كُن جَميلاً ()

Nilüfer

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
15 أكتوبر 2011
المشاركات
11,103
نقاط التفاعل
16,877
النقاط
351
do.php


index.php



كُن جَميلاً ()



رَسائل قصصية ، تُحوي معان جميلة
سلوكية، أخلاقيّة، وواقعيّـة مُعاشة
أ. محمود توفيق حسين

مما راق لي وأعجبني في أسلوبه ، وتوصيل لرسالته .

أترككم مع رسائله : )


تابعوني


do.php

 
[1]
عندما ينتثر منك بعض غلَّتك وحبوبك، وتهبط إليها الطيور في سلام، لا تفكِّر في كونها جشعةً متطفلة، فكِّر في أنها وثقتْ بك. وعندما تنخرط في التقاطها منشغلةً عنك تمامًا، كأنها لا تراك، فلا تسخط عليها وتطردها، فربما تكون حفاوتها بعطائك هي طريقتها التي تجيدها في التعبير عن الامتنان والشكْر، وتأمل في حالها حالَك، فانشغالك عن مولاك بنعمِه أشد من انشغالها.

 
[2]
عندما يرجوك الرجل الذي يحمل طاولةً كبيرةً من الخبز فوق رأسه ويمضي راكبًا دراجته، أن تلتقط له بعض الخبز الذي سقط منه على الأرض، وأنت في كامل أناقتك بالبذلة والنظارة الشمسية، لا تفكر في كونه لا يعرف قدرك، وأنه يفتقد للذوق، وأن غيرك من البسطاء العابرين بالقرب منكما هم أولى بأداء هذه المهمة البسيطة، بل فكِّر في كونه توسم فيك اللطف والتعاطف، فكِّر في كون هذه البذلة وتلك النظارة لا تغنيانك عن عمل المعروف.
 
[3]
عندما يفاجئك أحدهم بأن هذه المرأة المحزونة التي خمشت كبدك بحديثها المروِّع عن طفلها الذي يتقلَّب في آلامه بالمستشفى وبحاجة للتبرعات؛ حتى يمكنه إجراء جراحة خطرة غالية، والتي تبرعت لها بمائة جنيه كانت هي كل ما في جيبك، ومضت منحنية تدعو لك حتى دمعت عيناك من صوتها الجريح، هي مجرد نصابة محترفة تتعيش من هذه الأكذوبة منذ سنوات، لا تفكِّر في كون هذا أسوأ خبر سمعته خلال الأسبوع، بل فكِّر في كون هذا أسعد خبر، نعم، أسعد الأخبار كلها ذلك الخبر الذي زفَّه لك بأنه لا يوجد طفل يتلوَّى من الألم الآن في انتظار رحمة الناس.
 
[4]
عندما تفوز دونًا عن زميلك بالمنصب الذي كنتما تطمحان إليه، لا تفكِّر في كونه الرجل الذي سيسبب لك الكثير من المتاعب في الفترة القادمة إن لم تجبره من البدء على الإذعان للوضع الجديد، بل فكِّر في كونه الرجل الكفء الذي ستستطيع تأليفه للعمل معًا، فكِّر في أن بعض الضيق الذي يشعر به كنت ستشعر به لو كنت مكانه، ولا يليق بك إثارة غيظه أو تنفيره من المكان، بل عليك مسؤولية أخلاقية ومهنية أكيدة كرجل وكمدير ناضج، لجعله ينظر بسرعة إلى النصف الممتلئ من الكوب.
 
[5]
عندما تجد نفسك أمام رجل محترق اليد يمضي في طريقه، لا تفكر في كونه خرج ليؤذي أبصار الناس بتشوهه، وأنه كان أفضل له أن يقر في بيته حتى لا يخدش جمال المدينة والذوق العام، فكِّر في كونه ربما ضحى بها لإنقاذ جيرانه من حريق، وأنه سيقف راضيًا عنها وممتنًا لها بين يدي الله، ليس كهذه الأيادي السليمة الوافرة الجمال التي تمضي مع أصحابها بلين، وفيها ما سينطقها الله شهادةً يوم القيامة على البطش والنهب والتحرش والبذاء. فكِّر في أن أيادي هؤلاء المجرمين والمنحطين هي ما يفسد جمال المدينة ويخرب ذوقها، لا أيادي أصحاب العاهات.
 
[6]
عندما يكون لديك ضيف في بيتك، وانشرخ كوب الشاي أثناء تقديمه له، لا تفكِّر في أن عينه الحاسدة جاءت في الزجاج، وتتبادل النظرات التحتية المتهمة له مع أفراد أسرتك، بل فكِّر في كونكم لا تجيدون صب المشروبات الساخنة في الأكواب الزجاجية، أو أنكم تقدمون الشاي في أكواب سيئة الخامة، فهو يقاسمك المعرفة الثقافية، ولذا سيكون في وضع حرج، وسيلحظ نظراتكم المتبادلة، وسيشعر بإساءة بالغة. صحيح أن الحسد مذكور في القرآن، ولكن من المذكور أيضًا فيه أن بعض الظن إثم.
 

