دعوة العلماء الى تخفيف المهور و تيسير سبل الزواج.

ابو ليث

:: عضو مَلكِي ::
أوفياء اللمة
الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله و بعد:
اليكم
أولا اخواني و اخواتي هذه الأثار و الأحاديث كنبراس تحملونه في طريق الحق لمن اعتراه حلك أو أصابه غم من كثرة ما بليت به الأمة من التغيير عن منهج الأولين، حتى أل أمرها الى ما لا يرضاه أي عاقل ما زال فيه حرص على أمته من التلف في عفن السخف، وفي فؤاده بقية وعي وفي مكامن ادراكه معرفة بالمصالح و المفاسد و تقديم للأوليات التي تقرر في الاسلام حفظها و التي منها حفظ النسل و العرض و كذلك حفظ المال .

اليكم الأثار و الأحاديث:

1- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " جاء رجل إلى النبي فقال : إني تزوجت امرأة من الأنصار .... قال: على كم تزوجتها؟ قال: على أربع أواق فقال النبي " على أربع أواق؟ كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل ... " رواه مسلم في النكاح حديث (1424) والأوقية أربعون درهماً .
2- وهبت امرأة نفسها للنبي فما رغب فيها ، فقال رجل: فزوجنيها يا رسول الله إن لم تكن لك بها حاجة. فقال: هل عندك من شيء تصدقها ؟ فقال: ما عندي إلا إزاري هذا، فقال رسول الله : إزارك إن أعطيتها جلست ولا إزار لك فالتمس شيئاً، قال : ما أجد، قال: التمس ولو خاتماً من حديد، قال: فالتمس فلم يجد شيئاً، فقال رسول الله : هل معك من القرآن شيئ؟، قال: نعم سورة كذا و سورة كذا لسور سماها، فقال رسول الله : زوجتكها بما معك من القرآن " متفق عليه ورواه عدد من الأئمة منهم مالك والشافعي وأحمد من حديث سهل بن سعد.
3- وروى أحمد والترمذي بإسنادهما عن عامر بن ربيعة عن أبيه أن امرأة من فزارة تزوجت على نعلين فقال رسول الله : أرضيت من نفسك ومالك بنعلين؟ قالت: نعم فأجازه. قال الترمذي حديث حسن صحيح وضعفه بعض الأئمة .
4- عن ابن سيرين عن أبي العجفاء السلمي قال : قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لا تغالوا صدُقة النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى في الآخرة لكان أولاكم بها النبي ما أنكح شيئاً من بناته ولا نسائه على أكثر من ثنتي عشرة أوقية " رواه الترمذي في النكاح حديث (1114) وقال: هذا حديث حسن صحيح وقال بعده " والأوقية عند أهل العلم أربعون درهماً وثنتا عشرة أوقية أربع مئة وثمانون درهماً " ورواه أحمد في مسنده حديث (340 ) وصححه أحمد شاكر .
التعليق: ( مقتبس بتصرف يليق بمقام النصح العام من كلام العلامة، أسد السنة الأستاذ الدكتور ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله من كل سوء )
قال حفظه الله بعد أن ساق الأحاديث السابقة:

فهل نساء هذا العصر ومنهن صواحب المنتدى يرضين بمثل هذه المهور تأسياً بالصحابيات الكريمات اللاتي تعدل الواحدة منهن ملىء الأرض من أمثالهن؟،
وهل يرضين أن يعشن مثل معيشتهن ويسكن في مثل مساكنهن ويلبسن مثل لباسهن ويتخلقن بمثل آدابهن
وأخلاقهن ويخدمن أزواجهن كخدمتهن؟!.


قلت(أبو ليث): سؤال له لابد له من جواب ثم قرار فالتزام.
يتبع باذن الله.
 
آخر تعديل:
توقيع ابو ليث
http://addthis.com/bookmark.php?v=250&username=alhijriسؤال و جواب هامhttp://www.islamqa.com/ar/ref/12572#http://www.addthis.com/bookmark.php...=CT2412139&octid=CT2412139&FollowOn=True&tt=0http://www.addthis.com/bookmark.php...=CT2412139&octid=CT2412139&FollowOn=True&tt=0http://www.islamqa.com/ar/ref/12572#
ما الحكم فيما يفعله كثير من أولياء النساء الآن من المبالغة في طلب المهر وتكليف الزوج بأكثر مما يستطيع ، مما يجعله يتحمل الديون الكثيرة من أجل الزواج ، وقد أعرض كثير من الشباب عن الزواج بسبب هذا ؟.

الحمد لله
سبق في إجابة السؤال رقم (10525) بيان أن الشرع جاء بتخفيف المهر وتيسيره ، وأن ذلك من مصلحة الزوج والمرأة جميعاَ . كما قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (خير النكاح أيسره) . رواه ابن حبان . وصححه الألباني في صحيح الجامع (3300) .
وقد تكلم العلماء في هذه المسألة كثيرا وبينوا الأضرار المترتبة على المغالاة في المهور ، ومن هؤلاء العلماء الشيخ محمد بن إبراهيم فله فتوى مطولة في هذه المسألة جاء فيها :
"إن من الأشياء التي تمادى الناس فيها حتى وصلوا إلى حد الإسراف والتباهي (مسألة التغالي في المهور) والإسراف في الألبسة والولائم ونحو ذلك وقد تضجر علماء الناس وعقلاؤهم من هذا لما سببه من المفاسد الكثيرة التي منها بقاء كثير من النساء بلا زوج بسبب عجز كثير من الرجال عن تكاليف الزواج ، ونجم عن ذلك مفاسد كثيرة متعددة . . . وبحثت الموضوع من جميع أطرافه وتحرر ما يلي :
1- أن تخفيف الصداق وعدم تكليف الزوج بما يشق عليه مأمور به شرعا باتفاق العلماء سلفا وخلفا، وهو السنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
2- أن الزوج إذا تكلف من الصداق ما لا يقدر عليه ولا يتناسب مع حاله استحق الإنكار عليه؛ لأنه فعل شيئاً مكروهاً، ولو كان ذلك الصداق دون صداق النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد روى مسلم في صحيحه (1424) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنْ الأَنْصَارِ . فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَلْ نَظَرْتَ إِلَيْهَا ، فَإِنَّ فِي عُيُونِ الأَنْصَارِ شَيْئًا ؟ قَالَ : قَدْ نَظَرْتُ إِلَيْهَا . قَالَ : عَلَى كَمْ تَزَوَّجْتَهَا ؟ قَالَ : عَلَى أَرْبَعِ أَوَاقٍ . فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : عَلَى أَرْبَعِ أَوَاقٍ ! كَأَنَّمَا تَنْحِتُونَ الْفِضَّةَ مِنْ عُرْضِ هَذَا الْجَبَلِ ! مَا عِنْدَنَا مَا نُعْطِيكَ ، وَلَكِنْ عَسَى أَنْ نَبْعَثَكَ فِي بَعْثٍ تُصِيبُ مِنْهُ . قَالَ : فَبَعَثَ بَعْثًا إِلَى بَنِي عَبْسٍ بَعَثَ ذَلِكَ الرَّجُلَ فِيهِمْ . .
قال النووي في شرحه لهذا الحديث: معنى هذا الكلام كراهة إكثار المهر بالنسبة إلى حال الزوج اهـ.
3- ومما لا شك فيه أن الزواج أمر مشروع مرغوب فيه، وفي غالب الحالات يصل إلى حد الوجوب، وأغلب الناس لا يتمكن من الوصول إلى هذا المشروع أو المستحب مع وجود هذه المغالاة في المهور. ومن المعلوم أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، ومن هذا يؤخذ مشروعية إرشاد الناس وردعهم عن التمادي في هذا الأمر الذي يحول دون المرء ودون فعل ما أوجبه الله عليه، لا سيما والأمر بتقليل المهر لا يتضمن مفسدة، بل هو مصلحة محضة للزوج والزوجة، بل هو أمر محبوب للشارع مرغب فيه كما تقدم.
4- إن امتناع ولي المرأة من تزويجها بالكفء إذا خطبها ورضيت به إذا لم يدفع ذلك الصداق الكثير الذي يفرضه من أجل أطماعه الشخصية أو لقصد الإسراف والمباهاة أمر لا يسوغ شرعا، بل هو من باب العضل المنهي عنه الذي يفسق به فاعله إذا تكرر .
قال الشيخ ابن عثيمين :
"ولقد أوجد أهل العلم تذليلا لهذه العقبة حيث قالوا إن الولي إذا امتنع من تزويج موليته كفؤا ترضاه فإن ولايته تزول إلى من بعده فمثلا لو امتنع أبو المرأة من تزويجها كفؤا في دينه وخلقه وقد رضيته ورغبت فيه فإنه يزوجه أولى الناس بها بعده فيزوجها أولى الناس بها ممن يصلح للولاية من اخوتها أو أعمامها أو بنيهم" .
5- أن كثرة المهور والمغالاة فيها عائق قوي للكثير من التزوج ولا يخفى ما ينجم عن ذلك من المفاسد الكثيرة وتفشي المنكرات بين الرجال والنساء، والوسائل لها حكم الغايات، والشريعة المطهرة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، ولو لم يكن في السعي في تقليل المهور إلا سد الذرائع المسببة فعل المحرمات لكفى.
6- لا يخفي ما سببته المغالاة في المهور من المفاسد، فكم من حرة مصونة عضلها أولياؤها وظلموها فتركوها بدون زوج ولا ذرية
وكم من امرأة ألجأها ذلك إلى الاستجابة لداعي الهوى والشيطان فَجَرَّت العار والخزي على نفسها وعلى أهلها وعشيرتها مما ارتكبته من المعاصي التي تسبب غضب الرحمن!!
وكم من شاب أعيته الأسباب فلم يقدر على هذه التكاليف التي ما أنزل الله بها من سلطان فاحتوشته الشياطين وجلساء السوء حتى أضلوه وأوردوه موارد العطب والخسران، فخسر أهله، وفسد ا تجاهه ، بل خسرته أمته ووطنه ، وخسر دنياه وآخرته!!
7- من أضرار المغالاة في المهور : حدوث الأمراض النفسية لدى الشباب من الجنسين بسبب الكبت ، وارتطام الطموح بخيبة الأمل .
8- ومنها : أن تكليف الزوج فوق طاقته يجلب العداوة في قلبه لزوجته لما يحدث له من ضيق مالي بسببها ، والهدف هو السعادة وليس الشقاء .
9- أن كثرة الصداق لو كان فيها شيء من المصلحة للمرأة وأوليائها فإن ما يترتب على ذلك من المفاسد يربو على تلك المصلحة إن وجدت ، والقاعدة الشرعية أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
10- أما القصة المروية عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه لما نهى أن يزاد في المهر عن أربعمائة درهم اعترضته امرأة من قريش فقالت:يا أمير المؤمنين نهيت الناس أن يزيدوا في مهر النساء على أربعمائة درهم ، فقالت : أما سمعت قول الله تعالى: { وآتيتم إحداهن قنطاراً } النساء /20 .
قال : فقال : اللهم غفرا كل الناس أفقه من عمر ، ثم رجع فركب المنبر فقال : أيها الناس إني نهيتكم أن تزيدوا النساء في صداقهن على أربعمائة ، فمن شاء أن يعطي من ماله ما أحب فليفعل .
فاعتراض المرأة عليه له طرق لا تخلو من مقال فلا تصلح للاحتجاج ولا لمعارضة تلك النصوص الثابتة المتقدم ذكرها ، لا سيما وأنه لم ينقل عن أحد من الصحابة مخالفة عمر أو الإنكار عليه غير ما جاء عن هذه المرأة . انتهى كلام الشيخ محمد بن إبراهيم بتصرف واختصار وبعض زيادات عليه .
انظر : "فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم" (10/187-199) .
 
