الصلاة : من معانيها :

د.سيد آدم

:: عضو مُتميز ::
إنضم
28 مارس 2014
المشاركات
787
نقاط التفاعل
472
النقاط
23
(1) :
الصلاة هي أول ركن " عملي " من الأركان الخمسة التي بُني عليها الإسلام ( وهي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً ) .
وليس من نافلة القول التأكيد على أنه في إقامة الصلاة إقامة لركن ركين من أركان الدين ... : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " ، ... : " أفضل الأعمال الصلاة على وقتها " . لذا جاء القول : " الصلاة عماد الدين ، وعصام اليقين ، ورأس القربات ، وغرة الطاعات " .
ولا بد أن يتقدم الكلامَ في الصلاة الكلامُ في الوضوء ، وقبله لا بد من تقديم الكلام في الطهارة .
وإذا كانت الطهارة واجبةً ظاهراً للسمعيات ... : " فيه رجال يحبون أن يتطهروا " و ... : " ما يريد الله ليجعل عليكم في الدين من حرج ولكن يريد ليطهركم " و ... : " بني الدين على النظافة " و .. : " مقام الصلاة الطهور " و ... : " الطهور نصف الإيمان " . نقول : إنه إذا كانت الطهارة واجبةً لما ورد في السمعيات السابقة ، فإن للطهارة بعداً " جوانياً " قد يفوت على كثير من الناس ، ألا وهو " تطهير السرائر " ... : " فتفطّن ذوو البصائر بهذه الظاهر أن أهم الأمور تطهير السرائر ، إذ يبعد أن يكون المراد بقوله صلى الله عليه وسلم " الطهور نصف الإيمان " عمارة الظاهر بالتنظيف بإضافة الماء وإلقائه ، وتخريب الباطن وإبقائه مشحوناً بالأخباث والأقذار ، هيهات هيهات " .
وللطهارة أربعُ مراتب تترتب تصاعدية ، ذلك لمن أراد أن " يتكمل " متطهراً ، لا لمن أراد أن " يبدو متطهراً " .
والمرتبة الأولى ، من مراتب الطهارة ، تؤدي إلى المرتبة الثانية ، وهذه بدورها تؤدي إلى الثالثة ، والتي تؤدي بدورها إلى المرتبة الرابعة ، وهي تلك المرتبة التي إذا أحسنها المصلّي ، وأفلح في التحلّي بخصالها ، فقد صار متطهراً كطهارة الأنبياء والصديقين .
وبداهةً ... فإنّ أول طريق / مرتبة الطهارة لا بد أن يُكتفى فيه – للكل – بمجرد ممارسة الشعائر الظاهرة والضرورية لأن يكون المسلم متطهراً ، وهذه الشعائر تتمثل في إزالة ما علق بظاهر الإنسان من أخباث وفضلات ، حتى إذا أنهى المصلّي هذه المرتبة واجتاز مطالبها ، انتقل إلى المرتبة الثانية ، وهي ممارسة ما هو أشقّ من الشعائر التي مارسها في المرتبة الأولى ، وهذه الشعائر تتمثل في قيامه بتطهير نفسه وجوارحه من كل ما يعلق بها من آثام وذنوب ، فإذا تمّ له ذلك ، ارتحل إلى المرتبة الثالثة ، وهي تتطلب جهداً أخلاقياً أشد وأقوى من جهد المرتبتين السابقتين ؛ فالمصلي ، في هذه المرتبة ، يقوم بتطهير قلبه من الأخلاق غير الحميدة ، فإذا تم له ذلك ، ارتحل إلى المرتبة الرابعة ، الأخيرة ، وفيها ، لو قدر المصلي ، يتشبّه بطهارة الأنبياء والصديقين ، وهي طهارة تتطلب شوطاً جهادياً طويلاً يقوم فيه المصلي بتخلية سريرته عمّا " سوى " الله تعالى ، فلا يعود منشغلاً ، من ثم ، بغيره عز وجل .
وما تجب الإشارة إليه ، هنا ، القول بأن هذه المراتب الأربعة ليست مقصودة لذاتها ، بل إنّ كل واحدة منها تعد تمهيداً لأمر أكثر روحانية وإشراقاً مما يبدو في ظاهر هذه المرتبة أو تلك .
