الخزاعي التلمساني _ مقال رائع جداً _

الخليـل

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
14 جويلية 2011
المشاركات
5,234
نقاط التفاعل
5,403
النقاط
351
العمر
109
al_hassani_113942239.jpg

الكاتب:
الهادي الحسني
2014/12/15
أحيا بعض المسؤولين الحاليين والسابقين الذكرى الأربعين لموت أحدهم "انتحارا"، وهو أحمد مدغري الذي كان وزيرا للداخلية في عهديْ ابن بلة وبومدين. وقد اشتهر أحمد مدغري بعداوته الشديد وحقده الدفين للغة العربية، التي هي "اللغة الوطنية الرسمية"، كما تنص على ذلك "دساتيرهم" التي كتبوها بأيديهم وداسوها بأرجلهم، وفي أحسن أحوالهم يؤمنون ببعضها، ويكفرون ببعضها، ومن الأمور التي "يكفرون" بها "أمّ المواد" التي تنص على أن "الإسلام هو دين الدولة"، وأن "اللغة العربية هي اللغة الوطنية الرسمية"، ولكنهم يتحاكمون في شؤونهم إلى "الطاغوت"، ويرفعون خسيستهم بمخاطبة الشعب الجزائري بلغة عدوه الفرنسي فيما لا ضرورة فيه.

لقد أطلق أولئك الذين أحيوا تلك الذكرى، اسمه (مدغري) على "المدرسة الوطنية للإدارة"، ووصفوه بأنه "مؤسس الإدارة الجزائرية"، ولو أنصفوا لقالوا إنه "مؤسس الإدارة الفرنسية" في عهد "الاحتقلال"، وذلك لأن هذه المدرسة كانت "قلعة" من قلاع الفرانكوفونية في الجزائر..
لقد كنت أود لو أطلق على هذه المدرسة اسم أحد كبار علمائنا، بل علماء الأمة الإسلامية، إنه العالم الجليل أبو الحسن علي بن محمد الخُزاعي التلمساني، المولود في تلمسان في سنة 710 هـ (1310م)، والمتوفّى في مدينة فاس في سنة 789 هـ (1387م).
لقد اشتهر علي بن محمد الخزاعي التلمساني بكتابه الخالد الذي سماه "تخريج الدلالات السمعية على ما كان في عهد رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ من الحِرَف والصنائع والعمالات الشرعية"، وقد وصفه الشيخ عبد الرحمن الجيلالي بـ"الكتاب العجيب الذي انفرد بع بين علماء الإسلام، وهو _ لعمري _ كتاب نفيس فريد في بابه مستوعب لموضوعه، لم يترك فيه خطة أو وظيفة أو رتبة أو صناعة أو حرفة أو أي عمل من أعمال المجتمع الإسلامي في ميدان المصالح الإدارية _ عسكرية كانت أو مدنية، شرعية أو علمية _ إلا أثبت أصلها في الإسلام، ودليلها من السنة وعمل الخلفاء الراشدين.. فكان الخزاعي بذلك من أسبق العلماء إلى تدوين تاريخ المدنيّة الإسلامية وتفصيل الحياة الاجتماعية والسياسية والإقتصادية في صدر الإسلام، فجاء عمله هذا مفخرة من مفاخر الجزائر التي يحق لها أن تباهي به وتتطاول". (تاريخ الجزائر العام 2/191. ط. دار الأمة).
إن سبب تأليف الخزاعي كتابه القيم هذا هو الرد الشرعي _ العلمي على أولئك "المتفيقهين" الذين حرّموا هذا النوع من التنظيمات، وزعموا أن لا أصل لها في الإسلام، وأنها "بدعة"، هي وصاحبها في النار، فأثبت الإمام الخزاعي لهم قلة علمهم، وسوء فهمهم، وضحالة فكرهم.
لقد ظل هذا الكتاب القيم مجهولا حتى عثر على نسخة مخطوطة منه في تونس الشيخ عبد الحي الكتاني، فاستند عليه في كتابه "التراتيب الإدارية.."
وأخيرا حققه على عدة مخطوطات المرحوم الدكتور إحسان عباس، ونشره صديق الجزائر الحبيب اللمسي _ رحم الله المتوفىّ، وأطال الله عمر الحي وشفاه.
قد يعترض معترض على اقتراحي إطلاق اسم "الخزاعي" على مدرسة الإدارة بدل "مدغري" فأقول: إن مدغري عندنا منه الآلاف، أما "الخزاعي" فهو الحائز بالسبق تفضيلا، مستوجب ثناءنا الجميلا".
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top