تأملات قرآنيّة

Hakan

:: مراقب عام ::
طاقم الرقابة
إنضم
10 أوت 2013
المشاركات
10,922
نقاط التفاعل
47,048
النقاط
1,706
الجنس
ذكر

قراءة أدبيّة في النّص القرآني
" وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ۖ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَن رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ ۚ كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ ۚ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ "
هذه واحدة من أكثر الآيات التي كانت مثار جدل بين المفسّرين
إن لم تكن الأكثر !
فقد اختلفوا فيها اختلاف النقيض للنقيض
وإن اتفقوا جميعاً على أن يوسف لم يقع بالفاحشة
فقد اختلفوا في تفسير الهمّ
والغالبية العظمى من المفسّرين تقول أنّ يوسف قد همّ فعلا ليواقعها فلما رأى برهان ربه ارتدع
وبرهان ربه على رأي الفريقين كان صورة يعقوب عليه السلام !
فماذا تقول اللغة في هذا الشأن ؟!
أولاً :
الهمّ لغةً كما في لسان العرب هو حديث النّفس بالشيء
أي قبل أن يصير فعلاً
وهذا معنىً معروف عند العرب
ونتكىء على الحديث الشريف لتفسير الهمّ!
قال عليه الصلاة والسلام :
من همّ بحسنة ولم يفعلها كُتبت له حسنة !
أي من حدثته نفسه بحسنة وعزم على فعلها
إذا هي في منزلة الفكرة لا في منزلة الفعل !
وبما أن الفعل مراودة
أي مفاعلة
فهذا يلزمه طرفان
الأول يُراود والثاني إما أن يُذعن أو يرفض !
همّ زليخة بيوسف خرج من دائرة الفكرة لدائرة الفعل وهذا يثبته سياق الآية
والآيات التي بعدها وصولا لقولها : " أنا راودته عن نفسه " !
فماذا عن همّ يوسف
لو قال الله : ولقد همت به وهمّ بها
وانتهى عند هذا الحد الكلام لتساويا في الفعل
ولكنه قال :
ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه
وهنا مربط الفرس !
إن في الآية تقديماً وتأخيراً غفل عنه الكثيرون
وتقدير الكلام :
ولقد همّت به ولولا أن رأى برهان رّبه لهمّ بها !
لولا : حرف امتناع لوجود !
كقولك : لولا غلاء السّعر لاشتريتُ الثوبَ
فإذا أنا لم اشترِ
ويوسف لم يهمّ !
قد يسأل سائل :
لماذا لم يقل الله
ولقد همّت به ولم يهمّ بها
أليس هذا أوضح للمعنى وأيسر ؟!
الجواب : لا !
لأنه لو قال : ولقد همت به ولم يهم بها
لنفى الفعل ولم ينفِ الباعث عليه !
فلربما لم يهمّ لأنه ارتبك
أو لأنه خاف أن يبطش به زوجها
أو تفاجأ
إن سياق الآية جاء لانصاف يوسف لا لاثارة الشك حوله !
ثانياً :
نرجع لسياق الآية
قال الله : كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء
وانظر لدقة التعبير :
لنصرف عنه السوء
ولم يقل لنصرفه عن السوء !
فلو أن يوسف همّ فعلا ليواقعها لكان الله صرفه عن السوء لأنه في معرض الوقوع به !
ولكنّه لما قال لنصرف عنه السوء
فإن السوء هو الذي تبع يوسف لا العكس !
ثالثاً :
يختم الله الآية بوصف يوسف قائلاً
إنه من عبادنا المُخلَصين
بفتح اللام
والفرق بين المُخلَصين والمُخلِصين مهم جداً لنفهم ما حدث
المُخلِص : هو من أخلص عبادته لله فلم يشرك به شيئاً ، فهو اسم فاعل
وتحته يندرج عامة المؤمنين الذين غلبت طاعاتهم على معاصيهم ولكن يمكن أن تقع المعصية منهم
المُخلَص : هو من اختاره الله فهو اسم مفعول
وهو بالضرورة معصوم وهذا شأن الأنبياء جميعاً
وحين وصفَ الله موسى قال عنه ما قال عن يوسف :
إنه كان مُخلَصاً وكان رسولاً نبياً
بفتح اللام
أي مُختاراً ومصطفى من قبل الله
أي نبياً
أي معصوماً
أي لا يتساوى مع زليخة في فعل واحد
ونختم بسياق الآيات
أنا راودته عن نفسه فاستعصم !
كيف تهم به ويهمّ بها ويكون ممتنعاً
لو صحّ رأي أغلب المفسرين بأن الهم حدث فعلا وتوقف بعد رؤية البرهان
لما كان يوسف مستعصماً
ولكان سياق الآيات بالمعنى الذي يقول لقد هممنا ببعض ثم غيّر رأيه
 
رد: تأملات قرآنيّة

السلام عليكم
بارك الله فيك أخي حكيم جزاك الله خيرا
 
رد: تأملات قرآنيّة

سبحان الله
تفسير عجيب جداً ورآئع
أحب سورة بوسف كثيراً وحفظها رااائع وسهل كشرب الماء العذب
بارك الله فيكم أخي على هذا الموضوع القيم
في ميزان حسناتك ان شاء الله
 
رد: تأملات قرآنيّة

شكرا لكما انستاي الكريمتين شيمااء وسكون الفجر
 
رد: تأملات قرآنيّة

بار ك الله فيك اخي

و جعلك من اهل الجنة
 
رد: تأملات قرآنيّة

شكراا لك اختي مليكة
بارك الله فيك على حضورك الالق...
 
رد: تأملات قرآنيّة

ما شاء الله عليك
يعطيك الصحة وما يعجبنا في سورة يوسف ان فيها الكثير من العبر لمن اراد ان يتعظ
شكرا لك جزاك الله كل خير وجعلها الله في ميزان حسناتك
بوركت

 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top