ما هو العلم الواجب تعلَّمه: (طلب العلم فريضة على كلِّ مسلم)

إنسانة ما

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
28 سبتمبر 2011
المشاركات
1,913
نقاط التفاعل
123
النقاط
79
محل الإقامة
تبسة
الجنس
أنثى
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله

فهذا جمع من أقوال أهل العلم حول حديث: (طلب العلم فريضة على كلِّ مسلم)، وما المقصود بالعلم الواجب تعلمه. أسأل الله أن ينفع بـه:

[font=&quot]قال الحافظ الخطيب البغدادي -رحمه الله تعالى- في كتابه الفقيه والمتفقه:


[font=&quot][/font]
[font=&quot]وجوب التفقه في الدين على كافة المسملين:[/font]
[font=&quot]عن حميد، عن أنس، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: [/font][font=&quot])[/font][font=&quot] [/font][font=&quot]طلب الفقه فريضة على كل مسلم[/font][font=&quot] [/font][font=&quot]([/font][font=&quot].[/font]
[font=&quot]قال بعض أهل العلم: إنما عنى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بهذا القول علم التوحيد، وما يكون العاقل مؤمنا به، فإن العلم بذلك فريضة على كل مسلم، ولا يسع أحدا جهله، إذ كان وجوبه على العموم دون الخصوص. [/font]
[font=&quot]وقيل معناه: إن طلب العلم فريضة على كل مسلم، إذا لم يقم بطلبه من كل سقع وناحية من فيه الكفاية، وهذا القول يروى عن سفيان بن عيينة.[/font]
[font=&quot]ثم ساق الخطيب إسناده إلى جعفر بن عامر البزاز قال: سمعت مجاهد بن موسى، في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: [/font][font=&quot])[/font][font=&quot] [/font][font=&quot]طلب العلم فريضة على كل مسلم[/font][font=&quot] [/font][font=&quot]([/font][font=&quot] قال: كنا عند ابن عيينة، فجرى ذكر هذا الحديث، فقال ابن عيينة: "ليس على كل المسلمين فريضة، إذا طلب بعضهم أجزأ عن بعض؛ مثل الجنازة إذا قام بها بعضهم أجزأ عن بعض، ونحو ذلك".[/font]
[font=&quot]قلت: والذي أراد ابن عيينة معرفة الأحكام الفقهية المتعلقة بفروع الدين، فأما الأصول التي هي معرفة الله - سبحانه - وتوحيده وصفاته وصدق رسله فمما يجب على كل أحد معرفته، ولا يصح أن ينوب فيه بعض المسلمين عن بعض.[/font]
[font=&quot]وقيل: معنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: [/font][font=&quot])[/font][font=&quot] [/font][font=&quot]طلب العلم فريضة على كل مسلم[/font][font=&quot] [/font][font=&quot]([/font][font=&quot] أن على كل أحد فرضا أن يتعلم ما لا يسعه جهله من علم حاله، وقد بين ذلك عبد الله بن المبارك، فقال حسن بن الربيع، قال: سألت ابن المبارك قلت: [/font][font=&quot])[/font][font=&quot] [/font][font=&quot]طلب العلم فريضة على كل مسلم[/font][font=&quot] [/font][font=&quot]([/font][font=&quot] أي شيء تفسيره؟ قال: "ليس هو الذي تطلبون، إنما طلب العلم فريضة أن يقع الرجل في شيء من أمر دينه، يسأل عنه حتى يعلمه".[/font]
[font=&quot]وقال الحسن بن شقيق، قال: سألت عبد الله بن المبارك: ما الذي يجب على الناس من تعليم العلم؟ قال: "أن لا يقدم الرجل على الشيء إلا بعلم، يسأل ويتعلم، فهذا الذي يجب على الناس من تعليم العلم" وفسره، قال: "لو أن رجلا ليس له مال، لم يكن عليه واجبا أن يتعلم الزكاة، فإذا كان له مائتا درهم، وجب عليه أن يتعلم كم يخرج؟ ومتى يخرج؟ وأين يضع؟ وسائر الأشياء على هذا".[/font]
[/font]​

 
باب بيان ما هو العلم الفرض

محمد سعيد رسلان -حفظه الله-

أخرج ابن ماجة في "سننه" بسنده عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ »(1).

ولما كان الفهم عن الله تعالى وعن رسوله صلى الله عليه وسلم مشروطاً فيه أن يكون على مرادِ الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لا على حسب الأهواء , كان لِزاماً أن يُنظر في مدلولِ اللفظِ الذي تلفَّظَ به الرسول صلى الله عليه وسلم , حتى يكون فهمُ اللفظِ على مراد الرسول صلى الله عليه وسلم , لذلك ننظر - إن شاء الله - في معنى : "الواجب", وفي معنى : "الفرض", ثم ننظر - إن شاء الله - في معنى "فرض العين", وفي معنى : "فرض الكفاية",حتى نكون على بيِّنةٍ من الأمر .

قال الشوكانيُّ رحمه اللهُ : " الواجبُ في الاصطلاح : ما يُمدح فاعلُه, ويُذَمُّ تاركُه, على بعض الوجوه, ويرادفُه الفرض عند الجمهور, وقيل : الفرض ما كان دليلُه قطعيّا, والواجب ما كان دليلُه ظنيّا, والأول أولى"
(2).

