فوائد حديثية[متجدد]

البحر الهادي

:: أستاذ ::
أحباب اللمة
إنضم
27 ماي 2016
المشاركات
5,786
نقاط التفاعل
12,805
النقاط
1,716
محل الإقامة
أرض الوطن
الجنس
ذكر
فقدْ قالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ: "لا تزولُ قَدَمَا عَبْدٍ يومَ القيامةِ حتى يُسألَ عنْ أربعٍ عنْ عُمُرِهِ فيما أفناهُ وعنْ جسدِه فيما أبْلاهُ وعنْ مالهِ مِنْ أيْنَ أخذهُ وفيما أنْفَقَهُ وعنْ عِلمِهِ ماذا عَمِلَ بهِ".
في هذا الحديثِ الصحيحِ أن الانسانَ يُسألُ يومَ القيامةِ عنْ هذهِ الأشياءِ الأربعةِ.
الأولُ عَنْ عُمُرِهِ فيما أفناهُ لأنَ وجودَ الانسانِ بإيجادِ اللهِ نعمةٌ فَيُسألُ العبدُ عنْ هذهِ النِّعمةِ، اللهُ أنعمَ عليهِ بالوجودِ فيُسألُ عنْ هذهِ النعمةِ يُسْألُ فيما أفْنَيْتَ عُمُرَكَ فَإمّا أنْ يكونَ أفنَى عُمُرَهُ في طاعةِ اللهِ وإما أنْ يكونَ أفْنى عُمُرَهُ في معصيةِ اللهِ وهذا يُعَامَلُ على ما يليقُ بهِ وهذا يُعَامَلُ على ما يليقُ بهِ.
والأمرُ الثاني يُسْألُ عنْ جسَدِهِ فيما أبلاهُ أيْ ماذا عَمِلَ بجوارِحِهِ بيَدِهِ ورِجْلِهِ وعينِهِ وأُذُنِهِ هَلِ استعملَ هذهِ النِّعَمَ في طاعةِ اللهِ أمْ في معصيةِ اللهِ لأنَّ العينَ واللِّسانَ واليَدَ والأُذُنَ والرِّجْلَ كُلَّ هذا مِنْ نِعَمِ اللهِ، مَنِ اسْتَعْمَلَهُ في طاعةِ اللهِ ينالُ في الآخرةِ أجراً عظيماً يَلقَى أجراً جزيلاً في الآخرةِ، لهذا يُسأَلُ عنْ جَسَدِهِ فيما أبلاهُ.
والأمرُ الثالثُ المالُ يُسْأَلُ الإنسانُ منْ أينَ جَمَعْتَ هذا المالَ إنْ كانَ أخذَهُ من حَلالٍ وصَرَفَهُ في حلالٍ في غَيْرِ معصيَةِ اللهِ، ليسَ عليهِ عُقوبَةٌ بلْ إنْ صَرَفَهُ في طاعةِ اللهِ في نَفَقَةِ أهلِهِ وفي الصَّدَقَاتِ ونحوِ ذلِكَ يكونُ هذا المَالُ الذي جَمَعَهُ منْ حلالٍ وصَرَفَهُ في طاعةِ اللهِ ذُخراً كبيراً في الآخِرَةِ أما إنْ جَمَعَهُ مِنْ حَرامٍ فالوَيْلُ لهُ ثُمَّ الوَيْلُ، وَأمَا إنْ جَمَعَهُ مِنْ حرامٍ وصرفَهُ في الصَّدَقَاتِ لا يَقْبَلُ اللهُ منهُ. ليس كُلُّ ما يصِلُ اليهِ يَدُ الإنسانِ حلالاً حتى الشئُ الذي تَصِلُ إليهِ يَدُهُ منْ غيرِ طريقِ السَّرِقَةِ والغَصْبِ منهُ ما هو محرَّمٌ، المالُ له أحكامٌ، القرءانُ الكريمُ ذكرَ المالَ الحلالَ والمالَ الحرامَ. فإذا جَمعَ المالَ منْ حرامٍ ثم صرفَ منهُ كثيراً في بناءِ مسجِدٍ ونَحْوِ ذَلكَ لا يقبلُ اللهُ مِنهُ، اللهُ لا يقبلُ منَ الصَّدقاتِ وبناءِ المساجِدِ ونحوِ ذلكَ إلا ما كان من مالٍ حلالٍ.
ثم بعضُ الناسِ يجمعونَ المالَ من حرامٍ يكونُ عندهُم مالٌ كثيرٌ ثم يموتونَ ويتركونَ هذا المالَ لأهليهِم وأقارِبِهِم، هذا الشخصُ ترك وَبَالاً عليْهِ، هؤلاءِ أهلُهُ ينتفِعونَ بهِ أما هو يُؤاخَذُ عليهِ في الآخِرةِ لأنَّهُ مالٌ حرامٌ جَمَعَهُ لهم من طريقٍ حَرَامٍ ثم تركهُ لهم وذهبَ الى القبرِ.
الأمرُ الرَّابِعُ منْ تعلَّمَ عِلمَ الدَّينِ الحلالَ والحرامَ تَعَلَّمَ ما هو فرْضٌ مِنْ طاعةِ اللهِ وتعَلَّمَ ما هو مُحَرَّمٌ في شرعِ اللهِ فإنْ كانَ ما تَعَلَّمَهُ طَبَّقَهُ أدَّى الفَرْضَ، أدَّى ما فرضَ اللهُ عليهِ وتجنَّبَ ما حَرَّمَهُ اللهُ عليهِ كَمَا تَعَلَّمَهُ مِنْ عِلْمِ الدِّينِ هذا منزِلَتُهُ عاليةٌ في الآخرةِ، أمَّا إنْ لمْ يَتْبَعْ عِلْمَهُ وتَبِعَ هَوَاهُ أضاعَ بعضَ الواجِباتِ أو ارتكبَ بعض الذنوبِ الكبيرةِ فهو له ويلٌ كبيرٌ في الأخرةِ ثم إنَّ هؤلاءِ الأربعةَ من خَتَمَ اللهُ لهُ بالإسلامِ فماتَ مؤمِناً ومُتَجَنِّباً للكُفْريَّاتِ فمهما كَثُرَتْ ذُنوبُهُ فهو تحت المشيئةِ إن شاءَ اللهُ عاقبَهُ بذنُوبِهِ وإن شاءَ عفا عنهُ، منْ ماتَ مُسْلِمَاً مهما كانتْ ذنوبُهُ كبيرةً لا يجوزُ لنَا أنْ نَقولَ هذا الشخصُ اللهُ يُعَذِّبُهُ، ما يُدرينا إن كانَ منَ الذينَ يُسامِحُهُمُ اللهُ على ذُنوبِهِم مَهْمَا كَثُرَتْ أو كانَ مِنَ الذينَ يُعَاقِبُهُم، الأمرُ يَوْمَ القيامةِ يَتَبيَّنُ، نحنُ لا ندري، الأمرُ يومَ القيامَةِ يَتبيَّنُ، لذلكَ نحنُ إذا علِمْنَا مُسلماً مِنْ أهلِ الكبائِرِ مَاتَ لا نَقولُ هذا من أهلِ النارِ، لا يجوزُ.
الصَّدقَةُ منْ مالٍ حلالٍ قدْ يغفِرُ اللهُ بها بعضَ الكَبَائِرِ، الصَّدقَةُ منَ المالِ الحلالِ لها نفعٌ كبيرٌ مهما قلَّتْ، لها عندَ اللهِ وَزْنٌ كبيرٌ لذلكَ قالَ الرسولُ عليهِ السَّلامُ: "سَبَقَ دِرْهَمٌ مِائةَ ألفِ دِرْهمٍ" قيل: كيف ذلك يا رسولَ اللهِ قال: "رَجُلٌ لهُ دِرهَمَانِ (أي من حلال) تصَدَّقَ بِأحدِهِما وأبقى الآخَرَ لِنَفْسِهِ ورجُل ءاخَرُ تَصدَّقَ بمائةِ ألفٍ مِنْ عُرْضِ مالِهِ" أي لهُ مالٌ كثيرٌ، منْ هذا المالِ الكثيرِ الذي هو ملايينُ أعطى مائَةَ ألفٍ وترَكَ لِنَفسِهِ الكَثيرَ الكثيرَ، الرَّسولُ قالَ هذا الذي تَصَدَّقَ بِدِرهَمٍ وترَكَ لِنَفسِهِ دِرهماً ثَوابُهُ أعظَمُ من ذاكَ الذي تصَدَّقَ بِمائَةِ ألفٍ لأنَّ هذا غَلَبَ نفسَهُ لأجلِ الآخرَةِ ما قالَ أنا ما عِندي إلاَّ دِرْهَمَانِ كيفَ أُخرِجُ دِرهماً منهُما؟ ءاثَرَ الآخِرَةَ وخالفَ نفسَهُ وَرَغِبَ فيما عِندَ اللهِ منَ الثَّوابِ، هذا ثوابُهُ أفضَلُ من ذلكَ الغنيِّ ليس شرْطاً أنْ يكونَ الشخصُ تصَدَّقَ بالكثيرِ بَلِ العِبْرَةُ أنْ يكونَ المالُ حلالاً ثمَّ لو تصدَّقَ بحبَّةِ تَمْرٍ على إنسانٍ جائِعٍ هذهِ التَّمرَةُ الواحِدَةُ لها عندَ اللهِ وزْنٌ كبيرٌ قدْ يُعْتِقُ اللهُ المُسلِمَ منْ ذُنُوبٍ كبيرةٍ بِصدَقَةٍ قليلةٍ إنْ كانَ المالُ حلالاً وكانتِ النيَةُ تقرُّباً إلى اللهِ ليسَ للرياءِ ليسَ لِيُقالَ فلانٌ كريمٌ يبْذُلُ المالَ للهِ، إنَّما نِيَّتُهُ التَّقربُ إلى اللهِ بلا رِياءٍ.
ثُمَّ إنَّ اللهَ تَبَاركَ وتعالى أخَّرَ جَزَآء الكُفَّارِ والمسلمينَ العُصَاةِ أكْثَرَهُ إلى الآخِرَةِ، أكثرُ الكُفَّارِ الذينَ طَغَوْا وكَفَرُوا باللهِ وبأنبيائِهِ أَخَّرَ عَذَابَهُم إلى الآخِرَةِ، وبَعْضُهُمُ انتَقَمَ مِنْهُمْ في الدنيا، قَوْمُ نُوحٍ عليهِ السَّلامُ لَمَّا كَذَّبُوهُ وَبَقُوْا على عِبَادَةِ الأوْثَانِ الخَمْسَةِ تَعِبَ مَعَهُمْ، هو كانَ لا يَمَلُّ مِنْ دَعْوَتِهِم إلى الإسلامِ وَهُمْ يُقابِلونَهُ بالسبِ والشتمِ وأحياناً يَضْرِبونَهُ قَضَى وهو صَابِرٌ على هذا تِسْعَمِائَةٍ وخمسينَ سنةً، ما ءَامَنَ بهِ إلا نحوُ ثمانينَ شخصاً، اللهُ انزَلَ عليهِ الوحيَ بأنهُ لا يؤمنُ منهم إلاَّ القَدْرُ الذينَ ءَامَنُوا فَقَطَعَ الأمَلَ مِنْهُم صارَ يَدْعُو عليهِم بَعْدَ أنْ قَطَعَ الأمَلَ مِنْهُم فَدَعَا عَليْهِمْ بِأنْ لا يَتْرُكَ اللهُ مِنْهُم أحَداَ على الأرْضِ، اللهُ استَجابَ دُعَاءَهُ، كُلُّ أولئكَ حتى الأطفالُ اللهُ أهْلَكَهُمْ لأنَّ اللهَ عَلِمَ أنَّ أطفالَهُمْ لو كَبِروا لا يؤمِنونَ، اللهُ أهْلَكَهُمْ بِالغَرَقِ، أمرَ الأرضَ فارتَفَعَ ماؤُها أربعينَ ذِراعاً وأمرَ السَّمَاءَ فصارتْ تُمْطِرُ قَطَرَاتٍ كُلُّ قَطْرَةٍ كالجبلِ ليسَ كالعَادَةِ، اجتمعَ ماءُ الأرضِ وماءُ السماءِ، فَغَطَّى جِبَالَ الأرضِ كُلَّهَا، أما نوحٌ ومَنْ ءامَنَ معهُ اللهُ نَجَّاهُم، اللهُ عَلَّمَهُ أنْ يَعْمَلَ السَّفينةَ، الكفارُ كانوا يَسخرونَ منهُ وهو يعملُ السفينة، اللهُ نَجَّاهُ ومَنْ ءَامَنَ بهِ وأهلكَ البقيةَ حتى ابْنَهُ أكَلَهُ الغَرَقُ لأنهُ كَفَرَ.
ثم بعدَ هؤلاءِ البَشَرُ كَفَرُوا، فَسَلَّطَ اللهُ عليهِمُ الريحَ فَهَلَكُوا إلا الذينَ ءامنوا، الريحُ رَفَعَتْهُم إلى مسافةٍ بعيدةٍ في الفضاءِ ثم فصلتْ رؤوسَهُم عن أجسادِهِم، هؤلاءِ الكفارُ أيضاَ اللهُ انتقمَ منهُم في الدُّنيا. هؤلاء هم قوم عاد وهم منَ العربِ. كانَ مَرْكَزُهُمُ اليَمَنَ، اليمنُ كانَتْ في الماضي فيها ماءٌ كثيرٌ وأشجارٌ كثيرةٌ وفواكِهُ كثيرةٌ كانَ فيها نِعْمَةٌ كثيرةٌ، هؤلاءِ قَوْمُ عَادٍ كَفَرُوا بِنَبِيِّهِم هُودٍ وهو عربيٌ، هؤلاءِ اللهُ أهلَكَهُم بالريحِ ثم بعدَ هؤلاءِ أيضاَ ذُرِّيَّةُ الذينَ أسْلَمُوا وَبَقَوْا على الأرضِ مَعَهُ أيضاً كفروا أرسلَ اللهُ اليهم نبياً فكذَّبُوهُ وءَاذَوْهُ كذلكَ هذا النبيُّ من العربِ، اللهُ تعالى أهْلَكَ الذينَ كَذَّبُوا نَبيَّهُم صَالِحاً وَهُوَ مِنَ العَرَبِ، نَجَّاهُ اللهُ وَمَنْ ءَامَنَ بهِ وأهْلَكَ الذينَ كَفَرُوا، ثم بعدَ ذلكَ أيضاً تكَرَّرَ هذا، قَوْمُ شُعَيْبٍ اللهُ أهْلَكَهُم لَمَّا كَذَّبُوا نبيَّ اللهِ شُعيبًاً، نبيُ اللهِ شُعيبٌ كانَ بالأُرْدُنِّ أمَّا هودٌ كانَ باليمنِ اما صَالِحٌ كانَ فيما بينَ المدينةِ والشامِ، ثم بعدَ ذلكَ قَوْمُ فِرْعونَ الذينَ كَذَّبُوا موسى وتَجَبَّرُوا أهْلَكَهُمُ اللهُ وَنَجَّى موسى وَمَنْ ءَامَنَ بهِ، ثمَ هؤلاءِ أيضاً الذينَ ءَامَنُوا بموسى قِسمٌ مِنهُم في حياةِ مَوسى نحوُ سبعينَ ألفَ شخصٍ كانوا مَعَهُ كَفَرُوا عَبَدُوا العِجْلَ هؤلاءِ تَابُوا رَجَعُوا إلى الإسلامِ، لكنَّ اللهَ أنْزَلَ وَحْيَاً على موسى بأن يُقْتَلَ هؤلاءِ، هَؤلاءِ أسْلَمُوا وَمَعَ ذَلكَ كَفَّارَةً أُمِرَ بِقَتْلِهِمْ، فَصَارَ الذينَ لمْ يَعْبُدُوا العِجْلَ يَقتُلُونَ الذين عبدوا العِجْلَ، فصارَ الرَّجُلُ لا يُبَالي إنْ قَتَلَ أخَاهُ أوْ أبَاهُ، بعدَ ذلكَ اللهُ أرسلَ أنبياءَ كثيرينَ، ما حَصَلَ مِثلُ ذلكَ إلى أَنْ جَاءَ عيسى عليه السلامُ، كذلكَ عِيسى بعضُ الناسِ كَفَرُوا بهِ وبعضُ الناسِ ءَامَنُوا، كانَ عِنْدَهُم وضوءٌ وصلاةٌ وصيامٌ مِثْلَنَا لكنَّ الصِّيَامَ الذي فُرِضَ عليهِم غيرُ شَهْرِ رَمَضَانَ اللهُ جَعَلَ شَهْرَ رمضَانَ لأُمَّةِ مُحَمَّدٍ هؤلاءِ مَا أنزَلَ اللهُ عليهِم عَذَاباً مِثْلَ قومِ نوحٍ وَعَادٍ ولا يُنزِلُ مِثْلَ ذلكَ إلى يومِ القيامةِ، إنما الناسُ قَبْلَ يومِ القيامةِ يَكفُرونَ كُلُّهُم لا يُوجَدُ في ذلكَ الوقتِ مُسْلِمٌ يقولُ لا إله إلا اللهُ، بعدَ مِائَةِ سَنَةٍ اللهُ يأمُرُ إسْرَافيلَ بِأنْ يَنْفُخَ في بُوقٍ كبيرٍ صَوْتُهُ يَقْتُلُ كُلَّ الكُفَّارِ هُنَاكَ القِيَامَةُ هذا أوَّلُ القيَامَةِ، بعدَ هؤلاءِ الكُفَّارِ الملائكةُ يموتونَ ثم يعيدُ اللهُ الناسَ الذينَ مَاتُوا، والناسُ الذينَ كانوا مَاتُوا قبلَ هؤلاءِ لا يموتُونَ مَوْتَةً ثَانِيَةً إنما يُصِيبُهُم غَشْيَةٌ ثُمَّ يُفيقُونَ، حتى الأنْبِيَآءُ في النفخةِ الثانيةِ نَفْخَةِ البَعْثِ اللهُ يُحييهِم وإسرافيلُ يُحييهِ اللهُ فيَنْفُخُ في الصُّورِ، هذهِ يُقَالُ لَها نفخةُ البَعْثِ، الناسُ الذينَ ماتوا اللهُ يُعيدُهُم ثمَ الناسُ تَنْشَقُّ عنهُمُ القُبورُ فَيخرُجُونَ، الأنبياءُ عِنْدَ النَّفْخَةِ الأولى لا يموتونَ لأنهم قَدْ مَاتُوا قبلَ ذلكَ، إنما يُغشى عليهم كما يُغشى على المريضِ إذا اشْتَدَّ مَرَضُهُ، يَغيبونَ عَنْ وَعْيِهِم لا يموتونَ مَوْتَةً ثَانِيَةً، بعدَ ذلكَ يَصيرُ الحُكْمُ بينَ المؤمنينَ وبينَ الكُفَّارِ، الكُفَّارُ كُلُّهُم إلى النارِ، مَنْ كَذَّبَ الأنبياءَ، أما المؤمنونَ لا بُدَّ أَنْ يَدْخُلَ كُلُّ فَرْدٍ مِنْهُمُ الجنةَ لكنْ قِسْمٌ مِنْهُم منْ دونِ أن يصيبَهُم أَدْنَى عَذَابٍ مِنْ دُونِ أنْ يُصيبَهُم أدْنَى مَشَقَّةٍ، في كُلِّ هذا الوقتِ لا يُصيبُهُم شيءٌ مِنَ الأَذَى والمشقَّةِ، هؤلاءِ أولياءُ اللهِ والشُّهَدَاءُ، الشهيدُ لوْ كانَ منْ أهلِ الكبائِرِ اللهُ لا يُعَذِّبُهُ مهمَا كانتْ ذنوبُهُ كبيرةً، أما الأولياءُ أعْلَى دَرَجَةً منَ الشُّهَدَاءِ الذينَ ليسوا أولياءَ، في مَوْقِفِ القيامةِ قبلَ صَرْفِ الناسِ إلى الجنةِ أوِ النارِ اللهُ يَجعلُ بعضَ المؤمنينَ تحتَ ظِلِّ العَرْشِ، لا يُصيبُهُم حَرُّ الشمسِ يكونونَ في نِعمةٍ وراحةٍ وسرورٍ وفرحٍ، يَجْلِسُونَ على مَنَابِرَ منْ نورٍ، وُجوهُهُم نورٌ ويجلِسونَ على منابِرَ منْ نورٍ.
قَال العلَّامةُ الهرَريُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالى "لَـيْـسَ الشَّـرَفُ شَـرَفُ المَـال، إنَّمَـا الشَّـرَفُ شَـرَفُ العِـلِـم"
واللهُ سُبْحانَهُ وتعالى أعلم وأحكم
 
