زوجات النبي صلى الله عليه وسلم

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

الساجدة لله وحده

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
2 أكتوبر 2007
المشاركات
3,142
نقاط التفاعل
6
النقاط
157
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

زوجات النبى صى الله عيه وسلم



1- السيدة خديجة بنت خويلد رضى الله عنها
2- السيدة سودة بنت زمعة رضى الله عنها
3- السيدة عائشة بنت أبى بكر رضى الله عنها
4- السيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب رضى الله عنها
5- السيدة زينب بنت خزيمة رضى الله عنها
6- السيدة أم سلمة ( هند بنت أمية ) رضى الله عنها
7- السيدة زينب بنت عمته رضى الله عنها
8- السيدة جويرية بنت الحارث بن أبى ضرار رضى الله عنها
9- صفية بنت حُيى بن أخطب رضى الله عنها
10- أم حبيبة رملة بنت أبى سفيان رضى الله عنها
11- مارية بنت شمعون القبطية رضى الله عنها
12- ميمونة بنت الحارث الهلالية رضى الله عنها

واختلف العلماء على ان رسول الله تزوج
¤¤ ريحانة بنت زيد من بني النظير
والله اعلى واعلم


1 - السيدة خديجة بنت خويلد زواجها :
خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي ، وأمها فاطمة بنت زائدة بن جندب . وكانت خديجة تدعى في الجاهلية الطاهرة . وكانت قبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند عتيق بن عابد بن عبد الله بن عمرو وذكر الطبراني : أنها ولدت لعتيق هند بن عتيق ، ثم خلف عليها أبو هالة مالك بن بناش فولدت له هندا " وهالة . فهند بن عتيق بن عابد ، وهند وهالة ابنا أبي هالة مالك بن بناش . أخو ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من خديجة بنت خويلد . من أمهم .
وروي عن ابن عباس أن نساء أهل مكة احتفلن في عيد كان لهن في رجب ، فلم يتركن شيئا " من إكبار ذلك العيد إلا أتينه . فبينما هن في عيدهن تمثل لهن رجل ، فلما صار منهن قريبا " نادى بأعلى صوته : يا نساء مكة إنه سيكون في بلدكن نبي يقال له أحمد . يبعث برسالة الله . فأيما امرأة استطاعت أن تكون له زوجا " فلتفعل . فحصبته النساء وقبحنه وأغلظن له ، وأغضت خديجة على قوله ولم تعرض له فيما عرض فيه النساء .


وروى عن نفيسة بنت أمية أنها قالت : كانت خديجة ذات شرف ومال كثير ، وتجارة تبعث إلى الشام فيكون غيرها كعامة غير الشام ، وكانت تستأجر الرجال وتدفع المال مضاربة ، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خمسة وعشرين سنة . وليس له اسم بمكة إلا الأمين ، أرسلت إليه خديجة بنت خويلد تسأله الخروج إلى الشام في تجارتها مع غلامها ميسرة وقالت : أنا أعطيك ضعف ما أعطي قومك . ففعل رسول الله صلى الله عليه وآله . وخرج إلى سوق بصرى فباع سلعته التي أخرج . واشترى غيرها . وقدم بقا فربحت ضعف ما كانت تربح . فأضعفت لرسول الله صلى الله عليه وآله ضعف ما سمت له ، فم أرسلتني إليه أعرض عليه نكاحها ففعل





وروى صاحب الإصابة : إن سبب رغبتها فيه صلى الله عليه وآله وسلم . ما حكاه لها غلامها ميسرة مما شاهد من علامات النبوة ومما سمعه من بحيرا الراهب في حقه
وقال صاحب الإستيعاب : وكانت خديجة إذ تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنت أربعين سنة . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن خمس وعشرين سنة
وقال أبو عمر : وأجمع أهل العلم أن خديجة ولدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع بنات هن : زينب وفاطمة ورقية وأم كلثوم ، وأجمعوا أنها ولدت له ابنا يسمى القاسم . وبه كان يكنى صلى الله عليه وسلم . وهذا مما لا خلاف فيه بين أهل العلم ، وزعم بعضهم أنها ولدت له ولدا " يسمى الطاهر . وقال بعضهم : ما نعلمها ولدت له إلا القاسم وولدت له بناته الأربع ، وقيل : ولد لرسول الله صلى الله عليه وسلم . القاسم وبه يكنى وعبد الله وهو الطيب والطاهر وولدت له بناته الأربع .
وقال أبو عمر : وقول الزبير وأكثر
أهل النسب : إن عبد الله ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو : الطيب وهو الطاهر . له ثلاثة اسماء .
ولا يختلف أهل العلم : إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . لم يتزوج قبل البعثة غير خديجة . ولا تزوج عليها أحدا " من نسائه حتى ماتت .



إسلامها :
قال ابن إسحاق : كانت خديجة أول من آمن بالله ورسوله وصدق محمدا " صلى الله عليه وسلم فيما جاء به عن ربه وآزره على أمره . فكان لا يسمع من المشركين شيئا " يكرهه من رد عليه وتكذيب له إلا فرج الله عنه بها . تثبته وتصدقه وتخفف عنه . وتهون عليه ما يلقى من قومه .
وروي عن أبي رافع قال : أول من أسلم من الرجال علي بن أبي طالب . وأول من أسلم من النساء خديجة .
وأخرج أحمد وابن سعد عن عفيف الكندي قال : جئت في الجاهلية إلى مكة . وأنا أريد أن أبتاع لأهلي من ثيابها وعطرها . فنزلت على العباس بن عبد المطلب ، قال . فأنا عنده . وأنا أنظر إلى الكعبة وقد حلقت الشمس فارتفعت ، إذ أقبل شاب حتى دنا من الكعبة . فرفع رأسه إلى السماء فنظر . ثم أستقبل الكعبة قائما " مستقبلها ، إذ جاء غلام حتى قام عن يمينه ، ثم لم يلبث إلا يسيرا " حتى جاءت امرأة فقامت خلفهما . ثم ركع الشاب فركع الغلام وركعت المرأة . ثم رفع الشاب رأسه ورفع الغلام
رأسه ورفعت المرأة رأسها . ثم خر الشاب ساجدا " وخر الغلام ساجدا " وخرت المرأة . قال فقلت : يا عباس إني أرى أمرا " عظيما " . فقال العباس : أمر عظيم ، هل تدري من هذا الشاب ؟ قلت : ما أدري قال : هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن أخي . هل تدري من هذا الغلام ؟ قلت : لا . ما أدري قال : هذا علي بن أبي طالب بن عبد المطلب ابن أخي ، قال : هل تدري من هذه المرأة ؟ قلت : لا . ما أدري . قال : هذه خديجة بنت خويلد زوجة ابن أخي هذا . إن ابن أخي هذا الذي ترى . حدثنا أن ربه رب السماوات والأرض أمره بهذا الدين الذي هو عليه . فهو عليه . ولا والله ما علمت على ظهر الأرض كلها على هذا الدين غير هؤلاء الثلاثة . قال عفيف : فتمنيت بعد أني كنت رابعهم .
وروى عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده . قال : صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم الأثنين وصلت خديجة آخر يوم الأثنين .
وروى عن ابن عباس قال : أول من صلى مع النبي بعد خديجة علي بن أبي طالب
وعن أنس قال : بعث النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأثنين وصلى علي بن أبي طالب يوم الثلاثاء .



مناقبها :
عن ابن عباس قال : خط رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأرض أربعة خطوط . فقال : أتدرون ما هذا ؟ فقالوا : الله ورسوله أعلم .
فقال :
أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة ابنة محمد صلى الله عليه وسلم . ومريم ابنة عمران وآسية ابنة مزاحم امرأة فرعون .
وروى الترمذي عن أنس قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : حسبك من نساء العالمين : مريم ابنة عمران وخديجة بنت خويلد . وفاطمة بنت محمد . وآسية امرأة فرعون .
وقال صاحب التاج الجامع للأصول : أي يكفيك من فاضلات النساء كلهن هؤلاء الأربع . وفضل مريم وآسية لما تقدم في سيرتهما . وفضل خديجة لصبرها الجميل وجليل ما صنعته من أعمال صالحة وآثار نافعة قيمة ، وفضل فاطمة لأنها بضعة من محمد صلى الله عليه وسلم . وأم النسل الشريف كله .
أخرج ابن السني بسند له عن خديجة : إنها خرجت تلتمس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأعلى مكة . ومعها غداوته . فلقيها جبريل في صورة رجل . فسألها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فهابته وخشيت أن يكون بعض من يريد أن يقتله . فلما ذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لها : هو جبريل . وقد أمرني أن أقرأ عليك السلام ، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب
وروى عن أبي هريرة قال : أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله هذه خديجة قد أتتك . معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب ، فإذا هي أتتك . فأقرأ عليها السلام من ربها عز وجل ومني ، وبشرها ببيت في الجنة من قصب . لاصخب فيه ولانصب .





وعن ابن أبي أوفى : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قال لي جبريل صلى الله عليه وسلم . بشر خديجة ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب .
قال صاحب التاج الجامع للأصول : القصب / اللؤلؤ المجوف المنظوم بالدر والياقوت ، والصخب / الصياح ، والنصب / الهم والتعب .
وفي رواية عندما بلغها النبي صلى الله عليه وسلم السلام من ربها جل وعلا ومن جبريل قالت : هو السلام . ومنه السلام . وعلى جبريل السلام . وعليك يا رسول الله السلام ورحمة الله وبركاته ، فهذه منقبة لم ترد لأحد من بنات آدم عليه السلام . فما أعظمها مفخرة للدنيا والآخرة .


وفاتها رضي الله عنها :
قال أبو عمر : قيل : توفيت قبل الهجرة بخمس سنين . وقيل : بأربع سنين . وقال قتادة : تؤفيت خديجة قبل الهجرة بثلاث سنين . عندي أصح . وقال : ويقال كانت وفاتها بعد موت أبي طالب بثلاثة أيام .
وقال ابن إسحاق : كانت وفاة خديجة وأبي طالب في عام واحد .
وكانت يوم توفيت بنت خمس وستين سنة . ودفنت في الحجون .
ونزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حفرتها . ولم تكن شرعت الصلاة على ا لجنائز .

2 - السيدة سودة بنت زمعة
إسلامها وزواجها :



هي : سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حل بن عامر بن لؤي ، وأمها الشموس بنت قيس بن زيد بن عمرو بن لبيد بن خراش بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار ، قال أبو عمر : تزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمكة بعد موت خديجة وقبل العقد على عائشة . ولا خلاف أنه لم يتزوجها إلا بعد موت خديجة ، وكانت قبل ذلك تحت ابن عم لها يقال له : السكران بن عمرو من بني عامر بن لؤي


وقال ابن سعد : أسلم زوجها السكران بن عمرو . وخرجا جميعا " مهاجرين إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية . وقدم السكران بن عمرو مكة من أرض الحبشة ومعه امرأته سودة بنت زمعة ، فتوفي عنها بمكة ، فلما حلت أرسل إليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فخطبها . فقالت : أمري إليك يا رسول الله . فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : مري رجلا " من قومك يزوجك ، فأمرت حاطب بن عمرو . فزوجها فكانت أول إمرأة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد خديجة .