فالمرتبة الأولى ليست سوى تمهيد للروح الباطنة واللب الخفي ، فهي قشرة هشة ، لايقف عندها العبد المصلي الصادق ، بل يتجاوزها إلى جمع الهمة والفكر في تطهير القلب والوجدان .
والمرتبة الثانية ليست إلا تمهيداً ، من خلال تطهير الجوارح عن الجرائم والآثام ، لعمارة الجوارح بالطاعات .
والمرتبة الثالثة لا يجب الوقوف فيها على مجرد تطهير القلب من الأخلاق المذمومة والرذائل الممقوتة ، إنما ذلك التطهر ، أو التخلّي ، عن هذه الأخلاق غير الحميدة يعدّ وسيلة ليعمر هذا القلب ، المتطهر ، بالأخلاق الحميدة والعقائد المشروعة .
والمرتبة الرابعة تعد ثمرة خالصة لكل هذه المراتب السابقة ، فالغاية الأخيرة من هذه المرتبة هي أن ينكشف للمصلي جلالُ الله تعالى وعظمته.
... : " إنّ الطهارة في كل رتبة نصف العمل الذي فيها ؛ فإن الغاية القصوى في عمل السر أن ينكشف له جلال الله تعالى وعظمته ، ولن تحل معرفة الله تعالى على الحقيقة في السر ما لم يرتحل ما سوى الله تعالى عنه ، ولذلك قال الله عز وجل : قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون " لأنهما لا يجتمعان في قلب مؤمن " ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه " وأما عمل القلب فالغاية القصوى عمارته بالأخلاق المحمودة والعقائد المشروعة ، ولن يتصف بها ما لم ينظفْ عن نقائضها من العقائد الفاسدة والرذائل الممقوتة ، فتطهيره أحد الشطرين ، وهو الشطر الأول الذي هو شرط في الثاني ، فكان الطهور شطر الإيمان بهذا المعنى . وكذلك تطهير الجوارح عن المناهي أحد الشطرين ، وهو الشطر الأول الذي هو شرط في الثاني ، فتطهيرها أحد الشطرين ، وهو الشطر الأول ، وعمارتها بالطاعات هو الشطر الثاني . فهذه مقامات الإيمان ولكل مقام طبقة ، ولن ينال المصلي الطبقة العالية إلا أن يجاوز الطبقة السافلة : فلا يصل إلى طهارة السر عن الصفات المذمومة وعمارته بالمحمودة ، ما لم يفرغ من طهارة القلب عن الخلق المذموم وعمارته بالخلق المحمود ، ولن يصل إلى ذلك من لم يفرغ من طهارة الجوارح عن المناهي وعمارتها بالطاعات ، وكلما عز المطلوب وشرف ، صعب مسلكه وطال طريقه وكثرت عقباته ، فلا تظن أن هذا الأمر يدرك وينال بالهوينى " .
ونشير إلى قيمةَ عدم الاغترار بالظاهر ، حتى لا يقنع المصلي بمجرد أداء ظاهر الشعائر ، بل عليه الغوص إلى لباب هذه الشعيرة أو تلك ، فإنْ لم يفعل فإنما هو مضيع وقته وباق في حجاب يمنعه عن إدراك مقاصد الشريعة من الشعائر ... " من عميت بصيرته عن تفاوت هذه الطبقات ، لم يفهم من مراتب الطهارة إلا الدرجة الأخيرة التي هي كالقشرة الأخيرة الظاهرة بالإضافة إلى اللب المطلوب ، فصار يمعن فيها ويستقصي في مجاريها ويستوعب جميع أوقاته في الاستنجاء وغسل الثياب وتنظيف الظاهر وطلب المياه الجارية الكثيرة ، ظناً منه ، بحكم الوسوسة وتخييل العقل ، أن الطهارة المطلوبة الشريفة هي هذه فقط ، وجهالةً بسيرة الأولين واستغراقهم جميع الهمة والفكر في تطهير القلب ، وتساهلهم في أمر الظاهر " .
ثم الكلام في " الضوء " .
يُتْبع ...
 
