سلسلة: هذه هي السلفيَّة فاعرفوها (العدد الرابع): الشِدَّة عند السلفيين

إنسانة ما

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
28 سبتمبر 2011
المشاركات
1,913
نقاط التفاعل
123
النقاط
79
محل الإقامة
تبسة
الجنس
أنثى
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله

حرصا منا على نشـر العقيدة السليمة عقيـدة التـوحـيد الخـالص نضع بين أيديكم هذه السلسلـة المباركة بإذن الله: التـعريـف بالـسلفية وتـصحيح المفـاهيم الخاطئة حـولها
والتـي تهـدف إلـى التـعريف بالمـنهج السـلفي وإزالـة كل الشـبهات حول السـلفية.
وهذا العدد تحديدًا فيه رد من الشيخ محمد بن ناصر الدِّين الألباني -رحمه الله- على كلِّ من يتَّهم السلفيين بالشدَّة، فنأمل أن تتم قراءته بروية.
والله المـوفق
__________________________
العـدد الرابع: الشـدة عند السلفيين

994472v9j970mrxj.gif


كان الرفق سمة بارزة وخلقاً غالباً على النبي صلى الله عليه وسلم، لكنه أحياناً كان يستعمل الشدة لما تقتضيه الحكمة في الدعوة. وفي هذه الأيام نجد من كثير من المتساهلين في دينهم وصْفَهم للسلفيين جميعاً بالشدة، ولا يخفى ما في ذلك من مجازفة وعدم إنصاف. وقد أبان الشيخ رحمه الله في هذه المادة أبعاد هذا الاتهام، موضحاً

أن الحكمة تستلزم الرفق في الدعوة إلا لما تقتضيه المصلحة الشرعية، ومركزاً على العدل والإنصاف كأساس للتربية المثالية


دعوى الشدة عند السلفيين


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

السؤال: فضيلة الشيخ! هناك سؤال في مجال الدعوة، يقول: الرفق والسماحة ولين الجانب من السنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهل توفر الرفق واستعماله واجب في الدعوة أم مستحب؟

الجواب: واجب.

السائل: السؤال له مغزى وله هدف.

الشيخ: طبعاً؛ وراء الأكمة ما وراءها.

السائل: السلفيون بشتى أصنافهم مشهورٌ عنهم -وقد يكون صحيحاً- الشدة في نشر الدعوة وقلة الرفق، فهل ترى أن هذا صحيحٌ -وهذا ما أراه أنا- وما هو تعليقك على ذلك؟

الشيخ: أولاً في كلامك ملاحظة، وهي قولك: وقد يكون صحيحاً.

السائل: قلت: فهل تراه صحيحاً.

الشيخ: أولاً: قلتَ: وقد يكون صحيحاً، أي: ما يقال عنهم من الشدة؟

السائل: معذرة.

الشيخ:
قلت هذا؟

السائل: نعم، وأرجو المعذرة.

الشيخ: فهنا الملاحظة، نحن نلفت نظر إخواننا حينما يتكلمون بمثل هذا الكلام،نقول: هذا الكلام للسياسيين، وقد لا يعنونه، لكنه: إن الكلام لفي الفؤاد وإنما جعل اللسان على الفؤاد دليلاً

فحينما يقول المتكلم في أمر ما: قد يكون كذا، فيقابله: قد لا يكون كذا، فهنا يَرِدُ على سؤالك أمران اثنان، وبعد ذلك نتابع الجواب: هل أنت متأكد من هذا الذي يقال: إن السلفيين لا لين عندهم وإنما الشدة هي نبراسهم أو هي منهجهم؟ وأنت فتحت لي باب هذا السؤال؛ لأنك قلت: وقد يكون صحيحاً!

السائل: يا شيخ! أنا قلت: معذرة من قولي: قد يكون.

الشيخ: هكذا؟

السائل: نعم.

الشيخ: إذاً نسمع الكلام الصحيح، ما هو؟

السائل: هل أعيده؟

الشيخ: لا تُعده لأنه خطأ، وإلا من ماذا تعتذر، تعيد على الوجه الصحيح بدون (قدقدة)، هل كلامي واضح؟

السائل
: نعم.

الشيخ: تفضل.

السائل: السؤال من أوله.

الشيخ:لا بأس، وهذا لك الخيار فيه.

السائل: نحن قلنا -وأنت أجبت وهذا حاصل- أن الرفق، والسماحة، ولين الجانب، واجب في الدعوة، وأنا سؤالي عن الدعوة ليس عن الأمور الشخصية أو الحياتية، كما ذكرت أنه يجب توفر اللين والرفق في الدعوة والرفق بالناس المدعوين، فالسلفيون مشهور عنهم -فيما أراه أنا- الشدة وقلة الرفق في الدعوة، فهذا رأيي أنا، فما هو رأيك؟

الشيخ: أنت منهم؟

السائل: أرجو ذلك.

الشيخ: أنت منهم، هل أنت سلفي؟

السائل: نعم.

الشيخ: إذاً: هل أنت من هؤلاء السلفيين المتشددين؟

السائل: لا أزكي نفسي، أنا أقصد سمة بارزة لهم.

الشيخ: القضية الآن ليست قضية تزكية، بل قضية بيان واقع، وقلنا: إنك الآن تثير هذا السؤال من أجل التناصح، فأنا عندما أسألك: هل أنت من هؤلاء المتشددين؟ ما يرد هنا موضوع (أنا لا أزكي نفسي)، لأنك تريد أن تبين الواقع، بمعنى أنك لو سألتني هذا السؤال لقلت لك: أنا فيما أظن لست متشدداً، وأنا لا أعني أنني أزكي نفسي؛ لأني أخبر عن واقعي، ففكر في السؤال.

السائل
:نعم -يا شيخ- وجوابي مثل جوابك.

الشيخ: إذاً: لا يصح أن نطلق أن السلفيين متشددون، والصواب أن نقول: بعضهم متشددون،فإذاً نقول: إن بعض السلفيين عنده أسلوب في الشدة، لكن تُرى هل هذه الصفة اختص بها السلفيون؟

السائل: لا.

الشيخ: إذاً: ما الفائدة وما المغزى من مثل هذا السؤال؟ ثانياً: هل اللين الذي قلنا أنه واجب، هل هو واجب دائماً وأبداً؟

السائل: لا.


