الرائد من سلة الفوائد

seifellah

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
16 جانفي 2009
المشاركات
5,964
نقاط التفاعل
7,169
النقاط
351
أمَّن يجيب المضطر إذا دعاه



إن الله تعالى رحيم بعباده، يجيب دعوة المضطرين حتى لو كانوا كافرين، فمن دعى وألحَّ عليه بالدعاء فليبشر بالإجابة.



يقول ابن تيمية: "وأنفع الأدواء الإلحاح على الله بالدعاء".



فيا من ضاق صدره وتكدر أمره، ارفع أكف الضراعة إلى مولاك وبث إليه شكواك، ويا من طرقت الأبواب كلها، هناك باب لا تنسى طرقه، باب من يستحي من عبده أن يرد يديه خائبتين صفرا، كما قال عليه الصلاة والسلام. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه.



يقول السبطي: كن كالصبي إذا طلب من والديه شيئا فمنعاه قعد يبكي عليهما حتى يعطيانه ذلك الشيء، فاقعد أنت وابك على الله.



* ودخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد يوما فوجد رجلا أنصاريا اسمه أبو أمامه، قال: ما بك؟ قال: هموم وغموم وديون يا رسول الله. فقال رسول الله: «أفلا أعلمك كلاما إذا قلته أذهب الله ما بك؟ قل: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، ومن العجز والكسل، ومن الجبن والبخل، ومن غلبة الدين وقهر الرجال». قال الرجل: فكررتها كثيرا حتى كشف الله كربتي.



* وخرج أحدهم إلى الصحراء على إثر همًّ وديْن، فصلى ثم وضع وجهه على الأرض ساجدا يناجي ربه ويقول: يا مسبِّب الأسباب، يا مفتح الأبواب، يا سامع الأصوات، يا محبب الدعوات، يا قاضي الحاجات، اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك. فما رفع رأسه إلا وطائر يحلق فوقه فيرمي صُرَّة فيها نقود ذهبية فأخذها وحمد الله على أن كشف ما به.



* ورجل آخر يلعب بالحصى فسقطت حصاة صغيرة في أذنه ففعل كل حيلة لإخراجها فلم يستطع، فعاش مهموما مغموما مريضا، وذات يوم يأتيه رجل ويقول له: لقد شكوت همك لكل أحد، فهل شكوته إلى الله؟ فرفع الرجل بصره وهو يقول: [FONT=&quot]}أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ[FONT=&quot]{[/FONT] اكشف ما بي من سوء. فإذا بالحصاة تتدحرج فتخرج من أذنه. الله أكبر، ما أعظم اللجوء إلى الله.[/FONT]​
 
رد: الرائد من سلة الفوائد

العـين حـق



إن العين سهم من سهام إبليس ينطلق من فم العائن فيصيب المعيون فيمرضه ويضر به إذا لم يذكر اسم الله.



ولقد ثبت تأثير العين بالكتاب والسنة، قال تعالى: [FONT=&quot]}وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ[FONT=&quot]{[/FONT] [القلم: 51]، وقوله عن يعقوب –عليه السلام-: [FONT=&quot]}[/FONT]وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ[FONT=&quot]{[/FONT] [يوسف: 67].[/FONT]



وقال عليه الصلاة والسلام: «العين حق، ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين» رواه مسلم. وقال: «العين حق تولج الرجل القبر والجمل القدر» خرجه أبو نعيم في "الحلية"، وحسنة الألباني. إلى غير ذلك.



والجدير ذكره هنا أن مما يحزُّ في النفس أن بعض الناس الذين عُرِفُوا بالعين يتعمدون حسد الناس والنظر إليهم دون ذكر اسم الله أو التبريك، بل ويتبجحون في المجالس بأن لهم القُدرة على الإضرار بالآخرين بواسطة هذه النظرة المسمومة.



إن هذا من تسويل الشيطان وإغوائه لهذه الطبقة السيئة من الناس، وإن الواجب على ولاة أمور المسلمين معاقبتهم والحد من نظراتهم الشيطانية، ولقد ذكر أهل العلم أن الذي ينظر إلى شخص ويتعمد الإضرار به، فإنه يضمن من أتلفه منه، وبعضهم ذكر أنه لو مات المعيون، فإن الإمام يقتص من العائن لأنه تعمد ذلك فيعزره ولو بقتله إن لم يرتدع، والذي ينبغي على المسلمين أن يتكاتفوا ضدهم وأن يحذرهم من مغبة فعلهم،وأن يرفعوا أمرهم إلى المسئولين.

وهذا نماذج للعين وما تحدثه من ضرر أذكرها لتكميل هذا الموضوع:



* يقول صاحب كتاب "الصارم البتار في التصدي للسحرة الأشرار": صبي كان فصيحا بليغا نجيبا بارزا بين زملائه في المرحلة المتوسطة، يتكلم باسمهم في المناسبات، ويتحدث إلى الناس في الحفلات.



وفي يوم من الأيام تُوفي أحد أبناء قريته، فذهب هذا الصبي مع قبيلته للعزاء، فحمد الله وأثنى عليه ثم ألقى على الناس موعظة، فما أمسى تلك الليلة إلا أبكم لا يتكلم، فجزع أبوه وذهب به إلى المستشفى، وقام الأطباء بإجراء التحليلات والأشعات اللازمة، ولكن دون جدوى.



فجاءني به فلما رأيته كادت الدموع أن تذرف من عيني –لأنني أعرف بنشاطه الإسلامي في المدرسة- لولا أن تمالكت نفسي وسألته فقص أبوه القصة والولد صامت، فعلمت أن الولد أصيب بعين فرقيته بالمعوذات، ثم قرأت له على الماء رقية العين، وقلت لأبيه يشرب ويغتسل من هذا الماء سبعة أيام ثم يأتيني.



وبعد سبعة أيام جاءني الولد وقد شفي تماما فأصبح فصيحا كعادته، فعلمته التحصينات التي يقولها في الصباح والمساء لكي تحصنه ضد العين.



والحمد لله ولا قوة إلا بالله.