فالفرض عند الجمهور هو ما طلب الشارع فعلَه على وجه اللزومِ, بحيث يُذَمُّ تاركُه, ومع الذمِّ العقابُ, ويمدح فاعلُه ومع المدحِ الثوابُ
(3).

والواجب - وهو الفرض عند الجمهور - ينقسم على : " واجبٍ عيني, وواجب على الكفاية , فالواجب العينيُّ هو : ما ينظر فيه الشارع إلى ذات الفاعلِ; كالصلاة والزكاة والصوم, لأنًّ كلَّ شخصٍ تلزمه بعينه طاعةُ اللهِ عزَّ وجلَّ لقوله تعالى : {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات : 56].

وأما الواجب على الكفاية فضابطه أنه ما ينظر فيه الشارعُ إلى نفس الفعلِ, بقطع النظرِ عن فاعلِهِ؛ كدفنِ الميت, وإنقاذِ الغريق ونحو ذلك, فإن الشارعَ لم ينظر إلى عينِ الشخصِ الذي يدفنُ الميتَ أو ينقذُ الغريقَ, إذ لا فرقَ عنده في ذلك بين زيدٍ وعمرٍو, وإنما ينظر إلى نفسِ الفعلِ الذي هو الدفنُ أو الإنقاذُ مثلاً "
(4).

فالواجب العينيُّ: هو ما توجَّه فيه الطلبُ اللازم إلى كلِّ مكلَّفٍ, أي: هو ما طلب الشارعُ حصوله من كلِّ واحدٍ من المكلَّفين, فلا يكفي فيه قيامُ البعضِ دون البعضِ الآخرِ, ولا تبرأ ذِمَّةُ المكلَّفِ منه إلا بأدائِهِ؛ لأنَّ قصدَ الشارع في هذا الواجب, لا يتحقَّق, إلا إذا فعله كلُّ مكلَّفٍ, ومن ثَمَّ يأثم تاركُه ويلحقه العقابُ, ولا يُغني عنه قيامُ غيره به.

فالمنظورُ إليه في هذا الواجب: الفعلُ نفسُه والفاعلُ نفسُه, ومثالُه: الصلاةُ, والصيامُ, والوفاءُ بالعقودِ, وإعطاءُ كلِّ ذي حقٍّ حقَّه.

والواجبُ على الكفاية: هو ما طلب الشارعُ حصولُه من جماعةِ المكلَّفين, لا من كلِّ فردٍ منهم؛ لأنَّ مقصودَ الشارعِ حصولُه من الجماعةِ, أي: إيجادُ الفعلِ لا ابتلاءُ المكلَّفِ, فإذا فعله البعضُ سقط الفرضُ عن الباقيين؛ لأنَّ فعلَ البعضِ يقوم مقامَ فعلِ البعضِ الآخرِ, فكان التاركُ بهذا الاعتبارِ فاعلاً,وإذا لم يقم به أحدٌ أَثِمَ جميعُ القادرين. فالطلبُ في هذا الواجبِ منصبٌّ على إيجادِ الفعلِ لا على فاعلٍ معيَّنٍ, وأمَّا في الواجبِ العينيِّ فالمقصودُ تحصيلُ الفعل, ولكن من كلِّ مكلَّفٍ. وإنما يأثم الجميعُ إذا لم يحصل الواجب الكفائيُّ؛ لأنه مطلوب من مجموعِ الأمةِ, فالقادر على الفعلِ عليه أن يفعله, والعاجزُ عنه عليه أن يَحُثَّ القادرَ, ويحمله على فعله, فإذا لم يحصل الواجبُ كان ذلك تقصيرًا من الجميعِ: من القادرِ, لأنه لم يفعله, ومن العاجزِ, لأنه لم يحمل القادرَ على فعلِهِ ويحثُّه عليه
(5).

وقد يؤول واجبُ الكفايةِ إلى أن يكون واجبًا عينيّا, فلو كانت البلدُ مضطرةً إلى قاضيين, وكان هناك عشرةٌ يصلحون للقضاءِ؛ فإنَّ تولِّيه واجبٌ كفائيٌّ على العشرةِ.

وأمَّا إن لم يكن هناك غيرُ اثنين, فإنه يكون واجبًا عينيّا عليهما
(6).

رَجعٌ إلى حديثِ أنسٍ

عن أنسٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ ».

