وهي: معرفة العبد ربه ودينه، ونبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم.
فإذا قيل لك: من ربك؟ فقل: ربي الله، الذي ربَّاني وربَّى جميع العالمين بنعمته، وهو معبودي، ليس لي معبودٌ سواه.
وإذا قيل لك: ما دينك؟ فقل: ديني الإسلام، وهو: الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله.
وإذا قيل لك: مَنْ نبيك؟ فقل: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، وهاشم من قريش، وقريش من العرب، والعرب من ذرية إسماعيل بن إبراهيم، عليهما وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم.
أصل الدين وقاعدته أمران:
الأول: الأمر بعبادة الله وحده لا شريك له، والتحريض على ذلك، والموالاة فيه، وتكفير من تركه.
الثاني: الإنذار عن الشرك في عبادة الله، والتغليظ في ذلك والمعاداة فيه، وتكفير من فعله.
* * * *
شروط (لا إله إلا الله)
الأول: العلم بمعناها نفيًا وإثباتًا. الثاني: اليقين، وهو: كمال العلم بها المنافي للشك والريب. الثالث: الإخلاص المنافي للشرك. الرابع: الصدق المنافي للكذب. الخامس: المحبة لهذه الكلمة، ولما دَّلت عليه والسرور بذلك. السادس: الانقياد لحقوقها، وهي: الأعمال الواجبة؛ إخلاصًا لله وطلبًا لمرضاته. السابع: القبول المنافي للرَّد.
من كتاب الله تعالى ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
دليل العلم:
قوله تعالى: [FONT="]}فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ[FONT="]{[/FONT][محمد: 19].[/FONT] وقوله: [FONT="]}إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ[FONT="]{[/FONT][الزخرف: 86]؛ أي بـ «لا إله إلا الله» [FONT="]}[/FONT]وَهُمْ يَعْلَمُونَ[FONT="]{[/FONT] بقلوبهم ما نطقوا به بألسنتهم.[/FONT]
ومن السنة: الحديث الثابت في الصحيح عن عثمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة».
فاشترط في صدق إيمانهم بالله ورسوله كونهم لم يرتابوا؛ أي لم يشكُّوا، فأما المرتاب فهو من المنافقين.
ومن السنة:
الحديث الثابت في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، لا يلقى الله بهما عبدٌ غير شاكًّ فيهما إلا دخل الجنة».
وفي رواية: «لا يلقى الله بهما عبد غير شاكًّ فيهما فيُحْجَبُ عن الجنة».
وعن أبي هريرة أيضًا من حديث طويل: «من لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنًا بها قلبه فبشره بالجنة».
ومن السنة: الحديث الثابت في الصحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أسعد الناس بشفاعتي من قال: لا إله إلا الله خالصًا من قلبه (أو نفسه)».
وفي الصحيح عن عتبان بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله عز وجل».
وللنسائي في (اليوم والليلة) من حديث رجلين من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، مخلصًا بها قلبه، يصدق بها لسانه إلا فتق الله لها السماء فتقًا، حتى ينظر إلى قائلها من أهل الأرض، وحق لعبد نظر الله إليه أن يعطيه سؤله».
ومن السنة: ما ثبت في الصحيحين عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، صادقًا من قلبه، إلا حرمه الله على النار».
ومن السنة: ما ثبت في الصحيح عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار».
ودليل الانقياد:
ما دل عليه قوله تعالى: [FONT="]}وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ[FONT="]{[/FONT][الزمر: 54].[/FONT]
ومن السنة: ما ثبت في الصحيح عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضًا: فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس، فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصاب منها طائفة أخرى، إنما هي قبعانٌ؛ لا تمسك ماء، ولا تنبت كلأ؛ فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعمل، ومثل من لم يرفع بذلك رأسًا، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به».
الثاني: من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة ويتوكل عليهم؛ كَفَرَ إجماعًا.
الثالث: من لم يكفر المشركين أو يشك في كفرهم أو صحح مذهبهم، كَفَرَ. الرابع: من اعتقد أن غير هدي النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه، أو أن حكم غيره أحسن من حكمه – كالذي يفضل حكم الطواغيت على حكمه - فهو كافر.
الخامس: من أبغض شيئًا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولو عمل به كفر.
السادس: من استهزأ بشيء من دين الرسول صلى الله عليه وسلم أو ثوابه أو عقابه كفر.
وهو الذي أقر به الكفار على زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يدخلهم في الإسلام، واستحل دماءهم وأموالهم، وهو توحيد الله بفعله تعالى.
وهو الذي وقع فيه النزاع في قديم الدهر وحديثه، وهو توحيد الله بأفعال العباد: كالدعاء، والنذر، والنحر، والرجاء، والخوف، والتوكل، والرغبة، والرهبة، والإنابة، وكل نوع من هذه الأنواع عليه دليل من القرآن.
وتفسيرها الذي لا إشكال فيه: طاعة العلماء والعبَّاد في المعصية، لا دعاؤهم إياهم، كما فسرها النبي صلى الله عليه وسلم لعدي بن حاتم لما سأله فقال: لسنا نعبدهم، فذكر له: أن عبادتهم طاعتهم في المعصية.
ستة أنواع: صاحبها من أهل الدَّرْك الأسفل من النار:
الأول: تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم. الثاني: تكذيب بعض ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم. الثالث: بُغْضُ الرسول صلى الله عليه وسلم. الرابع: بغض بعض ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم. الخامس: المسرَّةُ بانخفاض دين الرسول صلى الله عليه وسلم. السادس: الكراهية بانتصار دين الرسول صلى الله عليه وسلم.
النفاق العملي:
النفاق العملي خمسة أنواع:
والدليل قوله صلى الله عليه وسلم: «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان».
فأما صفة الكفر بالطاغوت: فأن تعتقد بطلان عبادة غير الله، وتتركها، وتبغضها وتكفر أهلها، وتعاديهم.
وأما معنى الإيمان بالله: فأن تعتقد أن الله هو الإله المعبود وحده، دون من سواه، وتخلص جميع أنواع العبادة كلها لله، وتنفيها عن كل معبود سواه، وتحب أهل الإخلاص وتواليهم، وتبغض أهل الشرك وتعاديهم.
وهذه ملة إبراهيم التي سفه نفسه من رغب عنها، وهذه هي الأسوة التي أخبر الله بها في قوله تعالى: [FONT="]}قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ[FONT="]{[/FONT][الممتحنة: 4].[/FONT]
والطاغوت عام؛ فكل ما عبد من دون الله ورضي بالعبادة من معبود أو متبوع أو مطاع في غير طاعة الله ورسوله؛ فهو طاغوت، والطواغيت كثيرة، ورؤوسهم خمسة:
الرشد: دينُ محمد صلى الله عليه وسلم،والغي:دينُ أبي جهل، والعروة الوثقى: شهادة أن لا إله إلا الله، وهي متضمنة للنفي والإثبات: تنفي جميع أنواع العبادة عن غير الله تعالى، وتثبت جميع أنواع العبادة كلها لله وحده لا شريك له.