* ويقول أيضا: حدث في بيتنا أمر عجيب، والأمر باختصار أنه جاءني رجل وامرأة عجوز، فدخل الرجل عندي في المجلس يحكي لي قصة أمه، ودخلت العجوز عند أهلي ثم استدعيتها، فقرأت عليها ثم انصرفا، فنظرت في البيت فإذا فيه دُود أبيض كثير جدا، فتعجبت من ذلك، فقام أهلي بتنظيف البيت بالمكنسة، ولكن سرعان ما ظهر الدود مرة أخرى في كل الغرف.



فقلت لزوجتي: تعالي نفكر في الأمر، ماذا قالت لك هذه العجوز؟ قالت: كانت تنظر إلى جوانب البيت وتطيل النظر لكن لم تتكلم بشيء – ففهمت أنها عين- برغم أن بيتنا متواضع جدا، لكن لعل هذه العجوز تعيش في البدو ولم تر الحضر قط، المهم أحضرت ماء وقرأت عليه رقية العين، وقمت برشه في جوانب البيت فسرعان ما اختفى الدود، وعاد البيت كما كان.

 
رد: الرائد من سلة الفوائد

العقوق والجزاء من جنس العمل

يُذكر أن رجلا كان له أب قد بلغ من الكبر عتيا، وقام على خدمته زمنا طويلا، ثم ملَّهُ وسئمهُ فما كان منه إلا أن أخذه في يوم من الأيام على ظهر دابة وخرج به إلى الصحراء.
فقال الأب لابنه: ماذا تريد مني هنا يا بني؟
قال الابن: أريد أن أذبحك.
لا إله إلا الله، ابن يذبح أباه!!!
قال الأب: أهكذا جزاء الإحسان يا بني؟!!
قال الابن: لابد من ذبحك، فقد أمللتني.
قال الأب: إن كان ولابد يا بني فاذبحني عند تلك الصخرة.
قال الابن: أبتاه، ما ضرَّك أن أذبحك هنا أو هناك؟
قال الأب: إن كان ولابد يا بني، فاذبحني عند هذه الصخرة، فلقد ذبحت أنا أبي عندها، ولك يا بني مثلها، وكما تدين تدان، والجزاء من جنس العمل، ولا يظلم ربك أحدا. [من إحدى محاضرات الشيخ علي القرني].


إن عقوق الوالدين ن أكبر الكبائر، والعاق تُعجل له عقوبته في الدنيا، ودعوة الوالد على ولده مستجابة ليس بينها وبين الله حجاب.


* ويذكر أن رجلا صالحا كان له ولد عاق اسمه (مُنازِل)، وكان الأب ينصحه ويلح عليه بالإقلاع عن هذا العقوق، وكان يوقظه لصلاة الفجر، ولكنه لا يصلي، وذات يوم غضب الولد فصفع أباه على وجهه، ثم تناوله بركلات موجعة أودت به على الأرض، فما كان من الأب إلا أن حلف أن يتجه إلى بيت الله الحرام ليدعو على ولده، وأثناء الطواف يتمسك بأستار الكعبة ويرفع بصره إلى السماء ويقول:


يا من إليه أتى الحجاج قد قطعوا




عرض المهامه من قرب ومن بعد


إني أتيك يا من لا يخيب من




يدعوه مبتهلا بالواحد الصمد


هذا مُنازل لا يرتد عن عققي




فخذ بحقي يا رحمن من ولدي


وشل منه بحول منك جانبه




يا من تقدس لم يولد ولم يلد





قيل: ما استتم الأب دعاءه إلا وقد شُل النصف الأيمن من جسم ولده، فالله أكبر، كما تدين تُدان، والجزاء من جنس العمل.


* ويُذكر أن شابا عقَّ أباه وسحبه إلى الباب انتقاما منه، وكبر الشاب ورزقه الله بأولاد، وصار أبا، وأصبح أحد أولاده عاقا له، وذات يوم صعد الأب على السلم، فأتى العاق فسحبه من رجليه ليخرجه من الباب إلى الخارج، فلما وصل به إلى الحوش، قال: حسبك، فلقد سحبت أنا أبي فقط إلى الباب. قال الابن: سأخرجك إلى خارج المنزل والزيادة صدقة مني عليك.


ولا حول ولا قوة إلا بالله! وسيأتي ابن لهذا العاق يعقه. ولا يظلم ربك أحدا، وهكذا الأيام دول، فاتقوا عقوق الوالدين، فإن له مغبة سيئة في الدنيا والآخرة.
 
رد: الرائد من سلة الفوائد

رُبَّ مأكول خير من آكله



إنك تعجب إذا رأيت بعض الناس يعيشون في هذه الحياة بدون هدف، يسرحون ويمرحون سبهللا، لا ينفعون أنفسهم ولا غيرهم، يأكلون الأرطال ويشربون الأسطال، وينامون الليل ولو طال، لا يعقلون أن الله خلقهم لعباده وسيحاسبهم على تفريطهم في عمرهم، لذلك فمثل هؤلاء قد تكون البهائم أفضل منهم، فهي تُسبح لله وهم لا يُسبحون، ولك أن تنظر في حال الديك يؤذن كل صباح عند طلوع الفجر، فسبحان الذي هداه إلى ذلك، أفلا يستحق الديك أن يكون أفضل منهم؟ بلى وربي، ولا تعجب!! فرُب مأكول خير من آكله.



* ويُذكر أن فرسا صغيرا ماتت أمه عنه، فقام صاحبه واسمه (الزعتري) برعايته حتى وصل إلى حد التدليل، فكان يقدم له الشعير مخلوطا بالسكر، وإذا مرض أتى له بالطبيب البيطري، ثم مرض الزعتري فحزن الفرس وفقد شهيته للطعام وترك الحظيرة ليرابط أمام خيمة صاحبه، وظل كذلك حتى مات صاحبه وحمل المشيعون جنازته، فسار الفرس خلفهم حزينا منكس الرأس حتى دفن صاحبه العزيز في التراب، ولما هم المشيعون بالرجوع من المقبرة إذا بالفرس المفجوع ينطلق كالبرق حتى وصلى إلى قمة تل عال فصعده وألقى بنفسه ثم مات. [من محاضرة للشيخ علي القرني].



