رواية سأخون وطني

تونسية ونحبكم برشا

:: عضو مُشارك ::
إنضم
27 أكتوبر 2014
المشاركات
244
نقاط التفاعل
384
النقاط
13
محمد الماغوط أديب طريف، مثير للعجب، فهو قيل أن يخون، يؤلف كتاباً يكرّسه للإنذار بأنه يعتزم أن يخون وطنه وفي زمان تتم فيه أفعال الخيانة سراً. فأى وطن هو ذلك سيخونه وعلناً وبفخر؟ الأوطان نوعان... أوطان مزورة وأوطان حقيقية الأوطان المزورة أوطان الطغاة، والأوطان الحقيقية أوطان الناس الأحرار.


و محمد أحمد عيسى الماغوط شاعر وأديب سوري، ولد في محافظة حماة سنة 1934. تلقى تعليمه في سلمية ودمشق وكان فقره سبباً في تركه المدرسة في سن مبكرة، كانت سلمية ودمشق وبيروت المحطات الأساسية في حياة الماغوط وإبداعه، وعمل في الصحافة حيث كان من المؤسسين لجريدة تشرين كما عمل الماغوط رئيساً لتحرير مجلة الشرطة، احترف الأدب السياسي الساخر وألف العديد من المسرحيات الناقدة التي لعبت دوراً كبيراً في تطوير المسرح السياسي في الوطن العربي، كما كتب الرواية والشعر وامتاز في القصيدة النثرية التي يعتبر واحدًا من روادها، وله دواوين عديدة. توفي في دمشق في 3 أبريل 2006.




اقتطافاتي
من
الرواية





ما هذا ؟
أمة بكاملها تحل الكلمات المتقاطعة وتتابع المباريات الرياضية، أو تمثيلية السهرة ، والبنادق الاسرائيلية مصوبة إلى جبينها وارضها وكرامتها وبترولها
كيف أوقظها من سباتها، وأقنعها بأن أحلام إسرائيل أطول من حدودها بكثير، وان ظهورها أمام الرأي العام العالمي بهذا المظهر الفاتيكاني المسالم لا يعني أن جنوب لبنان هو نهاية المطاف؟
فهي لو أعطيت اليوم جنوب لبنان طوعا واختيارا لطالبت غدا بشمال لبنان لحماية أمنها في جنوب لبنان
ولو أعطيت كل لبنان لطالبت بتركيا لحماية أمنها في لبنان
ولو أعطيت تركيا لطالبت ببلغاريا لحماية أمنها في تركيا
.....
هل فقدت الشعوب العربية احساسها بالأرض والحرية والكرامة والانتماء إلى هذه الدرجة؟
أم أن الارهاب العربي قد قهرها وجوّعها وروّعها وشرّدها سلفا أكثر بكثير مما فعلته وما قد تفعله اسرائيل في المستقبل؟


ماذا فعل المواطن العربي لحكامه حتى يعامل هذه المعاملة ؟

أعطاهم أولاده للحروب

وعجائزه للدعاء

ونساءه للزغاريد

وكساءه لليافطات

ولقمته للمآدب والمؤتمرات

وشرفاته وموطئ قدميه للمهرجانات والخطابات

وطلب منهم نوعا واحدا من الحرية ، وهو المتعارف عليه في أبسط الدول المتحضرة

فأعطوه عشرين نوعا من الحرية لا مثيل لها في الدول المتحضرة ولا في المتوحشة

... أعطاهم سبع دول عام 1949 لتوحيدها . فأعطاهم بعد 30 سنة 22 دولة لا يستطيع 22 "بسمارك" أن يوحد أنظمة السير فيها .

ومنذ 30 سنة أيضا أعطاهم قضية خفيفة ظريفة كالفلة ، تتمنى معظم الدول والشعوب في ذلك الحين أن يكون عندها قضية مثلها ، وهي قضية فلسطين فأعطوه بالإضافة إليها :

قضية لومومبا وقضية المالكي وقضية فرج الله الحلو وقضية الشواف وقضية البرازاني وقضية بن بركة وقضية بن بللا وقضية بن عاشور وقضية عبد الحكيم عامر وقضية برلنتي عبد الحميد وقضية علي صبري وقضية خزينة عبد الناصر وقضية موسى الصدر وقضية جنبلاط وقضية سعد حداد وقضية أحمد الخطيب وقضية الخميني وأخيرا قضية السادات

فماذا يتحمّل هذا الإنسان ليتحمّل ؟

بمعنى أن ينام المواطن العربي على هم قديم. هذا لا يجوز . وأمر لا ترضاه لا أنظمة الحكم العربية ولا دول عدم الانحياز ولا منظمة الوحدة الآسيوية الإفريقية ولا منظمة الصحة العالمية.

