السُّلطَةُ الخَامِسَة "... فُرصَتُنَا الأخيرَة ..(2)

رحيل 82

:: عضو منتسِب ::
تشَاؤُمُ هُنَا:
"سَيكُونُ مِنَ الغَبَاء أن نُغيِّرَ مِن وَاقِعِنَا وَ نَحنُ جَالسُونَ أمَام أجهِزَتِنَا، نتَرقّبُهَا وَ هِيَ تُرسِلُ لَنَا الفَرجَ في بَريدِنَا الإلِكترُوني"."أيُّ سُلطَةٍ هَذِه التي يُمكِنُ أن تَتفتّق وَ هِيَ في أُفُقِ مَملُوء بِالمُتَوَحِّدين"."مُجَرّد� � إطلاَلَةٍ وَاحِدَة عَلى مَن يَجلِسونَ خَلفَ الإنترنت،تَكفي لِتغيِّرَ وِجهَةَ التفكيرِ هَذِه التي تُحَاولُ أن تَشقَّ طَريقاً في البَحر، أو أن تَزرَعَ طَلحاً في الرَّمل". "الإنترنت بِكلِّ مَا يَحتَويهِ مِن شَبَكَات، وَفي مُقدِّمَتِهَا "الفايسبوك"،مُجرّدُ لُعبَةِ وَسخَة أخرَى تَرميهَا لناَ الصّهيونيّة الشّامِلَة لتَتَلوّث بِهَا أفكَارُ الحَالِمين، لِذَلكَ الباَب الذي تأتي مِنهُ الريح مِنَ الأفضَل أن نَسدَّهُ وَنَستَريح".

هَذِه العِبَارَات مُجرَّدُ قَطرَة صغيرَة مِن وَابِلِ الإجَابَات المثبِّطة التي قَد أو بالأحرَى مِنَ المُؤكَّد أنَّهُ سَيُقذَفَ بِهَا كلُّ مَن يُحَاولُ أن يَعتلي المِنصَّة لِيطرَحَ حُزمَة الأسئلَة السّابِقَة، في بَادِرَة تَستَجدي بَينَ عَلامَات استِفهَامِهَا استِنهَاضًا لِحلُولٍ نَائمَة.
وَلَعلَّ أحسَنَ دَليلٍ أستَشهِدُ بِهِ في هَذِهِ النُّقطَة، هُوَ الذهُول الذي أصَابَني وأنا أقلِّبُ المَواقَعَ العربيَّة رأساُ عَلى عقِب، عَلى أمَلِ أن أجِدَ مَرجعًا وَاحداً مُنصِِفاً أبني عَليهِ فُصُولَ بَحثي.

َلكن الصَّدمَة أو بالأحرَى الخَيبَة كَانَت دائمَة التجسُد عَلى شَاشَةِ جِهَازي كُلّما كَتبتُ في غوغل جملَةً تَحمِلُ بَينَ ثَناَيَاهَا كَلِمَةَ الفايسبوك.
فللأسَف مُعظَمُ المَوَارِدِ التي كَانَت تُنَاقِشُ مَوضُوعَ الشَّبكَات الإجتماعيَّة في الأنترنت بصِِفةٍ عامّة، وَ"الفايسبوك" بِصِفَة خاصّة،كَانَت تستَدعِي فَقَط شَاهِداً وَاحِداً غَيرُ كَافٍ إطلاقاً لإدَانَة المُشتَبَهِ بِه.