توقيع ابو ليث
أرجو من سماحة الشيخ التوجيه والنصح للآباء الذين يحتكرون بناتهم طمعاً في كثرة المهر، ولهذا السبب اختلط الحابل بالنابل، وأصبح الناس يتلهفون وراء المادة ولا يبالون بمن يزوجون، والذي لديه ثروة مالية يقبل ما فرضه عليه الأب من مهر وتكاليف باهظة، وأصبح الفقير عاجزاً عن الزواج، ولا يلتفت إليه أحد، بل ينظرون إليه بعين الاحتقار، فما هو رأي سماحتكم، وما هو توجيهكم؟ بارك الله فيكم؟.

الواجب على الأولياء سواء كانوا آباءا أو أخوة أو أعماماً أو غيرهم، الواجب عليهم تقوى الله - سبحانه وتعالى -، وأن يخافوا الله في مولياتهم، وأن يجتهدوا في تزويجهن على الأكفاء ولو بالمهور قليلة، وأن لا يتكلفوا في ذلك، لا في المهر ولا في الوليمة. الواجب التماس الأكفاء الأخيار، الطيبين ولو كانوا فقراء لكن يستطيعون المهر ، ويستطيعون النفقة على زوجاتهم، وفي الحديث عنه - عليه الصلاة والسلام - أنه قال: (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض). فالمؤمن يتحرى الزوج الصالح لبنته أو أخته وابنة أخيه ونحو ذلك، ولا يهمه المال، يهمه الرجل الصالح، ولو كان المهر قليلاً ، ولو كانت التكاليف قليلة، ولو كانت الوليمة قليلة، هذا هو الواجب على الأولياء ، ولا يجوز لهم أن يحبسوا النساء لطلب كثرة المال، هذا غلط كبير ، وشر عظيم، وقد يزوجون من ليس بكفء لأجل المال، ويدعون الكفء لأجل قلة المال، وهذا منكر ، وخيانة للأمانة، فالموليات أمانة عند الأولياء، فالواجب على الأولياء أن يتقوا الله في الأمانة ، وأن يلتمسوا للأمانة الرجل الصالح الطيب، وإذا لم يوجد إلا ناقصون، يختار الأفضل فالأفضل، والأقل شراً، حتى لا تعطل البنات والأخوات، هذا هو الواجب على الجميع مع تقوى الله في ذلك، والحذر من ظلم النساء، والحرص على تزويجهن فيمن يخطب من الأكفاء ولو قلّ المال ، ولو قلّت التكاليف.

من موقع الشيخ ابن باز رحمه الله.
 
