الأدب إمتــــــاع وإنتـــــفاع

ARCHICAD2016

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
14 ماي 2015
المشاركات
1,017
نقاط التفاعل
1,406
النقاط
71
السلام عليكم ورحمة لله وبركاته

الأدب إمتــــــاع وإنتـــــفاع

إسماعيل آيت عبدالرفيع

إن من بين أهم المشكلات التي يُعانيها المجتمع المغربي اليوم بإجماع الباحثين والدارسين مشكلة العزوف عن القراءة؛ حيث أصبح الكتاب زينة للبيت فقط، ونِسب القراءة المسجَّلة اليوم في صفوف الشباب جِد مُخجِلة، بل مُخزية يستحيي المرء من ذِكْرها، ما جعل الكثيرين يدقون ناقوس الخطر، ويُعلِنون قُرب إفلاس أمة اقرأ إن لم نقل إفلاسها حقيقة، والأدهى والأمرُّ من هذا كله أن البعض يُحاوِل تبرير هذا العزوف بأسباب واهية غير منطقيَّة، كضعف القدرة الشرائية للمواطن، وغلاء سعر الكتب، ومنافسة التكنولوجيا الحديثة للكتاب، أما فشو الأميَّة وانتشارها بين أفراد المجتمع، فأول ما يلجأ إليه الكتَّاب والمُبدِعون لتبرير فشَلهم الذريع في استقطاب القراء والجمهور، الأمية مُنتشِرة فعلاً، لكن ما بال الفئة المثقَّفة هي الأخرى عازفة عن القراءة، وظُلْم ذوي القربى أشد مضاضة، جُلُّ الأساتذة اليوم لا يقرؤون ولا يُطالِعون إلا نادرًا، وإن طالعوا يُطالِعون عناوين الصحف والمجلات، إنه تقاعُد قبل الأوان، ولعل التبرير الأمثل لهذه الظاهرة كامن في الأدب نفسه، أي فيما يُبدِعه الكتاب من نصوص إبداعيَّة، أو لنقُلْ بشكل آخر في المُبدِع، معروف أن الأمة العربية منذ القِدَم أمة أميَّة لا تقرأ ولا تكتب، لكن هذا لا يمنعنا من المقارنة بين ماضيها وحاضرها، والدور الذي كان ينهض به الأدب في المجتمع، لقد كان الأدب في الماضي مصدر إمتاع وانتفاع للأفراد والنفوس، بحيث يجعل قارئه يُحِس بمتعة ولذَّة تعتريه من قفاه إلى أخمص قدميه كلما استمع للنص الأدبي أو أعاد قراءته، إنه يسمو به إلى عالم آخر، عالم الخيال، عالم بلا حدود، بالإضافة إلى أنه يزرع فيه قِيَمًا إنسانيَّة سامية تُساعِده على أن يحيا حياة سعيدة، إنه يُهذِّب النفوسَ المتمرِّدة الثائرة على أصحابها أو على المجتمع؛ لذلك حفظ لنا التاريخ جملةً من النصوص الإبداعيَّة المتميزة، استطاعت العيش والصمود والخلود لا لشيء إلا لسرٍّ كامن فيها هي بالذات لا في قارئها كما يَتوهَّم مُبدِعونا.

إن النصوص الإبداعيَّة القديمة تَحرِص على محاولة تقديم أجوبة لنفوس حيرى أضنتها نوائب الدهر وصُنوفه بإرشادها وتوجيهها ومساعدتها على شقِّ طريقها، إنها بخلاصة قناديل تضيء لا لتحترق فقط، بل لتصنع من يُشعِل قناديل أخرى تضيء في المستقبل، أما الأدب اليوم في شخص مُبدِعيه، فهو عاجز عن لَعِب هذا الدور الأصيل والمتأصل في الأدب، وإلا فما سرُّ ما يشهده العالم اليوم من دمار وخراب نتيجة حروب فتَّاكة، أشعلت فتيلها نفوس قاصية خرجت عن سيطرة الأدباء، أو لنَقُل عجز الأديب عن تطويعها ولَجْم عِقالها، فالنفس كالطفل كما نعلم، تحتاج إلى مَن يتعهَّدها بالرعاية والتوجيه.

