زهير بن ابي سلمى

المهندس جورج رباحية

:: عضو منتسِب ::
إنضم
2 أكتوبر 2013
المشاركات
20
نقاط التفاعل
35
النقاط
3
زُهير بن أبي سُلْمى
520 ـــ 609 م (1)
المهندس جورج فارس رباحية
هو زهير بن أبي سُلْمَى المزني واسم أبي سُلمى ربيعة بن رباح بن قرّة بن الحارت بن مازن بن ثعلبة بن ثور بن هرمة بن الأصم بن عثمان بن عمرو بن أُدّ بن طانجة بن اليـــاس بن مُضَر بن تزار . وُلِدَ عام 520 م في بلاد مزينة بنواحي المدينة وكان يُقيم في الحاجر من ديــــار نجد والدته من ذبيان أخت الشاعر بشامة بن الغدير . توفي والده وهو صغير فترعرع يتيماً في بني غطفان ، أخوال أبيه وعاش في كنف خاله بشامة الذي أورثه ماله وشعره وأخــــلاقه. تزوّجت والدته بعد وفاة والده من الشاعر المشهور أوس بن حجر الذي أفاده أيضا بالشـــعر والأخلاق . والأخبار عن زهيـــــر انه تزوّج بامرأتين : الأولى ليلى أم أوفى وهي من أجمل النســــاء وقد ذكرها كثيراً في شعره ، ولكن حياته معها لم تدم طــــويلاً ، و ولدت له أولاداً ماتوا جميعـــاً ، فطلّقها وتزوّج كبشة بنت عمّار بن عدي بن ســــحم الغطفانيـــة وهي أم أولاده : كعب وبجير وسالم (2)
عاش زهير حياته الأدبية ضمن عائلة مليئة بالشعراء فالشِعر يُحيط به من جميع أطــــرافه، فأبوه كان شاعراً وخاله بشامة كان من الشعراء المشهورين وأيضاَ أختاه سلمى والخنساء وابناه كعب ( صاحب قصيدة بانت سعاد ) وبجير وحفيده المضرب بن كعب وحفيده عقبة وابن حفيده العوام بن عقبة ، وزوج أمه الشاعر الشهير أوس بن حجر واستمرً الشعر في بيته أجيالاً . عمّر زهير طويلاً وعاش على نصرانيته. توفي زهير عام 527 م ولم يُدرِك الإسلام بينما ولـــــديه كعب وبجير فقد أدركا الإسلام ودخلاه أما ابنه سالم فقد توفّي شاباً . والدلالة على عمره المـديد سأمته تكاليف الحياة ، كما وردَ في معلّقته :
سئمتُ تكاليفَ الحياة ، ومَنْ يَعِش ***** ثماثينَ حولاً لا أبا لكَ يَسْأمِ
قيل عنه أنه كان حكيم الشعراء في الجاهلية ، ومن أئمّة الأدب من يُفَضله على شـعراء العرب كافة . وقد قيل أنه كان ينظم القصيدة في أربعة أشهر ، ويُنقّحها في أربعة أشهر ، ويعرضها في أربعة أشهر ، فكانت قصائده تُسَمّى بالحوْليّات . وقال التبريزي أنه أحد الثلاثة المقــــدمين على سائر الشعراء ، والآخران هما امرؤ القيس والنابغة الذبياني . وذكر الأصمعي قال : كفاك مــن العراء أربعة : زهير إذا طرب ، والنابغة إذا رهب ، والأعشى إذا غضب ، وعنترة إذا كلـــب . لقد سمع عمر بن الخطاب ( 571 ـ 644 ) م ببيت من الشعر قاله زهير وأعجبه للخليفة عمر :
فإنَّ الحقّ مقطعه ثلاث ***** يمين ٌ أو نفارٌ أو جلاء
فقال الخليفة : لو أدركته لوَلّيته القضاء لحسن معرفته ودقّة حكمه . ورُوِيَ أيضــــاً أن عمر بن الخطاب قال إلى أحد أولاد هرم بن سنان ( سيد كريم مُحِبٌ للسلام ) : أنشدني بعض ما قـــــال فيكم زهير ، فأنشده . فقال عمر : لقد كان يقول فيكم فيحسن ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إنّا كنّا نُعطيه فنجزل ، فقال عمر : ذهبَ ما أعطيتموه وبقي ما أعطاكم . فقد خلّد هرم بن سنان بفضل مديح زهير له ومنه قوله :
مَنْ يَلْقَ يوماً على عِلاّتِهِ هرماً ***** يلقَى السماحة منه والندى خلقَا
وقال عنه في مناسبة أخرى : إنّه لا يتبع حوشي الكلام ولا يُعاظل في المنطق ، ولا يقول إلاّ ما يعرف ولا يمتدح أحداً إلاّ بما فيه . وأيّد هذا الرأي كثرة بينهم عثمان بن عفان (576 ـ 656) م وعبد الملك بن مروان ( 646 ـ 705 ) م وآخرون واتفقوا على أن زهيراً صـــــاحب : أمدح بيت وأصدق بيت وأبين بيت .
