ما شُرِّع من الأحكام تشريعاً عاماً وألزم العبد بالعمل به

  • كاتب الموضوع كاتب الموضوع عماد6
  • تاريخ النشر تاريخ النشر

عماد6

:: عضو مُشارك ::
بسم الله الرّحمن الرّحيم


الحكم الشّرعي


الحكم الشرعي: هو خطاب الشارع المتعلق بأفعال العباد بالإقتضاء او التخيير او الوضع.

الشارع: هو القرآن الكريم والسنّة النبوية المطهرة وإجماع الصحابة والقياس.

العباد: الناس بما فيهم المكلَّف والصبيّ والمجنون واليتيم وغيرهم.

الإقتضاء: الطلب – أي طلب سواء كان طلب ترك او طلب فعل.

التخيير: الإباحة - أي أجاز للمكلف ان يفعل او لا يفعل.

الوضع: أن يكون الشارع قد ربط بين أمرين في الحكم – هي أحكام الأحكام – وقد شمل ما كان سبباً وما كان مانعاً وما كان شرطاً وما كان صحيحاً أو باطلاً او فاسداً وما كان رخصةً أو عزيمة.

أقسام الحكم الشرعي:
1. الفرض: ما كان طلب الفعل فيه جازماً.
2. المندوب: ما كان طلب الفعل فيه غير جازم.
3. المباح: التخيير. وهو الذي ليس فيه طلب ولا نهي. او هو طلب بعد حظر.
4. المكروه: ما كان طلب الترك فيه غير جازم.
5. الحرام: ما كان طلب الترك فيه جازماً.


أولا: الفرض (الواجب)

وهو طلب الفعل على وجه الإستعلاء ويكون مقروناً بقرينة شرعية على فرضيته أو عقاب تاركه أو بلام الأمر.

مثال: الصلاة: فرض
الدليل: قال تعالى ] وأقيموا الصلاة[
القرينة الشرعية: قال تعالى]ما سلككم في سقر! قالوا لم نك من المصلّين[ .

مثال: الزكاة: فرض
الدليل: قال تعالى ] وآتوا الزكاة[
القرينة الشرعية: قال تعالى ] وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون[ .
وقال تعالى ] وسيجنّبها الأتقى! الذي يؤتي ماله يتزكى[.

لام الأمر:
أمثلة: قال تعالى ] فمن شهد منكم الشهر فليصمه[ .
وقال تعالى ] ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر[ .

ثانياً: المندوب


ويسمى النافلة ويسمى التطوع ويسمى المستحب، ويعمل لمصلحة أخروية (ثواب في الآخرة). وهو الذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير افتراض ولا وجوب.

مثال: قال تعالى ] والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً وآتوهم من مال الله الذي آتاكم[ .


ثالثاً: المباح


وهو ما خيّر الشارع المكلف بين الفعل اوالترك. او هو طلب بعد حظر. وأجاز فيه للمكلف أن يفعل او لا يفعل. فتكون مصروفة للإباحة ورفع الحظر.

وذلك كما في قوله تعالى ] واذا حللتم فاصطادوا [ . أي أباح لهم الصيد بعد التحلل من الإحرام، ولكن ليس شرطاً او فرضاً ان يصطاد، ولكنه رفع الحظر الذي كان مفروضاً على المحرم بعدم الصيد.

وقوله تعالى ] فاذا قضيت الصلاة فانتشروا في الارض[ ، فقد كان محظوراً عليهم العمل والبيع عند النداء لصلاة الجمعة وأثناء أدائها. ولكن الشارع أباح الانتشار بعد الصلاة، الا ان هذا الانتشار ليس شرطاً او فرضاً. فقد يبقى المصّلي في الجامع يتعبد او ينام. وكل ما في الأمر أن الحظر الذي كان مفروضاً على الانتشار قد رفع فقط.

وكما في قوله صلى الله عليه وسلم: [ كنت نهيتكم عن إدخار لحوم الأضاحي فادّخروا ]. فقد أباح عليه السلام إدخار لحوم الأضاحي بعد أن كان محرّماً و منهياً عن إدخارها. ولكن هذا الإدخار ليس شرطاً او فرضاً. فمن ادخر لا ثواب له ومن لم يدّخر لا عقاب عليه.