houssiiine، تم حظره "حظر دائم". السبب: مخالفة القوانين
رد: الصلاة : من معانيها :

جزاك الله خيرا يا اخي
 
رد: الصلاة : من معانيها :

الكلام في " الضوء " :
[/B][/SIZE][/FONT]
( 2 ) :
الكلام في الوضوء يعدّ كلاماً في أقرب الفروض إلى الصلاة ، إذ الوضوء يشتمل على النية الضرورية لدخول الصلاة . وللوضوء مراسم عملية ظاهرة ، نعتقد أن كل المسلمين يعرفونها ، إذ لا يجوز الجهل بها ، فضلاً عن عدم أدائها .
والوضوء من شروط صحة الصلاة ... : " يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين " و ... : " الوضوء شطر الإيمان " .
وكما أن لأي عبادة ظاهراً وباطناً ، فإنّ للوضوء شعائره الظاهرة ، وله ، كذلك ، أسراره الباطنة التي لا يجب أن يغفلها المصلي ، نظراً لأنه يسعى في كل عباداته للكشف عما هو وراء الظاهر من هذه العبادة أو تلك .
والوضوء له أحد طريقين : إما بالماء ، وإما بالتراب ؛ فإنه إنْ كان بالماء ، فهو وضوء ، وإنْ كان بالتراب ، فهو تيمم . ولعل الاشتراط في ضرورة أن يكون الوضوء بالماء أن يكون إشارة إلى انخلاع المصلي من نقائصه ودخوله إلى عالم الكمال ، نظراً لأن الماء سر الحياة ... :" وجعلنا من الماء كل شيء حي " ، وأما إذا كان بالتراب ، وهو التيمم ، فلعله أن يكون إشارة إلى أن يصير الإنسان مؤهلاً لأن تزول عنه غبارات الشهوة ومتعلقاتها .
ونشير إلى ضرورة النظر في فعل الوضوء في قلب المصلي وسريرته ... : " فإذا فرغ المصلي من وضوئه وأقبل على الصلاة ، فينبغي أن يخطر بباله أنه طهّر ظاهره ، وهو موضع الخلق ، أنْ يستحي من مناجاة الله تعالى من غير تطهير قلبه ، وهو موضع نظر الرب سبحانه ، وليحقق طهارة القلب بالتوبة والخلو عن الأخلاق المذمومة ، والتخلق بالأخلاق الحميدة أولى ، وإنّ من يقتصر على طهارة الظاهر ، كمن يدعو ملكاً إلى بيته فتركه مشحوناً بالقاذورات ، واشتغل بتجصيص ظاهر الباب البراني من الدار ، وما أجدر مثل هذا الرجل بالتعرض للمقت والبوار ، والله سبحانه وتعالى أعلم ".
وأما الصلاة ، فهي : " عماد الدين وعصام اليقين ورأس القربات وغرة الطاعات " وهي : " ركيزة الإيمان " .
وللصلاة أمران : الأمر الفقهي ، والأمر القلبي .
أما الأمر الفقهي ، فهو ما يختص بالأعمال الظاهرة التي لا غنى عنها للمسلم ، كل مسلم ، وقد أسهبت كتب الفقه ، والأصول ، في بيان أصول الصلاة وفروعها ، وصرفت العناية إلى تفاريعها النادرة ودقائقها الشاذة ، لتكون خزانة للمفتي : منها يستمد ، ومعولاً له : إليها يفزع ويرجع .
وأما الأمر القلبي ، فهو ما يختص بالأعمال غير الظاهرة : أعمال القلب والصدر والسريرة ، وهذه ، كلها ، أمورٌ يجب تحرّيها لتأتي الصلاة على أكمل وجه ... بحيث يراعي المصلي أمور الخشوع والإخلاص والنية .
وترتبط الصلاة بالخشوع وحضور القلب مما ينبغي أن يحضر في كل ركن من أركان الصلاة ، لتكون صالحةً لزاد الآخرة .
يُتْبع ...