قال ابن عبد البرِّ رحمه اللهُ في كتاب "جامع بيان العلم", بعد أن روى هذا الحديثَ من عِدَّةِ طرقٍ ذكرها: "قد أجمع العلماءُ على أنَّ من العلمِ ما هو فرضٌ متعيَّنٌ على كلِّ امرئٍ في خاصَّة نفسِه, ومنه ما هو فرضٌ على الكفايةِ إذا قام به قائمٌ سقط فرضُه عن أهلِ ذلك الموضعِ, واختلفوا في تلخيصِ ذلك.
والذي يلزم الجميعَ فرضُه من ذلك: ما لا يسعُ الإنسانَ جهلُه من جُملةِ الفرائضِ المفترَضةِ عليه, نحو: الشهادةُ باللسانِ والإقرارُ بالقلب بأنَّ الله وحده لا شريك له, ولا شِبْهَ له ولا مِثْلَ, لم يلد ولم يُولد ولم يكن له كُفُوًا أحدٌ, خالقُ كلِّ شيءٍ, وإليه مرجعُ كلِّ شيءٍ, المحيي المميتُ, الحيُّ الذي لا يموتُ.
والذي عليه جماعةُ أهلِ السنةِ أنه لم يزل بصفاتِهِ وأسمائِهِ, ليس لأوَّليَّته ابتداءٌ, ولا لآخريتِهِ انقضاءٌ, وهو على العرشِ استوى.
والشهادةُ بأنَّ محمدًا صلى الله عليه وسلم عبدُهُ ورسولُهُ, وخاتمُ أنبيائِهِ, حقٌّ, وأنَّ البعثّ يغد الموتِ للمجازاةِ بالأعمالِ, والخلودَ في الآخرة لأهلِ السعادةِ بالإيمانِ والطاعةِ في الجنةِ, ولأهلِ الشقاوةِ بالكفرِ والجحودِ في السعير حقٌّ, وأنَّ القرآنَ كلامُ اللهِ, وما فيه حقٌّ من عند اللهِ يجب الإيمانُ بجميعِهِ واستعمالِ مُحْكَمِهِ, وأنَّ الصلواتِ الخمسَ فرضٌ, ويلزمه من علمها علمُ ما لا تتمُّ إلا به من طهارتها وسائرِ أحكامها, وأنَّ صومَ رمضان فرضٌ, ويَلْزَمُهُ علمُ ما يُفسِدُ صومَه وما لا يتمُّ إلا به, وإن كان ذا مالٍ وقدرةٍ على الحجِّ لزمه فرضًا أن يعرف ما تجب فيه الزكاةُ ومتى تَجِبُ وفي كم تجبُ, ويلزمه أن يعلم بأنَّ الحجَّ عليه فرضٌ مرَّةً واحدةً في دهرِهِ إن استطاع إليه سبيلاً, إلى أشياءَ يلزمُهُ معرفةُ جُمَلِهَا ولا يُعذر بجهلها, نحو: تحريمُ الزنا والربا, وتحريمُ الخمرِ والخنزيرِ وأكلِ الميتةِ والأنجاسِ كلِّها والغَضْبِ والرِّشوةِ على الحكمِ والشهادةِ بالزُّورِ وأكلِ أموالِ الناسِ بالباطلِ وبغيرِ طِيبٍ من أنفسِهم إلا إذا كان شيئًا لا يُتَشَاحُّ فيه ولا يُرْغَبُ في مِثْلِهِ, وتحريمُ الظُّلْمِ كلِّه, وتحريمُ نكاحِ الأمهاتِ والأخواتِ ومَنْ ذُكر معهنَّ, وتحريمُ قتلِ النفسِ المؤمنةِ بغيرِ حقٍّ, وما كان مثلَ هذا كلِّه مما قد نطقَ الكتابُ به وأجمعت الأمةُ عليه.

ثم سائرُ العلمِ وطلبِه والتفقُّهِ فيه وتعليمِ الناسِ إياه, وفتواهم به في مصالحِ دينهم ودنياهم فهو فرضٌ على الكفايةِ يلزم الجميع فرضُه, فإذا قام به قائمٌ سقط فرضُه عن الباقين, لا خلافَ بين العلماءِ في ذلك, وحجَّتُهُم فيه قولُ اللهِ عزَّ وجلَّ: {فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة : 122].

فألزم النفيرَ في ذلك البعضَ دون الكلِّ, ثم ينصرفون فيعلِّمون غيرهم, والطائفةُ في لسانِ العربِ: الواحدُ فما فوقه"
(7).

وقد ساق ابن قدامة رحمه اللهُ حديثَ أنسٍ رضي الله عنه في فرضيةِ طلبِ العلمِ, ثم قال: "قال المصنِّفُ رحمه الله تعالى: اختلف الناسُ في ذلك:

فقال الفقهاءُ: هو علمُ الفقهِ؛ إذ به يُعرف الحلالُ والحرامُ.
وقال المفسِّرون والمحدِّثون: هو علم الكتابِ والسنَّةِ؛ إذ بهما يُتَوَصَّلُ إلى العلومِ كلِّها.
وقالت الصوفيةُ: هو علمُ الإخلاصِ وآفاتِ النفوسِ.
وقال المتكلِّمون: هو علمُ الكلامِ.
إلى غير ذلك من الأقوالِ التي ليس فيها قولٌ مَرْضِيٌّ, والصحيحُ أنَّه: علمُ معاملةِ العبدِ لربِّه.
والمعاملةُ التي كُلِّفَهَا (العبدُ) على ثلاثةِ أقسامٍ: اعتقادٌ, وفعلٌ, وتركٌ.