وروي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قالا : جاءت خولة بنت حكيم السلمية امرأة عثمان بن مظعون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله كأني أراك قد دخلتك خلة لفقد خديجة ، فقال : أجل، كانت أم العيال وربة البيت ، قالت : أفلا أخطب عليك ؟ قال : بلى فإنكن معشر النساء أرفق بذلك . فخطبت عليه سودة بنت زمعة .



مناقبها :


روى أبو عمر في الإستيعاب : أن سودة بنت زمعة قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : أود أن أحشر في زمرة أزواجك . وإني قد وهبت يومي لعائشة . وإني لا أريد ما تريد النساء .


عن صالح مولى التؤمة قال : سمعت أبا هريرة يقول : حج رسول الله صلى الله عليه وسلم بنسائه عام حجة الوداع ثم قال : هذه الحجة ثم ظهور الحصر . قال أبو هريرة : وكان كل نساء النبي صلى الله عليه وسلم ، يحججن إلا سودة بنت زمعة . وزينب بنت جحش ، قالتا : لا تحركنا دابة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم

وفي رواية : كانت سودة تقول : لا أحج بعدها أبدا "

وروي عن ابن سيرين : قالت سودة : حججت واعتمرت فأنا أقر في بيتي . كما أمرني الله عز وجل .




روي عن محمد بن عمر ابن الخطاب بعث إلى سودة بنت زمعة بغرارة من دراهم . فقالت : ما هذه ؟ قالوا : دراهم . قالت : في الغرارة مثل التمر . يا جارية بلغيني القنع : قال . ففرقتها .


وفاتها :


وقال أبو عمر : توفيت سودة بنت زمعة في آخر زمان عمر بن الخطاب . وقيل : توفيت سنة أربع وخمسين في خلافة معاوية .


3- السيدة عائشة بنت أبي بكر
زواجها :
هي : عائشة بنت أبي بكر بن أبي قحافة بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي ، وأمها : أم رومان بنت عمير ابن عامر . قال أبو عمر : كانت عائشة تذكر لجبير بن مطعم وتسمى له



وروى ابن سعد عن أبي مليكة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما خطب عائشة. قال أبو بكر : إني كنت أعطيتها مطعما " لإبنه جبير . فدعني حتى أسلها منهم . فاستسلها منهم فطلقها . فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم

وفي وراية : إن أبا بكر إستسلها منهم قبل أن تخطبها خولة بنت حكيم السلمية امرأة عثمان بن مظعون لرسول الله صلى الله عليه وسلم .

وروي أن النبي صلى الله عليه وآله تزوج عائشة بمكة قبل الهجرة بسنتين وقيل : بثلاث سنين . وابتنى بها بالمدينة .
وفي رواية : تزوجها النبي صلى الله عليه وآله في السنة الثانية أو الثالثة للهجرة وتوفي عنها وهي ابنة ثماني عشرة سنة ، وروي عن عباد بن حمزة عن عائشة قالت : قلت يا
رسول الله إن النساء قد إكتنين فكنني . قال : تكنى بإبنك عبد الله بن الزبير . يعنى ابن أختها .
من وصايا النبي صلى الله عليه وآله وسلم : عن عطاء بن يسار . إن النبي صلى الله وسلم قال لأزواجه ( أيتكن إتقت الله ولم تأت بفاحشة مبينة ولزمت ظهر مصيرها فهي زوجتي في الآخرة )
وأخرج ابن سعد عن عروة عن عائشة انها قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا عائشة إن أردت اللحوق بي فليكفيك من الدنيا كزاد الراكب . وإياك ومجالسة الأغنياء . ولا تستخلفي ثوبا " حتى ترقعيه .
وأخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالغيب عن ربه . وبين ما يستقبل للناس من أحداث . حتى يأخذوا بأسباب الحياة السعيدة . لأن الله تعالى ينظر إلى عباده كيف يعملون . وأن العباد لا يجب عليهم إلا الأخذ بتعاليم الدين وهم يسلكون في الحياة . وما يستقبل احدهم من أحداث ما هو إلا نتيجة لما قدموه من أعمال ، وهذه النتيجة أخبر بها الله تعالى العليم المطلق سبحانه رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ومن أحاديث الإخبار بالغيب ما روي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأزواجه : أيتكن صاحبة الجمل الأدبب يقتل حولها قتلى كثير . وتنجو بعد ما كادت قال أبو عمر في هذا الحديث : وهذا الحديث من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم
وذلك لأن ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم تحقق على عهد الإمام علي بن أبي طالب .
وروى الإمام أحمد عن قيس


قال : لما أقبلت عائشة وبلغت مياه بني عامر ليلا " نبحت الكلاب . قالت : أي ماء هذا ؟ قالوا : ماء الحوأب قالت : ما أظنني إلا إني راجعة فقال بعض من كان معها : بل تقدمين فيراك المسلمون فيصلح الله ذات بينهم . قالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها ذات يوم ( كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب )



وعلى هذه المقدمة كان يوم الجمل ما كان . قطوف من سيرتها رضي الله عنها : عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة . فيحسن الثناء عليها . فذكرها يوما " من الأيام فأدركتني الغيرة . فقلت : هل كانت إلا عجوزا " ، فقد أبدلك الله خيرا " منها ، فغضب ، ثم قال : لا والله ما أبدلني الله خيرا " منها ، آمنت بي إذ كفر الناس . وصدقتني إذ كذبني الناس ، وواستني في مالها إذ حرمني الناس . ورزقني الله منها أولادا " إذ حرمني أولاد النساء ، قالت عائشة : فقلت في نفسي لا أذكرها بسيئة أبدا " .

وعن عائشة . قالت : أستأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعرف إستئذان خديجة وتذكره ، فإرتاع لذلك . فقال : اللهم هالة بنت خويلد . فغرت . فقلت : وما تذكر من عجوز من عجائز قريش . حمراء الشدقين هلكت في الدهر فأبدلك الله خيرا " منها

قال صاحب التاج الجامع للأصول : هالة أخت خديجة . إستأذنت هالة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم . فتذكر خديجة لشبه صوتهما . فقال : اللهم هذه هالة . فغارت عائشة فقالت : وما تذكر إلا عجوزا " من عجائز قريش . حمراء الشدقين : أي سقطت أسنانها وبقيت حمرة اللثاث . ماتت وذهبت وأبدلك الله خيرا " منها . تريد نفسها لصغر سنها ، فغضب النبي صلى الله عليه وآله وسلم . حتى قالت له : لا أذكرها بعد هذا إلا بخير .
وفي الصحيح عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذبح الشاة يقول : أرسلوا إلي أصدقاء خديجة . قالت عائشة . فذكرت له يوما " . فقال : إني لأحب حبها .
وأخرج ابن سعد عن القاسم قال : كانت عائشة استقلت بالفتوى في عهد أبي بكر وعمر وعثمان ومما أرسله أصحاب الحديث وأصحاب التواريخ والسير إرسال المسلمات . أن عائشة شاركت في الحرب وقادت المعارك والرجال . وكانت تبعث بالرسائل لرؤساء القبائل . وكانت تأمر وتنهى . وعمل طلحة والزبير تحت قيادتها في معركة الجمل . ومما روي في هذه الأحداث .
روى البيهقي عن الحسن البصري : أن الأحنف بن قيس قال لأم المؤمنين عائشة : يا أم المؤمنين هل عهد إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا المسير ؟ قالت : اللهم لا . قال : فهل وجدته في شئ من كتاب الله جل ذكره ؟ قالت : ما نقرأ إلا ما تقرؤون . فقال : فهل رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ستعان بشئ من نسائه إذا كان في قلة والمشركين في كثرة ؟ قالت : اللهم لا . فقال الأحنف : فإذا ما هو ذنبنا
وروي أن أبا الأسود الدؤلي قال لها : ما أنت من السوط والسيف . إنما أنت حبيس رسول الله صلى الله عليه وسلم . أمرك الله أن تقري في بيتك

وتتلي كتاب ربك . وليس على النساء قتال . ولا لهن الطلب بالدماء . وإن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لأولى بعثمان منك وأحسن رحما " . فإنهما أبناء عبد مناف . قالت : لست بمنصرفة حتى أمضي لما قدمت إليه . أفتظن يا أبا الأسود أن أحدا " يقدم على قتالي . فقال : أما والله لنقاتلنك قتالا " أهونه لشديد



وروي أن زيد بن صوحان كتب إلى أم المؤمنين عائشة : أما بعد . فأنا ابنك المخلص إن اعتزلت هذا الأمر ورجعت إلى بيتك . وإلا فأنا أول من نابذك . وقال زيد بن صوحان : رحم الله أم المؤمنين . أمرت أن تلزم بيتها . وأمرنا أن نقاتل ، فتركت ما أمرت به وأمرتنا به . وصنعت ما أمرنا به ونهتنا عنه .
وكانت رضي الله عنها تتصدق على الفقراء والمساكين حتى توفاها الله . وكانت تظهر النعمة وتتحدث بها . فعن ذكوان مولى عائشة قال : قدم درج من العراق فيه جواهر إلى عمر بن الخطاب . فقال لأصحابه : أتدرون ما ثمنه . فقالوا : لا . ولم يدروا كيف يقسمونه . فقال : أتأذنون أن أرسل به إلى عائشة لحب رسول الله صلى الله عليه وسلم اياها . قالوا : نعم . فبعث به إليها

وأخرج ابن سعد عن مصعب بن سعد قال : . فرض عمر لأمهات المؤمنين عشرة آلاف . وزاد عائشة ألفين . وقال : إنها حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وفي عهد معاوية بن أبي سفيان . تعهد معاوية أم المؤمنين بالعطايا . روى عن عروة أن معاوية بعث إلى عائشة بمائة ألف



وأخرج ابن كثير عن عطاء . قال : بعث معاوية إلى عائشة وهي بمكة بطوق قيمته مائة ألف فقبلته



وروى ابن كثير عن سعيد بن العزيز قال : قضى معاوية عن عائشة أم المؤمنين ثمانية عشر ألف دينار . وما كان عليها من الدين الذي كانت تعطيه للناس .

وأخرج أبو نعيم عن عبد الرحمن بن القاسم قال : أهدى معاوية لعائشة ثيابا " وورقا " وأشياء توضع في أسطوانتها .

