ، عليه السلام ، إلى محمد صلى الله عليه وسلم ، سبع عشرة ألف آية "3.
هذا هو مقدار القرآن عندهم !!! لكن المعلوم ، عند جمهور المسلمين ، أن القرآن الذي بين أيدينا ، وارتضاه جمهور المسلمين مجمعين عليه منذ عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه ، آياته هي ست ألاف ومائتي آية وكسر4 . ما يعني أن ما يدعيه القوم قرآناً يزيد على القرآن الذي بين أيدي جمهور المسلمين بأكثر من عشر ألف آية . وهذا القدر يمثل ، بالضبط ، الثلث .
ذلك ، غير الزيادات التي سيزيدها القوم داخل الآيات نفسها .
والسؤال الآن : أين ذهبت هذه الزيادات المزعومة ؟ . ومن أخفاها عنا ، نحن المسلمين ، طيلة هذه القرون الطويلة ؟ .
هذا السؤال يأخذنا إلى ما يعرف عند القوم بمصحفين : مصحف فاطمة ، ومصحف علي رضي الله عنهما .
1- مصحف فاطمة رضي الله عنها :
---
1- ترى / تعتقد الشيعة الإمامية عصمةَ الأئمة الاثني عشر : علي بن أبي طالب ، والحسن ، والحسين ، وعلي بن الحسين ، ومحمد بن علي ، وجعفر بن محمد ، وموسى بن جعفر ، وعلي بن موسى ، ومحمد بن علي ، وعلي بن محمد ، والحسن بن علي ، ومحمد بن الحسن ... وهو المنتظر . كما يعتقد القوم أن هؤلاء الأئمة بمنزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بفارق أنهم ليسوا أنبياء ، ولا يحل لهم من النساء ما حُل للنبي . وأما ما خلا ذلك ، فالقوم يرون أن الأئمة بمنزلة الرسول صلى الله عليه وسلم . الكافي ص195
2- القاضي عبد الجبار : شرح الأصول الخمسة ص601 ، القاضي عبد الجبار : المغني في أبوب التوحيد والعدل ج16 " إعجاز القرآن " ص154
3- أصول الكافي ، فضل القرآن ، باب النوادر ص826 . وهو ، عند القوم ، حديث " موثوق ، وخبر صحيح " مرآة العقول ج12 ص525
4- الزركشي ، البرهان في علوم القرآن ج1 ص249 ، وأيضاً : الزركشي : مناهل العرفان في علوم القرآن ج1 ص237
يُتْبع ...

 
1- مصحف فاطمة رضي الله عنها :

(6) :
1- مصحف فاطمة رضي الله عنها :
نقرأ في الكافي باباً ، جاء عنوانه " باب في ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة " ، ذُكِرَ فيه ... : " إن الله لما قبض نبيه صلى الله عليه وسلم ، دخل على فاطمةٌ ، رضي الله عنها ، من وفاته ، من الحزنِ ما لايعلمه إلا الله عز وجل ، فأرسل إليها مَلَكاً يسلّي عنها ويحدّثها . فشكتْ ذلك إلى أمير المؤمنين رضي الله عنه 1 ، فقال : إذا أحسستِ بذلك ، وسمعتِ الصوتَ ، قولي لي . فأعلمتْه بذلك ، فجعل أمير المؤمنين ، رضي الله عنه ، يكتب كل ما سمع ، حتى أثبتَ من ذلك مصحفاً "2 .
إذا ، فنحن ، من ثم ، أمام رواية تبين " حقيقة " ما يعرف عند القوم بـ مصحف فاطمة ، كذا السبب الذي قد كان وراء كتابته ، كذا الكيفية التي تمت بها الكتابة ، ومَن الكاتب .
أما محتوى هذا المصحف ، ففيه اختلاف بين القوم ؛ فبعض الروايات تذكر أنه " يختلف عن المصحف الذي بين أيدينا اختلافاً كلياً " . بل " ليس فيه من قرآننا حرف واحد " ... : 3 " وإن عندنا لمصحف فاطمة . وما يدريهم ما مصحف فاطمة ؟ . سئل : وما مصحف فاطمة ؟ . قال : مصحفٌ فيه مثل قرآنكم ثلاث مراتٍ . والله ما فيه من قرآنكم حرفٌ واحد "4 .
وهاك شيئاً مما هو في مصحف فاطمة المختلف عن المصحف القائم بين أيدينا :
- أسماء جميع ملوك الأرض5 .
- وصية فاطمة رضي الله عنها6 .
- أسماء الزنادقة ، وعلم ما يكون7 .
لكن هناك أقوالاً تقول إن بمصحف فاطمة بعضاً من سور القرآن القائم بيننا وآياته ، وإنْ كانت بزيادة ، أو زيادات هنا أو هناك .
... :8 ( عن أبي بصير ) " ثم أتى الوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : " سأل سائلٌ بعذابٍ واقع ، للكافرين ( بولاية علي ) ليس له دافع ، من الله ذي المعارج " . قلت ( أبو بصير ) : جُعلتُ فداك ، إنا لا نقرأها هكذ . فقال : هكذا والله نزل بها جبرئيل على محمد صلى الله عليه وسلم . وهو ، والله ، مثبت في مصحف فاطمة رضي الله عنها "9 .
نحن ، إذاً ، أمام تصريحٍ واضح بأن مصحف فاطمة مشتمل على بعض سور القرآن وآياته ، وهذا ، كما هو واضح ، مخالف ، بل قل مناقض ، لروايات القوم التي تقول إنه لا وجوداً ولو لحرف واحد من القرآن الذي هو بيد أيدي الجمهور من المسلمين ... : 10 " دفع إليّ أبو الحسن مصحفاً ، وقال : لا تنظرْ فيه . ففتحتُه وقرأتُ فيه " لم يكن الذين كفروا " فوجدت فيها اسم سبعين رجلاً من قريشٍ بأسمائهم وأسماء آبائهم . قال : فبعث إليّ أن أبعثْ إليّ بالمصحف "11 .
وفي هذه الرواية نلاحظ " عدم الأمانة " ؛ فقد كان الطلب " لا تنظرْ فيه " لكن المأمور يقول : " ففتحته " !!! ، كما نجد ذِكَرَ سورةِ البيّنة ، مع زيادة اشتمالها على أسماء لسبعين رجلاً من قريش . وهذا مخالف لما وهو موجود في المصحف القائم بيننا .
كما أن بهذه الرواية ذِكراً للمصحف ، ولم يذكر أنه مصحف فاطمة ، إلا أن قراءة الروايات الأخرى تعطينا أدلة على أن هذا المصحف هو المصحف المنسوب للسيدة فاطمة رضي الله عنها .
2- مصحف عليٍّ رضي الله عنه :
---
1- سؤال : إذا كان المَلك جاء لـ يسليها ويحدثها ، فلمَ الشكوى لعلي رضي الله عنه ؟ !!! .
2- أصول الكافي ، كتاب الحجة ، باب في ذِكر الحجة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة ص172 وما بعدها ، الرواية رقم 2.
3- أخرج النص الكُليني عن أبي بصير عن أبي عبد الله أنه قال هذا النص .
4- السابق ص172 الرواية رقم 1
5- السابق ، ص174 الرواية رقم 8
6 السابق ، ص173 الرواية رقم 4
7 السابق ، ص172 ، 173 الرواية رقم 2
8- أخرجه الكافي عن أبي بصير في حديث طويل ، والمذكور أعلاه آخر هذا الحديث .
9- روضة الكافي ، كتاب الروضة ص1968 ، 1969 الرواية رقم 18
10- عن أبي نصر .
11- أصول الكافي ، كتاب فضل القرآن ، باب النوادر ص824 الرواية رقم 17
يُتْبع ...
 