فالأمدح قوله :
تراهُ إذا ما جِئْتَهُ مُتَهَلّلا ***** كأنّك تُعطيه الذي أن تُسائلُه
والأصدق قوله :
ومهما تكُنْ عند امرئٍ من خليقة ***** وإن تخفى على الناس تُعْلَمِ
وأمّا ما هو أبيَن قوله :
فإنَّ الحقّ مقطعه ثلاث ***** يمين ٌ أو نفارٌ أو جلاء
إن شاعرنا هو المثل الأعلى للعطاء ، تراه أبداً مُتَهلّل الوجه ، مُحِبّاً للناس ، نافعاً لهم ، ولكثرة معروفه ، وسعة أفضاله ، يُغني سائله .... يزدحم القُصّاد في باب داره كما ترد الإبل الهوامــل الموارد .. إنّه يُرَحِّب بمن يأتيه سائلاً ، يكاد يجود بنفْسه ...وهو عليم بمفاصل الكلام ومقاطعه ، إذا لم يهتدِ إليه الآخرون . أن زهيراً مدح ذوي السيادة والشرف بما كانوا يشـــــــغفون به ، مع حرصه على الاقتصاد في القول ، فلا إسراف ولا غلوّ ، بل اعتدال في الثناء ، وصدق وبساطة في الكلام . نعرف أنه من أصحاب المعلّقات (3) ، فذكر في معلّقته حرب داعس والغبراء (4)
مقتطفـــــــات من أعمالـــــه :
1 ـ نبدأ بمعلّقته الشهيرة ، فقد ذكر فيها حرب السباق ( داحس والغَبراء ) ومســاعي البعض في سبيل الصلح وفيها كثير من المدح مع شيء من الهجاء والفخر عدد أبياتها 64 بيتاً وهي على وزن بحر الوافر :
أَمِنْ أُمّ أوفــــى دِمْنَةٌ لَمْ تَكَـــــلّمِ ***** بِحَوْمـــــانَةِ الدُّرَّاجِ فَالمُتَثَلّـــــمِ
ودارٌ لهــــا بالرّقْمـتيْنِ كأنّــــها ***** مَراجيعُ وَشْمٍ في نواشِرِ مِعْصـَمِ
بها العيْـنُ والأرْآمُ يَمشينَ خِلْفَةً ***** وأطلاؤها يَنْهَضنَ من كلّ مَجْثَمِ
وقَفْتُ بهامِنْ بعْدِ عِشرينَ حِجَّةً ***** فلأياً عَرَفْتُ الـــــدارَ بعْدَ تَوَهّمِ
أثافيَّ سُـعْفاً في مُعَرَّسِ مِرْجَلٍ ***** وَنُؤياً كجِذْمِ الحـــــوْضِ لم يَتَثَلّمِ
فلمّا عرفتُ الـــــــدّارَ قُلْتُ لِرَبْعِها : ***** ألا أنْعِمْ صباحاً أيّها الرَّبْعُ واسْلَمِ
تَبَصَّرْ خَليلي ! هل ترى مِنْ ظَعائنٍ ***** تَحَمَّلْنَ بالعلــــياءِ مِنْ فوْقِ جُرْثُمِ
جَعَلْنَ القَنـــــانَ عنْ يمــــينٍ وحَزْنَهُ ***** وَكَمْ بالقَنـــــانِ مِنْ مُحِلٍ ومُحْرِمِ
عَلَـــوْنَ بأنْماـــــطٍ عِتَــــاقٍ وَكِلــــةٍ ***** وِرادٍ حَواشـــــيها مُشأأاكِهة الدَّمِ
وَوَرَّكْنَ في السَّــــ وبَانِ يَعْلَوْنَ مَتْنَهُ ***** عَليْــــهِنَّ دَلَّ النّــــاعمُ المُتَنَعّـــمِ
بَكَرْنَ بُكُـــــــوراً واسْتَحَرْنَ بسُحْرَةٍ ***** فَهُــــنَّ وَوَادي الرَّسِّ كاليدِ بالفَمِ