فسبحان من وهبه هذا الإحساس حين فقد الإحساس كثير من أبناء قومنا، فتراهم يهملون في أمور مهمة ويُفرطون في أشياء ثمينة، وماتت الرحمة من قلوب بعضهم، فحياتهم سقيمة ومشاعرهم باردة، ولك أن تفهم كلامي إذا علمت أن منهم من يخرج أباه الطاعن في السن ليُلقيه في دار الرعاية ليبعد عن نفسه شبح العناية دونما عباية!!!



ومنهم من يزني ببنته وأمه وأخته إذا تعاطى المخدرات، إذاً أليس معنا حق إذا قلنا: رُب مأكول خير من آكله؟!



وإذا أردت المزيد، فإليك هذا المثال، وتأمل في هذا الحديث الذي رواه الترمذي وصححه الألباني أن ابن عباس قال: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد، بم أعرف نبي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن دعوت هذا العذق شهد أني رسول الله» فدعاه رسول الله، فجعل ينزل العذق من النخلة حتى سقط إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ثم شهد ثم قام له رسول الله فرجع إلى مكانه، فقال الأعرابي: وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، فدخل في دين الله.



ولا يحتاج هذا المثال إلى تعليق، إنما يحتاج إلى شيء من التأمل فقط.
 
رد: الرائد من سلة الفوائد

أسباب الشهقة وأنواعها

الشهقة التي تعرض عند سماع القرآن أو غيره لها أسباب:


* أحدها: أن تلوح له عند السماع درجة ليست له، فيرتاح إليها، فتحدث له الشهقة، فهذه شهقة شوق.
* وثانيها: أن يلوح له ذنب ارتكبه، فيشهق خوفا وحزنا على نفسه، وهذه شهقة خشية.
* وثالثها: أن يلوح له نقص فيه لا يقدر على دفعه عنه، فيحدث له ذلك حزنا، فيشهق شهقة حزن.
* ورابعها: أن يلوح له كمال محبوبه، ويرى الطريق إليه مسدود عنه، فيحدث له ذلك شهقة أسف وحزن.
* وخامسها: أني يكون قد توارى عنه محبوبه، واشتغل بغيره، فذكَّره السماع محبوبه، فلاح له جماله، ورأى الباب مفتوحا والطريق ظاهرة، فشهق فرحا وسرورا بما لاح له.


وبكل حال: فسبب الشهقة قوة الوارد، وضعف المحل عن الاحتمال، والقوة أن يعمل ذلك الوارد عمله داخلا، ولا يظهر عليه، وذلك أقوى له وأدوم، فإنه إذا أظهره ضعف أثره وأوشك انقطاعه.


هذا حكم الشهقة من الصادق، فإن الشاهق إما صادق وإما سارق وإما منافق. [من كتاب الفوائد لابن القيم].
[FONT=&quot]
[/FONT]
 
رد: الرائد من سلة الفوائد

الغيبة فاكهة المجالس



قال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية قدس الله روحه:

من الناس من يغتاب موافقة لجلساته وأصحابه وعشائره.. مع علمه أن المغتاب بريء مما يقولون، أو فيه بعض ما يقولون، ولكن يرى أنه لو أنكر عليهم قطع المجلس واستثقله أهل المجلس ونفروا منه، فيرى موافقتهم من حسن المعاشرة وطيب المصاحبة، وقد يغضبون فيغضب لغضبهم فيخوض معهم.



ومنهم من يخرج الغيبة في قوالب شتى.. تارة في قالب ديانة وصلاح، فيقول: ليس لي عادة أن أذكر أحدا إلا بخير، ولا أحب الغيبة ولا الكذب، وإنما أخبركم بأحواله، ويقول: والله إنه مسكين، أو رجل جيد، ولكن فيه كيت وكيت.



وربما يقول: دعونا منه الله يغفر لنا وله، وإنما قصد استنقاصه وهضما لجنابه.



ويظهرون الغيبة في قوالب صلاح وديانة، يخادعون الله بذلك، كما يخادعون مخلوقا، وقد رأينا منهم ألوانا من هذا وأشباهه.



ومنهم من يرفع غيره رياء فيرفع نفسه.. فيقول: لو دعوت البارحة في صلاتي لفلان؛ لما بلغني عنه كيت وكيت ليرفع نفسه ويضع غيره عند من يعتقده.



أو يقول: فلان بليد الذهن قليل الفهم، وقصده مدح نفسه، وإثبات معرفته، وأنه أفضل منه.



ومنهم من يحمله الحسد على الغيبة، فيجمع بين أمرين قبيحين، الغيبة والحسد.

وإذا أثني على شخص أزال ذلك عنه بما استطاع من تنقصه في قالب دين وصلاح، أو في قالب حسد وفجور وقدح، ليسقط ذلك عنه.



ومنهم من يُخرج الغيبة في قالب سخرية ولعب، ليضحك غيره باستهزائه ومحاكاته واستصغار المستهزأ به.



ومنهم: من يُخرج الغيبة في قالب التعجب. فيقول: تعجبت من فلان كيف لا يفعل كيت وكيت؟! ومن فلان كيف وقع منه كيت وكيت، وكيف فعل كيت وكيت؟!! فيُخرج اسمه في معرض تعجبه.



ومنهم من يخرج الاغتمام.. فيقول: مسكين فلان، غمني ما جرى له وما تم له، فيظن من يسمعه أنه يغتم له ويتأسف وقلبه منطو على التشفي به، ولو قدر لزاد على ما به، وربما يذكره عند أعدائه ليتشفوا به، وهذا وغيره من أعظم أمراض القلوب والمخادعات لله ولخلقه.



ومنهم من يظهر الغيبة في قالب الغضب وإنكار منكر.. فيظهر في هذا الباب أشياء من زخارف القول: وقصده غير ما أظهر، والله المستعان.



قال صلى الله عليه وسلم: «لما عُرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجهوهم وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذي يأكلون لحوم الناس،ويقعون في أعراضهم» [رواه أبو داود عن أنس رضي الله عنه مرفوعا وإسناده صحيح].
 
رد: الرائد من سلة الفوائد

قاتل الله السحرة



السحر كان معروفا قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يخفى على الجميع مناظرة موسى مع فرعون وسحرته وغلبة الحق على الباطل، وأخبر الله عن كفر الشياطين حيث يعلمون الناس السحر في عهد سليمان –عليه السلام-.