2- مصحف عليٍّ رضي الله عنه :

(7) :
مصحف عليٍّ رضي الله عنه :
من اعتقادات الشيعة الإمامية أنه لم يجمع القرآن الكريم ، ويحفظه ، ككل ، إلا علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ثم الأئمة من بعده ... : 1" ما ادّعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله كما أُنزل إلا كذبَ ، وما جمعه وحفظه كما نزّله الله تعالى إلا علي بن أبي طالب والأئمة من بعده "2 .
... : 3" قرأ رجلٌ على أبي عبد الله ، وأنا أستمع ، حروفاً من القرآن ليس على ما يقرأها الناس . فقال أبو عبد الله : كُفّْ عن هذه القراءة . اقرأْ كما يقرأ الناس حتى يقوم القائم ، فإذا قام القائم قرأ كتاب الله عزّ وجل على حَدّه . وأخرج المصحف الذي كتبه عليّ ، وقال : أخرجه عليٌّ إلى الناس حين فرغَ منه وكتبه ، فقال لهم : هذا كتاب الله عز وجل كما أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم . وقد جمعتُه من اللوحين . فقالوا : هو ذا عندنا مصحف جامع فيه القرآن ، لا حاجةَ لنا فيه . فقال : أما ، والله ، ما ترونه بعد يومكم هذا أبداً ، إنما كان عليَّ أن أخبركم حين جمعتُه لتقرؤوه "4 .
و ... من غير " الكافي " ، وبشأن بيان بعض الحروف المزعومة نسبةً لمصحف علي ، والتي أُمر القومُ أن يكفوا عن قراءتها تقيةً وخوفاً من " غضب " أهل السنة ... : 5 " والله ، ما كنّى الله في كتابه حتى قال " يا ويلتا ، ليتني لم أتخذ فلاناً خليلاً " . وإنما هي في مصحف علي " يا ويلتا ليتني لم أتخذ الثاني خليلا " وسيظهر يوماً " 6 .
لكن سؤالنا الآن : هل مصحف عليٍّ ، المزعوم لدى القوم ، هو نفسه مصحف فاطمة الذي يدعيه القوم أيضاً ؟ . أم أنهما متباينان ؟ .
لكن الواضح أن المصحفين متباينان ... للآتي :
- أن مصحف فاطمة كتبه عليّ بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، من حديث الملك الذي كان يأتي فاطمةَ لـ يسليها ويحدثها كما يقول القوم . بينما مصحف عليٍّ هو منزّلٌ من عند الله على محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو من إملاء رسول الله7 ... ويؤكد هكذا رأي ما جاء في إحدى الروايات من أن القرآن " لم يجمعه كله كما أُنزل إلا علي رضي الله عنه " .
- ورود ذِكْر المصحفين في روايات الكافي ، وغيره ، ولو كانا مصحفاً واحداً لاقتصروا على ذكر أحدهما دون الآخر .
إذاً ، لنا أن نخلُص إلى الآتي :
1- اعتقاد الشيعة الإمامية أن المصحف الذي بين أيدي جمهور المسلمين لا يمثل سوى ثلث القرآن الذي أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم ... وذلك حال تكلموا " عن معصوميهم " .
2- اعتقادهم أن هذا الثلث الباقي ، وهو الذي بأيدي جمهور المسلمين ، تم حذف الكثير منه ، خاصة ما له تعلق بولاية عليٍّ رضي الله عنه وأولاده . كذا ما له تعلق بانتقاص اعدائهم الذين هم : سائر الصحابة رضي الله عنهم . وسنؤجل الكلام في هذه الجزئية في الجزء ذي التعلق بموقف الشيعة الإمامية من الصحابة .
3- اعتقادهم بوجود مصحف نسبوه إلى السيدة فاطمة رضي الله عنها ، مع اختلافٍ في الروايات حول اشتماله على شيء من القرآن من عدمه .
4- اعتقادهم بوجود مصحف آخر منسوب لعلي بن أبي طالب ، كتبه إملاءً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأخرجه للصحابة8 ، ويقول القوم إنه لما رفض الصحابة هذا المصحف ، أخفاه علي ، ويبررون ذلك بـ " انتظار ظهور القائم المنتظَر " .
5- اعتقادهم بـ " سرية " هذين المصحفين ، مصحف فاطمة ، ومصحف علي ، بحيث لا يجوز " النظر " فيها إلا للأئمة . كما تقوم دعوى لدى القوم بضرورة " حث " الأتباع على إظهار الإيمان بالمصحف الذي بين أيدي جمهور المسلمين انتظاراً لظهور القائم المنتظر . وقتها سيقوم هو ، بنفسه ، بإخراج هذا المصحف كاملاً كما أُنزلَ من الله تعالى ، بحسب دعواهم ذات التعلق . لذا نقرأ عندهم ما ينسبونه إلى أبي الحسن موسى بن جعفر أنه قال : " اقرأوا كما تعلّمتم ، فسيجئيكم من يُعلّمُكم "9 .
لكن هذا الأمر يعني أن أمة الإسلام بقيت قروناً طويلة ، وحتى ساعته وتاريخه ، لا تعرف قرآن ربها الكامل الصحيح الذي أنزله الله إليها على نبيه علىه الصلاة والسلام ، لتهتدي به في حياتها وآخرتها . فهل يمكن لأحد ، كائناً من كان ، أن يمنع الناس من الاهتداء بكتابٍ هو أُنزلَ ، في الأصل ، ليهديهم ويُتلى ويُتعبد به ؟ ، ثم هذا الأحد يخفي هذا الكتاب الإلهي عنده قروناً طويلة ، ويتسبب بأسباب لا تُقَر ؟ . ومهما كانت هذه الأسباب ، يبقى السؤال السابق قائماً . إن القوم يؤخرون " إظهار " هذا المصحف لحين عودة الغائب ، ذلك الذي لا ندري أيعود أم لن يعود ... فضلاً عن عدم درايتنا بالأساس : أموجودٌ هو أم غيرُ موجودٍ ؟؟؟ !!! . وهل سيخرج أم لا !!!.
• موقف الشيعة الإمامية من القرآن الكريم : من جهة المعاني والألفاظ :
---
1- رواية الكليني عن أبي جعفر .
2- كتاب الحجة ، باب أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة ص165 الرواية رقم 1
3- أخرجه الكليني عن سالم بن سلمة .
4- كتاب فضل القرآن ، باب النوادر ص825 الرواية رقم 24
5- عن أبي عبد الله .
6- بحار الأنوار ج24 ص18 والثاني يقصد به القومُ عمرَ بن الخطاب رضي الله عنه . والقول " سيظهر يوماً " يقصدون به مصحف علي رضي الله عنه .
7- جاء في بحار الأنوار ج26 ص40 عن أبي عبد الله أن مصحف فاطمةَ ،من إملاء رسول الله صلى الله عليه وسلم " . وواضح أن هذا الرأي مناقض للروايات الأخرى الكثيرة التي ذَكرتْ أن كتابة هذا المصحف كانت بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم .
8- جاء في بحار الأنوار ج26 ص40 عن أبي عبد الله أن مصحف فاطمة هو ، أيضاً ، من إملاء الرسول . وواضح تناقض هذا القول مع الروايات الأخرى التي تقول إن كتابة مصحف فاطمة تمت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم .
9- أصول الكافي ، كتاب فضل القرآن ، باب في أن القرآن يُرفع كما أُنزل . ص817 الرواية رقم 2
يُتْبع ...
 
