في المعضلة الفكرية لكبرى الحركات الإسلامية

سراج الذهب

:: عضو منتسِب ::
لا شك أن جل المتصدرين لدعوة الإسلامية اليوم لايزالون يغضون في سبات عميق ولاتكاد تسمع لهم إلا الزفير والشهيق تمر عليهم الأحداث ولا يستقرؤنها وتعصف بهم الأزمات ولا يتدبرونها بعد أن استسلموا لأحلامهم المغرقة في الرومانسية و خيالاتهم التي لا تحدها حدود فبعد أن أطربوا بأغنية الديمقراطية واستهوتهم لعبة السلطة هرعوا ليجمعوا شتات الشعب المنهك ليجربوا حظهم في الإنتخابات طمعا في الوصول إلى كراسي السلطة ومن ثمة إحداث التغيير الإجتماعي الشامل ووضع أسس المشروع الإسلامي الضخم حتى غدى حالهم أشبه بالبائس الفقير الذي راح يشخذ في صالون القمار فاستهوته تلك اللعبة العجيبة التي ببصيص قليل من الحظ قد تقذف يه إلى أعلى عليين ونسي أو تناسى المسكين أنه قد يخسر ماله وشرفه ويهوي إلى أسفل السافلين وهذا عين ما وقع للإخوان المسلمين -ولاشماتة فبعد تجربة طويلة ومريرة دامت أكثر من ثمانيين سنة لم يخرجوا بأي طائل أو شيء يذكر بل قامروا حتى خسروا كل شيء فلو استقرؤوا تاريخ الأنظمة العربية واستبطنوا تجارب غيرهم من الأحزاب والحركات في دول العالم الثالث لعرفوا حدود ما يمكنهم فعله واستطاعوا كبح جماح طموحاتهم اللامتناهية ولما انساقوا وراء تلك الدعوات المغرية والقاعدة الشعبية العريضة التي صارت في وقت قياسي هي القائدة والموجهة لمسيرة أكبر وأعرق الجماعات في العصر الحديث وهكذا وضعت العربة قبل الحصان كما يقال ولقد كان يكفي الإخوان -لو استمعوا إلى العلماء الناصحين والدعاة المخلصين- أن يتحالفوا مع بعض الأحزاب الوطنية ولا يدخلوا بقوة في الإنتخابات البرمانية حتى لا يحركوا غرائز الشر عند أعدائهم ولا يثيرون المبطلين من حولهم لاسيما عقب الثورة مباشرة والأوضاع الإجتماعية ملتهبة والأزمات الإقتصادية مشتعلة وسقف المطالب الشعبية عالية ومؤسسات الدولة منهارة لكن الإخوان كانوا في غيهم يعمهون لاهية قلوبهم عامية أبصارهم وبحسبك أخي القارئ من عبث الأخوان أنه في الأيام الأولى لإجتماع البرلمان المصري -الذي حازوا على أغلب مقاعده- كان أن ناقشوا مشروع الزواج المبكر وراحوا يأصلون له من السنة النبوية واستشهدوا في ذلك بزواج أم المؤمنين السيدة عائشة -رضي الله عنها- وهي بنت تسع وقيل بنت ست سنين ولا يسعنا هنا إزاء هذا الخبل إلا نستأنس بقول المتنبي وكم ذا بمصر من المضحكات ***ولكنه ضحك كالبكا والآن اتضح لنا جليا بما لا يدع مجالا للشك بطلان تلك المقولات التى كانوا يرضعونها للشباب كحكمة الشيوخ قبل حماسة الشباب ومرشد الجماعة المسدد أو شيخ الجماعة الملهم فللأسف لم نجد لكل ذلك أي أثر في مواقفهم العرجاء وتصريحاتهم الهوجاء بل وحتى في برامجهم الغوغاء ولست أدري ماذا كان سيضرهم لو أجلوا مشروع الهيمنة على السلطة واستفادوا من أجواء الحرية والديمقراطية وانطلقوا من القواعد ليعرفوا الناس برسالتهم ويساهموا في حل قضاياهم ومشاكلهم حتى يعززوا تواجدهم في أعماق المجتمع ويرسخوا صورتهم عند العامة ويفوتوا الفرصة على المترصين بهم من من فلول النظام السابق وعملاء الغرب وأرباب المال والإعلام ولكن هذا هو ديدن هؤلاء المتنطعين منذ زمن بعيد وقد رأينا كيف سحروا الكثير من أتباعهم بذلك النوع من الخرافات حتى صارت في نظرهم أشبه باليقين المطلق الذي لايخالطه شك ولا يمازجه ريب و كلما حاول أحد العقلاء أن ينصح لهم ويردهم إلى الجادة إلا حاربوه بسلاحهم المعروف والمتمثل في التسفيه والإتهام بشتى التهم ثم ينقلبوا ليحذر أتباعهم منه ويفرضون عليهم مقاطعته وعزله والواقع أن الإخوان لم يقوموا بأي ثورة لأن ذلك هو فكر إمامهم الأكبر ولكن لما مالت الكفة للشعب وبدأ يظهر التصدع على النظام البائد سارعوا للإنطواء تحت صفوف الثورة علهم يظفروا ببعض المكاسب السياسية كالعادة بعد أن كانوا متحفظين في البداية لكنهم بعد أن نجحوا في الإنتخابات أرادوا الحكم لأنفسهم فقط وأهملوا غيرهم من الوطنيين الذين كانوا معهم أثناء الثورة جنبا إلى جنب وربما ضحوا أكثر منهم لكنهم استبدوا برئيهم وكانوا لا يسمعون إلا لأنفسهم حتى وقعت الواقعة وسقط السقف فوق رؤسهم ولا زال بعض ما تبقى منهم يفخر بذلك الفشل الذريع ويمجده كأنه إنجاز عظيم وراح بعض المتعاطفين معهم يبكون على الأطلال ويتأسفون لحالهم وهذا أقصى ما تملك فعله شرائح واسعة من الشعوب البائسة والمستضعفة
 
تنبيه: نظرًا لتوقف النقاش في هذا الموضوع منذ 365 يومًا.
قد يكون المحتوى قديمًا أو لم يعد مناسبًا، لذا يُنصح بإشاء موضوع جديد.

المواضيع المشابهة

العودة
Top Bottom