994472v9j970mrxj.gif



وجود بعض صور الشدة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم


الشيخ: فإذاً أولاً: لا يجوز لك ولا لغيرك أن تصف طائفة من الناس بصفة تعممها على جميعهم. ثانياً: لا يجوز لك أن تطلق هذه الصفة على فرد من أفراد المسلمين، سواءً كان سلفياً أو خلفياً في حدود تعبيرنا، إلا في جزئية معينة، ما دمنا اتفقنا أن اللين ليس هو المشروع دائماً وأبداً، فنحن نجد الرسول صلى الله عليه وسلم قد استعمل الشدة التي لو فعلها سلفي اليوم لكان الناس ينكرون عليه أشد الإنكار. مثلاً: لعلك تعرف قصة أبي السنابل بن بعكك .
السائل: لا.
الشيخ: امرأة مات عنها زوجها وهي حامل فوضعت، وكان قد بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الحامل المتوفى عنها زوجها تنقضي عدتها بوضعها للحمل، يقول في الحديث -وهو في صحيح البخاري - أنها بعد أن وضعت تشوفت للخطاب وتجملت وتكحلت، فرآها أبو السنابل -وكان قد خطبها لنفسه فأبت عليه- فقال لها: لا يحل لك إلا بعد أن تنقضي عدة الوفاة وهي أربعة أشهر وعشرة أيام -وهي فيما يبدو أنها امرأة تهتم بدينها- فما كان منها إلا أن سارعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له ما قال لها أبو السنابل، فقال عليه السلام: (كذب أبو السنابل) هذه شدة أم لين؟
السائل: شدة.
الشيخ: شدة ممن؟ من أبي اللين: وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران:159]، إذاً ليس مبدأ اللين بقاعدة مطردة كما ذكرنا آنفاً، وإنما ينبغي على المسلم أن يضع اللين في محله والشدة في محلها. وكذلك -مثلاً- ما جاء في مسند الإمام أحمد: (لما خطب عليه الصلاة والسلام خطبة قام رجل من الصحابة وقال له: ما شاء الله وشئت يا رسول الله! قال: أجعلتني لله نداً؟! قل: ما شاء الله وحده) هذه شدة أم لين؟
السائل: أسلوب النبي صلى الله عليه وسلم.
الشيخ: هذه أنا أسميها حيدة؛ لأنك لم تجبني كما أجبتني من قبل، عندما قلت لك: إن أبا السنابل قال عليه الصلاة والسلام في حقه: (كذب أبو السنابل )، شدة أم لين؟
السائل:
هذه شدة.
الشيخ: وهذه الثانية؟
السائل: بيّن له فقط وقال: (أجعلتني لله نداً؟!).
الشيخ: هذه حيدة بارك الله فيك، أنا ما أسألك: بيّن أم لم يُبيّن؟ أنا أسألك: شدة أم لين؟ لماذا الآن اختلف منهجك في الجواب؟ من قبل ما قلتَ: بيّن له، لما قال له: كذب أبو السنابل، هو بين، ولكن هذا البيان كان بأسلوب هين لين -كما اتفقنا أنه القاعدة- أم كان فيه شدة؟ قلتها بكل صراحة: كان فيه شدة. فماذا تجيب به عن السؤال الثاني؟
السائل: السؤال الثاني لم يقل له: (كذب..)، وإنما قال له: (أجعلتني لله نداً).
الشيخ: الله أكبر! هذا أبلغ في الإنكار، بارك الله فيك، وهناك حديث آخر: (قام خطيب فقال: من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بئس الخطيب أنت) شدة أم لين؟
السائل: شدة.
الشيخ: المهم بارك الله فيك، هناك أسلوب لين، وأسلوب شدة، فالآن بعد أن اتفقنا أنه ليس هناك قاعدة مطردة باستمرار: لين دائماً أو شدة دائماً، إذاً تارة هكذا وهكذا.

994472v9j970mrxj.gif


أسباب وصف السلفيين بالشـدة

الآن: حينما يتهم السلفيون بعامة أنهم متشددون، ألا ترى أن السلفيين بالنسبة لبقية الطوائف والجماعات والأحزاب هم يهتمون بمعرفة الأحكام الشرعية وبدعوة الناس إليها أكثر من الآخرين؟

السائل: لا شك في ذلك.

الشيخ: بارك الله فيك! إذاً بسبب هذا الاهتمام الذي فاق اهتمام الآخرين من هذه الحيثية، فإن الآخرين يعتبرون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر -ولو كان مقروناً باللين- شدة،بل بعضهم يقول: هذا ليس زمانه اليوم، بل بعضهم غلا وطغى وقال: البحث في التوحيد يفرق الصفوف اليوم. فإذاً: بارك الله فيك! الذي أريد أن أصل معك إليه هو: أن القضية نسبية، فهناك إنسان ليس متحمساً للدعوة -وخاصة للدخول في الفروع التي يسمونها القشور أو أموراً ثانوية- فهو يعتبر البحث ولو كان مقروناً بالأسلوب الحسن؛ يعتبره شدة في غير محلها. ولا ينبغي وأنت سلفي -مثلنا- أن تشيع بين الناس - ولو بين هؤلاء الناس القليلين الآن- وتذكر أن السلفيين متشددون؛ لأننا اتفقنا أن بعضهم متشدد، وهذا لا يخلو حتى من الصحابة، ففيهم اللين وفيهم المتشدد، ولعلك تعرف قصة الأعرابي الذي بال في المسجد فهمَّ الصحابة بضربه، هذا لين أم شدة؟

السائل: شدة.

الشيخ: لكن قال لهم الرسول: دعوه، فإذاً قد لا يستطيع أن ينجو من الشدة إلا القليل من الناس، لكن الحق هو أن الأصل في الدعوة أن تكون على الحكمة والموعظة الحسنة، ومن الحكمة أن تضع اللين في محله والشدة في محلها. أما أن نصف خير الطوائف الإسلامية، التي امتازت على كل الطوائف بحرصها على اتباع الكتاب والسنة، وعلى ما كان عليه السلف الصالح بالشدة، هكذا على الإطلاق؟ ما أظن هذا من الإنصاف في شيء، بل هو من السرف.

أما أن يقال: فيهم من هو متشدد؛ فمن الذي يستطيع أن ينكر؟ ما دام أن من الصحابة من كان متشدداً في غير محل شدة، فأولى وأولى في الخلف من أمثالنا -خلف بالمعنى اللغوي- بأن يوجد فينا متشدد، ثم الآن نتكلم عن شخص بعينه، هب أنه هين لين، هل ينجو من استعمال الشدة في غير محلها؟

السائل: لا، أبداً.

الشيخ: فإذاً: بارك الله فيك! القضية مفروغ منها، فإذا كان الأمر كذلك فما علينا إلا أن نتناصح، فإذا رأينا إنساناً وعظ ونصح وذكّر بالشدة في غير محلها ذكرناه، فقد يكون له وجهة نظر، فإن تذكر فجزاه الله خيراً، وإن كان له وجهة نظر سمعناها منه وينتهي الأمر.