رد: فوائد حديثية[متجدد]

حديث القاتل التسعة وتسعين
عن أبي سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدْرِي - رضي الله عنه - أنَّ نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((كان فيمن كان قبلكم رجل قَتَلَ تِسْعةً وتِسْعين نفسًا، فسأَل عن أَعلمِ أهلِ الأرضِ فدُلَّ على راهِبٍ، فأتاه، فقال: إنه قَتَل تِسعةً وتسعِينَ نَفْسًا، فَهلْ له مِنْ توْبَةٍ؟ فقال: لا، فقتلَهُ فكمَّلَ بِهِ مائةً، ثمَّ سأل عن أعلم أهلِ الأرضِ، فدُلَّ على رجلٍ عالمٍ، فقال: إنه قتل مائةَ نفسٍ، فهل له من تَوْبة؟ فقالَ: نعم، ومنْ يحُول بيْنه وبيْنَ التوْبة؟ انْطَلِقْ إِلَى أرض كذا وكذا؛ فإن بها أُناسًا يعْبدون الله تعالى فاعْبُدِ الله معهم، ولا ترجعْ إِلى أَرْضِكَ؛ فإِنها أرضُ سُوءٍ، فانطَلَق حتَّى إِذا نَصَف الطَّريقُ، أَتَاهُ الموتُ فاختَصمتْ فيه مَلائكة الرَّحْمة وملائكةُ العَذابِ، فقالتْ ملائكةُ الرَّحْمة: جاء تائِبًا مُقْبلاً بِقلبه إلى اللَّه تعالى، وقالَتْ ملائكة العذاب: إنه لمْ يَعْمل خيرًا قطُّ، فأَتَاهُمْ مَلكٌ في صورة آدمي، فجعلوه بينهم؛ أَي: حَكمًا، فقال: قيسوا ما بينَ الأَرْضَينِ، فإِلَى أَيَّتِهما كَان أَدْنى فهْو لَهُ، فقاسُوا فوَجَدُوه أَدْنى إِلَى الأرض التي أَرَادَ فَقبَضَتْهُ مَلائكَةُ الرحمة))؛ متفقٌ عليه.


