(1) :
الصلاة هي أول ركن " عملي " من الأركان الخمسة التي بُني عليها الإسلام ( وهي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً ) .
وليس من نافلة القول التأكيد على أنه في إقامة الصلاة إقامة لركن ركين من أركان الدين ... : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " ، ... : " أفضل الأعمال الصلاة على وقتها " . لذا جاء القول : " الصلاة عماد الدين ، وعصام اليقين ، ورأس القربات ، وغرة الطاعات " .
ولا بد أن يتقدم الكلامَ في الصلاة الكلامُ في الوضوء ، وقبله لا بد من تقديم الكلام في الطهارة .
وإذا كانت الطهارة واجبةً ظاهراً للسمعيات ... : " فيه رجال يحبون أن يتطهروا " و ... : " ما يريد الله ليجعل عليكم في الدين من حرج ولكن يريد ليطهركم " و ... : " بني الدين على النظافة " و .. : " مقام الصلاة الطهور " و ... : " الطهور نصف الإيمان " . نقول : إنه إذا كانت الطهارة واجبةً لما ورد في السمعيات السابقة ، فإن للطهارة بعداً " جوانياً " قد يفوت على كثير من الناس ، ألا وهو " تطهير السرائر " ... : " فتفطّن ذوو البصائر بهذه الظاهر أن أهم الأمور تطهير السرائر ، إذ يبعد أن يكون المراد بقوله صلى الله عليه وسلم " الطهور نصف الإيمان " عمارة الظاهر بالتنظيف بإضافة الماء وإلقائه ، وتخريب الباطن وإبقائه مشحوناً بالأخباث والأقذار ، هيهات هيهات " .
وللطهارة أربعُ مراتب تترتب تصاعدية ، ذلك لمن أراد أن " يتكمل " متطهراً ، لا لمن أراد أن " يبدو متطهراً " .
والمرتبة الأولى ، من مراتب الطهارة ، تؤدي إلى المرتبة الثانية ، وهذه بدورها تؤدي إلى الثالثة ، والتي تؤدي بدورها إلى المرتبة الرابعة ، وهي تلك المرتبة التي إذا أحسنها المصلّي ، وأفلح في التحلّي بخصالها ، فقد صار متطهراً كطهارة الأنبياء والصديقين .
وبداهةً ... فإنّ أول طريق / مرتبة الطهارة لا بد أن يُكتفى فيه – للكل – بمجرد ممارسة الشعائر الظاهرة والضرورية لأن يكون المسلم متطهراً ، وهذه الشعائر تتمثل في إزالة ما علق بظاهر الإنسان من أخباث وفضلات ، حتى إذا أنهى المصلّي هذه المرتبة واجتاز مطالبها ، انتقل إلى المرتبة الثانية ، وهي ممارسة ما هو أشقّ من الشعائر التي مارسها في المرتبة الأولى ، وهذه الشعائر تتمثل في قيامه بتطهير نفسه وجوارحه من كل ما يعلق بها من آثام وذنوب ، فإذا تمّ له ذلك ، ارتحل إلى المرتبة الثالثة ، وهي تتطلب جهداً أخلاقياً أشد وأقوى من جهد المرتبتين السابقتين ؛ فالمصلي ، في هذه المرتبة ، يقوم بتطهير قلبه من الأخلاق غير الحميدة ، فإذا تم له ذلك ، ارتحل إلى المرتبة الرابعة ، الأخيرة ، وفيها ، لو قدر المصلي ، يتشبّه بطهارة الأنبياء والصديقين ، وهي طهارة تتطلب شوطاً جهادياً طويلاً يقوم فيه المصلي بتخلية سريرته عمّا " سوى " الله تعالى ، فلا يعود منشغلاً ، من ثم ، بغيره عز وجل .
وما تجب الإشارة إليه ، هنا ، القول بأن هذه المراتب الأربعة ليست مقصودة لذاتها ، بل إنّ كل واحدة منها تعد تمهيداً لأمر أكثر روحانية وإشراقاً مما يبدو في ظاهر هذه المرتبة أو تلك .