وكقوله تعالى ] فكلوا واشربوا حتى يتبيّن لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر [ . أي أن الأكل مباح حتى يبزغ الفجر. وليس معنى ذلك أن تبقى تأكل حتى يبزغ الفجر.

رابعاً: المكروه


وهو ما كان طلب الترك فيه غير جازم.

كقوله تعالى ] ولا تصعّر خدّك للناس ولا تمشِ في الأرض مرحاً [. فعدم القصد في المشي وعدم غضّ الصوت وتصعير الخد كلها أفعال مكروهة، ففاعلها لا يعاقب، ولكن تاركها يثاب عكس المندوب تماماً.

وقوله تعالى ] ولا تيمّموا الخبيث منه تنفقون[ . فانفاق المال الخبيث مكروه، أي ان المستحب هو إنفاق المال الطيب والذي ترضاه لنفسك، لا أن تنفق من التالف الباير، وتدّعي أنك تتصدق.

خامساً: الحرام


وهو ما كان طلب الترك فيه جازماً وعلى وجه الإستعلاء. ويكون مقروناً بقرينة شرعية تدل على عقاب فاعله وثواب تاركه.

أمثلة:
قال تعالى ] ولا تقربوا الزنا[
وقال تعالى ] إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه[ وقال تعالى ] حرّمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنـزير وما أهلّ لغير الله به[

الحكم الوضعيّ


تعريفه: وهو ان يكون الشارع قد ربط بين أمرين في الحكم. أي هي أحكام الأحكام.
وقد ثبت بالاستقراء أنه إما أن يقتضي جعل شيء سبباً أو شرطاً أو مانعاً لشيء، أو مسوغاً لرخصة بدل العزيمة، أو صحيحاً أو فاسداً أو باطلاً.

أقسام الحكم الوضعي


1) السبب

هو الوصف الظاهر المنضبط الذي دلّ الدليل السمعي على كونه علامةً او معرِّفاً لوجود الحكم الشرعي لا لتشريع الحكم ويلزم من وجوده وجود المسبَّب ويلزم من عدمه عدمه.

أو هو أمارة تدل على وجود الحكم الشرعي.

وهناك سبب وجوب وسبب وجود.

أمثلة على سبب الوجوب:
وجوب الصلاة: قوله تعالى ] وأقيموا الصلاة[
وجوب الصيام: قوله تعالى ] فمن شهد منكم الشهر فليصمه[

أمثلة على سبب الوجود:
وجود صلاة الظهر مثلاً: قوله تعالى ] أقم الصلاة لدلوك الشمس[
وجود الصيام: قوله تعالى ] صوموا لرؤيته[

أمثلة على السبب:
1- دلوك الشمس
سبباً لوجود صلاة الظهر

2- رؤية الهلال
سبباً لوجود شهر رمضان

3- القرابة
سبباً للإرث

4- الإضطرار
سبباً لإباحة الميتة

5- السفر
سبباً لرخصة الإفطار

6- عقد الزواج في محلّه
سبباً في حلّ العِشرة

7- النكاح
سبباً للتوارث

8- القتل
سبباً للقصاص

9- الزنا
سبباً للحدّ

10- ذبح الحيوان ذبحاً شرعياً
سبباً لحِل الإنتفاعّ



والسبب غير العلّة: فالسبب ليس موجِباً للحكم، وإنما هو معرِّفٌ لوجود الحكم لا غير.

بخلاف العلّة: فهي الشيء الذي من أجله وجد الحكم. فالحكم الشرعي شُرِّع لها فهي الباعث عليه وهي سبب تشريعه، لا سبب وجوده. فهي دليلٌ من أدلّة الحكم. وهي ليست إمارة على الوجود، بل هي إمارة معرفة لتشريع الحكم[1].

