قواعد في تعبير الرؤيا

أبو عبد السميع

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
20 ديسمبر 2014
المشاركات
515
نقاط التفاعل
653
النقاط
31
الجنس
ذكر
بسم الله الرحمن الرحيم
أردت أن أذكر اخواني بقواعد في تعبير الرؤيا لشيخ محمد بن عمر بازمول حفظه الله موافقة لسنة .
قواعد في تعبير الرؤيا

أفرد الإمام مالك رحمه الله في كتاب الموطأ كتاباً في الرؤيا، ومن الكتب في صحيح البخاري كِتَابُ التَّعْبِيرِ، وفي مسلم كتاب الرؤيا، وكذا الترمذي في سننه أَبْوَابُ الْرُّؤْيَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكذا ابن ماجه أَبْوَابُ تَعْبِيرِ الرُّؤْيَا.
وليس في سنن أبي داود و لا النسائي كتابا في الرؤيا والتعبير.
ولم يحتفل أحد من أصحاب الكتب الستة بأبواب التعبير مثل البخاري رحمه الله في كتابه الجامع الصحيح.
وقد رأيت التنبيه على أمور في الرؤيا والتعبير، من خلال القواعد التالية:
 
رد: قواعد في تعبير الرؤيا

القاعدة الأولى
الفرق بين الرؤيا والحلم

أخرج البخاري تحت رقم (6985) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ: أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا يُحِبُّهَا، فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ اللَّهِ، فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَلَيْهَا وَلْيُحَدِّثْ بِهَا، وَإِذَا رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ، فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ شَرِّهَا، وَلاَ يَذْكُرْهَا لِأَحَدٍ، فَإِنَّهَا لاَ تَضُرُّهُ".

وهذا فيه أن الحلم هو أن يرى المسلم ما يحزنه.

وأن الحلم المحزن من الشيطان.

وأن من الأدب في ذلك أن يستعيذ بالله من شر ما رأى
 
آخر تعديل:
رد: قواعد في تعبير الرؤيا

قواعد في تعبير الرؤيا

القاعدة الثانية
ما أرشد إليه الرسول صلى الله عليه وسلم من الأدب في رؤيا الشر
أخرج البخاري تحت رقم (7044) عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ، يَقُولُ: لَقَدْ كُنْتُ أَرَى الرُّؤْيَا فَتُمْرِضُنِي، حَتَّى سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ، يَقُولُ: وَأَنَا كُنْتُ لَأَرَى الرُّؤْيَا تُمْرِضُنِي، حَتَّى سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: الرُّؤْيَا الحَسَنَةُ مِنَ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يُحِبُّ فَلاَ يُحَدِّثْ بِهِ إِلَّا مَنْ يُحِبُّ.
وَإِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ؛
فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا.
وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ.
وَلْيَتْفِلْ ثَلاَثًا.
وَلاَ يُحَدِّثْ بِهَا أَحَدًا؛
فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ".

القاعدة الثالثة
الرؤيا الغريبة المخالفة للواقع من تلاعب الشيطان
أخرج مسلم في صحيحه تحت رقم (2268) عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "يَا رَسُولَ اللهِ رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ رَأْسِي ضُرِبَ فَتَدَحْرَجَ فَاشْتَدَدْتُ عَلَى أَثَرِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَعْرَابِيِّ: لَا تُحَدِّثِ النَّاسَ بِتَلَعُّبِ الشَّيْطَانِ بِكَ فِي مَنَامِكَ. وَقَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدُ، يَخْطُبُ فَقَالَ: لَا يُحَدِّثَنَّ أَحَدُكُمْ بِتَلَعُّبِ الشَّيْطَانِ بِهِ فِي مَنَامِهِ".

قواعد في تعبير الرؤيا 5

القاعدة الرابعة
الرؤيا أنواع
أخرج مسلم تحت رقم (2263) عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيَا الْمُسْلِمِ تَكْذِبُ، وَأَصْدَقُكُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُكُمْ حَدِيثًا، وَرُؤْيَا الْمُسْلِمِ جُزْءٌ مِنْ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ، وَالرُّؤْيَا ثَلَاثَةٌ؛
فَرُؤْيَا الصَّالِحَةِ بُشْرَى مِنَ اللهِ.