فإذا بَلَغَ الصبيُّ, فأولُ واجبٍ عليه تُعُلُّمُ كلمتي الشهادةِ وفهمُ معناها وإن لم يحصل ذلك بالنظرِ والدليلِ, لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم اكتفى من أجلافِ العربِ بالتصديقِ من غيرِ تعلُّمِ دليلِ, فذلك فرضُ الوقتِ, ثم يجب عليه النظرُ والاستدلالُ
(8).

فإذا جاء وقتُ الصلاةِ وَجَبَ عليه تعلُّمُ الطهارةِ والصلاةِ, فإذا عاش إلى رمضان وَجَبَ عليه تعلُّمُ الصومِ, فإن كان له مالٌ, وحال عليه الحَوْلُ وجب عليه تعلُّمُ الزكاةِ, وإن جاء وقتُ الحجِّ وهو مستطيعٌ وَجَبَ عليه تعلُّمُ المناسكِ.

وأمَّا التروكُ: فهو بحسب ما يتجدَّد من الأحوالِ, إذ لا يجب على الأعمى تعلُّمُ ما يَحْرُمُ النظرُ إليه, ولا على الأبكم تعلُّمُ ما يَحْرُم من الكلامِ, فإن كان في بلدٍ يُتعاطى فيه شُرب الخمرِ ولُبْسُ الحريرِ, وجب عليه أن يعرفَ تحريمَ ذلك.
وأمَّا الاعتقاداتُ: فيجب علمُهَا بحسبِ الخواطرِ, فإن خَطَرَ له شَكٌّ في المعاني التي تدلُّ عليها كلمتا الشهادةِ, وَجَبَ عليه تعلُّمُ ما يصل به إلى إزالةِ الشكِّ, وإن كان في بلدٍ قد كَثُرَتْ فيه البدعُ, وَجَبَ عليه أن يتلقَّن الحقَّ, كما لو كان تاجرًا في بلدٍ شاع فيه الربا, وجب عليه أن يتعلَّمَ الحذرَ منه. وينبغي أن يتعلَّم الإيمانَ بالبعثِ والجنةِ والنَّارِ...

فبان بما ذكرنا أن المرادَ بطلبِ العلمِ الذي هو فرضُ عينٍ: ما يتعيَّنُ وجوبُهُ على الشخصِ.

وأما فرضُ الكفايةِ: فهو كلُّ علمٍ لا يُستغنى عنه في قِوَامِ أمورِ الدنيا؛ كالطبِّ: إذ هو ضروريٌّ في حاجةِ بقاء الأبدانِ على الصحةِ, والحسابِ: فإنَّه ضروريٌّ في قسمةِ المواريث والوصايا وغيرها فهذه العلومُ لو خَلا البلدُ عمَّن يقوم بها حَرِجَ أهلُ البلدِ, وإذا قام بها واحدٌ كفى وسقط الفرضُ عن الباقين"
(9).

تبيَّن مما سَبَقَ أنَّ من العلمِ ما هو فرضُ عينٍ, وهو ما لا يصحُّ اعتقادُ أحدٍ, ولا عبادتُه إلا به, ومنه ما هو فرضُ كفايةٍ, وهو علمُ ما ليس مفروضًا عليه في الوقتِ, وقد قام به قائمٌ فسقطت فرضيتُه في الوقت عنه

________________________________________
(1) الحديثُ صحَّحه الألبانيُّ في "صحيح سنن ابن ماجة" رقم (183), واستوفى في "تخريج أحاديث مشكلة الفقر" طرقه بحثًا واستقراءً وتتبُّعًا, ثم قال: "فالحديثُ بمجموع ذلك صحيحٌ بلا ريب عندي", ثم نقل عن العراقي تصحيحَ بعضِ الأئمة لبعضِ طرقه, ونقل تحسينَ المزي والسيوطي للحديث, ثم قال: "والتحقيق أنه صحيح, والله أعلم".
ثم قال: "اشتهر الحديث في هذه الأزمنة بزيادة "مسلمة", ولا أصل لها ألبتة, وقد نبَّه على ذلك السخاوي فقال: "قد ألحق بعضُ المصنفين بآخر هذا الحديث و"مسلمة", وليس لها ذكرٌ في شيءٍ من طرقه, وإن كان معناها صحيحًا". ]انظر: تخريج أحاديث مشكلة الفقر, للألباني, ص48 – 62[.
(2) إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول للشوكاني. تحقيق الدكتور شعبان محمد إسماعيل(1/50).
(3) عند الأحناف أن "الفرض" غير "الواجب", ويوجد في بعض كلام غير الحنفية التفريقُ بين الفرض والواجب, على قلَّةٍ, والجمهور على ترادف اللفظين. ارجع في ذلك: "الإحكام في أصول الأحكام" للآمدي(1/139), و "أصول الفقه" للشيخ محمد أبو النور زهير(1/53), و "الوجيز في أصول الفقه" للدكتور عبد الكريم زيدان ص31, و "الواضح في أصول الفقه" للدكتور محمد سليمان الأشقر (ص24).
(4) مذكرة أصول الفقه للشيخ محمد الأمين الشنقطي (ص12).
(5) الوجيز في أصول الفقه للدكتور عبد الكريم زيدان (ص36).
(6) الواضح في أصول الفقه للدكتور محمد سليمان الأشقر (ص37).
(7) جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر (ص5 - 7).
(8) في وجوب هذا النظر نظر.
(9) مختصر منهاج القاصدين لابن قدامة المقدسي. تحقيق علي حسن عبد الحميد (ص24).
 