وَفِيـــــهِنَّ مَلْهَىً لِلطَيــــــْفِ ومنظَرٌ ***** أَنيقٌ لِعَيْـــــنِ النّاظِرِ المُتَوَسِّــــمِ
كأنَّ فُتَاـــــتَ العِهْنِ في كُلِّ مَنــزِلٍ ***** نَزَلْنَ بهِ حَبُّ الفَنــــا لَمْ يُحَطَّــــمِ
فَلمّا وَرَدْنَ المـــَاءَ زُرْقاً جِمـــــامُهُ ***** وَضَعْنَ عِصِيَّ الحَاضِرِ المُتَخَيِّمِ
ظَهَرْنَ مَنَ السَّــــــوْبانِ ثمَّ جَزَعْنَهُ ***** عَلَى كُلِّ قَيْنِيٍ قَشــــيبٍ وَمُفْــــامِ
فأقْسَمْتُ بالبيتِ الذي طاــفَ حوْلَهُ ***** رِجَالٌ بَنَـــوْهُ من قُرَيْشٍ وَجُرْهُمِ
يَميناـــــً لَنْعْمَ السّـــــَيِّدانِ وُجِدْتُمــا ***** على كُلِّ حالٍ من سَـحيلٍ وَمُبْرَمِ
تَدارَكْتُمـــــا عَبْســـاً وَذَبْيانَ بَعْدَما ***** تَفَـــانَوْا وَدَقُّوا بيننَهُمْ عِطْرَ مَنْشَمِ
وَقَدْ قُلْتُما : إنْ نُدْرِكِ السِّلْمَ واسـعاً ***** بمـــالٍ ومعروفٍ مِنَ القوْلِ نَسْأمِ
فأصْبَحتُما منها على خيْرِ مَوْطِـنٍ ***** بَعيدَيْنِ فيــــها مِنْ عُقُوقً ومـــأتَمِ
عَظيمَيْنِ في عُلْــــــيا مَعَدٍّ هُدَيْتُما ***** وَمَنْ يَسْتَبِحْ كَنْزاً من المجدِ يَعْظُمِ
تُعَفّى الكُلــــُومُ بِالمِئينَ فأصْبَحَتْ ***** يُنَجِّمُـــــها مَنْ ليْسَ فيها بِمُجْـــرِمِ
يُنَجِّمُــــها قوْمٌ لقَــــوْمٍ غَرامَـــ ةً ***** يُهَـــــرْيِقُوا بيْنَهُمْ مِـــلْءَ مِحْجَـــمِ
فأصْبَحَ يَجري فيهِمُ مِنْ تِلادِكُـــمْ ***** مَغـــــانِمُ شَـــتَّى مَنْ إِفــــالٍ مُزَنَّمِ
ألاَ أَبلِغِ الأحْلافَ عَنِّي رِســـالَةً ***** وَذبْيــــانَ هَلْ أَقْسَــــمْتُمُ كُلَّ مُقْسَمِ
فلا تَكْتُمُنَّ اللهَ ما في نُفُوسِـــــكُمْ ***** لِيَخْفَى ومَهمــا يُكْتَــــمِ اللهُ يَعْلَـــــمِ
يُؤَخَّرْ فَيوضَعْ في كتابٍ فَيُدَّخَّرْ ***** لِيَوْمِ الحِســــابِ أوْ يُعَجَّـــلْ فَيُنْقـــَمِ
وما الحرْبُ إلاّ ما علِمْتُمْ وذُقْتُمُ ***** وما هوَ عنـــها بالحـــديثِ المُرَجَّمِ
متى تبعَثــــوها تبعَثوها ذميمَةً ***** وَتّضْـــرَ إذا ضَرّيتُمُــــوها فتَضْرَمِ
فَتَعْرُكُكُمْ عَــرْكَ الرَّحى بِثِفالِها ***** وتَلْقَحْ كِشـــــافاً ثُمَّ تُنْتَــــجْ فَتُتْئــِمِ
فَتُنْتِجْ لكُمْ غِلْمـــــانَ أشْأمَ كُلّهُمْ ***** كأحْمَرِ عَـــــادٍ ثُمَّ تُرْضِــعْ فَتَفْطِمِ
فَتُغْلِلْ لكُم ما لا تُغِــــلُّ لأهلِـها ***** قُرَىً بالعِــــراقِ مِنْ قَفّيزٍ وَدِرْهَمِ