[7]
عندما يتقدم لأختك أو بنتك من ترى أن مستواه أقل من مستواكم الاجتماعي، يمكنك أن ترفض بلطف طالما أنه ليس لديكم قبول للفكرة، لكن ليس لك أن تعاقبه على الطلب بكسر خاطره، أو بالتندر بطلبه بين الناس، لا تفكِّر في كونه يقصد إهانتكم بهذا الطلب، بل فكِّر في كونه أحسن الاختيار.
 
[8]
عندما تمضي في ممرٍّ بخطواتٍ عفية، ويعطِّلك قليلًا من ظهر أمامك بخطواته الواهنة الثقيلة، لا تفكِّر في كونه سمجًا ضعيف الحسِّ الاجتماعي لا يبالي بالآخرين، بل فكِّر في كونه ظهر أمامك لتحمد ربنا على نعمة العافية التي أنعم عليها بك. أنت أحيانًا ما يكدِّر صفوك رؤية من أنعم الله عليهم بما ليس عندك، فلا تجمع إلى ذلك أن يزعجك رؤية من ابتلاهم الله بما ليس فيك.
 
[9]
عندما تدخل على البوفيه المفتوح في الحفل الذي دعيت إليه، ووجدت أسرة متواضعة يغرف أفرادها من أطايب الطعام كميات وافرة، ثم وجدتهم يأكلون أنواع اللحوم بنهم الجوعى، لا تنشغل بمتابعتهم مع أسرتك هازئًا بهم، لا تفكِّر في كونهم مجرد لئام يكثرون من المجاني، ولا يراعون شكلهم أمام الناس، وأنهم لا يُقارنون بأسرتك الراقية في إجادة التعامل مع مواقف الذوق واللياقة، بل فكِّر في كون هذه الأسرة الفقيرة ربما تجيد الحمد وتشكر النعمة على هذا الطعام أكثر من أسرتك المترفعة، فكِّر في كون الطعام راح معهم في خير وجوه صرفه وهو التقديم للمحتاجين وليس في البطر والرئاء.
 
[10]
عندما تجلسين إلى إحدى المعارف في جلسة ودية تجمعكما مع بعض الصديقات، وتسأليها عن السبب الذي جعلها تأتي بغير ذهبها الكثير الذي كان يزينها في اللقاءات السابقة وكانت تبرق فيه، وتتجاوز هي سؤالك المباغت وتكمل حديثها كان شيئًا لم يكن، لا تفكِّري في أن السؤال لم يحرم، وأنها قليلة الذوق عندما لم تحترم حديثك إليها، بل فكِّري في أن سؤالك في الأغلب قد وخز قلبها، وأنها قد مرَّت بأزمة مالية اضطرتها لبيع الذهب، وسيحرجها كثيرًا أن يضطرها الآخرون للتحدث عن ظروفها، وهي لا ترجو منك أكثر من أن لا تكرري سؤالك.
 
[11]
عندما تتقدم لخطبة فتاة وأنت مملوء بالاعتزاز بنفسك وتشعر أنك بالنسبة لأسرتها فرصة نادرة، ويطلبون هم منك مهلة أسبوع للرد على طلبك، لا تفكر في أنهم مترددون في أمرك، ولا يعرفون قدرك، بل فكِّر في أن أمر الزواج ليس هينًا حتى يبت الناس في أمر خطبة بناتهم على الفور، فكِّر في أنك منحت نفسك فرصة أكثر من أسبوع للتفكير قبل أن تأتي إليهم، ولا يليق بك أن تبخل عليهم بمثل ما أعطيته لنفسك، لا تفكِّر في أنهم يعزونها عليك، بل فكِّر في أنهم يعزونها في عينيك، لأنك لو أخذت تلك الموافقة الفورية التي ترى أنك أهل لها فغالبًا ما سيصيبك في المستقبل داء النمردة المتفشي، وتعيِّرها برخصها عند أهلها الذين أزاحوها إليك على الفور.
 
[12]
عندما تقف في محلك، ويتقدم منك أحد الزبائن ويطلب منك وزنًا قليلًا من أحد الأصناف، فلا تطرده ولا تسئ معاملته، ولا تنظر له باحتقار، لا تفكِّر في كونه شحيحًا جاء يزعجك، بل فكِّر في كونه رب أسرة يعولها بصعوبة، ولم يطلب زنة الربع أو النصف إلَّا لضيق الحال، وأن أي جرح له قد يؤدي لانهياره؛ فكِّر في أن أحدهم قد طلب نصف كيلو من البطاطس من بائع الخضراوات فأهانه البائع أمام ابنته فسقط ميتًا نتيجة لارتفاع ضغط الدم.
 