السلام عليكم
بارك الله فيك وجعل لك بكل حرف حسنة
تقبلوا تحياتي
 
• موقف الشيعة الإمامية من القرآن الكريم : من جهة المعاني والألفاظ :

(8) :
1- بالنسبة للمعاني ، فالقوم يعتقدون أن للقرآن ظاهراً وباطناً ؛ فالظاهر هو " ما يشترك في علمه ، وإدراكه ، عامة الناس من علم الحلال والحرام " ، والباطن هو " ما يختصون هم بعلمه مما يتعلق بالولاية والإمامة " ... : 1" ما يسطيع أحد أن يدّعي أن عنده جميعَ القرآن كله ظاهره وباطنه غير الأوصياء "2 .
وما قاله القوم بشأن اختصاصهم بمعرفته من " المعاني " يكتمونه ولا يجيزون إظهاره انتظاراً لظهور الـ قائم ... وذلك " في آخر الزمان " !!! ... : " سئل أبو جعفر : وما يكفيهم القرآن ؟ قال : بلى ، إن وجدوا له مفسراً . قيل : وما فسّره رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : بلى ، قد فسّره لرجل واحد ، وفسّر للأمة شأن ذلك الرجل ، وهو علي بن أبي طالب رضي الله عنه . قيل : يا أبا جعفر ، كأن هذا أمر خاصٌ لا يحتمله العامة ؟ قال : أبى الله أن يعبد إلا سراً حتى يأتي إبّان أجله الذي يظهر فيه دينه كما أنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع خديجة مستتراً حتى أُمر بالإعلان . قيل : ينبغي لصاحب هذا الدين أن يُكتَم ؟ قال : أو ما كتم علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، يوم أسلمَ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ظهر أمره ؟ قيل : بلى . قال : فكذلك أمرُنا حتى يبلغ الكتاب أجله "3 .
وأمام هذه الرواية المنسوبة لأبي جعفر رضي الله عنه ، ما يبين تعاملَ القوم مع مجتمعات المسلمين ليس الآن فقط ، بل منذ عهد الصديق رضي الله عنه : لجوءٌ للسرية و " التقية " وكأننا بعهد كفار قريش الطالب لهكذا سرية ولهكذا تقية ، ذلك انتظاراً لظهور " قائمهم " المنتظَر الذي ، كما يقولون " سيحكم البلاد " و " يرفع التقية " .
أما فيما له تعلق بكلام القوم بشأن الظاهر والباطن ، فلدينا روايةٌ يفسر بها " أئمتهم " قول الله تعالى " قل إنما حرّم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن " بـ " إن القرآن له ظهرٌ وبطن ؛ فجميع ما حرّم الله في القرآن هو الظاهر ، والباطن من ذلك أئمة الجور . وجميع ما أحلّ الله تعالى في الكتاب هو الظاهر . والباطن من ذلك أئمة الحق "4 .
وأئمة الجور ، حسب تفسير القوم ، داخلٌ فيهم " دخولاً أولياً " الصدّيق أبو بكر ، والفاروق عمر رضي الله عنهما . ثم كل من ولي من غير أئمة القوم ... كذا قالوا في تفسير قول الله تعالى ، كدعوى أنه من الباطن الذي لا يعلمه إلا أئمتهم ، ما يروونه عن أبي جعفر " ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله " : " هم ، والله ، أولياء فلانٍ وفلان . اتخذوهم أئمةً دون الإمام الذي جعله الله للناس إماماً . فلذلك قال " ولو يرى الظالمون إذ يرون العذاب ... وما هم بخارجين من النار " هم ، والله ، أئمة الظلم وأشياعُهم "5 .
وقول القوم " هم أولياء فلانٍ وفلانٍ " يُقصد به أبو بكر وعمرُ رضي الله عنهما . وتلك عادة القوم في التعبير عن هذين الصحابيين الجليلين6 .
وبمثل هذه الطريقة يتم تفسير القرآن الكريم على أساس عقيدة " باطن القرآن " ... ومن أمثلة ذلك :
- ... : 7 " سألت الرضا ، فقلت : جُعلتُ فِداك " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " فقال : نحن أهل الذكر ، ونحن المسؤولون "8 .
- وعن أبي جعفر ، في قوله تعالى " هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون ، إنما يتذكر أولو الألباب " قال : إنما نحن الذين يعلمون ، والذين لا يعلمون عدونا ، وشيعتنا أولو الألباب "9 .
- وعن أبي عبد الله ، في قوله تعالى " بل هو آيات في صدور الذين آمنوا " قال : هم الأئمة خاصة "10 .
- وعن أبي جعفر ، برواية الكليني ، في تفسير قوله تعالى " يوم ندعو كل أناس بإمامهم " قال المسلمون المسلمون : يا رسولَ الله ، ألستَ إمام المسلمين كلهم أجمعين ؟ قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنا رسول الله إلى الناس أجمعين ، ولكن سيكون من بعدي أئمةٌ على الناس من الله من أهل بيتي يقومون في الناس فيُكَذّبون ، ويظلمهم أئمة الكفر والضلال وأشياعهم ، فمن والاهم ، واتبعهم ، وصدقهم ، فهو مني ، ومعي ، وسيلقاني . ألا ومن ظلمهم ، وكذّبهم ، فليس مني ، ولا معي ، وأنا منه بريء "11 .
وبطبيعة الحال ، فإن القوم ، ومن نصوصهم الثقات ، رافضون ومكفرون للأمة ممن لا يعتقد معتقداتهم .
هذا عن " المعاني " ، فماذا عن " الألفاظ " ؟ .
---
1- عن أبي جعفر محمد بن الحسين بن علي .
2- أصول الكافي ، كتاب الحجة ، باب " أنه لم يجمع القرآن إلا الأئمة " ص 165 الرواية رقم 2
3- السابق ص179 الرواية 6
4- السابق ، كتاب الحجة ، باب من ادّعى الإمامة وليس لها بأهل ص280 الرواية رقم 10
5- السابق ص280 ، أصول مذهب الشيعة الإمامية ج1 ص150
6- يأتي ، كثيراً ، في روايات القوم ، خاصة تلك ذات التعلق بمسألتي الإمامة والولاية ، ذِكْر " فلان وفلان " وقد يزيدون " وفلان " والقوم يقصدون بذلك أبا بكرٍ وعمرَ وعثمان رضي الله عنهم . وقد يعبرون عنهم بألفاظ من قبيل : الأول والثاني والثالث .
7- رواية الكليني عن الوشاء .
8 أصول الكافي ، كتاب الحجة ، باب أن أهل الذكر الذين أمر الله بسؤالهم الأئمةُ ص152 الرواية 2
9- السابق ص153
10- السابق ص155
11- السابق ص156
يُتْبع ...
 
هذا عن " المعاني " ، فماذا عن " الألفاظ " ؟ .