994472v9j970mrxj.gif

الحكمة في الدعوة بين اللين والشدة

السائل: كثير من السلفيين يستخدمون الشدة ولا يستخدمون اللين، فيستخدمون الشدة في غير موضعها، ولا يستخدمون الرفق في موضعه، وليسوا قليلاً، أنا أقول: كل الطوائف تفعل هذا، وأنا لا أقيس السلفيين على غيرهم من الطوائف الأخرى، فأنا لا يهمني أمر الطوائف الأخرى، بل يهمني أمر السلفيين، فكثير من السلفيين يصدون عن المنهج السلفي بأسلوب دعوتهم للناس، فأنا قصدت من السؤال أن توجه نصيحة لمن ابتلوا بالشدة وبضيق الصدر.
الشيخ: بارك الله فيك، ويحتاج إلى واحد مثلي لكي يوجه النصيحة، والسلفيون وغير السلفيين يعلمون الآية التي ذكرناها آنفاً: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل:125]، ويقرأ السلفيون أكثر من غيرهم حديث السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها: (حينما جاء ذلك اليهودي مسلِّماً على النبي صلى الله عليه وسلم لاوياً لسانه قائلاً: السام عليكم، فسمعت السيدة عائشة هذا السلام الملوي فانتفضت وراء الحجاب حتى تكاد تنفلق فلقتين -كما جاء في الحديث غضباً- فكان جوابها: وعليك السام واللعنة والغضب, يا إخوة القردة والخنازير! أما الرسول فما زاد على قوله لـه: وعليك، ولما خرج اليهودي من عند الرسول عليه الصلاة والسلام أنكر صلى الله عليه وسلم عليها وقال لها: يا عائشة! ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما كان العنف في شيء إلا شانه، قالت: يا رسول الله ألم تسمع ما قال؟ قال لها: ألم تسمعي ما قلته). فإذاً السيدة عائشة التي ربيت منذ نعومة أظفارها في بيت النبوة والرسالة، ما وسعها إلا أن تستعمل الشدة مكان اللين، فماذا نقول في غيرها؟ السلفيون لم يربوا في بيت النبوة والرسالة، بل أنا أقول الآن كلمة ربما طرقت سمعك يوماً ما من بعض الأشرطة المسجلة من لساني: إن آفة العالم الإسلامي اليوم مقابل ما يقال في الصحوة الإسلامية، هو أن هذه الصحوة لم تقترن بالتربية الإسلامية، لا يوجد تربية إسلامية اليوم، ولذلك فأنا أعتقد أن أثر هذه الصحوة العلمية سيمضي زمناً طويلاً حتى تظهر آثارها التربوية في الجيل الناشئ الآن في حدود الصحوة الإسلامية، ففيها تصرفات وعثرات، لكن هؤلاء الأفراد يعيشون تحت رحمة الله عز وجل، ومنهم القريب ومنهم البعيد، ولذلك فمن الناحية الفكرية والعلمية، سوف لا تجد من يخاصمك ويخالفك في أن الأصل في الدعوة أن تكون باللين والموعظة الحسنة، لكن المهم التطبيق، والتطبيق هذا يحتاج إلى مرشد وإلى مربي يربي تحته عشرات من طلاب العلم، وهؤلاء يتخرجون على يد هذا المربي مربين لغيرهم، وهكذا تنتشر التربية الإسلامية رويداً رويداً، بتربية هؤلاء المرشدين لمن حولهم من التلامذة، وبلا شك أن الأمر كما قال تعالى: وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ [فصلت:35] . ونسأل الله عز وجل أن يجعلنا من الأمة الوسط لا إفراط ولا تفريط.
السائل: جزاك الله خيراً يا شيخ. السؤال: أحياناً يلاقي السني ممن يقابله من أهل البدع عتواً واستكباراً، والأمر كما أمر الله عز وجل موسى باللين مع فرعون قال لـه: وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً [الإسراء:102] يوجد دكاترة في الكلية يستهزئون بنا عندما نقول لهم: قال الرسول، ويمثلون صلاة السلفيين وبعض التصرفات، فيخرج الإنسان عن طوره ويستعمل معهم الشدة، وأعجبني المثل الذي سمعته منك يا شيخ الذي يقول: (قال الحائط للوتد: لِمَ تشقني؟ قال: سل من يدقني). وكذلك في إحدى المرات كنا نناقش بعض أفراد حزب التحرير -وكما لا يخفى عليكم هدفهم هو مسألة الخلافة، ونحن -بحمد لله- هدفنا أولاً العقيدة والتوحيد- فلما بدأنا معهم في البحث العلمي من الأساس -كما تعلمنا منكم- فجاءت مسألة الأسماء والصفات، فكان أحدهم ومن كبارهم يقول: نحن ننتظر طول الليل بإصبعه ورجله! يستهزئ بصفات الله عز وجل. فماذا نقول لهذا؟
الشيخ: على كل حال، نسأل الله أن يؤتينا الحكمة وهي أن نضع كل شيء في محله.
السائل: عمر لما قال له رجل: [استغفر لأخيك، قال: لا غفر الله له] .
الشيخ: عندي أمثلة كثيرة جداً، يذكرنا الأخ أبو عبد الله بأثر عن عمر أن رجلاً قال له: [استغفر لأخيك، فقال: لا غفر الله له] ما رأيك في هذا؟ لا شك أنك لو رأيتني أقول هذه الكلمة لقلت: الشيخ متشدد، لكن هنا يكون في نفس المُنكِر الغيرة على الشريعة فتحمله أن يقسو في العبارة، بينما ذلك المتفرج لا توجد لديه هذه الغيرة التي ثارت في نفس هذا الإنسان فيخرج منه هذا الكلام. وهنا عندنا في سوريا يقولون: (شوها الشدة يا رسول الله؟) هذه لهجة سورية خاطئة، يخاطبون الرسول صلى الله عليه وسلم، وكأن الشدة صادرة منه صلى الله عليه وسلم، وهم يعنون هذا الإنسان.


994472v9j970mrxj.gif

وجوب العدل والإنصاف في تقييم الآخرين



سبحان الله! المسألة ينبغي أن تراعى جوانبها من كل النواحي، حتى الإنسان يكون حكمه عدلاً، ثم أيضاً مما يبدو لي الآن أن من أسباب إشاعة هذه التهمة -إذا صح أنها تهمة- عن السلفيين، تعرف أنت أن من كثر كلامه كثر خطؤه.
فالذين يتكلمون في المسائل الشرعية هم السلفيون، فلذلك لا بد أن يخطئوا لكثرة ما يتكلمون،فيتجلى خطؤهم، ومن هذا الخطأ الشدة عند الآخرين الذين هم لا يجولون ولا يخوضون في هذه القضايا، بينما لو نظرت هذه الشدة في عموم ما يصدر منهم من نصح على العدل وعلى الإنصاف واللين؛ لوجدنا من مثل بعض الأمثلة التي ذكرناها عن بعض السلف وأمام الرسول عليه السلام فيها شدة، ولكن هذه الشدة لا تسوغ لنا أن ننسب هؤلاء الصحابة الذين وقعوا في الشدة في جزئية معينة أنهم كانوا متشددين، وإنما قد نقع -كما قلنا- أنا وأنت وغيرك في شيء من الشدة.
السائل: كانت السمة البارزة عليه اللين والرفق، حتى وإن قال: كذب فلان، أو أجعلتني لله نداً.. وما شابهه.
الشيخ: نعم.
994472v9j970mrxj.gif