وَالشّاهِدُ هنَا لَم يَكُن سِوى المُؤامَرات التي تُحَاكُ ضِدّنَا، وَالفخاخ التي تُنصَبُ في كُلِّ شِعَار يتسلّل إلىَ خَلاَيَا فِكرنَا.
وَهُنَا يَجدُر التنويهُ إلَى أنّ مَصدَر الخيبَة لَم يَكُن إطلاَقاً بِسبَب هَذِه التحذيرَات، وَإلاّ لَمَا اختَلَفنَا عَن مَن تُعمي أبصَارَهُم كَثَافَةُ الأضوَاءِ التي يُحدِّقُونَ بِهَا.
بِقدر مَا كَانَت خَيبَتيِ بِسَبَبِ المَنعِ المُطلَقِ الذي فُرِض كَحلِّ وَحيدٍ لاَ نِقَاشَ فيهِ لِتَجَاوُزِ هَذِهِ المَكَائِد.

يَرَى الدكتور"مجدي فكري" أستَاذ الإتِّصالاَت في كُليّةِ الهَندَسَة:
"إنّ الإتصَالاَت بِشكلٍ عَام لَهَا إيجَابِيّاتُهَا وَسِلبيّاتُهَا وَالمَفروضُ عَلى المُسلِمينَ أن يَتَعَامَلُوا مَعهَا كَمَا يَتَعَاملُون معَ أيِّ شَيء في هَذِهِ الحَيَاة، وَهُوَ أن يَستَفيدُوا مِنَ الإيجَابِيَات وَيَتَحَاشُوا السلبِيّات بِمَا يُحقّقُ لَهُم هَدَفَ تَرسيخِ القِيَم وَالمبادئ الإنسَانيّة".

لِيؤكِّدَ بَعدَهَا أنّ إستراتيجيّةَ المَنعِ لَن تُؤتي أكلَهَا في عُقُولٍ أُتخِمَت بالتكنولوجِيا الجَديدَة، قَائلاً:
"وَمَعَ تِلكَ التَطَورَات التي حَدثَت في وَسَائلِ الإتصَالاَت لَم يَعُد سَهلاً التَّحكُّمُ فيهَا أو فَرضِ مَا يسمَّى بِالمَنعِ أو الحَظر عَلَى بَعضِهَا، فَلَيسَ سَهلاً مَنعُ بَثِّ أي مَوقِع للانترنت، وَلَيسَ سَهلاً كَذَلِكَ مَنعُ بَثِّ قَنَاة، وَلَيس سَهلاً أيضاً مَنعُ الأقمَار الصنَاعيَّة لأي دَولَة مِن التِقَاطِ صُوَر لمُنشَآت أو لِمَواقِع حَيَويَّة أخرَى".

وَأمَامَ هَذَا الفَقرِ المُدقِع لِلمعلُومَات في السَّاحَة العَربِيّة، كَانَ تَوجيهُ الدفَّةِ إلَى السَّاحَةِ الأجنبيَّة(الفرنسيّة والإنجليزيّة) ضَرُورَةِ مُلِحَّة تَرتَجي الكَشفَ عَن طَريقَة تَفكيرِهم، وَتَستَقصيِ تَطلُّعَاتِهِم وَأهدَافِهِم، عَلَى أمَل بِنَاءِ مِضمَارٍ جَديد نَتمَكَّنُ فيهِ مِن خَوضِ السِّبَاق..

-كيميَاءٌ هُنَاك !!:
وَأولُّ مَا أثَارَ الإنتِبَاه في التّفكيرِ الغَربي هُو مُصطَلَح "كيميَاء التَّجميعَات" الذي نوقِشَ بالتفصيل فيِ كتاب [كيميَاء التجمعَات-alchimie des multitudes]،لِلكاتِبَين الفِرنسيّين "فرانسيس بيساني"وَ"دومنيك بيوتي".

وَيَتطرّقُ الكَاتِبَان في هَذَا الكِتَاب إلَى قَاعِدَة أنّ "كلّما استَعمَلنَا مُحرِّكَ بَحثٍ بِكَثَافَة (مِثال:غوغل)، كُلّمَا تَحسَنَ مَردُودُه بإثرَاءاتِنَا لَهُ، وَبالتّالي يَزدَادُ عَدَدُ المُشاركينَ فيهِ بِسبَبِ ثَرائِه".