آخر تعديل:
توقيع ابو ليث
تيسير المهور هو السنة
يلاحظ أن الناس الآن يزيدون جداَّ في المهر في النكاح . فعل هذا من السنة ؟ وهل حدد الشرع مقدارا معينا للمهر لا يزاد عليه ؟.
الحمد لله
فإن الزواج نعمة من نعم الله تعالى ، وآية من آياته ، قال الله تعالى : ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) الروم / 21
وأمر الله تعالى الأولياء أن يزوجوا من تحت ولايته ( وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) النور / 32
وذلك لما يترتب على النكاح من المصالح العظيمة ، كتكثير الأمة ، وتحقيق مباهاة النبي صلى الله عليه وسلم لغيره من الأنبياء ، وتحصين الرجل والمرأة من الوقوع في المحرم . . . وغير ذلك من المصالح العظيمة .
ولكن بعض الأولياء وضعوا العقبات أمام الزواج ، وصاروا حائلا دون حصوله في كثير من الحالات.
وذلك بالمغالاة في المهر ، وطلبهم من المهر الشيء الكثير مما يعجز عنه الشاب الراغب في الزواج .
حتى صار الزواج من الأمور الشاقة جدا لدى كثير من الراغبين في الزواج .
والمهر حق مفروض للمرأة ، فرضته الشريعة الإسلامية ، ليكون تعبيرا عن رغبة الرجل فيها ، قال الله تعالى : ( وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ) النساء /4 .
ولا يعني هذا اعتبار المرأة سلعة تباع ، بل هو رمز للتكريم والإعزاز ، ودليل على عزم الزوج على تحمل الأعباء وأداء الحقوق .
ولم يحدد الشرع المهر بمقدار معين لا يزاد عليه .
ومع ذلك فقد رَغَّب الشرع في تخفيف المهر وتيسيره .
قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (خير النكاح أيسره) رواه ابن حبان . وصححه الألباني في صحيح الجامع (3300) .
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( خير الصداق أيسره ) رواه الحاكم والبيهقي . وصححه الألباني في صحيح الجامع (3279) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل أراد الزواج : ( التمس ولو خاتماً من حديد ) . متفق عليه .
وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم لأمته المثل الأعلى في ذلك ، حتى ترسخ في المجتمع النظرة الصادقة لحقائق الأمور ، وتشيع بين الناس روح السهولة واليسر .
روى أبو داود (2125) والنسائي (3375) – واللفظ له - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ : تَزَوَّجْتُ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ابْنِ بِي – وهو الدخول بالزوجة - . قَالَ : أَعْطِهَا شَيْئًا . قُلْتُ : مَا عِنْدِي مِنْ شَيْءٍ . قَالَ : فَأَيْنَ دِرْعُكَ الْحُطَمِيَّةُ ؟ قُلْتُ : هِيَ عِنْدِي . قَالَ : فَأَعْطِهَا إِيَّاهُ . صححه الألباني في صحيح النسائي (3160) .
فهذا كان مهر فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدة نساء أهل الجنة .
وهذا يؤكد أن الصداق في الإسلام ليس مقصوداً لذاته .
وروى ابن ماجه (1887) أن عُمَرَ بْنُ الْخَطَّابِ قال : لا تُغَالُوا صَدَاقَ النِّسَاءِ فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا أَوْ تَقْوًى عِنْدَ اللَّهِ كَانَ أَوْلاكُمْ وَأَحَقَّكُمْ بِهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَصْدَقَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ وَلا أُصْدِقَتْ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِهِ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُثَقِّلُ صَدَقَةَ امْرَأَتِهِ حَتَّى يَكُونَ لَهَا عَدَاوَةٌ فِي نَفْسِهِ وَيَقُولُ قَدْ كَلِفْتُ إِلَيْكِ عَلَقَ الْقِرْبَةِ. صححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (1532) .
(لا تُغَالُوا) أَيْ لا تُبَالِغُوا فِي كَثْرَة الصَّدَاق . . . ( وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُثَقِّلُ صَدَقَةَ امْرَأَتِهِ حَتَّى يَكُونَ لَهَا عَدَاوَةٌ فِي نَفْسِهِ) أَيْ حَتَّى يُعَادِيَهَا فِي نَفْسه عِنْد أَدَاء ذَلِكَ الْمَهْر لِثِقَلِهِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ أَوْ عِنْد مُلاحَظَة قَدْره وَتَفَكُّره فِيهِ . . . (وَيَقُولُ قَدْ كَلِفْتُ إِلَيْكِ عَلَقَ الْقِرْبَةِ ) حَبْل تُعَلَّق بِهِ أَيْ تَحَمَّلْت لأَجْلِك كُلّ شَيْء حَتَّى الحبل الذي تعلق به القربة اهـ من حاشية السندي على ابن ماجه .
اثنتا عشرة أوقية تساوي أربعمائة وثمانين درهما أي مائة وخمسة وثلاثون ريال فضة تقريباً (134.4)
فهذا كان صداق بنات النبي صلى الله عليه وسلم ونسائه .
قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (32/194) :
فمن دعته نفسه إلى أن يزيد صداق ابنته على صداق بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواتي هن خير خلق الله في كل فضيلة وهن أفضل نساء العالمين في كل صفة فهو جاهل أحمق ، وكذلك صداق أمهات المؤمنين ، وهذا مع القدرة واليسار ، فأما الفقير ونحوه فلا ينبغي له أن يصدق المرأة إلا ما يقدر على وفائه من غير مشقة اهـ .
وقال أيضاً في "الفتاوى الكبرى" :
"وَكَلامُ الإِمَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ , وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ مَعَ الْقُدْرَةِ وَالْيَسَارِ فَيُسْتَحَبُّ بُلُوغُهُ وَلا يُزَادُ عَلَيْهِ" اهـ .
وذكر ابن القيم في "زاد المعاد" (5/178) بعض الأحاديث الدالة على تخفيف المهر وأنه لا حد لأقله ثم قال :
فتضمنت هذه الأحاديث أن الصداق لا يتقدر أقله . . . وأن المغالاة في المهر مكروهة في النكاح وأنها من قلة بركته وعسره اهـ .
وبهذا يتبين أن ما يفعله الناس الآن من زيادة المهور والمغالاة فيها أمر مخالف للشرع .
والحكمة من تخفيف الصداق وعدم المغالاة فيه واضحة :
وهي تيسير الزواج للناس حتى لا ينصرفوا عنه فتقع مفاسد خلقية واجتماعية متعددة .
وللوقوف على بعض أضرار المغالاة في المهر راجع السؤال رقم (12572) .
الإسلام سؤال وجواب
 
آخر تعديل:
توقيع ابو ليث
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في أحد خطبه:

أما المشكلة التي هي موضوع بحثنا هذا العام فإنها مشكلة الزواج فهي مشكلة إجتماعية عامة وسنتناولها من وجوه أربعة.

أولا من جهة إرتفاع المهور هذا الإرتفاع الفاحش الذي هو خلاف شريعة الله فإن المشروع تقليل المهور وإن أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة أيها المسلمون أيها المؤمنون أيها المواطنون أتريدون أن يخرج شبابكم إلى بلاد أخرى يتزوجون منها وحينئذ تحدث مشاكل ومشاكل رويدكم أيها الناس إن أرتفاع المهور خلاف السنة وإن فيه مشاكل ومضار عديدة ولهذا أدعوكم وأبدأ أولا بولاة الأمور من الأمراء والعلماء والوجهاء والأعيان أن يكونوا قدوة في هذا الأمر حتى يحلوا هذه المشكلة العظيمة.

أما الامر الثاني فهو عزوف كثير من الشباب والشابات عن الزواج خصوصا المتعلمين منهم وهذا جهل وخلاف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( يا معشر الشباب من أستطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج) إذن ألا يجدر بكم أيها الشباب من ذكور وإناث أن تقولوا سمعنا وأطعنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، أتريدون أن تذهبوا شبابكم بدون زواج؟ حتى إذا بردت الشهوة فيكم وكبرت سنكم ذهبتم تطلبون الزواج بعد فوات الأوان.
أما الأمر الثالث فهو الإسراف في الولائم ذلك الإسراف الذى هو وقوع فيما نهى الله عنه فإن الله يقول ) وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)(لأعراف: من الآية31) أيها الناس ما هذا الإسراف الذي نسمع به والذي قد نشاهده نحن في هذه الولائم إن هذه الأطعمة وإن هذه اللحوم إنها ربما تلقى في المزابل وربما تلقى في البراري مال ضائع ووقوع في الإسراف الذي نهى الله عنه فيا أيها الأغنياء تذكروا حال الفقر السابقة وتذكروا حال الفقراء في بلاد المسلمين ولا تذهبوا أموالكم فيما ينهى الله عنه ورسوله أتقوا الله تعالى في الإسراف وأحذوره فإن الله تعالى يقول ) إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)(الأنعام: من الآية141).

أما الامر الرابع وما أدراك ما الأمر الرابع فهو إتخاذ بعض الأولياء إتخاذ بعض الأولياء مولياتهن بمنزلة السلعة يزوجوهن حسب رغبتهم لا حسب ما تقضيه الأمانة ومصلحتهن إن بعض الناس يحتكر بناته وأخواته ومن له ولاية عليها من النساء حتى لا يزوجها إلا إذا دفع له مال يرضيه وإنه لا يحل للأب ولا لغيره أن يشترط لنفسه شيئا من مهر المراة لأن المهر لها كما قال الله عز وجل )وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً )(النساء: من الآية4) فأضاف الصدقات وهي المهور إلى الزوجات لا إلى أوليائهن فلا يحل للأب ولا للأم من حضر وبدو أن يشترط لنفسه شيئا من مهر المرأة فإن ذلك حرام عليه ولكن المراة إذا ملكته فلها أن تهدي به أو منه إن شاءت من أبيها أو أخيها أو أحدا من أقاربها ، أيها المسلمون وإن بعض الناس يحتكر إبنته، يخطبها الكفو ولكنه يمنع هذه صغيرة هذه قد فاتت وهو كاذب في هذا ولكنه قد لا يرضى الرجل الخاطب لغرض شخصي بينه وبينه وهذا حرام عليه ولا يحل له.
أيها المسلمون أني أقص عليكم قصة فلو أطلت عليكم فالأمر مهم سمعت أن أحداً من الناس عنده ثلاث بنات وكانت الكبيرة منهن تخطب ولكنه يمنعها فأراد الله عز وجل فمرضت الكبيرة وحضرها الموت فكانت في سياق الموت توصي من حولها وتقول قولوا لأبي حسبي الله عليك حيث منعني شبابي ومنعني شهوتي وإني واقفة بين يدي الله أما وهو فليعد لنفسه جواب أو كما قالت ، أفلا تخافون أن تكون هذه عاقبة بناتكم إذا منعتموهن فأتقوا الله عباد الله ولا يحل للرجل كذلك أن يجبر إبنته على زواج من لا تريد النكاح به لأن ذلك محرم عليه سواء كان الأب أو غيره لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا تنكح البكر حتى تستأذن) وفي رواية لمسلم ( والبكر يستأمرها أبوها) فاتقوا الله عباد الله تمسكوا بدينكم وأعتصموا به وأحذورا كيد أعدائكم ومكرهم ) فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ)(لقمان: من الآية33)
 
آخر تعديل:
توقيع ابو ليث
يتبع باذن الله.
لا تنسونا من صالح دعائكم.
 