وفي روايةٍ في الصحيح: ((فكان إلى القرية الصَّالحَةِ أقربَ بِشِبْرٍ، فجُعِل مِنْ أَهْلِها)) وفي رِواية في الصحيح: ((فأَوْحَى اللَّهُ تعالَى إلى هذه أن تباعَدِي، وإلى هذه أَن تَقرَّبِي، وقَال: قِيسُوا مَا بيْنهمَا، فَوَجدُوه إِلَى هَذِهِ أقربَ بِشِبْرٍ فَغُفِرَ له))، وفي روايةٍ: ((فنأَى بِصَدْرِهِ نحوها)).


في النفس حاجة كحاجة الجسد للطعام والشراب والكساء والهواء، إن لم تُسَدَّ هذه الحاجة تَظَلَّ النفس في تيهٍ وعذاب وشتات، هذه الحاجة هي العبودية لله، الذى خلق هذه النفس.

كلما قَرُبت هذه النفس من خالقها، كانت هادئة مطمئنة، وإن كانت تعاني وتكِدُّ وتكدح، وكلما بعدت عن بارئها، كانت في ضنك وضيق، وإن كانت تنعم بأعظم النعم الدنيوية.

انظر إلى قاتل المائة نفس، قتل تسعة وتسعين نفسًا، كانت عائقًا أمامه عن دنيا يصيبها، ثم أتمهم مائة بمن كان عائقًا أمامه عن التوبة، عن الطريق إلى الله.

لقد تاه وضل، إنه يبحث عن الطريق، أو مَنْ يَدُلُّه على الطريق، لقد أراد أن يُغَيِّر حياته، وسعى إلى ذلك بِجِد، حتى عثر على من يدلُّه على الطريق، وسلك الطريق إلى الله.

سقط قبل أن يصل، لكنه سلك الدرب عازمًا على المضي حتى نهايته.

انظر إلى النفس البشرية في أحلك صورها، لا تعدم الخير كليًّا، هناك بصيص من نور في الأعماق، فقط يريد أن تُزَالَ عنه الحُجُبُ، هناك عقل، فقط يريد أن يُخلَّى بينه وبين النفس بلا عوائِقَ أو حُجُب، فتظهر له الحقائق.

لحظات قصيرة من القرب من الله والاتجاه إليه، رجحت بحياة طويلة عريضة في التيه والضلال، وكأني أمام حديث: ((يؤتى بأبأس أهل الأرض في الدنيا من أهل الجنة، فَيُغْمَس في الجنة غمسة واحدة، فيقال له: هل رأيْتَ بؤسًا قط، هل ذقْتَ بؤسًا قَطُّ؟ فيقول: لا، والله، ما ذقْتُ بؤسًا قط)).

غمسة واحدة في الجنة أنْسَتْه كل ما مر به من بؤس وعذاب، كذلك غمسة واحدة في واحة الإيمان تُطَهِّر العبد من كل ما عَلِق به من ذنوب وآثام.

غمسة واحدة في نهر العبودية لله تُذهِب كلَّ الأدران، سبحان ربي العظيم!

كم هي واسعة رحمةُ رب العالمين!

انظر إلى هذا العبد، إنه لم يَغْتَب مائة نفس، بل قتل مائة نفس، وإنه عمل شنيع، ومن أكبر الكبائر، ولكنه لم يُخْرِجْه من رحمة أرحم الراحمين.

وَلْنتأمَّلِ الكلماتِ في الحديث "فسأل - فَدُلَّ - فقتله - فانطلق - فنأى" كلها توحي بالسرعة والعَجَلة، هو قَلِقٌ حائر، يريد أن يهدأ ويرتاح، ولا راحة إلا بالعبودية لله، ولا راحة إلا في طاعة الله.

ونتأمل أمرًا آخر في غاية الأهمية، إنه رغم العجلة والسرعة فإنه مات في منتصف الطريق، فماذا لو لم يعجل؟ ماذا لو تراخى وأجَّلَ؟ ربما أدركه الموت قبل أن يتوب، فتنقلب النهاية.

ويستفيد الداعية من هذا الحديث الجليل:
التحصُّن بالعلم: ((من سلك طريقًا يطلب فيه علمًا سَلَك به طريقًا من طرق الجنة)).

أن يكون بصيرًا بالواقع: كما كان العالِمُ بصيرًا بواقعه، عالِمًا بحال أهل هذه القرية.

أن يترفق بالناس: ويكون مفتاحًا للخير، مِغلاقًا للشر، وأن يبث الأمل في النفوس.

ألا يَيْئس من الناس ويَمَل: بل يحاول الدعوة مراتٍ ومراتٍ، حتى تنفتح مغاليق القلوب، فالنفس لا تعدم الخير كليًّا، فقط تحتاج المفتاح المناسب إن أراد الله لها الهداية.

ألا ينعزل الداعية عن الناس: "لَأَنْ تُخالطَ الناس، وتصبر على أذاهم خيرٌ من ألاَّ تخالِطَهم، وألا تَصْبِرَ على أذاهم".


وعلى من تلبَّس بشيء من الذنوب:
ألا يَيْئَس من رحمة الله التي وسعت كل شيء.

أن يبادر بالتوبة، ويسرع إلى ذلك قدْرَ وُسْعِه وطاقته، ولا يُسَوِّف ولا يُؤَجِّل "سارعوا، سابقوا".

أن يبتعد عن كل رذيلة، فينأى بعقله عن الأفكار المُعْوَجَّة، وينأى بقلبه عن الشبهات المبثوثة، وينأى بجوارحه عن الشهوات المحرمة.

ألا ينخدع في الناس، ويستفرغ وسعه في التعلم من أهل العلم الْمُحَقِّقين.

أن يُتْبِعَ السيئة الحسنة تمحوها؛ إن الحسنات يُذهِبْنَ السيئات.

البعد عن أهل الضلال والزَّيغ والبدع والأهواء، ومصاحَبة أهل العلم والفضل.

وحال المؤمن لا ينفكُّ أبدًا عن منزلة التوبة، فهي مصاحِبة له دائمًا، ويطلبها في هفواته، في تقصيره، في غفلته، حتى في طاعته.

وبالتوبة ينتقل العبد من حال إلى حال، من الذنب إلى الطاعة، ومن الجهل إلى العلم، ومن الكسل إلى النشاط، ومن العجز إلى الهِمَّة، ومن الغفلة إلى اليقظة، ومن الجزع إلى اليقين، ومن التفكير الأعوج، إلى التفكير المستقيم.

 
رد: فوائد حديثية[متجدد]

حديث الحلال بين والحرام بين


عن أبي عبد الله النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الحلال بيِّنٌ، وإن الحرام بيِّن، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهنَّ كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات، فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب". (رواه البخاري ومسلم)

الشرح الإجمالي للحديث:
هذا الحديث يؤصل لضرورة التزام الورع، والورع هو ترك ما قد يضر في الآخرة، ويبين أن على المسلم تجنب الوقوع في الشبهات، والشبهات تشمل: ما يظن أنه حرام، وما يقارب من الحرام ويحوم حوله، وفي هذا الاجتناب سلامة للدين من الوقوع في الزلل، وسلامة للعرض من تطاول السفهاء.

الفوائد التربوية من الحديث:
1- الحرص على البعد عن مواطن الشبه والتهم، قال علي رضي الله عنه: إياك وما يسبق إلى القلوب إنكاره، وإن كان عندك اعتذاره، فرب سامع نكرًا، لا تستطيع أن تسمعه عذرًا.

2- ضرورة الاعتناء بالقلب، فمن مهمات الأمور أن يمتلئ قلب العبد بالورع وخوف الوقوع في الحرام، فإن القلب إذا أكثر الوقوع في الشبهات أظلم عليه نور العلم، فوقع في الحرام، والنفس إذا قربت من المخالفة تدرجت إليها حتى تخلع ربقة التقوى، قال تعالى: ﴿ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ﴾.

3- أن أكل الحلال الخالص، له أثر على الإيمان والقلب؛ لذا ذكر في أول الحديث: الحلال والحرام، وفي آخره: صلاح القلب وفساده، وقد سئل الإمام أحمد رحمه الله عما يلين القلب فقال: " أكل الحلال ".

4- في الحديث تأكيد على قاعدة سد الذائع.