فالسحر كفر، وحدُّ الساحر ضربه بالسيف جزاء إشراكه بالله، بفعله الطلاسم وتقربه لغير الله، والجناية على الناس وإيذائهم، فقاتل الله السحرة، إنهم فئة قذرة وطبقة سيئة يتكسبون المال من طرق كفرية شركية مع ما يفعلونه من إيذاء المساكين المسالمين، وإدخال الهم والغم والمرض في نفوسهم، وزعزعة أمنهم وإحلال النزاعات بينهم وتفكيك الأسر والعوائل.



والواجب على المسلمين التحذير منهم ومعاداتهم وتوعية الناس بخطرهم، وأن من ذهب إليهم لا تقبل له صلاة أربعين يوما، وأن من صدقهم فقد كفر بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم.



والواجب على المسئولين إقامة الحملات والدعايات لفضح هؤلاء السحرة وتعريف الناس بضررهم حتى يرسخ في قلوب الصغار قبل الكبار بغضهم وكراهيتهم.



وإننا والله لنحزن لما يحصل اليوم ن ذهاب المغفلين من عباد الله إليهم وطلب الشفاء منهم وخدش دينهم وضباع آخرتهم.



والواجب على ولاة الأمر إيقاف مثل هؤلاء المنخدعين عند حدهم وتعزيزهم بما يناسبهم، فلقد والله أصبح السحر وعلمه كشربة الماء عند بعض الناس، فلا حول ولا قوة إلا بالله.



يتقرب الساحر إلى زعيم الجن بالذبح له من دون الله، ليقوم الزعيم بإرسال المردة السفهاء من الجن ليخدموا هذا الساحر على قدر سفهه وبُعده عن الله، فكلما ابتعد عن الرحمن تقرب إليه الشيطان.



ومن هؤلاء السحرة من يسمون (سُفليين)، أي أنهم بلغوا الغاية في الكفر والانحطاط، إلى درجة أن منهم من يلبس المصحف بقدمه ويدخل به إلى الحمام ويطأ به العذرة ليعلن تمرده على ربه وخالقه، فإنه لله وإنا إليه راجعون.



ومما يتقرب به الساحر إلى زعيم الجن ما يكتبه من الطلاسم الشركية التي يستغيث فيها بالزعيم من دون الله، وإليك أحد هذه الطلاسم التي منظرها يدل على مخبرها، ولا يشك صاحب العقل السليم أن مثل هذه الكتابات لا تصدر عن رجل عاقل يعالج بكلام الله تعالى، وإن كتب بعض الآيات ليخفي باطله على السذج من الخلق والذين في إيجادهم لله حكمه!!
 
رد: الرائد من سلة الفوائد

حوارات لطيفة



بين الصحة والمرض



الصحة: بي ينشط للعمل.

المرض: بي يقصر الناس طول الأمل.

الصحة: بي يجتهد العابدون في العبادة.

المرض: بي يخلصون النية.

الصحة: كل الناس يحبونني.

المرض: لولاي لما أحبوك هذا الحب.



بين طبيب ومريض



كان رجل اسمه أبو علقم من المتقعرين في اللغة واستعمال حواشي الكلام وغريب اللفظ، وذات يوم دخل على طبيب فقال: إني أكلت من لحوم هذه الجوازل، فطسِئت طَسأَة فأصابني وجع بين الوابلة إلى دأْية العنق، فلم يزل يربو وينمي حتى خالط الخِلْب فتألمت له الشراسف فهل عندك دواء؟

فقال له الطبيب: خذ خِربقا وشَلْفقا وشرْبَقا فزهزقه وزقزقه واغسله بماء الروث واشربه بماء الماء.

فقال أبو علقم: أعد ويحك فإني لم أفهم شيئا!

قال الطبيب: وهل فهمت أنا منك شيئا!!




بين دودة القز والعنكبوت



لما أخذت دودة القز تنسج الخيوط أقبلت العنكبوت تشبهها، وقالت: لك نسج ولي نسج، فقالت دودة القز: ولكن نسجي أرديه الملوك، ونسجك شبكة الذباب، وعند مس الحاجة يتبين الفرق.



إذا اشتبكت دموع في خدود




تبين من بكا ممن تباكى







بين شجرة الصنوبر وشجرة الدباء



شجرة الصنوبر تثمر في ثلاثين سنة، وشجرة الدُّبَّاء تصعد في أسبوعين. فتقول للصنوبرة: إن الطريق التي قطعتها في ثلاثين سنة قطعتها أنا في أسبوعين. ويقال لي شجرة، ولك: شجرة.



فقالت لها الصنوبرة: مهلا حتى تهب رياح الخريف، فإن ثبت لها تم فخرك.



إلا الحماقة أعيت من يداويها



الحمق صفة ذميمة، وما أكثر الحمقى، فإذا رأي أحدهم فلا تمش معه فصحبته بلاء، ومرضه ليس له دواء.

لكل داء دواء يستطب به




إلا الحماقة أعيت من يداويها







وقيل:

وجاء في الصحيح




نقلا عن المسيح


عالجت كل أكمه




وأبرص مشوه


لكنني لم أطق




قط علاج الأحمق









لا تؤاخي الأحمق فإنه يشير عليك ويجهد نفسه فيخطئ، وربما يريد أن ينفعك فيضرك، وسكوته خير من نطقه، وبعده خير من قربه.



قال ابن أبي زياد: قال لي أبي: يا بني، الزم أهل العقل وجالسهم واجتنب الحمقى، فإني ما جالست أحمقا فقمت، إلا وجدت النقص في عقلي.



عن الحسن قال: هجران الأحمق قربة إلى الله عز وجل وعن سليمان بن موسى قال: ثلاثة لا ينتصف بعضهم من بعض، حليم من أحمق، وشريف من دنئ، وبر من فاجر.

وعن الأحنف بن قيس قال: قال الخليل بن أحمد الناس أربعة:

*رجل يري ويدري أنه يدري، فذاك عالم فخذوا عنه.

* ورجل يدري ولا يدري أنه يدري، فذاك ناس فذكروه.

* ورجل لا يدري ويدري أنه لا يدري، فذاك طالب فعلِّموه.

* ورجل لا يدري ولا يدري أنه لا يدري، فذاك أحمق فارفضوه.




