الأوصاف النبوية

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

حسن العجوز

:: عضوية محظورة ::
حسن العجوز, تم حظره "حظر دائم". السبب: مخالفة القوانين
أدعوا إخواني أن يطالعوا الشمائل المحمدية والأوصاف النبوية وهناك كتاب {الشمائل للترمذي} وهو جامع لهذه الأوصاف وله شروحات كثيرة لأن به ألفاظ عربية صعب فهمها ، ولا بد من التأمل لدرجة أنك إذا جلست بمفردك أو عند النوم أن يكون في مخيلتك صورة حضرة النبي صلى الله عليه وسلم التي كانت ظاهرة وواضحة للأنام لأن هذا أقرب طريق لرؤيته وأقرب طريق للسعادة الإلهية وال****ا الربانية ، لأنه قال: {اللَّهُ الْمُعْطِي وَأَنَا الْقَاسِمُ}{1}

سيدنا يوسف قال: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ} يوسف55

خزائن الأرض هي طلبات الجسم ، لكن رسول الله ليس حتى على خزائن الملكوت فقط ولكن على خزائن الله من العلوم الإلهية والتجليات الربانية والأنوار القدسية والمكاشفات العلية: {كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلاء وَهَـؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُوراً} الإسراء20

{هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} ص39

هل هناك أمين مخازن لا يحاسب؟ رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يُحاسب ولا يُعاتب ، لكن رسول الله عندما خاطبه الله بهذا المقام يعلم أنه لا يتصرف بأمره وإنما كان مؤدباً شديد الأدب مع ربه فلا يتصرف في أمر صغير أو كبير إلا بإذن صريح من ربه عز وجل

اثنان من كبار الصالحين والعارفين وهما من خيار الصحابة ومن خيار التابعين وهما سيدنا الحسن وسيدنا الحسين ، قال فيهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: {الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ}{2}

وهل هناك عجوز في الجنة؟ لا، لأن أهل الجنة سيدخلون جميعاً في سن الشباب إذاً فهما سيدا أهل الجنة ، سيدنا الحسن جدته السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها كانت متزوجة قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من رجل إسمه أبو هالة وأنجبت منه ولداً إسمه هند ، فلما تزوجت من رسول الله صلى الله عليه وسلم كان هند صغيراً فتربَّى في بيت حضرة النبي صلى الله عليه وسلم مع أمه ولذلك يُسمى ربيب حضرة النبي ، وكان هند يجيد الوصف وهذه مزية إلهية يُعطيها الله لبعض العبيد