توقيع ابو ليث
بارك فيكم أبا ليث وأحسن اليك موضوع قيم ومشاركة طيبة بإذن الله
عسانا نشارككم الخير في نقل أقوال العلماء في المسألة المذكورة فنسأل الله أن ينفعنا بها واياكم ويهدينا سواء السبيل.
 
غلاء المهور وأضراره

بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد:
فإن مشكلة غلاء المهور والإسراف في حفلات الزواج قد شغلت بال كثير من الناس وحالت بينهم وبين الزواج المبكر وفي ذلك مخالفة لأوامر الله تعالى وأوامر رسوله r التي رغبت في الزواج المبكر وتيسير أسبابه، كما أن في ذلك تعريض الشباب والفتيات للخطر والفتنة والفساد والسفر إلى الخارج لأجل ذلك فليتق الله كل مسلم في نفسه وفي أولاده وبناته وليبادر إلى تزويجهم بما تيسر فأعظم النكاح بركة أيسره مؤنة.
وقد أدرك هذا الخطر كثير من علمائنا الأفاضل فحذروا من التغالي في المهور والإسراف في حفلات الزواج وأقاموا الحجة على الناس بذلك أثابهم الله وتقبل منهم. فجمعت في هذه الرسالة ما تيسر مما كتب في هذا الموضوع. وقد سمعت أن بعض القبائل والأسر اتفقوا على تيسير الزواج وتيسير أسبابه وعدم الإسراف والتغالي فيه فجزاهم الله خيراً وأسأل الله تعالى أن ينفع بهذه الرسالة من قرأها أو سمعها وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


غلاء المهور وأضراره
لاشك أن الزواج ضرورة من ضروريات الحياة إذ به تحصل مصالح الدين والدنيا ويحصل به الارتباط بين الناس، وبسببه تحصل المودة والتراحم ويسكن الزوج إلى زوجته والزوجة إلى زوجها قال تعالى: }وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ{([1]) وبالتزوج يحصل تكثير النسل المندوب إلى طلبه كما في الحديث عنه r أنه قال: "تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم" رواه أبو داود والنسائي، والتزوج أدعى إلى غض البصر وإحصان الفرج والعفة، ونرى حياة المتزوج أحسن من حياة الأعزب بكثير فإن المتزوج تكون نفسه مطمئنة وعيشته هنيئة وتتوفر لديه أسباب الراحة والدعة والسكون وتزكو بذلك أمور دينه ودنياه كما في الحديث: "إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف الدين فليتق الله في النصف الثاني" رواه البيهقي، خصوصاً إن وفق لامرأة صالحة قانتة حافظة للغيب بما حفظ الله إن نظر إليها سرته وإن أمرها أطاعته وإن غاب عنها حفظته في نفسها وماله، وقد جاءت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية في الأمر بالتزوج والترغيب فيه من ذلك قول الله تعالى: }فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ{([2])

([1]) سورة الروم الآية 21.
([2]) سورة النساء الآية 3.
 
آخر تعديل:
وقال تعالى }وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ{([1]) والأيامى جمع أيم وهو الذي لا زوجة له من الرجال والنساء وفيها حث على التزوج ووعد للمتزوج بالغنى بعد الفقر. وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى. وقال ابن مسعود رضي الله عنه: التمسوا الغنى في النكاح: }إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ{، وفي الحديث: "ثلاثة حق على الله عونهم المتزوج يريد العفاف والمكاتب يريد الأداء والغازي في سبيل الله" رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه. قال ابن كثير رحمه الله: والمعهود من كرم الله تعالى ولطفه أن يرزقه ما فيه كفاية لها وله، فينبغي لمن يستطيع الزواج أن يتزوج امتثالاً لأمر الله ورسوله وإعفافاً لنفسه وزوجته فإنه يحصل بعدم الزواج أضرار كثيرة منها: النظر المحرم الذي هو سهم مسموم من سهام إبليس وهو بريد الزنا وأمراض تعترض الإنسان بسبب التأيم ولكن وياللأسف نرى كثيراً من الشباب عندهم عزوف عن الزواج الشرعي وهروب عن مسئوليته وفي ذلك خطر عظيم عليهم وعلى أمتهم. وقد قال رسول الله r الذي هو بأمته رؤوف رحيم: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" متفق عليه. والباءة مؤونة الزواج وتكاليفه وفي الحديث الحث على النكاح لما فيه من تحصين الفرج وغض البصر، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن النبي r حمد الله وأثنى عليه وقال: "لكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني" متفق عليه. وكثير من الناس اليوم قد لا يستطيع الزواج بسبب غلاء المهور والإسراف في حفلات الزواج وهي مشكلة عويصة أضرت بالمجتمع وحصل بسببها من الظلم للفتيان والفتيات ما الله به عليم، ولم يؤثر عن النبي r ولا عن أحد من أصحابه والتابعين لهم بإحسان أنهم تغالوا في المهور ولا أمروا بذلك بل ورد في الحديث أن النبي r قال: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد" أخرجه الترمذي وقال حديث حسن وابن ماجه والحاكم، وفي رواية للترمذي: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض، وإسناده حسن وقال عليه الصلاة والسلام: "إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة" رواه أحمد ورواه البيهقي في شعب الإيمان. وكان صداق أزواج النبي r وبناته في حدود خمسمائة درهم وزوج امرأة على رجل فقير ليس عنده شيء من المال بما معه من القرآن بعد أن قال له التمس ولو خاتماً من حديد فلم يجد شيئاً، متفق عليه. وتزوج عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه امرأة على وزن نواة من ذهب متفق عليه والله تعالى يقول: }لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا{([1]) وليس من الحكمة ولا من المصلحة التغالي في المهور والإسراف في حفلات الزواج وطلب الأولياء من المتزوج الأموال الباهظة التي يعجز عنها الفقير وتكون سبباً للحرمان من الزواج وتأيم الفتيان والفتيات، والمغالاة في المهور وجعل الزوجة كأنها سلعة تباع وتشترى مما يخل بالمروءة وينافي الشيم ومكارم الأخلاق.

https://www.4algeria.com/vb/#_ftnref1([1]) سورة الأحزاب الآية 21.



https://www.4algeria.com/vb/#_ftnref1([2]) سورة النور الآية 32.
 
وينبغي لمن لا يستطيع الزواج أن يصوم وأن يستعفف حتى يغنيه الله تعالى من فضله كما قال تعالى: }وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ{([1]) وقال r في الحديث المتقدم "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" رواه البخاري ومسلم والوجاء قطع شهوة النكاح. وعلى أولياء الفتيان والفتيات تخفيف المهور وتيسير سبل الزواج ومراعاة الفقراء ومواساتهم وعدم الطمع والجشع وتزويج الأيامى بما يتيسر وبذلك يتحقق التكافل الاجتماعي والتضامن الإسلامي وتسود الأخوة والمحبة والتعاون بين المسلمين الذين هم كالجسد الواحد وكالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

https://www.4algeria.com/vb/#_ftnref1([1]) سورة النور الآية 33.
 
