التفاعل
18
الجوائز
677
- تاريخ التسجيل
- 28 جانفي 2008
- المشاركات
- 3,611
- آخر نشاط
- الجنس
- ذكر

الأسماء والكنى والألقاب في ميزان الشريعة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ،و بعد :
مقدمــة : إن الاسم عنوان المسمى ، ودليل عليه ، وضرورة للتفاهم معه ومنه وإليه ، وهو للمولود زينة ووعاء وشعار يُدعي به في الدنيا والآخرة ، ولذلك اعتنى الإسلام بتسمية المولود ورغّب في بعض الأسماء ومنع من بعضها . وما هذا البحث المختصر إلا لبيان الأسماء والكنى والألقاب في ميزان الشريعة . ** اتفق العلماءُ على وجوب تسمية المولود ذكراً كان أو أنثى ، وعلى أهمية ذلك ، فالاسم هو أول ما يواجه المولود إذا خرجَ من ظلمات الأرحام ، والاسم أول صفة تميزه في بني جنسه ، والاسمُ أول فعلٍ يقوم به الأب مع مولوده مما له صفة التوارث والاستمرار ، والاسم أولُ وسيلة يدخل بها المولود في ديوان الأمة . واسم المولود عنوانٌ عليه ، فهو يدل على المولود لشدة المناسبة بين الاسم والمسمى ، فلكل مسمى من اسمه نصيب ، وقلَّ أن يوجد اسم مثلا إلا وهو يتناسب مع المسمى به ، لأن للأسماء تأثيرا في المسميات في الحُسن والقبح والخفة والثقل ، واللطافة والكثافة . قال ابن القيم في تحفة المودود بأحكام المولود ( الفصل التاسع في بيان ارتباط معنى الاسم بالمسمى ) : قال : وقد تقدم ما يدل على ذلك من وجوه منها : 1- ما رواه البخاري في صحيحة (6190) من حديث سعيد بن المسيب عن أبيه عن جده قال : أتيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : ما اسمك ؟ قلت : حَزْن ، فقال " أنت سهل ، قلت: لا أغير اسماً سمانيه أبي. قال ابن المسيب: فمازالت تلك الحزونة فينا بعد ، والحزونة : الغلظة والصعوبة والخشونة 2- روى مالك في الموطأ (2/973) وأسنده ابن وهب في جامعه عن يعيش الغفاري قال: دعا النبي صلى الله عليه وسلم يوما بناقة فقال " من يحلبها " فقام رجل فقال:* ما اسمك ؟ قال: مُرَّة. قال : أقعد. فقام آخر فقال : ما اسمك ؟ قال: جمرة قال: اقعد . ثم قام رجل فقال: ما اسمك ؟ قال: يعيش قال ( احلبها ). قال أبو عمر ابن عبد البر: هذا من باب الفأل الحسن لا من باب الطيرة التمهيد (24/72) قال ابن القيم : وعندي فيه وجه آخر ، وهو أن بين الاسم والمسمى علاقة ورابطة تناسبه وقلّما يتخلف ذلك ، فالأسماء أقوال المسميات ، ومن هنا أخذ عمر بن الخطاب رضي لله عنه ما ذكره مالك أنه قال لرجل : ما اسمك ؟ فقال: جمرة . فقال: ابن من ؟ قال : ابن شهاب. قال : ممن ؟ قال: من الحَرقة قال: أين مسكنك ؟ قال: بحرّة النار قال: بأيتها ؟ قال: بذات لظى فقال عمر: أدرك أهلك فقد احترقوا . فكان كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه . رواه مالك في الموطأ (2/973) تحفة المودود لابن القيم – الفصل الخامس 3- وفي صحيح البخاري في باب الشروط في الجهاد أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى سهيل بن عمرو مقبلا يوم صلح الحديبية ، قال ( سَهُل أمركم ) 4- قال أبو داود في السنن ( وغير النبي صلى الله عليه وسلم ، اسم العاص وعزيز ، وعتلة ، وشيطان وغراب وشهاب فسماه هشاما …) 5- ومن ذلك ما رواة الشيخان من قوله صلى الله عليه وسلم " أسلم سالمها الله ، وغفار غفر الله لها ، وعُصية عصت الله " البخاري (3512) ومسلم (2518) ثم قال ابن القيم( وشواهد ذلك كثيرة جدا ، فقلّ أن ترى اسما قبيحا إلا وهو