سائل يقول

هل سبق للعلامة الألباني تصحيح حديث* طلب العلم فريضة على كل مسلم * لأني سمعت كثير من أهل العلم يضعفونه الإمام احمد و إسحاق؟

جواب الشيخ ماهر بن ظافر القحطاني حفظه الله

على كل حال هناك قاعدة ذكرها ابن حجر إذا اتفق المتقدمون على تضعيف حديث و تعليله فلا يؤخذ بقول لعالم معاصر فهذا الحديث فعلا معلول لكن ينظر هل اتفقوا عليه يحتاج إحصاء على كل حال في المتقدمين فإذا كان المتقدمون متفقون على تضعيفه و تعليله فنحن معهم في الاتفاق.
لكن معنى حديث صحيح أن من العلم ما هو فريضة بالإجماع فقد اجمعوا انه لا يجوز لأحد أن يقبل على العبادة كالحج و العمرة و كالطهارة و الصلاة حتى يتعلم أحكامها فرض عين يأثم إذا تركها لأنه لا يمكن أن يقيم دين الله في تلك العبادة إلا إذا تعلم أحكامها فحينئذ يكون آثم إذا قصر في حضور الحلقة كثير من الناس أنا اعلم هذا يرون حضور الحلقة مستحب و من دلائل ذلك إذا تعارض عنده مشوار زيارة و فرح بلقاء مع الدرس ماذا يفعل ؟ الزيارة هذا يدل انه فاهم أن الحلقة مستحبة هو فرض كما أن تعتقد المرأة أن حجابها فرض والرجل أن اللحية إطلاقها واجب و حضور الجماعة واجب كذلك حضور الحلقة ملزم. بعض الناس يحسبونه ليس ملزم عادي يحضر أ و لا يحضر. ملزم يعني قد يعرض نفسه لآفة إن ترك هذا الأمر لأنهم اجمعوا انه يجب خاصة الرجل المقبل على الحج يريد أن يتعلم أحكامه خاصة رجل مقبل على الصلاة يريد أن يتعلم أحكام الصلاة و الطهارة رجل سالك إلى الله بالتوحيد يحتاج أن يعرف أحكام التوحيد من الشرك الأكبر و الأصغر و يدرس كتاب التوحيد كله و يدرس كتاب لمعة الاعتقاد و غيرها و العقيدة الواسطية هذا كله, فنحن الآن نمشي في كتبنا مازلنا في فروض الإحياء لازم نمشي في صحيح البخاري و سنن الترمذي و في صحيح مسلم كل ذلك في باب الطهارة و الصلاة و الزكاة والصوم و الحج مازلنا في ذلك هذه فروض عين , ثم علم المواريث فرض كفاية إذا علمه البعض سقط عن البعض الآخر و يأتي عالم يسأل و يقول اسأل غيري ممن له دراية بهذا العلم لابأس.

لكن فروض العين هذه كعلم الزكاة إن كان عنده حي عند المغلي كيف تزكي كعلم الصلاة و الطهارة و نحو ذلك و علم التوحيد و الإرادة من الشرك و البدع و ما يعرف كيف البدعة فهذا أنا اعرف أن الكثير من إخواننا الصالحين يظن أن حضور حلقات العلم مجرد مستحب ة ذلك أسهل ما يعتذر لك به وينك يا فلان والله كنت مشغول تنظر إلى شغله هو ليس ضروري فيدل انه ما يهتم بهذا الواجب ما يهتم ’, أنت لماذا تنفر من إنسان حلق لحيته تقول خالف رسول الله أعوذ بالله كان ملتحي و حلق لحيته طيب لماذا لا يحصل في قلبك النفور من رجل يعد من الصالحين نافر عن حلقات العلم و هي واجبة عليه ينبغي في قلبك إن يحس بنفور و تنصحه حتى يرجع عن هذا لأنه ترك واجب هذا كله من قلة العلم بالسنة هذا التفريق فلان يقول حلق لحيته أعوذ بالله فلان معرض عن حلقات العلم اتركه ما الفرق هذا واجب و هذا واجب إذا ما ترك ما أوجبه الله عليه كثيرا أظن لا يحصون يظن إن حضور الحلقات مستحب أو التفقه في الدين فيمن هو من فروض العين أن ذلك مستحب كثير و كثير جدا فينبغي أن يشعر الرجل عندما يحضر حلقة فما إذا أقيمت الصلاة و يذهب يصلي معهم يخشى الله أن يعاقبه فكذلك يخشى ...

المادة الصوتية:

تحميل
 
آخر تعديل:
السؤال


أريد أن لا تحيلوني على أجوبة سابقة، سؤالي هو: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: طلب العلم فريضة على كل مسلم. ما المقصود بذلك، هل هو العلم الذي يوصل إلى درجة العالم، أم العلم بالفرائض والسنن التي يتعبد بها الناس لله حتى يعبدوه على علم؟ وجزاكم الله خيراً.