(9) :
بالنسبة للألفاظ ، يعتقد القوم أن كثيراً من ألفاظ القرآن الكريم الموجود بين أيدي جمهور المسلمين ألفاظٌ منقوصة ، أو مبدلة ، ومن ثم نراهم يقفون حيالها بين أمرين :
- إما نراهم يَزيدون عليها ألفاظاً من عندياتهم .
- أو نراهم يبدلونها .
ذلك الفعل من القوم دافعه ، وهدفُه ، " إثبات ولاية أهل البيت " بحسب ما يقولون . كذلك ذمُّ كلٍّ من أبي بكر وعمر وسائر الصحابة الكرام ممن رضي بخلافة هذين الصحابيين الجليلين ... وللقوم قاعدة تتقدم كل هذا ... وهي 1 : " قال : ما من آية نزلت تقود إلى الجنة ، وتذكر أهلها بخير ، إلا وهي فينا نحن وفي شيعتنا . وما من آية نزلت تذكر أهلها بشرٍّ ، وتسوق أهلها للنار ، إلا وهي في عدونا ومن خالفنا " 2 .
والعدو المتكلَّم عنه هنا يتقدمهم الخلفاء الثلاثة : أبو بكر وعمر وعثمان ، ثم من اعتقد خلافتهم وترضّى عليهم .
ومن أمثلة ذلك في الزيادات :
1- ... : 3 " قال : قلت له : لمَ سُمَّي أمير المؤمنين ؟ قال : الله سماه ... وهكذا أنزل في كتابه " وإذ أخذنا من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألستُ بربكم ، وأن محمداً رسول الله ، وأن علياً أمير المؤمنين " .
2- و ... : 4 " قال : إن الله تبارك وتعالى حيث خلق الخلق خلق ماءً عذباً وماءً مالحاً أجاجاً ، فامتزج الماءان ، فأخذ طيناً من أديم الأرض ، فعركه عركاً شديداً ، فقال لأصحاب اليمين ، وهم كالذر يدبون ، : إلى الجنة بسلام ، وقال لأصحاب الشمال : إلى النار ولا أبالي ، ثم قال : ( ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين ) ثم أخذ الميثاق على النبيين فقال : ألست بربكم ، وأن هذا محمد رسولي ، وأن هذا علي أمير المؤمنين ؟ قالوا : بلى . فثبتت لهم النبوة . وأخذ الميثاق على أولي العزم أنني ربكم ومحمد رسولي وعلي أمير المؤمنين ، وأوصياؤه من بعده ولاة أمري وخزان علمي ، وأن المهدي أنتصر به لديني ، وأظهر به دولتي وأنتقم به من أعدائي وأعبد به طوعاً وكرهاً . قالوا : أقررنا يا رب وشهدنا . ولم يجحد آدم ولم يقر ، فثبتت العزيمة لهؤلاء الخمسة في المهدي ، ولم يكن لآدم عزم على الإقرار به وهو قوله عز وجل ( ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما ) قال : إنما هو فترك ، ثم أمر ناراً فأججت ، فقال لأصحاب الشمال : ادخلوها فهابوها ، وقال لأصحاب اليمين : ادخلوها فدخلوها ، فكانت عليهم برداً وسلاماً ، فقال أصحاب الشمال : يا رب أقلْنا فقال : قد أقلتكم ، اذهبوا فأدخلوا فهابوها ، فثم ثبتت الطاعة والولاية والمعصية " 5 !!! هذا ، مع أن الآية الكريمة التي في مصحف جمهور المسلمين " ألست بربكم ، قالوا بلى شهِدْنا " .
3- و ... : 6 " ومن يطع الله ورسوله في ولاية علي وولاية الأئمة من بعده فقد فاز فوزاً عظيماً " قال : هكذا نزلت7 .
وهذه الزيادة ليست موجودة في المصحف الذي بأيدي جمهور المسلمين .
4- و ... : 8 " ولقد عهدنا إلى آدم من قبل كلماتٍ في محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ذريتهم فنسى " هكذا ، والله ، نزلتْ على محمد صلى الله عليه وسلم 9 .
لكن صواب الآية كما في القرآن الكريم الذي بأيدي جمهور المسلمين " ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزماً " هكذا دون الزيادة المضافة عند القوم .
هذا عن " الزيادات " فماذا عن " التبديل " ؟ .
---
1- تخريج الكليني عن أبي عبد الله .
2- روضة الكافي ص1955 الرواية رقم 6
3- أخرج الكليني عن جابر عن أبي جعفر .
4- عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن داود العجلي ، عن زرارة ، عن حمران ، عن أبي جعفر عليه السلام .
5- أصول الكليني ، كتاب الحجة ، باب نادر ص311 الرواية رقم 4 ، الكافي ج2 ص8 ويقول القوم إن هذه الرواية صحيحة الإسناد . راجع الشيخ هادي النجفي ، الموسوعة ج 1 ص 454 .
6- عن أبي عبد الله بتخريج الكليني .
7- أصول الكافي ، كتاب الحجة ، بابا فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية ص312 الرواية رقم 8
8- عن أبي عبد الله بتخريج الكافي
9- أصول الكافي ، كتاب الحجة ، باب نادر ص314 الرواية رقم 22

يُتْبع ...
 
هذا عن " الزيادات " فماذا عن " التبديل " ؟ .
[/B][/SIZE][/FONT]

(10) :
1- ومن الأمثلة في التبديل ... :1 " قال : سمعتُه يقول : لما نزلت ولاية على بن أبي طالب رضي الله عنه ، وكان قول الرسول صلى الله عليه وسلم " سلّموا على عليٍّ بإمرة المؤمنين " ، فكان مما أكّد عليهما2 في ذلك اليوم يا زيد قول رسول الله لهما " قوما فسلّما عليه بإمرة المؤمنين " فقالا : أمِنَ الله ، أو من رسوله يا رسولَ الله ؟ فقال لهما : من الله ورسوله . فأنزل الله عز وجل : " ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها وقد جعلتم اللهَ عليكم كفيلاً ، إن الله يعلم ما تفعلون " يعني به قول رسول الله لهما وقولهما له " أمن الله أو من رسوله " ؟ " ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً تتخذون أيمانكم دخَلاً بينكم أن تكون أئمة هي أزكى من أئمتكم " قال : قلتُ : جُعلتُ فداك : أئمة ؟ قال : إي والله ... أئمة . قلت : فإنّا نقرأ : أربى . فقال : ما أربى ؟ وأومأ بيده فطرحها 3 ... يريد أن الآية " أزكى " بدلاً من " أربى " .
وواضح أن هذا التبديل مخالفٌ لما هو موجود في القرآن الذي بأيدي جمهور المسلمين .
2- و ... :4 " قال هكذا أنزل الله تبارك وتعالى ( ولقد جاءنا رسول من أنفسنا عزيز عليه ما عنتنا حريص علينا بالمؤمنين رؤوف رحيم "5 .
لكن الناظر ينتهي إلى أن هذا القول المنسوب إلى أبي عبد الله " في غاية النكارة ، ويُنزَّه عنه كلام الباري جل جلاله ؛ إذ أن كلام الله خطابٌ إلى عباده ، فكيف يوجه الخطاب إلى نفسه مع عباده ؟ فذلك غير لائق بالله جل جلاله ، وليس لذلك نظيرٌ ألبتة في سائر كلام الله تعالى " .
والملاحَظ أن القوم لم يقفوا ، فقط ، عند " الزيادة " و " التبديل " في القرآن الذي هو قائم بين أيدي جمهور المسلمين ، بل لهم ، أيضاً ، إجراء ثالث ... هو " التلفيق " !!! .
... : 6 " نزل جبرائيل بهذه الآية هكذا " وإن للذين ظلموا آل محمد حقهم لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقاً ، إلا طريق جهنم خالدين فيها أبداً ، وكان ذلك على الله يسيراً "7 .
ونعلم أن قوله تعالى " وإن للذين ظلموا " هي الآية رقم 47 من سورة الطور ، فقام القوم ببتر هذا الجزء من هذه الآية الكريمة ، ثم دمجوه مع مع الآيات 168 : 170 من سورة النساء .
وواضح أن الأمر هنا " تلفيق " غير جائز ... بل محرم عقدياً وشرعياً ، من حيث هو " تحريف واضح لآيات الكتاب العزيز ليحملوه على المعنى الذي أرادوه " .
وللقوم احتجاجات على هذا الرأي ، فيقولون إن هذه الزيادات ، والتبديلات ، والتلفيقات ، ليست قرآناً منزلاً ، بل هي تفسير وتوضيح وتأويل من الأئمة . والرد هنا من عدة وجوه :
- الوجه الأول : أن أئمة الشيعة صرحوا ، ويصرحون ، أن هذه الروايات " منزّلة " أو " هكذا أُنزلت " وغير ذلك من العبارات الدالة على أن المذكور قرآن . بل هناك ، لدى القوم ، تفرقةٌ بين ما هو تنزيل ، وما هو تأويل ، وما لم يصرحوا به8 .
- الوجه الثاني : أن كبار علماء القوم ، وكبار محققيهم ، أقروا بـ النقص والتحريف ... : " والأخبار من طريق العامة والخاصة في النقص والتغيير متواترة . والعقل يحكم بأنه إذا كان القرآن متفرقاً منتشراً عند الناس ، وتصدى غير المعصوم لجمعه ، يمتنع ،عادةً ، أن يكون جمعه كاملاً موافقاً للواقع . لكن لا ريب أن الناس مكلفون بالعمل بما في المصاحف وتلاوته حتى يظهر القائم . وهذا معلومٌ متواتر عن طريق أهل اليبت . وأكثر أخبار هذا الباب مما يدل على النقص والتغيير . وسيأتي الكثير منها في الأبواب "9 .
النص الفائت اعتراف صريح بوجود نقص وتغيير في القرآن الكريم ، رغم " وإنا له لحافظون " .
- الوجه الثالث : أننا بحال نسلّم أن هذه الزيادات ، أو التبديل ، مجرد تأويل ، فهو " تأويل متكلف ، من حيث هو يحصر الإسلام ، ككل ، في موضوع الولاية ، وهي ليست محل تسليم من السواد الأعظم من المسلمين مما يقلل من شأن القرآن ، ويضع ألف علامة استفهام حول مصدريته ووظيفته ما دام لم يحفظ كما وُعدنا بذلك !!! ثم من أدرانا أننا قد نكون تُعُبدنا بصلاة غير تلك ، وبزكاةً غير تلك ؟ .
إنه لو كانت الولاية ، كما هي القوم ، بهذه الخطورة / الأهمية لنص الله ، تعالى ، عليها نصاً جلياً لا لبْس فيه 10 ولا يحتاج لا إلى تحريف ولا إلى تبديل .
إن الناظر في مذهب الشيعة عامة ، والإمامية خاصة ، ينتهي إلى أن القول بتحريف المصحف ، ونقصه ، من " الثوابت " و " اللزوميات " عند القوم ... هو من " لوازم التشيع الإِمامي " لا ينفكُّ عنه .
إن أصول القوم الحديثية ، وإجماعَهم ، ومظانهم في الترجيح ، كل ذلك قائم على تقرير تحريف المصحف ونقصه وزيادته ... وهذه بعض الأدلة :
---
1- تخريج الكليني عن زيد بن الجهم عن أبي عبد الله
2- أي أبا بكر وعمر رضي الله عنهما .
3- أصول الكافي ، كتاب الحجة ، باب الإشارة والنص على أمير المؤمنين ص213 الرواية رقم 1
4- تحريج الكليني عن أبي عبد الله .
5- أصول الكافي ، كتاب الحجة ، باب الإشارة والنص على أمير المؤمنين ص213 الرواية رقم 1
6- ما روي عن أبي جعفر .
7- أصول الكافي ، كتاب الحجة ، باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية ص320 الرواية رقم 59
8- السابق ص327 الرواية رقم 91
9- المجلسي ، وهو من أكبر محققي الشيعة : مرآة العقول ج3 ص31
10- كانت هذه الإشكالية سياسية بامتياز !!! وأما انتقالها من المجال السياسي إلى المجال العقدي حتى عند أهل السنة ، لا الشيعة فقط ، فقد تم بعد أن اعتبرتها الشيعة من الاعتقادات . بل من أصول الاعتقاد الإسلامي!!! ، ورغم أن أهل السنة ظلوا زمناً غير موافقين على هذا الأمر ، إلا أن المتأخرين منهم اضطروا ، للرد على الشيعة ، إلى أن يضعوا مبحث الإمامة ضمن مباحث العقيدة .