المـادة الصوتيـة:
من هنا التحميل بارك الله فيكم
وصلى اللهم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 
آخر تعديل:
[font=&quot]هل الأصل في الدعوة الرفق أم الشدة مع الأدلة ؟[font=&quot]

[/font][font=&quot]الجواب[/font][font=&quot] :
[/font][font=&quot]الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم وبعد[/font][font=&quot] :
[/font][font=&quot]فإن الأصل في الدعوة الرفق[/font][font=&quot]

[/font][font=&quot]والأدلة على هذا من القرآن[/font][font=&quot] :[/font][font=&quot]



1-[/font][font=&quot]قال تعالى : {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ }آل عمران159 [/font][font=&quot]

[/font][font=&quot]ذكر شيخنا ابن باز : أن الحكمة هي : وضع الشيء في موضعه فاللين في موضعه وهو الأصل والشدة في موضعها .قلت : وانظر قول الله تعالى : بالتي هي أحسن[/font][font=&quot] .
2- {[/font][font=&quot]ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ [/font][font=&quot]}[/font][font=&quot]النحل125 [/font][font=&quot]

3- {[/font][font=&quot]وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }العنكبوت46 [/font][font=&quot]

4- {[/font][font=&quot]فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى }طه44 [/font][font=&quot]

5- {[/font][font=&quot]مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً }الفتح29 [/font][font=&quot]
[/font][font=&quot]وأما الأدلة من السنة[/font][font=&quot] :[/font][font=&quot]


[/font][font=&quot]فقد قال صلى الله عليه وسلم[/font][font=&quot] :

6- (([/font][font=&quot]إذا أراد الله بأهل بيت خيرا أدخل عليهم الرفق[/font][font=&quot])) . [/font][font=&quot]‌رواه أحمد عن عائشة وقال الألباني: (صحيح) انظر حديث رقم: 303 في صحيح الجامع[/font][font=&quot].‌

7- (( [/font][font=&quot]إن الله رفيق يحب الرفق و يرضاه و يعين عليه ما لا يعين على العنف فإذا ركبتم هذه الدواب العجم فنزلوها منازلها فإن أجدبت الأرض فانجوا عليها فإن الأرض تطوى بالليل ما لا تطوى بالنهار و إياكم و التعريس بالطريق فإنه طريق الدواب و مأوى الحيات )). ‌رواه الطبراني عن معدان وقال الألباني[/font][font=&quot]: ([/font][font=&quot]صحيح) انظر حديث رقم: 1770 في صحيح الجامع[/font][font=&quot].‌

8-(( [/font][font=&quot]إن الله تعالى رفيق يحب الرفق و يعطي عليه ما لا يعطي على العنف[/font][font=&quot] )) [/font][font=&quot]رواه أبو داود عن عبد الله بن مغفل . ‌قال الألباني: (صحيح[/font][font=&quot]) [/font][font=&quot]انظر حديث رقم[/font][font=&quot]: 1771 [/font][font=&quot]في صحيح الجامع[/font][font=&quot].‌

9- (( [/font][font=&quot]إن الله تعالى يحب الرفق في الأمر كله)) رواه البخاري عن عائشة[/font][font=&quot] .

[/font][font=&quot]‌وعند أبي دواد رواية أخرى عنها مرفوعا : (( يا عائشة ! عليك بتقوى الله و الرفق فإن الرفق لم يكن في شيء قط إلا زانه و لا نزع من شيء قط إلا شانه [/font][font=&quot]))[/font][font=&quot]قال الألباني: (صحيح) انظر حديث رقم: 7927 في صحيح الجامع[/font][font=&quot].‌
[/font][font=&quot]وبنحوه عن أنس عند عبد ابن حميد وهو صحيح[/font][font=&quot] .

10-(( [/font][font=&quot]عليك بالرفق إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه و لا ينزع من شيء إلا شانه )). ‌رواه مسلم عن عائشة [/font][font=&quot]11-(( [/font][font=&quot]ما أعطي أهل بيت الرفق إلا نفعهم ))رواه الطبراني عن ابن عمر وقال الألباني: (صحيح) انظر حديث رقم: 5541 في صحيح الجامع[/font][font=&quot].‌

[/font][font=&quot]‌رواه الترمذي عن أبي الدرداء وقال الألباني: (صحيح) انظر حديث رقم: 6055 في صحيح الجامع[/font][font=&quot].‌
12- (( [/font][font=&quot]من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظه من الخير و من حرم حظه من الرفق فقد حرم حظه من الخير[/font][font=&quot]))

13-(( [/font][font=&quot]من يحرم الرفق يحرم الخير كله ))رواه مسلم عن جرير . ‌وقال الألباني: (صحيح) انظر حديث رقم: 6606 في صحيح الجامع[/font][font=&quot].‌

[/font][font=&quot]وعند مسلم رواية أخرى عنها قال صلى الله عليه وسلم : ((يا عائشة ! إن الله رفيق يحب الرفق و يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف و ما لا يعطي على ما سواه )) . ‌رواه مسلم عن عائشة[/font][font=&quot].
14- (( [/font][font=&quot]يا عائشة ! إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله )) ‌متفق عليه عن عائشة[/font][font=&quot] .

:([/font][font=&quot]صحيح) انظر حديث رقم: 4042 في صحيح الجامع.‌وفي رواية في الصحيح مهلا ياعائشة ... الحديث [/font][font=&quot]

15- (( [/font][font=&quot]عليك بالرفق و إياك و العنف و الفحش ))رواه البخاري في الأدب المفرد عن عائشة وقال الألباني [/font][font=&quot]16- (( [/font][font=&quot]إن الله لم يبعثني معنتا و لا متعنتا و لكن بعثني معلما ميسرا )) ‌رواه مسلم عن عائشة [/font][font=&quot]

17-[/font][font=&quot]عَنْ عَمْرٍو . سَمِعَهُ مِنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ بَعَثَهُ وَمُعَاذاً إلَى الْيَمَنِ فَقَالَ لَهُمَا: «بَشِّرَا وَيَسِّرَا[/font][font=&quot]. [/font][font=&quot]وعَلِّمَا وَلاَ تُنَفِّرَا » وَأُرَاهُ قَالَ: «وَتَطَاوَعَا» قَالَ فَلَمَّا وَلَّى رَجَعَ أَبُو مُوسَى فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ إِنَّ لَهُمْ شَرَاباً مِنَ الْعَسَلِ يُطْبَخُ حَتَّى يَعْقِدَ. وَالْمِزْرُ يُصْنَعُ مِنَ الشَّعِيرِ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم[/font][font=&quot]: «[/font][font=&quot]كُلُّ مَا أَسْكَرَ عَنِ الصَّلاَةِ فَهُوَ حَرَامٌ»رواه مسلم وفي وراية[/font][font=&quot] : (([/font][font=&quot]ولاتختلفا[/font][font=&quot] ))

[/font][font=&quot]وبوب له ابن حبان فقال : ذِكْرُ البيانِ بأنَّ المرءَ إذا كان هيناً لَيِّناً قَريباً سَهْلا قد يُرجى له النجاةُ مِن النَّارِ بها[/font][font=&quot] .
18-[/font][font=&quot]عن سعيد ـ يعني ابن عبد الرحمن الجمحي ـ عن موسى بن عقبة عن الأودي عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «حرم على النار كل هين لين سهل قريب من الناس»رواه أحمد والترمذي وفيه الجمحي صدوق له أوهام وتابعه هشام بن عروة عن موسى به عند ابن حبان وسنده صحيح وله مايشهد له والحمد لله رب العالمين[/font][font=&quot] .