وذلك كالإلهاء عن الصلاة المستنبط من قوله تعالى ] إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا الى ذكر الله وذروا البيع[ فان الإلهاء قد شُرِّع من أجله الحكم – وهو تحريم البيع عند أذان الجمعة- ولذلك كان علّة وليس سبباً، بخلاف دلوك الشمس فليس علّة لأنه لم تشرّع صلاة الظهر من أجله، وإنما هو أمارة على أن الظهر قد وجب وجوده.

أمثة على العلّة:

الحكم

العلّة
1-
تحريم البيع عند أذان الجمعة

الإلهاء
2-
توزيع الفيء
منع دولة المال بين الأغنياء
3-
منع الميراث
القتل
4-
منع الميراث
الردّه
5-
تحريم إدخار لحوم الأضاحي
وجود الدافّة (الجماعة التي تنتقل من بلد الى بلد وليس لهم زاد يتزوّدون به)


الشرط

وهو الأمر الذي يتوقف عليه وجود الحكم، ويلزم من عدمه عدم الحكم، ولا يلزم من وجوده وجود الحكم.

فالوضوء شرط للصلاة ولا تتم الصلاة الا بالوضوء. فيلزم من وجود الصلاة الوضوء، ولكن لا يلزم من وجود الوضوء الصلاة.

وكذلك الشهود في النكاح: فيلزم من وجود النكاح الشهود ولا يتم الا به، ولكن لا يلزم من وجود الشهود النكاح.

وهو ما كان وصفاً مكملاً لمشروطه فيما اقتضاه الحكم في ذلك المشروط.

فالإحصان في رجم الزاني المحصن مكمل لوصف الزاني. فهو شرط في الزاني حتى يجب رجمه، فيكون مما اقتضاه المشروط. والشرط مغاير للمشروط، لأنه وصف مكمل له وليس جزءاً منه. وبهذا يختلف عن الركن. لأن الركن جزء من أجزاء الشيء وليس بمنفصل عنه.

مثال: من شروط الصلاة: 1- الوضوء
2- استقبال القبلة

من اركان الصلاة: 1- تكبيرة الإحرام
2- الركوع
3- السجود



أمثلة على الشرط:
1-
الوضوء
شرط
للصلاة
2-
تحقق حياة الوارث بعد المورّث
شرط
للميراث
3-
الشهود
شرط
للنكاح
4-
الدخول بالأم
شرط
لتحريم النكاح بابنتها
5-
استقبال القبلة
شرط
لصحة الصلاة
6-
حولان الحول على النصاب
شرط
في وجوب الزكاة
7-
الإحراز
شرط
في جعل السرقة موجبةً للحدّ
8-
ستر العورة
شرط
في الصلاة



المانع

وهو ما يلزم من وجوده عدم وجود الحكم او بطلان السبب.
أي هو كل وصف منضبط دلّ الدليل السمعي على أن وجوده اقتضى علة تنافي الشيء الذي منعه.
فقد يتحقق السبب الشرعي وتتوافر جميع شروطه ولكن يوجد مانع يمنع ترتّب الحكم عليه.
كما لو وجد اكتمال النصاب وحلول الحول في المال ولكن مُنِعَ وجوب الزكاة لوجود الديْن.

والمانع نقيض السبب، وهو قسمان:
( أ ) ما لا يتأتى وجوده مع الطلب: أي أنه يمنع من الطلب ومن الأداء.

مثل:
(1) زوال العقل بنوم او جنون مانع لطلب الصلاة او الصوم او غيرها من الأحكام ومانع من أدائها.
(2) الحيض والنفاس مانع من طلب الصلاة والصوم ومانع من أدائهما، لأن الطهارة شرط في الصلاة والصوم.

(ب) ما يمكن اجتماعه مع الطلب: أي أنه يمنع من الطلب ولا يمنع من الأداء.

مثل:
(1) الأنوثة بالنسبة لصلاة الجمعة مانع من الطلب ولكن ليست مانع من الأداء. فهي غير واجبة على المرأة. ولكن إن قامت المرأة بأداء صلاة الجمعة صحّت منها لأن المانع مانع من الطلب لا من الأداء.