فالمرتبة الأولى ليست سوى تمهيد للروح الباطنة واللب الخفي ، فهي قشرة هشة ، لايقف عندها العبد المصلي الصادق ، بل يتجاوزها إلى جمع الهمة والفكر في تطهير القلب والوجدان .
والمرتبة الثانية ليست إلا تمهيداً ، من خلال تطهير الجوارح عن الجرائم والآثام ، لعمارة الجوارح بالطاعات .
والمرتبة الثالثة لا يجب الوقوف فيها على مجرد تطهير القلب من الأخلاق المذمومة والرذائل الممقوتة ، إنما ذلك التطهر ، أو التخلّي ، عن هذه الأخلاق غير الحميدة يعدّ وسيلة ليعمر هذا القلب ، المتطهر ، بالأخلاق الحميدة والعقائد المشروعة .
والمرتبة الرابعة تعد ثمرة خالصة لكل هذه المراتب السابقة ، فالغاية الأخيرة من هذه المرتبة هي أن ينكشف للمصلي جلالُ الله تعالى وعظمته.
... : " إنّ الطهارة في كل رتبة نصف العمل الذي فيها ؛ فإن الغاية القصوى في عمل السر أن ينكشف له جلال الله تعالى وعظمته ، ولن تحل معرفة الله تعالى على الحقيقة في السر ما لم يرتحل ما سوى الله تعالى عنه ، ولذلك قال الله عز وجل : قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون " لأنهما لا يجتمعان في قلب مؤمن " ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه " وأما عمل القلب فالغاية القصوى عمارته بالأخلاق المحمودة والعقائد المشروعة ، ولن يتصف بها ما لم ينظفْ عن نقائضها من العقائد الفاسدة والرذائل الممقوتة ، فتطهيره أحد الشطرين ، وهو الشطر الأول الذي هو شرط في الثاني ، فكان الطهور شطر الإيمان بهذا المعنى . وكذلك تطهير الجوارح عن المناهي أحد الشطرين ، وهو الشطر الأول الذي هو شرط في الثاني ، فتطهيرها أحد الشطرين ، وهو الشطر الأول ، وعمارتها بالطاعات هو الشطر الثاني . فهذه مقامات الإيمان ولكل مقام طبقة ، ولن ينال المصلي الطبقة العالية إلا أن يجاوز الطبقة السافلة : فلا يصل إلى طهارة السر عن الصفات المذمومة وعمارته بالمحمودة ، ما لم يفرغ من طهارة القلب عن الخلق المذموم وعمارته بالخلق المحمود ، ولن يصل إلى ذلك من لم يفرغ من طهارة الجوارح عن المناهي وعمارتها بالطاعات ، وكلما عز المطلوب وشرف ، صعب مسلكه وطال طريقه وكثرت عقباته ، فلا تظن أن هذا الأمر يدرك وينال بالهوينى " .
ونشير إلى قيمةَ عدم الاغترار بالظاهر ، حتى لا يقنع المصلي بمجرد أداء ظاهر الشعائر ، بل عليه الغوص إلى لباب هذه الشعيرة أو تلك ، فإنْ لم يفعل فإنما هو مضيع وقته وباق في حجاب يمنعه عن إدراك مقاصد الشريعة من الشعائر ... " من عميت بصيرته عن تفاوت هذه الطبقات ، لم يفهم من مراتب الطهارة إلا الدرجة الأخيرة التي هي كالقشرة الأخيرة الظاهرة بالإضافة إلى اللب المطلوب ، فصار يمعن فيها ويستقصي في مجاريها ويستوعب جميع أوقاته في الاستنجاء وغسل الثياب وتنظيف الظاهر وطلب المياه الجارية الكثيرة ، ظناً منه ، بحكم الوسوسة وتخييل العقل ، أن الطهارة المطلوبة الشريفة هي هذه فقط ، وجهالةً بسيرة الأولين واستغراقهم جميع الهمة والفكر في تطهير القلب ، وتساهلهم في أمر الظاهر " .
ثم الكلام في " الضوء " .
يُتْبع ...
