لنتعلَّم معًـا عقيدة التوحيد (2): التوحيد وأقسامـه

إنسانة ما

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
28 سبتمبر 2011
المشاركات
1,913
نقاط التفاعل
123
النقاط
79
محل الإقامة
تبسة
الجنس
أنثى
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله

مستمرين معكم بفضل الله مِنته مع هذه السلسلة الطيِّبة: سلسلة تعلم عقيدة التوحيد.

~*~*~

1- تعريف التوحيد:
* لغـة: مشتق من وحَّد الشيء، أي جعلـه واحِـدًا.
* شرعًا: إفراد الله -سبحانه وتعالى- بما يختص بـه من الربوبيَّـة والألوهيَّـة والأسماء والصِفـات.

2- أنواع التوحيد وأقسامـه:


التوحيد نوعـان: توحيد في المعرفـة والإثبات، وهو توحيد الربوبيَّـة والأسمـاء والصفات، وتوحيد الطلب والقصد، وهو توحيد الإلهيَّـة والعبادة.


قال بن القيِّم -رحمه الله-: (أمـا التوحيد الـذي دعتْ إليـه الرُسـل ونزلت بـه الكُتُبْ فهو نوعـان: توحيد في المعرفة والإثبات، وتوحيد في الطلب والقصد. فالأول هو إثبات حقيقـة ذات الـرب تعالى، وصفاته وأفعالـه وأسماءه وتكلُّمـه بكُتُبِـه، وتكليمـه لمن شاء من عباده، وإثبات عموم قضاءه وقدره وحكمته. وقد أفصح القرآن عن هذا النوع جد الإفصاح، كما في أول سورة الحديد، وسورة طه، وآخر الحشر، وأول تنزيل السجدة وأول آل عِمران وسورة الإخلاص بكاملها وغير ذلك. وقد قسّم أهل العلم هذا النوع إلى قسمين سنأتي على ذكرهما لاحقا.

والنـوع الثاني: ما تضمنته سورة قل يا أيها الكافرون، وغالب سور القرآن، بل كل سور القرآن متضمنـة لنوعي التوحيد شاهدة بـه داعيـة إليـه). اهـ
ومن خلال ما سبق ذكره نفهم أن التوحيد ثلاثـة أقسام، كما قال أهل العلم: توحيد الربوبيـة، توحيد الإلهيـة وتوحيد الأسماء والصفات.

أ- القسم الأول: توحيد الربوبيـة:

هو إفراد الله -عزّ وجل- بالخلق والملك والتدبير.

* فإفراده بالخلق: أن يعتقد الإنسان أنـه لا خالق إلّا الله. قال تعالى: (ألا لـه الخلق والأمـر)، فهذه الجملـة تُفيـد الحصر لتقديم الخبر، وقال تعالى: (هل من خالـق غير الله يرزقكم من السمـاء والأرض)، فهذه الآيـة تُفيد اختصاص الخلق بالله.
أمّـا ما ورد من إثبات خالق غير الله، كقولـه تعالى: (فتبارك الله أحسن الخالقين) وكقولـه -صلى الله عليه وسلم-: (يُقال لهم: أحيوا ما خلقتم). متفق عليه.
فهذا ليس خلقًا حقيقيًا، وليس إيجادًا من عدم، بل هو تحويل للشيء من حال إلى حال، وأيضا ليس شاملًا بل محصور بما يتمكن الإنسان منه، ومحصور بدائرة ضيِّقـة، فلا يُنافي قولنا: إفراد الله بالخلق.