(2) عدم البلوغ بالنسبة للصوم مانع من الطلب ولكن ليس مانع من الأداء. فالصغر مانع من الطلب (طلب الصلاة والصوم) على الصبي لأنها لا تجب على الصبي. ولكن إن قام الصبي بالصلاة والصوم صحّا منه لأن المانع مانع من الطلب لا من الأداء.

أمثلة على المانع:

1-
القتل
مانع
من الإرث
2-
اختلاف الدين
مانع
من الإرث
3-
الردّة
مانع
من الإرث
4-
الأبوّة
مانع
من القصاص
5-
الشبهة
مانع
من إقامة الحدّ
6-
الحيض والنفاس
مانع
من الصلاة والصيام ومسّ المصحف
7-
المرض
مانع
من فرضية صلاة الجمعة
8-
الأنوثة
مانع
من صلاة الجمعة
9-
الغضب
مانع
من القضاء
10-
الصغر
مانع
من الحج



الصحة والفساد والبطلان


الصحة:
هي موافقة أمر الشارع. وتطلق ويراد بها ترتُّب آثار العمل في الدنيا. كما وتطلق ويراد بها ترتُّب آثار العمل في الآخرة.

فالأفعال التي طلبها الشارع من المكلفين قد يُحكم بصحّتها او بعدم صحّتها. فاذا كانت وفق ما طلبه الشارع وما شرعه بأن تحققت أركانها وشرائطها، حكم الشارع بصحّتها. وإن لم توجد وفق ما طلب الشارع بأن اختلّ شرط من شروطها او ركن من أركانها، حكم الشارع بعدم صحّتها. وعدم الصحة يعني ان تكون باطلة او فاسدة.

مثال: استيفاء الصلاة لأركانها وشروطها عند المصلّي والواقع- تكون صلاة صحيحة.
فنقول: الصلاة صحيحة، بمعنى أنها مجزية ومبرئة للذمة ومسقطة للقضاء.

هذا من حيث ترتُّب آثار العمل في الدنيا. أما من حيث ترتُّب آثار العمل في الآخرة، فنقول: هذه الصلاة صحيحة، بمعنى أنه يُرجى عليها الثواب في الآخرة.

البطلان:
وهو ما يقابل الصحة تماماً، وهو عدم موافقة أمر الشارع. ويطلق ويراد به عدم ترتُّب آثار العمل في الدنيا والعقاب عليه في الآخرة. بمعنى أن يكون العمل غير مجزيء ولا مبريء للذمة ولا مسقط للقضاء.

فالصلاة اذا ترك ركن من أركانها او فقد شرط من شروطها كانت صلاة باطلة. ولذلك كان للبطلان آثار في الدنيا يترتب عليها آثار في الآخرة. او اذا فقد شرط من شروطها كانت باطلة.

ولهذا فان ما صدر عن المكلف من أفعال او أسباب او شروط مما لم يتفق مع ما طلبه الشارع او ما شرعه فان هذا الذي صدر يكون غير صحيح شرعاً ولا يترتب عليه أثر، سواء كان لعدم صحته لاختلال ركن من أركانه، او لفقد شرط من شروطه.


أمثلة:
(1) من صلى الفرض وهو جالس مع قدرته على القيام كانت صلاته باطلة (ترك ركناً).
(2) من صلى بغير وضوء كانت صلاته باطلة (ترك شرطاً).
(3) من صلى دون أن يكبّر تكبيرة الإحرام عامداً فصلاته باطلة (ترك ركناً).
(4) من صلى واتجه الى غير القبلة عامداً مع علمه باتجاه القبلة فصلاته باطلة (ترك شرطاً).
والباطل لا يترتب عليه أي أثر.

الفساد:
وهو أن يكون أصله موافقاً للشرع، ولكن وصفه المُخِلّ بالأصل هو المخالف لأمر الشارع. وهو يختلف عن البطلان لأن البطلان عدم موافقة أمر الشارع من حيث أصله، أي أن أصله ممنوع.
الا أن العبادات لا يوجد بها فاسد، فهي إما صحيحة او باطلة، فالقسمة فيها ثنائية. حيث ان العبادات لا تسقط عن المكلف اذا كانت غير صحيحة، بل يجب قضاؤها. فلا فرق بين باطل الصيام وفاسده.