لَعَمْــري لَنِعْمَ الحَيِّ جَرَّ عليهِمُ ***** بما لا يُؤَاتيهِمْ حُصَيْنُ بنُ ضَمْضَمِ
وكَانَ طَوَى كَشْحاً على مُسْتَكِنَّةٍ ***** فَلا هُــــوَ أبْـــداها وَلَــمْ يَتَقــــَدَّمِ
وقالَ : سَأقضي حاجتي ثُمَّ أتَّقي ***** عَدُوِّي بألْفٍ مِنْ ورائي مُلْجَـــمِ
فَشَـــــدَّ فَلَمْ يُفْزِعْ بُيُــــوتاً كَثيرةً ***** لَدَى حيْثُ ألْقَتْ رَحْلَها أُمُّ قَشْـعَمِ
لدَى أسَدٍ شتكي السِــلاحِ مُقَّذَّفٍ ***** لهُ لِبَــــدٌ أظـــــفارُهُ لَـــمْ تُقَــــــَّمِ
جَرِيءٍ مَتَى يُظلَمْ يُعاقَبْ بظُلْمِهِ ***** ســــريعاً وإلاّ يُبَدْ بالظّلْمِ يَظْـــلِمِ
رَعَوْا ظِمْأهُمْ حتى إذا تَمَّ أوْرَدوا ***** غِمـــــاراً تَفَرّى بالسِّلاحِ وِبالدَّمِ
فَقضُّوْا مَنَايا بُيْنَهُمْ ثمَّ أصْـــدروا ***** إلى كــلإٍ مُسْــــتَوْبَلٍ مُتَـــــوَخِّمِ
لَعَمْرُكَ ما جَرَّتْ عَلَيْهِمْ رِماحُهُم ***** دَمَ ابنِ نَهِيْــــكٍ أو قتــيلِ المُتَلَثّمِ
ولا شارَكَتْ في الموْتِ في دمِ نَوْفَلٍ ***** ولا وَهَبٍ منها ولا ابنِ المُخَزَّمِ
فَكُــلاً أراهُمْ أصبَـــــحوا يَعْقِلــــُونَهُ ***** صَحِيْحاتِ مَالٍ طالِعاتٍ بِمَخْرِمِ
لِحَيَّ حَلالٍ يَعْصِمُ النّاسَ أمْـــــ رَهُمْ ***** إذا طرَقَتْ إِحدى اللّيالي بِمُعْظَمِ
كِــ رامٍ فَلا ذَو الضِّغــــْنِ يُدْرِكُ تَبْلَهُ ***** ولا الجارِمُ الجاني عَليْهِمْ بمُسْلّمِ
سَــــــئِمْتُ تَكاليفَ الحياةِ وَمَنْ يَعِشُ ***** ثَمانينَ حـــــوْلاً لا أَبا لكَ يَسْــأمِ
وأعلــمُ ما في اليــــومِ والأمسِ قَبلَهُ ***** ولكِنَّني عَنْ عِلْـــمِ ما في غَدٍ عَمِ
رأيتُ المنايا خَبْطَ عَشْواءَ مَنْ تُصِب ***** تُمِتْهُ وَمَنْ تـُخْطِئ يُعَمَّرْ فَيَهْــرَمِ
وَمَــنْ لم يُصـــــانِعْ في أمورٍ كثيرةٍ ***** يُضَرَّسْ بأنيابٍ ويُوطأ بِمَنْســِمِ
وَمَنْ يجعَلِ المعروفَ مِنْ دُونِ عِرْضِهِ ***** يَفِــرْهُ وَمَنْ لا يَتَّقِ الشَّتْمَ يُشْتَمِ
وَمَنْ يَكُ ذا فضْلٍ فيبْخلْ بفضْــــــلِهِ ***** على قومـــــهِ يُسْتَغْنَ عنهُ وَيُذْمَمِ
وَمَنْ يُوفِ لا يُذْمَــــمْ وَمَنْ يُهَدَ قلبُهُ ***** إلى مُطـــمَئِنِّ البِرِّ لا يَتَجَمْحَـــــمِ
وَمَنْ هــــابَ أسبابَ المنــــايا يَنَلْنَهُ ***** وَإنْ يَرْقَ أســــــبابَ السَّماء بسُلّمِ
وَمَن يُجْعَلِ المعروفَ في غيْرِ أهْلِهِ ***** يَكُـــــنْ حَمـــــْدُهُ ذَمَّاً عليهِ وَيَنْدَمِ