التحذير من المغالاة في المهور
والإسراف في حفلات الزواج
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى من يراه من إخواننا المسلمين وفقني الله وإياهم لما يحبه ويرضاه وجنبنا جميعاً الوقوع فيما حرمه ونهى عنه آمين ...
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.... أما بعد:
لقد شكا إلي العديد من أهل الغيرة والصلاح ما فشا في المجتمع من ظاهرة المغالاة في المهور والإسراف في حفلات الزواج وتنافس الناس في البذخ وإنفاق الأموال الطائلة في ذلك وما يقع في الحفلات غالباً من الأمور المحرمة المنكرة كالتصوير واختلاط الرجال بالنساء وإعلان أصوات المغنيين والمغنيات بمكبرات الصوت واستعمال آلات الملاهي وصرف الأموال الكثيرة في هذه المحرمات وكل ذلك مما أدى بكثير من الشباب إلى الانصراف عن الزواج لعدم قدرتهم على دفع تكاليفه الباهظة وإنما الجائز في الأعراس للنساء خاصة ضرب الدف والغناء العادي بينهن إعلاناً للنكاح وتمييزاً له عن السفاح كما جاءت السنة بذلك بدون إعلان ذلك بمكبرات الصوت وحيث إن الكثير من الناس يفعلون تلك الأمور المحرمة تقليداً للآخرين وجهلاً بسنة سيد الأولين والآخرين ورأيت كتابة هذه الكلمة نصحاً لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم فأقول والله المستعان... من المعلوم أن النكاح من سنن المرسلين وقد أمر الله ورسوله به قال تعالى: }فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ{([1]) الآية وقال تعالى: }وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ{([2]) وقال النبي r : "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء"([3]) وقال في حديث آخر: "لكني أصوم وأفطر وأصلي وأنام وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني"([4]) وإن على المسلمين عامة وولاة أمورهم خاصة أن يعملوا على تحقيق هذه السنة وتيسيرها تحقيقاً لما روي عنه r أنه قال: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير"([5]) وروى مسلم في صحيحه وأبو داود والنسائي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: سألت عائشة رضي الله عنها كم كان صداق رسول الله r قالت: كان صداقه لأزواجه اثنتي عشرة أوقية ونشا. قالت أتدري ما النش قلت لا. قالت نصف أوقية فذلك خمسمائة درهم وقال عمر رضي الله عنه: «ما علمت رسول الله r نكح شيئاً من نسائه ولا أنكح شيئاً من بناته على أكثر من اثنتي عشرة أوقية». قال الترمذي: حديث حسن صحيح وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما عن سهل بن سعد الأنصاري رضي الله عنه أن النبي r زوج امرأة على رجل فقير ليس عنده شيء من المال بما معه من القرآن وروى أحمد والبيهقي والحاكم أن من يمن المرأة تيسير خطبتها وتيسير صداقها، ومع هذه السنة الواضحة الصريحة من أقوال الرسول r وفعله فقد وقع كثير من الناس فيما يخالفها كما خالفوا أمر الله ورسوله في إنفاق الأموال في غير وجهها فقد حذر الله في كتابه العزيز من الإسراف والتبذير فقال: }وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا{([6])، وقال سبحانه: }وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا{([7]).
وأخبر عز وجل أن من صفات المؤمنين التوسط والاعتدال في الإنفاق فقال تعالى: }وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا{([8]) وقال تعالى: }وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ{([9]) فأمر بإنكاح الأيامى أمراً مطلقاً ليعم الغني والفقير وبين أن الفقر لا يمنع التزويج لأن الأرزاق بيده سبحانه وهو قادر على تغيير حال الفقير حتى يصبح
https://www.4algeria.com/vb/#_ftnref1([1]) سورة النساء الآية 3.

https://www.4algeria.com/vb/#_ftnref2([2]) سورة النور الآية 32.

https://www.4algeria.com/vb/#_ftnref3([3]) رواه البخاري ومسلم وغيرهما.

https://www.4algeria.com/vb/#_ftnref4([4]) رواه البخاري ومسلم وغيرهما.

https://www.4algeria.com/vb/#_ftnref5([5]) رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب.

https://www.4algeria.com/vb/#_ftnref6([6]) سورة الإسراء الآيتان 26 ، 27.

https://www.4algeria.com/vb/#_ftnref7([7]) سورة الإسراء الآية 29.

https://www.4algeria.com/vb/#_ftnref8([8]) سورة الفرقان الآية 67.

https://www.4algeria.com/vb/#_ftnref9([9]) سورة النور الآية 32.
 
غنياً، وإذا كانت الشريعة الإسلامية قد رغبت في الزواج وحثت عليه فإن على المسلمين أن يبادروا إلى امتثال أمر الله وأمر رسوله r بتيسير الزواج وعدم التكلف فيه وبذلك ينجز الله لهم ما وعدهم.
قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: (أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى).
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (التمسوا الغنى في النكاح) فياعباد الله اتقوا الله في أنفسكم وفيمن ولاكم الله عليهن من البنات والأخوات وغيرهن وفي إخوانكم المسلمين واسعوا جميعاً إلى تحقيق البر في المجتمع وتيسير سبل نموه وتكاثره ودفع أسباب انتشار الفساد والجرائم ولا تجعلوا نعمة الله عليكم سلَّماً إلى عصيانه وتذكروا دائماً أنكم مسئولون ومحاسبون على تصرفاتكم كما قال تعالى: }فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ{([1]) وروي عنه r أنه قال: "لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه؟ وعن شابه فيما أبلاه؟ وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ وعن علمه ماذا عمل به؟"([2]) وبادروا إلى تزويج أبنائكم وبناتكم مقتدين بنبيكم وصحابته الكرام والسائرين على هديهم وطريقتهم واحرصوا على تزويج الأتقياء ذوي الأمانة والدين واقتصدوا في تكاليف الزواج ووليمته ولا تغالوا في المهور أو تشترطوا دفع أشياء تثقل كاهل الزوج، وإذا كانت لديكم فضول أموال فأنفقوها في وجوه البر والإحسان ومساعدة الفقراء والأيتام وفي الدعوة إلى الله وإقامة المساجد فذلك خير وأبقى وأسلم في الدنيا والآخرة من صرفها في الولائم الكبيرة ومباهاة الناس في مثل هذه المناسبات وليتذكر كل من فكر في إقامة الحفلات الكبيرة وإحضار المغنيين والمغنيات لها ما في ذلك من الخطر العظيم وأنه يخشى عليه بذلك أن يكون ممن كفر نعمة الله ولم يشكرها وسوف يلقى الله ويسأله عن كل ما عمل فليقتصد في ذلك وليتحرى في حفلات الأعراس وغيرها ما أباح الله دون ما حرم.
وينبغي لعلماء المسلمين وأمرائهم وأعيانهم أن يعنوا بهذا الأمر وأن يجتهدوا في أن يكونوا أسوة حسنة لغيرهم لأن الناس يتأسون بهم ويسيرون وراءهم في الخير والشر فرحم الله امرأً جعل من نفسه أسوة حسنة وقدوة طيبة للمسلمين في هذا الباب وغيره، ففي الحديث الصحيح عن النبي r أنه قال: "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده لا ينقص ذلك من أجره شيئاً"([3]) الحديث. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
https://www.4algeria.com/vb/#_ftnref1([1]) سورة الحجر الآيتان 92 ، 93.

https://www.4algeria.com/vb/#_ftnref2([2]) رواه البزار والطبراني بإسناد صحيح.

https://www.4algeria.com/vb/#_ftnref3([3]) رواه مسلم.
 
حكم المغالاة في مهور النساء
لسماحة مفتي الديار السعودية
الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ
المتوفي عام 1389 هـ رحمه الله

مشكلة غلاء المهور
من محمد بن إبراهيم إلى من يراه من إخوانه المسلمين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: وبعد، فإن مشكلة غلاء المهور في زماننا هذا من أكبر المشاكل التي يجب الاعتناء بحلها وذلك لما يترتب على غلاء المهور في زماننا هذا من أضرار كثيرة نخص منها بالذكر ما يأتي:
1- قلة الزواج التي تفضي إلى كثرة الأيامى وانتشار الفساد.
2- الإسراف والتبذير المنهي عنهما شرعاً.
3- غش الولي لموليته بامتناعه من تزويجها بالكفء الصالح الذي يظن أنه لا يدفع له صداقاً كثيراً رجاء أن يأتي من هو أكثر صداقاً ولو كان لا يرضى ديناً ولا خلقاً ولا يرجى لمرأة الهناء عنده وهذا مع كونه غشاً فيه العضل الذي يعتبر من تكرر منه فاسقاً ناقص الدين ساقط العدالة حتى يتوب، وفيه مخالفة حديث "إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير".
فلهذا وجب أن نبين ما دلت عليه النصوص في هذا الأمر المهم وما اشترطه العلماء لجواز إكثار المهر بدون كراهة ثم نجيب عما يظنه البعض دليلاً لهذا العمل المنافي لمقاصد الشرع وهو الآية الكريمة }وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا{ وقضية عمر بن الخطاب مع القرشية. فنقول وبالله
التوفيق.