 
رد: الصلاة : من معانيها :

(3) :
في الخشوع وحضور القلب :
لعل من أهم اشتراطات حضور المصلي في صلاته ، أن يكون قلبه خاشعاً لله تعالى ، ومن الأدلة على ضرورة هذا الخشوع في حضور القلب ما ورد في القرآن الكريم ، ومنها ما ورد في السنة النبوية الشريفة :
فمن أدلة القرآن الكريم ... : " أقم الصلاة لذكري " ، و : " ولا تكن من الغافلين " ، و : " حتى تعلموا ما تقولون " ... وتعد هذه الآيات الكريمة عمدةً للقول بوجوب الخشوع في الصلاة ، وإلا كانت الصلاة على غير ما تجب أن تكون عليه ؛ ففي قوله تعالى " أقم الصلاة لذكري " أمر وجوب ، والغفلة تضاد الذكر ، ومن " غفل في جميع صلاته ، كيف يكون مقيماً الصلاة لذكره سبحانه وتعالى " ؟ ، وفي قوله تعالى " ولا تكن من الغافلين " نهي " ظاهره التجريم " ، وفي قوله تعالى " حتى تعلموا ما تقولون " تعليل " لنهي السكران وهو مطرد في الغافل المستغرق الهم بالوسواس وأفكار الدنيا " .
ومن أدلة السنة النبوية الشريفة ... : " إنما الصلاة تَمسْكُنٌ وتواضع " . وهذا قول يدعو إلى الحضور مع الخشوع ، وإلا لم يكن هناك لا تمسكن ولا تواضع ، إذ الحديث يدل على الحصر والتحقيق والتوكيد . ومنها ... : " من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر ، لم يزدد من الله إلا بعداً " . وهذا الحديث يدل على أن الغافل لا تمنعه صلاته عن الفحشاء والمنكر ولا تنهاه عنهما . ومنها ... : " ليس للعبد من صلاته إلا ما عقل منها " . وفي هذا الحديث جاء القول : " التحقيق فيه أن المصلي مناجٍ ربه ، والكلام مع الغفلة ليس بمناجاة ألبتة ، وبيانه أن الزكاة إنْ غفل الإنسان عنها مثلاً ، فهي في نفسها مخالفة للشهوة شديدة على النفس ، وكذا الصوم قاهرٌ للقُوى كاسرٌ لسطوة الهوى الذي هو آلة الشيطان عدو الله تعالى ، فلا يبعد أن يحصل منها مقصود مع الغفلة ، وكذلك الحج أفعاله شاقة شديدة ، وفيه من المجاهدة ما يحصل به الإسلام كان القلب حاضراً أو لم يكن ، أما الصلاة فليس فيها إلا ذكر وقراءة وركوع وسجود وقيام وقعود ، فأما الذكر ، فإنه مناجاة مع الله عز وجل ، فإما أنْ يكون المقصود منه كونه مناجاة ، أو يكون المقصود منه الحروف والأصوات امتحاناً للسان بالعمل، كما تمتحن المعدة والفرج بالإمساك في الصوم ، وكما يمتحن البدن بمشاق الحج ، ويمتحن بمشقة إخراج الزكاة واقتطاع المال المعشوق . ولا شك أن هذا القسم باطل ، فإن تحريك اللسان بالهذيان ما أخفه على الغافل ، فليس فيه امتحان من حيث إنه عمل ، بل المقصود الحروف من حيث إنه نطق ، ولا يكون نطقاً إلا إذا أعرب عمّا في الضمير ، ولا يكون معرباً عما في الضمير إلا بحضور القلب ، فأي سؤال في قوله تعالى " اهدنا الصراط المستقيم " إذا كان القلب غافلاً ؟ وإذا لم يقصد كونه تضرعاً ودعاءً ، فأي مشقة في تحريك اللسان به مع الغفلة ، لا سيما بعد الاعتياد ؟ ولا شك أن المقصود من القراءة والأذكار الحمد والثناء والتضرع والدعاء ، والمخاطَب هو الله تعالى ، وقلب العبد بحجاب الغفلة محجوب عنه ، فلا يراه ولا يشاهده ، بل غافل عن المخاطَب عز وجل ، ولسانه يتحرك بحكم العادة ، فما أبعد هذا عن المقصود بالصلاة التي شرعت لتصقيل القلب وتجريده وذكر الله عز وجل ، ورسوخ عقد الإيمان به .
يُتْبع ...
 
