احذوروا ، عن " الهرمينوطيقا " أتحدث :

د.سيد آدم

:: عضو مُتميز ::
إنضم
28 مارس 2014
المشاركات
787
نقاط التفاعل
472
النقاط
23
(1) :
الهرمينوطيقا مصطلح فلسفي بدأ استخدامه منذ العام 1654م ، وهو مردود إلى الفعل Hermeneuin ومعناه يفسّر ( ومنه المصدر : تفسير = Hermeneia ) وجزء من هذا المصطلح يشير إلى " الإله " هيرمس ( !!! ) حتى رآه البعض أنه مصطلح مشتق منه ، فصار الربط بين الفلسفة ، بوصفها هرمينوطيقا بمعنى تفسير ، وبين هيرمس الذي هو " حامل رسالة المصير " ، وبذلك يصبح المعنى هو التفسير الحامل لرسالة . وبقدر ما ينفتح الوجود تتمدد الرسالة المرسَلة ، ما يعني أن تكون وظيفة الهرمينوطيقا ترجمةَ ما يجاوز الفهم الإنساني إلى شكل ، أو صورة ، يمكن للعقل الإنساني إدراكها والتفاعل معها . ولما كان " الوجود الإنساني غير منفصل عن اللغة ، صارت أي نظرية لتفسير أي نص متصلةً باللغة " .
يُتْبع ...
 
احذروا ، عن " الهرمينوطيقا " أتحدث :

(2) :
إن الدعوات الـ محمومة لتطبيق نظريات الهرمينوطيقا والنقد الأدبي الغربي ، أو ما هو ينحي هكذا منحىً ، في تفسير الشريعة الإسلامية دعواتٌ " ساذَجة " و " دعائية " مفلطحة ( !!! ) ؛ فهذه الـ نظريات ( الهرمنيوطيقية والنقدية والمابعدحداثية ) لم يطبقها الغربيون أنفسهم في تفسير تشريعاتهم ( !!! !!! !!! ) ، فكيف نطبقها ، نحن المسلمين ، في تفسير شريعة الله عز وجل ؟ بل لم تطبقها الكنيسة الغربية في تفسير كتابها ، وهو مُحرّف ، فكيف يراد منا أن نطبقها في تفسير كتاب الله المحفوظ ؟ !!! .
إن عامة الباحثين الغربيين ، أنفسَهم ، الذين يدرسون التراث الإسلامي يروْن أن هذه النظريات الغربية مجرد " زِي " أو " موضة " عابرة ، فكيف يوجد بيننا من يريد أن يستبدل بعلمي الدلالة في تراثنا ( علم أصول الفقه وعلم البلاغة ) ، وما فيهما من " منتوج جاد متبحر " و " اختبار زمني طويل " هذه الـ أزياءَ أو الـ موضات الغربية ؟ !!! ( أركون أنموذجاً ) وهي لم يبرهن عليها حتى ساعته وتاريخه ، وهي لم تمحّص قدرتُها على التفسير حتى ساعته وتاريخه .
إن المنادين أن نستبدل بعلمي الدلالة في تراثنا ( أصول الفقه وعلم البلاغة ) علومَ الدلالة الغربية ( فلسفةَ اللغة ، واللسانيات ، والنقد الأدبي ، والهرمنيوطيقا ) هؤلاء " جاهلون " بالاثنين معاً ( !!! ) : فقواعد التفسير في علمي أصول الفقه والبلاغة ، وهما من تراثنا ، ليست " معطىً فردياً " يقرره شخص ما ولو كان من العلماء ، بل هي " ميدان " تتحاكم فيه أية قاعدة ، ويكون صاحبها مطالَباً بالبرهان / الدليل الشرعي المنتهي إلى الأصلين : القرآن أو السنة ، أو أحدِهما !!! ( مثل : الاستدلال على شرعية ، أو صحة ، القاعدة الأصولية رجوعاً على الكتاب والسنة ) أما هذه الـ نظريات ، فلم يقم ، حتى ساعته وتاريخه ، دليل على فحص شرعيتها / صحتها بالعرض على هذين الأصلين المعتبرين ... ولا على أحدهما حتى .
يُتْبع ...
 