 
رد: فوائد حديثية[متجدد]

حديث [أنا عند حسن ظن عبدي بي.....]
حديث أنا [عند حسن ظن عبدي بي...]
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال النبي -
Sala-allah.png
- : يقول الله تعالى : ( أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكرني ، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم ، وإن تقرب إلي بشبر تقربت إليه ذراعا ، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا ، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة ) .
تخريج الحديث
رواه البخاري و مسلم .
حسن الظن بالله تعالى عبادة قلبية جليلة ، ولم يفهمها حق فهمها كثير من الناس ، ونحن نبيِّن معتقد أهل السنَّة والجماعة في هذه العبادة ، ونبيِّن فهم السلف القولي والعملي لها ، فنقول :
إن حسن الظن بالله تعالى يعني اعتقاد ما يليق بالله تعالى من أسماء وصفات وأفعال ، واعتقاد ما تقتضيه من آثار جليلة ، كاعتقاد أن الله تعالى يرحم عباده المستحقين ، ويعفو عنهم إن هم تابوا وأنابوا ، ويقبل منهم طاعاتهم وعبادتهم ، واعتقاد أن له تعالى الحِكَم الجليلة فيما قدَّره وقضاه .
ومن ظنَّ أن حسن الظن بالله تعالى ليس معه عمل : فهو مخطئ ولم يفهم هذه العبادة على وجهها الصحيح ، ولا يكون حسن الظن مع ترك الواجبات ، ولا مع فعل المعاصي ، ومن ظنَّ ذلك فقد وقع في الغرور ، والرجاء المذموم ، والإرجاء المبتدع ، والأمن من مكر الله ، وكلها طوام ومهالك .
قال ابن القيم – رحمه الله - :
وقد تبين الفرق بين حسن الظن والغرور ، وأن حسن الظن إن حمَل على العمل وحث عليه وساعده وساق إليه : فهو صحيح ، وإن دعا إلى البطالة والانهماك في المعاصي : فهو غرور ، وحسن الظن هو الرجاء ، فمن كان رجاؤه جاذباً له على الطاعة زاجراً له عن المعصية : فهو رجاء صحيح ، ومن كانت بطالته رجاء ورجاؤه بطالة وتفريطاً : فهو المغرور .
" الجواب الكافي " ( ص 24 ) .
وقال الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله - :
وإحسان الظن بالله لابد معه من تجنب المعاصي وإلا كان أمنًا من مكر الله ، فحسن الظن بالله مع فعل الأسباب الجالبة للخير وترك الأسباب الجالبة للشر : هو الرجاء المحمود .
وأما حسن الظن بالله مع ترك الواجبات وفعل المحرمات : فهو الرجاء المذموم ، وهو الأمن من مكر الله .
" المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " ( 2 / 269 ) .
ثانياً:
الأصل في المسلم أن يكون دائماً حسن الظنَّ بربه تعالى ، وأكثر ما يتعيَّن على المسلم حسن الظن بربِّه تعالى في موضعين :
الأول : عند قيامه بالطاعات .
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ النبي صلى الله عليه وسلم ( يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَىَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَىَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً ) . رواه البخاري ( 7405 ) ومسلم ( 2675 ) .
فيلاحظ في الحديث علاقة حسن الظن بالعمل أوضح ما يكون ، فقد أعقبه بالترغيب بذِكره عز وجل والتقرب إليه بالطاعات ، فمن حسُن ظنه بربه تعالى دفعه ذلك لإحسان عمله .
قال الحسن البصري رحمه الله : " إن المؤمن أحسنَ الظنّ بربّه فأحسن العملَ ، وإنّ الفاجر أساءَ الظنّ بربّه فأساءَ العمل .
رواه أحمد في " الزهد " ( ص 402 ) .
وقال ابن القيم - رحمه الله - :
ومن تأمل هذا الموضع حق التأمل علِم أن حُسن الظن بالله هو حُسن العمل نفسه ؛ فإن العبد إنما يحمله على حسن العمل ظنه بربه أنه يجازيه على أعماله ويثيبه عليها ، ويتقبلها منه ، فالذي حمله على العمل حسن الظن ، فكلما حسُن ظنُّه حسُنَ عمله ، وإلا فحُسن الظن مع اتباع الهوى : عجْز ... .
وبالجملة : فحُسن الظن إنما يكون مع انعقاد أسباب النجاة ، وأما مع انعقاد أسباب الهلاك : فلا يتأتي إحسان الظن .
" الجواب الكافي " ( ص 13 - 15 ) مختصراً .
وقال أبو العباس القرطبي – رحمه الله - :
قيل : معناه : ظنّ الإجابة عند الدعاء ، وظنّ القبول عند التوبة ، وظن المغفرة عند الاستغفار ، وظن قبول الأعمال عند فعلِها على شروطها ؛ تمسُّكًا بصادق وعْده ، وجزيل فضلِه .
قلت : ويؤيدهُ قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم : ( ادْعوا الله وأنتم موقِنون بالإجابة ) – رواه الترمذي بإسناد صحيح - ، وكذلك ينبغي للتَّائب والمستغفر ، وللعامل أن يَجتهد في القيام بِما عليه من ذلك ، موقنًا أنَّ الله تعالى يقبل عملَه ، ويغفِر ذنبه ؛ فإنَّ الله تعالى قد وعد بقبول التَّوبة الصادقة ، والأعمال الصالحة ، فأمَّا لو عمل هذه الأعمال وهو يعتقد أو يظنُّ أنَّ الله تعالى لا يقبلُها ، وأنَّها لا تنفعُه : فذلك هو القنوط من رحْمة الله ، واليأس من رَوْح الله ، وهو من أعظمِ الكبائر ، ومَن مات على ذلك : وصل إلى ما ظنَّ منه .
فأمَّا ظن المغفرة والرحمة مع الإصرار على المعصية : فذلك محض الجهل والغرة ، وهو يجر إلى مذهب المرجئة .
" المفهم شرح مسلم " ( 7 / 5 ، 6 ) .
الثاني : عند المصائب ، وعند حضور الموت .
عَنْ جَابِرٍ رضِيَ الله عَنْه قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ وَفَاتِهِ بِثَلاَثٍ يقولُ ( لاَ يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلاَّ وَهُوَ يُحْسِنُ بِاللَّهِ الظَّنَّ ) . رواه مسلم ( 2877 ) .
وفي " الموسوعة الفقهية " ( 10 / 220 ) :
يجب على المؤمن أن يُحسن الظنَّ بالله تعالى ، وأكثر ما يجب أن يكون إحساناً للظن بالله : عند نزول المصائب ، وعند الموت ، قال الحطاب : ندب للمحتضر تحسين الظن بالله تعالى ، وتحسين الظن بالله وإن كان يتأكد عند الموت وفي المرض ، إلا أنه ينبغي للمكلف أن يكون دائماً حسن الظن بالله .
انتهى .
وينظر : " شرح مسلم " ، للنووي ( 17 / 10 ) .
فتبين مما سبق أن حسن الظن بالله تعالى لا يكون معه ترك واجب ولا فعل معصية ، ومن اعتقد ذلك نافعاً له فهو لم يثبت لله تعالى ما يليق به من أسماء وصفات وأفعال على الوجه الصحيح ، وقد أوقع نفسه بذلك في مزالق الردى ، وأما المؤمنون العالِمون بربهم فإنهم أحسنوا العمل وأحسنوا الظن بربهم أنه يقبل منهم ، وأحسنوا الظن بربهم عند موتهم أنه يعفو عنهم ويرحمهم ولو كان عندهم تقصير ، فيُرجى لهم تحقيق ذلك منه تعالى كما وعدهم .
 
رد: فوائد حديثية[متجدد]

حديث وإن تأمر عليكم عبد حبشي
روى الأئمة أحمد وأبو داود وابن ماجه بسندٍ صحيح عن العرباض بن سارية السلمي رضي الله عنه قال: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّبْحَ ذَاتَ يَوْمٍ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، فَقَالَ قَائِلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ: كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا فَقَالَ:" أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ فَتَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ".
والمراد وجوب طاعة من ولاه الله تعالى أمور الناس من الأمراء، ووجوب طاعة من ولاه الأمراء من الولاة على الناس، وعدم مخالفتهم أو الخروج عليهم إلا إذا أمروا بمعصية فلا طاعة لهم، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، حتى وإن كان هذا الأمير أو الوليّ عبداً حبشياً،وقد خرج هذا اللفظ منه صلى الله عليه وسلم على سبيل المبالغة في طاعة ولي الأمر، وإن كان دونهم في الخلق أو كان دنيء النسب، قال الشيخ ملا علي القاري رحمه الله في مرقاة المفاتيح: وإن كان أي المطاع يعني من ولاه الإمام عليكم عبدا حبشيا فأطيعوه ولا تنظروا إلى نسبه بل اتبعوه على حسبه ولفظ الأربعين وإن تأمر عليكم عبد أي صار أميرا أدنى الخلق فلا تستنكفوا عن طاعته أو ولو استولى عليكم عبد حبشي فأطيعوه مخافة إثارة الفتن فعليكم بالصبر والمداراة حتى يأتي أمر الله، وقيل هذا وارد على سبيل الحث والمبالغة على طاعة الحكام لا التحقيق كما قال عليه الصلاة والسلام:" من بنى لله مسجدا ولو مثل مفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة" أهـ، ولذا فقد روى مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ:" إِنَّ خَلِيلِي أَوْصَانِي أَنْ أَسْمَعَ وَأُطِيعَ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا مُجَدَّعَ الْأَطْرَافِ".
فالمعنى جواز إمارة العبد وليس معنى الحديث انحطاط قدر العبيد أو الأحباش، بل إن الإسلام سوَّى بين الناس جميعاً، ونهى عن احتقار المسلم لأخيه، وجعل الفضل بين الناس بتقوى الله كما قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }[الحجرات:13]، وجعل الناس سواسية كأسنان المُشط.
وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "... وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنَا وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنْ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ"، وروى الطبراني في الأوسط عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن ربكم واحد، وأباكم واحد، ولا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا أحمر على أسود، ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى"، والله أعلم.

شرحه من جامع العلوم والحكم:

قوله صلى الله عليه وسلم : وإن تأمر عليكم عبد وفي رواية حبشي هذا مما تكاثرت به الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو مما اطلع عليه النبي صلى الله عليه وسلم من أمر أمته بعده ، [ ص: 119 ] وولاية العبيد عليهم ، وفي " صحيح البخاري " عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : اسمعوا وأطيعوا ، وإن استعمل عليكم عبد حبشي ، كأن رأسه زبيبة .

وفي " صحيح مسلم " عن أبي ذر رضي الله عنه قال : إن خليلي صلى الله عليه وسلم أوصاني أن أسمع وأطيع ، ولو كان عبدا حبشيا مجدع الأطراف . والأحاديث في هذا المعنى كثيرة جدا .

ولا ينافي هذا قوله صلى الله عليه وسلم : لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي في الناس اثنان ، وقوله : الناس تبع لقريش ، وقوله : الأئمة من قريش ، لأن ولاية العبيد قد تكون من جهة إمام قرشي ، ويشهد لذلك ما خرجه الحاكم من حديث علي رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : الأئمة من قريش أبرارها أمراء أبرارها ، وفجارها أمراء فجارها ، ولكل حق ، فآتوا كل ذي حق حقه ، وإن أمرت عليكم قريش عبدا حبشيا مجدعا ، فاسمعوا له وأطيعوا ، وإسناده جيد ولكنه [ ص: 120 ] روي عن علي موقوفا ، وقال الدارقطني : هو أشبه .

وقد قيل : إن العبد الحبشي إنما ذكر على وجه ضرب المثل وإن لم يصح وقوعه ، كما قال : من بنى مسجدا ولو كمفحص قطاة .