19- (([/font][font=&quot]إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق )) رواه أحمد عن أنس . ‌وقال الألباني: (حسن) انظر حديث رقم: 2246 في صحيح الجامع[/font][font=&quot].‌

20-(( [/font][font=&quot]إن الدين يسر و لا يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا و قاربوا و أبشروا و استعينوا بالغدوة و الروحة و شيء من الدلجة ))رواه البخاري عن أبي هريرة [/font][font=&quot]

21- (( [/font][font=&quot]الدين يسر و لن يغالب الدين أحد إلا غلبه )) رواه البيهقي عن أبي هريرة . ‌وقال الألباني: (صحيح) انظر حديث رقم: 3420 في صحيح الجامع[/font][font=&quot].‌
*
[/font][font=&quot]وأما الشدة فعارضة وتكون في موضعها كأن يكون التنبيه على أمر عقدي أو أمر يتعلق بالحدود ونحوها والله أعلم[/font][font=&quot] :
[/font]
[font=&quot]أما الأدلة على هذا -فمن القرآن[/font][font=&quot] : [/font][font=&quot]


[/font][font=&quot]قال تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ }التوبة73 [/font][font=&quot]
[/font][font=&quot]وفي : التحريم9[/font][font=&quot]
2-[/font][font=&quot]من السنة[/font][font=&quot] : [/font][font=&quot]


1-[/font][font=&quot]من طريق : الزُّهريِّ عن سِنَانِ بنِ أبي سِنَانٍ عن أبي وَاقِدٍ الَّليْثِيِّ ،: «أَنَّ رَسُولَ الله لَمَّا خَرَجَ إِلَى حُنَيْنٍ مَرَّ بَشَجَرَةٍ لِلْمُشْرِكِينَ يُقَالُ لَها ذَاتُ أَنْوَاطٍ يُعَلِّقُونَ عَلَيْهَا أَسْلِحَتَهُمْ، فقالوا : يا رسولَ الله اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ، فقال النبيُّ[/font][font=&quot]: [/font][font=&quot]سُبْحَانَ الله، هَذَا كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ، وَالّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَرْكَبُنَّ سُنَّةَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ» .قال أبو عِيسَى: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.وأبو وَاقِدٍ الليْثيُّ اسمُه الحارثُ بنُ عَوْفٍ.وفي البابِ عن أبي سَعِيدٍ وأبي هُرَيْرَةَ[/font][font=&quot].

2-[/font][font=&quot]وعند أبي دواد :من طريق زُهَيْرٌ عن عُبَيْدِالله بنِ عُمَرَ عن نَافِعٍ عن ابنِ عُمَرَ عن عُمَرَ بنِ الْخَطّابِ : "أنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أدْرَكَهُ وَهُوَ في رَكْبٍ وَهُوَ يَحْلِفُ بِأبِيهِ فقالَ: إنّ الله يَنْهَاكُم أنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُم، فَمَنْ كَانَ حَالِفاً فَلْيَحْلِفْ بالله أوْ لِيَسْكُتْ".وسنده صحيح [/font][font=&quot]


3-[/font][font=&quot]وفي صحيح مسلم : من طريق سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ تَميمِ بْنِ طَرَفَةَ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ ، أَنَّ رَجُلاً خَطَبَ عِنْدَ النَّبِيِّ فَقَالَ: مَنْ يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشِدَ. وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَقَدْ غَوَى[/font][font=&quot]. [/font][font=&quot]فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: «بِئْسَ الْخَطِيبُ أَنْتَ[/font][font=&quot]. [/font][font=&quot]قُلْ: وَمَنْ يَعْصِ الله وَرَسُولَهُ». قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: فَقَدْ غَوِيَ[/font][font=&quot]. 4-[/font][font=&quot]وعند مسلم من طريق :ِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ وَ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَـنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ، قَالَ[/font][font=&quot]: [/font][font=&quot]اقْتَتَلَتِ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ[/font][font=&quot]. [/font][font=&quot]فَرَمَتْ إحْدَاهُمَا الأُخْرَى بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا، وَمَا فِي بَطْنِهَا، فَاخْتَصَمُوا إلَى رَسُولِ اللّهِ، فَقَضَى رَسُولُ اللّهِ أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةٌ: عَبْدٌ أَوْ وَلِيدَةٌ، وَقَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا، وَوَرَّثَهَا وَلَدَهَا وَمَنْ مَعَهُمْ، فَقَالَ حَمَلُ بْنُ النَّابِغَةِ الْهُذَلِيُّ: يَا رَسُولَ اللّهِ كَيْفَ أَغْرَمُ مَنْ لاَ شَرِبَ وَلاَ أَكَلَ، وَلاَ نَطَقَ وَلاَ اسْتَهَلَّ؟ فَمِثْلُ ذلِكَ يطَلُّ، فَقَالَ رَسُولُ الله «إِنَّمَا هذَا مِنْ إخْوَانِ الْكُهَّانِ » مِنْ أَجْلِ سَجْعِهِ الَّذِي سَجَعَ[/font][font=&quot].

5-[/font][font=&quot]وفي المسند من طريق : الحسن عن عتي عن أبي بن كعب قال[/font][font=&quot]: [/font][font=&quot]رأيت رجلاً تعزى عند أبي بعزاء الجاهلية ، افتخر بأبيه فأعضه بأبيه، ولم يكنه ثم قال لهم[/font][font=&quot]: [/font][font=&quot]أما إني قد أرى الذي في أنفسكم، إني لا أستطيع إلا ذلك، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: «من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه ولا تكنوا».وفي رواية:"عَنْ عُتَيٍّ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ[/font][font=&quot]: [/font][font=&quot]رَأَيْتُ رَجُلاً تَعَزَّى عِنْدَ أُبَيٍّ، بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ ، افْتَخَرَ بِأَبِيهِ، فَأَعَضَّهُ بِأَبِيهِ، وَلَمْ يَكْنِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ[/font][font=&quot]: [/font][font=&quot]أَمَا إِنِّي قَدْ أَرَى الَّذِي فِي أَنْفُسِكُمْ، إِنِّي لاَ أَسْتَطِيعُ إِلاَّ ذَلِكَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ[/font][font=&quot]: [/font][font=&quot]مَنْ تَعَزَّى بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَعِضُّوهُ وَلاَ تَكْنُوا[/font][font=&quot]".
(*) [/font][font=&quot]وفي رواية: "عَنْ عُتَيٍّ، أَنَّ رَجُلاً تَعَزَّى بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، قَالَ أُبَيٌّ: كُنَّا نُؤْمَرُ، إِذَا الرَّجُلُ تَعَزَّى بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَعِضُّوهُ بِهَنِ أَبِيهِ، وَلاَ تَكْنُوا .وقال الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم: 567 في صحيح الجامع[/font][font=&quot].‌


6-[/font][font=&quot]وفي الصحيحين من طريق :ِ ابْنِ عْيَيْنَةَ وَاللَّفْظُ لِزُهَيْرٍ قَالَ[/font][font=&quot]: [/font][font=&quot]حَدَّثَنَا سُفْيَانُ وَهُو ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ[/font][font=&quot] . [/font][font=&quot]سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ ، يَقُولُ[/font][font=&quot]: [/font][font=&quot]حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ أَنَّ رَجُلاً اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ[/font][font=&quot] . [/font][font=&quot]فَقَالَ: «ائْذَنُوا لَهُ[/font][font=&quot]. [/font][font=&quot]فَلَبِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ، أَوْ بِئْسَ رَجُلُ الْعَشِيرَةِ» فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ أَلاَنَ لَهُ الْقَوْلَ[/font][font=&quot]. [/font][font=&quot]قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ[/font][font=&quot]: [/font][font=&quot]يَا رَسُولَ اللّهِ قُلْتَ لَهُ الَّذِي قُلْتَ. ثُمَّ أَلَنْتَ لَهُ الْقَوْلَ؟ قَالَ «يَا عَائِشَةُ إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، مَنْ وَدَعَهُ، أَوْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ فُحْشِهِ».واللفظ لمسلم [/font][font=&quot]
[/font][font=&quot]وثبت عن الصحابة أيضا ومنه[/font][font=&quot] :[/font][font=&quot]

1-[/font][font=&quot]مارواه البخاري من طريق :الزهريِّ قال عُروةُ سألتُ عائشةَ رضيَ اللّهُ عنها فقلتُ لها: أرأيتِ قولَ اللّهِ تعالى {إنَّ الصَّفا والمَروةَ مِن شَعائرِ اللّهِ، فمن حجَّ البيتَ أو اعتمرَ فلا جُناحَ عليهِ أن يَطَّوَّفَ بهما} (البقرة: 158) فواللّهِ ما على أحدٍ جُنَاح أن لايَطوفَ بالصَّفا والمروةِ. قالت: بئسَ ما قُلْتَ ياابنَ أُختي ، إنَّ هذه لو كانت كما أوَّلتَها عليهِ كانت لاجُناحَ عليهِ أن لايَتطوَّفَ بهما [/font][font=&quot]

2-[/font][font=&quot]وروى أيضا من طريق : ابن عَونٍ عن موسى بنِ أنسٍ قال[/font][font=&quot]: [/font][font=&quot]وذَكَر يومَ اليمامةِ قال: «أتى أنسُ بنُ مالكٍ ثابتَ بنَ قيسٍ وقد حَسَرَ عن فَخِذَيهِ وهو يَتحنُطُ فقال: يا عمِّ ما يَحبِسُكَ أن لا تَجيءَ؟ قال: الآنَ يا ابن أخي، وجَعلَ يَتَحنَّطُ، يعني من الحَنوط، ثمَّ جاء فجلس، فذكرَ في الحديث انكِشافاً منَ الناسِ فقال: هكذا عن وَجوهِنا حتى نُضارِبَ القَومَ، ما هكذا كنّا نفعلُ مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلّم، بِئسَ ما عوَّدْتم أقرانَكم» رواه حمّادٌ، عن ثابتٍ، عن أنس[/font][font=&quot].

3-[/font][font=&quot]وفي صحيح مسلم من طريق : عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ ، قَالَ: دَعَانَا عَرُوسٌ بِالْمَدِينَةِ[/font][font=&quot]. [/font][font=&quot]فَقَرَّبَ إِلَيْنَا ثَلاَثَةَ عَشْرَ ضَبًّا. فَآكِلٌ وَتَارِكٌ[/font][font=&quot]. [/font][font=&quot]فَلَقِيتُ ابْنَ عَبَّاسٍ مِنَ الْغَدِ. فَأَخْبَرْتُهُ[/font][font=&quot]. [/font][font=&quot]فَأَكْثَرَ الْقَوْمُ حَوْلَهُ. حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ «لاَ آكُلُهُ، وَلاَ أَنْهَى عَنْهُ، وَلاَ أُحَرِّمُهُ». فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بِئْسَ مَا قُلْتُمْ. مَا بُعِثَ نَبِيُّ اللّهِ إِلاَّ مُحِلاًّ وَمُحَرِّماً. إِنَّ رَسُولَ اللّهِ، بَيْنمَا هُوَ عِنْدَ مَيْمُونَةَ، وَعِنْدَهُ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ وَخَالِدُ بنُ الْوَلِيدِ وَامْرَأَةٌ أُخْرَى. إِذْ قُرِّبَ إِلَيْهِمْ خِوَانٌ عَلَيْهِ لَحْمٌ. فَلَمَّا أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَأْكُلَ قَالَتْ لَهُ مَيْمُونَةُ: إنَّهُ لَحْمُ ضَبَ. فَكَفَّ يَدَهُ. وَقَالَ: «هذَا لَحْمٌ لَمْ آكُلْهُ قَطُّ[/font][font=&quot]». [/font][font=&quot]وَقَالَ لَهُمْ: «كُلُوا» فَأَكَلَ مِنْهُ الْفَضْلُ وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَالْمَرْأَةُ. وَقَالَتْ مَيْمُونَةُ: لاَ آكُلُ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ شَيْءٌ يَأْكُلُ مِنْهُ رَسُولُ اللّهِ[/font][font=&quot] .

