الدغامشة

الخليـل

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
14 جويلية 2011
المشاركات
5,234
نقاط التفاعل
5,403
النقاط
351
العمر
109


download


al_hassani_113942239.jpg


الكاتب:
الهادي الحسني
2014/12/22



ليس من المبالغة في شيء أن نقول ونعيد القول إنه ليس هناك جزء من أرضنا الشاسعة لم يحتضن شهداء، ولم يرتو من دمائهم الطاهرة..
ولكن كثيرا من هذه الأجزاء لم يعرف الناس ما جرى فيها من الوقائع الشديدة بين آبائنا وبين العدو الفرنسي، الذي نسي بعض "ما" يسمى "مجاهدين" فصاروا يتلهفون على لقاء هذا العدو، ويضمونه إلى صدورهم، رغم اشمئزازه منهم، وكرهه لتملقهم له، كما لم يعرف أكثرنا ما سقط من الشهداء، حيث لم نسجل مآثرهم، ولم نخلد بطولاتهم، ولم نشد بذكرهم، ولم نُحيِ ذكراهم.. فعليهم رحمة الله ورضوانه، وأكرمهم، فهو أهل الإكرام.

من هذه المناطق التي ضمّ ثراها أجساد شهداء، وارتوى من دمائهم منطقة غير بعيدة من مدينة عين صالح تسمى "الدغامشة".

تنادى مجموعة من المجاهدين من المناطق القريبة من عين صالح (بود الهبلة، تسابيت، سالي، رڤان، إينغر، تيط، أقبلي، أولف..) ونفروا بهدف الزحف على عين صالح لتطهيرها من الرجس الفرنسي.

كان عددهم حوالي 1300 مجاهد بأسلحتهم التي هي أقرب إلى اللّعب منها إلى الأسلحة، وبايعوا على الجهاد عالمهم الشيخ مولاي عبد الله ابن مولاي عباس الرڤاني ولبسوا أجمل الثياب، وتعطروا، وتخضبوا بالحناء لأنهم مقبلون على لقاء الله - عز وجل - فأحبوا أن يلاقوه - إن كتب لهم ذلك - وهم على أحسن ما يكونون.

لقد جرت المعركة بين أولئك المجاهدين وبين العدو الفرنسي في 5 جانفي 1900، وقد أشار عليهم من أشار في منطقة تسمى "البركة" أن يعودوا من حيث أتوا، لأنهم لا قِبل لهم بالعدو الفرنسي من حيث السلاح، فعدوا ذلك من الفرار من الزحف، وقال الناطق باسمهم الشاعر عبد النبي بوتقي في ذلك:

نصحتونا صحيح ونصيحتكم عار وعيب لو كان من "البركة" ولّينا

جرت الواقعة، وتغلبت قوة السلاح وغزارة النار، واستشهد 150 شهيد منهم الشيخ مولاي عبد الله الرڤاني، وجرح مائتا مجاهد، وأسر بعضهم، وانسحب من انسحب..

وليسمع الناس أن الفرنسيين "المتحضرين" - وهم أكثر وحشية من الوحوش- منعوا دفن أولئك الشهداء، وتركوا في العراء إلى 1962.

ولكن الله - القوي العزيز- حفظ أجسام أولئك الشهداء - "كرامة" لهم - فلم تتحلل نتيجة العوامل الجوية، ولم تقترب جوارح الطير ووحوش الحيوانات منها..

وقد شاهنا تلك الأجساد الطاهرة بلحومها، ولباسها، وأجزاء من الخيول وأشعارها قبل حياطتها بصنادق إسمنتية، وتغطيتها بالرمال، لتبقى شاهدة على الدولة الفرنسية الأكثر وحشية والأكبر إجراما عبر التاريخ. ونطلب من المسؤولين هنا وهناك أن تكون فيهم بقية من كرامة فيعتنوا بتلك المقبرة بما يستحقه أولئك الشهداء من صادق العناية.

رحم الله شهداءنا الأبرار، وأخزى كل من خانهم، وفرّط في وديتهم التي استودعوها لنا، ولخزي الآخرة أكبر.

------

لمن أراد التفاصيل فليرجع إلى كتاب الأستاذ عبد القادر بوية: تيدكلت. (وثائق ومحفوظات).
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top