على مسمى قبيح، وبالجملة فالأخلاق والأعمال والأفعال القبيحة تستدعي أسماء تناسبها ) انتهى كلامه قلت : وبناء على ما تقدم ، صار حُسن الاختيار لاسم المولود من الواجبات الشرعية فيجب على الأب اختيار الاسم الحسن في اللفظ والمعنى في قالب النظر الشرعي واللسان العربي ، فيكون الاسم حسنا ، عذبا في اللسان ، مقبولا للأسماع ، يحمل معنى شريفا كريما ، ووصفا صادقا خاليا مما دلت الشريعة على تحريمه أو كراهته ، والأسماء المشروعة رُتب كما سيأتي أثناء البحث . * هذه مقدمة في بيان تسمية المولود وأثر الاسم على المسمى وحسن اختيار الاسم فإلى عناوين الموضوع: 1- من يقوم بالتسمية ؟ 2- الفرق بين الاسم والكنية واللقب ؟ 3- هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الأسماء والكنى والألقاب . 4- فيما يستحب ويجوز من الأسماء . 5- فيما يحرم من الأسماء ويجب تغييرها حسب الاستطاعة . 6- فيما يكره من الأسماء . 7- المخرج من الأسماء المحرمة أو المكروهة . 8- فوائد مهمة في الأسماء. 9- فوائد مهمة في الكنى . 10- فوائد مهمة في الألقاب . 11- الخاتمــة
1- من يقوم بالتسمية ؟ لا خلاف في أن الأب أحق بتسمية المولود ، وليس للأم حق منازعته ، فإذا تنازعا فهي للأب ، وفي التشاور بين الوالدين ميدان فسيح للتراضي والألفة بينهما ، ولكن التسمية حق للأب لما يلي: لأن المولود ينسب إلى أبيه لا إلى أمه ويدعى بأبيه لا بأمه ، فيقال : فلان بن فلان ، قال الله تعالى ( أدعوهم لآبائهم وهو أقسط عند الله) الأحزاب (5) ، ويُدعى الناس يوم القيامة بآبائهم كما ثبت في البخاري من حديث ابن عمر عن النبي "" إن الغادر يُرفع له لواء يوم القيامة، يُقال: هذه غدرة فلان ابن فلان "" ، ثم الأب هو صاحب القوامة على ولده وأمه في الدار وخارجها .
2- الفرق بين الاسم والكنية واللقب : أما الاسم للمولود فحقيقته التعريف به وعنونته بما يميزه، وهو العلامة عليه ، وأما الكنية فهي الاسم يُصدّر بأب إن كان المكنى ذكرا، وبأمٍ إذا كانت المكناة أنثى، وأما اللقب فهو كل ما أشعر بمدح أو ذم وليس هو اسم ولا صُدّرَ بأب أو أم . قال ابن القيم في تحفة المودود الفصل السادس ( في الفرق بين الاسم والكنية واللقب) هذه الثلاثة وإن اشتركت في تعريف المدعو بها فإنها تفترق في أمر آخر وهو أن الاسم إما أن يفهم مدحا أو ذما أو لا يفهم واحد منها ، فإن أفهم ذلك فهو اللقب ،وغالب استعماله في الذم ، ولهذا قال الله تعالى) ولا تنابزوا بالألقاب ( ، وإما أن لا يفهم مدحا* ولا ذما ، فإن صدر بأب أو أم فهو الكنية كأبي فلان وأم فلان ، وإن لم يصدر بذلك فهو الاسم كزيد وعمرو ) انتهى كلامه .
3- هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الأسماء والكنى والألقاب : قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد ( كان صلى الله عليه وسلم يستحب الاسم الحسن ، وأمر إذا أبردوا إليه بريدا* أن يكون حسن الاسم حسن الوجه. صحيح الجامع الصغير (259) وكان يكره الأمكنة المنكرة الأسماء ويكره العبور فيها ولما قدم المدينة واسمها يثرب لا تُعرف بغير هذا الاسم غيره بطيبة من الطيب وكنى صهيبا بأبي يحي، وكنى عليا بأبي تراب إلى كنيته بأبي الحسن ، وكنى أخا أنس بن مالك وكان صغيرا بأبي عمير ، وقد كنى عائشة بأم عبد الله . وكان لنسائه كنى كأم حبيبة وأم سلمة ) . وسيأتي أثناء البحث كثير من هديه صلى الله عليه وسلم في الأسماء وغيرها .