وأما العقود والتصرفات والمعاملات فالقسمة فيها ثلاثية لأن العقد غير الصحيح ينقسم الى باطل و فاسد.
فاذا كان الخلل في أصل العقد (أي في ركن من أركانه بأن كان في الصيغة او في العاقديْن او المعقود عليه)، كان العقد باطلاً ولا يترتب عليه أي أثر شرعي.
واذا كان الخلل في وصف من أوصاف العقد (بأن كان فيه شرط خارج عن ماهيته وأركانه)، كان هذا العقد فاسداً وترتب عليه بعض آثاره.

أمثلة على الاعمال الصحيحة والباطلة:

1-
الصلاة مستوفية لجميع شروطها وأركانها
صحيحة
2-
استيفاء البيع لجميع شروطه
صحيح
1-
الصلاة بدون وضوء
باطلة
2-
الصلاة بدون قراءة الفاتحة
باطلة
3-
الحج دون الوقوف بعرفه
باطل
4-
الحج دون الإحرام (دون ان يكون المرء محرماً)
باطل
5-
صيام النفساء والحائض
باطل
6-
بيع المجنون او غير المميز، او بيع المعدوم
باطل
7-
الزواج دون تحديد المهر، ودون الايجاب والقبول
باطل
8-
زواج غير المميز
باطل
9-
زواج إحدى المحرمات مع العلم بالحرمة
باطل
10-
بيع الملاقيح (أصله ممنوع)
باطل


أمثلة على الفاسد:
1-
البيع بثمن غير معلوم
فاسد
2-
البيع بدون تعيين الأصل
فاسد
3-
الزواج بغير شهود
فاسد
4-
بيع الحاضر لبادٍ
فاسد
5-
البيع وقت النداء
فاسد
6-
البيع الذي يكون نتيجةً للمساومة على سوم غيره
فاسد
7-
عقد الزواج أثناء النداء يوم الجمعة
فاسد
8-
زواج المحلِّل
فاسد
9-
البيع الذي فيه غش
فاسد
10-
الصلاة في ثوب مغصوب
فاسدة
11-
البيوع الربوية (عند الحنفية)
فاسدة


العزيمة والرخصة


العزيمة: ما شُرِّع من الأحكام تشريعاً عاماً وألزم العبد بالعمل به. أي ما شرعه الله سبحانه أصالةً من الأحكام العامة التي لا تختص بحال دون حال ولا بمكلف دون مكلف، أي هي حكم عام وهي الحكم الأصلي.

الرخصة: ما شُرِّع من الأحكام تخفيفاً للعزيمة لعذرٍ مع بقاء حكم العزيمة. ولا يلزم العباد بالعمل بها. أي هي ما شرعه الله سبحانه من الأحكام تخفيفاً على المكلف في حالات خاصة.
او هي استباحة المحظور بدليل، مع قيام دليل الحظر. وهي حكم جاء مانعاً من استمرار الإلزام بالحكم الأصلي. وهي في اكثر الاحوال تنقل الحكم من مرتبة اللزوم الى مرتبة الإباحة، وقد تنقله الى مرتبة الوجوب.
والرخصة حتى تعتبر رخصة شرعاً لا بد أن يدلّ عليها دليل شرعي. فإنها حكم شرعه الشارع لعذر.

ومن اسباب الأخذ بالرخصة:
(1) الضرورة: وهي ان يكون في الأخذ بالعزيمة تلفٌ للنفس. ولكن مع ذلك أُجيز التمسك بالعزيمة في بعض الحالات.

أمثلة:
1- كمن ينطق بكلمة الكفر تحت حدّ السيف فانه يجوز له ذلك عملاً بقوله تعالى ] إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان[ .

2- وكما فعل عمار بن ياسر وقد سأله الرسول صلى الله عليه وسلم : [ ما وراءك يا عمار؟ فقال: شرٌّ يا رسول الله، ما تركوني حتى نِلْتُ منك وذكرت آلهتهم بخير. قال: كيف وجدتَ قلبك؟ قال: مطمئناً. فقال صلى الله عليه وسلم "وإن عادوا فعُدْ ].