وَمَنْ يَعْصِ أطــــرافَ الزّجَاجِ فإِنَّهُ ***** يُطــــيعُ العوالي رُكِّبَتْ كُلَّ لَهْذَمِ
وَمَنْ لمْ يَذُدْ عَنْ حوْضِهِ بِســــلاحِهِ ***** يُهَدَّمْ وَمنْ لا يَظْلــــِم النّاسَ يُظْلَمِ
وَمَن يَغْتَرِبْ يَحْسَــبْ عَدُواً صَديقَهُ ***** وَمَنْ لمْ يُكَــــرِمْ نفْســــَهُ لم يُكَرَّمِ
وَمَهْـــما تَكُنْ عِنْدَ امْرِئٍ من خليقَةٍ ***** ولإنْ خالَها تَخْفَى على النّاسِ تُعْلَمِ
وكائنْ ترى مِنْ صامتٍ لكَ مُعْجِبٍ ***** زيادَتُــــهُ أو نَقْصُــــهُ في التّكَلــّمِ
لِسان الفتى نِصْفٌ ونِصْفٌ فُـــؤادُهُ ***** فلمْ يبقَ إلاّ صـــــورةُ اللّحمِ والدَمِ
وَإنَّ ســــفاهَ الشّيْخِ لا حِلـــــْمَ بعدَهُ ***** وإنَّ الفَتى بَعْدَ السَّــــفاهةِ يَحْــــلُمِ
ســــألْنا فأعطَيْتُمْ وَعْــــــــداً فَعُدْتُمُ ***** ومَنْ أكْثرَ التَسْــــآلَ يوماً سَيُحْرَمِ
2 ـ ويَمْدَحُ هَرِمَ بن سنان بن أبي حارثة المُرّيّ بقصيدة عدد أبياتها 26 بيتاً من بحر الطويل قال فيها :
تبيّن خَليلي ، هل ترى مِنْ ظــعائنٍ ***** بمُنْعَرَجِ الوادي ، فُوَيقَ أبانِ ؟
مَشَينَ ، وأرخَيْنَ الذُّيُـــلَ ، وَرُفِّعَتْ ***** أزِمَّةُ عِيسٍ ، فوقَــــها ، ومَثاني
على كُلِّ صهباء العثانينِ ، شـــامذٍ ***** جُمالِيَّةٍ ، في رأســــها شَــطَنانِ
وكم قد طَوَت من منهَلٍ بَعْدَ مَنْهَلٍ ***** وأورَدْتُها ، من آجنٍ ، ودِفــــانِ
إذا جَرَّفَتْ مالي الجوارفُ مَـــــرَّةً ***** تَضَمَّنَ رِسلاً حاجتي ابنُ سِنانِ
3 ـ كان لزهير ابن اسمه سالم ، وهو جميل الوجه حسن الشَّعر، فأهدى رجل إلى زهير بردين فلبسهما ابنه سالم وركب فرساً خياراً . بماءةٍ يُقالُ لــــها النُّتاءة ، فرأته امــــرأة ، فقالت : ما رأيت كاليوم قط رجلاً ، ولا بردين ، ولا فرساً . فما مضى قليلاً حتى عثر به الفرس ، فانــدقّت عنقه ، وانشّقّ البردان ، واندقّت عنق الفرس ، فقال زهير هذه االقصـــــيدة التي تتألف من 6 أبيات على وزن بحر الطويل ، يرثي فيها ابنه سالم :
رأتْ رَجُلاً ، لاقى من العَيْشِ غِبطةً ***** وأخطأهُ فيها ، الأُمورُ العَظائمُ
وشَـــــبَّ لهُ فيهــــــا بَنُنَ ، وتُوبِعَتْ ***** ســــلامةُ أعوامٍ ، لهُ ، وغنائمُ
فأصـــبح محبــــوراً ، يُنَظِّرُ حَــولَهُ ***** بِمَغْبَطــــــةٍ لو أنَّ ذلكَ دائــمُ
وعندي من الأيــــامِ ، ما ليسَ عندَهُ ***** فقُلْـــــتُ : تَعَلَّمْ أنّما أنتَ حالِمُ