وبالرجوع إلى النصوص الإبداعية اليوم نجد أن الأدباء يَهتمُّون بشكل كبير بالإمتاع أكثر من الانتفاع؛ لذلك نجد تأثيرها محدودًا ضيقًا، آنيًّا لحظيًّا، سَرعان ما يتلاشى؛ إذ لا يَنفُذ إلى أعماق النفس الإنسانية ليُحاوِرها ويُذكي القيم النبيلة فيها، فيصبح الأدب بذلك ملهاة أكثر منه طبيبًا شافيًا، ما أحوجنا اليوم إلى أدب تنتفع به النفس وتستمتع، فبانتفاع النفس يُعيد الأديب وصْل ما انقطع، يُوجِد لنفسه جمهورًا تواقًا وفيًّا، لا يخشى تفلُّته أبد الدهر، وبذلك يكون قد أسهم في تشكيل ذلك الجمهور وصناعته، وَفْق نظرته وفَهْمه لمعنى الأدب الحقيقي.

إن نظريَّة الفن للفن التي تبنَّاها بعض أدبائنا بفعل الاحتكاك الثقافي والانفتاح، أسهمت بشكلٍ واضح في تعميق الهُوَّة بين المُبدِع والمُتلقِّي، وهو ما أدَّى إلى إنتاج مُتلقٍّ مشوَّه المبادئ والقيم والذوق.


مما راق لي
 
رد: الأدب إمتــــــاع وإنتـــــفاع

سلاام عليكم اخي
بوركت على الانتقاء
والله صح داء العزوف عن القراءة انتشر بكثرة
وكما قال اصبحت الكتب للزينة في البيت وملأ المرافع للاسف
شكرااا اخي
واللهم صل على الحبيب المصطفى
تحياتي
 
رد: الأدب إمتــــــاع وإنتـــــفاع

فعلا، و من ينسى مقولة وزير الدفاع الإسرائيلى إبان النكسة وحرب أكتوبر (موشى دايان): (إن العرب لا يقرأون، وإذا قرأوا لا يفهمون، وإذا فهموا لا يستوعبون، وإذا استوعبوا لا يطبقون، وإذا طبقوا لا يأخذون حذرهم).
 
رد: الأدب إمتــــــاع وإنتـــــفاع

جزاكم الله خيرا على المرور .. وانا بدوري اهدي تبريكاتكم وتشكراتكم لصاحب المقال لأنه فعل بهذا المقال شخص لنا الواقع ووضع يده على الجراح فجزاه الله الجنة على هذا المقال الصادق النابع من ضمير حي...
انا اعجبتني الفقرة التالية

وبالرجوع إلى النصوص الإبداعية اليوم نجد أن الأدباء يَهتمُّون بشكل كبير بالإمتاع أكثر من الانتفاع؛
لذلك نجد تأثيرها محدودًا ضيقًا، آنيًّا لحظيًّا، سَرعان ما يتلاشى؛ إذ لا يَنفُذ إلى أعماق النفس الإنسانية ليُحاوِرها ويُذكي القيم النبيلة فيها، فيصبح الأدب بذلك ملهاة أكثر منه طبيبًا شافيًا، ما أحوجنا اليوم إلى أدب تنتفع به النفس وتستمتع، فبانتفاع النفس يُعيد الأديب وصْل ما انقطع، يُوجِد لنفسه جمهورًا تواقًا وفيًّا، لا يخشى تفلُّته أبد الدهر، وبذلك يكون قد أسهم في تشكيل ذلك الجمهور وصناعته، وَفْق نظرته وفَهْمه لمعنى الأدب الحقيقي.


إن نظريَّة الفن للفن التي تبنَّاها بعض أدبائنا بفعل الاحتكاك الثقافي والانفتاح، أسهمت بشكلٍ واضح في تعميق الهُوَّة بين المُبدِع والمُتلقِّي، وهو ما أدَّى إلى إنتاج مُتلقٍّ مشوَّه المبادئ والقيم والذوق.
 
رد: الأدب إمتــــــاع وإنتـــــفاع

اخي الكريم اسماعيل اشكرك لاثارة مثل هكذا مواضيع مستقاة من هموم الأدب بكل انواعه نثرا بكل ابوابه رواية وقصة ومسرحا وشعرا بفرعيه العمودي و الحر .
وللموضوع حديث ذوشجون . وكما قال اهل الاجتماع و اصحاب الفكر : الأدب مرآة المجتمع.
فهل نرى اليوم مما نقرأ ما يعكس حالات مجتمعنا أو يعالج قضايانا الاجتماعية انطلاقا من ربوع قلب كل اسرة او حارة او حي او شارع وهل ما نقرأه اليوم يثير جدلا لإشكالات تتسرب في غياهب مجتماعاتنا ...لهذا راح الامتاع بتجرؤ الانتفاع و خاب الإنتفاع حينما فقد الامتاع مصداقيته ..
شكرا لك على الموضوع المثير للنقاش .
تحياتي لك وكل تقديري وامتناني.​
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top