وَانطِلاَقا مِن هَذِهِ القَاعِدَة، يَقول الكَاتِبَين:
"عِندَمَا نَكوُنُ كَثيري التَّفَاعُل،كَمَا هُو الحَالُ في الفايسبوك والتويتر، وَبِوُجَودِ الخاصيّات التي تَمنَحُهَا لَنَا هَذِهِ المَواقِع (التّرابُط وَالمُناقَشَة المَفتوُحَة بَين مَلايين الأعضَاء)، فإنَّهُ يَخلُقُ شيءٌ يَفوقُ إدرَاكَناَ ألا وَهُو "الذَّكَاءُ الجَمَاعي-intelligence collective""حِكمَةُ الحُشوُد-sagesse des foules"، وَهُو مَا نُفضِّلُ أن نُطلِقَ عَلَيه "كيميَاء التجَميعَات- alchimie des multitudes".


وَيَجدُرُ التَّوضيحُ هُنَا أنَّ هَذِهِ الكيميَاء لاَ يُمكِنُهَا أن تَتَفَاعلَ في المَوَاقِعِ الإلكترونيَّةِ الكلاسيكيّة التي تَقُومُ بتَقديمِ مَعلُومَات مُحدّدَة تَعكِسُ الرِّسَالَة التي رَسَمَتهَا إدَارَة كلَّ مَوقِع لِتعبِّرَ عَن فِكرَة وَاحِدَة لاَ يُمكِنُ للزُوَّار أن يُضيفُوا عَليهَا أيَّةَ أفكَار اخرَى...

وَنَقصِدُ هُنَا بِالمَوَاقِعِ الكلاسيكيّة، المَواقِع السيّاسيّة والتعليميّة وَالإخبَاريّة، التي تَلتَزمُ باهتِمَام وَاحِد لاَ يَحيدُ عَن إطَارِهِ المَرسُوم، وَقَد أطلِقَ عَلى باقَة هَذِه المَواقِع باسم"web1.0"، وَهِيَ الوَحيدَة المُتَواجِدَة في السَّاحَة العربيَّة.

وَبِذَلِكَ يُوضّحُ صاحبَا الكِتَاب أن ظَاهِرَة "كيميَاء التجميعَات" تتَفَاعَلُ مَعَ جيلٍ جَديدٍ مِن المَواَقِع المَفتُوحَة عَلى أيِّ نَوعٍ مِن المَعلُومَات، يَكوُنُ فيهَا مُستَعمِلُ الانترنت مُقدِّماً وَمُتلقِّياً لِلمَعلُومَات في نَفسِ الوَقت.

وَقَد أطلِقَ على بَاقَة هَذِهِ المَواقِع المَفتُوحَة إسم "web 2.0" لأولِّ مرَّة في سَنَة 2005،عَلَى يد "تيم أوريلي".

وَهُو الجيلُ الذي تنضوي تَحتَ مِظلّتِهِ كلُّ الشبكَات الإجتِمَاعيّة: "الفايسبوك"، "التويتر"، "ماي سبايس"، وَالمواقِع التي تفتحُ أبوابَها لِمُختلَفِ المُدونّات: "الوورد برس"، "بلوجر".
وَبالرُّجوعِ لِكتاب "كيميَاء التجميعات"، فإنَّ هَذَا الجيل المُسمّى "web 2.0" هُو شَبَكَةُ الغَد التي بَدأت تُهييِّءُ نَفسَهَا لِتَجلِس عَلى عَرشِ السُّلطَةِ المُعبِّرَة عن الشعُوب.

يتبع ..​
 
تنبيه: نظرًا لتوقف النقاش في هذا الموضوع منذ 365 يومًا.
قد يكون المحتوى قديمًا أو لم يعد مناسبًا، لذا يُنصح بإشاء موضوع جديد.
العودة
Top Bottom