روآية الْعَمَلَةَ الذَّهَبِيَّةَ / الْمُقَدِّمَةُ / الْفَصْلُ الْأَوْلَ: يَوْمُ عَمَلِ آخِرِ

Anarchy

:: عضو منتسِب ::
السّلامُ عَلَيكُمْ و رحمةَ اللهِ و بركاته

اُقْدُمْ لَكُمْ رِوايَةٌ بِعُنْوَانِ الْعَمَلَةِ النَّقْدِيَّةِ

مَنْ قَلَمِي مِائَة بالمائة, نَتِيجَةُ الْهامِّ اِسْتَنْشَقْتِهِ الصَّيِّفِ الْمَاضِي,

و نَقَلَتَهُ الِيِكُمْ, لِرُبَّما استوحذت هَذِهِ الروآية الْمُتَوَاضِعَةَ عَلَى إِعْجابُكُمْ او اِهْتِمَامَكُمْ,

اردت ان اِذَّكَرَ, ان هَذِهِ الْقُصَّةَ لَا تَمِسْ اي طآئفة, و لَا اِقْصِدْ بِهَا اي جِهَةٌ,

و انما عَبِرَةَ سَنَصُلُّ الِيِهَا عِبَرِ الْفُصُولِ إِنَّ شآء اللهَ و اراد,

و اردت ان اِذَّكَرَ ايضا,

اني لَا اُكْتُبْ اي كَلَمَّةٍ بِدونِ سَبَبٍ, فَاُرْجُوَا ان لَا تُفَوِّتُوا اي مُعَنّى,


و إِنَّ كآن بَيْنَ السُّطُورِ,


و الَانِ,











المقدمة


مدينة لو هافر تقع شمال غرب فرنسا , و هي كلمة فرنسية تعني المينآء ,


اين يقطن ما يقارب مئتا الف نسمة ,


و منهم بطلنا سامر الذي يعيش في حي متواضع ,


في الطابق الثالث من عمارة مختلطة ,


لا تتعدى نشاطاته الاجتماعية فيها اخراج المكنسة


و تنظيف مدخل العمارة اسبوعيا ,


لا يحتوي هاتفه على اكثر من جهة اتصال , و التي هي رب عمله ,


فمعظم جيرانه لا يحملون ذرة احترام , حياء , ولا عاطفة ,


بينما سامر , قلبه يحترق كل يوم حين يضع راسه في تلك المخدة ,


و يراجع ما فعله اليوم , واضعا خطته للغد ,


و ثنايا قلبه ترسم ملامح الندم على وجهه البشوش ,


بسبب الطريق الذي اختاره ,


و المطاف الذي وضعه في هذا السيناريو الاسود و الابيض ,


و نبضات قلبه تتكلم :


اين انا من هذه الحياة ؟


اين انا من دين امة محمد صلى الله عليه و سلم الحنيف ؟


كم مضى و عيناي مغلقتان حتى وصل بي الامر إلى هنا ؟


هل اقتل ضميري و اعيش هذه الدنيا الفانية ؟


أو احاول مجددا , و انا لا حول لي ولا قوة ؟


و يده تتحسس راسه , فلايجد شعرا ,


و يحمد الله عز و جل , على كل النعم التي اعطاه ,


سامر ليس بذلك الغباء بعد ما علمته اياه الدنيا ,


فهو ليس من النوع الذي يحزن بسبب تساقط شعره ,


ولا فخامة بيته , و مآ شآبه من ماديات ,


فهو يدرك ان الله فضله على كثير من النآس ,


فضميره لازال يخفق , و عقله لازال يعمل , و لازال لديه الخيار ,


لكنه يتحسر على شيء اخر ,


اكثر اهمية , الا و هي ذاته ,


التي استسلم لها و تركها تحركه كل هذه السنوات ,


فيبقا السؤال يطرح على باله كل يوم ,




هل سيستعيد سامر ذاته ؟








الفصل الاول : يوم عمل آخر




تضرب اشعة الشمس عيني سامر , يفتح عيناه , و ينظر عبر النافدة ,


فيجد الجوء مشمس , يبتسم و يرفع غطاءه ,


ينهض و يتفقد هاتفه الموضوع فوق الطاولة ,


و يرى الساعة فيجدها الساعة السادسة صباحا , و يبتسم لانه نهض قبل المنبه ,


يلبس ملابسه و يتجه إلى الدوش و ينظر إلى المرآة ,


يمسك المشط و يتمعن فيه ,و يسال نفسه كالعادة :
لماذا احتفظ بهذا المشط بينما لا امتلك شعرا ؟


