إبك كالنساء ملكا ضائعا لم تحافظ عليه مثل الرجال
بهذه الكلمات الخالدات استقبلت الأم إبنها الملك أبو عبد الله الصغير وهو يجر أذيال الخيبة مغادرا غرناطة آخر معقل إسلامي في الأندلس في مثل هذه الأيام من يناير عام 1492 م الموافق ل ربيع الأول 897 ه
غادر المسلمون الأندلس بعد حكم قارب 8 قرون
غادر السملون غرناطة بعد ان أعطوا مثالا سيئا للتفرق والتشتت والغدر والخيانة والصراع على الحكم والاستعانة بالكافر على الأخ ..
ولم يترك المسلمون وسيلة تفرقهم إلا اتبعوها حتى صار المسلم عند المسلم أخطر من النصراني
في المقابل عمل المسيحيون كل ما في وسعهم للإتحاد وانتهى ذلك بتوحيد مملكتي قشتالة التي جاءت بعد زواج الملك فيرديناند ملك أراغون بالملكة ايزابيلا ملكة قشتالة
لقد بلغ الأمر أن كان بعض الحكام المسلمين يستعدى [URL="http://www.eltareekh.com/vb"]النصارى [/URL]على إخوانه ويعقدون مع [URL="http://www.eltareekh.com/vb"]النصارى [/URL]عهودًا وأحلافًا ضد إخوانهم فى العقيدة، مِن أجل شهوة سلطة
ولما سقطت طُلَيْطِلَة كان من العجيب إن بعض ملوك الطوائف وقفوا جامدين لا يتحركون لنجدة طُلَيْطِلَة, وكأن الأمر لا يعنيهم فاغرين أفواههم جبنًا وغفلة وتفاهة، بل إن عددًا منهم كان يرتمى على أعتاب ألفونسو ملك [URL="http://www.eltareekh.com/vb"]النصارى [/URL]طالبًا عونه, أو عارضًا له الخضوع، بذلة تأباها النفوس المُسلِمة، تغافلوا عن أن ألفونسو لا يفرِّق
بين طُلَيْطِلَة وغيرها من القواعد الأَنْدَلُسية، لكن العجب يزول إذا تذكَّرنا نزعتهم الأنانية والعصبية
وقد شارك في تلك الأزمة بعض العلماء والفقهاء المسلمين فحين كانت الأمة تغرق فى الأَنْدَلُس بسبب الاجتياح النصرانيِّ المتلاطم، انصرف عدد من العلماء إلى العناية المبالغة بالفقه المذهبى وفروعه ونسوا وتناسوا واقع الأمة وآلامها
وبعض هؤلاء هم ممن قال فيهم ابن حزم رحمه الله: «ولا يغرَّنك الفُسَّاق والمنتسبون إلى الفقه، اللابسون جلود الضأن على قلوب السباع، المُزيِّنون لأهل الشرِّ شرهم، الناصرون لهم على فسقهم
نحن لا نذكر هذا التاريخ لمجرد سرد تاريخ مضى وانتهى ، ولكن غرضنا هو التنبيه على أن حاضر العرب والمسلمين اليوم يؤكد أنهم ما زالوا يعيشون فى عقلية ملوك الطوائف،من الاستبداد ووراثة العرش والفساد والتنازع الداخلى والشقاق الخارجى ، ومع اختلاف انظمة الحكم فى الطوائف بين حكم بالخلافة وحكم عائلى إلا أن المقصود الأكبر هو الانفراد بالسلطة و الثروة ، ثم وجود طامع خارجى يستغل الأوضاع لفرض سيطرته ، وهو نفس ما يحدث اليوم . تماثل واضح ومحزن ومؤسف بين ملوك طوائف الاندلس القدامى وملوك طوائف العرب والمسلمين اليوم.
الفارق بين ملوك الطوائف هناك وملوك الطوائف اليوم هو المسرح الجغرافى ، بين مسرح الطوائف فى الأندلس المستقطعة أصلا من أسبانيا وأوربا وبين وجود العرب اليوم فى بلادهم الأصلية حيث لا يمكن استقطاعها منهم ونفيهم عنها ، ولكن يمكن استغلال أوضاعهم السابقة من الاستبداد و الفساد و التنازع المستمر فى أن يقوموا هم باستئصال أنفسهم ..