وكما ذكرنا إنها رضي الله عنها كانت قد إستقلت بالفتوى في عهد أبي بكر وعمر وعثمان . وكما ذكرنا إنها رضي الله عنها كانت تتحدث بالنعمة . ومن ذلك ما أخرجه ابن سعد عن القاسم بن محمد قال : إن عائشة كانت تلبس الأحمر المذهب والمعصفر وهي محرمة
وعن عمرو بن أبي عمرو قال : سألت القاسم بن محمد . إن ناسا " يزعمون إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الأحمرين العصفر والذهب . فقال : كذبوا . والله لقد رأيت عائشة تلبس المعصفرات وتلبس خواتم الذهب
وعن حبيبة بنت عباد عن أمها قالت : رأيت على عائشة درعا " أحمرا " وخمارا " أسود
وعن عبد الرحمن بن القاسم عن أمه قالت : رأيت على عائشة ثيابا " حمرا كأنها شرر وهي محرمة .


وفاتها :




عن قيس بن أبي حازم . قالت عائشة : إني أحدثت بعد رسول الله


صلى الله عليه وسلم حدثا " . أدفنوني مع أزواجه

وعن عيسى بن دينار قال . سألت أبا جعفر عن عائشة فقال : استغفر لها . أما علمت ما كانت تقول : يا ليتني كنت شجرة . يا ليتني كنت حجرا " . يا ليتني كنت مدرة . قال قلت : وما ذاك منها ؟ قال : توبة

وعن عمارة بن عمير قال : كانت عائشة إذا قرأت هذه الآية : ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ) بكت حتى تبل خمارها .
قال أبو عمر : وتوفيت عائشة سنة سبع وخمسين . وقيل : سنة ثمان وخمسين . ودفنت من ليلتها بعد الوتر بالبقيع وصلى عليها أبو هريرة .


4 - السيدة حفصة بنت عمر
زواجها :



هي : حفصة بنت عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عدي بن كعب بن لؤي ، وأمها زينب بنت مظعون بن حبيب بن وهب . ولدت حفصة وقريش تبني البيت قبل مبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم بخمس سنين .


وأخرج ابن سعد عن أبي الحويرث قال : تزوج خنيس بن حذافة بن قيس بن عدي حفصة بنت عمر بن الخطاب . فكانت عنده وهاجرت معه إلى المدينة فمات عنها بعد الهجرة مقدم النبي صلى الله عليه وسلم من بعد

وروى عن حسين بن أبي حسين قال : تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة في شعبان على رأس ثلاثين شهرا " قبل أحد

وقال أبو عمر : تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنة ثلاث من الهجرة . وقيل : تزوجها سنة اثنتين من التاريخ .
وروي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن عمر بن الخطاب . إن النبي صلى الله عليه وسلم . طلق حفصة ثم راجعها .



وفاتها رضي الله عنها :



قال أبو عمر : أوصى عمر بن الخطاب بعد موته إلى حفصة ، وأوصت حفصة إلى عبد الله بن عمر بما أوصى به عمر وبصدقة تصدقت بها وبمال وقفته بالغاية . وتوفيت سنة إحدى وأربعين .



وقال أبو معشر وغيره : توفيت سنة خمس وأربعين .

وأخرج ابن سعد أنها توفيت سنة خمس وأربعين في خلافة معاوية بن أبي سفيان وهي يومئذ ابنة ستين سنة وصلى عليها مروان بن الحكم وهو يومئذ عامل المدينة .



 
5 - السيدة زينب بنت خزيمة
زواجها :



هي : زينب بنت خزيمة بن الحارث بن عبد الله بن عمرو بن عبد مناف بن هلال . قال ابن سعد : وهي أم المساكين . وكانت تسمى بذلك في الجاهلية . وكانت عند الطفيل بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف فطلقها . فتزوجها عبيدة بن الحارث فقتل عنها يوم بدر شهيدا " .


وروي عن محمد بن قدامة عن أبيه قالا " : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت خزيمة الهلالية أم المساكين . فجعلت أمرها إليه . فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم . وأشهد وأصدقها اثنى عشرة أوقية ونشا " . وكان تزويجه إياها في شهر رمضان . على رأس إحدى وثلاثين شهرا " من الهجرة .

وقيل : سنة ثلاث من الهجرة .




وفاتها رضي الله عنها :



أخرج ابن سعد عن محمد بن قدامة عند أبيه قالا : مكثت زينب عند رسول الله صلى لله عليه وسلم ثمانية أشهر وتوفيت في اخر شهر ربيع الآخر على رأس تسعة وثلاثين شهرا " من الهجرة . وصلى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم . ودفنها بالبقيع



وأخرج أبو عمر : لم تلبث زينب عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا شهرين أو ثلاثة .


6 - السيدة أم سلمة بنت أبي أمية
زواجها :



هي : هند بنت أبي أمية . واسمه سهيل زاد الراكب بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، وأمها عاتكة بنت عامر بن ربيعة من بني مالك بن كنانة . كانت أم سلمة قبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد . فولدت له سلمة وعمر وزينب ثم توفي عنها . فخلف عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم


وروى الحاكم عن مصعب بن عبد الله قال : كانت أم سلمة هي أول ظعينة دخلت المدينة مهاجرة . وكانت قبل النبي صلى الله عليه وسلم عند أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد . وهو أول من هاجر إلى أرض الحبشة . وشهد بدرا " وتوفي على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . فولدت لأبي سلمة . سلمة وعمر ودرة وزينب .

وعن أبي جعفر قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم . دخل على

أم سلمة حين توفي أبو سلمة . فذكر ما أعطاه الله وما قسم له وما فضله . فما زال يذكر ذلك ويتحامل على يده . حتى أثر الحصير في يده مما يحدثها
وروى الحاكم وغيره : لما أنقضت عدة أم سلمة خطبها أبو بكر فردته . وخطبها عمر فردته
وروى ابن سعد عن أم سلمة قالت : لما خطبني رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت : إني في خلال لا ينبغي لي أن أتزوج رسول الله . إني امرأة مسنة . وإني أم أيتام . وإني شديدة الغيرة . قالت . فأرسل إلي رسول الله : أما قولك إني امرأة مسنة فأنا أسن منك . ولا يعاب على المرأة أن تتزوج أسن منها . وأما قولك إني أم أيتام فإن كلهم على الله وعلى رسوله . وأما قولك إني شديدة الغيرة . فإني أدعو الله أن يذهب ذلك عنك . قالت : فتزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأنتقلني فأدخلني بيت زينب بنت خزيمة أم المساكين بعد أن ماتت . فإذا جرة . فاطلعت فيها فإذا فيها شئ من شعير . وإذا رحى وبرمة وقدر . فنظرت فإذا فيها كعب من إهالة . قالت : فأخذت ذلك الشعير فطحنته ثم عصدته في البرمة وأخذت الكعب من الإهالة فأدمته به . قالت : فكان ذلك طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم . وطعام أهله ليلة عرسه .
وروي الحاكم عن عمر بن أبي سلمة : إن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم تزوج أم سلمة . في ليال بقين من شوال سنة أربع . ثم إن أهل المدينة قالوا : دخلت أيم العرب على سيد الإسلام والمسلمين أول العشاء عروسا " ، وقامت من آخر الليل تطحن وير أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها .



مناقبها :



وروي عن سلمان قال : أتى جبريل عليه السلام نبي الله صلى الله عليه وسلم وعنده أم سلمة . فجعل يتحدث ثم قام . فقال نبي الله لأم سلمة : من هذا ؟ أو كما قال . قالت : هذا دحية الكلبي . قالت : والله ما حسبته إلا إياه . حتى سمعت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يخبر خبرنا



قال صاحب التاج الجامع للأصول : فأم سلمة رأت جبريل يتحدث مع النبي صلى اللة عليه وسلم . فلما سألها من هذا . ما فهمت إلا أنه دحية الكلبي . لأنه كان يأتي في صورته أحيانا " . ففيه فضل أم سلمة لرؤيتها لجبريل ولحضوره في مجلسها .

وروي عن إياس عن أم الحسين . أنها كانت عند أم سلمة . فأتي مساكين فجعلوا يلحون وفيهم نساء . فقلت : أخرجوا أو أخرجن . فقالت أم سلمة : ما بهذا أمرنا يا جارية . ردي كل واحد وواحدة ولو بتمرة تضعيها في يدها .

وروى الإمام أحمد عن عطاء بن رباح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في بيت أم سلمة فأتته فاطمة . فقال أدعي زوجك وابنيك . فجاء علي والحسن والحسين . فدخلوا عليه فجلسوا على دثار . وكان تحته كساء له خيبري . قالت أم سلمة وأنا أصلى في الحجرة . فأنزل الله عز وجل ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم فضل . الكساء فغشاهم به . ثم أخرج يده فألوى بها إلى السماء . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي . فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا " ) قالت أم سلمة : فأدخلت رأسي البيت فقلت : وأنا معكم يا رسول الله ؟ قال لا ( إنك إلى خير إنك إلى خير ) .



من معالم الإرشاد : مما روته أم سلمة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . يتبين أن أم سلمة كانت حجة بذاتها . نظرا " لما شاهدته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما أخبرها به . فلقد شاء الله تعالى أن تنزل آية التطهير في بيت أم سلمة . وأن تشهد أم سلمة أصحاب هذه الآية . وشاء الله تعالى أن ينزل جبريل وغيره من الملائكة عليهم السلام في بيتها . ويخبروا النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقتل الحسين بن علي بن أبي طالب . وهو واحد من أهل الكساء الذين نزلت في حقهم آية التطهير .

ولقد روي عن أم سلمة : أحاديث تبين ما يستقبل الناس من الفتن . وكانت هذه الروايات في حقيقة الأمر دعوة من أجل الأخذ بأسباب الحياة الكريمة . ومما روي عن أم سلمة في هذا الباب عن عبد الله بن رافع عن أم سلمة قالت : أشهد إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من أحب عليا " فقد أحبني . ومن أحبني فقد أحب الله . ومن أبغض عليا " فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله

وعن ثابت مولى أبي ذر . قال : كنت مع علي بن أبي طالب يوم الجمل . فلما رأيت عائشة دخلني بعض ما يدخل الناس . فكشف الله عني ذلك عند صلاة الظهر فقاتلت مع أمير المؤمنين . فلما فرغ ذهبت إلى المدينة . فأتيت أم سلمة . فقلت : إني والله ما جئت أسال طعاما " ولا شرابا " . ولكني مولى لأبي ذر . فقالت : مرحبا " فقصصت عليها قصتي . فقالت : أين كنت حين طارت القلوب مطائرها ؟ قلت : إلى حيث كشف الله ذلك عني عند زوال الشمس . قالت : أحسنت . سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( علي مع القرآن والقرآن مع علي . لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض ) .



وروي عن مالك بن جعونه قال : سمعت أم سلمة تقول : علي مع الحق . ومن تبعه فهو على الحق . ومن تركه ترك الحق . عهدا " معهودا " قبل يومه هذا .

وعن أم سلمة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا " ذات يوم في بيتي . فقال : لا يدخل علي أحد . فإنتظرت . فدخل الحسين . فسمعت نشيج رسول الله صلى الله عليه وسلم يبكي . فاطلعت فإذا حسين في حجره والنبي صلى الله عليه وسلم يمسح جبينه وهو يبكي . فقلت : والله ما علمت حين دخل فقال : إن جبريل كان معنا في البيت . قال أفتحبه ؟ قلت : أما من الدنيا فنعم فقال : إن أمتك ستقتل هذا بأرض يقال لها كربلاء .