 
سنة النبي صلى الله عليه وسلم في الصداق
عقد الإمام ابن القيم في كتابه (زاد المعاد) فصلاً خاصاً لقضاء النبي r في الصداق قال فيه ثبت في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها "كان صداق النبي r لأزواجه اثنتي عشرة أوقية ونشا فذلك خمسمائة درهم". وقال عمر رضي الله عنه "ما علمت رسول الله r نكح شيئاً من نسائه ولا أنكح شيئاً من بناته على أكثر من اثنتي عشرة أوقية". قال الترمذي: "حديث حسن صحيح" اهـ . والأوقية أربعون درهماً. وفي صحيح البخاري من حديث سهل بن سعد أن النبي r قال لرجل: "تزوج ولو بخاتم من حديد" وفي سنن أبي داود من حديث جابر أن النبي r قال: "من أعطى في صداق ملء كفه سويقاً أو تمراً فقد استحل" وفي سنن الترمذي أن امرأة من بني فزارة تزوجت على نعلين فقال رسول الله r "رضيت من نفسك ومالك بنعلين قالت نعم "فأجازه" قال الترمذي حديث صحيح.
وفي مسند الإمام أحمد من حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي r "إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤنة". وفي الصحيحين أن امرأة جاءت إلى النبي r فقالت: يا رسول الله إني قد وهبت نفسي لك فقامت طويلاً فقال رجل يا رسول الله زوجنيها إن لم تكن لك بها حاجة فقال هل عندك من شيء تصدقها إياه؟ قال ما عندي إلا إزاري هذا فقال r إنك إن أعطيتها إزارك جلست لا إزار لك فالتمس شيئاً فقال ما أجد شيئاً قال فالتمس ولو خاتماً من حديد فالتمس فلم يجد شيئاً فقال r هل معك شيء من القرآن؟ قال: نعم سورة كذا وسورة كذا لسور سماها فقال قد زوجتكها بما معك من القرآن.
قال ابن القيم فتضمنت هذه الأحاديث أن الصداق لا يتقدر أقله وأن قبضة السويق وخاتم الحديد والنعلين يصح تسميتها مهراً وتحل بها الزوجة وتضمنت أن المغالاة في المهر مكروهة في النكاح وأنها من قلة بركته وعسره([1]).


https://www.4algeria.com/vb/#_ftnref1([1]) انظر زاد المعاد لابن القيم بتحقيق الأرنؤوط 5/176.
 
استحباب الاقتصار على صداق
النبي صلى الله عليه وسلم لمن قدر على بذله
قال النووي في شرح حديث عائشة عند مسلم في صداق النبي r لأزواجه المتقدم ذكره استدل بهذا الحديث على أنه يستحب كون الصداق خمسمائة درهم([1]). وقال ابن قدامة في "المغني" (لا تستحب الزيادة على هذا أي على صداق النبي r لأنه إذا كثر ربما تعذر عليه فيتعرض للضرر في الدنيا والآخرة)([2]).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في "الاختيارات" (كلام الإمام أحمد في رواية حنبل يقتضي أنه يستحب أن يكون الصداق أربعمائة درهم وهذا هو الصواب مع القدرة واليسار فيستحب بلوغه ولا يزاد عليه)([3]).

إنكار زيادة الشخص
على المقدار المناسب لحاله
ولو كان دون صداق النبي r
روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي r فقال إني تزوجت امرأة من الأنصار فقال له النبي r: «هل نظرت إليها فإن في عيون الأنصار شيئاً؟ قال قد نظرت إليها قال: على كم تزوجتها» قال: على أربع أواق فقال له النبي r: «على أربع أواق؟» كأنما تنحتون الفضة من عرض([4]) هذا الجبل ما عندنا ما نعطيك ولكن عسى أن نبعثك في بعث تصيب منه قال فبعث بعثاً وبعث ذلك الرجل فيهم». قال النووي في شرح صحيح مسلم (معنى هذا الكلام كراهة إكثار المهر بالنسبة إلى حال الزوج) واستدل النووي بهذا الحديث على أن استحباب كون الصداق خمسمائة درهم إنما هو في حق من يحتمل ذلك ولا يجحف به. وقال أبو المحاسن يوسف بن موسى الحنفي في "المعتصر من المختصر من مشكل الآثار" (الحق أن الإنكار على من زاد على المقدار الذي يناسب حاله وحالها لأنه من الإسراف المذموم لا عن مطلق الزيادة فإنها مباحة). وقال القرطبي (هو إنكار بالنسبة إلى هذا الرجل فإنه كان فقيراً في تلك الحالة وأدخل نفسه في مشقة تعرض للسؤال بسببها ولهذا قال (ما عندنا ما نعطيك) ثم إنه r لكرم أخلاقه جبر انكسار قلبه بقوله: "ولكن عسى أن نبعثك في بعث ـ أي سرية للغزو ـ فتصيب منه فبعثه" نقل هذا عن القرطبي صاحب "فتح الملهم" قلت ومن أحاديث الباب ما رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط والحاكم في المستدرك عن أبي حدرد الأسلمي أنه أتى النبي r يستعينه في مهر امرأة قال: «كم أمهرتها؟» قال مائتي درهم قال: «لو كنتم تغرفون من بطحان ما زدتم». قال الحافظ الهيثمي في "مجمع الزوائد" (رجال أحمد رجال الصحيح) وقال المناوي في "فيض القدير" (قال الحاكم صحيح وأقره الذهبي).


https://www.4algeria.com/vb/#_ftnref1([1]) شرح مسلم 9/215.

https://www.4algeria.com/vb/#_ftnref2([2]) المغني 6/682.

https://www.4algeria.com/vb/#_ftnref3([3]) الاختيارات الفقهية ص227.

https://www.4algeria.com/vb/#_ftnref4([4]) عُرْض بضم العين وإسكان الراء جانب كما في شرح النووي على مسلم 9/211.
 
ما يشترط لجواز إكثار المهر
بدون كراهة
قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في "الاختيارات" لو قيل أنه يكره جعل الصداق ديناً سواء كان مؤخر الوفاء وهو حال، أو كان مؤجلاً لكان متجهاً لحديث الواهبة. قال: (والصداق المقدم إذا كثر وهو قادر على ذلك لم يكره إلا أن يقترن بذلك ما يوجب الكراهة من معنى المباهاة ونحو ذلك، فأما إذا كان عاجزاً عن ذلك كره بل يحرم إذا لم يتوصل إليه إلا بمسألة أو غيرها من الوجوه المحرمة، فأما إن كثر وهو مؤخر في ذمته فينبغي أن يكره هذا كله لما فيه من تعريض نفسه لشغل الذمة).
وقال أبو بكر بن العربي في "أحكام القرآن" (وقد تباهى الناس في الصدقات حتى بلغ صداق امرأة ألف ألف وهذا قل أن يوجد من حلال). وتقدم قول ابن قدامة في "المغني" (لا تستحب الزيادة على هذا أي على صداق النبي r لأنه إذا كثر ربما تعذر عليه فيتعرض للضرر في الدنيا والآخرة).
ومن هذه النقول يستفاد أن لجواز الإكثار بدون كراهة من الشروط ما يلي:
1- أن لا يكون الصداق كله ديناً.
2- أن لا يقصد الشخص بالإكثار المباهاة.
3- القدرة واليسار.
4- أن لا تكون الطريق التي يتوصل بها إلى الصداق محرمة.
5- أن يكون الصداق كله من الحلال.
الجواب عن قوله تعالى
}وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا{
أما قوله تعالى: }وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا{ فغاية ما تدل عليه هذه الآية جواز دفع القادر على القنطار لا تكليف العاجز ما لا يقدر عليه بدليل إنكار النبي r على أبي حدرد الأسلمي إمهاره مائتين وعلى الرجل المتزوج امرأة من الأنصار بأربع أواق صنيعه لكون ذلك لا يناسب حالهما وسنة النبي r هي المبينة لكتاب الله عز وجل. هذا جوابنا لمن يرى دلالة الآية على جواز المغالاة في الصداق.
أما من لا يرى ذلك فقد سلكوا في الآية مسلكين:
أحدهما: ما ذكره أبو حيان في "البحر المحيط" حيث قال: قال قوم لا تدل على ذلك أي على إباحة المغالاة في الصداق لأنه تمثيل على جهة المبالغة في الكثرة كأنه قيل وآتيتم هذا القدر العظيم الذي لا يؤتيه أحد، وهو شبيه بقوله r : "من بنى مسجداً لله ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتاً في الجنة" ومعلوم أن مسجداً لا يكون كمفحص قطاة وإنما هو تمثيل للمبالغة في الصغر. وقد قال r لمن أمهر مائتين وجاء يستعين في مهره وغضب r كأنكم تقطعون الذهب والفضة من عرض الحرة.
ثانيهما: ما نقله أبو حيان عن الفخر الرازي أنه قال (لا دلالة فيها على المغالاة لأن قوله تعالى (وآتيتم) لا يدل على جواز آتيان القنطار ولا يلزم من جعل الشيء شرطاً لشيء آخر كون ذلك الشرط في نفسه جائز الوقوع كقوله r : "من قتل له قتيل فأهله بين خيرتين" هذا ما ذكره وبه يتبين أن لا مبرر في الآية لتكليف العاجز ما لا يقدر عليه ولا لعضل النساء والتضحية بكرامتهن في سبيل الوصول إلى الأغراض الشخصية([1]).


https://www.4algeria.com/vb/#_ftnref1([1]) انظر البحر المحيط لابن حيان 3/205.
 