رد: الصلاة : من معانيها :

(4) :
في الركوع والسجود وعلاقتهما بالحضور والخشوع :
حتى الركوع والسجود في الصلاة ... لا بد لهما من حضور القلب وخشوعه ، إذ إن هاتين الحركتين لا يقصد منهما حركة الرأس والظهر ، وإلا لما قدمت الصلاة على سائر الشعائر التعبدية الأخرى من صوم وزكاة وحج ، فصار القصد من الصلاة ليس مجرد الاقتصار على الأعمال الظاهرة، بل لا بد أن يمتد هذا القصد إلى مقصد أسمى وأنبل ، وهو المناجاة من المصلي إلى الله تعالى ، وهذه المناجاة – يقيناً – لا تتم إلا بحضور القلب .
قيل : " من لم يخشعْ فسدت صلاته " . وقيل : " كل صلاة لا يحضر فيها القلب ، فهي إلى العقوبة أسرع " . وقيل : " من عرف من على يمينه وشماله متعمداً وهو في الصلاة ، فلا صلاة له " . ولعل هذه الأقاول أن تكون مستمدةً من قوله ، صلى الله عليه وسلم ، " إن العبد ليصلي الصلاة لا يكتب له سدسها ولا عشرها ، وإنما يكتب للعبد من صلاته ما عقل منها ".
لكن ... " والحق الرجوع إلى أدلة الشرع والأخبار ، والآثار ظاهرة في هذا الشرط ، إلا أن مقام الفتوى في التكليف الظاهر يتقدر بقدر قصور الخلق ، فلا يمكن أن يشترط على الناس إحضار القلب في جميع الصلاة ، فإن ذلك يعجز عنه كل البشر إلا القليل ، وإذا لم يكن اشتراط الاستيعاب للضرورة ، فلا مرد له إلا أن يشترط منه ما يطلق عليه الاسم ولو في اللحظة الواحدة " .
وحاصل الكلام أن حضور القلب هو روح الصلاة ، وأن أقل ما يبقى به رمق الروح الحضور عند التكبير ، فالنقصان منه هلاك ، وبقدر الزيادة عليه تنبسط الروح في أجزاء الصلاة ، وكم من حي لا حراك به قريب من ميت ، فصلاة الغافل في جميعها – إلا عند التكبير – كمثل حي لا حراك به .
في معان باطنة تتم بها الصلاة :
يُتْبع ...
 