وعندما فتحت أبواب الفتن لأخذ الناس بأسبابها . قتل الحسين بن علي عليهما السلام .
وروي عن سلمى قالت : دخلت على أم سلمة وهي تبكي . فقلت : ما يبكيك ؟ قالت : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام . وعلى رأسه ولحيته التراب . فقلت : ما لك يا رسول الله ؟ قال :
شهدت قتل الحسين آنفا " )
وروى الحاكم عن شهر بن حوشب قال : أتيت أم سلمة أعزيها بقتل الحسين بن علي
وروي أن أم سلمة قالت عندما بلغها قتل الحسين : قد فعلوها ملأ الله قبورهم - أو بيوتهم عليهم نارا " . ووقعت مغشيا " عليها . لقد قدر لأم سلمة رضي الله عنها أن تشهد المقدمات والنتائج . وبين المقدمة وبين النتيجة كانت الحجة بالبلاغ فوق رؤوس المسيرة . ولله في عباده شؤون .
وقال صاحب الإصابة : كانت أم سلمة موصوفة بالعقل البالغ والرأي الصائب . وإشارتها على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية تدل على وفور عقلها وصواب رأيها
وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لأصحابه بعد ما كتب كتاب الصلح يوم الحديبية : أنحروا بدنكم واحلقوا رؤوسكم . فامتنعوا وقالوا : كيف ننحر ونحلق ولم نطف بالبيت ولم نسع بين الصفا والمروة . فإغتم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وشكا ذلك لأم سلمة فقالت : يا رسول الله أنحر أنت وأحلق . فنحر رسول الله صلى الله عليه وسلم وحلق . فنحر القوم .
ومما يدل على رجاحة عقلها أيضا " . روي عن عبد الله بن رافع قال : كانت أم سلمة تحدث أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر وهي تمتشط : أيها الناس ، فقالت لماشطتها : لفي رأسي . قالت : فديتك إنما يقول : أيها الناس . قالت أم سلمة : ويحك أو لسنا من الناس . فلفت رأسها وقامت في حجرتها فسمعته يقول : أيها الناس بينما
أنا على الحوض جئ بكم زمرا " . فتفرقت بكم الطرق . فناديتكم : ألا هلموا إلي الطريق . فناداني مناد من بعدي فقال : إنهم قد بدلوا بعدك . فقلت : ألا سحقا " سحقا " .




وفاتها :




قال ابن حيان : ماتت سنة إحدى وستين بعد ما جاءها نعي الحسين بن علي



وقال أبو نعيم : ماتت سنة اثنتين وستين وهي آخر أمهات المؤمنين موتا "

وروى الحاكم عن عطاء بن السائب قال : كنا قعودا " مع محارب بن دثاز فقال : حدثني ابن سعيد بن زيد أن أم سلمة أوصت أن يصلي عليها سعيد بن زيد . خشية أن يصلي عليها مروان بن الحكم

وقال أبو عمر : دخل قبرها عمر وسلمة ابنا أبي سلمة ودفنت بالبقيع رحمة الله عليها .

 
7- السيدة زينب بنت جحش
زواجها :


هي : زينب بنت جحش بن رياب بن يعمر بن حبرة بن مرة بن أسد بن خزيمة ، وأمها : أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي . عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم .


أخرج ابن سعد عن عمر بن عثمان عن أبيه قال : قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة . وكانت زينب بنت جحش ممن هاجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، فخطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم على زيد بن حارثة . فقالت : يا رسول الله لا أرضاه لنفسي وأنا أيم قريش قال : فإني قد رضيته لك . فتزوجها زيد بن حارثة .

وروي أن زيدا " كان يقال له زيد بن محمد ، وكان أهل الجاهلية يعتقدون أن الذي يتبنى غيره يصير ابنه بحيث يتوارثان إلى غير ذلك ، فلما نزل قوله تعالى : ( ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ ) وقوله تعالى : ( مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ ) الآية . وزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم بزينب بنت جحش انتفى ما كانوا يعتقدونه في الجاهلية ، وعلاوة على ذلك


امتحن الله تعالى المسلمين في هذه الآونة بهذا الزواج . فأما الذين آمنوا فقد علموا أن وراء هذا التشريع حكمة . وأما المنافقين فقالوا حرم محمد الولد وقد تزوج امرأة إبنه . إلى غير ذلك .



وقصة الزواج أشار إليها قول الله تعالى : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا * وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا * مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا * الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا * مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ) .

قال صاحب الميزان : المراد بهذا الذي أنعم الله عليه . وأنعم النبي عليه . زيد بن حارثة . الذي كان عبدا " للنبي صلى الله عليه وسلم ثم حرره واتخذه ابنا " له . وكان تحته زينب بنت جحش . أتى زيد النبي فاستشاره في طلاق زينب . فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن الطلاق . ثم طلقها زيد فتزوجها النبي صلى الله عليه وآله وسلم . ونزلت الآيات . فقوله : ( أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ ) أي بالهداية إلى الإيمان وتحبيبه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقوله : ( وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ ) أي بالإحسان إليه وتحريره وتخصيصه بنفسك ، وقوله : ( أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ ) كناية عن الكف عن تطليقها . ولا تخلو من إشعار بإصرار زيد على تطليقها وقوله : ( وَتُخْفِي
فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ ) أي مظهره (وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاه ) . أعني قوله : ( الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّه) دليل على أن خشيته صلى الله عليه وسلم الناس . لم تكن خشية على نفسه . بل كانت خشية في الله . فأخفى في نفسه ما أخفاه . استشعارا " منه أنه لو أظهره ، عابه الناس وطعن فيه بعض من في قلبه مرض ، فأثر ذلك أثرا " سيئا " في إيمان العامة ، وهذا الخوف - كما ترى - ليس خوفا " مذموما " . بل خوف في الله . وهو في الحقيقة خوف من الله سبحانه .
فقوله : ( وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاه ) الظاهر في نوع من العتاب . ردع عن نوع من خشية الله . وهي خشية عن طريق الناس وهداية إلى نوع آخر من خشيته تعالى ، وأنه كان من الحري أن يخشى الله دون الناس . ولا يخفي ما في نفسه ما الله مبديه . وهذا نعم الشاهد على أن الله كان قد فرض له أن يتزوج زوج زيد الذي كان تبناه ، ليرتفع بذلك الحرج عن المؤمنين في التزوج بأزواج الأدعياء . وهو صلى الله عليه وآله وسلم كان يخفيه في نفسه إلى حين . مخافة سوء أثره في الناس ، فأمنه الله ذلك بعتابه عليه .
نظير ما تقدم في قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ - إلى قوله - وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ). فظاهر العتاب الذي يلوح من قوله : ( وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاه ) مسوق لانتصاره . . وتأييد أمره . قبال طعن الطاغين ممن في قلوبهم مرض .

نظير ما تقدم في قوله : ( عَفَا اللّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ ) ومن الدليل على أنه انتصار وتأييد في صورة العتاب قوله تعالى بعد : (فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا ) حيث أخبر عن تزويجه إياها . كأنه أمر خارج عن إرادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم واختياره ثم قوله : (وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا )



فقوله : (فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا ) متفرع على ما تقدم من قوله : ( وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيه) وقضاء الوطر منها كناية عن الدخول والتمتع ، وقوله : ( لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا ) تعليل للتزويج ومصلحة للحكم .

وقوله : ( وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا ) مشير إلى تحقيق الوقوع وتأكيد للحكم . ومن ذلك يظن أن الذي كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يخفيه في نفسه . هو ما فرض الله له أن يتزوجها . لا هواها وحبه الشديد لها وهي بعد متزوجة . كما ذكر جمع من المفسرين . واعتذروا عنه بأنها حالة جبلية لا يكاد يسلم منها البشر ، فإن فيه أولا " : منع أن يكون بحيث لا يقوى عليه التربية الإلهية ، وثانيا " : أنه لا معنى حينئذ للعتاب على كتمانه وإخفائه في نفسه فلا مجوز في الإسلام لذكر حلائل الناس والتشبيب بهن .

وقوله تعالى : ( مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ ) المعنى : ما كان على النبي من منع فيما عين الله له . أو أباح الله له . حتى يكون عليه حرج في ذلك .
وقال في الميزان : وفي العيون في باب مجلس الإمام الرضا عند المأمون مع أصحاب الملل في حديث يجيب فيه عن مسألة علي بن الجهم في عصمة الأنبياء قال : وأما محمد صلى الله عليه وآله وقول الله عز وجل : ( وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ ) فإن الله عز وجل عرف نبيه صلى الله عليه وسلم أسماء أزواجه في الدنيا وأسماء أزواجه في الآخرة . وأنهن أمهات المؤمنين . وأحد من سمى له زينب بنت جحش . وهي يومئذ تحت زيد بن حارثة . فأخفى صلى الله عليه وآله وسلم اسمها
في نفسه ولم يبده ، لكيلا يقول أحد من المنافقين : إنه قال في امرأة في بيت رجل أنها أحد أزواجه من أمهات المؤمنين . وخشي صلى الله عليه وآله وسلم قول المنافقين . قال تعالى : ( وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاه) يعني في نفسك الحديث .
وروي ما يقرب منه في المجمع في قوله : (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيه ) قيل : إن الذي أخفاه في نفسه هو أن الله سبحانه أعلمه أنها ستكون من أزواجه . وأن زيدا " سيطلقها . فلما جاء زيد وقال له : أريد أن أطلق زينب . قال له : أمسك عليك زوجك . فقال الله سبحانه لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم : لم قلت أمسك عليك زوجك وقد أعلمتك أنها ستكون من أزواجك .



مناقبها :




في الروايات . ما أولم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على امرأة من نسائه ما أولم على زينب . ذبح شاة وأطعم الناس الخبز واللحم . وفي الروايات أنها كانت تفتخر على سائر النساء بثلاث : أن جدها وجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم واحد . فإنها كانت بنت أميمة بنت عبد المطلب عمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وأن الذي زوجها منه هو الله سبحانه وتعالى ، وأن السفير جبريل عليه السلام .



