إذا دارت الأيام.. وسخرت الأقدار

إبن الشاطئ

:: عضو مُتميز ::
إنضم
2 ديسمبر 2008
المشاركات
962
نقاط التفاعل
1
النقاط
17
لقد أعجبني هدا المقال فنقلته لكم للفائدة


بقلم علي رحالية الخبر الأسبوعي


حدثني مواطن من أبناء هذا الوطن المخدوع والمنكوب، بأنه قد حضر بمناسبة ليلة السابع والعشرين من رمضان، حفلا دينيا مخلوطا بالبولتيك والبزنس والتزلف والنفاق، ومن الحاضرين كان هناك جنرال متقاعد كان ذات يوم يعد من فئة وصنف''أنا أحيي وأميت''، كان جالسا في الصفوف الأولى بوجه صارم وخال من أي تعابير، محاولا بين الحين والآخر رسم ابتسامة أو تصنع ضحكة.. جلس وقد لف حول خصره العريض حزاما يتدلى منه نصف رشاش أوتوماتيكي. لكن هذا الجنرال، الذي قيل الكثير عن قسوته وجبروته وعنفه أيام كان يتمرغ في أحضان السلطة.. أيام الخمسة والأربعين سائقا ومئات الحرس، قد تسلل مثل الفأر عندما ظهرت مجموعة من الأشخاص.. كانوا مجرد مواطنين عاديين.. لكنهم قادمون من منطقة لا تعترف بحكم الجنرالات''!.. قال لي محدثي ذلك وقد ارتسمت على وجهه علامات الدهشة وعلى شفتيه لاحت ابتسامة ساخرة ومستهزئة عما يمكن أن تفعله الأيام والأقدار بكل من تنسيه السلطة والمنصب قدر نفسه.
في نفس الأسبوع كانت الصحافة الوطنية قد تحدثت عن جنرال متقاعد آخر كان هو أيضا ذات يوم يعد من فئة وصنف ''أنا أحيي وأميت'' لكن الدنيا لعبت لعبتها ودارت وبعد أن كان مجرد ذكر اسمه قد يجعل الواحد يتبوّل في سرواله، أصبح الجنرال مجرد خبر تنشره الصحف ونكتة يتسلى بها أي مواطن'' أميزر'' و''أمديڤوتي''!.
الخبر الأول أو النكتة الأولى تقول أن ''الشرطة الفرنسية قد قامت بمساءلة وتعنيف جنرال متقاعد بسبب محاولة هذا الأخير ضرب زوجته التي استولت على بناية كاملة في قلب باريس وحولت ريعها إليها شخصيا ورفضت إعادة العمارة أو استغلالها معا''. وشخصيا لا أستبعد أبدا أن يقوم هذا الجنرال بضرب زوجته، فهذا الجنرال سبق وأن أرسل لي منذ عقد تقريبا مهددا بأنه سيعيد لي عملية الختان من جديد في حالة ما أعدت الكتابة عن سيادته؟ والفرق بين رد فعل زوجته المضروبة ورد فعلي هو أنها وجدت شرطة وعدالة فرنسا لتشتكي إليهما، أما أنا فلم يكن أمامي إلا أن أقول لمبعوثه '' دز أمعاهم أنت.. أنت ولي بعثك''.. وقائلا في سري'' يا الله.. واش راح يصرى؟.. آخرتها موت''.
والطريف في الأمر، تضيف الصحيفة ''أن العمارة التي تقع في شارع بوان كاري بباريس 16، كانت تابعة لشركة سوناطراك وتنازلت عنها في بداية التسعينات لهذا الجنرال الذي كتبها باسم زوجته الثانية الشابة، ولكن بعد أن بلغ الجنرال من العمر عتيا وأصبح في أرذل العمر، رفضت زوجته اقتسام الريع واستحوذت على كل شيء''؟