الإجابــة


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اختلف العلماء في المقصود بالعلم المفروض طلبه في هذا الحديث الشريف، وأصح الأقوال في معنى الحديث هو أن العلم المفروض تعلمه على كل مسلم هو: علم فروض الأعيان، كمعرفة الله وحده لا شريك له في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته إجمالاً، ومعرفة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ووجوب اتباعه في كل ما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر، وأن شريعته ناسخة لغيرها، وتعلم الوضوء والغسل والصلاة وغير ذلك.
وأما فروض الكفايات كتغسيل الميت والصلاة عليه وغير ذلك فلا يجب على كل مسلم، وكذا من استقل بشيء كالتجارة فرض عليه دون غيره تعلم أحكام البيع، لئلا يبيع الحرام، أو يتعامل بالربا، وكذا علوم الطب والاقتصاد والهندسة لا يجب تعلمها على كل مسلم، بل يكفي تعلم البعض لها.
والله أعلم.


http://www.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=71727







 
أوجب الشرع على المسلم تعلم العلم الشرعي .
عن أنس بْنِ مَالِكٍ قَالَ :عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أنه قالَ : ( طَلَبُ العِلْمِ فَرِيْضَةٌ عَلَىْ كُلِّ مُسْلِمٍ ) . رواه ابن ماجه ( 224 ) .
وحسَّنه بكثرة طرقه وشواهده : المزي والزركشي والسيوطي والسخاوي والذهبي والمناوي والزرقاني ، وهو في " صحيح ابن ماجه " للألباني .
ومن ضعَّف هذا الحديث ، كالإمام أحمد وغيره من الأئمة المتقدمين [ انظر : المنتخب من العلل للخلال ص (128-129) ، وحاشية المحقق ] ؛ فإن معناه مستقيم عندهم ، وإن كان إسناده لا يثبت .
قال الإمام إسحاق بن راهويه ، رحمه الله : " طلب العلم واجب ، ولم يصح فيه الخبر ؛ إلا أن معناه : أن يلزمه طلب علم ما يحتاج إليه من وضوئه وصلاته وزكاته إن كان له مال ، وكذلك الحج وغيره ، قال : وما وجب عليه من ذلك لم يستأذن أبويه في الخروج إليه وما كان منه فضيلة لم يخرج إلى طلبه حتى يستأذن أبويه "
قال ابن عبد البر رحمه الله : " يريد إسحاق ، والله أعلم ، أن الحديث في وجوب طلب العلم في أسانيده مقال لأهل العلم بالنقل ، ولكن معناه صحيح عندهم ، وإن كانوا قد اختلفوا فيه اختلافا متقاربا على ما نذكره ها هنا إن شاء الله "
جامع بيان العلم وفضله ، لابن عبد البر (1/52-53ـ ط الزهيري ) ، وانظر المنتخب من العلل ، حاشية المحقق .
قال علماء اللجنة الدائمة :
العلم الشرعي على قسمين : منه ما هو فرض على كل مسلم ومسلمة ، وهو معرفة ما يصحح به الإنسان عقيدته وعبادته ، وما لا يسعه جهله ، كمعرفة التوحيد ، وضده الشرك ، ومعرفة أصول الإيمان وأركان الإسلام ، ومعرفة أحكام الصلاة ، وكيفية الوضوء ، والطهارة من الجنابة ، ونحو ذلك ، وعلى هذا المعنى فسِّر الحديث المشهور ( طلب العلم فريضة على كل مسلم ) .
والقسم الآخر : فرض كفاية ، وهو معرفة سائر أبواب العلم والدين ، وتفصيلات المسائل وأدلتها ، فإذا قام به البعض سقط الإثم عن باقي الأمة .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ بكر أبو زيد .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 12 / 90 ، 91 ) .

من فتاوى موقع الإسلام سؤال وجواب
 
وهذا مقال طيِّب للشيخ علي بن يحي الحدادي -حفظه الله- حول فرضية طلب العلم:

من هنا التحميل

بارك الله فيكم


 
جزاكم الله خيرا
الله الله
ماشاء الله
حريصة على الفقه الله يثبتك يا رب

اضافة: من كتاب حاشية ثلاثة اصول
تاليف شيخ الاسلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب قدس الله روحه
بسم الله الرحمن الرحيم
اعلم رحمك الله انه يجب علينا تعلم اربع مسائل .


الاولى : العلم


. . .
/1/ اي : يلزم كل فرد من افراد المكلفين , ذكرا ام انثى , حرا او عبدا , تعلم اربع مسائل , جمع مسالة من السؤال , هو : ما يبرهن عنه في العلم , و الواجب : لا يعذر احد بتركه وعند الاصوليين : ما يثاب فاعله , ويعاقب تاركه . فيجب على كل فرد منا : العلم بهذه الاربع المسائل .
/2/ وهو : معرفة الهدى بدليله , والعلم اذا اطلق , فالمراد به : العلم الشرعي , الذي تفيد معرفته ما يجب على المكلف من امر دينه .
والعلم الشرعي : على قسمين , فرض كفاية . وماذكر رحمه الله , فهو فرض عين على الذكر و الانثى , والحر والعبد , لا يعذر احد بالجهل به .
وفي الحديث عن انس رضي الله عنه : *طلب العلم فريضة * وقال احمد : يجب طلب العلم ما يقوم به دينه . قيل له مثل اي شيء ؟ قال : الذي لا يسعه جهله صلاته وصيامه , ونحو دلك . وقال المصنف رحمه الله : اعلم رحمك الله ان طلب العلم فريضة , وقال شفاء للقلوب المريضة , وان اهم ما على العبد معرفته دينه , الذي معرفته والعمل به سبب لدخول الجنة , والجهل به و اضاعته سبب لدخول النار , اعاذنا الله منها .