وأخرج ابن سعد عن ابن عباس قال : لما أخبرت زينب بتزويج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لها، سجدت

وقال المسعودي : وكان تزويجه صلى الله عليه وسلم من زينب بنت جحش سنة خمس من الهجرة . وروي عن أم سلمة أن زينب كان بينها وبين عائشة ما يكون

فقالت زينب : إني والله ما أنا كأحد من نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم . إنهن زوجهن بالمهور وزوجهن الأولياء ، وزوجني الله رسوله وأنزل في الكتاب يقرأ به المسلمون لا يبدل ولا يغير ( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ ) الآية وقالت أم سلمة : وكانت لرسول الله معجبة وكان يستكثر منها . وكانت امرأة صالحة صوامة قوامة صنعا . تتصدق بذلك كله على المساكين .
وروي عن عاصم الأحول . أن رجلا " من بني أسد فاخر رجلا " . فقال الأسدي : هل منكم امرأة زوجها الله من فوق سبع سماوات ؟ يعني زينب بنت جحش .
وأخرج ابن سعد عن عائشة قالت : قال النبي صلى الله عليه وسلم لأزواجه . يتبعني أطولكن يدا " . قالت عائشة : فكنا إذا اجتمعنا في بيت إحدانا بعد النبي صلى الله عليه وسلم . نمد أيدينا في الجدار نتطاول ، فلم نزل نفعل ذلك حتى توفيت زينب بنت جحش . وكانت امرأة قصيرة . ولم تكن أطولنا فعرفنا حينئذ أن النبي صلى الله عليه وسلم . إنما أراد بطول اليد الصدقة . قالت : وكانت زينب امرأة صناع اليد . فكانت تدبغ وتخرز وتتصدق في سبيل الله .
وأخرج ابن سعد عن عمر بن عثمان عن أبيه : ما تركت زينب بنت جحش درهما " ولا دينارا " . كانت تتصدق بكل ما قدرت عليه . وكانت مأوى المساكين . وتركت منزلها فباعوه من الوليد بن عبد الملك حين هدم المسجد بخمسين ألف درهم
وروي عن محمد بن كعب قال : كان عطاءبنت جحش اثني عشر ألفا " لم تأخذه إلا عاما " واحدا " فجعلت تقول : اللهم لا يدركني هذا المال من قابل . فإنه فتنة ثم قسمته في أهل رحمها وفي أهل الحاجة .



وفاتها رضي الله عنها :




توفيت زينب بنت جحش في خلافة عمر بن الخطاب سنة عشرين وهي بنت خمسين . وقيل إنها عاشت ثلاثا " وخمسين



وروي أن عمر بن الخطاب أراد أن يدخل القبر فأرسل إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فقلن : إنه لا يحل لك أن تدخل القبر . وإنما يدخل القبر من كان يحل له أن ينظر إليها وهي حية وحفر لها بالبقيع عند دار عقيل فيما بين دار عقيل ودار ابن الحنفية . ونقل اللبن من السمينة فوضع عند القبر . وكان يوما " صائفا "


8 - السيدة أم حبيبة بنت أبي سفيان



نظرات في الطريق إلى بلاد الحبشة :



هي : رملة بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس ، وأمها : صفية بنت أبي العاص بن أمية بن عبد شمس ، تزوجها عبيد الله بن جحش فولدت له حبيبة فكنيت بها .

إن الباحث في تاريخ الأمم السالفة . يجد أن هلاك هذه الأمم يعود سببه إلى شركهم بالله . والإعراض عن آياته . والاستكبار في مقابل الحق . وتكذيب الرسل . فإلى هذه الأسباب تعود المعيشة الضنك والهلاك والاستئصال من عصر نوح عليه السلام إلى قيام الساعة . والله تعالى لم يهلك أمة إلا بعد الإنذار وإتمام الحجة .

وعندما بعث الله تعالى نبيه الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم . تكاتف وعاء الكفر والشرك والاستعباد والاستكبار والتفاخر . والتكذيب والجهل والسخرية والظلم والطاغوت إلى آخر التفريعات الشيطانية . تكاتف أصحاب النفوس المريضة على امتداد مسيرة الأمة ووضعوا العوائق أمام الدعوة حتى لا تسوق الناس إلى سعادة الدنيا وآخرة .

كان النظام الشيطاني بالمرصاد لكل من يحمل معالم الاتحاد والإخلاص والأدب والاستقامة والتطهير والتعقل والإحساس والتقوى والتوسل والجهاد والحلال والحمد


وفي عهد البعثة استهزأ الكفار بالمبعوث صلى الله عليه وآله وسلم ، ولم يكن الكفار أهلا " لسماع الحق وتعقله . نظرا " لما في صدورهم من استكبار وكان طابور الشرك يتمسك بالأصنام وفي هذا دليل على عدم معرفتهم بمقام الله تعالى وخروجهم عن الفطرة التي فطر الله تعالى الناس عليها . وكان لازم ذلك أن يتعقلوا وينصتوا للحق الذي بعث به النبي صلى الله عليه وآله وسلم . لكنهم مكروا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وغضبوا من انتشار الإسلام واضطهدوا المستضعفين من الذين آمنوا وأخرجوا وقاتلوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم والذين معه .



وبالجملة : فقد المشركون استعداد الإيمان لإعراضهم عن إتباع الرسول وذكر الله . وفي عهد البعثة الخاتمة صد الذين كفروا من أهل الكتاب عن سبيل الله . والطائفتان من أهل الكتاب - اليهود والنصارى - يرجعان إلى أصل واحد . وهذا الأصل يحمل فيما يحمل صفات النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم . لكن الذين كفروا منهم تعاموا عن ما بين أيديهم . وطلبوا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن ينزل إليهم كتابا " من السماء .

ولقد سعى اليهود ضد المسلمين وأشعلوا الفتنة ضد الإسلام فلم يؤثر ذلك لأن الله تعالى الذي بيده عذاب الدنيا من سبي وشتات وضرب للذلة والمسكنة وغير ذلك . بيده أيضا " النصر وتوريث الأرض لعباده الصالحين إلى غير ذلك .

أما النصارى فلقد وقفوا تحت لافتات وهم لا يعلمون معنى واحدا " من العناوين التي تحملها اللافتة . لقد قالوا إن المسيح ( إله ) و ( إنسان ) أيضا " ، وقالوا بعقيدة التثليث التي لم تذكر التوراة عنها شيئا " .
ويعلم الباحث في هذا الباب . أن مصادر هذه العقيدة مصادر وثنية . ولا يستطيع باحث أن يرد القول بأن عقيدة التثليث والفداء والصليب من عقائد الهنود .
وأن هذه العقيدة كانت شائعة بين عبدة الأصنام القدامى . وإن العبادة على طريق هذه العقيدة تتنافى مع تعليمات المسيح نفسه .
وبالجملة : كان أبو سفيان بن حرب في زمن البعثة يحمل في يده لواء الكفر والشرك والاستكبار في مقابل الحق . ولم يترك طريقا " يقود صاحبه إلى الإيمان بالله ورسوله إلا ووضع عليه العوائق ، وكان اليهود يتحصنون في قرى داخل الحجاز . يراقبون ويوسوسون ابتغاء الفتنة وابتغاء إشعال نار الحرب .
وكان النصارى في الحجاز وخارجه عاكفين على عقيدة لم يكن المسيح مسؤولا " عنها . وكان بين أهل الكتاب من يبحث عن الحقيقة . وهؤلاء لم تخلوا منهم صحراء الحجاز وما حولها . وكانوا في بلاد الحبشة وبلاد مصر نظرا " لأن الكنيسة الأثيوبية والكنيسة المصرية يقفان على أرضية واحدة وتحت ظل واحد . بمعنى : إن نجاشي الحبشة إذا تأثر بشئ . وجدت أثر ذلك في مقوقس مصر .
والخلاصة : لما كان أبو سفيان عضوا " أصيلا " في طابور الصد عن سبيل الله . فإن النجاشي كان عضوا " أصيلا " في قافلة البحث عن الحقيقة . وبين ما يمثله أبو سفيان وبين ما يمثله النجاشي .
دارت قصة أم حبيبة بنت أبي سفيان .
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة يخاف على أصحابه من المشركين ، فبعث جعفر بن أبي طالب وابن مسعود وعثمان بن مظعون في رهط من أصحابه إلى النجاشي ملك الحبشة ، فلما بلغ المشركين . بعثوا عمرو بن العاص في رهط منهم . فذكروا إنهم سبقوا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي ، وقالوا : إنه قد خرج فينا رجل سفه عقول قريش وأحلامهم ، زعم أنه نبي ، وانه بعث إليك رهطا " ليفسدوا عليك قومك . فأحببنا أن نأتيك ونخبرك خبرهم . قال : إن جاءوني نظرت فيما
يقولون ، فلما قدم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأتوا إلى باب النجاشي . فقالوا : أستأذن لأولياء الله ، فقال : أئذن لهم فمرحبا بأولياء الله ، فلما دخلوا عليه سلموا ، فقال الرهط من المشركين : الم تر أيها الملك أنا صدقناك ، وإنهم لم يحيوك بتحيتك التي تحيا بها ؟ فقال لهم : ما يمنعكم أن تحيوني بتحيتي ؟ قالوا : إنا حييناك بتحية أهل الجنة وتحية الملائكة . فقال لهم : ما يقول صاحبكم في عيسى وأمه ؟ قالوا : يقول : عبد الله ورسوله وكلمة من الله وروح منه ألقاها إلى مريم ، ويقول في مريم : إنها العذراء الطيبة البتول . فأخذ النجاشي عودا " من الأرض وقال : ما زاد عيسى وأمه على ما قال صاحبكم هذا العود ، فكره المشركون قوله وتغير له وجوههم . فقال : هل تقرؤون شيئا " مما أنزل عليكم ؟ قالوا : نعم ، قال : فاقرؤوا ، فقرؤوا وحوله القسيسون والرهبان . فجعلت طائفة من القسيسين والرهبان . كلما قرؤوا آية انحدرت دموعهم مما عرفوا من الحق . وهو قوله تعالى ( " ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ * وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ " ) .
وروي أن النجاشي بكى وأسلم . وأسلم معه خاصته .
وروي أنه خرج من بلاد الحبشة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلما عبر البحر توفي .
وروي عن سعيد بن جبير : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جعفرا في سبعين راكبا " إلى النجاشي يدعوه . فقدم عليه ودعاه فاستجاب له وآمن به ، فلما كان عند انصرافه . قال ناس ممن آمن به من أهل مملكته وهم أربعون رجلا " : ائذن لنا فنأتي هذا النبي فنسلم به ، فقدموا مع جعفر ، فلما رأوا ما بالمسلمين من الخصاصة . استأذنوا رسول الله صلى الله عليه




زواجها :




كان أهل الكتاب قد رفعوا لافتة تحمل كل معاني الفتن . وقالوا : يا معشر المسلمين أما من آمن منا بكتابنا وكتابكم فله أجران . ومن آمن منا بكتابنا فله أجر كأجوركم . فما فضلكم علينا ؟ وانطلقت هذه الفتنة حتى استقرت في الجزيرة وما حولها وفي الحبشة وغيرها . ورد الله كيدهم إلى نحورهم وأنزل آيات بينات وأخبر على لسان رسوله صلى الله عليه وآله وسلم . أن الإيمان بالرسالة الخاتمة شرط لنيل رضا الله تعالى .