* وعن أبي العيناء قال: كان المدني في الصف من وراء الإمام، فذكر الإمام شيئا، فقطع الصلاة وقدم المدني ليؤمهم، فوقف طويلا، فلما أعيا الناس سبحوا له وهو لا يتحرك، فنحوه وقدموا غيره، فعاتبوه فقال: ظننته يقول لي: احفظ مكاني حتى أجيء.



* ويُذكر أن رجلا اسمه يزيد بن ثروان ويقال له (هنبقة) جعل في عنقه قلادة من ودع وعظام وخزف، وقال: أخشى أن أضل نفسي ففعلت ذلك لأعرفها به، فحولت القلادة ذات ليلة من عنقه إلى عنق أخيه، فلما أصبح قال: يا أخي، أنت أنا، فمن أنا؟

* ونظر رجل في الجُب فرأى وجهه، فعاد إلى أمه فقال: في الجب لص، فجاءت الأم فاطلعت فقالت: إي والله ومعه فاجرة. [الحمقى والمغفلين لابن الجوزي].



* وقال رجل لأحمق: أتُحسن الحساب بإصبعك؟ قال: نعم، قال: خذ جبريبين حنطة، فعقد الخنصر والبنصر، فقال له: خذ جريبين شعيرا فعقد السبابة والإبهام وأقام الوسطى، فقال الرجل: لم أقمت الوسطى؟ قال: لئلا تختلط الحنطة بالشعير.



* وقف أعرابي على قوم فسألهم عن أسمائهم. فقال أحدهم: اسمي وثيق، وقال الآخر: اسمي منيع، وقال الآخر: اسمي ثابت، وقال الرابع: اسمي شديد. فقال الأعرابي: ما أظن الأقفال عُملت إلا من أسمائكم.
 
رد: الرائد من سلة الفوائد

الحلم سيد الأخلاق

كان مِعن بن زائدة مثالا في الحلم والكرم، وكان لا يغيظ أحدا ولا أحد يغيظه، فقال بعض الشعراء: أنا أغيظه لكم ولو كان قلبه من صخر، فراهنوه على مائة بعير إن أغاظه أخذها وإن لم يغظه دفع مثلها، فعمد الرجل إلى جمل فذبحه وسلخه ولبس الجلد مثل الثوب وجعل اللحم من الخارج والشعر من الداخل والذباب يقع عليه ويقوم، وليس برجليه نعلين من جلد الجمل، وجلس بين يدي معن بن زائدة على هذه الصورة ومد رجليه في وجهه وقال:


أنا والله لا أبدي سلاما



على معين المسمى بالأمير


فقال له معن: السلام لله، إن سلمت رددنا عليك، وإن لم تسلم ما عتبنا عليك.
فقال:
ولا أنزل بلادا أنت فيها



ولو حزت الشآم مع الثغور


فقال معن: البلاد بلاد الله إن نزلت فمرحبا بك، وإن رحلت كان الله في عونك.
فقال:
وأرحل من بلاد ألف شهر



أجد السير في أعلى القفور


فقال معن: مصحوبا بالسلامة.
فقال:
أتذكر إذ قميصك جلد شاة



وإذ نعلاك من جلد البعير


فقال معن: أعرف ذلك ولا أنكره.
فقال:
وتهوى كل مصطبة وسوق



بلا عبد لديك ولا وزير


فقال معن: ما نسيت ذلك يا أخ العرب.
فقال:
ونومك في الشتاء بلا رداء



وأكلك دائما خبز الشعير


فقال معن: الحمد لله على كل حال.
فقال:
وفي يمناك عكاز قوي



تذود به الكلاب عن الهرير


فقال معن: ما خفي عليك خبرها إذ هي كعصا موسى.
فقال:
فسبحان الذي أعطاك ملكا



وعلمك القعود على السرير


فقال معن: ذلك بفضل الله لا بفضلك.
فقال:
فعجل يا ابن ناقصة بمال



فإني قد عزمت على المسير


فأمر له بألف دينار.
فقال:
قليل ما أمرت به فإني



لأطمع منك بالشيء الكثير


فأمر له بألف دينار أخرى.
فقال:
فثلت إذا ملكت الملك رزقا



بلا عقل ولا جاه خطير


فأمر له بثلاثمائة دينار.
فقال:
ولا أدب كسب به المعالي



ولا خلق ولا رأي منير


فأمر له بأربعمائة دينار.
فقال:
فمنك الجود والإفضال حقا



وفيض يديك كالبحر الغزير


وما زال يطلب منه الزيادة حتى أخذ ما قدر له وانصرف متعجبا من حلم معن وعدم انتقامه منه، ثم قال في نفسه: مثل هذا لا ينبغي أن يُهجى بل يمدح واغتسل ولبس ثيابه ورجع إليه، فسلم عليه ومدحه واعتذر له بأن الحامل له على هجوه المائة البعير التي صار الرهن عليها نظر إغاظته له، فأمر له بمائة بعير يدفعها نظير الرهن وبمائة بعير أخرى لنفسه فأخذها وانصرف. [بهجة المجالس لابن حبان: تعليق إبراهيم الحازمي].
 
رد: الرائد من سلة الفوائد

همة عالية في التأليف


* الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى أتاه سائل مفتون بعشق الصبية الصغار، وسأله عن الدواء والعلاج النافع لمرضه هذا.


فقال السائل: ما تقول السادة العلماء أئمة الدين رضي الله عنهم أجمعين في رجل ابتلي ببلية، وعلم أنها إن استمرت به أفسدت عليه دنياه وآخرته، وقد اجتهد في دفعها عن نفسه بكل طريق فما يزداد إلا توقدا وشدة فما الحيلة في دفعها؟ وما الطريق إلى كشفها؟ فرحم الله من أعان مبتلى «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه» أفتونا مأجورين. انتهى السؤال.


وأمسك ابن القيم بالمداد والقلم وأخذ يتدفق كالبحر فألف كتابا كاملا جوبا عن هذا السؤال بأسلوب بديع ونظم رفيع، فلله دره من إمام ما أعظم همته وما أجل قدر وقد سمى كتابه هذا (الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي)، وحق على كل طالب علم أن يقرأه ويستفيد منه ويزين رفوف مكتبته به، وهذا الكلام يقال في جميع مؤلفاته، فرحمه الله رحمة واسعة ورزقنا رجالا مثله لهم همة عالية في التأليف.