فما كان واجبا على الانسان العمل به , كاصول الايمان , وشرائع الاسلام , وما يجب اجتنابه من المحرمات , وما يحتاج اليه في المعاملات , و نحو ذلك مما لا يتم الواجب الا به فهو واجب عليه العلم به , بخلاف القدر الزائد على ما يحتاج اليه المعين , فانه من فروض الكفايات , التي اذا قام بها من يكفي سقط عن الباقين .

ثم ان طلب العلم فيما هو فرض كفاية افضل من قيام الليل وصيام النهار والصدقة بالذهب والفضة .
قال احمد : تعلم العلم و تعليمه افضل من الجهاد وغيره مما يتطوع به . اهـ . فان العلم : هو الاصل و الاساس , واعظم العبادات واكد فروض الكفايات , بل به حياة الاسلام والمسلمين , و التطوعات : انما هي شيء مختص بصاحبه , واولى الناس به , واقربهم اليه واخشاهم له , و ارفعهم درجات .

/1/ اي : بما تعرف به الينا في كتابه , وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من اسمائه و صفاته وافعاله , ولا يكون الانسان على حقيقة من دينه الا بعد العلم بالله سبحانه وتعالى .

/2/ صلى الله عليه وسلم فانه الواسطة بيننا وبين الله في تبليغ رسالة الله , و معرفته فرض على كل مكلف , واحد مهمات الدين , والنبي : رجل اوحي اليه بشرع , ولم يؤمر بتبليغه , فان امر به فرسول .

/3/ اي: معرفة دين الاسلام الذي تعبد الله الخلق به بالادلة من الكتاب والسنة , و الادلة : جمع دليل . والدليل هو : ما يوصل المطلوب .
وفيه اشارة الى انه لا يصلح فيه التقليد , بل اذا لقي الله , فاذا معه حجج الله وبراهينه , وهذا المقدار من العلم يجب تعلمه , بل كيف يعمل المرء بشيء وهو لا يعرفه , و جهل الانسان حقيقته ما امر الله به : من اعظم الاثم , والعمل بغير علم : طريق النصارى . والعلم بلا عمل : طريق اليهود . وقد امرنا الله ان نساله في كل ركعة ان يهدينا الصراط المستقيم , وهو الطريق الذي انعم الله عليهم , من النبيين والصديقين والشهداء و الصالحين , غير المغضوب عليهم ولا الضالين .



الثانية : العمل به . والثالثة الدعوة اليه . الرابعة : الصبر على الذى فيه . والدليل قوله تعالى : "والعصر * ان الانسان لفي خسر * الا الذين امنوا * وعملوا الصالحات * و تواصوا بالحق * وتواصو بالصبر *.​
 
بارك الله فيك
سمعت أحد الدعاة أظنه مصطفى حسني والله أعلم يتحدث بمثل هذا
شكرا لك
 
جزاكم الله خيرا
الله الله
ماشاء الله
حريصة على الفقه الله يثبتك يا رب

اضافة: من كتاب حاشية ثلاثة اصول

آمين وإياكِ أختي
شكرًا لكِ على الإضافة

 
السلام عليكم
كالعادة و دوما الاخت الكريمة انسانة ما تسعى الى طرح مواضيع مميزة و هي كذلك لي عوده باذن الله للمشاركة في الموضوع سوغتو كي عاد يتعلق بالعلم
يعطيك الصحة و ربي يجعلها في ميزان حسناتك
تقييم تستاهليه
 
ايوا مشكل ماحبش يقبلي نمدلك تقييم حتى نمنحوه لاعضاء اخرين
 
السلام عليكم
كالعادة و دوما الاخت الكريمة انسانة ما تسعى الى طرح مواضيع مميزة و هي كذلك لي عوده باذن الله للمشاركة في الموضوع سوغتو كي عاد يتعلق بالعلم
يعطيك الصحة و ربي يجعلها في ميزان حسناتك
تقييم تستاهليه

ايوا مشكل ماحبش يقبلي نمدلك تقييم حتى نمنحوه لاعضاء اخرين

وفيييييك بارك الله اختي الطيِّبة
نفعني الله وإياكِ بما نُقِل
بالنسبة للتقيم ما فيه مشكل .. المهم أن تستفيدي من الموضوع حفظكِ الله ورعاكِ ..