رد: الصلاة : من معانيها :

في معان باطنة تتم بها الصلاة :
[/B][/SIZE]
[/FONT]
(5) :
هناك ستةُ معان ، تعتبر ضرورية الحضور في قلب المصلي ، حتى تكون صلاته تامةً غير منقوصة ... وهذه المعاني هي :
أولاً : حضور القلب : وهو شرط ضروري ، يجب توافره في صلاة المصلي . وبحضور القلب لا يكون الفكر جائلاً في غير ما هو مُلابس له ومتكلم به ، إذ إن حضور القلب معناه أن يكون العلم بالفعل والقول مقروناً بما هو مُلابس للقلب ومتكلم به .
ثانياً : التفهّم : ويقصد به أن يكون القلب حاضراً ، ليس فقط مع اللفظ المتكلم به ، بل يكون حضور القلب مع معنى اللفظ بمعنى اشتمال القلب على العلم بمعنى اللفظ . وإلى هذا التفهّم جاء القول " هذا مقام يتفاوت فيه الناس ، إذ ليس يشترك الناس في تفهم معاني القرآن والتسبيحات، وكم من معان لطيفة يفهمها المصلي في أثناء الصلاة ، ولم يكن قد خطر بقلبه ذلك من قبله ، ومن هذا الوجه كانت الصلاة ناهيةً عن الفحشاء والمنكر ، فإنها تفهم أموراً ، تلك الأمور تمنع عن الفحشاء والمنكر لا محالة " .
ثالثاً : التعظيم : ويقصد به أن ينصرف حضور القلب بالكلية إلى فهم معاني اللفظ ،وإلى تعظيم اللفظ ومعناه ،فليس يكفي لإتمام الصلاة حضور القلب وتفهمه لمعنى اللفظ ، بل لا بد له من التعظيم والتبجيل .
رابعاً : الهيبة : وهي عبارة عن خوف ، ذلك الذي لا بد أن يكون مصدره الإجلال ، لأن هناك خوفاً خسيساً لا يسمى مهابة ، بل المهابة هي الخوف من صاحب السلطان الأعظم : الله تعالى .
خامساً : الرجاء : وهذا مقام يجب أن يعقله المصلي ، إذ الخوف قد يكون من عظيم لا يرجو العبد ثواباً منه ، لكن رجاء المصلي يجب أن يكون عبارة عن شعور بالتعظيم لله تعالى ومهابته ، مع رجاء في ثوابه تعالى ، فهنا يكون المصلي راجياً بصلاته ثواب الله عز وجل ، ويكون – في الوقت نفسه – خائفاً – بتقصيره – عقابَ الله عز وجل .
سادساً : الحياء : وهو شعور يكتنف المصلي ، فيعلم منه أنه مقصّر في حق الله تعالى لكثرة الذنوب التي ارتكبها ، وقد تكون هذه الذنوب – عند البعض – ليست ذنوباً ، وهذا ما يدفع المصلي الفاهم إلى أن يبذل المزيد من التوبة والاستغفار .
يُتْبع ...

 
رد: الصلاة : من معانيها :