* وهذا الإمام السرخسي والمقلب بشمس الأئمة، أملى كتابه "المبسوط" والذي يقع في (15) مجلد وهو في السجن حيث كان محبوسا في الجب –البئر- بسبب كلمة حق نصح بها السلطان، وكان يملي من خاطره من غير مطالعة كتاب وهو سجين في الجب، وأصحابه في أعلى الجب، وقال عند فراغه من شرح العبادات، هذا آخر شرح العبادات بأوضح المعاني وأوجز العبارات، إملاء المحبوس عن الجمع والجماعات.


* ومن التفاسير المعروفة "تفسير الجلالين"، ولكن كثير من الناس لا يعلمون أن إمامين جليلين قد ألفا التفسير الذي يحمل اسمها (جلا المحلي –جلال السيوطي) دون أن يجلسا مع بعضهما للتشاور وأخذ الرأي، بل ودون أن يضعا خطة تأليفه، والذي حدث أن أولهما وهو الجلال المحلي كتب تفسيره من أول سورة الكهف إلى آخر القرآن، ولم يكمله حيث وافاه الأجل، فجاء إلى تلميذه جلال السيوطي في المنام، وقال له: أكمل التفسير يا جلال، فقال السيوطي؟ أي تفسير، قال: تفسير القرآن الذي بدأته من سورة الكهف إلى آخر القرآن، فقال السيوطي: وهل يجوز أن أشاركك في تأليفه؟ فقال له جلال المحلي في المنام: لقد اخترتك لأمانتك وحسن عبادتك وحبك لي، فقال السيوطي في المنام: سأفعل إن شاء الله، فأكمل السيوطي تأليف الكتاب، وهكذا تم تفسير الجلالين للسيوطي والمحلي.
 
رد: الرائد من سلة الفوائد

دوام الحال من المحال



* حُكي أن رجلا جلس يوما يأكل هو وزوجته وبين أيديهما دجاجة مشوية فوقف سائل ببابه فخرج عليه وانتهره وطرده، ودارت الأيام وافتقر هذا الرجل وزالت نعمته حتى أنه طلق زوجته. وتزوجت من بعده برجل آخر فجلس يأكل معها يوما من الأيام وبين أيديهما دجاجة مشوية وإذ بسائل يطرق الباب فقال الرجل لزوجته: افتحي الباب وادفعي إليه هذه الدجاجة، فخرج بها إليه فإذا به زوجها الأول فأعطته الدجاجة ورجعت إلى زوجها وهي تبكي، فسألها عن بكائها فأخبرته أن السائل كان زوجها الأول، وذكرت له قصتها مع ذلك السائل الذي انتهره زوجها الأول وطرده، فقال لها زوجها ومم تتعجبين وأنا والله السائل الأول.

الله أكبر، دوام الحال من المحال.



* وكانت أخت أحمد بن طولون كثيرة السرف في إنفاق المال حتى أنها زوجت بعض لعبها ببعض فأنفقت على وليمة العرس مائة ألف دينار فما مضى قليل حتى رئيت في سوق بغداد وهي تسأل الناس.



* واجتاز بعض الصالحين بدار فيها فرح وقائلة تقول:



ألا يا دار لا يدخلك حزن



ولا يُزري بصاحبك الزمان




ثم اجتاز بها عن قريب وإذ بالباب مسود وفي الدار بكاء وصريخ، فسأل عنهم، فقيل: مات رب الدار، فطرق الباب وقال: سمعت من هذه الدار قائلة تقول: كذا وكذا، فبكت امرأة وقالت: يا عبد الله، إن الله يغير ولا يتغير والموت غاية كل مخلوق، فانصرف من عندهم باكيا.

حقا الدنيا لا تدوم لأحد، فانظر واعتبر!!
 
رد: الرائد من سلة الفوائد

من ينابيع الحكمة
* أربعة تؤدي إلى أربعة: الصمت إلى السلامة، والبر إلى الكرامة، والجود إلى السيادة، والشكر إلى الزيادة.
* من طاب أصله زكا فرعه، ومن أعجب بعمله حبط أجره، ومن ساء خلقه قل رزقه، ومن كثر ظلمه قرب هلاكه.
* سل عن الرفيق قبل الطريق، وعن الجار قبل الدار.
* اللسان سيف قاطع لا يؤمن حده، والكلام سهم نافذ لا يمكن رده.
* أجهل الناس من قل صوابه وكثر إعجابه.
* بعد يورث الصفاء خير من قرب يوجب الجفاء.
* الكبر يوجب المقت، والتواضع يوجب الرفعة، والجود يوجب المدح، والبخل يوجب الذم، والحزن يوجب السرور، والحذر يوجب السلامة.
* لا غنى كالعقل، ولا فقر كالجهل، ولا ميراث كالأدب، ولا معين كالمشاورة.
* خير الناس من فك كفيه وكف فكيه.
* كل شيء إذا كثر رخص إلا الأدب.
* لا يكون الصديق صديقا حتى يحفظ أخاه في ثلاث: في نكبته، وغيبته، ووفاته.
* لا تكن رطبا فتعصر ولا يابسا فتكسر.
* من ظلم نفسه فهو لغيره أظلم.
* وقال ابن القيم رحمه الله:
ما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب والبعد عن الله، خلقت النار لإذابة القلوب القاسية، أبعد القلوب من الله القلب القاسي.
قسوة القلب من أربعة أشياء إذا جاوزت قدر الحاجة: الأكل، والنوم، والكلام، والمخالطة، كما أن البدن إذا مرض لم ينفع فيه الطعام والشراب، فكذلك القلب إذا مرض بالشهوات لم تنجح فيه المواعظ.
من أراد صفاء قلبه فليؤثر الله على شهواته.
 