ثمان وأربعون ساعة فقط على نشر الخبر السابق نشرت صحيفة أخرى خبرا يتعلق بنفس الجنرال المتقاعد يقول ''كشف مصدر رسمي من باريس أن طليقة الجنرال المتقاعد المقيمة بفرنسا، حركت ضده دعوى بسبب تخلفه عن دفع منحة الغذاء لمدة طويلة''. وتضيف الصحيفة معلقة ومسترسلة ''وقد تعرض الجنرال النافذ في منظومة الحكم سابقا، للاعتقال في باريس في مارس الماضي، عندما كان يتنزه في شوارعها الراقية رفقة زوجته الحالية. وقد أصيب الجنرال بصدمة عندما أمره رجل الأمن بركوب سيارة الشرطة. ونقل عن الجنرال قوله للشرطي ''كيف تعاملني بهذه الطريقة، ألا تعرف من أكون؟''.. وبما أن شرطة الدولة الفرنسية ليست شرطة علي تونسي ويزيد زرهوني.. وعدالة الدولة الفرنسية ليست عدالة الطيب بلعيز، لذلك سيق الجنرال المتقاعد من طرف رجال الشرطة إلى مركز الأمن وحققت معه كأي متهم بل.. ووضعته في السجن لمدة 24 ساعة ولم يطلق سراحه إلا بعد أن تعهد أمام القاضي (القاضي الفرنسي وليس قضاة بلعيز) بدفع المنحة الغذائية'' رغم أنفه.
@ @ @@ @ @
جنرال آخر.. مثال آخر.. كان واحدا من هؤلاء الذين تردد اسمه وأفعاله وحكاياته وأساطيره على ألسنة الناس.. كان هو أيضا ذات يوم يعد من فئة وصنف وعيار ''أنا أحيي وأميت'' و''لا أريكم إلا ما أرى''.. كان يأمر فيطاع.. قراراته لا راد لها.. وبالرغم من كل ذلك فقد حدثت المعجزة فلقد خرج من وسط الناس أضعف الناس ليقول له وفي وجهه ما لم يقله له أي واحد من علية القوم أو من أبسط الناس.
كان الجنرال المتقاعد في دار الصحافة بشير عطار، يتكلم ورذاذ لعابه يتطاير من فمه.. ضاربا الطاولة بيده اليسرى ومرسلا سبابة يده اليمنى في وجه الصحفيين والمصورين.. وفي الوقت الذي كان فيه الجميع يستمع بانتباه وخشوع وتملق لكلمات حضرة الجنرال المتقاعد.. جاء من مكان ليس ببعيد.. من وراء الصفوف صوت نسائي يصرخ ''.. بينوشي.. أنت بينوشي الجزائر.. أعد لي أبني يا بينوشي!''.. كانت مجرد عجوز في نهاية عقدها السادس!.. لحظتها تحولت كل الأنظار وكل آلات التصوير في اتجاه هذا الهيكل العظمي.. في اتجاه هذه العجوز التي لا أحد يعرف من تكون ولا كيف تمكنت من الدخول إلى دار الصحافة ولا كيف علمت بأمر الندوة الصحفية لحضرة الجنرال؟ لقد حطم هذا الهيكل العظمي.. هذه العجوز البائسة كل قوانين الصمت والرعب والخوف رامية في وجهه بكلام يردده مئات آلاف، وربما الملايين من الجزائريين، في صمتهم وفي سرهم وفي همسهم.
كل الانتباه خطف فجأة من سيادة الجنرال الذي لم يصدق ما سمعت أذناه وما ترى عيناه، فلم يجد ما يرد به على هذا الشبح الآدمي إلا ''روحي عند علي بلحاج إيقولك وين راه أوليدك''..
مثال آخر.. لجنرال متقاعد آخر.. هو أيضا كان يقول ''أنا السلطة والسلطة هي أنا''.. شهود عيان يذكرون بأنه كان يشتم وزراء في الهاتف بكلام لا يمكن أن أنقله لكم.. شغل مناصب حساسة وكان في يوم من الأيام على رأس أخطر جهاز عسكري.. ولأسباب كثيرة يطول شرحها، نسي سيادة الجنرال نفسه وقدره.. كما نسي أهم شيء وهو أن الجزائر هي في الأصل ''شركة مساهمة محدودة'' تعود ملكيتها للعائلة الحاكمة، على حد وصف المرحوم شريف بلقاسم، وهو أحد أبناء هذه العائلة الحاكمة والمالكة، فبدأ يتصرف بطريقة توحي بأنه سيد البلاد الأول والأوحد.. وجاء الرد عنيفا ومدمرا فظهرت الملفات المخفية وتحولت حكايا فساده إلى مسلسل يومي على صفحات الجرائد، ونزل المستوى إلى غاية ذكر زوجته وأولاده وحتى حديث عن عشيقة.. أثناء هذه الحملة الإعلامية