المفروض كل يوم جديد ، هم جديد .

وأن يعود المواطن إلى بيته في المساء وهو لا يحمل لعائلته أكلة جديدة أو ثيابا جديدة، بل قضية جديدة.

وتقول إعلانات الدعاية أن ساعة أوريس التي تتحمل الصدمات هي ساعة المستقبل. قسما بالله ألف ساعة أوريس لا تتحمل في ثلاث ساعات الصدمات التي يتحملها المواطن العربي في ثلاث دقائق .
... بمعنى أن السلطة تراقب الشعب والشعب يراقب السلطة

وإسرائيل تراقب الجميع.
المدير : بمعنى أنك لم تعد تذكر أي شيء على الإطلاق يا بني ؟

النزيل : نعم باستثناء كلمة صغيرة

المدير : ما هي ؟

النزيل : فلسطيــن

المدير : فلسطين ... إعدام
فقال الميتر : عندنا عرق لبناني وفول سوداني وكباب حلبي وملوخية مصرية وكبسة سعودية وفريكة عراقية وكوسكوس تونسي وكنافة نابلسية وبطيخ أردني وقهوة عدنية. والطبخ بجميع أنواعه عربي وكما ترى المطبخ شرقي والستائر شرقية والراقصة شرقية والأغاني عربية وكذلك الفرش واللباس عربي. وكذلك أنا وموظفو الاستقبال والطهاة والمحاسبون ، كلنا عرب بعرب.

فتنفس الأستاذ الصعداء وقال : يعني ليس عندك أي شيء أجنبي ؟

الميتر : أبدا يا سيّدي ، ليس عندنا أي شيء أجنبي باستثناء صاحب المحل .

... قال الميتر بحماس : أمرك سيدي. عندنا ويسكي اسكتلندي وبيرة ألمانية وخبز كندي وشوربة سويسرية وجبنة فرنسية ولحم أرجنتيني وكافيار روسي ومعكرونة إيطالية وشاي سيلاني وقهوة برازيلية أما الأقداح فهي تشيكية والفوط والمناشف أمريكية.

فشعر الأستاذ بغربة عميقة عن كل ما قرئ له . وانتابه حنين جارف إلى أي شيء يذكره بوطنه وبلاده. فسأله : أليس لديكم أي شيء عربي ؟

فقال الميتر : لا. ليس عندنا أي شيء عربي سوى "الخدم"
فهذا زمن الاتفاق على كل شيء

ولكنه ليس زمني ، فأنا كالخيزران .. أنحني ولا أنكسر.
فلن أنسى ذرة من تراب فلسطين أو حرفا من حروفها لا لأسباب نضالية ووطنية وتاريخية بل لأسباب لا تزال سرا من أسرار هذا الكون كإخفاقات الحب الأول .. كبكاء الأطفال الرضع عند الغروب.

لقد رتبت حياتي وكتبي وسريري وحقائبي منذ الطفولة حتى الآن، على هذا الأساس. فكيف أتخلى عن كل شيء مقابل لا شيء. ثم أنني لم أغفر ضربة سوط من أجل الكونغو ... فكيف من أجل فلسطين ؟

ولذلك سأدافع عن حقدي وغضبي ودموعي بالأسنان والمخالب

سأجوع عن كل فقير وسأسجن عن كل ثائر وأتوسل عن كل مظلوم وأهرب إلى الجبال عن كل مطارد وأنام في الشوارع عن كل غريب.

لأن إسرائيل لا تخاف ضحكاتنا بل دموعنا ولا بناء من عشر طوابق بل شاعرا يكتب في قبو ولا تخشى وحدة بين مصرفين بل بين جائعين و لا اتحادا بين نظامين بل بين شعبين ولا القمم العالية بل ما يتجمع حولها في الوديان.