يُتْبع ...
 
وهذه بعض الأدلة :

(11) :
1- روايات القوم التي تشدد على القول بتحريف المصحف ، والمنقولة عن " أئمتهم " تزيد على ألفي رواية ، ما يعني " التواتر " ( !!!!!!!!! ) إذ هم يرون انعقاد التواتر باثنتي عشرة رواية بعدد الأئمة الاثنى عشر المعصومين .
2- لا نجد ، ولو رواية واحدة ، تتكلم عن " نفي " التحريف و " تثبت " حفظ القرآن .
3- إجماع العلماء المعتبرين عند القوم ، إلا من شذ منهم ، على تقرير مضمون هذه الروايات على اختلاف ألفاظها وأسانيدها . ثم إن هؤلاء العلماء يشددون على ضرورة القول بالتحريف ، والالتزامِ به ، واعتقادِه ، ودعوةِ طوائف الشيعة إلى هكذا التزام واعتقاد .
وإذا علمْنا أن الإجماع ليس ينعقد ، عند القوم ، إلا بانضمام قول المعصوم ، فنقلُهم " الإجماع على تحريف المصحف " صار " حجةً " عقدية وشرعية ، في آن ، ملزمة للشيعة ، ذلك لأنه قامت الموافقة لكلام المعصوم .
هذا من ناحية ، ثم من ناحية ثانية ... ناحية " الصناعة الأصولية " في التعارض والترجيح عند القوم ، نجد أن " دفع التواتر " ليس يندقع إلا بأقوى منه أو ، على الأقل ، بمثله ! ما يعني أنه حتى بفرضية وجود روايات تنفي التحريف ، أو النقص ، فإن هذه الروايات النافية ليس تقوى أن تُبْطل ، ما هو متواتر ، عند القوم ، وله تعلق بإثبات ، واعتقاد ، التحريف والنقص ! .
ثم ، ناحية ثالثة ، أن الروايات النافية للتحريف تمثل مذهب غالبية / جمهور المسلمين ( = أهل السنة ) ، فالقوم يوجبون ترجيح روايايتهم بالتحريف والنقص تأسيساً على مبدأ شيعي هو " مخالفة العامة " ذلك الذي هو أحد مظان الترجيح عندهم حال التعارض .
معنى هذا أنه لابد من ترجيح القول بالتحريف بكل أقيسة ، وأدلة ، واعتبارت ، القوم .
وصحيح القول إنه ليس عند الشيعة عامة ، والإمامية منهم خاصةً ، من الأحكام التي يُلزمون بها ، ويلتزمونها بحسب " معايير " الإلزام والالتزام مثل قضية التحريف والنقص هذه ! لدرجة أن الإحكام ، وقوة الحجية ، في مسألة التحريف والنقص أقوى ، عندهم ، من التي بخصوص الإمامة حتى1 !!! .
... : " إنه بإثبات ، وثبوت ، تحريف المصحف ونقصه ، فهذا المذهب هو مذهب أكثر محققي محدّثي المتأخرين . وعندي في وضوح صحة هذا القول بعد تتبع الأخبار ، وتفحص الآثار ، بحيث يمكن الحكم بكونه من ضروريات مذهب التشيع . وأنه من أكبر مفاسد غصب الخلافة . فتدبّر "2 .
ثم ناحية رابعة ، وهي أن موقف الشيعة الإمامية من قضية / مسألة تحريف ، ونقص ، القرآن الكريم لا يخلو من أحد أمرين :
الأمر الأول : أن يعترف القوم بصحة القرآن كله " من الجلدة للجلدة " / " من الغلاف للغلاف " لكن معنى هذا الإقرار بعدالة الصحابة ، رضي الله عنهم ، الذين نقلوا إلينا القرآن الكريم ، ومن ثم كانوا أحد أسباب تطبيق " وإنا له لحافظون " بشكل أو بآخر ، وبطبيعة الحال ، سيكون أول هؤلاء : أبو بكر الصديق ، وعمر بن الخطاب ، وعثمان بن عفان رضي الله عنهم .
الأمر الثاني : أن لا يقر القوم بصحة القرآن الكريم ، ما يعني إنكار أسس الإسلام الأولى ، والأولية : القرآن الكريم والسنة النبوية . وهذا سيؤدي ، لا محالةَ ، إلى أن " لا يبقى شيء من الإسلام " ... : لعَمْري إن القول بعدم التغيير والتبديل لا يخرج عن حُسْن الظن بأئمة الجور3 ، وأنهم لم يخونوا الأمانة الكبرى مع ظهور خيانتهم في الأمانة الأخرى التي هي أشد ضرراً على الدين وأحرى . على أن هذه الأخبار4 لا مُعارضَ لها سوى مجرد الدعاوى العارية عن الدليل التي لا تخرج عن مجرد القال والقيل . وقد قدمنا ما هو المعتمد من أدلتهم ، وبيّنا ما فيه ، وكشفنا عن ضعف باطنه وخافيه "5 .
نحن ، إذاً ، أمام موقف يهز هزاً الوثوقية في القرآن الكريم الذي بين أيدي جمهور المسلمين .
وهنا نص لأحد رموز الشيعة تكلم في هكذا " إشكالية " ... : " ويُرَد على هذا كله إشكال ، وهو أنه على هذا التقدير لم يبق لنا اعتقاد على شيء من القرآن ؛ إذ على هذا يحتمل كل آية منه أن يكون مُحرّفاً ومغيّراً ، ويكون على خلاف ما أنزل الله ، فلم يبقَ لنا في القرآن حجة أصلاً ، فتنتفي فائدته وفائدة الأمر باتباعه والوصية بالتمسك به ، إلى غير ذلك . وأيضاً قال الله " إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم ، وإنه لكتابٌ عزيز . لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، تنزيل ٌ من حكيم حميد " . فكيف يتطرق إليه التحريف والتغيير ؟ وأيضاً قد استفاض عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والأئمة ، حديث عرض الخبر المروي على كتاب الله ليعلم صحته صحته بموافقته له ، وفساده بمخالفته . فإن كان القرآن الذي بين أيدينا محرفاً فما فائدة العرض مع أن خبر التحريف مخالف لكتاب الله مكذب له ؟ ، فيجب رده والحكم بفساده ، أو تأويله ويقال : إن صحت هذه الأخبار ، فلعل التغيير إنما وقع فيما لا يخل بالمقصود كثير إخلال كحذف اسم عليّ وآل محمد ، وحذف أسماء المنافقين عليهم لعائن الله ، فإن الانتفاع بعموم اللفظ باقٍ . وكحذف بعض الآيات وكتمانها ، فإن الانتفاع بالباقي باقٍ ، مع أن الأوصياء كانوا يتداركون ما فاتنا منه من هذا القبيل "6 .
وواضح قدر ، وخطورة ، تهافت هذا القول : فالرجل ينعي على القائلين بالتحريف ، ثم هو يقر بـ " بعضه " ( !!! ) فيما يعضدد مذهبه بلا دليل قطعي الدلالة قطعي الثبوت . ومعروف أنه حال يطال تغيير ، أو تحريف ، كتاباً في جزء منه ، لا يقوم مانع في وجود هكذا تغيير ، أو تحريف ، في أجزاء أخرى . ما يفتح الباب أمام قيام شك في الكتاب كله .