[13]
عندما تصرح لك خطيبتك بارتباك برغبتها في فسخ الخطبة، استوعب الأمر واسمع لها جيدًا، ساعدها على أن تتكلم ببساطة، ولا تمارس ضغطًا عليها بأي وجه؛ وإن وجدت إصرارًا ناتجًا عن عدم قبول، وأنه ليس هناك وشاية أو سوء فهم، فيجب أن تنسحب بطريقة تليق برجل كريم ناضج، لأنه كلما طال إلحاحك عن المقبول شاهت صورتك، وشحنك التوسل إليها بعاطفة مشوبة بالحقد. لا تفكِّر في كون المجتمع المحيط سيتكلم عن أن فلانة تركت فلانًا، ولا تفكر بأنه يجب عليك فور يأسك منها الحط من صورتها وصورة أهلها، ولا تفكر في أنها بالتأكيد سيأتي يوم عليها بعِشرة غيرك ستندم عليك؛ بل فكِّر في أن هذا أفضل كثيرًا لك من أن تستمر معك فلانة وروحها ليست معك، فكِّر في أن نظرتك لنفسك وتقديرك لها لا يسمحان لك بأن تكون سجانًا لأحد مهما أحببت رفقته.
 
[14]
عندما يفد إليكم في العمل موظف جديد، يظهر عليه ما يظهر على بعض المستجدين على بيئة عمل من رهاب وتوتر وترقُّب، لا تنظر له باستخفاف وتقتحمه بعين الأقدمية التي تستلذ بتلك الحالة من الضعف التي تعتري بعض المستجدين، لا تفكِّر في أنه مجرد شخص جديد لا خبرة له بالمكان يحق لك وقد استقررت في عملك أن تشعر بالتميز عليه، وأن تتكلم عنه بضمير الغائب باعتباره مجرد شيء فتقول لآخر: (خذه لشؤون الموظفين)، بل فكِّر في أنه لن يستمر جديدًا، فكِّر في أنك قد أعطيته الحق لو أثبت كفاءة وتخطاك في المكانة الوظيفية أن يردها لك ويجعل المفاجأة تأخذك عندما يقول عنك لآخر: (خذه).
 
[15]
عندما يتقدم موظف يعمل لديك صاحب خبرة وممن تعتمد عليهم بهدوء وببعض الحرج، بالاستقالة، لأنه حصل على فرصة أفضل، لا تأكله بعينك كأن من يقف أمام مكتبك خائن لا يعرف الولاء؛ لا تفكِّر في كونه جاحدًا يجب معاقبته بالتسويف في بعض مستحقاته، أو بتشكيك المنافسين في كفاءته إن اتصلوا على سبيل الاستفسار. لو كان جاحدًا لاتصفت أنت أيضًا بالجحود لأنك لم تمكث في أول مكان عملت به، كما أنك كثيرًا ما رحبت بـ (الجاحدين) الذين استقطبتهم بخبراتهم من أماكن أخرى. إذا لم تستطع إغراءه بالبقاء فاترك أثرًا طيبًا قد يسمح له بالعودة إن لم يوفق في مكانه الجديد، لا تفكِّر بأن دولاب العمل سيتوقف، على الإطلاق، بل فكِّر في إنك ستودع رجلًا أخذ يبالغ في مدته الأخيرة في طلباته وفي إرضاء نفسه، وسيحل محله رجل جديد سيبالغ في مدته الأولى في إثبات وجوده وإرضائك.
 
[16]
عندما تكون بائعًا اعتاد على التعامل مع النساء، وتدخل إليك زبونة تلفت انتباهك، وتنوي اختبارها بالملاطفة المتدرجة، إلى أن تصل إلى التلميحات الخادشة التي نفعت مع المائلات المميلات من قبل، لا تفكر في أنه يفوز بالملذات كل مغامر، لا تفكر في أن الطريقة مجربة وأنك اغتنمت عدة مرات بغير مواعدة، بل فكِّر في أنك تغامر بكرامتك، وأن الأمر قد ينتهي بسبك وإهانتك دون أن تملك الرد كما حدث من قبل؛ فكر في أنك تنفق من سمعتك بغير أن تشعر بذلك، وأن هناك الكثيرات على مر السنين لم تلحظهن توقفن عن الشراء منك بسبب عدم ارتياحهن إليك لأنهن يرينك شخصًا لا يبعث على الشعور بالراحة، يرينك غير ثقة، يرين أن وطء عتبة معرضك شبهة.

 
[17]
عندما تملي عليك زوجتك طلبات البيت وأنت تسجل خلفها في ورقة، وتعصر الزوجة رأسها وتضيف طلبًا آخر وتشرد قليلًا وتضيف غيره، لا تفكِّر في أنها تتمتع بالإملاء عليك، لا تفكر في أنها تتعمد الإكثار من الطلبات وتتلذذ بفرض إرادتها، بل فكر في أنها ستتعب في تجهيز الأطعمة لكم من هذه الطلبات أكثر كثيرًا من تعبك في شرائها، فكر في أنها فقط تتعمد تذكر كل ما يحتاجه البيت بدون نسيان أي شيء، ولا علاقة للأمر بظنونك حول تكثير الطلبات، فكر بأنها تفرض خبرتها في أمر البيت لا إرادتها.
 
جاري تحويل الموضوع إلى منتدى يختص أكثر بالغرض منه
شكرا بارك الله فيك أختي
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top