الموجهة وهذا الجو الفضائحي جلس سيادة الجنرال أمام مصنعه يقرأ إحدى الجرائد التي نشرت تحقيقا عن عدد من ''سرقاته واختلاساته'' مقدمة أرقاما ومبالغ بالعملة الصعبة تصيب الواحد بالدوار.. فتقدم منه حارس المصنع وهو إنسان ''نية''.. ''نية خاثرة''، كما يقول محدثي، الذي حضر وقائع الحادثة، تقدم الحارس من سيادة الجنرال المتقاعد وسأله عن سر غضبه، فقال له ''ألم تقرأ ما نشرته جريدة (..) اليوم ؟''. فرد عليه الحارس ''النية'' ''يا الحاج (وكان يناديه بهذه الصفة) أنا إنسان أمي.. ما نعرف نقرا ما نعرف نكتب''. فأخبره الجنرال بموضوع السرقات والاختلاسات والأموال التي تقول الصحيفة أنه استولى عليها بطرق ملتوية وبغير وجه حق.. يسألني محدثي قائلا: ''تخيل ماذا قال له الحارس؟'' وقبل أن أفتح فمي، واصل حديثه: ''لقد قال له هذا الأمي وهذا النية، كلمات لن أنساها طول حياتي.. لقد قال له وبعفوية محيرة ''يا الحاج مهما قالوا وكتبوا فأنت أحسن منهم.. لأن الدريهمات ألي إيقولوا بلي أديتهم (أخذتهم).. أنت على الأقل خدّمتهم (استثمرتهم) هنا.. وما هربتهمش إلى سويسرا''! والغريب في الأمر يقول محدثي، أن سيادة الجنرال سمع كلام الحارس ولم يعقب ولو بكلمة.
ومن حادثة حارس المصنع ننتقل إلى حادثة مصلح الزجاج وهي حادثة معروفة ومشهورة وقعت في ضواحي العاصمة.. فمنذ أشهر قليلة، قامت مجموعة من الشبان الذين يحلمون بالحرڤة، بالسطو على فيلا جنرال متقاعد وسرقت منها صندوقا يحتوي في جوفه على مليار إلا مائتي مليون سنتيم، ولحسن حظ الجنرال وسوء حظ اللصوص، تمكنت الشرطة وخوفا من خشونته وسطوته وعقابه، من استعادة الصندوق والأهم.. ما في الصندوق.. أي ما كان نائما في جوفه.. وما هي إلا أيام قليلة حتى انتشرت القصة ووصلت القضية إلى المحاكم ومنها إلى الصحافة ومنها إلى مصلح الزجاج الذي تشاء الأقدار أن تأخذه قدماه إلى حي راق كله فيلات، وبينما هو ينادي بأعلى صوته ''يا لي عندو كارو أمكسر.. يا لي عندو..'' حتى طلب منه أحدهم أن يدخل الفيلا ليصلح له زجاج إحدى النوافذ، ولم يكن هذا الأحد إلا الجنرال المتقاعد صاحب الصندوق أبو مليار إلا مائتي مليون. وطبعا لم يكن مصلح الزجاج يعلم شيئا عن هوية صاحب الفيلا الذي وقف بجانبه وهو يصلح زجاج النافذة. وبغرض كسر الصمت وقتل الوقت، سأل مصلح الزجاج صاحب الفيلا إن كان قد سمع بقصة الجنرال والصندوق، فأجابه بالنفي. اندهش مصلح الزجاج وقال له ''كيفاش ما أسمعتش كل الناس راهم يحكوا فيها وكتبوا عليها حتى في الجرنان.. خسارة حكموا ليجون (الشباب) لسرقولوا الصندوق''! فرد عليه بنرفزة: ''أخدم خدمتك وخليك من كلام الناس''، ولكن مصلح الزجاج واصل حديثه: ''يرحم والديك قل لي منين جاب كل هذوك الدراهم.. كون ماشي أسرقهم.. لوتيران (قطعة أرض) منا.. فيلا بالدينار الرمزي ملهيك..أفار (صفقة) مع الوالي..أفار في البور (الميناء).. يا رجل هذه بلاد السراقين والحڤارين''! وقبل أن يكمل كلامه تلقى صفعات مصحوبة بركلات ''من صاحب الفيلا وهو يصرخ في وجهه ''صَارْ هكذا.. احنا كلنا سراقين وحڤارين.. يا وليد الحرام''!
 