يعيده إلى مكانه , و يحمل علبة سجائر ,


و يقول ببرودة :
لكل منا عادات سيئة ,


يضع هاتفه في جيبه , و السماعات في اذنيه , مشغلا بعض الايات من القرآن ,


يمسك دراجته , و يخرج من العمارة , و بينما هو يقفل الباب ,


ينزل بعض الجيران , ولا يلقي احد السلام على الاخر , و كانهم متعادين ,


ينتظر سامر نزولهم , و يتظاهر انه يتفقد هاتفه ,


ثم ينزل بهدوء , و يحاول ان لا يصدر ضجيجا اثناء إنزاله لدراجته معه ,


يخرج من العمارة , و يركب دراجته و ينطلق ,


و الطريق لازالت مبتلة قليلا من امطار البارحة , و هو ينظر إلى نفس الجيران ,


نفس المحلات , نفس اللافتات , و يحاول ان لا يحزن ,


و يتعمق في سماع تلك الآيآت القرآنية ,


و بعد عشرين دقيقة , يصل إلى مقر العمل ,


بناية صغيرة تابعة لشركة محلية تقوم بانتاج الجرائد , مخصصة لتوزيعها ,


يملكها رجل اصوله فرنسية و لكنه عاش في انجلترا , اسمه كيفن ,


و رجع إلى مدينة لو هافر يوم توفق في انشاء هذه البناية المتواضعة ,


قام سامر بركن دراجته مع باقي الدراجات ,


و فتح الباب فوجد المدير كيفن يتكلم على الهاتف ,


و عندما رآى سآمر , رفع ابهامه , دلالة على ان الجرائد وصلت ,


و بعد ما راى سامر ذلك , توجه إلى الغرفة المخصصة لتخزين الجرائد ,


و حمل من الحقائب المملوئة بالجرائد ما تيسر حمله ,


و لكن المفاجاة كانت انه وجد كوب قهوة موضوعا على الطاولة ,


و ورقة بجواره مكتوب عليها :
بصحتك يا سامر .


تفاجأ سآمر و ابتسم , و لكنه احتار في نفسه , فهو لم يعرف صاحب هذه الرسالة ,


اخد القهوة و خرج من البناية , و سحب علبة السجآئر , و لكنه تفاجا بانه نسي الولاعة ,


فبدا الغضب يسيطر عليه , و هو يدير راسه باحثا عن شخصا حاملا سيجارة مشتعلة ,


و لكن سرعان ما فكر مجددا و اعاد تلك العلبة ,


و قال : لعلها خير , و بدا في شرب القهوة ,


خرج المدير كيفن , فنزع سامر السماعات و نظر اليه :
ارى انك توقفت عن التدخين , و استبدلته بالقهوة , خطوة جيدا يا ,,,,, -


- سامر يا سيدي , و شكرا على الإطراء ,
و اسف لانني لم انطلق بعد , فقد فكرت ان كاس قهوة سيساعدني على العمل بسرعة .


- لا لا , خد راحتك , فنحن محظوظون لان رجلا شريفا مثلك يعمل لدينا ,


و سرعان ما يرن هاتف كيفن مجددا و يدخل إلى البنآية ,


فيعيد سامر السماعات , و يستمتع بكوب القهوة ,


و يبتسم لان المدير اساء فهم الموضوع , و ظن انه استبدل التدخين بالقهوة ,


و هذه المرة يدير راسه فيجد متسولا نائما ,


فيتوجه اليه و يضع القهوة امامه و يقول :
-اسف , هذا كل ما لدي حاليا لاعطيك اياه ,


فسامر دائما ما يجده نائما و يترك له ما استطاع ,


يتركه سآمر , يسحب الدراجة من المركن ,


يثبت الحقائب في مقدمة الدراجة و ظهره و ينطلق ,




يتجه إلى الحي الفخم , و هذا اسوء جزء من يومه دائما ,


ففجاة تتغير الوان الحياة إلى الوان زاهية ,


و يظهر اخضرار الاشجار و الندى على اوراقها ,


و هو ينظر و يسحب جريدة تلو الاخرى و يرميها على الابواب ,


و يتحايل سامر دائما لينسى معاناته ,


فيركز في المكان التي تسقط به الجريدة , و يحاول ان يوصلها إلى اقرب مكان من الباب ,


و يركز في الآيآت القرآنية مجددا التي تمليها عليه اذنيه , و ينسا كل شيء , حتى لا يتالم ,


و يؤدي عمله على اكمل وجه ,


و بعد ما انتهى من هذا الحي , يدخل إلى الحي الفقير , و يمر على اول محل ,


و يسلمه ما تبقى من الجرائد ,


و هكذا ينتهي جزء من دوامه اليومي ,


و حينها عاد سامر الى المقر ليؤكد تسليم جرائده و ياخد راحة خفيفة ,


يدخل إلى كافيتيرا البناية , ينزع السماعات , و يجلس و لا يطلب شيء , ما عدا الولاعة ,


فيقول عامل الكافيتيرا انه لا توجد ولاعة , فيستغرب للامر ,


و يقول :
- الا يريدني العالم ان ادخن ام ماذا ؟ اريد اي ولاعة لعينة !!


