أحمد بن بيلا :

د.سيد آدم

:: عضو مثابر ::

الأبطال من صنّاع التاريخ ، مثل أحمد بن بيلا ، لا يموتون ، حيث هم بعض كتّاب صفحاته المتوهجة بالدم الذي هو مقدّس ! .
من زمااااااان تجاوز أحمد بن بيلا إطار الثائر / القائد / الأسير الأعلى قامة والأعظم إرادة من سجانه ، فكان أن استقر في الوجدان العربي بطلاً من أبطال الأمة في تاريخها الحديث ، مقاتلاً في صفوف ثورة المليون ثم رئيساً أولَ للجمهورية التي استولدها النصر معيداً إلى شعبها هُويته المسلوبة ومعيداً الجزائر إلى موقعها الطبعي في قلب حركة كفاح هذه الأمة من أجل حقها في الحياة بكرامة بعيداً عن الاستعمارين : الخارجي والداخلي على السواء .
ومن زمااااااان تجاوز أحمد بن بيلا ، كبطل تاريخي ، مشاعر التوتر والغضب ومرارة الإحساس بظلم " رفاق السلاح " الذين " خلعوه " من منصبه " الرسمي " فأضافوا إلى مجد " بطل التحرير " صمودَ المقاتل الذي لا يفقد إيمانه بالثورة ... حتى و " الإخوة " الذين " أسروه " فسجنوه أكثر مما سجنه المستعمر الاستيطاني الفرنسي ( !!!!!!!!! ) ، هذا المستعمر الذي افترض أن مئة وخمسين سنة من تزوير هوية البلاد وشعبها تكفي لفرنسة الجزائريين في " فرنسا ما وراء البحار " كما أسماها ليلغيها دولةً دولةً عربية قحة في غباء لا نظير له إلا الغباء الإيطالي الذي سعى " لأطلنط " ليبيا فجاءت بالعظيم " عمر المختار " .
بقي أحمد بن بيلا على إيمانه بوطنه وعروبته ... تلك العروبة التي لا يجسدها شيء كلغتها ... وهي التي بكى بن بيلا لأنه لا يتقنها حين انتخب رئيساً ، ثم بكى مرة ثانية وهو يحاول أن يرحب ، بعربية ينطقها مكسرة ، بشريك الجزائريين في نصرهم البهي ، بزعيم أراد بن بيلا كما أراد هو ... : جمال عبد الناصر ... حين جاء يحتفل مع شعب الجزائر بارتفاع رايتها المظفرة على أرضها .
ابن بيلا هو واحد من " آخر الرجال المحترمين " ... هو آخر أبطال النضال العربي المجيد ، أولئك الذين استولدوا الفجر الجديد لهذه الأمة التي " حارب " الاستعمار هُويتها وحقها في الحياة ... فمنع الجزائريين من أن يتعلموا لغتهم ، كما منعهم أن يمارسوا شعائر دينهم ، وصادر منهم أرضهم ، وحاول أن يجعلهم عبيداً !!! فلما انتفضوا ـ مع احتفال الحلفاء ـ بعيد النصر على هتلر ألمانيا النازية العام 1945طاردهم بالطيران الحربي والمدفعية حتى قتل منهم عشرات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال في يوم واحد !!! .
عاش أحمد بن بيلا بطلاً وهو يقاتل في صفوف الثوار ، ورئيساً يجتهد ـ مع رفاق السلاح ـ في بناء الدولة التي أعادها " الجهاد المقدس " إلى الحياة بعد تغييب استطال دهراً ، رافقه جهد خرافي لمسح الهوية الأصلية أو فرض الفرنسة على شعب عربي عظيم !
عاش أحمد بن بيلا بطلاً وشعبه يرفعه إلى سدة الحكم ليكون أول رئيس لبلاده المحررة ... وظل الرجل بطلاً وبعض رفاق السلاح ، وقد بهرتهم السلطة ، يتمردون عليه بليل ويرمونه في السجن بلا محاكمة مدةً استطالت أربعة عشر عاماً ، أي حتى رحيل صديقه الأقرب وذراعه اليمين ، هواري بومدين ، الذي " خلعه " ونصّب نفسه بديلاً عنه بحراب جيش التحرير الذي أقصى " المدنيين " وصادر السلطة باسم المجاهدين .
وبقي أحمد بن بيلا بطلاً في المنفى ، لدى المستعمر السابق ، فرنسا ، قبل أن يستقر ، لفترة طويلة ، في سويسرا لاجئاً ساسياً !!! .
التقاه أحدهم لحظةَ انتخابه رئيساً للجزائر " الحرة المستقلة " في العشرين من سبتمبر العام 1962م ... واستمع ، مبهوراً ، إلى مداخلة " نائب في الجمعية التأسيسية " يطلب فيها ، بنص عبارته " صرف ثمن كسوتين للسي أحمد بن بي لأنه الآن رئيسا ونحن منعرفه أنو والله ليس عنده إلا كسوة واحدة ، والحين حيلتقي رؤساء ووزراء " !!! ، فهل بعد هذا ، بين حكامنا ، عظمة وتواضع ؟؟؟.
عاش أحمد به بيلا بطلاً سكن ضمير الأمة جميعاً ، وليس ضمير شعبه الجزائري فحسب ... ولعل أقسى أيام الحزن عليه كانت يوم أن رحل الزعيم جمال عبد الناصر وهو سجين ، فلم يستطع أن يكون أحد مودعيه الوادع الأخير .
 
تنبيه: نظرًا لتوقف النقاش في هذا الموضوع منذ 365 يومًا.
قد يكون المحتوى قديمًا أو لم يعد مناسبًا، لذا يُنصح بإشاء موضوع جديد.
العودة
Top Bottom