رد: الرائد من سلة الفوائد

لا تصنع المعروف في غير أهله

قال بعض الحكماء: المعروف إلى الكرام يعقب خيرا، وإلى اللئام يعقب شرا، ومثل ذلك مثل المطر يشرب منه الصدف فيعقب لؤلؤا، وتشرب منه الأفاعي فيعقب سما.
وقال سفيان: وجدنا أصل كل عداوة اصطناع المعروف إلى اللئام.
* يحكى أن امرأة عجوزا وجدت صغير ذئب فحسبته جرو كلب، فأخذته إلى دارها واعتنت به وأطعمته وسقته من حليب شياهها ولم تعلم أنه ذئب فأحسنت إليه أيما إحسان، ولكن مهما كان فالذئب لم ينس أنه مفترس قاطع طريق، فترعرع الذئب وأصبح كبيرا، وذات يوم رأته فارا على غير العادة فعلمت أن في الأمر مكرا، وفعلا وجدت جميع الشياه ميتة مبقورة بطونها، وهذا مما يدل على أنانية الذئب، فعلمت أنها صنعت معروفا ولكن لغير أهله فأنشأت تخاطب الذئب وتقول:
أسأت إليَّ فاستاحشت مني



ولو أحسنت لأنَّسك الجميل


أكلت شويهاتي وفجعت قلبي



من أنبأك أن أباك ذئب


إذا كان الطباع طباع سوء



فلا أدب يفيد ولا حليب


* أثار جماعة من الأعراب ضبعا فدخلت خباء شيخ منهم. فقالوا: أخرجها، فقال: ما كنت لأفعل وقد استجارت بي، وكان العرب يطلقون على الضبع (أم عامر)، فانصرفوا وقد كانت هزيلا، فأحضر لها الشيخ طعاما ولقاحا، وجعل يسقيها حتى عاشت، فنام الشيخ ذات يوم، فوثبت عليه فقتلته، فقال شاعرهم:
ومن يصنع المعروف في غير أهله




يلاق الذي لاقى مجبر أم عامر


أقام لها لما أناخت ببابه




لتسمن ألبان اللقاح الدرائر


فأسمنها حتى إذا ما تمكنت




فرته بأنياب لها وأظافر


فقل لذوي المعروف هذا جزاء من




يجود بإحسان إلى غير شاكر





فالله أكبر، إن هناك أناس لا يصلحون لأن يصنع لهم المعروف، فهم لؤماء الطبع لا ينفع معهم كرم.
 
رد: الرائد من سلة الفوائد

النملة البليغة

إن النملة كائن صغير، لكن لديها من الدروس الشيء الكثير، فهي تعلمنا الجد والاجتهاد، والصبر والحكمة والبلاغة، ولنقل مع هذه النملة التي قص الله خبرها في القرآن، بقوله: [FONT=&quot]}قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ[FONT=&quot]{[/FONT] [النمل: 18].[/FONT]


تأمل هذه الكلمات الصغيرة المبنى، العظيمة المعنى، إن فيها من البلاغة والحكمة ما الله به عليم.


فلقد علمتنا أن نحذر قومنا من الخطر، وأن نفزع لبعضنا عند المحن وألا نسلم بعضنا إلى الهلكة، لذلك قالت محذرة: [FONT=&quot]}ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ[FONT=&quot]{[/FONT].[/FONT]


وعلمتنا درس الاعتذار والتثبت وعدم الخوض في النيات والترصد للعثرات والتصيد للزلات، لذلك قالت: [FONT=&quot]}وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ[FONT=&quot]{[/FONT].[/FONT]


قال أحدهم حول بلاغة هذه النملة في هذه الآية: إنها لما قالت: [FONT=&quot]}يا[FONT=&quot]{[/FONT] نادت، ولما قالت: [FONT=&quot]}[/FONT]أيها[FONT=&quot]{[/FONT] نبهت، ولما قالت: [FONT=&quot]}[/FONT]ادْخُلُوا[FONT=&quot]{[/FONT] أمرت، ولما قالت: [FONT=&quot]}[/FONT]لَا يَحْطِمَنَّكُمْ[FONT=&quot]{[/FONT] نهت، ولما قالت: [FONT=&quot]}[/FONT]سُلَيْمَانُ[FONT=&quot]{[/FONT] خصت، ولما قالت: [FONT=&quot]}[/FONT]وَجُنُودُهُ[FONT=&quot]{[/FONT] عمت، ولما قالت: [FONT=&quot]}[/FONT]وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ[FONT=&quot]{[/FONT] اعتذرت.[/FONT]


فيا لها من نملة حكيمة، ما أحوجنا إلى الاقتداء بها وطلب العلم على يديها.
وسبحان من يضع سره في أضعف خلقه.
 
رد: الرائد من سلة الفوائد

من أطاع الله أطاعه كل شيء

يذكر أن الخليفة العباسي المتوكل على الله كان عنده جارية فيها مس من الجن، فصرعت ذات يوم فأرسل الخليفة من يستدعى الإمام أحمد لكي يقرأ عليها، فلما وصل الرسول إليه وأخبره الخبر قال الإمام أحمد: خذوا نعلي هذه الخشبية وقولوا للجني إذا نطق: اخرج وإلا ضربناك بنعل الإمام أحمد سبعين، وفعلا نطق الجني، فقالوا له ذلك، فقال الجني: سأخرج ولو أمرنا الإمام أحمد أن نخرج من العراق لخرجنا، فخرج الجني منها، فلما مات الإمام أحمد عاودها الجني، ولما نطق قالو له: اخرج وإلا ضربناك بنعل الإمام أحمد سبعين، فقال الجني: لن أخرج، لما كان الإمام أحمد حيا خرجنا لأنه أطاع الله فأطاعه كل شيء، أما الآن فلا.


فانظر رعاك الله إلى فضل طاعة الله تعالى والصدق معه، وحقا من أطاع الله أطاعه كل شيء، ومن هاب الله هابه كل شيء، ألا فلنطع الله تعالى ونبتعد عن معصيته، فما خلقنا الله إلا لطاعته [FONT=&quot]}وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا[FONT=&quot]{[/FONT] [الأحزاب: 71].[/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
 
رد: الرائد من سلة الفوائد

السلام عليكم و الرحمة والبركة
ماشاء الله لا قوة إلا بالله
سبحان الدي بيده الملك ذو الجلال و الإكرام
بوركت أخي الكريم ، بارك الله لك في دينك و عرضك و جعل كل حرف خطته يمناك في موازين حسناتك إن شاء الله
لي عودة إن شاء الله لقراءة كل حرف
أرجو تقبل مروري
تحياتي
 
رد: الرائد من سلة الفوائد

ولكم في الحدود حياة

إن من حكمة الشارع أن حد الحدود وفرض العقوبات، لا لتعذيب الناس ولكن ليستقيم حالهم، وليعم الأمن في أوساطهم وليحيوا حياة طيبة وصدق الله: [FONT=&quot]}وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ[FONT=&quot]{[/FONT] [البقرة: 179].[/FONT]


إن الناظر في هذه الآية قد يقول: كيف تكون الحياة مع القصاص؟ والجواب: أن الجاني إذا اقتص منه خاف الناس وانزجروا، فكان قتل واحد حياة الآلاف، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لحد يضرب في الأرض خير لأهلها من أن يمطروا سبعين خريفا» رواه أحمد والنسائي وابن ماجه.