وقوله صلى الله عليه وسلم : فمن يعش منكم بعدي ، فسيرى اختلافا كثيرا ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، عضوا عليها بالنواجذ . هذا إخبار منه صلى الله عليه وسلم بما وقع في أمته بعده من كثرة الاختلاف في أصول الدين وفروعه ، وفي الأقوال والأعمال والاعتقادات ، وهذا موافق لما روي عنه من افتراق أمته على بضع وسبعين فرقة ، وأنها كلها في النار إلا فرقة واحدة ، وهي من كان على ما هو عليه وأصحابه ، وكذلك في هذا الحديث أمر عند الافتراق والاختلاف بالتمسك بسنته وسنة الخلفاء الراشدين من بعده ، والسنة : هي الطريقة المسلوكة ، فيشمل ذلك التمسك بما كان عليه هو وخلفاؤه الراشدون من الاعتقادات والأعمال والأقوال ، وهذه هي السنة الكاملة ، ولهذا كان السلف قديما لا يطلقون اسم السنة إلا على ما يشمل ذلك كله ، وروي معنى ذلك عن الحسن والأوزاعي والفضيل بن عياض .

وكثير من العلماء المتأخرين يخص اسم السنة بما يتعلق بالاعتقادات ، لأنها أصل الدين ، والمخالف فيها على خطر عظيم ، وفي ذكر هذا الكلام بعد الأمر بالسمع والطاعة لأولي الأمر إشارة إلى أنه لا طاعة لأولي الأمر في طاعة [ ص: 121 ] الله ، كما صح عنه أنه قال : إنما الطاعة في المعروف .

وفي " المسند " عن أنس أن معاذ بن جبل قال : يا رسول الله ، أرأيت إن كان علينا أمراء لا يستنون بسنتك ، ولا يأخذون بأمرك ، فما تأمر في أمرهم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا طاعة لمن لم يطع الله عز وجل .

وخرج ابن ماجه من حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : سيلي أموركم بعدي رجال يطفئون من السنة ويعملون بالبدعة ، ويؤخرون الصلاة عن مواقيتها فقلت : يا رسول الله إن أدركتهم ، كيف أفعل ؟ قال : لا طاعة لمن عصى الله .

وفي أمره صلى الله عليه وسلم باتباع سنته ، وسنة خلفائه الراشدين بعد أمره بالسمع والطاعة لولاة الأمور عموما دليل على أن سنة الخلفاء الراشدين متبعة ، كاتباع سنته ، بخلاف غيرهم من ولاة الأمور .

وفي " مسند الإمام أحمد " و " جامع الترمذي " عن حذيفة قال : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم جلوسا ، فقال : إني لا أدري ما قدر بقائي فيكم ، فاقتدوا بالذين من بعدي - وأشار إلى أبي بكر وعمر - وتمسكوا بعهد عمار ، وما حدثكم ابن [ ص: 122 ] مسعود فصدقوه وفي رواية : تمسكوا بعهد ابن أم عبد ، واهتدوا بهدي عمار فنص صلى الله عليه وسلم في آخر عمره على من يقتدى به من بعده ، والخلفاء الراشدون الذين أمر بالاقتداء بهم هم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ، فإن في حديث سفينة عن النبي صلى الله عليه وسلم : الخلافة بعدي ثلاثون سنة ، ثم تكون ملكا ، وقد صححه الإمام أحمد واحتج به على خلافة الأئمة الأربعة .

ونص كثير من الأئمة على أن عمر بن عبد العزيز خليفة راشد أيضا ، ويدل عليه ما خرجه الإمام أحمد من حديث حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : تكون فيكم النبوة ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ، فتكون ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون ملكا عاضا ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون ملكا جبرية ، فتكون ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ثم سكت . فلما ولي عمر بن عبد العزيز ، دخل عليه رجل ، فحدثه بهذا الحديث ، فسر به ، وأعجبه .

وكان محمد بن سيرين أحيانا يسأل عن شيء من الأشربة ، فيقول : نهى [ ص: 123 ] عنه إمام هدى : عمر بن عبد العزيز .

وقد اختلف العلماء في إجماع الخلفاء الأربعة : هل هو إجماع ، أو حجة ، مع مخالفة غيرهم من الصحابة أم لا ؟ وفيه روايتان عن الإمام أحمد ، وحكم أبو خازم الحنفي في زمن المعتضد بتوريث ذوي الأرحام ، ولم يعتد بمن خالف الخلفاء ، ونفذ حكمه في ذلك في الآفاق .

ولو قال بعض الخلفاء الأربعة قولا ، ولم يخالفه منهم أحد ، بل خالفه غيره من الصحابة ، فهل يقدم قوله على قول غيره ؟ فيه قولان أيضا للعلماء ، والمنصوص عن أحمد أنه يقدم قوله على قول غيره من الصحابة ، وكذا ذكره الخطابي وغيره ، وكلام أكثر السلف يدل على ذلك ، خصوصا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فإنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه أنه قال : إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه وكان عمر بن عبد العزيز يتبع أحكامه ، ويستدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه .

وقال مالك : قال عمر بن عبد العزيز : سن رسول الله صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر من بعده سننا ، الأخذ بها اعتصام بكتاب الله ، وقوة على دين الله ، وليس لأحد تبديلها ، ولا تغييرها ، ولا النظر في أمر خالفها ، من اهتدى بها فهو مهتد ، ومن استنصر بها فهو منصور ، ومن تركها واتبع غير سبيل المؤمنين ، ولاه الله ما تولى وأصلاه جهنم ، وساءت مصيرا . وحكى عبد الله بن عبد الحكم عن [ ص: 124 ] مالك أنه قال : أعجبني عزم عمر على ذلك ، يعني هذا الكلام . وروى عبد الرحمن بن مهدي هذا الكلام عن مالك ، ولم يحكه عن عمر .

وقال خلف بن خليفة : شهدت عمر بن عبد العزيز يخطب الناس وهو خليفة ، فقال في خطبته : ألا إن ما سن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه ، فهو وظيفة دين ، نأخذ به وننتهي إليه .

وروى أبو نعيم من حديث عرزب الكندي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إنه سيحدث بعدي أشياء ، فأحبها إلي أن تلزموا ما أحدث عمر .

وكان علي يتبع أحكامه وقضاياه ، ويقول : إن عمر كان رشيد الأمر .

وروى أشعث عن الشعبي ، قال : إذا اختلف الناس في شيء ، فانظر كيف قضى فيه عمر ، فإنه لم يكن يقضي عمر في أمر لم يقض فيه قبله حتى يشاور .

وقال مجاهد : إذا اختلف الناس في شيء ، فانظروا ما صنع عمر ، فخذوا به . وقال أيوب عن الشعبي : انظروا ما اجتمعت عليه أمة محمد ، فإن الله لم يكن ليجمعها على ضلالة ، فإذا اختلفت فانظروا ما صنع عمر بن الخطاب فخذوا به .

وسئل عكرمة عن أم الولد ، فقال تعتق بموت سيدها ، فقيل له : بأي شيء تقول ؟ قال : بالقرآن ، قال : بأي القرآن ؟ قال : أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم [ النساء : 59 ] ، وعمر من أولي الأمر [ ص: 125 ] وقال وكيع : إذا اجتمع عمر وعلي على شيء فهو الأمر .

وروي عن ابن مسعود أنه كان يحلف بالله : إن الصراط المستقيم هو الذي ثبت عليه عمر حتى دخل الجنة .

وبكل حال ، فما جمع عمر عليه الصحابة ، فاجتمعوا عليه في عصره ، فلا شك أنه الحق ، ولو خالف فيه بعد ذلك من خالف ، كقضائه في مسائل من الفرائض كالعول ، وفي زوج وأبوين وزوجة وأبوين أن للأم ثلث الباقي ، وكقضائه فيمن جامع في إحرامه أنه يمضي في نسكه وعليه القضاء والهدي ، ومثل ما قضى به في امرأة المفقود ، ووافقه غيره من الخلفاء أيضا ، ومثل ما جمع عليه الناس في الطلاق الثلاث ، وفي تحريم متعة النساء ، ومثل ما فعله من وضع الديوان ، ووضع الخراج على أرض العنوة ، وعقد الذمة لأهل الذمة بالشروط التي شرطها عليهم ونحو ذلك .

ويشهد لصحة ما جمع عليه عمر الصحابة ، فاجتمعوا عليه ، ولم يخالف في وقته قول النبي صلى الله عليه وسلم : رأيتني في المنام أنزع على قليب ، فجاء أبو بكر ، فنزع ذنوبا أو ذنوبين ، وفي نزعه ضعف ، والله يغفر له ، ثم جاء عمر بن الخطاب ، فاستحالت غربا ، فلم أر أحدا يفري فريه حتى روي الناس ، وضربوا بعطن وفي رواية : فلم أر عبقريا من الناس ينزع نزع ابن الخطاب وفي رواية : حتى تولى والحوض يتفجر .

[ ص: 126 ] وهذا إشارة إلى أن عمر لم يمت حتى وضع الأمور مواضعها ، واستقامت الأمور ، وذلك لطول مدته ، وتفرغه للحوادث ، واهتمامه بها ، بخلاف مدة أبي بكر فإنها كانت قصيرة ، وكان مشغولا فيها بالفتوح ، وبعث البعوث للقتال ، فلم يتفرغ لكثير من الحوادث ، وربما كان يقع في زمنه ما لا يبلغه ، ولا يرفع إليه ، حتى رفعت تلك الحوادث إلى عمر ، فرد الناس فيها إلى الحق وحملهم على الصواب .

وأما ما لم يجمع عمر الناس عليه ، بل كان له فيه رأي ، وهو يسوغ لغيره أن يرى رأيا يخالف رأيه ، كمسائل الجد مع الإخوة ، ومسألة طلاق البتة ، فلا يكون قول عمر فيه حجة على غيره من الصحابة والله أعلم .

وإنما وصف الخلفاء بالراشدين ، لأنهم عرفوا الحق ، وقضوا به ، فالراشد ضد الغاوي ، والغاوي من عرف الحق وعمل بخلافه .