* وأمّا إفراد الله بالملك: فأن يعتقد أنه لا يملك الخلق إلّا خالقهم، كما قال تعالى: (ولله ملك السموات والأرض)، وقال تعالى: (قل من بيده ملكوت كل شيء).
وأما ما ورد من إثبات الملكية لغير الله، كقوله تعالى: (إلّا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين)؛ فهو ملك محدد لا يشمل إلّا شيئًا يسيرًا من هذه المخلوقات، فالإنسان لا يملك ما تحت يده، ولا يملك ما تحت يد غيره، وكذا هو ملك قاصر من حيث الوصف، فالإنسان لا يملك ما عنده تمام الملك، ولهذا لا يتصرّف فيه إلّا على حساب ما أذن لـه فيه شرعًا، فمثلًا: لو أراد أن يحرق مالـه، أو يُعذِّب حيوانـه، قلنا: لا يجوز، أمّا -سبحانـه- فهو يملك ذلك كلّـه ملكًا عامًا شاملًا.

* وأمّاإفراد الله بالتدبير: فهو أن يعتقد الإنسان أنه لا مدبر إلّا الله وحده؛ كما قال تعالى: (قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يُخرج الحيَّ من الميِّت ويُخرج الميِّت من الحيّ ومن يُدبِّر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون (31) فذلكم الله ربُّكم الحق فماذا بعد الحق إلّا الضلال فأنى تُصرفون).

وأمّـا تدبير الإنسان؛ فمحصور بما تحت يده، ومحصور بما أذن له فيه شرعًا.
وهذا القسم من التوحيد لم يُعارض فيه المشركون الذين بُعث فيهم الرسول -صلى الله عليه وسلم-، بل كانوا مُقرِّين بـه، قال تعالى: (ولئِن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولنّ خلقهنّ العزيـز العليم). فهم يُقرُّون بأن الله هو الـذي يُدبِّر الأمـر، وهو الـذي بيده ملكوت السموات والأرض. ولم يثنكره أحد معلوم من بني آدم، فلم يقل أحد من المخلوقين: إن للعالم خالقين متساويين. فلم يجحد أحد توحيد الربوبيّـة، لا على سبيل التعطيل ولا على سبيل التشريك، إلّا ما حصل من فرعون؛ فإنـه أنكره على سبيل التعطيل مكابرة؛ فإنـه عطَّل الله من ربوبيَّتـه وأنكر وجوده.
وأنكر توحيد الربوبية على سبيل التشريك المجوس، حيث قالوا: إن للعالم خالقين هنا الظلمـة والنـور، ومع ذلك لم يجعلوا هاذين الخالقين متساويين. فهم يقولون: إن النور خير من الظلمـة؛ لأنـه يخلق الخيـر، والظلمـة تخلق الشـر والذي يخلق الخير خير من الذي يخلق الشـر.

ب- القسم الثانـي: توحيـد الألوهية:


ويُقال لـه: توحيد العبادة باعتبارين؛ فباعتبار إضافتـه إلى الله يُسمى: توحيـد الألوهيـة، وباعتبار إضافـته إلى الخلق يُسمى: توحيد العبادة. وهو إفراد الله -عزّ وجل- بالعبادة.

فالمستحق للعبادة هو الله تعالـى، قال تعالى: (ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونـه الباطل).

والعبادة تُطلق على شيئين:

الأول: التعبد بمعنى التذلل لله -عزّ وجل- بفعل أوامره واجتناب نواهيه، محبّة وتعظيمًا.

الثاني: المتعبّد بـه: فمعناها كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: (اِسم جامع لكل ما يُحبّـه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظهارة والباطنـة).
مثال ذلك: الصلاة؛ ففعلها عبادة، وهو التعبّد. ونفس الصلاة عبادة، وهو المتعبّـد بـه.

فإفراد الله بهذا التوحيد: أن تكون عبدًا لله وحـده تفرده بالتذلل، محبة وتعظيمًا، وتعبده بما شرع. قال تعالى: (لا تجعل مع الله إلهًا آخر فتقعد مذمومًا مخذولًا)، وقولـه: (الحمد لله ربِّ العالمين)، فوصفه بربِّ العالمين كالتعليل لثبوت الألوهية لـه؛ فهو الإلـه لأنه رب العالمين، وقال أيضا: (يا أيها النَّاس اعبدوا ربَّكم الذي خلقكم والذين من قبلكم)، فالمنفرد بالخلق هو المستحق للعبادة.
إذ من السفه أن تجعل المخلوق الحادث الآيل للفناء إلهًا تعبده؛ فهو في الحقيقة لن ينفعك ولا بإيجاد ولا بإعداد ولا بإمداد.