 
بارك الله فيك


جزاكِ الله خيرًا على الإضافة الطيِّبة أختي سالي ورحم الله الشيخ بن باز ونفعنا الله بعلمه.
وهذه فتوى الشيخ رحمه الله:

ما هو العلم الواجب, هل هو الديني أم الدنيوي, أم معاً؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعـد: فإن العلم علمان: علم ديني، وعلم دنيوي، فالعلم الديني واجب على كل مكلف يتعلم ما وجب الله عليه، وما حرم الله عليه، وما لا يسعه جهله، كما نص على ذلك أهل العلم، فالواجب على كل مكلف من الرجال والنساء أن يتعلم ما أوجب الله عليه، وأن يتفقه في دينه، فيعرف ما أوجب الله من صلاةٍ وغيرها، ويعرف ما حرم الله عليه من الشرك وغيره؛ حتى يعبد ربه على بصيرة، ويعبر كثير من أهل العلم بقولهم: يجب على المكلف أن يتعلم من دينه ما لا يسعه جهله، والمعنى أن يتعلم ما أوجب الله عليه، وما حرم الله عليه، فيتعلم معنى: لا إله إلا الله، وما معنى شهادة أن محمداً رسول الله، ما هي الصلاة؟ ما هي الزكاة؟ ما هو صوم رمضان؟ ما هو الحج؟ يتعلم هذه الأشياء التي أوجب الله عليه، يتعلم الأشياء التي حرمها الله، ما هو الزنا؟ ما هو الربا؟ ما هو المسكر؟ يتعلم حتى يعرف الواجب فيؤديه، وحتى يعرف المحرم فيجتنبه حسب الطاقة، فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ[التغابن: 16]، يتعلم حسب الطاقة، بسؤال أهل العلم، بقراءة القرآن والتفقه فيه، بقراءة الأحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، بحضور حلقات العلم، بالسؤال من طريق المكاتبة، من طريق التلفون، يجتهد حسب الطاقة، يلزمه أن يتعلم حسب الطاقة، فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ[التغابن: 16]، لا يسكت، ولا يرضى بالجهل، بل يتعلم، لأنه مخلوق لعبادة الله، كما قال الله -سبحانه-: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ[الذاريات: 56]. مأمور بذلك، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ[البقرة: 21]، هذه العبادة التي خلق لها، وهو مأمور بها يجب أن يعرفها، ما هي العبادة؟ يجب أن يتعلم حتى يعرف ما هي العبادة التي قد خلق لها، وأوجبها الله عليه، وهي أداء فرائض الله وترك محارم الله، وأصلها وأساسها توحيد الله والإخلاص له والإيمان به وبرسوله محمد -صلى الله عليه وسلم-، والإيمان بكل ما اخبر الله به ورسوله مما كان وما يكون، من أمر الآخرة والجنة والنار والحساب والجزاء، وما مضى من خلق الله آدم وبعث الرسل، يؤمن بكل ما أخبر الله به وبرسوله عن بصيرة، ويعلم أن هذا حق ويعمل، فيؤدي ما أوجب الله وينتهي عما حرم الله، هذا واجب عليه حسب الطاقة، من طريق حلقات العلم، من طريق تدبر القرآن، من طريق حفظ السنة، من طريق سؤال أهل العلم، من طريق المكاتبة، إلى غير ذلك، لا يغفل ولا يتساهل.
أما القسم الثاني: علم الدنيا، فيتعلم منها ما يعنيه على كسب المعيشة على حسب طاقته حتى يقوم بما أوجب الله عليه، كيف يبيع، كيف يشتري، كيف يعمل ما يسبب الرزق الذي يقوم بحاله، لا يجلس في بيته وبس، لا بد أن يتعلم الشيء الذي يستعين به على طاعة ربه، أي علمٍ دنيويي مباح يحصل له به الرزق الكافي فالحمد لله، وإذا لم يعرف يسأل أهل البصيرة من جيرانه من أقربائه من زملائه حتى يتعلم شيئاً ينتفع به، بيع أو شراء أو يؤجر نفسه، أو يحتطب أو يحش، كانوا في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- يتعلمون، كثير منهم يذهب البرية يأتي بالحطب، يأتي بالحشيش ويبيع وينقذ نفسه وينقذ من تحت يده، وبعضهم يذهب ويحمل الحطب، ويأتي ويبيع ويتصدق على الفقراء، لما أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالصدقة صار كثير من الصحابة يحمل على ظهره حاجات الناس ثم يتصدق بالأجرة، فعلى المسلم أن يتعلم من الدنيا ما يعينه على سد خلته وحاجته في كسوة وطعام وسكن وغير ذلك، ويتعلم ما يعينه على القيامة بحاجة أهله، فعليه علمان وعملان، علم الآخرة وهو الأهم وهو الأوجب، أن يتعلم دينه ويتفقه في دينه ويعمل بما أوجب الله عليه، وينتهي عما حرم الله عليه، وعليه أيضاً علم ثاني وعمل ثاني وهو التعلم لما يحصل به الرزق والكفاف، والقيام بحاجة أهله من أمور الدنيا، والعمل بذلك من كونه يحتطب كونه يحتش كونه يبيع كونه يشتري كونه يؤجر نفسه إلى غير هذا، يتعلم الأسباب التي يحصل بها الرزق الكافي الذي يقوم بحاله وحال من تحت يده، والله ولي التوفيق.

 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top