وروي أن عبيد الله بن جحش زوج أم حبيبة لم يستمع ولم ينصت لصوت الحجة الدامغة . وسلك في الفتنة التي تصد عن سبيل الله . فعن أم حبيبة قالت : رأيت في المنام كأن عبيد الله بن جحش زوجي بأسوأ صورة وأشوهه . ففزعت فقلت : تغيرت والله حاله . فإذا هو يقول حين أصبح : يا أم حبيبة إني نظرت في الدين فلم أر دينا " خيرا " من النصرانية . وكنت قد دنت بها . ثم دخلت في دين محمد . ثم رجعت إلى النصرانية . فقلت : والله ما خير لك . وأخبرته بالرؤيا التي رأيت له . فلم يحفل بها وأكب على الخمر حتى مات . فرأيت في النوم كأن آتيا " يقول لي : يا أم المؤمنين . ففزعت وأولتها إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتزوجني . قالت : فما هو إلا أن أنقضت عدتي . فما شعرت إلا برسول النجاشي على بابي يستأذن . فإذا جارية له يقال لها ( أبرهة ) كانت تقوم على ثيابه ودهنه . فدخلت علي . فقالت : إن الملك يقول لك إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلي أن أزوجك . فقلت : بشرك الله بخير . وقالت : يقول لك الملك وكلي من يزوجك . فأرسلت إلى خالد بن سعيد بن العاص فوكلته . وأعطت أبرهة سوارين من فضة وخدمتين كانتا في رجليها وخواتيم فضة كانت في أصابع رجليها سرورا " بما بشرتها به . فلما كان العشى أمر النجاشي جعفر بن أبي طالب ومن هناك من المسلمين فحضروا . فخطب

النجاشي . فقال : الحمد لله . الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار . الحمد لله حق حمده وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا " عبده ورسوله . وأنه الذي بشر به عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام . أما بعد : فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلي أن أزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان . فأجبت إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . وقد أصدقها أربعمائة دينار . ثم سكب الدنانير بين يدي القوم .

فتكلم خالد بن سعيد . فقال : الحمد لله . أحمده وأستعينه وأستنصره وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد إن محمدا " رسوله . أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون . أما بعد : فقد أجبت إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . وزوجته أم حبيبة بنت أبي سفيان . فبارك الله لرسوله . ودفع الدنانير إلى خالد بن سعيد فقبضها ثم أرادوا أن يقوموا . فقال : أجلسوا فإن سنة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام إذا تزوجوا أن يؤكل الطعام على التزويج . فدعا بطعام . فأكلوا ثم تفرقوا .
قالت أم حبيبة : فلما وصل إلي المال . أرسلت إلى أبرهة التي بشرتني . فقلت لها : إني كنت أعطيتك ما أعطيتك يومئذ ولا مال بيدي . وهذه خمسون مثقالا " فخذيها فاستعيني بها . فأخرجت إلي حقة فيها جميع ما أعطيتها فردته إلي .
وقالت : عزم علي الملك أن لا أرزأك شيئا " . وأنا التي أقوم على ثيابه ودهنه . وقد ابتعت دين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأسلمت لله . وقد أمر الملك نساءه أن يبعثن إليك بكل ما عندهن من العطر . فلما كان الغد جاءتني بعود وورد وعنبر كثير . وقدمت بذلك كله على رسول الله صلى الله عليه وسلم . وكان يراه على وعندي فلا ينكر . ثم قالت أبرهة : فحاجتي إليك أن تقرئي رسول الله صلى الله عليه وسلم مني السلام . وتعلميه إني قد أتبعت دينه . قالت : ثم لطفت بي . وكانت هي التي جهزتني . وكانت كلما دخلت علي تقول : لا تنسي حاجتي إليك . قالت : فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . أخبرته كيف كانت
الخطبة . وما فعلت بي أبرهة . فتبسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . وأقرأته منها السلام . فقال : وعليها السلام ورحمة الله وبركاته .
وعن عبد الواحد بن عون قال : لما بلغ أبا سفيان بن حرب نكاح النبي صلى الله عليه وآله وسلم ابنته قال : ذاك الفحل لا يقرع أنفه .
وبالجملة : بعثت قريش البعوث إلى الحبشة للصد عن سبيل الله . وحمل الذين كفروا من أهل الكتاب الفتن التي تعوق تقدم الدعوة . وتكاتف هؤلاء مع هؤلاء . ولا ندري هل كان عبيد الله بن جحش زوج أم حبيبة حلقة في هذه الدوامة التي تشكك في دين الله وتعبئ الصدور بالحق على الذين آمنوا . وهل كان أبو سفيان يجهز لثقافة تتفق مع ثقافة التشكيك التي قام بها أهل الكتاب . مستندا " على ما قام به عبيد الله بن جحش . وهل كان في جعبة أبي سفيان بعض قصص التشكيك في دين الله وكان يعد العدة لنشرها حول أم حبيبة بعد ارتداد زوجها ؟ وعلى أي حال فلقد رد الله كيد أعداء الدين إلى نحورهم .
وكان زواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأم حبيبة سكن لها وتطييب لخاطرها . وكان فيه إغلاقا " لأبواب الفتن . وكان فيه ضربة قوية لأصحاب العقول الماكرة والصدور الحاسدة .



وفاتها :




قال أبو عمر : توفيت أم حبيبة سنة أربع وأربعين .



وعن علي بن الحسين قال : قدمت منزلي في دار علي بن أبي طالب عليه السلام . فحفرنا في ناحية منه . فأخرجنا منه حجرا " . فإذا فيه مكتوب : هذا قبر رملة بنت صخر . فأعدناه مكانه .

 
9 - السيدة جويرية بنت الحارث



نظرات في منطلقات الدعوة :



هي : جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار بن مالك بن جزيمة ، وجزيمة هو المصطلق من خزاعة . تزوجها مسافع بن صفوان . فقتل يوم المريسيع .


بعث الله تعالى رسوله الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم بالإسلام . وكليات هذا الدين موجودة في فطرة الإنسان . لهذا كانت الفطرة حجة بذاتها على الإنسان . لأن ينبوع دين الله فطرة الإنسان نفسه . والفطرة لا تتبدل أبدا " لأنها من شهود الله يوم القيامة . وإنما يخطئ الإنسان في استعمالها . وعندما يتراكم الخطأ يفتقر الإنسان إلى الفطرة السليمة . ولازم ذلك عدم تعادل قواه الحسية الداخلية . ويستوجب ذلك إتباع الإنسان للواقع الذي يجده في الخارج . بمعنى : يتبع العقيدة التي تحقق له مطامعه وأهوائه وشهواته .

ومن هنا أقام الله تعالى حجته على خلقه ببعث الأنبياء والرسل ومعهم الشريعة التي ترفع هذه الأثقال عن الناس وتسوقهم إلى صراط الله العزيز الحميد ، والشريعة الإسلامية بصائر للناس يميزون بها أي

الطرق يسلكونها لتؤدي بهم إلى الحياة الطيبة في الدنيا والسعادة في الآخرة .
والباحث المنصف لا يمكن أن يقر قول البعض : إن الإسلام دين السيف . فكيف يقوم دين شعاره الاجتماعي هو إتباع الحق في الفكر والعمل على السيف والدماء وفرض الجهل والتخلف على العباد . إن الله تعالى جهز الإنسان بقوة الغضب والشدة والقوة الفكرية التي تستخدم في مواقع الدفاع والدفاع حق مشروع ولقد دعا القرآن بإعداد العدة الدفاعية . والإسلام في جميع معاركه التي خاضها النبي صلى الله عليه وآله وسلم . كان ينطلق من دائرة الدفاع .
ولقد أمر الله تعالى بالتجهيزات الحربية . وأمر تعالى بالحرب . وبين أمور أوجب الله تعالى رعايتها في الحروب الإسلامية حينما يواجه المسلمون جيش العدو . وبالجملة : الدين الخاتم طريقة خاصة في الحياة. تؤمن صلاح الدنيا بما يوافق الكمال الأخروي الحياة الدائمة الحقيقية . وهذا الدين ليس إجباريا " . وعدم الإكراه في الدين أصيل في الكون .
والدعوة الخاتمة أعلنت أن لا إكراه ولا إجبار من أحد لغيره على الدخول في دين الله . لأنه قد تبين الرشد من الغي . فمن كفر بعد هذا الإعلان فليتحمل نتيجة كفره . وأعلنت الدعوة أن من يكفر بكل معبود سوى الله تعالى ويخلع الأنداد والأوثان ويؤمن بالله إيمانا " حقا " . فقد ثبت أمره واستقام مع الطريقة المثلى التي لا إنقطاع لها . وأمسك من الدين بأقوى سبب وأحكم رباط . وأمام إعلان الدعوة الخاتمة تكاتفت قوى الطاغوت لفرض عبادة الأنداد والأوثان على عباد الله . متخذين كل وسيلة لتحقيق هذا الهدف . ومؤسسات الصد عن سبيل الله . بدأت تمارس أعمالها منذ بعث الله تعالى رسوله الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم ومن مشاهير الأحداث بعد بعث الله لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم . اضطهاد المشركين للذين آمنوا . ثم إخراجهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم من مكة . والهجرة أبلغ
دليل على أن الإسلام لم يقف يوما " على أرضية المعتدي . وبعد الهجرة تكاتفت قريش لاستئصال المسلمين .
فكانت غزوة بدر في السنة الثانية من الهجرة . ثم غزوة أحد في السنة الثالثة ، وفي السنة الرابعة من الهجرة نشطت أجهزة ومؤسسات الصد عن سبيل الله . فكانت أكثر من غزوة منها الغزوة المعروفة بذات الرقاع . وغزوته صلى الله عليه وآله وسلم إلى اليهود من بني النضير . وغزوته إلى بني المصطلق .
وفي هذه الغزوة تم سبي جويرية بنت الحارث سيد هذا البطن من خزاعة . وكان زواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم من جويرية بنت الحارث . أحد الأسباب الرئيسية التي قصمت ظهر جبهة الحرب التي كان أبو سفيان يعتمد عليها للصد عن سبيل الله . كما سيأتي .
وفي السنة الخامسة كانت غزوة الخندق وغزوة اليهود من بني قريظة ، وفي السنة السادسة كان صلح الحديبية الذي جاء على خلفية تصدع جبهة أبو سفيان بعد الغزوة إلى بني المصطلق ، وبعد هذا التصدع وجه النبي صلى الله عليه وآله وسلم الرسل إلى كسرى وهرقل ، وفي السنة السابعة كانت غزوة خيبر . وفيها جاء وفد المقوقس ومعه مارية القبطية أم إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وغير ذلك من هدايا المقوقس إليه .
وفيها أيضا " كان قدوم جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة . ومعه أولاده وزوجته وغيرهم من المسلمين مس كان بأرض الحبشة ، وفي السنة الثامنة استشهد جعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة بأرض مؤتة من أرض البلقاء من أرض الشام وأعمال دمشق في وقعتهم مع الروم ، وفي سنة ثمان من الهجرة كان افتتاح النبي صلى الله عليه وآله وسلم مكة . وفيها أيضا " كانت غزوة حنين وغزوة الطائف .
وفي سنة تسع حج أبو بكر بالناس . وقرأ علي بن أبي طالب عليهم سورة براءة وأمر ألا يحج مشرك . وأنه لا يطوف بالبيت عريان ، وفي سنة عشر حج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حجة الوداع ، وفي سنة إحدى عشر من الهجرة كانت وفاة النبي الأمي العربي القرشى





وروى الطبري : أصيب من بني المصطلق يومئذ ناس كثير . وقتل علي بن أبي طالب منهم رجلين : مالكا " وابنه . وأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جويرية بنت الحارث .