4- فيما يستحب ويجوز من الأسماء: الأسماء المشروعة رتب ومنازل على الترتيب الآتي : أ- أحب الأسماء إلى الله عز وجل عبد الله وعبد الرحمن ، لما صح من حديث ابن عمر قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم "" إن أحب أسمائكم إلى الله عز وجل : عبد الله وعبد الرحمن "" رواه مسلم وغيره . ب- ثم استحباب التسمية بالتعبيد لأي من أسماء الله الحسنى مثل عبد العزيز وعبد الملك ، وأسماء الله توقيفية بدليل من كتاب أو سنة . ومن الخطأ في التعبيد لأسماء يُظن أنها من أسماء الله تعالى وليست كذلك مثل عبد المقصود وعبد الستار وعبد الموجود وعبد المعبود وعبد الوحيد* وغير ذلك ، ومن الأسماء التي نسبت خطأ لله سبحانه وتعالى ولم تثبت : الواجد والواقي والصانع والباقي والمنعم والباطش والحنان والدهر والدائم والستار أو الساتر ، والصحيح أنه يقال ( ستير ) لما صح ( أن الله حيي ستير) رواه أحمد والنسائي . ومن الأسماء المنسوبة لله اسم المعين والمعبود والنافع والرشيد والعاطي والعال والصحيح والمتعال كما قال تعالى(عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال)* ، والكامل والماجد والمتولي والمغيث والمقصود والناصر والنور … وغيرها . وأما ما ذُكر من الأسماء في حديث أبي هريرة عند الترمذي وابن ماجة وفيه ذكر تسعة وتسعين اسما فقد ضعفه أهل الحديث كابن تيمية وابن كثير والألباني وغيرهم . فجميع ما ذكر من الأسماء المنسوبة خطأ لله سبحانه وتعالى ولم يصح فيها دليل ، لا يُدعى بها ولا يجوز التعبد بها والدعاء بها والاستعانة والتوسل بها ، ولا يجوز أن تضاف لكلمة عبد ، ويتسمى بها الخلق مثل عبد الباقي وعبد الناصر وعبد العاطي وعبد الستار وغيرها* ومن كان كذلك وجب تغيير اسمه أو تصحيحه ، والله أعلم . ج- ويستحب التسمية بأسماء أنبياء الله ورسله لأنهم سادات بنى آدم ، وأخلاقهم أشرف الأخلاق ، كما قال النووي في شرح مسلم (8/437)-وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم ابنه إبراهيم فقال ""ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم " رواه مسلم ، وقد سمى رسول الله يوسف بن عبد الله بن سلام كما في صحيح الأدب المفرد (642) –وقال أيضا (تسموا باسمي) متفق عليه .
× تنــبيـه (كل حديث مرفوع جاء فيه مدح من اسمه محمد أو أحمد أو النهي عن التسمية بهما فكلها لايصح منه شيء) قاله الشيخ بكر أبو زيد في تسمية المولود صـ 38 . د- ثم التسمية بأسماء الصالحين والعلماء من المسلمين : فقد ثبت من حديث المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يسمون بأسماء أنبيائهم والصالحين من قبلهم "رواه مسلم (2135) وصحابة رسول الله هم رأس الصالحين في هذه الأمة . هـ - ثم يأتي من الأسماء ما كان وصفا صادقا للإنسان بشروطه وآدابه ، ومن شروطه وآدابه أن يكون عربيا وأن يكون حسن المبنى والمعنى لغة وشرعا ويخرج بهذا كل اسم محرم أو مكروه ، وإن كان جاريا في نظام العربية كالتسمي بما معناه التزكية أو المذمة أو السب ، ونحو ذلك . قال الطبري رحمه الله ( لا ينبغي التسمية باسم قبيح المعنى ، ولا باسم يقتضي التزكية له ، ولا باسم معناه السب ) فتح الباري (10/476).