ثم إن الرجل يعترف أنه ، مع صحة التغيير والتحريف ، فإن الأمر " لا يخل بالمقصود كثير إخلال " ما يعني إبطال عقيدة الإمامة عند القوم ... وهي ، كما يعرف الجميع ، عماد المذهب الشيعي عامة ، والإمامية خاصة ! وهذا سيجر ، لزوم ما يلزم ، إلى الكفر ؛ لإن الإخلال بالإمامة يُخرج ، عند القوم ، من الدين . وحال تبطل الإمامة ، يبطل المذهب كله ؛ فسقوط الإساس يعني سقوط البنيان .
ثانياً : موقف الشيعة الإمامية من الصحابة رضي الله عنهم :
---
1- عبد الله الخضري : القول بتحريف القرآن من لوازم التشيع الإمامي alrased.net. www
2- أبو الحسن العاملي : مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار ص84 ، مصادر التلقي وأصول الاستدلال عند الإمامية ص118 ، الشيعة والقرآن ص58
3- يقصد القوم بذلك : أبا بكرٍ وعمرَ وعثمان رضي الله عنهم .
4- أخبار التحريف والتبديل .
5- يوسف البحراني : الدرر النجفية من الملتقطات اليوسفية ج4 ص83 وما بعدها . والرجل هو : يوسف البحراني ... : يوسف بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن صالح بن عصفور الدرازي البحراني رجل دين وفقيه ومرجع شيعي بحراني يكنى بـ صاحب الحدائق نسبة إلى كتابه المشهور " الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة " ، الرجل من أهم رموز المدرسة الأخبارية التي تختلف عن المدرسة الأصولية بأنها ترفض الدليل العقلي والإجماع كمصدر من مصادر التشريع الإسلامي .
6- محس الكاشاني : التفسير الصافي ج1 ص51 . والرجل هو : محمد محسن بن مرتضى بن محمود المشهور بلقب الفيض الكاشاني ، هو من علماء الشيعة الإمامية ، وقد كان محيطاً بكثير من العلوم . عاش في عصر الدولة الصفوية ، وعاصر من ملوكها : الشاه عباس الأول ، الشاه صفي ، والشاه عباس الثاني ، والشاه سلميان .
يُتْبع ...
 
موقف الشيعة الإمامية من الصحابة رضي الله عنهم :
(12) :
لازمة :
لا ينكر مسلمٌ فضلَ الصحابة رضي الله عنهم ... وكيف لا ، والله ، تعالى ، اختارهم لصحبة النبي صلى الله عليه وسلم لأمور لا تخفى على أحد : نصرة الدين ، ونشره بين الناس . لذا جاء لهم الثناء من الله بما يبعد عنهم أي تقصير في هكذا أمور ... : " والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسانٍ رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جناتٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ، ذلك الفوز العظيم " و : " لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم ، وأولئك لهم الخيرات ، وأولئك هم المفلحون . أعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ، ذلك الفوز العظيم " و ... : " محمد رسول الله ، والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ، تراهم ركعاً سُجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً ، سيماهم في وجوههم من أثر السجود ، ذلك مثلهم في التوراة ، ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطئه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يُعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار ، وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرةً وأجراً عظيماً " . و ... : " لا تسبوا أصحابي ، لا تسبوا أصحابي ، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحدٍ ذهباً ما أدرك مد أحدهم ، ولا نصيفه " .
---
لكن معتمدات الشيعة عامةً ، والإمامية تحديداً ، يروْن أن الصحابة ، إلا القليل ، قد ارتدّوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم . وهذا غير المنصف / الباطل مخالف لثلاثية ناقدة : العقل ، والواقع / التاريخ ، والشرع .
أما الشرع ، فنحن لا نجد لدى الشيعة ، والإمامية منهم تحديداً ، ما يمكن عده دليلاً شرعياً صحيحاً ، شرط أن يتم تقديمه بدون التأويلات التي يوقم بها هؤلاء .
إنه لو أن الله تعالى ، وهو عز وجل ، ذو علم سابق ، عَلِمَ أن هؤلاء الصحابة ، رضي الله عنهم ، سوف ينتهي بهم الأمر إلى الردة ، لما أثنى عليهم في القرآن الكريم .
وأما العقل ، فليس مستساغاً أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، لم يحسن تربية الأقربين إليه ممن عاش الوحي طازَجاً ، وممن سيحملون الدين إلى الدنيا ، كما أنهم من كتب الوحي حال كان يتنزل على النبي صلى الله عليه وسلم .
إن القول بمثلبة كهذه بحق الصحابة ، رضي الله عنهم ، ستنتهي إلى التشكيك في كل ما وصلنا عبر هؤلاء قرآناً وسنة وتاريخاً .
وأما التاريخ ، فالمصادر التاريخية تبين كيف ثبت هؤلاء على الدين ، وحافظوا عليه ، ونشروه ، واستشهد الكثير منهم في سبيل ذلك الأمر .
وعلى يد هؤلاء سقطت أكبر إمبراطوريتين وقتها : الفرس والروم .
والمطالع لـ الكافي يجد غير رواية يقدمها الكتاب منسوبةً لآل البيت تسب ، وتطعن ، في الصحابة رضي الله عنهم ، وتصورهم " ظَلمةً ، معتدِين ، مارقين عن الدين ، مرتدين " !!! وفي المقابل هناك غير رواية غالية بحق أئمة أهل البيت ، ما يعني أن الغلو ، عند القوم ، ذو وجهين كلاهما تطرف : فوجه تطرف / غلو في حق آل البيت إعطاءً لهم ما هو فوق حقوقهم ، ورَفعاً لهم فوق المنزلة التي هي لهم قرآناً وسنة . ووجه تطرف / غلو في حق الصحابة رضي الله عنهم حطاً من قدرهم ، وتقليلاً من منزلتهم ، وافتراءً عليهم ، وسلباً لحقوقهم التي أعطاها الله ، تعالى ، لهم قرآناً وسنة .
والكافي يتناول هكذا تعامل مع الصحابة ، فإما يأتي الطعن بحق الصحابة عامة ، وإما يأتي الطعن محدداً / خاصاً ببعض الصحابة دون بعض !!! .
• الطعن " العام " في الصحابة ( مرويات التفسير في الكافي ) :
يُتْبع ...

