"راقدة وتمانجي"

الخليـل

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
14 جويلية 2011
المشاركات
5,234
نقاط التفاعل
5,403
النقاط
351
العمر
109
apn_603747425.jpg



al_hassani_113942239.jpg

محمد الهادي الحسني
من أبشع وأشنع، ما يصك أذني في الجزائر مما يسمى "كلاما"، وكثير مما يسمى "كلاما" في الجزائر نظلم الكلام إن عددناه منه، لأنه بشع المبنى رذيل المعنى، بما يسمون "قادة الأحزاب"، التي شبهها الإمام الإبراهيمي بأنها مثل "الميزاب، يجمع الماء كدرا، ويوزعه هدرا، فلا الزلال جمع، ولا الأرض نفع"، أقول من تلك "الكلمات" البشعة "كلمة" أو"هدرة" "راقدة وتمانجي"، وبشاعتها مضاعفة، فهي بشعة مبنى، وأكثر بشاعة معنى.


فأما بشاعتها من حيث المبنى فتتمثل في تجاور كلمتين، إحداهما عربية السمات، شرقية النغمات، وهي كلمة "راقدة"، والأخرى فرنسية اللمحات وهي كلمة "تمانجي" وأما بشاعتها من حيث المعنى فلدلالتها على الكسل والخمول...
فكرت كثيرا في هذا المثل البشع مبنى ومعنى، وظلمت أجدادنا الأقربين إذ ظننتهم هم من وصفوا أنفسهم به، أو أن أوائل الفرنسيين الذين حلوا بأرضنا كالجراد المنتشر هم الذين وصفوا به أجدادنا...
ولكن بعد التفكير والتأمل قطعت ظني وارتيابي في أصل المثل، وتبيّن لي أن هذا المثل لا يمكن إلا أن يكون فرنسي الهوى والهواء.. وذلك لأمرين اثنين، أولهما هذا "الجوار" القبيح بين الكلمتين، وأنّى لأجدادنا في بداية الاحتلال أن يعرفوا كلمة "مانجي"، وثانيهما هذا المعنى الأبشع الذي يصور الإنسان كالحيوان، ولو كان مما أحل لنا من بهيمة الأنعام، لأن "الاجترار" من خصائص الحيوان الأعجم..
إن الذي انتهيت إليه هو إما أن يكون هذا المثل من وضع أجدادنا، الذين رأوا في هؤلاء الفرنسيين حيوانات، يأكلون حتى وهم "راقدون"، أليس "الكافر يأكل في سبعة أمعاء" – كما قال سيدنا محمد، عليه الصلاة والسلام؟ فاستغلوا هذه "الجنة" – الجزائر-، وراحوا يأكلون أكلا لمّا، لِما وقر في دواخلهم من أنهم سيطردون من هذه "الجنة"، ولو بقوا فيها ثلاثة قرون، كما قال أجدادنا للجنرال بيجو، وإما أن هذا المثل من وضع الفرنسيين أنفسهم تصويرا لحالهم، حيث جاءوا إلى الجزائر شعثا، غبرا، خِماصا، فوجدوا فيها ما لا عين رأت، ولا خطر ببالهم، مما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين، فأوحى إليهم قرناؤهم من الجن – و"الشياطين يوحون إلى أوليائهم" – أن أوهموا العالم أن "الجزائر فرنسية"، خشية أن يأتي يوم يصبح فيه الورثة الشرعيون "هذه أرضي أنا، وأبي ضحّى هناك".
قد يقول قائل: إن الفرنسيين "عملوا" في الجزائر، وكم تركوا فيها من جنات وقصور، فنقول: إن ماعملوه هو بأيدي آبائنا الذين ألهب الفرنسيون ظهورهم بالسياط، عندما كانوا يسخّرونهم منذ يتبين الخيطان، إلى ما بعد أن تغيب "أخت يوشع".. وقد أخرج الفرنسيون من الجزائر، وبقيت خبائثهم ومنها "راقدة وتمانجي".
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top