تشكر على موضوعك
حاول تختصر يا خويا رانا تعبنا
وعينيا راهم يصطرو
الله يسطرك
 
شكرا اخي الكريم : ابن الشاطئ
على نقل الموضوع الجيد والهادف
اننا في زمن المراجعات
الجنرال يتراجع عن ماضيه وافكاره
والارهابي بدوره يتراجع عن افكاره
لم نفهم شيئا
....................................
السلام عليكم

 
شكـــــــــرا لك أخي ابن الشاطئ على النقل المتميز
للأسف الجنرالات و اهل السلطة في بلادنا لا يعيشون في ثوب المواطن الذي يمكن ان يخضع لسلطة القانون الا في اوروبا ولا يلتقون بالمواطن الا بمحض صدفة عجيبة كما جاء في المقال من امثلة
هل يمكن ان يهل على الجزائر يوم نرى فيه جنرال او مسؤول يحاكم ولا نكتفي بالتلذذ بسماع اخبار في هذا الصدد من بلدان اوروبا ؟
 
وهذه القصة هل مكانها هنا مع الشكر لصاحبها 0

هل نحن بحاجة الى استشارتك لنناقش امور حكامنا وبلدنا في لمتنا الجزائرية ؟ أوهل تريدنـــــــا أن نروي قصص الجنود والجنرالات الامريكية في أرض الحرم ؟ :thumbdown:
لا تترك الامور تختلط عليك اكثر ماهي مختلطة و " قيس قبل ماتغيس " كما يقول المثل الجزائري
 
هل نحن بحاجة الى استشارتك لنناقش امور حكامنا وبلدنا في لمتنا الجزائرية ؟ أوهل تريدنـــــــا أن نروي قصص الجنود والجنرالات الامريكية في أرض الحرم ؟ :thumbdown:




لا تترك الامور تختلط عليك اكثر ماهي مختلطة و " قيس قبل ماتغيس " كما يقول المثل الجزائري
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
_____________________
وهذه مع التحية لصاحب الموضوع فقط
الأيام أيام الله وهي تدور فعلا ليل ونهار 0ولكن
( سخرية الأقدار ) لا تجوز هذه العبارة لأن الله سبحانه وتعالى هو المقدر هو مقدرالأقدار فلا تنسب سخرية لقدر لأن المقدر هو الله تعالى والله لا يقدر الأقدار سخرية تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا 0 وهذه العبارة دخيلة علينا من كتابات النصارى يريدون بها مما زاد الطين بلة هذا هو القصد منها 0
 
شكرا اخي الكريم : ابن الشاطئ
على نقل الموضوع الجيد والهادف
اننا في زمن المراجعات
الجنرال يتراجع عن ماضيه وافكاره
والارهابي بدوره يتراجع عن افكاره
لم نفهم شيئا
....................................
السلام عليكم

شكرا أخي أسامة
ليس العيب أبدا في أن يقتنع المرء بأنه كان على خطأ ويراجع أفكاره
بل العيب في أن يبقى متمسكا بأفكاره من باب الفنثازيا ليس إلا
 
نعم النقل اخي الفاضل ابن الشاطئ
كنت قرءت المقال من قبل لـ "مواطن اخرس" في جريدة الخبر الاسبوعي
و التي اعتبرها احسن جريدة في الجزائر بدون منازع

بارك الله فيك
 
شكـــــــــرا لك أخي ابن الشاطئ على النقل المتميز

للأسف الجنرالات و اهل السلطة في بلادنا لا يعيشون في ثوب المواطن الذي يمكن ان يخضع لسلطة القانون الا في اوروبا ولا يلتقون بالمواطن الا بمحض صدفة عجيبة كما جاء في المقال من امثلة
هل يمكن ان يهل على الجزائر يوم نرى فيه جنرال او مسؤول يحاكم ولا نكتفي بالتلذذ بسماع اخبار في هذا الصدد من بلدان اوروبا ؟
شكرا أختي الباتروس على المرور
الجزائر هي ملكية خاصة لهم ولابنائهم
 
شكرا اخى ابن الشاطى ء على النقل المميز فالدنيا ايام معدودات والسلطة بعد فنائها مذلة ..............
 
نعم النقل اخي الفاضل ابن الشاطئ


كنت قرءت المقال من قبل لـ "مواطن اخرس" في جريدة الخبر الاسبوعي
و التي اعتبرها احسن جريدة في الجزائر بدون منازع

بارك الله فيك

شكرا أخي الخميائي على المرور الكريم
إنها حقا أحسن جريدة في الجزائر بدون منازع
وخاصة الكاتب المميز والمتمرد في نفس الوقت المواطن علي رحالية
فأنا معه حيث رحل وأرتحل
وليس مثل تلك الجرائد التي سقطت مستنقع ما يطلبه القراء فأصبحو مراسليها يقفون أمام أبواب المحاكم ليفضحوا عوارات الناس
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top