وفي رواية : " المهديين " يعني : أن الله يهديهم للحق ، ولا يضلهم عنه ، فالأقسام ثلاثة : راشد وغاو وضال ، فالراشد عرف الحق واتبعه ، والغاوي : عرفه ولم يتبعه ، والضال : لم يعرفه بالكلية ، فكل راشد فهو مهتد ، وكل مهتد هداية تامة فهو راشد ، لأن الهداية إنما تتم بمعرفة الحق والعمل به أيضا
.























































































































 
رد: فوائد حديثية[متجدد]

[FONT=&quot]عن أبي ذر جندب بن جنادة، وأبي عبدالرحمن معاذ بن جبلٍ رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالِقِ الناس بخُلُقٍ حسنٍ))؛ رواه الترمذي وقال: حديث حسن، وفي بعض النسخ: حسن صحيح.[/FONT]

[FONT=&quot]ترجمة الراوي:[/FONT]
[FONT=&quot]جندب بن جنادة بن سفيان بن عبيد بن حرام، من بني غفار، أحد السابقين الأولين، من نجباء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.[/FONT]

[FONT=&quot]كان خامس خمسة في الإسلام، ثم إنه رجع إلى بلاد قومه فأقام بها بأمر النبي صلى الله عليه وسلم له بذلك، فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم هاجر إليه أبو ذر رضي الله عنه، ولازمه، وجاهد معه، وكان يفتي في خلافة أبي بكر، وعمر، وعثمان.[/FONT]

[FONT=&quot]وكان يضرب به المثل في الصدق، وهو أول من حيَّا رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحية الإسلام، روى له البخاري ومسلم 281 حديثًا، نزل الربذة، وهي على ثلاث مراحل من المدينة، وكان موته سنة إحدى وثلاثين.[/FONT]

[FONT=&quot]منزلة الحديث:[/FONT]
[FONT=&quot] قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله: هذا الحديث جامع لسائر أحكام الشريعة؛ إذ هي لا تخرج عن الأمر والنهي، فهو كل الإسلام؛ لأنه متضمن لما تضمنه حديث جبريل من الإيمان والإسلام والإحسان.[/FONT]

[FONT=&quot] قال المناوي رحمه الله: هذا الحديث من القواعد المهمة؛ لإبانته لخير الدارين، وتضمنه ما يلزم المكلف من رعاية حق الحق والخَلق، وقال بعضهم: هو جامع لجميع أحكام الشريعة؛ إذ لا يخرج عنه شيء، وقال آخر: فصل فيه تفصيلًا بديعًا؛ فإنه اشتمل على ثلاثة أحكام، كل منها جامع في بابه، ومترتب على ما قبله.[/FONT]

[FONT=&quot] قال ابن علان الصديقي رحمه الله: وهذا من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم؛ فإن التقوى وإن قل لفظها جامعة لحقوقه تعالى؛ إذ هي اجتناب كل منهي عنه، وفعل كل مأمور به، فمن فعل ذلك فهو من المتقين الذين شرَّفهم الله تعالى في كتابه بأنواع الكمالات.[/FONT]

[FONT=&quot]غريب الحديث:[/FONT]
[FONT=&quot] اتق الله: اتخذ وقاية وحاجزًا يمنعك ويحفظك من سخط الله وعقابه.[/FONT]
[FONT=&quot] حيثما كنت: أي في أي زمان ومكان.[/FONT]
[FONT=&quot] وأتبع: ألحق.[/FONT]
[FONT=&quot]السيئة: الذنب الذي يصدر منك.[/FONT]
[FONT=&quot] تَمْحُها: تُزِلْها.[/FONT]
[FONT=&quot] خالِق: أي تخلَّق وجاهد نفسك بلزوم أحسن الأخلاق في معاملة الناس.[/FONT]

[FONT=&quot]شرح الحديث:[/FONT]
[FONT=&quot]((اتق الله حيثما كنت))؛ أي: اتقه في الخلوة كما تتقيه بحضرة الناس، واتقه في سائر الأمكنة والأزمنة، ومما يعين على التقوى استحضار أن الله تعالى مطلع على العبد في سائر أحواله؛ قال تعالى: ﴿ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ ﴾ [المجادلة: 7]، والتقوى كلمة جامعة لفعل الواجبات وترك المنهيات، قال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله: ليس تقوى الله بصيام النهار ولا بقيام الليل، والتخليط فيما بين ذلك، ولكن تقوى الله: ترك ما حرم الله تعالى، وأداء ما افترض الله، فمن رزق بعد ذلك خيرًا فهو خيرٌ إلى خير.[/FONT]

[FONT=&quot]وقال طلق بن حبيب رحمه الله تعالى: التقوى أن تعمل بطاعة الله، على نور من الله، ترجو ثـواب الله، وأن تتـرك معصية الله، على نـور من الله، تخاف عقاب الله.[/FONT]

[FONT=&quot]((أتبع))؛ أي: ألحق ((السيئة)) الصادرة منك ((الحسنة)) صلاة أو صدقة أو استغفارًا أو نحو ذلك، ((تـمحها))؛ أي: تدفع الحسنةُ السيئةَ وترفعها، والمراد: يمحو الله بها آثارها من القلب، أو من ديوان الحفظة؛ وذلك لأن المرض بضده؛ فالحسناتُ يُذهِبْنَ السيئات.[/FONT]

[FONT=&quot]((وخالق الناس))؛ أي: عاملهم وعاشرهم ((بخُلقٍ)) بسجية وطبع ((حسَنٍ))؛ أي: جميل محبوب؛ كملاطفة، وطلاقة وجه، وبذل معروف، وكف أذى، فإن فاعل ذلك يرجى له في الدنيا الفلاح، وفي الآخرة الفوز بالنجاة والنجاح.[/FONT]

[FONT=&quot]فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا))، ومن حديث عائشة رضي الله عنها قالت: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم)).[/FONT]

[FONT=&quot]الفوائد من الحديث:[/FONT]
[FONT=&quot]1 - فيه الأمر بتقوى الله، وهي وصية الله لجميع خلقه.[/FONT]
[FONT=&quot]2 - الحث على فعل الطاعات واجتناب المنهيات.[/FONT]
[FONT=&quot]3 - الحسنات يذهبن السيئات.[/FONT]
[FONT=&quot]4 - الترغيب في حسن الخلق، وبيان أنه أثقل ما يوضع في ميزان العبد المؤمن يوم القيامة.[/FONT]
[FONT=&quot][/FONT]
 
(منير)، تم حظره "حظر دائم". السبب: مخالفة القوانين / إستخدام ألفاظ نابيه وخادشة للحياء.
رد: فوائد حديثية[متجدد]

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فى موازينكم.
يوم العرض على ربكم
 
رد: فوائد حديثية[متجدد]

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فى موازينكم.
يوم العرض على ربكم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته
أمين ولك بالمثل والجنة
 
رد: فوائد حديثية[متجدد]

حديث من نفس عن مؤمن
عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا ، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن يسر على معسر ، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن ستر مسلما ، ستره الله في الدنيا والآخرة ، والله في عون العبد ، ما كان العبد في عون أخيه ، ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما ، سهل الله له به طريقا إلى الجنة ، وما جلس قوم في بيت من بيوت الله ، يتلون كتاب الله ، ويتدارسونه بينهم ، إلا نزلت عليهم السكينة ، وغشيتهم الرحمة ، وحفتهم الملائكة ، وذكرهم الله فيمن عنده ، ومن بطأ به عمله ، لم يسرع به نسبه رواه مسلم .


هذا الحديث خرجه مسلم من رواية الأعمش عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، واعترض عليه غير واحد من الحفاظ في تخريجه ، منهم الفضل الهروي والدارقطني ، فإن أسباط بن محمد رواه عن الأعمش ؛ قال : حدثت عن أبي صالح ، فتبين أن الأعمش لم يسمعه من أبي صالح ولم يذكر من حدثه به عنه ، ورجح الترمذي وغيره هذه الرواية ، وزاد بعض أصحاب الأعمش في
متن الحديث : ومن أقال مسلما أقال الله عثرته يوم القيامة .

وخرجا في " الصحيحين " من حديث ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ، ولا يسلمه ، ومن كان في حاجة أخيه ، كان الله في حاجته ، ومن فرج عن مسلم ، فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة .

وخرج الطبراني من حديث كعب بن عجرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : من نفس عن مؤمن كربة من كربه ، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن ستر على مؤمن عورته ، ستر الله عورته ، ومن فرج عن مؤمن كربة ، فرج الله عنه كربته .

وخرج الإمام أحمد من حديث مسلمة بن مخلد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : من ستر مسلما في الدنيا ، ستره الله في الدنيا والآخرة ، ومن نجى مكروبا ، فك الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن كان في حاجة أخيه ، كان الله في حاجته .

فقوله صلى الله عليه وسلم : من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا ، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة هذا يرجع إلى أن الجزاء من جنس العمل ، وقد تكاثرت النصوص بهذا المعنى ، كقوله صلى الله عليه وسلم : إنما يرحم الله من عباده الرحماء ،


وقوله : إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا .

والكربة : هي الشدة العظيمة التي توقع صاحبها في الكرب ، وتنفيسها أن يخفف عنه منها ، مأخوذ من تنفيس الخناق ، كأنه يرخى له الخناق حتى يأخذ نفسا ، والتفريج أعظم من ذلك ، وهو أن يزيل عنه الكربة ، فتفرج عنه كربته ، ويزول همه وغمه ، فجزاء التنفيس التنفيس ، وجزاء التفريج التفريج ، كما في حديث ابن عمر ، وقد جمع بينهما في حديث كعب بن عجرة .

وخرج الترمذي من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا : أيما مؤمن أطعم مؤمنا على جوع ، أطعمه الله يوم القيامة من ثمار الجنة ، وأيما مؤمن سقى مؤمنا على ظمإ ، سقاه الله يوم القيامة من الرحيق المختوم ، وأيما مؤمن كسا مؤمنا على عري ، كساه الله من خضر الجنة . وخرجه الإمام أحمد بالشك في رفعه ، وقيل : إن الصحيح وقفه .

[ ص: 287 ] وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن ابن مسعود قال : يحشر الناس يوم القيامة أعرى ما كانوا قط ، وأجوع ما كانوا قط ، وأظمأ ما كانوا قط ، وأنصب ما كانوا قط ، فمن كسا لله عز وجل كساه الله ، ومن أطعم لله عز وجل أطعمه الله ، ومن سقى لله عز وجل سقاه الله ، ومن عفا لله عز وجل أعفاه الله .

وخرج البيهقي من حديث أنس مرفوعا : أن رجلا من أهل الجنة يشرف يوم القيامة على أهل النار ، فيناديه رجل من أهل النار : يا فلان ، هل تعرفني ؟ فيقول : لا والله ما أعرفك ، من أنت ؟ فيقول : أنا الذي مررت بي في دار الدنيا ، فاستسقيتني شربة من ماء ، فسقيتك ، قال : قد عرفت ، قال : فاشفع لي بها عند ربك ، قال : فيسأل الله عز وجل ، ويقول : شفعني فيه ، فيأمر به ، فيخرجه من النار .