 
• الطعن " العام " في الصحابة ( مرويات التفسير في الكافي ) :
[/B][/SIZE][/FONT]

(13) :
الطعن في الصحابة عامةً ( مرويات التفسير في " الكافي " ) :
تعتقد الشيعة ، والإمامية تحديداً أن الصحابة ، رضي الله عنهم ، قد " ارتدوا جميعاً ، وضلوا إلا قليلاً منهم .
... : 1" سألتُ أبا عبد الله عن قول الله عز وجل " ألمْ تر إلى الذين بدلوا نعمت الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار " فقال : عنَى بها قريشاً قاطبةً الذين عادوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ، ونصبوا له الحرب ، وجحدوا وصيةَ وصيّهِ "2 .
ونستطيع أن نتبين أنه بذكر " قريشاً كلها " كنى عن الصحابة ، ليجعلوهم وكفار قريش " في خندق / وصف " واحد . ومعلوم أن الصحابة لم يعادوا الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولم يحاربوه كما فعل مشركو قريشٍ ! . لكنهم ، بحسب كلام القوم ، جحدوا " وصيةَ وصيِّه " . ما يعني أنهم ، بحسب الرؤية الشيعية ، داخلون في معنى الآية ، مع أن الآية مكية .
... :3 " في قوله تعالى " هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب " قال أبو عبد الله : أمير المؤمنين والأئمة . " وأخر متشابهات " : فلان وفلان . " فأما الذين في قلوبهم زيغ " : أصحابهم وأهل ولايتهم . " فيتّبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم " : أمير المؤمنين والأئمة "4 .
وواضح ، جداً ، غرابة هذا التفسير ؛ فهو تفسير " باطني " بامتياز ؛ ففيه " لمزٌ واضح للصحابة رضي الله عنهم ، وأولهم أبو بكر وعثمان رضي الله عنهما " وذلك بطريقة غاية في التكلف وليّ النص وتحميله ما لا يحتمل ؛ فسياق الآية الكريمة هو ضمن آيات القرآن الكريم ، وهذا فيه ما هو محكم ، وفيه ما هو متشابه ، وهو الذي يشتبه معناه على كثيرٍ من الناس ، وهنا تسود القاعدة التي توجب رد المتشابه إلى المحكم ، وهنا سيزول ، لا محالةَ ، الاشتباه .
... : " فأما الذين في قلوبهم زيغ " أي ضلال وخروج عن الحق إلى الباطل " . فيتبعون ما تشابه منه " أي إنما يأحذون منه بالمتشابه الذي يمكنهم أن يحرفوه إلى مقاصدهم الفاسدة ، وينزلوه عليها لاحتمال لفظه لما يصرفونه إليه . فأما المحكم فلا نصيب لهم فيه ، لأنه دافع لهم وحجة عليهم . ولهذا قال تعالى " ابتغاء الفتنة " أي الإضلال لأتباعهم إيهاماً لهم أنهم يحتجّون على بدعتهم بالقرآن وهو حجة عليهم لا لهم . وقوله تعالى " وابتغاء تأويله " أي تحريفه على ما يريدون "5 .
وفي قوله تعالى6 " ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزّل الله سنطيعكم في بعض الأمر ، والله يعلم إسرارهم " قال : نزلت ، والله ، فيهما وفي أتباعهما ، وهو قول الله عز وجل الذي نزل به جبرائيل على محمد صلى الله عليه وسلم " ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزّل الله في عليّ سنطيعكم في بعض الأمر " ... وكان معهم أبو عبيدة ، وكان كاتبهم . فأنزل الله " أم أبرموا أمراً فإنا مبرمون ، أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم ، بلى ورسلهم لديهم يكتبون " .
في الآية الكريمة لمْزٌ لأبي بكر وعمر وأتباعِهما ، وهم ، بطبيعة الحال ، الصحابةُ الكرام رضي الله عنهم أجمعين .
إن سياق الآية الكريمة يبين أنه في المنافقين المندسين في المجتمع المسلم ، وبيان علاقتهم باليهود ، وهؤلاء هم الذين كرهوا ما نزّل الله على محمد 7 . والشاهد أن الشيعة لووا الآيات وحمّلوها غير ، وفوق ، ما تحتمل ، فجعلوا هكذا قول هو بحق أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم بما لا يستقيم لغة وتفسيراً ، لكنهم لجأوا ، كما العادة ، للتأويل ... أو قُلْ للتلوين .
وأسئلتنا المستفزة : هل كره الصحابةُ ، رضي الله عنهم ، ما نزّل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم ؟ أم الشاهد أنهم تلقّوْه بقبول حسن ، ونافحوا عليه ، وراح أكثرهم شهيداً في سبيل الدفاع عنه وإيصاله للناس كما أُمِروا ؟ .
... : ٍ"ومن يُرِد فيه بإلحاد بظلم " قال أبو عبد الله : نزلت فيهم ، حيث دخلوا الكعبةَ فتعاهدوا وتعاقدوا على كفرهم وجحودهم بما نزل في أمير المؤمنين ، فألحدوا في البيت بظلمهم الرسول ووليه ، فبُعداً للقوم الظالمين "8 .
وكلامنا تعليقاً على النص السابق : " قولهم " نزلت فيهم " تركها القوم ، عن قصد عامدين ، مبهمةً ، لكن ، ومن سياقات أخرى لهم ، هم يعنون بذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
كما أنه من المعروف ، بحسب علم أسباب النزول ، أن هذه الآية الكريمة نزلت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، والقوم ذكروا " ارتداد " الصحابة " بعد وفاة النبي " ؟ !!! فكيف يستقيم الأمر ؟ وهل يعقل أن الصحابة ، رضي الله عنهم ، يرتدون والنبي ، صلى الله عليه وسلم ، حيٌّ بينهم ؟ !!! .
... : " فستعلمون ، يا معشر المكذّبين ، حيث أنبأتكم رسالة ربي في ولاية علي ، والأئمة من بعده ، من هو في ضلال مبين " قال أبو عبد الله : كذا أُنزلتْ 9 .
بينما الآية الكريمة تقول : فستعلمون من هو في ضلال مبين . ما يعني أن هذه الزيادة الطويلة ليست في المصحف الذي هو بين ايدي جمهور المسلمين .
ثم إن الآية ، بالصيغة التي حرّفها القوم ، تجعل محورَ القرآن الكريم علياً ، رضي الله عنه ، والأئمةَ !!! وكأن الإسلام يدور بفلك هذه القضية المدعاة لا غير .
ثم إن الآية ، بالصيغة التي حرفها القوم ،وهي مزيدة زيادة نعتبرها مُنْكَرَةً لفظاً ومعنىً ننزه الله ، تعالى ، وكلامه ، عنها ، تضمنت وصف الصحابة ، رضي الله عنهم ، بالتكذيب والضلال من حيث الزعم الوارد عند الشيعة عامةً ، والإمامية منهم خاصة ، بأن هؤلاء الصحابة كذّبوا بولاية عليٍّ والأئمة من بعده ، وغصبوهم الخلافة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم .
وهذه أكبر ، وأهم ، شبهةٍ يحوم القوم حولها ، ويتأولون ، أو يلونون ، الآيات لتتأتى بمرادهم / عقيدتهم في الإمامة .
الواضح ، جيداً ، أن القرآن الكريم القائم بين أيدي جمهور المسلمين ليس فيه أي ذِكْرٍ لقصية الولاية هذه ولو في آية واحدة .
وهنا ، فالقوم بين أحد أمرين : إما أن يقروا بصحة ، وسلامة ، القرآن الكريم عن التحريف والنقص ، وهنا ستبطل دعواهم . وإما أن يقولوا / يعترفوا بأن هذا القرآن القائم بين أيدي جمهور المسلمين ناقص ومحرّف ، وهم لا يقولون ذلك تقيةً ومواراةً .
---
1- عن عبد الرحمن بن كثير .
2- أصول الكافي ، كتاب الحجة ، باب أن النعمة التي ذكرها الله في كتابه الأئمة ص157 الرواية رقم5
3- عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله .
4- أصول الكافي ، كتاب الحجة ، باب فيه نكت ونتف من التنزيل والولاية ج1 ص313 الرواية رقم 14
5- ابن كثير : تفسير القرآن العظيم ج1 ص460
6- عن أبي عبد الله .
7- الشوكاني : فتح القدير ج5 ص56
8- أصول الكافي ص318 الرواية رقم 44
9- السابق ص318 الرواية رقم 45
يُتْبع ...
 