وذكر ابن هشام في السيرة : لما أنصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة بني المصطلق ومعه جويرية بنت الحارث . دفع جويرية إلى رجل من الأنصار وديعة . وأمره بالاحتفاظ بها . وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة . فأقبل أبوها الحارث بن أبي ضرار بفداء ابنته فلما كان بالعقيق نظر إلى الإبل التي جاء بها للفداء . فرغب في بعيرين منها . فغيبهما في شعب من شعاب العقيق . ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم . فقال : يا محمد . أصبتم ابنتي وهذا فداؤها . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فأين البعيرين اللذين غيبت بالعقيق في شعب كذا وكذا ؟ فقال الحارث : أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله . فوالله ما أطلع على ذلك إلا الله تعالى . فأسلم الحارث . وأسلم معه ابنان وناس من قومه . وأرسل إلى البعيرين فجاء بهما . فدفع الإبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ودفعت إليه ابنته جويرية . فأسلمت . وخطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبيها فزوجه إياها .

وروى الحاكم عن عبد الله بن أبي الأبيض مولى جويرية عن أبيه قال : سبى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني المصطلق فوقعت جويرية في السبي . فجاء أبوها فافتداها وأنكحها رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وروي أن خبر زواج النبي صلى الله عليه وآله ذاع بين الناس . فأرسل
المسلمين ما بأيديهم وأعتقوا نحو مائة أهل بيت من بني المصطلق . وقالوا : أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وروي عن عائشة قالت : فما نعلم امرأة أعظم بركة على قومها منها .
وبالجملة : كان زواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم مقدمة ترتب عليها إرسال المسلمين ما في أيديهم من سبايا بني المصطلق . وقولهم : أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم . وعلى هذه الخلفية انتقل بنو المصطلق من خندق أعداء الدعوة إلى خندق حماية الدعوة . وبدؤا يمارسون تأثيرهم على القبائل من حولهم ويؤمنون حركة الذين آمنوا وتجارتهم بين القبائل . وبعد غزوة بني المصطلق تصدعت الجبهة السفيانية . وترتب على هذا التصدع صلح الحديبية . وعلى خلفيته انطلقت الدعوة برسائل النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى كسرى وقيصر . ثم اكتملت الثمار بفتح مكة . لقد كان هتاف المؤمنين يوم غزوة بني المصطلق : أصهار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . وكان هتاف بني المصطلق يوم الحديبية : نحن في عقد محمد وعهده .
ويمكن القول . إن زواج النبي صلى الله عليه وسلم أم حبيبة بنت أبي سفيان في أول العام السادس الهجري . كان ضربة قوية وجهت إلى ما يدور في عقل الجبهة السفيانية من إثارة الفتن والتشكيك في الدين من تحت لافتة نصرانية وقع في حبائلها عبيد الله بن جحش زوج أم حبيبة بالحبشة . وكان زواجه صلى الله عليه وسلم من
جويرية بنت الحارث آخر العام السادس الهجري. ضربة قوية أخرى أصابت الجبهة السفيانية وتعدتها إلى قبائل أخرى



وفاتها :


قال أبو عمر : توفيت جويرية سنة ست وخمسين .

وروى أنها عاشت خمسا " وستين سنة .

10 - السيدة صفية بنت حيي



تأملات في تابوت السكينة :



هي : صفية بنت حيي بن أخطب بن سعية بن عامر بن عبيد بن كعب بن الخزرج بن أبي حبيب بن النضير بن النحام بن ينحوم من بني إسرائيل من سبط هارون بن عمران عليه السلام ، وأمها برة بنت سموأل أخت رفاعة بن سموأل من بني قريظة إخوة النضير .

وقال صاحب الإصابة : هي من سبط لاوى بن يعقوب ثم من ذرية هارون بن عمران أخي موسى عليهما السلام

وقال أبو عمر : صفية بنت حيي من سبط هارون بن عمران عليه السلام .
وذكر ابن كثير في البداية والنهاية عند ذكره قصة موسى عليه السلام . إن تفسير الشريعة الموسوية كان لهارون وبنيه عليه السلام . وإن الله تعالى جعل هذا الحق لهم لا يشاركهم فيه أحد من بقية أسباط بني إسرائيل ، والتوراة الحاضرة تقول بهذا ( .
ومفسروا أهل الكتاب يقرون بهذه الحقيقة ولا يختلفون عليها . وذكرت التوراة الحاضرة . أن الله تعالى حدد لهارون وبنيه رداء
وملابس يلبسونها عند اجتماعهم في خيمة الاجتماع ، وهي المكان الذي كان موسى عليه السلام يتعبد فيه ومنها تخرج تفسير الشريعة لبني إسرائيل . مما ورد في ذلك : قال الرب لموسى ( تقدم هارون وبنيه إلى باب خيمة الاجتماع ، وتغسلهم بماء وتلبس هارون الثياب المقدسة وتمسحه وتقدسه ليكهن لي ، وتقدم بنيه وتلبسهم أقمصة وتمسحهم كما مسحت أباهم ليكهنوا لي ويكون ذلك لتصير لهم مسحتهم كهنوتا أبديا " في أجيالهم )
وتذكر التوراة إن موسى عليه السلام فعل ما أمر به الله . ومما ورد في ذلك ( فقدم موسى هارون وبنيه وغسلهم بماء . وجعل عليه القميص . وألبسه الجبة وجعل عليه الرداء . . . ووضع العمامة على رأسه . . . ومسحه لتقديسه . . . ثم قدم موسى بني هارون وألبسهم أقمصة . . . كما أمر الرب موسى ) .
وذكر مفسروا أهل الكتاب . إن المسح على هارون وبنيه يعنى تطهيرهم بحيث لا يكون للشيطان فيهم نصيب ، لأن من نسلهم يخرج الأنبياء ، ولأن هارون وبنوه لهم وحدهم حق تفسير الشريعة . عصمهم الله من الخطأ وجعلهم إسوة حسنة ليقتدي بهم أسباط بني إسرائيل . ومما ورد في التوراة الحاضرة ( وكلم الرب هارون قائلا " : خمرا " ومسكرا " لا تشرب أنت وبنوك معك . . . للتميز بين المقدس والمحلل وبين النجس والطاهر . ولتعليم بني إسرائيل جميع الفرائض التي كلم الرب بها بين موسى ) .
وتذكر التوراة الحاضرة اختلاف بني إسرائيل من بعد موسى وهارون عليهما السلام . وتفرقهم وانقلابهم على أبناء هارون عليهم السلام وقتل الأنبياء والربانيون منهم على امتداد المسيرة الإسرائيلية ولقد أشار القرآن
الكريم إلى هذا الفساد وأخبر بأنهم اختلفوا وتفرقوا من بعد ما جاءهم العلم بغيا " بينهم . وعلى امتداد مساحة الافتراق ضاع كثير من الهدى ، وبدل وأخفي الأكثر مما ترك آل موسى وآل هارون عليهم السلام ، وشاء الله تعالى أن يبعث لهم طالوتا " ملكا " عليهم . لتطوق الحجة أعناق هذه الأجيال المعاندة وكان لطالوت علامات محددة يعرفونه بها . ومنها قوله تعالى ( وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ )
قال ابن كثير : عن عطية بن سعد قال : فيه عصا موسى وعصا هارون وثياب موسى وثياب هارون ورضاض الألواح . وبعد ظهور هذه الآيات وغيرها لم تلبث المسيرة الإسرائيلية حتى اختلفت وتفرقت بعد عهد سليمان عليه السلام . وتوارث أنبياء بني إسرائيل ثياب آل هارون على امتداد المسيرة وكانوا يفسرون الشريعة ويقيمون الحجة على امتداد الأجيال حتى بعث عيسى بن مريم عليهما السلام . وكانت مريم من آل هارون من سبط لاوى . .
وبعد أن رفع الله المسيح بن مريم عليهما السلام . احتوى اليهود النصارى بواسطة بولس . وعلى هذه الخلفية حمل اليهود بعض من بقية ما ترك آل موسى وآل هارون .

وانتهى هذا الأثر إلى حيي بن أخطب الذي كان يتفاخر على اليهود بأنه من ذرية هارون عليه السلام . وكان اليهود في الحجاز يتباركون بما لديهم من آنية مقدسة تحمل معالم آل موسى وآل هارون .

 
11 - السيدة ميمونة بنت الحارث
زواجها :

هي : ميمونة بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهزم بن رويبه بن عبد الله بن هلال ، وأمها : هند بنت عوف بن زهير بن الحارث بن حماطة بن حمير . وقيل : من كنانة .


وأخوات ميمونة لأبيها وأمها : أم الفضل لبابة الكبرى بنت الحارث زوج العباس بن عبد المطلب ، ولبابة الصغرى بنت الحارث زوج الوليد بن المغيرة وهى أم خالد بن الوليد ، وعصماء بنت الحارث . وكانت تحت أبي بن خلف الجهمي فولدت له إبان وغيره ، وعزة بنت الحارث . كانت تحت زياد بن عبد الله بن مالك . فهؤلاء أخوات ميمونة لأب وأم .

أما أخوات ميمونة لأمها : أسماء بنت عميس . كانت تحت جعفر بن أبي طالب فولدت له عبد الله . وعونا " . ومحمدا " ، ثم خلف عليها أبو بكر بن أبي قحافة . فولدت له محمدا " ، ثم خلف عليها علي بن أبي طالب ، وسلمى بنت عميس أخت أسماء . كانت تحت حمزة بن عبد المطلب فولدت له آمة الله . ثم خلف عليها بعده شداد بن أسامة بن الهادي . فولدت له عبد الله وعبد الرحمن ، وسلامة بنت عميس أخت أسماء وسلمى . كانت تحت عبد الله بن كعب بن منبه .



ولقد سقنا أسماء الأخوات لنقف على حقيقة مفادها إن مصاهرة القبائل والبيوت في الجاهلية والإسلام كان لها أثرا " بالغا " في المجتمع . فيها كانت تتحرك القبائل بتجارتها من بلد إلى بلد دون خوف من اللصوص والقراصنة . وبها تصبح القبيلة القليلة العدد كثيرة . وبها كانت تنتعش حركة البيع والشراء وما يترتب عليها .

والدعوة الإسلامية انطلقت من طريق المصاهرة إلى مدى بعيد . كانت الدعوة همتها بالله وشغلها فيه وفرارها إليه . وكانت المصاهرة والتعارف على هذا الطريق بمثابة الواحة التي تستقبل القادمين بالزاد الفطري من كل فج .