انظر إلى الدول التي لا تطبق شرع الله كيف تعم الفوضى فيها وتنتشر المعاصي في أوساطها وتكثر الفواحش في ناديها، فهذا يقتل هذا وهذا يسلب مال هذا، وهذا ينتهك عرض هذا، وكل يريد أن يثأر لنفسه، وتقوم المجازر والمذابح بين القبائل لأتفه الأسباب أحيانا، فبالله عليك لو أنهم طبقوا شرع الله كيف تكون حالهم؟! اسأل أي واحد منهم ولو كان عاميا سيجيبك الجواب الذي فحواه: (إن لنا في الحدود حياة).


ذكر البخاري –رحمه الله- في صحيحه عن عمرو بن ميمون قال: "رأيت الجاهلية قردا وقردة زنيا فاجتمع عليها القرود فرجموهما حتى ماتا"، فعجبا لها من قرود تقيم حدود الله حيث عطلها بعض بني آدم، فسبحان الذي هدها وأعمى كثيرا من الناس، وصدق الله: [FONT=&quot]}أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا[FONT=&quot]{[/FONT] [الفرقان: 44].[/FONT]
 
رد: الرائد من سلة الفوائد

الشعور بهموم الآخرين

ما أحوجنا إلى أن نشعر بهموم غيرنا، فهذا مبدأ قرره الإسلام، ودعى له سيد الأنام عليه الصلاة والسلام، فقال: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» متفق عليه.


انظر إلى حال كثير من المسلمين اليوم، لا يهمهم إلا أنفسهم، أما غيرهم فهذا شيء لا يعنيهم، لذلك أصبحنا نفتقد صفاء القلب الذي كنا نحس فيه في السابق عندما كان أسلافنا وآباؤنا يتقاسمون كسرة الخبز ويغطونها في الزيت ويأكلونها ويحسون بسعادة تغمرهم لا وصف لها، أما نحن فكل شيء متوفر لدينا ولكن نشعر بالنقص والكآبة وضيق الصدر والفرقة والتناحر وقطع الصلة والعصبية، بل أصبح الشر في قلوب كثير من المسلمين، ولولا أن الله أخفاه لافتضحنا إلا من رحم ربي، وصدق القائل:
وفي الناس شر لو بدا ما تعاشروا




ولكن كساه الله ثوب عطاء





* يذكر أن طبيبا –وجد كلبا كُسرت إحدى قوائمه فذهب به إلى عيادته فجبرها واعتنى به حتى شفي تماما ثم أطلق سراحه، وبعد ذلك بزمن سمع الطبيب قرعا لطيفا على باب عيادته ففتح الباب فوجد الكلب نفسه مصطحبا معه كلبا آخر مكسورة رجله جاء به للعلاج.
قلت: سبحان الله، يشعر الحيوان بهم غيره، بينما يتنكر الكثيرون من بني آدم لهموم غيرهم.


* وهذا هرٌّ اعتاد أن يجد طعامه كل يوم أمام بيت أحد المهتمين به فيأكله، وفي أحد الأيام لاحظ صاحب البيت أن الهرَّ لم يعد يكتفي بالقليل الذي يقدم له من قبل، فأصبح يسرق غيره.


فقام صاحب البيت يراقبه فوجده يذهب بالطعام إلى هرَّ أعمى فيضع الطعام أمامه.


قلت: الله أكبر، انظروا إلى عظمة الشعور والإحساس بالآخرين، وصدق الله: [FONT=&quot]}وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا [FONT=&quot]{[/FONT] [هود: 6].[/FONT]
[قصة الكلب والهر من محاضرة للشيخ علي القرني].
 
رد: الرائد من سلة الفوائد

من ينابيع الحكمة

* أربعة تؤدي إلى أربعة: الصمت إلى السلامة، والبر إلى الكرامة، والجود إلى السيادة، والشكر إلى الزيادة.
* من طاب أصله زكا فرعه، ومن أعجب بعمله حبط أجره، ومن ساء خلقه قل رزقه، ومن كثر ظلمه قرب هلاكه.
* سل عن الرفيق قبل الطريق، وعن الجار قبل الدار.
* اللسان سيف قاطع لا يؤمن حده، والكلام سهم نافذ لا يمكن رده.
* أجهل الناس من قل صوابه وكثر إعجابه.
* بعد يورث الصفاء خير من قرب يوجب الجفاء.
* الكبر يوجب المقت، والتواضع يوجب الرفعة، والجود يوجب المدح، والبخل يوجب الذم، والحزن يوجب السرور، والحذر يوجب السلامة.
* لا غنى كالعقل، ولا فقر كالجهل، ولا ميراث كالأدب، ولا معين كالمشاورة.
* خير الناس من فك كفيه وكف فكيه.
* كل شيء إذا كثر رخص إلا الأدب.
* لا يكون الصديق صديقا حتى يحفظ أخاه في ثلاث: في نكبته، وغيبته، ووفاته.
* لا تكن رطبا فتعصر ولا يابسا فتكسر.
* من ظلم نفسه فهو لغيره أظلم.
* وقال ابن القيم رحمه الله:
ما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب والبعد عن الله، خلقت النار لإذابة القلوب القاسية، أبعد القلوب من الله القلب القاسي.
قسوة القلب من أربعة أشياء إذا جاوزت قدر الحاجة: الأكل، والنوم، والكلام، والمخالطة، كما أن البدن إذا مرض لم ينفع فيه الطعام والشراب، فكذلك القلب إذا مرض بالشهوات لم تنجح فيه المواعظ.
من أراد صفاء قلبه فليؤثر الله على شهواته.
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top