وقوله : كربة من كرب يوم القيامة ، ولم يقل : من كرب الدنيا والآخرة كما قيل في التيسير والستر ، وقد قيل في مناسبة ذلك : إن الكرب هي الشدائد العظيمة ، وليس كل أحد يحصل له ذلك في الدنيا ، بخلاف الإعسار والعورات المحتاجة إلى الستر ، فإن أحدا لا يكاد يخلو في الدنيا من ذلك ، ولو بتعسر الحاجات المهمة . وقيل : لأن كرب الدنيا بالنسبة إلى كرب الآخرة كلا شيء ، فادخر الله جزاء تنفيس الكرب عنده ، لينفس به كرب الآخرة ، ويدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد ، فيسمعهم الداعي ، وينفذهم البصر ، وتدنو الشمس منهم ، فيبلغ الناس من الغم
والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون ، فيقول الناس بعضهم لبعض : ألا ترون ما بلغكم ؟ ألا تنظرون من يشفع لكم عند ربكم ؟ ، وذكر حديث الشفاعة ، خرجاه بمعناه من حديث أبي هريرة .

وخرجا من حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : تحشرون حفاة عراة غرلا ، قالت : فقلت : يا رسول الله ، الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض ؟ قال : الأمر أشد من أن يهمهم ذلك .

وخرجا من حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : يوم يقوم الناس لرب العالمين [ المطففين : 6 ] ، قال : يقوم أحدهم في الرشح إلى أنصاف أذنيه .

وخرجا من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذراعا ، ويلجمهم حتى يبلغ آذانهم ولفظه للبخاري ، ولفظ مسلم : إن العرق ليذهب في الأرض سبعين باعا ، وإنه ليبلغ إلى أفواه الناس أو إلى آذانهم .

وخرج مسلم من حديث المقداد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : تدنو الشمس من العباد حتى تكون قدر ميل أو ميلين ، فتصهرهم الشمس ، فيكونون في
العرق قدر أعمالهم ، فمنهم من يأخذه إلى عقبيه ، ومنهم من يأخذه إلى ركبتيه ، ومنهم من يأخذه إلى حقويه ، ومنهم من يلجمه إلجاما .

وقال ابن مسعود : الأرض كلها يوم القيامة نار ، والجنة من ورائها ترى أكوابها وكواعبها ، فيعرق الرجل حتى يرشح عرقه في الأرض قدر قامة ، ثم يرتفع حتى يبلغ أنفه ، وما مسه الحساب ، قال : فمم ذلك يا أبا عبد الرحمن ؟ قال : مما يرى الناس يصنع بهم .

وقال أبو موسى : الشمس فوق رءوس الناس يوم القيامة ، وأعمالهم تظلهم أو تضحيهم .

وفي " المسند " من حديث عقبة بن عامر مرفوعا : كل امرئ في ظل صدقته حتى يفصل بين الناس .
 
(منير)، تم حظره "حظر دائم". السبب: مخالفة القوانين / إستخدام ألفاظ نابيه وخادشة للحياء.
رد: فوائد حديثية[متجدد]

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فى حسناتكم أن شاء الله
ونفع بكم
 
رد: فوائد حديثية[متجدد]

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فى حسناتكم أن شاء الله
ونفع بكم
أمين ولك بالمثل وزيادة
 
رد: فوائد حديثية[متجدد]

حديث ويل للعرب
زينب بنت جحش أم المؤمنين -رضي الله عنها- تذكر أنه -عليه الصلاة والسلام- دخل عليها، أو خرج ودخل عليها، وفي بعض الروايات أنه استيقظ محمر الوجه وهو يبدو عليه التأثر ويقول: « لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب » ويل، هذا تعبير عن الخطر المتوقع، ويل للعرب من شر قد اقترب، لعله أُوحي إليه أو رأى في منامه ما يدل على هذا، وفسر بقوله: « فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه، وحلق بين إصبعيه السبابة والتي تليها »يعني الإبهام، فُتح: يعني الشيء اليسير، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج، وفُسر هذا الردم بالسد الذي أقامه ذو القرنين كما جاء القرآن، فُتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه، ووصفه بالفعل.
ويأجوج ومأجوج ذكرهم الله في القرآن: ﴿ حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ ﴾ وجاء ذكرهم في قصة ذي القرنين، يعني أمم عظيمة من البشر أشرار مفسدون ﴿ قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا ﴾ الآيات. وهذا يدل على أن في خروجهم شرا على البشرية على الناس، « ويل للعرب من شر قد اقترب، فُتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج » جعل فتحَ هذا المقدار أو حصول هذا المقدار في ردم يأجوج ومأجوج اقترابا للشر.

والاقتراب وقُرب الشيء أمر نسبي لا يمكن في مثل هذه الأمور، لا يمكن أن يقدر بمجرد العقل، فلا ندري عن مقدار هذا الاقتراب، وعن موعد هذا الشر، موعد وقوع هذا الشر، وقد جاءت الأحاديث كما سيأتي الأحاديث الصحيحة في خروج يأجوج ومأجوج وأنهم سيخرجون في آخر الزمان بعد نزول المسيح، وأن المسيح والمؤمنين يعتصمون منهم بالطور، وأنهم يفسدون في الأرض، ثم يهلكهم الله -سبحانه وتعالى- ﴿ حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ ﴾ فقالت أم المؤمنين -رضي الله عنها- لما رأت من الرسول ما رأت وسمعت منه ما قال: « أنهلك وفينا الصالحون؟ » وإن كان الصالحون موجودين بيننا قال: « نعم إذا كثر الخبث » والمراد بالخبث الخبث المعنوي، الكفر والمعاصي والذنوب هي الخبث.
إذا كثر الخبث، أنواع الفجور، الزنا، وشرب الخمور، وأكل الربا، وما سوى ذلك من أنواع الشرور المعنوية العملية، الشرور العملية، إذا كثر الخبث، وهذا يشهد بأن الصالحين يهلكون مع من يهلك، ويعم الأمر، تنزل العقوبات عامة، فإن كان هؤلاء الصالحون قد اتقوا الله وقاموا بما يجب عليهم من الإنكار أو كانوا عاجزين، أما من كان قادرا على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولم يقم به فلا يصدق عليه اسم الصلاح، لأنه عاص من جملة العصاة.
لكن الصالحون إما أن يكونوا قائمين بما يقدرون عليه من الأمر بالمعروف ومقاومة الخبث، وإما أن يكونوا عاجزين، إما أن يكونوا قائمين بما يجب عليهم ولكن لم يستجب لهم، أو يكونوا عاجزين، فتنزل العقوبات عامة، فيهلك الصالح والطالح، ويبعث الناس على نياتهم كما ورد في مثل هذا المعنى في الجيش الذي يغزو الكعبة فيخسف بأولهم وآخرهم وفيهم من ليس منهم، فلما سئل الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: « يخسف بأولهم وآخرهم ثم يبعثون على نياتهم » فقد تأتي العقوبة عامة ويهلك فيها ما شاء الله من الصالحين، ويكون فيها تمحيص لهم ورفع لدرجاتهم.

شرح آخر
هذا حديث صحيح، دخل النبي- صلى الله عليه وسلم- ذات يوم في بيته بيت زينب، وهو يقول-صلى الله عليه وسلم-: (ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج كهذا وحلق بين إصبعيه، قالت له زينب: يا رسول الله! أنهلك وفينا الصالحون، قال: نعم، إذا كثر الخبث)، يعني إذا كثرت الشرور والمعاصي، الكثرة في الشرور والمعاصي من أسباب الهلاك، كما قال- صلى الله عليه وسلم- في الحديث الآخر: إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه، فالواجب إنكار المنكر بالفعل, فإن عجز فبالقول, فإن عجز فبالقلب, والله يقول -سبحانه وتعالى-: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ* كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ(المائدة:79) ، فالواجب على المسلمين إنكار المنكر، وعلى ولاة الأمور يجب إنكاره، وعلى الإنسان في بيته مع أهله مع زوجته مع أولاده، وعلى أهل الحسبة المعينين لهذا الأمر عليهم أن ينكروا المنكر، ولهذا يقول-جل وعلا-في كتابه العظيم: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ(التوبة: من الآية71) فإذا كثر الخبث والمعاصي صار هذا من أسباب هلاك الأمة، ولا حول ولا قوة إلا بالله، إذا لم تنكر
 
آخر تعديل:
رد: فوائد حديثية[متجدد]

السلام عليكم
بارك الله فيك ونفع بك وجعله في ميزان حسناتك

 
رد: فوائد حديثية[متجدد]

السلام عليكم
بارك الله فيك ونفع بك وجعله في ميزان حسناتك

وعليكم السلام ورحمة الله
وفيك بارك الله ولك بالمثل
 
رد: فوائد حديثية[متجدد]