قضية عمر بن الخطاب
رضي الله عنه مع القرشية
أما ما روى أبو يعلى من طريق محمد بن إسحاق حدثني محمد بن عبد الرحمن عن مجالد بن سعيد عن الشعبي عن مسروق قال ركب عمر بن الخطاب رضي الله عنه منبر رسول الله r ثم قال: «أيها الناس ما إكثاركم في صداق النساء وقد كان رسول الله r وأصحابه والصدقات فيما بينهم أربعمائة درهم فما دون ذلك ولو كان في الإكثار من ذلك تقوى عند الله أو كرامة لم تسبقوهم إليها فلا أعرفن ما زاد الرجل في صداق امرأة على أربعمائة درهم قال ثم نزل» فاعترضته امرأة من قريش فقالت (يا أمير المؤمنين نهيت الناس أن يزيدوا في مهر النساء على أربعمائة درهم؟ قال نعم فقالت أما سمعت الله يقول }وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا{ الآية. فقال: اللهم غفراً كل الناس أفقه من عمر ثم رجع فركب المنبر فقال أيها الناس إني نهيتكم أن تزيدوا النساء في صدقاتهن على أربعمائة درهم فمن شاء أن يعطي من ماله ما أحب فليفعل. قال أبو يعلى
وأظنه قال: فمن طابت نفسه فليفعل.
فالجواب عن هذه القضية أن قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه فمن شاء أن يعطي من ماله ما أحب فليفعل يدل على تقييد ذلك بالقدرة واليسار كما تقدمت الأدلة عليه مع أن زيادة اعتراض المرأة على عمر بن الخطاب في الحديث لها طرق لا تخلو من مقال.
أولها: طريقة أبي يعلى المتقدمة وفيها مجالد بن سعيد قال البخاري في "التاريخ الصغير" (كان ابن مهدي لا يروي عنه) اهـ. وفي "الميزان" قال ابن معين وغيره لا يحتج به وقال أحمد يرفع كثيراً مما لا يرفعه الناس ليس بشيء وقال النسائي ليس بالقوي وذكر الأشج أنه شيعي وقال الدراقطني ضعيف وقال البخاري كان يحيى بن سعيد يضعفه. وكان ابن مهدي لا يروي عنه وقال الفلاس سمعت يحيى بن سعيد يقول (لو شئت أن يجعلها لي مجالد كلها عن الشعبي عن مسروق عن عبد الله فعل) اهـ. ومن هنا يظهر إشكال جزم بعض أهل العلم بجودة إسناد هذه الرواية.
الثانية: رواية ابن المنذر من طريق قيس بن الربيع عن أبي حصين عن أبي عبد الرحمن السلمي قال قال عمر بن الخطاب لا تغالوا في مهور النساء فقالت امرأة ليس ذاك لك يا عمر إن الله يقول: }وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا من ذهب{ قال وكذلك هي في قراءة عبد الله بن مسعود }فلا يحل لكم أن تأخذوا منه شيئاً{ فقال عمر إن امرأة خاصمت عمر فخصمته. وفي إسناد هذه الرواية قيس بن الربيع قال البخاري في "التاريخ الصغير" حدثني عمرو بن علي قال كان يحيى وعبد الرحمن لا يحدثان عن قيس بن الربيع.
وكان عبد الرحمن حدثنا عنه ثم تركه. حدثنا علي قال وكان وكيع يضعف قيساً قال أبو داود أيضاً أتي قيس من ابنه وكان ابنه يأخذ أحاديث الناس فيدخلها في فرج كتاب قيس ولا يعرف الشيخ ذلك ا هـ . وذكره البخاري في الضعفاء أيضاً وقال النسائي في كتاب الضعفاء والمتروكين قيس بن الربيع متروك الحديث كوفي.
الثالثة: رواية الزبير بن بكار حدثني عمي مصعب بن عبد الله عن جدي قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا تزيدوا في مهور النساء وإن كانت بنت ذي القصية يعني يزيد بن الحصين الحارثي فمن زاد ألقيت الزيادة في بيت المال، قال: فقالت: امرأة من صفة النساء طويلة في أنفها فطس ما ذاك لك قال: ولم؟ قالت: إن الله تعالى قال: }وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا{ الآية. فقال عمر: امرأة أصابت ورجل أخطأ. وهذه الرواية أعلها الحافظ بن كثير في تفسيره بالانقطاع.
الرابعة: رواية إسحاق من طريق عطاء الخرساني عن عمر هذا الحديث بزيادة ثم أن عمر خطب أم كلثوم أي بنت علي وأصدقها بأربعين ألفاً فهذه الرواية أعلها الحافظ بن حجر العسقلاني في تخريج أحاديث الكشاف بالانقطاع هذا وعند البيهقي من طريق حميد عن بكر ما يعارض هذه الروايات بلفظ قال عمر بن الخطاب لقد خرجت أنا أريد أن أنهى عن كثرة مهور النساء حتى قرأت هذه الآية }وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا{ ففي هذه الرواية لو صحت دلالة على أن عمر هو الذي فهم من الآية جواز الكثرة لكنها مرسلة كما في سنن البيهقي كما أن عند عبد الرزاق في مصنفه رواية تعارض رواية اعتراض المرأة بالآية وقبول عمر كلامها فقد روى عبد الرزاق عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع قال: قال عمر بن الخطاب لا تغالوا في مهور النساء فلو كان تقوى لله كان أولاكم به بنات رسول الله r ما نكح ولا أنكح إلا على اثنتي عشرة أوقية. قال نافع: فكان عمر يقول مهور النساء لا يزدن على أربع مائة درهم إلا فيما تراضوا عليه فيما دون ذلك قال نافع وزوج رجل من ولده ابنة له على ستمائة درهم قال ولو علم بذلك نكله قال: وكان إذا نهى عن الشيء قال لأهله إني قد نهيت عن كذا وكذا والناس ينظرون إليكم كما ينظر الحدا إلى اللحم فإياكم وإياه. هذا لفظ عبد الرزاق فذكر نافع في هذه الرواية أن عمر بن الخطاب لو اطلع على تزوج ولد ابنته بستمائة درهم لنكله. مما يشكك في قصية المرأة ولما ذكرنا تركها أصحاب السنن الأربعة وكثير من أئمة الحديث الذين رووا نهي عمر عن المغالاة بالصداق واقتصروا على استدلال عمر بصداق النبي r وفي رواية بعضهم بدل اعتراض المرأة زيادة (وإن الرجل ليغلي بصداق امرأته حتى يكون لها عداوة بقلبه وحتى يقول كلفت لكم علق الرقبة).
وقد نص أبو بكر بن العربي في أحكام القرآن على أن الرواية المشهورة عن عمر هي التي لم تتعرض لقضية المرأة يضاف إلى هذا كله أن الحديث عند أصحاب السنن الذين تركوا زيادة اعتراض المرأة. من طريق أبي العجفاء هرم بن نسيب وهو وإن كان قد وثقه بعض الحفاظ فقد قال أبو أحمد الحاكم ليس حديثه بالقائم وقال البخاري في حديثه نظر وبهذا تعقب المنذري في مختصر السنن سكوت أبي داود عنه وعبارة البخاري في التاريخ الصغير قال سلمة بن علقمة عن ابن سيرين نبئت عن أبي العجفاء عن عمر في الصداق قال هشام عن ابن سيرين حدثنا أبو العجفاء وقال بعضهم عن ابن سيرين عن ابن أبي العجفاء عن أبيه في حديثه نظر هذا نص البخاري في التاريخ الصغير وللحديث بلفظ أصحاب السنن عند أبي نعيم في "الحلية" إسناد آخر فإنه رواه في ترجمة شريح من طريق القاسم بن مالك عن أشعث بن سوار عن الشعبي عن شريح قال قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه فذكره وهذا الإسناد قال أبو نعيم فيه غريب من حديث الشعبي عن شريح والمشهور من حديث ابن سيرين عن أبي العجفاء عن عمر تفرد به القاسم بن مالك المزني عن أشعث.
والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

 
نداء إلى كل مسلم ومسلمة

إن أعداءنا من اليهود والنصارى يخططون لأن يكون في بلاد المسلمين جيش من النساء بلا رجال حتى تنتشر الرذيلة وتعم الفاحشة بشتى أنواع الطرق والوسائل ليفسدوا علينا ديننا ودنيانا فهل أنتم مستيقظون؟!!
https://www.4algeria.com/vb/#_ftnref1
 