وَرُؤْيَا تَحْزِينٌ مِنَ الشَّيْطَانِ.
وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ.
فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ، وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا النَّاسَ" قَالَ: "وَأُحِبُّ الْقَيْدَ وَأَكْرَهُ الْغُلَّ وَالْقَيْدُ ثَبَاتٌ فِي الدِّينِ". فَلَا أَدْرِي هُوَ فِي الْحَدِيثِ أَمْ قَالَهُ ابْنُ سِيرِينَ".
وأخرج ابن ماجه تحت رقم (3907) وصححه الألباني والأرنؤوط، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "إِنَّ الرُّؤْيَا ثَلَاثٌ:
مِنْهَا أَهَاوِيلُ مِنْ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ ابْنَ آدَمَ.
وَمِنْهَا مَا يَهُمُّ بِهِ الرَّجُلُ فِي يَقَظَتِهِ فَيَرَاهُ فِي مَنَامِهِ.
وَمِنْهَا جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ".
قال ابن حجر رحمه الله (في فتح الباري 12/ 407- 408): "وليس الحصر مرادا من قوله : "ثلاث"؛
لثبوت نوع رابع في حديث أبي هريرة في الباب وهو حديث النفس وليس في حديث أبي قتادة وأبي سعيد الماضيين سوى ذكر وصف الرؤيا بأنها مكروهة ومحبوبة أو حسنة وسيئة.
وبقي نوع خامس وهو تلاعب الشيطان وقد ثبت عند مسلم من حديث جابر قال : "جاء أعرابي فقال: يا رسول الله رأيت في المنام كأن رأسي قطع فانا أتبعه" وفي لفظ : "فقد خرج فاشتددت في أثره فقال: لا تخبر بتلاعب الشيطان بك في المنام"، وفي رواية: "له إذا تلاعب الشيطان بأحدكم في منامه فلا يخبر به الناس".
ونوع سادس وهو رؤيا ما يعتاده الرائي في اليقظة كمن كانت عادته أن يأكل في وقت فنام فيه فرأى أنه يأكل أو بات طافحا من أكل أو شرب فرأى أنه يتقيأ وبينه وبين حديث النفس عموم وخصوص .
وسابع وهو الأضغاث"اهـ
وعندي أن هذه الأنواع ترجع إلى ما جاء في حديث عوف بن مالك رضي الله عنه؛
فالنوع الرابع والسادس يدخل في حديث النفس.
والنوع الخامس والسابع يدخل في أهاويل الشيطان، والله الموفق.
 
رد: قواعد في تعبير الرؤيا

نفع الله بك اخي بارك الله فيك

 
رد: قواعد في تعبير الرؤيا


القاعدة الخامسة

الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزءاً
أخرج البخاري تحت رقم (6983)، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "الرُّؤْيَا الحَسَنَةُ، مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ، جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ".
فقيد الرؤية التي هي جزء من أجزاء النبوة بأن تكون حسنة من رجل أو امرأة صالحة.
القاعدة السادسة
الرؤيا الصالحة من المبشرات
أخرج البخاري تحت رقم (6990) عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "لَمْ يَبْقَ مِنَ النُّبُوَّةِ إِلَّا المُبَشِّرَاتُ. قَالُوا: وَمَا المُبَشِّرَاتُ؟ قَالَ: الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ".
ومعنى ذلك أن لا يغلو المسلم في شأنها، فقد رأيت بعض الناس يربط كل أمور حياته وشأنه بالرؤى ، وهذا خلاف ما ينبغي أن يكون عليه المسلم، خاصة وأنه يفسرها بحسب ما يتهيأ له، ويعمل على مقتضى ذلك.
الرؤيا الصالحة هي الحسنة يراها المؤمن وهي من المبشرات!
 