لَعَلَّكِ ، يَومـــــاً ، أن تُراعي بفاجعٍ ***** كما راعني ، يَومَ النُّتاءةِ ، سالمُ
يُديرونَني ، عن سالمٍ ، وأُديرُهُم ***** وجِلْدَةُ بَينَ العَينِ ، والأنفِ ، سالمُ
4 ـ و يَرثي هَرِمَ بن سنانِ بن أبي حارثة المُرّيّ ، وقد هلك وهو وافد إلى النعمان بقصيدة مؤلفة من 21 بيتاً على وزن بحر الكامل قال فيها :
هاجَ القُؤادَ ، معارِفُ الرَّسمِ ***** قَفْرٌ ، بذي الضبات ، كالوشْمِ
تَعْتــــادُهُ عيْــــنٌ ، مُلَمَّعَــةٌ ***** تُزجي جـــآذرها ، مع الأُدـــْمِ
في القَفْرِ يَعْطِفُها أقَبُّ تَرَى ***** نَسَــــفاً ، بلِيتَيهِ ، مِـــــنَ الكَدَمِ
يا مَنْ ، لأقـــوامٍ فُجِعْتُ بِهم ***** كانوا مُلوكَ العـــُرْبِ ، والعُجْمِ
فاستأثَرَ الدَّهرُ ، الغَداةَ ، بِهم ***** والدَّهرُ يَرميني ، ولا أرمــــي
يا دهـــرُ ، قد أكثَرْتَ فَجعَتَنا ***** بسَراتِنا ، وقَرعتَ ، في العَظْمِ
أجْلَتْ صُروفُكَ عن أخي ثِقَةٍ ***** حامي الِّذِّمارِ ، مُخالِطِ الحَــزْمِ
خُلُقي بَرَى جِسمي ، وشَيَّبني ***** جَزَعي على ما ماتَ مِنْ هَرِمِ
5 ـ وقال في بني سحيم بن عبد الله بن غطفان ، قوم امرأته كبشة أم كعب والقصيدة من 5 أبيات على وزن بحر الوافر :
متى تُذكَـــــــرْ ديارُ بني سُحيمٍ ، ***** بِمَقْلِيةٍ ، فلســــتُ بمن قـــــلاها
هُمُ وِلـَدُوا بَنِيَّ ، وخِلْـــــــتُ أنّي ***** إلى أُرْبِيَّــــةٍ ، عَمــــِدٍ ثَـــــراها
هُمُ الخَيرُ ، البَجيلُ ، لِمَـن بَغاهُم ***** وهُمْ نارُ الغّضى لِمَنِ اصطَلاها
ومنهُم مانِعُ البطحــــاءِ ، حَــزْنٌ ***** وكانَ سِـــــدادَ مَركَبةٍ ، كِفــــاها
ولــولا حبــــلُهُ لنَزَلْتُ أرضـــــاً ***** عِــــذَابَ المــــاءِ ، طيِّبَــةً قُراها
6 ـ ويهجو عوف بن شَمَّاس من بني عبد الله بن غطفان بقصيدة قصيرة من 3 أبيات على وزن بحر الطويل قال :
مَن يَتَجَــــرَّمْ لي المنــــاطقَ ظالماً ***** فيَجْرِ إلى شــــأوٍ بعيــــدٍ ويَســــــبَحِ
يَكُنْ كالحبارَى إنْ أُصيبَتْ ممثِلُها ***** أُصيبَ ، وإن تُفْلِتْ من الصّقْرِ تَسْلَحِ
كعَوفِ بنِ شَمَّاسِ ، يُرَشّــِحُ شِعرَهُ ***** إلى أسِـــدّي ، يا مَنيَّ ، وأســــجِحي
==============
15/10/2013 المهندس جورج فارس رباحية

المفــــــــــــــردات :
(1) ـ مولده ووفاته : هناك تباين في تاريخ مولده ووفاته بين الباحثين والرواة فمنهم من حـــدّد ( 530 ـ 627 ) م و(530 ـ 611 ) و ( 520 ـ 609 ) و ( 502 ـ 609 ) و (13 هـ /534 م/ ـ 609 م ) .