شرح حديث: من كره من أميره شيئا فليصبر عليه

يقول ولهما، هذا الحديث الصحيح عن ابن عباس -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: « من رأى من أميره » من رأى: من كره، من كره من أميره شيئا، يعني من كره من أميره ورأى شيئا من معصية الله، كره منه من هو مكروه في الدين، ليست الكراهة الشخصية، من كره من أميره شيئا بأن رأى منه شيئا من معصية الله التي يجب أن يكره، ممن كانت، ممن حصلت كائنا من كان، فليصبر عليه: يعني ليصبر على ولايته، وعلى لزوم طاعته « فليصبر عليه ولا ينزعن يدا من طاعة » لا ينزع يده من طاعة الإمام ويفارقه، ويعتقد أن لا ولاية له عليه، وأنه لا يجب عليه السمع والطاعة له، فليصبر عليه.
هذا مطلوب، الصبر، يصبر حتى ولو ناله في ذاته بأذى من ضرب أو أخذ مال، فهذا ظلم منه، ظلم، ولكن هذا لا يوجب الخروج، لا يوجب المنازعة، لا يبيح الخروج ولا المنازعة ولا رفض الطاعة بالمعروف، فإنه من فارق الجماعة، فارق الجماعة، جماعة المسلمين، الجماعة المجتمعة على ذلك الوالي، الأمة جماعة، من فارق الجماعة شبرا فمات فميتة جاهلية، يموت على حال جاهلية، لأن أهل الجاهلية لا يخضعون، ولا ينقادون، ولا يسمعون، ولا يطيعون، أهل الجاهلية يعني لا يعترفون بقيادة، ولا يجتمعون على إمام وقيادة واحدة تنظم شئونهم، ولهذا كانت حياة العرب في الجاهلية حياة قبلية، يأكل قويهم ضعيفهم، فإنه يقول في الحديث: « فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات فميتة جاهلية » فميتته جاهلية: يعني ميتة جاهلية، يعني على حال أهل الجاهلية.
نعم، أعد الحديث.
ولهما عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: « من كره من أميره شيئا فليصبر عليه، فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات، فميتته جاهلية »
فليصبر عليه: يعني بلزوم طاعته بالمعروف، ولا ينازعه، وفي المنازعة خروج عن الاجتماع، وسبب للفرقة والشقاق، وحدوث النزاع في الأمة، وينشأ عن هذا ما ينشأ من الفساد.
والأحاديث في هذا المعنى مستفيضة، ولهذا كان من أصول أهل السنة، من أصولهم وجوب السمع والطاعة للأئمة، أبرارا كانوا أم فجارا، والنصيحة لهم بمحبة الخير لهم وصلاح حالهم، والدعاء لهم بصلاح الحال، وليس هذا إقرارا بفسقهم أو ظلمهم، ولا غضا للنظر عن ذلك، لكن هذا هو الواقع، هذا هو موجب النصيحة، النصيحة لأئمة المسلمين وعامتهم، حتى فساق المسلمين ألا تحب لهم صلاح الحال والهداية؟
فهذا أصل من أصول أهل السنة، من أصول منهج أهل السنة والجماعة، السمع والطاعة للأئمة أبرارا كانوا أم فجارا، وترك منازعتهم، وترك الخروج عليهم، والخروج على الأئمة هو من مذهب أهل البدع، كالخوارج والمعتزلة الذين من أصولهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا أصل من أصول الدين، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكنهم يطوون تحته الخروج على الولاة، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
فلا يجوز الخروج على الأئمة، يعني الخروج على الأئمة إن كان منافسة على السلطان فهذا شر محض، يعني شر ليس فيه جانب خير، لأنه لم يقصد به الخير، إنما قصد به الوصول إلى الأغراض إلى السلطان، إلى منافع الولاية، ولكن الكلام فيمن يخرج على الإمام بسبب إنكار المنكر، يريد رفع الظلم، يريد تولية من يكون أصلح وما أشبه ذلك، هذا هو الكلام.
فهذا الذي نقول إنه مع ما يدعى من القصد إلى إنكار المنكر ورفع الظلم، فإنه أيضا لا يجوز، لأنه يناقض قاعدة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصل من أصول الدين، وهو حق، ولكن من قواعده ألا يؤدي هذا الإنكار إلى منكر أعظم، فإذا كان المقصود من الإنكار والتغيير هو إزالة المنكر أو تقليل المنكر، فمتى أدى الإنكار إلى منكر أعظم كان الإنكار منكرا، كان الإنكار منكرا، لأنه لا يوصل إلى المقصود، ولا يحقق المصلحة، ولا يدفع المفسدة، بل يزيد الفساد، يزيد المفسدة، وقد بُليت هذه الأمة بهذا النوع من الشر بالخروج على الولاة.
ويقول ابن القيم في بعض كلام له: إن الأمة لم تزل في آثار ذلك وفي شرور من آثار ذلك، يقول إلى الآن، يريد إلى وقته، لم تزل الأمة تعاني من شرور، من آثار هذه النزاعات، النزاعات على السلطة، والخروج على الأئمة، واقرءوا التاريخ، ففيه معتبر، والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
 
رد: فوائد حديثية[متجدد]

شرح حديث :إتق الله حيثما كنت

عن أبي ذر ومعاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن) رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
غريب الحديث:
اتق الله: اتخذ وقاية وحاجزًا يمنعك ويحفظك من سخط الله وعقابه.
حيثما كنت: أي في أي زمان ومكان.
وأتبع: ألحق.
السيئة: الذنب الذي يصدر منك.
تَمْحُها: تُزِيلْها.
خالِق: أي تخلَّق وجاهد نفسك بلزوم أحسن الأخلاق في معاملة الناس.


((اتق الله حيثما كنت))؛ أي: اتقه في الخلوة كما تتقيه بحضرة الناس، واتقه في سائر الأمكنة والأزمنة، ومما يعين على التقوى استحضار أن الله تعالى مطلع على العبد في سائر أحواله؛ قال تعالى: ﴿ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ ﴾ [المجادلة: 7]، والتقوى كلمة جامعة لفعل الواجبات وترك المنهيات، قال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله: ليس تقوى الله بصيام النهار ولا بقيام الليل، والتخليط فيما بين ذلك، ولكن تقوى الله: ترك ما حرم الله تعالى، وأداء ما افترض الله، فمن رزق بعد ذلك خيرًا فهو خيرٌ إلى خير.

وقال طلق بن حبيب رحمه الله تعالى: التقوى أن تعمل بطاعة الله، على نور من الله، ترجو ثـواب الله، وأن تتـرك معصية الله، على نـور من الله، تخاف عقاب الله
.

((أتبع))؛ أي: ألحق ((السيئة)) الصادرة منك ((الحسنة)) صلاة أو صدقة أو استغفارًا أو نحو ذلك، ((تـمحها))؛ أي: تدفع الحسنةُ السيئةَ وترفعها، والمراد: يمحو الله بها آثارها من القلب، أو من ديوان الحفظة؛ وذلك لأن المرض بضده؛ فالحسناتُ يُذهِبْنَ السيئات.

((وخالق الناس))؛ أي: عاملهم وعاشرهم ((بخُلقٍ)) بسجية وطبع ((حسَنٍ))؛ أي: جميل محبوب؛ كملاطفة، وطلاقة وجه، وبذل معروف، وكف أذى، فإن فاعل ذلك يرجى له في الدنيا الفلاح، وفي الآخرة الفوز بالنجاة والنجاح.

فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا))
، ومن حديث عائشة رضي الله عنها قالت: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم))
.

الفوائد من الحديث:
1 - فيه الأمر بتقوى الله، وهي وصية الله لجميع خلقه.
2 - الحث على فعل الطاعات واجتناب المنهيات.
3 - الحسنات يذهبن السيئات.
4 - الترغيب في حسن الخلق، وبيان أنه أثقل ما يوضع في ميزان العبد المؤمن يوم القيامة.
 
رد: فوائد حديثية[متجدد]


شرح حديث :من غشنا فليس منا
شرح ألفاظ الحديث:
(صُبرة طعامٍ): صبرة بضم الصاد وإسكان الباء، قال الأزهري: الصبرة: الكومة المجموعة من الطعام.
(صاحب الطعام)؛ أي: بائع الطعام.
(أصابته السماء)؛ أي: المطر.

- من فوائد الحديث:
-الفائدة الأولى:

في الحديث دلالة على تحريم الغش، وأنه من كبائر الذنوب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من غش فليس مني)).

-الفائدة الثانية: قوله صلى الله عليه وسلم: ((فليس مني))، سبق الحديث عن معنى هذه العبارة في الحديث السابق، وأن كثيرًا من السلف لا يخوضون في تأويل مثل هذه الأحاديث؛ لتكون أزجر في قلوب الناس.

-الفائدة الثالثة: للغش أنواع عديدة، ومن أهمها:
أ. الغش في البيوع وغيرها من المعاملات، ومنه حديث الباب.
ب. الغش في النصح، والمراد به عدم الإخلاص في النصح.
ج. الغش للرعية، ومنه حديث معقل بن يسار المتفق عليه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته، إلا حرم الله عليه الجنة)).

ومن أعظم الغش: الغش في الدين، كما فعل أحبار بني إسرائيل حين كتموا الحق وأظهروا للناس الباطل، يبتغون بذلك عرَضًا من الدنيا، فضلُّوا من قبل وأضلوا كثيرًا، وضلوا عن سواء السبيل، فكتمان الحق، وخاصة في الأزمات، من الغش للأمة، إلا من لم يستطع أن يصدع به.
 
رد: فوائد حديثية[متجدد]

بارك الله فيك
 
رد: فوائد حديثية[متجدد]

شرح حديث الدنيا ملعونة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلفظ هذا الحديث في سنن الترمذي عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ألا إن الدنيا ملعونة ملعون ما فيها، إلا ذكر الله وما والاه، وعالم أو متعلم. والمقصود من الحديث أنها مبعدة عن الله والدار الآخرة لذلك ذمت.
قال في جامع العلوم والحكم: فالدنيا وكل ما فيها ملعونة، أي مبعدة عن الله؛ لأنها تشغل عنه، إلا العلم النافع الدال على الله وعلى معرفته، وطلب قربه ورضاه، وذكر الله وما والاه، مما يقرب من الله. فهذا هو المقصود من الدنيا؛ فإن الله إنما أمر عباده بأن يتقوه ويطيعوه، ولازم ذلك دوام ذكره كما قال ابن مسعود: تقوى الله حق تقواه: أن يذكر فلا ينسى، وإنما شرع الله إقام الصلاة لذكره، وكذلك الحج والطواف، وأفضل أهل العبادات أكثرهم لله ذكرا فيها. فهذا كله ليس من الدنيا المذمومة، وهو المقصود من إيجاد الدنيا وأهلها؛ كما قال تعالى: وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون.
وقال في فيض القدير: الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ما كان منها لله عز وجل. يمكن أن يكون المراد بلعنها ملاذ شهواتها، وجمع حطامها، وما زين من حب النساء والبنين، وقناطير الذهب والفضة، وحب البقاء بها. فيكون قوله: ملعونة متروكة مبعدة، متروك ما فيها، واللعن الترك، وقد يراد أنها متروكة للأنبياء والأصفياء. كما في خبر: لهم الدنيا، ولنا الآخرة. (حل والضياء) المقدسي عن جابر بن عبد الله رمز المصنف لحسنه .......
الدنيا ملعونة لأنها غرت النفوس بزهرتها ولذاتها، وإمالتها عن العبودية إلى الهوى حتى سلكت غير طريق الهدى. ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه. أي ما يحبه الله في الدنيا، والموالاة المحبة بين اثنين، وقد تكون من واحد وهو المراد هنا. يعني ملعون ما في الدنيا إلا ذكر الله وما أحبه الله مما يجري في الدنيا، وما سواه ملعون. وقال الأشرفي: المراد بما يوالي ذكر الله: طاعته واتباع أمره، وتجنب نهيه؛ لأن ذكر الله يقتضي ذلك، وعالما أو متعلما أي هي وما فيها مبعد عن الله تعالى إلا العلم النافع الدال على الله. فهذا هو المقصود منها. قوله: عالما أو متعلما بالنصب عطفا على ذكر الله ..... كأنه قيل: الدنيا مذمومة لا يحمد مما فيها إلا ذكر الله، وعالم ومتعلم، وكان حق الظاهر أن يكتفي بقوله: وما والاه؛ لاحتوائه على جميع الخيرات والفاضلات، ومستحسنات الشرع، لكنه خصص بعد التعميم دلالة على فضل العالم والمتعلم، وتفخيما لشأنهما صريحا، وإيذانا بأن جميع الناس سواهما همج. وتنبيها على أن المعنى بالعالم والمتعلم العلماء بالله، الجامعون بين العلم والعمل فيخرج الجهلاء، وعالم لم يعمل بعلمه، ومن يعمل عمل الفضول وما لا يتعلق بالدين. وفيه أن ذكر الله أفضل الأعمال، ورأس كل عبادة. والحديث من كنوز الحكم وجوامع الكلم، لدلالته بالمنطوق على جميع الخلال الحميدة، وبالمفهوم على رذائلها القبيحة.


 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top