4-[/font][font=&quot]وفي الصحيح من حديث كعب الطويل وفيه قال كعب : وَلَمْ يَذْكُرْنِي رَسُولُ اللّهِ حَتَّى بَلَغَ تَبُوك فَقَالَ، وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْقَوْمِ بِتَبُوكَ: «مَا فَعَلَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ؟» قَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ: يَا رَسُولَ اللّهِ حَبَسَهُ بُرْدَاهُ وَالنَّظَرُ فِي عِطْفَيْهِ. فَقَالَ لَهُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: بِئْسَ مَا قُلْتَ[/font][font=&quot]. [/font][font=&quot]وَاللّهِ يَا رَسُولَ اللّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ إلاَّ خَيْراً[/font][font=&quot]. [/font][font=&quot]فَسَكَتَ رَسُولُ اللّهِ . فَبَيْنَمَا هُوَ عَلَى ذلِكَ رَأَى رَجُلاً مُبَيِّضاً يَزُولُ بِهِ السَّرَابُ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: «كُنْ أَبَا خَيْثَمَةَ»، فَإِذَا هُوَ أَبُو خَيْثَمَةَ الأَنْصَارِيُّ. وَهُوَ الَّذِي تَصَدَّقَ بِصَاعِ التَّمْرِ حِينَ لَمَزَهُ الْمُنَافِقُونَ[/font][font=&quot].
[/font][font=&quot]قال ابن أبي الدنيا : (فالآمر بالمعروف والناهي عن المنكر يجب أن يكون هكذا في حق نفسه، ولا يكون عمله صالحاً إن لم يكن بعلم وفقه، وكما قال عمر بن عبد العزيز: من عبدالله بغير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح، وكما في حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه: ((العلم إمام العمل والعمل تابعه)). وهذا ظاهر فإن القصد والعمل إن لم يكن بعلم كان جهلاً وضلالاً و اتباعاً للهوى كما تقدم، وهذا هو الفرق بين أهل الجاهلية و أهل الإسلام، فلابد من العلم بالمعروف والمنكر والتمييز بينهما. ولا بد من العلم بحال المأمور والمنهي، ومن الصلاح أن يأتي بالأمر والنهي بالصراط المستقيم، وهو أقرب الطرق إلى حصول المقصود[/font][font=&quot].

[/font][font=&quot]ولابد في ذلك من الرفق كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما كان الرفق في شيء إلا زانه، ولا كان العنف في شيء إلا شانه)). وقال: ((إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله، ويعطي عليه مالا يعطي على العنف)). ولابد أيضاً أن يكون حليماً صبوراً على الأذى: فإنه لابد أن يحصل أذى، فإن لم يحلم ويصبر كان ما يفسد أكثر مما يصلح: كما قال لقمان لابنه: {وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} [لقمان: من الآية17[/font][font=&quot]].

[/font][font=&quot]ولهذا أمر الله الرسل – وهم أئمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر – بالصبر كقوله لخاتم الرسل، بل ذلك مقرون بتبليغ الرسالة، فإنه أول ما أرسل أنزلت عليه سورة: ((يا أيها المدثر)) بعد أن أنزلت عليه سورة: ((اقرأ)). التي به نُبئ فقال: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ [اية]1]قُمْ فَأَنذِرْ [/font][font=&quot][[/font][font=&quot]اية]2]وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ [اية]3]وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ [/font][font=&quot][[/font][font=&quot]اية]4]وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ [اية]5]وَلا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ [/font][font=&quot][[/font][font=&quot]اية]6]وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ [اية]7]} [المدثر:1-7]فافتتح آيات الإرسال إلى الخلق بالأمر بالنذارة، وختمها بالأمر بالصبر، ونفس الإنذار أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، فعلم أنه يجب بعد ذلك الصبر وقال: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} [الطور: من الآية48]وقال تعالى[/font][font=&quot]: {[/font][font=&quot]وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً[/font][font=&quot]} [[/font][font=&quot]المزمل:10]. [اية] فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف: من الآية35]. [اية] فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوت} [القلم: من الآية48} [وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلا بِاللَّهِ} [النحل: من الآية127} [وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [هود:115].كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر [/font][font=&quot]

[/font][font=&quot]قال ابن حزم : (إياك وموافقة الجليس السيء، ومساعدة أهل زمانك فيما يضرك في أخراك أو في دنياك وإن قل، فإنك لا تستفيد بذلك إلا الندامة حيث لا ينفعك الندم، ولن يحمدك من ساعدته، بل يشمت بك. وأقل ما في ذلك وهو المضمون أنه لا يبالي بسوء عاقبتك وفساد مغبتك[/font][font=&quot].

[/font][font=&quot]وإياك ومخالفة الجليس، ومعارضة أهل زمانك فيما لا يضرك في دنياك ولا في أخراك. وإن قل، فإنك تستفيد بذلك الأذى والمنافرة والعداوة، وربما أدى ذلك إلى المطالبة والضرر العظيم دون منفعة أصلاً[/font][font=&quot].

[/font][font=&quot]إن لم يكن بد من إغضاب الناس، أو إغضاب الله عز وجل ولم يكن لك مندوحة عن منافرة الخلق أو منافرة الحق، فاغضب الناس ونافرهم، ولا تغضب ربك ولا تنافر الحق[/font][font=&quot].
[/font][font=&quot]الاتساء بالنبي صلى الله عليه وسلم في وعظ أهل الجهل والمعاصي والرذائل واجب، فمن وعظ بالجفاء والاكفهرار فقد أخطأ، وتعدى طريقته صلى الله عليه وسلم وصار في أكثر الأمر مغرياً للموعوظ بالتمادي على أمره لجاجاً وحرداً ومغايظة للواعظ الجافي فيكون في وعظه مسيئاً لا محسناً، ومن وعظ ببشر وتبسم ولين وكأنه مشير برأي، ومخبر عن غير الموعوظ بما يستفتح من الموعوظ، فذلك أبلغ وأنجع في الموعظة. فإن لم يتقبل فلينتقل إلى الموعظة بالتحشيم وفي الخلاء، فإن لم يقبل ففي حضرة من يستحي منه الموعوظ، فهذا أدب الله في أمره بالقول واللين. وكان صلى الله عليه وسلم لا يواجه بالموعظة لكن كان يقول[/font][font=&quot]: [/font][font=&quot]ما بال أقوام يفعلون كذا، وقد أثنى عليه الصلاة والسلام على الرفق ، وأمر بالتيسير، ونهى عن التنفير. وكان يتخول بالموعظة خوف الملل، وقال تعالى[/font][font=&quot]: " [/font][font=&quot]ولو كنت فظاً غليظ القلب لا نفضوا من حولك[/font][font=&quot] " .

[/font][font=&quot]وأما الغلطة والشدة، فإنما تجب في حد من حدود الله تعالى، فلا لين في ذلك للقادر على إقامة الحد خاصة. ومما ينجع في الوعظ أيضاً، الثناء بحضرة المسيء على من فعل خلاف فعله، فهذا داعية إلى عمل الخير. وما أعلم لحب المدح فضلاً هذا وحده، وهو أن يقتدي به من يسمع الثناء. ولهذا يجب أن تؤرخ الفضائل والرذائل، لينفر سامعها عن القبيح المأثور عن غيره، ويرغب في الحسن المنقول عمن تقدمه، ويتعظ بما سلف) الأخلاق والسير[/font][font=&quot] .