3- وقد بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم ان رجلين هددهما المشركون بالقتل، فامتنع أحدهما عن النطق بالكفر ونطق الآخر. فقال صلى الله عليه وسلم فيمن امتنع: [ هو أفضل الشهداء ورفيقي في الجنة ].

وكذلك قول الحق فرخص لأهل الحق ان يسكتوا وأهل العزيمة ان يتكلموا. وكان صلى الله عليه وسلم في بداية الدعوة يدعو الى العزيمة الى أقصى حدودها لايجاد النواة والكتلة القادرة على القيادة. فكما قال لياسر وسمية "صبراً آل ياسر فان موعدكم الجنة". حيث طلب منهم العزيمة ليكونوا نبراساً ومثلاً يحتذى لاخوانهم. ولكن هذا لا يعني فرضيتها، بل أراد ترويض أصحابه على العذاب والمشقة في سبيل هذا الدين.

وقال صلى الله عليه وسلم في أهل العزيمة: [ سيد الشهداء حمزة ورجل قام الى إمام جائر فنصحه فقتله ]. لكنه حرّم صلى الله عليه وسلم التمسك بالعزيمة في بعض الحالات.

فقد اجاز الاسلام – بل فرض- أكل الميتة في حالة الخوف من الهلاك جوعاً، كما أجاز شرب الخمر في حالة الخوف من الموت عطشاً. وقد أثّم بعض العلماء مَن لم يقم بذلك اذا هلك.

وهذه تسمى رخصة إسقاط عند الحنفية حيث سقط حكم العزيمة وسقطت حرمتها عنه في حال اضطراري، لأن الله I بعد أن بيّن هذه المحرمات قال: ] فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فان الله غفور رحيم[ . وهذا يقتضي رفع التحريم، ولو لم يأكل ولم يشرب أثِم.
ويقول الحنفية ان المسافر سقطت عنه الأربع، ولو صلى أربعاً كانت الركعتان الأخيرتان نافلةً وتطوعاً لا من المفروض.
وقال تعالى: ] وقد فصّل عليكم ما حرّم عليكم إلا ما اضطررتم اليه[ .
وقال تعالى: ] فمن اضطر غير باغٍ ولا عادٍ فلا إثم عليه[ .

(2) دفع الحرج والمشقة: كرخصة الإفطار في شهر رمضان، ورؤية الطبيب عورة المرأة للعلاج.

(3) ومن الرخص نسخ الأحكام التي رفعها الله سبحانه وتعالى عنا وكانت من التكاليف الشاقة على الأمم قبلنا.

مثل:
1- قرض موضع النجاسة من الثوب.
2- أداء ربع المال في الزكاة.
3- قتل النفس توبةً من المعصية.
4- عدم جواز الصلاة في غير المساجد.

والرخصة من حيث تشريعها: رخصة حكمها الإباحة، فاذا استمر على العمل بالعزيمة أحياناً انتهى العمل الى الحرام.
أمثلة على الرخصة والعزيمة:

1-
الصوم
عزيمة
الفطر للمريض
رخصة
2-
غسل العضو في الوضوء
عزيمة
المسح على العضو المجروح
رخصة
3-
الصلاة قائماً
عزيمة
القعود في الصلاة عند العجز
رخصة
4-
عدم أكل الميتة
عزيمة
أكل الميتة في حالة الاضطرار والمخمصة
رخصة
5-
عدم شرب الخمر
عزيمة
شرب الخمر في حالة الخوف من الهلاك عطشاً
رخصة
6-
الصلاة اربعاً
عزيمة
القصر للمسافر
رخصة
7-
الوضوء
عزيمة
التيمم لعدم وجود الماء
رخصة

 
تنبيه: نظرًا لتوقف النقاش في هذا الموضوع منذ 365 يومًا.
قد يكون المحتوى قديمًا أو لم يعد مناسبًا، لذا يُنصح بإشاء موضوع جديد.
العودة
Top Bottom