(6) :
فيما ينبغي أن يحضر في القلب في كل ركن من أركان الصلاة :
أولاً : الآذان . وهو نداء إلى القيام للصلاة . والمصلي عند سماعه لنداء الصلاة الصادر من المؤذن ، عليه " أن يحضر في قلبه هول النداء يوم القيامة ، ويشمر بظاهره وباطنه للإجابة والمسارعة ، فإن المسارعين إلى هذا النداء هم الذين ينادون باللطف يوم العرض الأكبر ، فاعرض قلبك على هذا النداء ، فإن وجدته مملوءاً بالفرح ، مشحوناً بالرغبة إلى الابتدار ، فاعلم أنه يأتيك النداء بالبشرى يوم القضاء . ولذلك قال ، صلى الله عليه وسلم : " أرحنا بها يا بلال " . أي أرحنا بالنداء إليها ، إذ كانت قرة عينه فيها ، صلى الله عليه وسلم .
ثانياً : الطهارة . وهناك وجوب أن يكون هم المصلي الأكبرُ ليس في مجرد تطهير ظاهره المتمثل في مكانه وثوبه وبدنه ، بل يجب أن تمتد همته وعزيمته إلى تطهير باطنه بنفس الحرص على تطهير ظاهره . وفي هذا جاء القول : " وأما الطهارة ، فإذا أتيت بها في مكانك ، وهو ظرفك الأبعد ، ثم في ثيابك ، وهو غلافك الأقرب ، ثم في بشرتك ، وهي قشرك الأدنى ، فلا تغفل عن لبك الذي هو ذاتك ، وهو قلبك، فاجتهد له تطهيراً بالتوبة والندم على ما فرطته ، وتصميم العزم على الترك في المستقبل ، فطهّر بها باطنك ، فإنه موضع نظر معبودك " .
ثالثاً : ستر العورة . وهو سلوك إنساني ظاهري ، يخفي به الإنسان – ككل – عيوبه الظاهرة عن أعين الخلق ، ولذلك فإن لدينا دهشةً ممن يخفي عيوبه وعورات خلقته وبدنه عن أعين الناس ، بينما هو لا يستر عورات وعيوب قلبه ونفسه عن الله تعالى ، الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ، ولذا كان التشديد على المصلي أن يعلم : " أن معنى ستر العورة هو تغطية مقابح البدن عن أبصار الخلق ، فإن ظاهر البدن موقع لنظر الخلق " ... ثم : " فما بالك في عورات باطنك ، وفضائح سرائرك التي لا يطّلع عليها إلا ربك عز وجل ؟ فأحضر تلك الفضائح ببالك ، وطالب نفسك بسترها ، وتحقق أنه لا يستر عن عين الله سبحانه وتعالى ساتر ، وإنما يغفرها الندم والحياء والخوف " .
رابعاً : استقبال القبلة . وهو من فروض الصلاة ؛ إذ لا صلاة صحيحة بدون استقبال القبلة لمن علم جهتها ، ومعلوم أن في استقبال العبد بيت الله الحرام – القبلة / الكعبة – صرفاً لوجهه عن كل الجهات عدا الجهة التي تشرّفت بوجود البيت الحرام / الكعبة فيها ، وبداهةً فإن صرف الوجه عن غير جهة القبلة – الكعبة – لا بد أن يستتبعه صرف القلب والهمة عما سوى الله تعالى ، ومن ثم يجب على المصلي : " أن يكون وجه قلبه مع وجه بدنه " .
خامساً : الانتصاب قائماً . وفيه يقف المصلي بين يدي الله تعالى مصلياً خاشعاً ، ويجب أن يتمثل في وقفته تلك عين الله تعالى وهي تراه وتراقبه ، فيؤنب نفسه إذا كانت تخشى الناس أكثر من خشية الله تعالى . وفي ذلك جاء القول : " ليكن رأسك ، الذي هو أرفع أعضائك ، مطرقاً مطأطئاً منتكساً ، وليكن وضع الرأس عن ارتفاعه تنبيهاً على إلزام القلب التواضع والتذلل والتبري عن الترؤس والتكبر ، وليكن على ذكرك – ههنا – خطر القيام بين يدي الله عز وجل في هول المطلع عند العرض والسؤال " .
سادساً : النية . وهي عقد العزم على الصلاة ، والنية ركن من أركان الصلاة ، وهي – النية – عبارة عن تنبيه القلب أن يقف أمام الله تعالى ، وفي هذا الموقف لا بد للمصلي أن يشعر بالخجل والهيبة والخوف .
انتهى .
 
رد: الصلاة : من معانيها :

بارك الله فيك
وجعله في ميزان حسناتك
 
رد: الصلاة : من معانيها :



ماأجمل تلك المشاعر التي
خطها لنا قلمكِ الجميل هنا
لقد كتبتِ وابدعتِ
كم كانت كلماتكِ رائعه في معانيها
فكم استمتعت بموضوعك الجميل
بين سحر حروفكِ التي
ليس لها مثيل

دمت بألف خير
 
رد: الصلاة : من معانيها :

:up:شكراااااااااااا
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top