جامع ابن باديس

الخليـل

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
14 جويلية 2011
المشاركات
5,234
نقاط التفاعل
5,403
النقاط
351
العمر
109
al_hassani_113942239.jpg



الكاتب:
الهادي الحسني
2015/04/20


كان يوم الجمعة (22 جمادى الثانية 1436 هـ / 17 أفريل 2015م) من أسعد الأيام في حياتي التي مرّت، لا لمغنم تحصّلت عليه، ولا لمغرم تخلصت منه؛ ولكن لما قدّر الله- العزيز القدير- لي فيه من حضور افتتاح مسجد الإمام عبد الحميد بن باديس في مدينة وهران، التي تخيّلت أنها ترحب بنا كما قالت الشاعرة الجزائرية زبيدة بشير، المولودة بتونس في 1938، والمتوفاة فيها سنة 2011:
فتحت وهران أحضان الوفا حين زرناها، وقالت: مرحبا لقد تجولت في رحاب المسجد، مسبّحا، محوقلا، ذاكرا، شاكرا لله، سائلا المزيد من أماكن الخير، داعيا إياه أن يهدي الضالين من جنود إبليس الذين يريدون أن تشيع الفواحش في الذين آمنوا، وأن يفسد الجزائريون، كما فسدوا هم، فإن علم الله أنه ختم على قلوبهم فيلأخذهم أخذ عزيز مقتدر، وليطهر الجزائر المجاهدة من رجسهم، فما هم بمعجزيه.
لم أنشغل بالجانب المادي من المبنى، الذي جمع بين الجلال والجمال، ولا أعني بالجمال كثرة الزخارف والألوان التي تلهي عن أهم ما في الصلاة وهو الخشوع، فهو عبارة عن كتلة ضخمة من اللون الناصع البياض.. ولم يعجبني ذلك اللون الذهبي الذي طليت به بعض الأجزاء، التي لو كان لونها أخضر لكانت في رأيي أبهر وأسحر، وسحر الألوان للعين كسحر الكلمات في العقول أو أشد.
لقد أطلقت العنان لعقلي فطوى القرون راجعا إلى نهاية القرن الخامس عشر الميلادي، إذ جاءتنا الجيوش الصليبية الإسبانية من فوقنا، عندما كنا نخوض ونلعب، فهدمت المساجد، وأعلت الكنائس، وحاولت محو الإيمان والتوحيد ونشر الشرك والتثليث.. وخاض أجدادنا ملحمة مجيدة من الجهاد دامت ثلاثة قرون، حتى جاء نصر الله والفتح، وفرح المؤمنون بذلك في عام 1792، وشكروا الله بإقامة مسجدين هما مسجد الباشا بوهران ومسجد كتشاوة بمدينة الجزائر.
ولم يطل الأمر حتى جاءنا "جراد" أخطر، ممثلا في أولئك الفرنسيين الصليبيين، الذين ما جاءوا إلا- كما قال لافيجري- "لنخلص هذا الشعب ونحرره من قرآنه.. فإن واجب فرنسا هو تعليمهم الإنجيل، أو طردهم إلى أقاصي الصحراء"، فكانت كارثتهم أعظم، فنشروا الجهل، وعطلوا العقل، فكانوا سببا فيما سماه أحد الكتاب "الاحتباس الحضاري".
وابتدأت ملحمة جهاد أخرى، وكان جهاد هذه المرة أوسع وأشمل، فهو جهاد العلم والتربية إضافة إلى جهاد السيف والبندية، وكان رمز ذلك الجهاد في الأولين عبد القادر الأمير المجاهد، وكان رمزه في الآخرين عبد الحميد، العالم المجاهد، فرحمة الله عليهما وعلى من اتبعهما ولم يكن من الخائنين، الذين قد يعجبنا قولهم في الحياة الدنيا، فنظن أنهم من الصادقين.
يا إخوتي الأحرار في الدين والوطن، من وهران إلى الذرعان، ومن غرداية إلى مّا غوراية، ومن جنات إلى رأس جنات، ومن خنشلة إلى ورڤلة.. إن العدوّ هو هو، لم يتغيّر لونه، ولا طعمه، ولا ريحه، ولا شكله، ولا لسانه، وقد حييت أطماعه ولا تبدلت طباعه، وهو يتربص بنا، ويكيد لنا، وبأبناء جلدتنا، ولا منجاة لنا منه، ولا وسيلة لنا لدحره وإفساد خططه إلا ما وصّانا به الذي ارتضيناه إمامنا في الصف، الإمام عبد الحميد بن باديس في قوله:
" تعلموا ، تحابّوا ، تسامحوا ".

لم يعكر صفوي ولم يكدر فرحي في وهران إلا رؤيتي أشغال الترميم جارية فيما يسمى "سانتا كروز"، وهي كنيسة مشرفة على وهران من جبل المرجاجو... وإن كان من فوقها "المولى عبد القادر مول المايدة".
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top