قرار هيئة كبار العلماء
رقم 52 وتاريخ 4/4/1397 هـ
في تحديد مهور النساء
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد:
فإن مجلس هيئة كبار العلماء قد اطلع في دورته العاشرة المعقودة في مدينة الرياض فيما بين يوم 21/3/1397 هـ و 4/4/1397 هـ على البحث الذي أعدته اللجنة الدائمة من هيئة كبار العلماء في موضوع تحديد مهور النساء بناء على ما قضى به أمر سمو نائب رئيس مجلس الوزراء من عرض هذا الموضوع على هيئة كبار العلماء لإفادة سموه بما يتقرر وجرى استعراض بعض ما رفع للجهات المسئولة عن تمادي الناس في المغالاة في المهور والتسابق في إظهار البذخ والإسراف في حفلات الزواج وبتجاوز الحد في الولائم وما يصحبها من إضاءات عظيمة خارجة عن حد الاعتدال ولهو وغناء بآلات طرب محرمة بأصوات عالية قد تستمر طول الليل حتى تعلو في بعض الأحيان على أصوات المؤذنين في صلاة الصبح وما يسبق ذلك من ولائم الخطوبة وولائم عقد القران كما استعرض بعض ما ورد في الحث على تخفيف المهور والاعتدال في النفقات والبعد عن الإسراف والتبذير فمن ذلك قوله تعالى: }وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا{([1]) وقول النبي r فيما رواه مسلم وأبو داود والنسائي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال سألت عائشة رضي الله عنها زوج النبي r كم كان صداق رسول الله r قالت: كان صداقه لأزواجه اثنتي عشرة أوقية ونشا قالت: أتدري ما النش؟ قلت: لا، قالت: نصف أوقية فذلك خمسمائة درهم.
وقال عمر رضي الله عنه: «ما علمت رسول الله r نكح شيئاً من نسائه ولا أنكح شيئاً من بناته على أكثر من اثنتي عشرة أوقية» قال الترمذي حديث حسن صحيح. وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي r: «زوج امرأة رجلاً بما معه من القرآن».
وروى الترمذي وصححه أن عمر رضي الله عنه قال لا تغلوا في صداق النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله كان أولاكم بها النبي r ما أصدق رسول الله r امرأة من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية وإن كان الرجل ليبتلى بصدقة امرأته حتى يكون عداوة في نفسه وحتى يقول كلفت لك علق القربة([2]) والأحاديث والآثار في الحض على الاعتدال في النفقات والنهي عن تجاوز الحاجة كثيرة معلومة وبناء على ذلك ولما يسببه هذا التمادي في المغالاة في المهور والمسابقة في التوسع في الولائم بتجاوز الحدود المعقولة وتعدادها قبل الزواج وبعده وما صاحب ذلك من أمور محرمة تدعو إلى تفسخ الأخلاق من غناء واختلاط الرجال بالنساء في بعض الأحيان ومباشرة الرجال لخدمة النساء في الفنادق إذا أقيمت الحفلات فيها مما يعد من أفحش المنكرات ولما يسببه الانزلاق في هذا الميدان من عجز الكثير من الناس عن نفقات الزواج فيجرهم ذلك إلى الزواج من مجتمع لا يتفق في أخلاقه وتقاليده مع مجتمعنا فيكثر الانحراف في العقيدة والأخلاق بل قد يجر هذا التوسع الفاحش إلى انحراف الشباب من بنين وبنات، ولذلك كله فإن مجلس هيئة كبار العلماء يرى ضرورة معالجة هذا الوضع معالجة جادة وحازمة بما يلي:
1- يرى المجلس منع الغناء الذي أحدث في حفلات الزواج بما يصحبه من آلات اللهو وما يستأجر له من مغنيين ومغنيات وبآلات تكبير الصوت لأن ذلك منكر محرم يجب منعه ومعاقبة فاعله.
2- منع اختلاط الرجال بالنساء في حفلات الزواج وغيرها ومنع دخول الزوج على زوجته بين النساء السافرات ومعاقبة من يحصل عندهم ذلك من زوج وأولياء الزوجة معاقبة تزجر عن مثل هذا المنكر.
3- منع الإسراف وتجاوز الحد في ولائم الزواج وتحذير الناس من ذلك بواسطة مأذوني عقود الأنكحة وفي وسائل الإعلام وأن يرغب الناس في تخفيف المهور ويذم لهم الإسراف في ذلك على منابر المساجد وفي مجالس العلم وفي برامج التوعية التي تبث في أجهزة الإعلام.
4- يرى المجلس بالأكثرية معاقبة من أسرف في ولائم الأعراس إسرافاً بيناً وأن يحال بواسطة أهل الحسبة إلى المحاكم لتعزير من يثبت مجاوزته الحد بما يراه الحاكم الشرعي من عقوبة رادعة زاجرة تكبح جماح الناس عن هذا الميدان المخيف لأن من الناس من لا يمتنع إلا بعقوبة، وولي الأمر وفقه الله عليه أن يعالج مشاكل الأمة بما يصلحها ويقضي على أسباب انحرافها وأن يوقع على كل مخالف من العقوبة ما يكفي لكفه.
5- يرى المجلس الحث على تقليل المهور والترغيب في ذلك على منابر المساجد وفي وسائل الإعلام وذكر الأمثلة التي تكون قدوة في تسهيل الزواج إذا وجد من الناس من يرد بعض ما يدفع إليه من مهر أو اقتصر على حفلة متواضعة لما في القدوة من التأثير.
6- يرى المجلس أن من أنجح الوسائل في القضاء على السرف والإسراف أن يبدأ بذلك قادة الناس من الأمراء والعلماء وغيرهم من وجهاء الناس وأعيانهم وما لم يمتنع هؤلاء من الإسراف وإظهار البذخ والتبذير فإن عامة الناس لا يمتنعون من ذلك لأنهم تبع لرؤسائهم وأعيان مجتمعهم فعلى ولاة الأمر أن يبدأوا في ذلك بأنفسهم ويأمروا به ذوي خاصتهم قبل غيرهم ويؤكدوا على ذلك اقتداء برسول الله r وصحابته رضوان الله عليهم واحتياطاً لمجتمعهم لئلا تتفشى فيه العزوبة التي ينتج عنها انحراف الأخلاق وشيوع الفساد وولاة الأمر مسئولون أمام الله عن هذه الأمة وواجب عليهم تقصي الأسباب التي تثبط الشباب عن الزواج ليعالجوها بما يقضي على هذه الظاهرة، والحكومة أعانها الله ووفقها قادرة بما أعطاها الله من إمكانات متوفرة ورغبة أكيدة في الإصلاح أن تقضي على كل ما يضر بهذا المجتمع أو يوجد فيه أي انحراف وفقها الله لنصرة دينه وإعلاء كلمته وإصلاح عباده وأثابها أجزل الثواب في الدنيا والآخرة وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم([3]).
هيئة كبار العلماء
https://www.4algeria.com/vb/#_ftnref1([1]) سورة الإسراء الآيتان 26 ، 27.

https://www.4algeria.com/vb/#_ftnref2([2]) أي تحملت لأجلك كل شيء حتى علق القربة وهو الحبل الذي تعلق به.

https://www.4algeria.com/vb/#_ftnref3([3]) مجلة البحوث الإسلامية ـ المجلد الثاني ـ العدد الأول.
 
ملاحظة هامة:
بناء على ما تقدم من أهمية الزواج وفوائده المتنوعة فينبغي أن لا يسمح للطلبة والطالبات بالدراسة في الجامعات إلا بعد أن يتحصنوا بالزواج طاعة لله ورسوله ومحافظة على غض الأبصار وحفظ الفروج وصيانة الأعراض والأنساب فمن كان منهم يستطيع ذلك فليتزوج ومن لا يستطيع فيعان من بيت مال المسلمين ومن جمعيات البر الخيرية. والزواج لا يمنع من الدراسة بل يعين عليها لما فيه من الراحة النفسية والطمأنينة القلبية والتجربة أكبر برهان. (والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه).
وأرجو أن تجد هذه الملاحظة آذاناً صاغية وقلوباً واعية وبالله التوفيق.
عبد الله بن جار الله بن إبراهيم الجار الله.

([1]) مجلة البحوث الإسلامية ـ المجلد الثاني ـ العدد الأول.
 
آخر تعديل:
تنبيه: نظرًا لتوقف النقاش في هذا الموضوع منذ 365 يومًا.
قد يكون المحتوى قديمًا أو لم يعد مناسبًا، لذا يُنصح بإشاء موضوع جديد.
العودة
Top Bottom