(14) :
... : 1 " نزل جبرائيل ، عليه السلام ، بهذه الآية على محمد صلى الله عليه وسلم هكذا " فبدّل الذين ظلموا آل محمد حقهم قولاً غير الذي قيل لهم ، فأنزلنا على الذين ظلموا آل محمد حقهم رجزاً من السماء بما كانوا يفسقون "2 .
وهذه الآية الكريمة هي الآية رقم 59 من سورة البقرة ، ونصها : " فبدل الذين ظلموا قولاً غير الذي قيل لهم ، فأنزلنا على الذين ظلموا رجزاً من السماء بما كانوا يفسقون " هكذا في المصحف القائم بين أيدي جمهور المسلمين ، لا بالزيادتين اللتين أضافهما الإمامية .
والآية تتحدث عن بني إسرائيل وتبديلهم القول الذي اُمروا به عناداً منهم وتعنّتاً ؛ فقد أُمروا أن يدخلوا الباب " سُجّداً " ويقولوا " حِطةً " ، فكان أن " بدّلوا " بالثانية " حبة " ، " حنطة " ( !!! ) ما يعني أن الآية الكريمة تتحدث لا عن آل محمد وإشكالية " التولية " ، بل عن حدَثٍ كان ، ومضى ، في زمن موسى عليه السلام ، فما علاقة ذلك الحدَث بما يدّعيه القوم ؟ .
وبالعودة إلى " الذين ظلموا محمداً " ، كما تقول زيادات القوم ، فَهُم الصحابة رضي الله عنهم ، وأولهم أبو الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما . فالزيادات هذه ، إنما هي لمزٌ بحق الصديق والفاروق ، ثم بقية الصحابة الذين رضوا بخلافتيهما .
ومما يؤكد " الكذب " بهذه الزيادات المفتراة أن الآية الكريمة تتكلم ، في عجزها " فأنزلنا على الذين ظلموا رجزاً من السماء بما كانوا يفسقون " والتاريخ يبين لنا " الرجز " نزل على بني إسرائيل ، وما نعلم أن هكذا رجزاً نزل على أي من الصحابة ، فضلاً على أبي بكر وعمر .
وسؤال : ألا يستحق الإمامية ما وُصف به بنو إسرائيل من حيث الاثنين " بدّلوا " قول الله تعالى على غير ما أنزله عز وجل ؟ .
... : 3 " قال في تفسير " ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلماتٍ لا يبصرون " : قُبض محمدٌ ، صلى الله عليه وسلم ، وظهرت الظَّلَمة ، فلم يبصروا فضلَ أهل بيته ، وهو قوله ، عز وجل ، " وإنْ تدعوهم إلى الهُدى لا يسمعوا ، وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون "4 .
ونحن نرى أن هذا التفسير المنسوب لأبي جعفر ، رضي الله عنه ، غريب ، بل في غاية الغرابة ، ونعتقد أنه لا يصدر عن أحد من آل البيت الكرام ؛ فقد تم تفسير آية مدنية بآية مكية نزلت بحق المشركين ، ونحن نرى كم " التعسف " في التأويل إذ جعل النصُّ الآيتين " في اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم " .
إنه من المعلوم التاريخي أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، توفّاه ربُّه عز وجل ، بعد أن صارت الجزيرة العربية ، ككل ، قد دانت بالإسلام ، فلمْ يبق إلا الصحابة يتقصدهم ألإمامية بهكذا تأويل ... أو تلوين !!! حيث هم ، كزعم الإمامية ، " لم يبصروا فضل آل البيت " ثم حدث أن أقاموا تصوراً لا " ماصدق " له : وهو أن أصحاب النبي من سادات قريش قد اغتصبوا الخلافة من " آل البيت " ، وكأن هذه الخلافة " إرث نبوي أوصى به ، عليه الصلاة والسلام ، لآله رضي الله عنهم " .
... : 5 " قال في تفسير قوله تعالى " ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس " : ذاك ، والله ، حين قالت الأنصار : منا أمير ومنكم أمير6 .
وواضح التلفيق في هذا القول ؛ فكيف ينزل قرآن بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الصراحة ؟ .
ثم إن هذا الذي نسبوه لأبي جعفر رضي الله عنه كان القصد وراءه الطعن في إجماع الصحابة ، رضي الله عنهم ، على اختيار أبي بكر ، رضي الله عنه ، خليفةً ، ثم ما تبع ذلك من خلافة عمرَ رضي الله عنه ، وكانت الأحداث ، مع هاتين الخلافتين ، تصب بصالح المسلمين من فتوحات وسقوط أكبر إمبراطوريتين : الفرس والروم ، فكان أن كرِه هؤلاء ما وقع لهم على أيدي المسلمين بقيادة هذين الخليفتين ، فتم اختراع هكذا كلام ، ونسبوه إلى أبي جعفر رضي الله عنه لتكون هذه الفترة المتميزة من تاريخ الإسلام والمسلمين وقتاً لظهور الفساد في البر والبحر .
الآية ، بعلم أسباب النزول ، مكيةٌ7 ، وهي تعرض للمشركين المكذبين بالبعث الأخروي ، كذا ببعثة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فما علاقة ذلك بالصحابة رضي الله عنهم ؟ ، وما علاقة هؤلاء بظهور الفساد في البر والبحر ؟ .
---
1- عن أبي جعفر .
2- أصول الكافي ص320 الرواية رقم 58
3- عن أبي جعفر .
4- روضة الكافي ، كتاب االروضة ص2363 الرواية رقم 574
5- عن أبي جعفر .
6- روضة الكافي ، كتاب الروضة ص1969 الرواية رقم 19ٌ
7- القرطبي : الجامع لأحكام القرآن ج14 ص5
يُتْبع ...
 
بوركت يا دكتور على هذا الموضوع الطيب والمبارك
في ميزان حسناتك ان شاء الله


أخوك من غزة
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top