الصلاة هي أول ركن " عملي " من الأركان الخمسة التي بُني عليها الإسلام ( وهي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً ) .
وليس من نافلة القول التأكيد على أنه في إقامة الصلاة إقامة لركن ركين من أركان الدين ... : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " ، ... : " أفضل الأعمال الصلاة على وقتها " . لذا جاء القول : " الصلاة عماد الدين ، وعصام اليقين ، ورأس القربات ، وغرة الطاعات " .
ولا بد أن يتقدم الكلامَ في الصلاة الكلامُ في الوضوء ، وقبله لا بد من تقديم الكلام في الطهارة .
وإذا كانت الطهارة واجبةً ظاهراً للسمعيات ... : " فيه رجال يحبون أن يتطهروا " و ... : " ما يريد الله ليجعل عليكم في الدين من حرج ولكن يريد ليطهركم " و ... : " بني الدين على النظافة " و .. : " مقام الصلاة الطهور " و ... : " الطهور نصف الإيمان " . نقول : إنه إذا كانت الطهارة واجبةً لما ورد في السمعيات السابقة ، فإن للطهارة بعداً " جوانياً " قد يفوت على كثير من الناس ، ألا وهو " تطهير السرائر " ... : " فتفطّن ذوو البصائر بهذه الظاهر أن أهم الأمور تطهير السرائر ، إذ يبعد أن يكون المراد بقوله صلى الله عليه وسلم " الطهور نصف الإيمان " عمارة الظاهر بالتنظيف بإضافة الماء وإلقائه ، وتخريب الباطن وإبقائه مشحوناً بالأخباث والأقذار ، هيهات هيهات " .
وللطهارة أربعُ مراتب تترتب تصاعدية ، ذلك لمن أراد أن " يتكمل " متطهراً ، لا لمن أراد أن " يبدو متطهراً " .
والمرتبة الأولى ، من مراتب الطهارة ، تؤدي إلى المرتبة الثانية ، وهذه بدورها تؤدي إلى الثالثة ، والتي تؤدي بدورها إلى المرتبة الرابعة ، وهي تلك المرتبة التي إذا أحسنها المصلّي ، وأفلح في التحلّي بخصالها ، فقد صار متطهراً كطهارة الأنبياء والصديقين .
وبداهةً ... فإنّ أول طريق / مرتبة الطهارة لا بد أن يُكتفى فيه – للكل – بمجرد ممارسة الشعائر الظاهرة والضرورية لأن يكون المسلم متطهراً ، وهذه الشعائر تتمثل في إزالة ما علق بظاهر الإنسان من أخباث وفضلات ، حتى إذا أنهى المصلّي هذه المرتبة واجتاز مطالبها ، انتقل إلى المرتبة الثانية ، وهي ممارسة ما هو أشقّ من الشعائر التي مارسها في المرتبة الأولى ، وهذه الشعائر تتمثل في قيامه بتطهير نفسه وجوارحه من كل ما يعلق بها من آثام وذنوب ، فإذا تمّ له ذلك ، ارتحل إلى المرتبة الثالثة ، وهي تتطلب جهداً أخلاقياً أشد وأقوى من جهد المرتبتين السابقتين ؛ فالمصلي ، في هذه المرتبة ، يقوم بتطهير قلبه من الأخلاق غير الحميدة ، فإذا تم له ذلك ، ارتحل إلى المرتبة الرابعة ، الأخيرة ، وفيها ، لو قدر المصلي ، يتشبّه بطهارة الأنبياء والصديقين ، وهي طهارة تتطلب شوطاً جهادياً طويلاً يقوم فيه المصلي بتخلية سريرته عمّا " سوى " الله تعالى ، فلا يعود منشغلاً ، من ثم ، بغيره عز وجل .
وما تجب الإشارة إليه ، هنا ، القول بأن هذه المراتب الأربعة ليست مقصودة لذاتها ، بل إنّ كل واحدة منها تعد تمهيداً لأمر أكثر روحانية وإشراقاً مما يبدو في ظاهر هذه المرتبة أو تلك .
