اقتصــــرت عيشي
على صفحات ذكـــرياتي
قلت فيها مناجـــاتي
أفــرغت فيها آلامــــي
و كتمت فيها أنينـــي
رســمت على كفوف الحياة اليأس
و عهدت بالقتال لأجل النــفس
تحديت الزمن و قلت إني صاحب البأس
و أني جئت طالبا حقي بالفأس
جعلـــت نفسي محاربا بلا سيف
و سلكت درب الحرب دون عــون
رفضت ما عُرض علي من مساعدة
و ادعيــت القوة و الإراادة
نسيت أن المحارب بلا سيف كالحجر بلا رام
و عقدت العزم لكي أواجه الماضي
قلت من المــاضي أردد الحياة
و ظننت أن الحل الممات
قررت دفن نفسي مع ذكريــاتي
تجاهلت أن لا يأس مع الحياة و لا حياة مع اليأس
نسيت أن تمني الموت دون وجه حق كفر
و أن الضعف و الهوان ليسا للآخرة مهر
إن طريقي الضياع في الفلاة
إن أصررت على أمري و العناد
إني في دائرة مغلقة دون نقاط
و في سجن خنقني و لا أعلم ...
قال الإمام الشافعي رحمــه الله
نعيب زماننا و العيب فينا
و مالزماننا عيب سوانا
و نهجوا ذا الزمان بغير ذنب
و لو نطق الزمان لنا هجانا
العناد صار فرسي
و العزلة صار لحائي
و الحرب صار مأواي
و الشتات صار دوائي
رفعت الضياع لوائي
تجاهلت كم هنا لي أشياء جميلة
نسيت أحبابي و عذابهم لأجلي
تحليت بالأنانية بما يكفي
ألم يحن الوقت لكي أعترف
بأن القتال وحدي ليس بالحسن
و أنني هكذا أعذب من حولي
مهما هربت منهم فإني أهرب إليهم
لم أسمع إليهم حين قالوا
بأنهم لن يتركوني مهما هانوا
و أنهم معي مهما لاقوا
أرادوني حيا فأهديت لهم نعشا
و قلت لهم احفروا قبري فإني ميت
أبهم طاقة ليفعلوا هذا
أأطلب من السمك أن يخرج من الماء
أأطلب من القمر أن يترك السماء
و أأطلب من الطير أن يهجر الهواء
أأكتم أنفاسي و أطلب الحياة
أأحملهم ما هم بغير طاقة به
لا يملكون فعل هذا و أعلم
بأنهم يتعذبون لحالي
و أنه مهما هربت عنهم و لم أقعد معهم فإنهم سيلقون العذاب أكثر