رد: قواعد في تعبير الرؤيا

القاعدة السابعة
لا تثبت الرؤيا حكما شرعيا

أخرج البخاري تحت رقم (1156 - 1158)، ومسلم تحت رقم (2478) عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنَّ بِيَدِي قِطْعَةَ إِسْتَبْرَقٍ، فَكَأَنِّي لاَ أُرِيدُ مَكَانًا مِنَ الجَنَّةِ إِلَّا طَارَتْ إِلَيْهِ، وَرَأَيْتُ كَأَنَّ اثْنَيْنِ أَتَيَانِي أَرَادَا أَنْ يَذْهَبَا بِي إِلَى النَّارِ، فَتَلَقَّاهُمَا مَلَكٌ، فَقَالَ: لَمْ تُرَعْ خَلِّيَا عَنْهُ.
فَقَصَّتْ حَفْصَةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَى رُؤْيَايَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ» فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ،
وَكَانُوا لاَ يَزَالُونَ يَقُصُّونَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرُّؤْيَا أَنَّهَا فِي اللَّيْلَةِ السَّابِعَةِ مِنَ العَشْرِ الأَوَاخِرِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ، فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيَهَا فَلْيَتَحَرَّهَا مِنَ العَشْرِ الأَوَاخِرِ".
فيه أن الرؤيا لم تكن تفيد عندهم حكما حتى رجعوا إلى أمر الرسول صلى الله عليه وسلم.
أخرج أبوداود تحت رقم (499)، و الترمذي تحت رقم (189)، وابن ماجه (706) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا أَصْبَحْنَا أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ بِالرُّؤْيَا، فَقَالَ: «إِنَّ هَذِهِ لَرُؤْيَا حَقٍّ، فَقُمْ مَعَ بِلَالٍ فَإِنَّهُ أَنْدَى وَأَمَدُّ صَوْتًا مِنْكَ، فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا قِيلَ لَكَ، وَلْيُنَادِ بِذَلِكَ»، قَالَ: فَلَمَّا سَمِعَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ نِدَاءَ بِلَالٍ بِالصَّلَاةِ خَرَجَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يَجُرُّ إِزَارَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، لَقَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ الَّذِي قَالَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَلِلَّهِ الحَمْدُ، فَذَلِكَ أَثْبَتُ». قال الترمذي: "حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ"، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي، والأرنؤوط في تحقيقه لسنن ابن ماجه.
فيه أنه لم يثبت حكما، ولم تثبت صفة الأذان إلا بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، ألا ترى أنهم لم يعتمدوا شيئا مما رأوا حتى رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وألا ترى أن الرسول صلى الله عليه وسلم أقرهم على هذا، ولم يطلب منهم اعتماد الرؤيا بدون الرجوع إليه.
فليس في الرؤيا دليل شرعي، غايتها أنها مبشرات.
وهذه القاعدة تبطل ما يستند إليه بعض أهل الباطل في باطلهم فهم يعملون بالرؤى على خلاف الشرع، ويظنون أنها حجة.
ويذكر عن أحد العلماء أنه جاءه رجل يستفتيه في كنز وجده من ركاز الجاهلية، ويخبر أن الرسول صلى الله عليه وسلم أتاه في المنام وأخبره عن مكانه، وقال إذا وجدته فلا خمس عليك. وأنه قص ذلك على عدد من العلماء، فأفتوه بأنه لا يجب عليه الخمس في الركاز بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم له في المنام. فأفتاه العالم بأن الصواب أن في الركاز الخمس كما ثبت بذلك الخبر عن الرسول صلى الله عليه وسلم برواية الثقات، وأن غاية ما عنده من خبر الرؤيا إذا صحت أن الذي لديه خبر وما لدى عامة المسلمين خبر ، وهو أرجح من خبره لأنه عن طريق جماعة من الثقات، وخبره خبر واحد منقطع، فالواجب عليه أن يعمل بما عليه أهل الإسلام، من وجوب الخمس في الركاز.