فالمرتبة الأولى ليست سوى تمهيد للروح الباطنة واللب الخفي ، فهي قشرة هشة ، لايقف عندها العبد المصلي الصادق ، بل يتجاوزها إلى جمع الهمة والفكر في تطهير القلب والوجدان .
والمرتبة الثانية ليست إلا تمهيداً ، من خلال تطهير الجوارح عن الجرائم والآثام ، لعمارة الجوارح بالطاعات .
والمرتبة الثالثة لا يجب الوقوف فيها على مجرد تطهير القلب من الأخلاق المذمومة والرذائل الممقوتة ، إنما ذلك التطهر ، أو التخلّي ، عن هذه الأخلاق غير الحميدة يعدّ وسيلة ليعمر هذا القلب ، المتطهر ، بالأخلاق الحميدة والعقائد المشروعة .
والمرتبة الرابعة تعد ثمرة خالصة لكل هذه المراتب السابقة ، فالغاية الأخيرة من هذه المرتبة هي أن ينكشف للمصلي جلالُ الله تعالى وعظمته.
... : " إنّ الطهارة في كل رتبة نصف العمل الذي فيها ؛ فإن الغاية القصوى في عمل السر أن ينكشف له جلال الله تعالى وعظمته ، ولن تحل معرفة الله تعالى على الحقيقة في السر ما لم يرتحل ما سوى الله تعالى عنه ، ولذلك قال الله عز وجل : قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون " لأنهما لا يجتمعان في قلب مؤمن " ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه " وأما عمل القلب فالغاية القصوى عمارته بالأخلاق المحمودة والعقائد المشروعة ، ولن يتصف بها ما لم ينظفْ عن نقائضها من العقائد الفاسدة والرذائل الممقوتة ، فتطهيره أحد الشطرين ، وهو الشطر الأول الذي هو شرط في الثاني ، فكان الطهور شطر الإيمان بهذا المعنى . وكذلك تطهير الجوارح عن المناهي أحد الشطرين ، وهو الشطر الأول الذي هو شرط في الثاني ، فتطهيرها أحد الشطرين ، وهو الشطر الأول ، وعمارتها بالطاعات هو الشطر الثاني . فهذه مقامات الإيمان ولكل مقام طبقة ، ولن ينال المصلي الطبقة العالية إلا أن يجاوز الطبقة السافلة : فلا يصل إلى طهارة السر عن الصفات المذمومة وعمارته بالمحمودة ، ما لم يفرغ من طهارة القلب عن الخلق المذموم وعمارته بالخلق المحمود ، ولن يصل إلى ذلك من لم يفرغ من طهارة الجوارح عن المناهي وعمارتها بالطاعات ، وكلما عز المطلوب وشرف ، صعب مسلكه وطال طريقه وكثرت عقباته ، فلا تظن أن هذا الأمر يدرك وينال بالهوينى " .
ونشير إلى قيمةَ عدم الاغترار بالظاهر ، حتى لا يقنع المصلي بمجرد أداء ظاهر الشعائر ، بل عليه الغوص إلى لباب هذه الشعيرة أو تلك ، فإنْ لم يفعل فإنما هو مضيع وقته وباق في حجاب يمنعه عن إدراك مقاصد الشريعة من الشعائر ... " من عميت بصيرته عن تفاوت هذه الطبقات ، لم يفهم من مراتب الطهارة إلا الدرجة الأخيرة التي هي كالقشرة الأخيرة الظاهرة بالإضافة إلى اللب المطلوب ، فصار يمعن فيها ويستقصي في مجاريها ويستوعب جميع أوقاته في الاستنجاء وغسل الثياب وتنظيف الظاهر وطلب المياه الجارية الكثيرة ، ظناً منه ، بحكم الوسوسة وتخييل العقل ، أن الطهارة المطلوبة الشريفة هي هذه فقط ، وجهالةً بسيرة الأولين واستغراقهم جميع الهمة والفكر في تطهير القلب ، وتساهلهم في أمر الظاهر " .
ثم الكلام في " الضوء " .
يُتْبع ...