(2) ـ راجع الفقرة 3 من أعماله حول مقتل ابنه سالم .
(3) ـ المعلّقات : هي من أجمل صور الشعر الجاهلي وأعذبه وكان ( حماد الراوية ) أوّل من جمعها في أواخر عصر بني أميّة في الشام ( 660 ـ 750 ) م وأواخر العصـر العباسي ( 750 ـ 1258 ) م وأصحاب المعلّقات هم : امرؤ القيس ـ طرفة بن العبد ـ زهير بن ابي سّلمى ـ لبيد بن أبي ربيعة ـ عمرو بن كلثوم ـ عنترة بن شدّاد ـ الحارث بن حلزة ـ النابـــغة الذبياني ـ الأعشى الأكبر ـ عبيد بن الأبرص إن تسميتها بالمعلّقات أو المُذَهَّبات ، أو السُّموط ( العقود ) فمختلف فيه ، إذ قال بعضهم أنّ العــرب لشدّة إعجابهم بها ، كتبوها بماء الذهب ، وعلّقوها على جدران الكعبة ، فَسمِّيت بذلك المُعلَّقات أو المُذهّبات ونفى بعضهم تعليقها على جدران الكعبة وزعم آخـرون أنّ حمّاداً الراوية هو الذي جمع القصائد الطِّوال، وقال للناس : هذه هي المشهورات وقال آخرون إنّها سُمِّيَت بذلك لأنها من القصائد المســـتجادة التي كانت تُعَلَّق في خزائن الملوك والراجح اليوم انها سُمِّيَت أيضاً بالمعلَّقات لتشبيهها بالسّــــموط ، أي العقود التي تُعَلَّق بالأعناق ، وقد سُمِّيَت أيضاً بالمذهّبات لأنها جـــديرة بأن تُكْتَب بماء الذّهب لنفاستها .
(4) ـ حرب داحس والغبراء : أو حرب السباق ، وقعت بين عبس وذبيـــان لخلاف على سباق خيل بين فرســـــين وُعًرِفتْ باسميهما : داحس والغبراء . استمرّت 40 سنة . ذكرها زهير بمعلّقته .
المـصــــــادر والمـــــــــراجع :
ــــ زهير بن أبي سلمى : سلسلة الروائع . فؤاد أفرام البستاني : بيروت 1929
ــــ ديوان مختارات من شعراء العرب : هبة الله الحسني
ــــ ديوان زهير بن أبي سلمى : حمدو طمّاس . دار المعرفة ، بيروت 2005
ــــ ديوان زهير بن أبي سلمى : علي حسن فاعور . بيروت 1988
ــــ شرح المعلّقات العشر : الزوروني . بيروت
ــــ المنجد في اللغة والأعلام : بيروت 1973
ــــ مواقع على الإنترنت :
 

المرفقات

  • زهير بن أبي سلمى.jpg
    زهير بن أبي سلمى.jpg
    5.5 KB · المشاهدات: 8
رد: زهير بن ابي سلمى

بارك الله فيك اخي
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top