ولقد يكون هذا الزمان هو زمان التشييع والتطبيع والتركيع زمن الأرقام لا الأوهام والأحلام. ولكنه ليس زماني سأمحو ركبتي بالممحاة سآكلهما حتى لا أجثو لعصر أو لتيار أو لمرحلة. ثم أنا الذي لم أركع وأنا في الابتدائية أمام جدار من أجل جدول الضرب وأنا على خطأ. فهل أركع لبيغن أو لسواه أمام العالم أجمع بعد هذه السنين ، وأنا على حق؟

إني لست مخلصا لوطني وعروبتي وأناشيدي المدرسية فحسب بل إني مخلص حتى لسعالي.

ولن أيأس ولن أستسلم مادام هناك عربي واحد يقول : " لا" في هذه المرحلة ولو لزوجته.
إنكليزي : ما هو سبب إصراركم على تقديم القهوة المرة دون سواها في جميع المؤتمرات والمناسبات؟

عربي : حتى نظل نتذكر مرارة الواقع الذي تعيشه أمّتنا

إنكليزي : يتحدثون في الغرب كثيرا هذه الأيام عن تطورات مريبة في المنطقة؟ ما تعقيبكم على ذلك؟

عربي : ليتحدثوا بما يشاءون . فالشعوب في هذه البلاد معروفة بكثرة الكلام

إنكليزي : وأنتم ؟

عربي : بكثرة الأفعال طبعا

أمريكي : ولكن هناك مؤشرات تؤكد تراجعكم عن بعض المواقف

عربي : نحن لم نتقدم أصلا حتى نتراجع

أمريكي : هل هناك ما يثبت ذلك ؟

عربي : طبعا، فمواقفنا السياسية واضحة وصريحة ونعبر عنها باستمرار في صحفنا. وهذه نماذج منها. تفضلوا ووزعوها على بعضكم. لا تجفلوا، معكم حق، مشكلة اللغة، فنحن عرب ولا نفهمها فكيف أنتم؟

فرنسي: الصحافة في الغرب تجاري السرعة والتطور فهي تقدم لقارئها أوسع المعلومات في أقل عدد ممكن من السطور. ولذلك بمجرد أن يتصفحها يلم بكل ما يجري في العالم، ثم يرميها حيث هو في الباص أو الميترو وينصرف إلى عمله.

عربي : من هذا الناحية نحن أرقى منكم. فالقارئ العربي يرمي الجريدة دون أن يقرأها.

سويدي : هل المعارضة مشروعة في الوطن العربي؟

عربي : طبعا.

من برافدا : ولكن القوى الديمقراطية محرومة من إبداء أي رأي

عربي: اسكت أنت. في بلادكم حتى الطرقات كلها باتجاه واحد

سويدي : إن حرية التعبير والكلام والمعتقد مضمونة لجميع فئات الشعب ويستطيع أي مواطن عربي في أي بلد عربي.. أن يدخل على أي مسؤول ويقول ما يشاء، ولكن متى يخرج فهذه مسألة أخرى

عربي : وعن ظروف المعتقلين وحالتهم الصحية والنفسية؟

من برافدا : دعونا من هذا الموضوع

عربي: بل سنبقى فيه إذ ليس عندنا ما نخجل منه ثم نحن كما معروف عنا لا نخجل من شيء. فبالنسبة لظروف المعتقلين فكل ما يقال هو افتراض ونسج خيال لأنه إذا كان أهلهم وآباؤهم وأمهاتهم لا يعرفون عنهم شيئا منذ لحظة اعتقالهم فكيف للغرباء أن يعرفوا عنهم كل هذه المعلومات؟

أمريكي : لنعد إلى موضوع الساعة . إن الإعلام العربي لا يزال يصر على أن إسرائيل لم تحقق أهدافها من غزو لبنان

عربي : طبعا

أمريكي : وما هي أهدافها كما تعتقدون ؟

عربي : إننا لا نعرف أهدافنا ، فكيف نعرف أهداف غيرنا

أندونيسي : كنتم لسنوات خلت ناشطين جدا على الساحة الدولية ومتحمسين جدا لمؤتمر جنيف، مؤتمر البندقية، مؤتمر الاشتراكية الدولية، للحوار العربي-الأوروبي، للحياد الإيجابي وعدم الانحياز، ثم فتر نشاطكم وانعدم حماسكم. لماذا؟ هل يئستم من العالم ؟

عربي : لا العالم يئس منا

إيطالي : هل معنى ذلك أن قراراتكم الآن تصنعونها بمعزل عن جميع الظروف والتيارات الأخرى في العالم؟

عربي : ليس الآن . بل دائما قراراتنا وطنية ، لكن قطع الغيار من الخارج.