و لكن لا احد يستمع , و كيف لا , و صوته لم يكن مسموعا منذ البداية ,


هذا هو سامر , انسان متواضع , عمل بسيط , لا اصدقاء ولا عائلة , رب عمل محب ,


و شخص اعطاه القهوة ولا يعرفه ,


يضع راسه على الطاولة , و هاتفه بين عينيه , و هو ينظر إلى الساعة


و ينتظر وقت انتهاء الاستراحة , لكي يكمل عمله ,


فيجد رسالة تقول :
- هل استمعت بكوب القهوة ؟


يرفع راسه عاليا و يحك راسه :
- من هذا الشخص ؟
الرقم مجهول , و لم يبعث لي احد برسالة منذ شهور , مالذي يحدث ؟


فيحاول الاتصال به , فلا يعمل هاتفه , يخرج من البناية ليحاول مجددا ,


فيجد انه لا يملك رصيدا كافيا للقيام بذلك , و بعد ذلك مباشرة ياتي منبه انتهاء الاستراحة ,


فيقول في نفسه :
لعلها خير , فليس لدي وقت لهذه التفاهات , يجب علي استلام الرسائل و الانطلاق لتسليمها ,


نعم , انه وقت تسليم الرسائل , اين يستلم سامر البعض منها ,


و ينطلق إلى اماكن منها القريبة و منها البعيدة ,


مستعملا دراجته , و هذا هو الجزء الذي يحس فيه سامر بالوحدة القاتلة يوميا ,


فيدخل مجددا إلى غرفة تخزين الجرائد , و يجد الرسائل موضوعة على الرف الاعلى ,


و يتفاجا انها رسالتين فقط اليوم , فيقول في نفسه :
-يبدوا انه ليس لدي عمل كثير اليوم , لم اخطط لهذا , يمسكها و يتحقق من العنوانين ,
و يقول :
- مهلا , اسحب كلامي , العنوانان بعيدان , و الطرق مبللة بالمياه ,
و هذا يعني انه لا يمكنني الإسراع في الطريق ,
حسنا , اظنه احسن من الجلوس بدون فعل اي شيء ,


يحمل الرسالتين و يضعهما في الحقيبة و يخرج من البناية , يضع السماعات مجددا ,


و يثبت الحقيبة على ظهره و ينطلق !


بعد دقائق تصله رسالة على هاتفه مجددا ,


فيتملكه الغضب فجاة , يوقف الدراجة و يتحقق من الرسالة ,


فيجد ان نفس الشخص ارسل له رصيد ,


فيقول في نفسه :
- هل هذا الشخص مريض نفسيا ؟ يريدني ان اتصل به ,
و لكن كيف عرف انني لا امتلك الرصيد الكافي ؟


لابد انها فتاة , فتاة ضالة لم تجد ما تفعله فاختارت شخص
لا حياة له مثلي لكي تمضي به وقت فراغها ,


لا حول ولا قوة الا بالله , عافاني الله , و رزقني ببنت الحلال إن شآء و اراد .


يعيد الهاتف إلى الجيب و ينطلق مجددا , تمر الدقائق و تلحقها الساعات ,


و اذنيه تتالمان من السماعات و لكنه مركز مع تلك الآيآت القرآنية ,


حتى وصل إلى العنوان الاول ,


بيت ابيض كبير نوعا ما , يركن دراجته و يطرق الباب ,


فتفتح له تلك العجوز , قائلا :
-رسالة لك يا خالة , تفضلي !


ينظر اليها و يبتسم , فهو يؤمن بان الابتسامة صدقة ,


و سرعان ما تمسك العجوز بالرسالة فينطلق إلى دراجته ليكمل طريقه ,


و لكنها تناديه:
-يا ولدي , ادخل , انا ادعوك إلى كاس قهوة .


فيطاطئ راسه خجلا و يقول :
- اشكرك كثيرا على الدعوة , و لكن كما ترين ان لدي عمل اقوم به ,
و هنالك اناس ينتظرون الرسائل بفارغ الصبر , و ....


العجوز مصرة :
- ارجوك يا ولدي , ان تدخل و تشرب كأس قهوة ,
هل سترفض طلب سيدة عجوز مثلي ؟


يقول سامر في نفسه كالعادة :
- لعلها خير !


و تقول العجوز في نفسها :
- ارجوا ان لا يكون مضمون هذه الرسالة ما اتوقعه !




**
**


يَتْبَعُ, شَكِرَا لِلْقِرَاءةِ,


أَنْتَظِرُ أَراءَكُمْ,


سلامُي.
 
السلام عليكم
مرحبا بالـأخ بيننا ومبارك افتتاح روايتك
أحجز مكاني هنا لحين قراءة الرواية
بالتوفيق
 
توقيع HAMZA USMA
مشكـــــــــــور أخي

في انتظار الجزء الثاني
 
تنبيه: نظرًا لتوقف النقاش في هذا الموضوع منذ 365 يومًا.
قد يكون المحتوى قديمًا أو لم يعد مناسبًا، لذا يُنصح بإشاء موضوع جديد.
العودة
Top Bottom