وهذا القسم كفر بـه وجحده أكثر الخلق، ومن أجل ذلك أرسل الله الرُسل، وأنزل عليهم الكتب، قال تعالى: (وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ إلّا نوحي إليـه أنـه لا إلـه إلّا أنا فاعبدونِ).

تنبيـه: من العجب أن أكثر المصنفين في علم التوحيـد المتأخرين يُركزون على توحيـد الربوبيـة، وكأنما يُخاطبون أقوامًا يُنكرون وجود الرب، وإن كان من يُنكر وجود الرب، لكن ما أكثر المسلمين الواقعين في شرك العبادة!!
ولهذا ينبغي أن يُركز على هذا النـوع من التوحيـد حتى نُخرج هؤلاء المسلمين من الذين يقولون بأنهم مسلمون، وهم مشركون ولا يعلمون.

جـ- القسم الثالث: توحيد الأسماء والصفات:

وهو إفراد الله -عز وجل- بما لـه من الأسماء والصفات، وهذا يتضمن شيئين:
الأول: الإثبات، وذلك بأن نُثبت لله -عز وجل- جميع أسمائه وصفاته التي أثبتها لنفسـه في كتابـه أو سُنَّـة نبيِّه -صلى الله عليه وسلم-.

الثانـي: نفي المماثلـة، وذل بأن لا نجعل لله مثيلًا في أسماء وصفاتـه، كما قال تعالى: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير).

فدلّت هذه الآية على أن جميع صفاته لا يماثله فيها أحد من المخلوقين، فهي وإن اشتركت في أصل المعنى، لكن تختلف في حقيقة الحال، فمن لم يُثبت ما أثبته الله لنفسـه فهو معطِّل، وتعطيله هذا يُشبه تعطيل فرعون، ومن أثبتها مع التشبيه صار مشابهًا للمشركين الذين عبدوا مع الله غيره، ومن أثبتها بدون مماثلـة صار من الموحدين.

فالواجب: أن نؤمن بما وصف الله وسمى به نفسه في كتابه، وعلى لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم-، من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل.
تم بحمـد لله ..



المراجع:





  • [*]
    فتح المجيد في شرح كتاب التوحيد .. الشيخ عبد الرحمن آل الشيخ -رحمه الله-
    [*]
    القول المفيد في شرح كتاب التوحيد .. الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-

جمعته: إنسانـة ما
___________
من كان لديه استفسار أو غموض في نقطة ما فليتفضل بطرحه وجزاكم الله خيرًا

 
آخر تعديل بواسطة المشرف:
آخر تعديل:
أحسن الله إليكي أختي الكريمة
 
جاري النقل بارك الله فيكي
واصلي .. وصلك الله الى ما يحب ويرضى​
 
جزاكِ الله خيرا أخيتي , وجعل ماقدمتي في موازين حسناتك​
 
شكرا على التذكير يا غالية
بارك الله فيك
ورزقك الجنة
استمتعت جدا بما قدمته لنا
اتمنى الفائدة للجميع
 
جزاك ِ الله خيرا

خخخخخخخخخخالد(ب_ب).
 
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم

سلمت يداك اختي الفاضلة
متابعة باذن الله
فقط للاضافة هناك ايضا مقال رائع لسماحة الشيخ ابن باز رحمه الله في بيان اهمية
التوحيد والرد لمن ينفي قول لا اله الا الله

رحم الله شيوخنا وحفظ من بقي على قيد الحياة
وتقبل منا صالح الاعمال
بعد الله شكرا لك اختاه






 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top