ألماني : في هذا الزمن الذي هو زمن التحولات والتغيرات الكبرى في السياسة والفكر والعلم والاقتصاد، نلاحظ أن جميع توجهاتكم ومنطلقاتكم مازالت كما هي ولم يتغير أي شيء جذريا في الوطن العربي

عربي : ألا يكفي أن خريطته تتغير كل يوم.

.. صيني : إلى أين وصلت خطواتكم لتحقيق الوحدة العربية ؟

عربي : يكفينا الآن التضامن العربي
.. لأن الرفض يجري في دمي وفي عروقي وأوردتي وشراييني ومن رأسي إلى أخمص قدمي...
الأول : هناك أزمة طاقة

الثاني : إذن نحن نجلس في أزمة طاقة

الأول : وأين أزمة الطاقة ؟

الثاني : في البرميل

الأول : وأين البرميل؟

الثاني : في الوطن

الأول : وأين الوطن ؟

الثاني : في قلوبنا ، في قلوب الجماهير

الأول : وأين الجماهير ؟

الثاني : في البرميل ، إذن دحرجونا إلى فلسطين إلى حيفا ويافا.

.. الأول : هل تنام ؟

الثاني : نعم وشراع الحق حطام

الأول : إلى متى ؟

الثاني : حتى تنتهي مفاوضات خلدة

الأول : ولكنها لن تنتهي كما تريد أمريكا

الثاني : وروسيا

الأول : لا تقرن اسم صديقة الشعوب بعدوة الشعوب.

الثاني : اهدأ قليلا سينقلب بنا البرميل

الأول : لينقلب العالم بأسره لن تنتهي المفاوضات كما يحلو لأعداء هذه الأمة. فالخلافات قائمة على قدم وساق فيما بينهم. أين الراديو؟ أريد أن أسمع الأخبار

الثاني : بدون راديو أو صحف أو تلفزيون. أنا أقول لك آخر الأخبار وأول الأخبار منذ النكبة حتى الآن ، كل طبخة سياسية في المنطقة أمريكا تعدها، وروسيا توقد تحتها، وأوروبا تبردها ، وإسرائيل تأكلها والعرب يغسلون الصحون
من سمع ضحكة عربية من القلب منذ بدء التاريخ؟

لاشيء غير القتل والنهب وسفك الدماء

لا أحد يفكر أن هناك طفولة يجب أن تنمو

شفاها يجب أن تقبل

عيونا يجب أن تتلاقى

أصابع يجب أن تشتبك

خصورا يجب أن تطوق بغير القنابل والمدى والانفجارات

أيها العرب ، أستحلفكم بما تبقى في هذه الأمة من طفولة وحب وصداقة وأشجار وطيور وسحب وأنهار وفراشات ، أستحلفكم بتحية أعلامكم في الصباح وإطراقة جبينها عند المساء ، لقد جربتم الإرهاب سنين وقرونا طويلة وها أنتم ترون إلى أين أودي بشعوبكم.

جربوا الحرية يوما واحدا لتروا كم هي شعوبكم كبيرة وكم هي إسرائيل صغيرة.
.. لم أستطع تدريب عربي واحد على صعود الباص من الخلف والنزول من الأمام فكيف بتدريبه على الثورة ؟
 
آخر تعديل بواسطة المشرف:
بارك الله فيك
الماغوط غني عن كل تعريف وفعلا الرواية تستحق
شكرا على المجهود
 
. لم أستطع تدريب عربي واحد على صعود الباص من الخلف والنزول من الأمام فكيف بتدريبه على الثورة ؟

الخاتمة كفت ووفت
شكرا جزيلا

 
. لم أستطع تدريب عربي واحد على صعود الباص من الخلف والنزول من الأمام فكيف بتدريبه على الثورة ؟

حتى أنا خليتها في الآخر
" الأفضل للأخير" -مثل فرنسي-
 
رد: رواية سأخون وطني

بارك الله فيك اختاه
 
رد: رواية سأخون وطني

شكرا على المجهودالرائع
 
رد: رواية سأخون وطني

:regards01::regards01:شكرا جزيلا على المجهود
 
السلام عليكم
رواية رائعة وفيها من الحكم ما يفيد أمة
بارك الله فيك اختي وجزاك الله خيرا
تقبلي مني فائق الاحترام والتقدير
حلم كبير(y)
 
ببساطة هذا هو حال العرب يا لأسفاه اللهم أهدنا و يسر أمورنا
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top