[/font][font=&quot]وقال ابن القيم رحمه الله في كتاب الصلاة : (قالوا: وقد ذم رسول اللـه صلى الله عليه وسلم الخوارج لشدة تنطعهم في الدين، وتشددهم في العبادة، بقولـه[/font][font=&quot]: «[/font][font=&quot]يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم». ومدح الرفق وأهلـه، وأخبر عن محبة اللـه لـه، وأنه يعطي عليه ما لا يعطي على العنف، وقال: «لن يُشادَّ الدينَ أحدٌ إلاّ غلبه». وقال: «إن هذا الدين متين، فأوغلوا فيه برفق. فالدين كلـه الاقتصاد في السبيل والسنة، واللـه تعالى يحب ما داوم عليه العبد من الأعمال دون المتجاوزة في الطول[/font][font=&quot].)

[/font][font=&quot]وقال تميم بن أبيّ بن مقبل[/font][font=&quot]:

*[/font][font=&quot]خليليّ لا تستعجلا وانظرا غدا ** عسى أن يكون الرّفق في الأمر أرشدا[/font][font=&quot]* [/font][font=&quot]

" [/font][font=&quot]التمثيل والمحاضرة[/font][font=&quot]"

[/font][font=&quot]وقال ابن باز رحمه الله : في الحديث الصحيح : ((من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان)) خرجه الإمام مسلم في صحيحه . فبين صلى الله عليه وسلم مراتب الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر الثلاث[/font][font=&quot] :

- [/font][font=&quot]المرتبة الأولى : الإنكار باليد مع القدرة ، وذلك بإراقة أواني الخمر ، وكسر آلات اللهو ، ومنع من أراد الشر بالناس وظلمهم من تنفيذ مراده إن استطاع ذلك كالسلطان ونحوه من أهل القدرة ، وكإلزام الناس بالصلاة ، وبحكم الله الواجب اتباعه ممن يقدر على ذلك ، إلى غير هذا مما أوجب الله . وهكذا المؤمن مع أهله وولده ، يلزمهم بأمر الله ويمنعهم مما حرم الله باليد إذا لم ينفع فيهم الكلام[/font][font=&quot] .
[/font][font=&quot]وهكذا من له ولاية من أمر أو محتسب ، أو شيخ قبيلة أو غيرهم ممن له ولاية من جهة ولي الأمر ، أو من جهة جماعته ، حيث ولوه عليهم ، عند فقد الولاية العامة يقوم بهذا الواجب حسب طاقته ، فإن عجز انتقل إلى : المرتبة الثانية[/font][font=&quot] : [/font][font=&quot]وهي اللسان ، يأمرهم باللسان وينهاهم كأن يقول : يا قوم اتقوا الله ، يا إخواني اتقوا الله ، صلوا وأدوا الزكاة ، اتركوا هذا المنكر ، افعلوا كذا ، دعوا ما حرم الله ، بروا والديكم ، صلوا أرحامكم ، إلى غير هذا ، يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر باللسان ، ويعظهم ويذكرهم ، ويتحرى الأشياء التي يفعلونها ، حتى ينبههم عليها ، ويعاملهم بالأسلوب الحسن ، مع الرفق ، يقول عليه الصلاة والسلام : ((إن الله يحب الرفق في الأمر كله)) ويقول صلى الله عليه وسلم : ((إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه)) وجاء جماعة من اليهود ، فدخلوا عليه صلى الله عليه وسلم فقالوا [/font][font=&quot]: [/font][font=&quot]السام عليك يا محمد ، يعنون الموت ، وليس مرادهم السلام . . فسمعتهم عائشة رضي الله عنها ، فقالت : ( عليكم السام واللعنة[/font][font=&quot] ) .

[/font][font=&quot]وفي لفظ آخر : ( ولعنكم الله ، وغضب عليكم ) ، فقال صلى الله عليه وسلم[/font][font=&quot] : (([/font][font=&quot]مهلا يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله)) قالت (ألم تسمع ما قالوا) ؟ قال ((ألم تسمعي ما قلت لهم؟ قلت لهم وعليكم فإنه يستجاب لنا فيهم ولا يستجاب لهم فينا)) هذا وهم يهود رفق بهم صلى الله عليه وسلم ، لعلهم يهتدون ، ولعلهم ينقادون للحق ، ولعلهم يستجيبون لداعي الإيمان[/font][font=&quot] . [/font][font=&quot]فهكذا الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر الموفق ، يتحرى الرفق والعبارات المناسبة ، والألفاظ الطيبة عندما يمر على من قصر في ذلك ، في المجلس أو في الطريق أو في أي مكان يدعوهم بالرفق والكلام الطيب ، حتى ولو جادلوه في شيء خفي عليهم ، أو كابروا فيه يجادلهم بالتي هي أحسن ، كما قال سبحانه[/font][font=&quot] : {[/font][font=&quot]ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[12] وقال سبحانه : {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[13] من هم أهل الكتاب؟ . هم اليهود والنصارى ، وهم كفار ، ومع ذلك يقول الله عنهم[/font][font=&quot] : {[/font][font=&quot]وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ}[14] والمعنى أن من ظلم منهم وتعدى وأساء الكلام فإنه ينتقل معه إلى علاج آخر غير الجدال بالتي هي أحسن ، كما قال تعالى : {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}[15] الآية وقال سبحانه[/font][font=&quot] : {[/font][font=&quot]فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}[16] الآية . لكن ما دام المقام مقام تعليم ودعوة وإيضاح للحق ، فإنه يكون بالتي هي أحسن لأن هذا أقرب إلى الخير ، قال سفيان الثوري رحمه الله : ينبغي للآمر والناهي أن يكون رفيقا فيما يأمر به ، رفيقا فيما ينهى عنه ، عدلا فيما يأمر به ، عدلا فيما ينهي عنه ، عالما بما يأمر به ، عالما بما ينهى عنه[/font][font=&quot] .
[/font][font=&quot]وهذا معنى كلام السلف رحمهم الله ، تحري الرفق مع العلم والحلم والبصيرة ، لا يأمر ولا ينهى إلا عن علم ، لا عن جهل . ويكون مع ذلك رفيقا عاملا بما يدعوه إليه تاركا ما ينهى عنه ، حتى يقتدى به[/font][font=&quot] .)


[/font][font=&quot]وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر [/font][font=&quot]


[/font][font=&quot]والله الموفق [/font][font=&quot]

[/font][font=&quot]المقال منقول من موقع مكتبة المسجد النبوي و هو للشيخ عبد الله الغامدي[/font][font=&quot].[/font]
[/font]​
 
آخر تعديل:
[font=&quot]هل الأصل في الدعوة الرفق أم الشدة مع الأدلة ؟[font=&quot]
[/font][font=&quot][/font]
[/font]​

بارك الله فيكم على الإضافة الطيِّبة
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top