القاعدة الثامنة

رؤيا الأنبياء وحي
قال تبارك وتعالى: ﴿فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي المَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ﴾ (الصَّفات:102).
فيه "أَنَّ الرُّؤْيَا لَوْ لَمْ تَكُنْ وَحْيًا لَمَا جَازَ لِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْإِقْدَامُ عَلَى ذَبْحِ وَلَدِهِ"اهـ. قاله في فتح الباري لابن حجر (1/ 239).
القاعدة التاسعة
الرؤيا إذا فسرت التفسير الصحيح علم وقوعها
من يفسر الرؤيا قد يصيب وقد يخطئ، فيضطرب في ذلك، كأنها على جناح طائر، إذا عبرت التعبير الصحيح وقعت بمعنى أنه يرى تأويلها.

أخرج أحمد تحت رقم (16182)، أبوداود تحت رقم (5020)، والترمذي تحت رقم (2279)، وابن ماجه تحت رقم (3914)، عَنْ وَكِيعِ بْنِ عُدُسٍ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي رَزِينٍ، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «الرُّؤْيَا عَلَى رِجْلِ طَائِرٍ، مَا لَمْ تُعَبَّرْ فَإِذَا عُبِّرَتْ وَقَعَتْ». قَالَ: «وَأَحْسِبُهُ قَالَ: «وَلَا تَقُصَّهَا إِلَّا عَلَى وَادٍّ، أَوْ ذِي رَأْيٍ». قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ"اهـ، وصححه الألباني، وحسنه لغيره الأرنؤوط في تحقيقه لسنن أبي داود.

وأخرج البخاري تحت رقم (7046)، ومسلم تحت رقم (2269)، عن ابْن عَبَّاسٍ، -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ فِي المَنَامِ ظُلَّةً تَنْطُفُ السَّمْنَ وَالعَسَلَ، فَأَرَى النَّاسَ يَتَكَفَّفُونَ مِنْهَا، فَالْمُسْتَكْثِرُ وَالمُسْتَقِلُّ، وَإِذَا سَبَبٌ وَاصِلٌ مِنَ الأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ، فَأَرَاكَ أَخَذْتَ بِهِ فَعَلَوْتَ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلاَ بِهِ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلاَ بِهِ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَانْقَطَعَ ثُمَّ وُصِلَ.

فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ، وَاللَّهِ لَتَدَعَنِّي فَأَعْبُرَهَا.

فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: اعْبُرْهَا.

قَالَ: أَمَّا الظُّلَّةُ فَالإِسْلاَمُ.
وَأَمَّا الَّذِي يَنْطُفُ مِنَ العَسَلِ وَالسَّمْنِ فَالقُرْآنُ؛ حَلاَوَتُهُ تَنْطُفُ، فَالْمُسْتَكْثِرُ مِنَ القُرْآنِ وَالمُسْتَقِلُّ.
وَأَمَّا السَّبَبُ الوَاصِلُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ فَالحَقُّ الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ، تَأْخُذُ بِهِ فَيُعْلِيكَ اللَّهُ.
ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ مِنْ بَعْدِكَ فَيَعْلُو بِهِ.
ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَيَعْلُو بِهِ.
ثُمَّ يَأْخُذُهُ رَجُلٌ آخَرُ فَيَنْقَطِعُ بِهِ.
ثُمَّ يُوَصَّلُ لَهُ فَيَعْلُو بِهِ.
فَأَخْبِرْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ، أَصَبْتُ أَمْ أَخْطَأْتُ؟.

قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَصَبْتَ بَعْضًا، وَأَخْطَأْتَ بَعْضًا".

قَالَ: فَوَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَتُحَدِّثَنِّي بِالَّذِي أَخْطَأْتُ!

قَالَ: لاَ تُقْسِمْ".

فهذا الحديث نص في أن تعبير الرؤيا منه ما هو صواب، ومنه ما هو غير ذلك. فلو كان المعنى أن الرؤيا تقع كما يفسرها من يفسرها؛ لما كان هناك فائدة لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «أصبت بعضا وأخطأت بعضًا». ثم ما فائدة أن يرجع إلى مفسري الرؤيا إذا كانت الرؤيا تقع كما يفسرها من يعبرها؟!
- وعليه يكون معنى قوله: "فَإِذَا عُبِّرَتْ وَقَعَتْ"، أنها إذا أصيب في تفسيرها شوهد وقوعها وعلم أن هذا هو الرؤيا التي روئيت، والله الموفق.
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top