قال الشيخ ربيع بن هادي حفظه الله : هذا الإمام البربهاري لحق بالفتن و شيوخه عاشوا في حميم الفتن في الدولة العبّاسية أمام المأمون و أيام المعتصم و أيام الواثق يعني مرت عليهم محن من سجن و قتل و تشريد و فصل من الوظائف و حرمان و إلى آخره و مع ذلك جاءوا إلى الإمام أحمد و قالوا : يريدون التخلص من الحكام قال لهم : لا و حذّرهم من جر الفتن على الأمة قالوا : انظر الآن المدارس يدرسون فيها القرآن مخلوق كفر يدرسون الكفر فأبى الإمام أحمد أن يوافقهم على رأيهم قالوا : الخروج قال : هذا فساد قالوا: الفساد قائم قال الفساد الآن خاص و إذا حصل الخروج يكون الفساد عامًا(1) يعني تنتهك فيه الأعراض و تذهب فيه الأموال و تسفك فيه الدماء و تزهق فيه الأرواح ثم لا تكون النتيجة إلا شرًّا مما كانوا عليه . أخذ الإمام أحمد هذا من توجيهات الرسول الكريم عليه الصلاة و السلام : من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات إلا مات ميتة جاهلية (2) فيأمر بالصبر و يقول : أدّوا إليهم حقهم و سلوا الله حقّكم . (3) هؤلاء يقولون لا ... نحن لا ننتظر الفرج يأتي من السماء نأخذ حقنا بأيدينا و الله هذه العبارة قالها سيّد قطب قال : يا جماهير إنكم لن تصلوا إلى حقكم إلا بأيديكم و لن تمتد أي يد لإعطائكم هذا الحق و عبارات أخرى في كتابه العدالة الإجتماعية يعني ما ننتظر حتى يأتينا حقنا من السماء أو الفرج من السماء لا بد أن نأخذ حقنا بأيدينا فهذا ضلال مصادم لتوجيهات الرسول الحكيم الرؤوف الرحيم عليه الصلاة و السلام كما وصفه ربه عليه الصلاة و السلام و كان عنده رجال الذين كان يخاطبهم كانوا مستعدين لسل السيوف و الله كان عنده رجال و مستعدّون دائما لسل السيوف قالوا : نقاتلهم قال : لا ما أقاموا فيكم الصلاة .(4) إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم فيه من الله برهان (5) . فما كان يهيّجهم و لا يقول لهم ثوروا و لا خذوا السيوف يقول : إصبروا أعطوا حقهم و سلوا الله الذي لكم و في هذا الأمر نصوص كثيرة جدا . أما أهل السنةو الجماعة الذين يحترمون رسول الله و يحترمون نصوصه و ينزلونها بمنزلة القرآن في الحلال و الحرام و التشريعات فهؤلاء ثبتوا على هذه التوجيهات و أخذوا بها و لا يزالون عليها إن شاء الله ليس من باب العمالة و الله هم العملاء ليس نحن هم العملاء لأمريكا و لغيرها من الدول و نحن و الله لا نعرف عمالة و لا نعرف جاسوسيّة و لا نعرف هذه الأشياء التي يقذفوننا بها و هذه مزاياهم و أعمالهم التي يقذفون بها الناس و الله لسنا عملاء و لا نعرف العمالة و لله الحمد و لكننا نعرف قدر الإسلام و نعرف قدر من جاء به و نثق بأن ما وجهنا إليه الله و رسوله هو الحق و الخير في الدنيا و الآخرة و ما يوجه إليه هؤلاء السفهاء و الله ما فيه إلا الشر و الفساد .
-----------------------------
(1) رواه الخلال في السنة
(2) رواه البخاري في صحيحه رقم 7054 و مسلم في صحيحه رقم 1849
(3) رواه البخاري في صحيحه رقم 7052
(4) رواه مسلم في صحيحه رقم 1855
(5) رواه البخاري في صحيحه رقم 7055 و مسلم في صحيحه رقم 1709
كتاب عون الباري ببيان ما تضمنه شرح السنة للإمام البربهاري للشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله ص831-833