وأخرج ابن سعد : أن مسعود بن عمرو بن عمير الثقفي تزوج ميمونة في الجاهلية . ثم فارقها . فخلف عليها أبو رهم بن عبد العزى بن أبي قيس من بني مالك . فتوفي عنها . فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم . زوجه إياها العباس بن عبد المطلب . وكان ولي أمرها . وهي أخت أم ولده أم الفضل بنت الحارث الهلالية لأبيها وأمها . وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بسرف على عشرة أميال من مكة . وكانت آخر امرأة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم . وذلك سنة سبع في عمرة القضية . ورعها
أخرج ابن سعد عن مجاهد قال : كان اسم ميمونة برة . فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم . ميمونة




وروي عن يزيد بن الأصم قال : كان مسواك ميمونة بنت الحارث . منقعا " في ماء فإن شغلها عمل أو صلاة وإلا أخذته فأستاكت به

وروي عنه إنه قال : أن ذا قرابة لميمونة دخل عليها . فوجدت منه ريح شراب فقالت : لئن لم تخرج إلى المسلمين فيجلدوك - أو قالت يطهروك - لا تدخل علي بيتي أبدا "

وروي عن الفضل بن دكين قال . حدثنا عقبة بن وهب عن يزيد بن الأصم قال : رأيت أم المؤمنين ميمونة تحلق رأسها بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم . فسألت عقبة : لم ؟ فقال : أراه تبتل
وروي عن أبي عائشة : أن ميمونة أبصرت حبة رمان في الأرض . فأخذتها وقالت : إن الله لا يحب الفساد وأخرج ابن سعد عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الأخوات مؤمنات ميمونة وأم الفضل وأسماء ) .



وفاتها :




روي أن ميمونة رضي الله عنها ماتت سنة إحدى وستين . وقيل : سنة ست وستين .

وقال أبو عمر : توفيت بسرف سنة ست وستين وصلى عليها ابن عباس ودخل قبرها هو ويزيد بن الأصم وعبد الله بن شداد وهم بنو أخواتها . وعبيد الله الخولاني وكان يتيما في حجرها



12 - السيدة مارية القبطية



تأملات في الطريق من مصر إلى المدينة :



هي : مارية بنت شمعون . كان أهل الكتاب ينتظرون نبيا " يبعث من جزيرة العرب . وكان بعض من الرهبان يقيمون داخل مكة وحولها وعلى الجبال التي تربط بينها وبين الشام . وكانوا يتحسسون أخبار هذا النبي من التجار الذين يخرجون من مكة أو الذين يقصدونها . ولم تقف دائرة الانتظار وتتبع الأخبار عند هذا الحيز الذي يحيط بمكة . وإنما اتسع ليصل إلى بلاد اليمن وبلاد الحبشة ومصر .


وكان بمصر في هذه الآونة مكتبة عامرة بالإسكندرية ، وكانت الإسكندرية لا تخلو من الباحثين عن الحقيقة ، نظرا " لأن عقيدة إلوهية المسيح عقيدة غير مفهومة لم يقرها المسيح ولا يعلم عنها شيئا " ، وإنما هي من إختراع الذين جاؤا من بعده ولم يروه ولم يسمعوا منه ، ولما كانت عقيدة التثليث عقيدة مستعصية عن الفهم ولا يفهمها حتى القائمين عليها . فإن دائرة الخاصة بالإسكندرية بحثت عن الحقيقة كما بحث عنها دائرة الخاصة في الحبشة وعلى رأسهم النجاشي ، وكما بحث عنها دائرة الخاصة في خيبر وعلى رأسهم صفية بنت حيى .


وكما اهتم النجاشي ملك الحبشة بالدعوة الخاتمة . اهتم مقوقس الإسكندرية أيضا " بهذه الدعوة .


ومن الثابت أن مصر كانت ترتبط بالحبشة يومئذ بروابط اقتصادية وسياسية وكانت الكنيسة الحبشية ترتبط بالكنيسة القبطية المصرية الأرثوذكسية .

وروي أن مقوقس مصر بعث بهدية إلى النبي صلى الله عليه وسلم . ومن صفاته عندهم إنه يقبل الهدية ولا يقبل الصدقة ، والمتدبر في هدية صاحب الإسكندرية . يجد أنه بعث للنبي صلى الله عليه وآله بثلاثة من بيت واحد وأسرة واحدة ، قال صاحب الإصابة عن أبي صعصعة قال : بعث المقوقس صاحب الإسكندرية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنة لينا ، وبغلته الدلال وحماره عفير . ومع ذلك خصي يقال له : مأبور شيخ كبير كان أخا مارية
ويمكن الوقوف على أصول هذه الأسرة . إذا علمنا أن مارية القبطية لم تكن جارية عادية شأنها كشأن غيرها من الجواري . بمعنى إنها لم تكن من العامة وإنما كانت من الخاصة . فعن عروة عن عائشة قالت : أهدى ملك بطارقة الروم يقال له المقوقس جارية من بنات الملوك يقال لها مارية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ولا يخفى أن مكتبات القصور لا تخلو من الكتب العتيقة والنادرة التي تختصر الطريق للوصول إلى الحق ولقد قال بعض علماء الآثار : إن عقيدة التوحيد التي اعتنقها ( أخناتون ) وصلت إليه من بقايا تراث الأسرة الفرعونية الثانية عشرة .
وهذا التراث كان ينتقل من قصر إلى قصر . وأجمع علماء الآثار على أن نزول إبراهيم عليه السلام إلى مصر كان في عهد الأسرة الثانية عشرة . ولقد أهدى فرعون مصر إلى إبراهيم عليه السلام
هاجر أم إسماعيل . وذكر ابن كثير في البداية والنهاية إن هاجر كانت جارية من بنات الملوك .
وبالجملة : كانت هاجر عند المقدمة الأولى من بنات الملوك . وسارت في القافلة الإبراهيمية . ثم كانت مارية عند الدعوة الخاتمة من الملوك . وسارت نحو المدينة لتكون ضمن أمهات المؤمنين ، وكأن التاريخ يحدثنا أن سنة إبراهيم سنة جارية استقرت في نهاية المطاف عند النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم ، أو كأنه يقول إن حركة المقدمة يستقيم مع حركة الخاتمة .
إن هدية المقوقس تفيد أن الحجة قد قامت على الخاصة من قبل أن يبعثوا بالهدية . وعندما بعثوا بهذه الهدية فإن هذا يعني أن الحجة دامغة على دائرة أوسع من دائرة الخاصة . وتحت هذا السقف يمكن أن نفهم بكل يسر ما روي عن كعب بن مالك . قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( استوصوا بالقبط خيرا " فإن لهم ذمة ورحما " . قال : ورحمهم أن أم إسماعيل بن إبراهيم منهم . وأم إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم منهم ) .
وروى ابن كثير وغيره : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يركب في المدينة البغلة التي أهداها إليه المقوقس . وأنه ركبها يوم حنين . وقد تأخرت هذه البغلة وطالت مدتها . وكانت عند علي بن أبي طالب . كان يركبها يوم الجمل . ثم صارت إلى عبد الله بن جعفر بن أبي طالب . وكبرت حتى كان يحش لها الشعير لتأكله .
وروي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يطأ مارية بملك



اليمين . ووهب أختها لحسان بن ثابت فولدت له عبد الرحمن


وروي عن عبد الرحمن بن زياد قال : أتى جبريل عليه السلام . فقال للنبي صلى الله عليه وسلم : إن الله قد وهب لك غلاما " من مارية . وأمرك أن تسميه إبراهيم .

وروي عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم .
وروى أبو عمر : إن إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم توفي وهو ابن ثمانية عشر شهرا " وقيل : وهو ابن ستة عشر شهرا "
وذكر ابن كثير في البداية والنهاية : لما توفي إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وآله . بعث علي بن أبي طالب إلى أمه مارية . فحمله علي بن أبي طالب وجعله بين يديه على الفرس . ثم جاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله . فغسله وكفنه وخرج به وخرج الناس معه . فدفنه في الزقاق الذي يلي دار محمد بن زيد . فدخل علي بن أبي طالب في قبره . حتى سوى عليه ودفنه . ثم خرج ورش على قبره وأدخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يده في قبره وبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم . وبكى المسلمون حوله حتى ارتفع الصوت . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تدمع العين ويحزن القلب . ولا نقول ما يغضب الرب . وإنا عليك يا إبراهيم لمحزونون .



وفاتها :


روي أن مارية رضي الله عنها توفيت سنة ست عشر في خلافة عمر بن الخطاب .


وروي أنها ماتت بعد النبي صلى الله عليه وسلم بخمس سنين ودفنت بالبقيع .



13- السيدة ريحانة بنت زيد
زواجها :
هي : ريحانة بنت زيد بن عمرو بن خنافة بن سمعون بن زيد من بني النضير . قال ابن سعد : وكانت متزوجة رجلا " من بني قريظة يقال له الحكم . فنسبها بعض الرواة إلى قريظة لذلك .


روي عن محمد بن كعب قال : كانت ريحانة مما أفاء الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلما قتل زوجها وقعت في السبي . فكانت صفي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بني قريظة . فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الإسلام وبين دينها فاختارت الإسلام. فاعتقها رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزوجها وضرب عليها الحجاب

وروي عن عمر بن الحكم عن ريحانة قالت : لما سبيت بنو قريظة . قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن اخترت الله ورسوله اختارك رسول الله لنفسه . فقلت : إني اختار الله ورسوله . فلما أسلمت أعتقني
رسول الله صلى الله عليه وسلم . وأصدقني كما كان يصدق نساءه . وأعرس بي في بيت أم المنذر . وكان يقسم لي كما كان يقسم لنسائه . وضرب علي الحجاب .
قال ابن سعد : هذا ما روي لنا في عتقها وتزويجها . وهو أثبت الأقاويل عندنا . وهو الأمر عند أهل العلم . وقد سمعت من يروي أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعتقها . وكان يطأها بملك اليمين ، ومن ذلك ما روي عن أيوب بن بشير . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها : أن أحببت أن أعتقك وأتزوجك فعلت ، وإن أحببت أن تكوني في ملكي . فقالت : يا رسول الله أكون في ملكك أخفت على وعليك . فكانت في ملك رسول الله صلى الله عليه وسلم .



وفاتها :


روى ابن سعد عن عمر بن الحكم قال : لم تزل ريحانة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ماتت مرجعه من حجة الوداع . فدفنها بالبقيع . وكان تزويجه إياها في المحرم سنة ست من الهجرة


وقال صاحب الإصابة : ماتت قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بستة عشر . وقيل لما رجع من حجة الوداع .

في امان الله
:thumbup1:
للامانة مقتبس









 
جزاك الله كل خير

وجعله في ميزان حسناتك



 
شكرا على الموضوع المتكامل جزاك الله خيرا
 
d5122b7f60.gif
 
اللهم احشرني واياهن ..اللهم احشرني واياهن

بورك فيكي يا الغلااااا

 
جوزيتن خيرا على المرور الطيب
وربي يتقبل منك اختي ام انس
*اللهم احشرنا مع الصالحين والصالحات في جنة النعيم*
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top