السلام عليكم
من أروع الحكايات
يروى عن ذو النون المصري رضي الله عنه قال: بينما أنا في بعض زوايا المنطقة وإذا بغلام قد انتفع لونه ونحل جسمه يتلألأ نور الخدمة بين عينيه، وينطق آثار القبول بين وجنتيه وعلى وجهه سمة الطاعة وعليه طمران وعلى بدنه جبة صوف متفتقة الاكمام والذيول، وعلى أحد كميه مكتوب "ان السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان على مسؤولا (الإسراء36) وعلى الكم الأخر مكتوب "يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون.(النور 24)وعلى أذيالها مكتوب:لا تباع ولا تشترى، وعلى صدرها مكتوب "ونحن أقرب إليه من حبل الوريد" (ق16 )، وعلى ظهرها مكتوب " يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية" (الحاقة 18 ) وعلى رأسه مكتوب: حب مولاى بلائي حيث مولاي دوائي .
فما رأيت أنظف من طمرين كانا عليه،فتهيأت لخطابه ثم دنوت منه بعد ساعة، فقلت: السالم عليك يا عبد الله، فقال: وعليك السلام يا ذو النون، فقلت له: ومن أين عرفتني يا أخي؟ فقال: اطلعت حقائق الحق من ضميري على مكنون ضميرك،فشاهد صفاء معرفتك في غياهب غيوب همتك، فتناطقا وتعانقا فعرفني أنك ذو النون المصري.. فقلت له: يا أخي ما إبتداء المحبة؟ فقال: الإعتبار بهذه الآية التي تراها وتسمعها، وأشار إلى المكتوبة على طمريه فقلت له: يا أخي وما إنتهاء المحبة؟ فقال: يا ذا النون محبوب بلا إنتهاء ومحبة بابتهال، فقلت له: يا أخي الزهد في الدنيا طلب للعقبى، ام طلب للمولى؟ فقال : يا ذا النون الزهد في مخلوق لطلب مخلوق آخر خسران وإنما يصلح الزهد في الدنيا المخلوقة لطلب المولى الخالق. يا ذا النون صغرت همة عبد رضيت من محبوب قديم بجنة مخلوقة،إنما معنى الزهد: التحنب عن الأغيار وتتبع الأخيار ومشاهدة الآثار لوجود الملك الجبار فمن طلب الأغيار فمطلوبه مشهوده ومن طلب الجبار فمطلوب محبوبه .