آخر تعديل:
(3) :
الإنية : مصطلح فلسفي قديم ، معناه : تحقق الوجود العيني ، وهو لفظ محدَث في اللغة العربية ، وقد ضبطه الجرجاني هكذا " أنية " ، وهي تدل عنده على الوجود العيني المتحقق أمام الحس خصوصاً في مقابلة الماهية التي هي ما يُعقل عن الشيء .
وأصل المصطلح غامض ، لكن له عدة معانٍ ... منها :
- الذات الواحدة المستمرة بعينها كما هو عند ابن سينا ،
- ومنها : الماهية ... فيقال : ما أنية الشيء ؟ كما هو عند الفارابي ،
ومنها : معنى ذهني ، ويعنى به عند الغزالي الوجود الواحد غير الماهية ، وعند بعض الصوفية مرتبط بـ " أنا " ، وذلك فيما يتعلق بالذات الإلهية ، فالأنية هي كون الشيء موجوداً يستمد قوته من أنه واقع مشاهَد .
 
(4) :
أول من رفع راية " تاريخ التراث " التي تستمد مصادرها من أعمال ، وتوجهات ، ونتائج ، المستشرقين ، هو جورجي زيدان ، وذلك في كتابيه تاريخ التمدن الإسلامي ، وتاريخ آداب اللغة العربية ، ثم أكمل " المسيرة " الأستاذ أحمد أمين ( 1886م : 1954م ) ، فكان أن كتب سلسلته الشهيرة : فجر الإسلام ( يقع هذا المؤلف في جزء واحد ) ، وذلك في العام 1929م ، ثم ضحى الإسلام ( يقع هذا المؤلف في ثلاثة أجزاء ) وذلك في الأعوام 1933م : 1936م ، ثم ظُهْر الإسلام ( يقع هذا المؤلف في أربعة أجزاء ) وذلك في الأعوام 1945م : 1953م ، ثم يوم الإسلام ( يقع هذا المؤلف في جزء واحد ) وذلك في العام 1952م ، وعمر هذه السلسلة هو أربعة وعشرون عاماً ، ومساحتها / حجمها ألفان وثماني مائة وثلاث وثلاثين صفحة !!! !!! !!! .
هذه السلسلة كادت أن تكون " إضافة علمية " جادة في الـ تأريخ لتراثنا الفكري والسياسي والعقدي والتشريعي والأدبي ، لكن الحاصل أن أحمد أمين بدا " مهزوماً " / " مستلَباً " قبالة الـ " تحليلات " / الـ " نتائج " التي انتهى إليه المستشرقون !!! !!! !!! ما جعله يسلّم لـ طعونهم في العلوم التي تأسست في الحضارة الإسلامية بشكل عام وعلم السنة النبوية بشكل خاص ! إلا أن الشاهد أن الرجل ، وبدافع " المسالمة " لجمهور المسلمين ، كان يعرض ما انتهى إليه المستشرقون في لغة " دبلوماسية " بحيث " لا تجرح القارئ " و " لا تثير سكينته " .
وبتحليل " المنهج " عند أحمد أمين ، ننتهي إلى أن هذا السلوك لم يكن اعتباطياً / عن غير قصد ، بل كان " إستراتيجية " تبناها الرجل عن قصد عامد ، ليغذّي " القارئ " بهكذا نتائج استشراقية من غير أن يستثير ممانعة هذا القارئ ، ولا أن ينبّه احتراسه .
يقول أحمد أمين : " إن الأزهر لا يقبل الآراء العلمية الحرة ، وخير طريقة لبث ما نراه مناسباً من أقوال المستشرقين ألا ننسبها إليهم صراحةً ، بل ندفع بها على أنها بحْثٌ منا ، ونلبسها ثوباً رقيقاً لا يزعج الأزهريين " .
ويبين الرجل أنه طبّق هكذا منهج في مؤلفاته ... : " وقد فعلت ذلك في فجر الإسلام وضحى الإسلام " .
 
بارك الله فيك​
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top