يقول سيدنا الحسن رضي الله عنه: {سَأَلْتُ خَالِي هِنْدَ بْنَ أَبِي هَالَةَ التَّمِيمِيَّ وَكَانَ وَصَّافًا، عَنْ حِلْيَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَشْتَهِي أَنْ يَصِفَ لِي مِنْهَا شَيْئًا أَتَعَلَّقُ بِهِ، فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَخْمًا مُفَخَّمًا يَتَلأْلأُ وَجْهُهُ تَلأْلُؤَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، أَطْوَلَ مِنَ الْمَرْبُوعِ، وَأَقْصَرَ مِنَ الْمُشَذَّبِ، عَظِيمَ الْهَامَةِ، رَجِلَ الشَّعْرِ، إِنِ انْفَرَقَتْ عَقِيصَتُهُ فَرَقَ وَإِلا فَلا يُجَاوِزُ شَعْرُهُ شَحْمَةَ أُذُنَيْهِ، إِذَا هُوَ وَفْرَةٌ أَزْهَرُ اللَّوْنِ، وَاسِعُ الْجَبِينِ، أَزَجُّ الْحَوَاجِبِ سَوَابِغَ فِي غَيْرِ قَرَنٍ، بَيْنَهُمَا عِرْقٌ يُدِرُّهُ غَضَبٌ، أَقْنَى الْعِرْنِينِ، لَهُ نُورٌ يَعْلُوهُ يَحْسِبُهُ مَنْ لم يَتَأَمَّلُهُ أَشَمَّ، كَثَّ اللِّحْيَةِ، سَهْلَ الْخَدَّيْنِ، ضَلِيعَ الْفَمِ، أَشْنَبَ، مُفْلََّجَ الأَسْنَانِ، دَقِيقَ الْمَسْرُبَةِ، كَأَنَّ عُنُقَهُ جِيدُ دُمْيَةٍ فِي صَفَاءِ الْفِضَّةِ، مُعْتَدِلَ الْخَلْقِ، بَادِنًا مُتَمَاسِكًا سَوَاءَ الْبَطْنِ وَالصَّدْرِ، عَرِيضَ الصَّدْرِ بَعِيدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ، ضَخْمَ الْكَرَادِيسِ، أَنْوَرَ الْمُتَجَرَّدِ مَوْصُولَ مَا بَيْنَ اللَّبَّةِ وَالسُّرَّةِ بِشَعْرٍ، يَجْرِي كالْخَطِّ، عَارِيَ الثَّدْيَيْنِ وَالْبَطْنِ مِمَّا سِوَى ذَلِكَ، أَشْعَرَ الذِّرَاعَيْنِ وَالْمَنْكِبَيْنِ وَأَعَالِي الصَّدْرِ، طَوِيلَ الزَّنْدَيْنِ، رَحْبَ الرَّاحَةِ سَبْطَ الْقَصَبِ، شَثْنَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ، سَائِلَ الأَطْرَافِ، خُمْصَانَ الأَخْمَصَيْنِ، مَسِيحَ الْقَدَمَيْنِ يَنْبُو عَنْهُمَا الْمَاءُ، إِذَا زَالَ زَالَ قُلْعًا يَخْطُو تَكَفِّيًا وَيَمْشِي هَوْنًا، ذَرِيعَ الْمِشْيَةِ إِذَا مَشَى كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ مِنْ صَبَبٍ، وَإِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ جَمِيعًا خَافِضَ الطَّرْفِ، نَظَرُهُ إِلَى الأَرْضِ أَطْوَلُ مِنْ نَظَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ، جُلُّ نَظَرِهِ الْمُلاحَظَةُ يَسُوقُ أَصْحَابَهُ، يَبْدُرُ مَنْ لَقِيَ بِالسَّلامِ "، قُلْتُ: صِفْ لِي مَنْطِقَهُ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُتَوَاصِلَ الأَحْزَانِ، دَائِمَ الْفِكْرَةِ، لَيْسَتْ لَهُ رَاحَةٌ لا يَتَكَلَّمُ فِي غَيْرِ حَاجَةٍ، طَوِيلَ السِّكَّت، يَفْتَتِحُ الْكَلامَ وَيَخْتَتِمُهُ بِأَشْدَاقِهِ، وَيَتَكَلَّمُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ، فَصْلٌ لا فُضُولَ وَلا تَقْصِيرَ، دَمِثٌ لَيْسَ بِالْجَافِي، وَلا الْمُهِينِ يُعَظِّمُ النِّعْمَةَ، وَإِنْ دَقَّتْ لا يَذُمُّ مِنْهَا شَيْئًا لا يَذُمُّ ذَوَاقًا وَلا يَمْدَحُهُ، وَلا تُغْضِبُهُ الدُّنْيَا، وَلا مَا كَانَ لَهَا فَإِذَا تُعُوطِيَ الْحَقَّ لَمْ يَعْرِفْهُ أَحَدٌ، وَلَمْ يَقُمْ لِغَضَبِهِ شَيْءٌ حَتَّى يَنْتَصِرَ لَهُ، لا يَغْضَبُ لِنَفْسِهِ، وَلا يَنْتَصِرُ لَهَا، إِذَا أَشَارَ أَشَارَ بِكَفِّهِ كُلِّهَا، وَإِذَا تَعَجَّبَ قَلَبَهَا، وَإِذَا تَحَدَّثَ اتَّصَلَ بِهَا فَيَضْرِبُ بِبَاطِنِ رَاحَتِهِ الْيُمْنَى بَاطِنَ إِبْهَامِهِ الْيُسْرَى، وَإِذَا غَضِبَ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ، وَإِذَا فَرِحَ غَضَّ طَرْفَهُ جُلُّ ضَحِكِهِ التَّبَسُّمِ، وَيَفْتُرُ عَنْ مِثْلِ حَبِّ الْغَمَامِ "، قَالَ: فَكَتَمْتُهَا الْحُسَيْنَ زَمَانًا، ثُمَّ حَدَّثْتُهُ فَوَجَدْتُهُ قَدْ سَبَقَنِي إِلَيْهِ، فَسَأَلَهُ عَمَّا سَأَلْتُهُ عَنْهُ وَوَجَدْتُهُ قَدْ سَأَلَ أَبَاهُ عَنْ مَدْخَلِهِ وَمَجْلِسِهِ وَمَخْرَجِهِ وَشَكْلِهِ فَلَمْ يَدَعْ مِنْهُ شَيْئًا، قَالَ الْحُسَيْنُ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْ دُخُولِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: كَانَ دُخُولُهُ لِنَفْسِهِ مَأْذُونًا لَهُ فِي ذَلِكَ فَكَانَ إِذَا أَوَى إِلَى مَنْزِلِهِ جَزَّأَ دُخُولِهِ ثَلاثَةَ أَجْزَاءٍ: جُزْءٌ لِلَّهِ، وجزءٌ لأَهْلِهِ، وجزءٌ لِنَفْسِهِ، ثُمَّ جُزْءٌ جَزَّءَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ فَيَرُدُّ ذَلِكَ عَلَى الْعَامَّةِ بِالْخَاصَّةِ فَلا يَدَّخِرُ عَنْهُمْ شَيْئًا، فَكَانَ مِنْ سِيرَتِهِ فِي جُزْءِ الأُمَّةِ إِيثَارُ أَهْلِ الْفَضْلِ بِإِذْنِهِ، وَقَسَّمَهُ عَلَى قَدْرِ فَضْلِهِمْ فِي الدِّينِ، فَمِنْهُمْ ذُو الْحَاجَةِ، وَمِنْهُمْ ذُو الْحَاجَتَيْنِ، وَمِنْهُمْ ذُو الْحَوَائِجِ فَيَتَشَاغَلُ بِهِمْ فِيمَا أَصْلَحَهُمْ وَالأُمَّةَ عَنْ مَسْأَلَةٍ عَنْهُ، وَإِخْبَارِهِمْ بِالَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ، وَيَقُولُ: لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، وَأَبْلِغُونِي حَاجَةَ مَنْ لا يَسْتَطِيعُ إِبْلاغَهَا إِيَّايَ، فَإِنَّهُ مَنْ أَبْلَغَ سُلْطَانًا حَاجَةَ مَنْ لا يَسْتَطِيعُ إِبْلاغَهَا إِيَّاهُ ثَبَّتَ اللَّهُ قَدَمَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لا يُذْكَرُ عِنْدَهُ إِلا ذَاكَ، وَلا يَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ غَيْرَهُ يَدْخُلُونَ رُوَّادًا وَلا يَفْتَرِقُونَ إِلا عَنْ ذَوَاقٍ وَيَخْرُجُونَ أَدِلَّةً، قَالَ: فَسَأَلْتُهُ عَنْ مَخْرَجِهِ كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ فِيهِ؟ فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْزُنُ لِسَانَهُ إِلا مِمَّا يَعْنِيهِمْ وَيُؤَلِّفُهُمْ وَلا يُفَرِّقُهُمْ، أَوْ قَالَ: يُنَفِّرُهُمْ، فَيُكْرِمُ كَرِيمَ كُلِّ قَوْمٍ وَيُوَلِّيهِ عَلَيْهِمْ، وَيُحَذِّرُ النَّاسَ، وَيَحْتَرِسُ مِنْهُمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَطْوِيَ عَنْ أَحَدٍ بَشَرَهُ وَلا خُلُقُهُ، يَتَفَقَّدُ أَصْحَابَهُ وَيَسْأَلُ النَّاسَ عَمَّا فِي النَّاسِ، وَيُحَسِّنُ الْحَسَنَ وَيُقَوِّيهِ وَيُقَبِّحُ الْقَبِيحَ وَيُوهِنَهُ، مُعْتَدِلَ الأَمْرِ غَيْرَ مُخْتَلِفٍ لا يَغْفُلُ مَخَافَةَ أَنْ يَغْفُلُوا، ويَمِيلُوا لِكُلِّ حَالٍ عِنْدَهُ عَتَادٌ لا يَقْصُرُ عَنِ الْحَقِّ وَلا يُجَوِّزُهُ الَّذِينَ يَلُونَهُ مِنَ النَّاسِ، خِيَارُهُمْ أَفْضَلُهُمْ عِنْدَهُ، أَعَمُّهُمْ نَصِيحَةً، وَأَعْظَمُهُمْ عِنْدَهُ مَنْزِلَةً أَحْسَنُهُمْ مُوَاسَاةً ومُؤَازَرَةٌ "، فَسَأَلْتُهُ عَنْ مَجْلِسِهِ، فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لا يَجْلِسُ وَلا يَقُومُ إِلا عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ لا يُوَطِّنُ الأَمَاكِنَ، وَيَنْهَى عَنْ إِيطَانِهَا وَإِذَا انْتَهَى إِلَى قَوْمٍ جَلَسَ حَيْثُ يَنْتَهِي بِهِ الْمَجْلِسُ وَيَأْمُرُ بِذَلِكَ وَيُعْطِي كُلَّ جُلَسَائِهِ بِنَصِيبِهِ لا يَحْسِبُ جَلِيسُهُ أَنَّ أَحَدًا أَكْرَمُ عَلَيْهِ مِنْهُ مَنْ جَالَسَهُ أَوْ قَاوَمَهُ فِي حَاجَةٍ صَابَرَهُ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الْمُنْصَرِفُ وَمَنْ سَأَلَهُ حَاجَةً لَمْ يَرُدَّهُ إِلا بِهَا أَوْ بِمَيْسُورٍ مِنَ الْقَوْلِ قَدْ وَسِعَ النَّاسَ مِنْهُ بَسْطُهُ وَخُلُقُهُ فَصَارَ لَهُمْ أَبًا، وَصَارُوا عِنْدَهُ فِي الْحَقِّ سَوَاءً، مَجْلِسُهُ مَجْلِسُ حِلْمٍ وَحَيَاءٍ وَصَبْرٍ وَأَمَانَةٍ، لا تُرْفَعُ فِيهِ الأَصْوَاتُ، وَلا تُؤْبَّنُ فِيهِ الْحُرَمُ، وَلا تُنْثَى فَلَتَاتُهُ مُتَعَادِلِينَ يَتَفَاضَلُونَ فِيهِ بِالتَّقْوَى مُتَوَاضِعِينَ يُوَقِّرُونَ الْكَبِيرَ، وَيَرْحَمُونَ الصَّغِيرَ وَيُؤْثِرُونَ ذَوِيِ الْحَاجَةِ وَيَحْفَظُونَ الْغَرِيبَ، قَالَ: قُلْتُ: " كَيْفَ كَانَتْ سِيرَتُهُ فِي جُلَسَائِهِ؟ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَائِمَ الْبِشْرِ سَهْلَ الْخَلْقِ لَيِّنَ الْجَانِبِ لَيْسَ بِفَظٍّ وَلا غَلِيظٍ وَلا صَخَّابٍ وَلا فَحَّاشٍ وَلا غَيَّابٍ وَلا مَدَّاحٍ يَتَغَافَلُ عَمَّا لا يَشْتَهِي وَلا يُوئَسُ مِنْهُ وَلا يَخِيبُ فِيهِ قَدْ تَرَكَ نَفْسَهُ مِنْ ثَلاثٍ الْمِرَاءِ وَالإِكْثَارِ وَمِمَّا لا يَعْنِيهِ وَتَرَكَ نَفْسَهُ مِنْ ثَلاثٍ كَانَ لا يَذُمُّ أَحَدًا وَلا يُعَيِّرُهُ وَلا يَطْلُبُ عَوْرَتَهُ وَلا يَتَكَلَّمُ إِلا فِيمَا رَجَا ثَوَابَهُ إِذَا تَكَلَّمَ أَطْرَقَ جُلَسَاؤُهُ كَأَنَّمَا عَلَى رُءُوسِهِمُ الطَّيْرُ، وَإِذَا سَكَتَ تَكَلَّمُوا وَلا يَتَنَازَعُونَ عِنْدَهُ مَنْ تَكَلَّمَ أَنْصَتُوا لَهُ حَتَّى يَفْرُغَ حَدِيثُهُمْ عِنْدَهُ حَدِيثُ أَوَّلِيَّتِهِمْ، يَضْحَكُ مِمَّا يَضْحَكُونَ مِنْهُ، وَيَتَعَجَّبُ مِمَّا يَتَعَجَّبُونَ مِنْهُ، وَيَصْبِرُ لِلْغَرِيبِ عَلَى الْجَفْوَةِ مِنْ مَنْطِقِهِ وَمَسْأَلَتِهِ، حَتَّى إِنْ كَانَ أَصْحَابُهُ لَيَسْتَجْلِبُونَهُمْ ، وَيَقُولُ: إِذَا رَأَيْتُمْ طَالِبَ الْحَاجَةِ يَطْلُبُهَا فَأَرْشَدُوهُ، وَلا يَقْبَلُ الثَّنَاءَ إِلا مِنْ مُكَافِئٍ، وَلا يَقْطَعُ عَلَى أَحَدٍ حَدِيثَهُ حَتَّى يَجُوزَهُ فَيَقْطَعُهُ بِنَهْيٍ أَوْ قِيَامٍ، قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ كَانَ سُكُوتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ: كَانَ سُكُوتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَرْبَعَ: عَلَى الْحِلْمِ وَالْحَذَرِ وَالتَّقْدِيرِ وَالتَّفَكُّرِ، فَأَمَّا تَقْدِيرُهُ فَفِي تَسْوِيَتِهِ النَّظَرُ وَالاسْتِمَاعُ بَيْنَ النَّاسِ، وَأَمَّا تَذَكُّرُهُ، أَوْ قَالَ تَفَكُّرُهُ فَفِيمَا يَبْقَى وَيَفْنَى، وَجُمِعَ لَهُ الْحِلْمُ فِي الصَّبْرِ، فَكَانَ لا يُوصِبُهُ يُبْغِضُهُ شَيْءٌ وَلا يَسْتَفِزُّهُ، وَجُمِعَ لَهُ الْحَذَرُ فِي أَرْبَعَ: أَخْذُهُ بِالْحُسْنَى لِيُقْتَدَى بِهِ، وَتَرْكُهُ الْقَبِيحَ لِيَتَنَاهَى عَنْهُ، وَاجْتِهَادُهُ الرَّأْيَ فِي مَا أَصْلَحَ أُمَّتَهُ، وَالْقِيَامُ فِيمَا جُمِعَ لَهُمْ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ}{3}

هذا الوصف هو ما تعلق به الصالحون كلهم ، لماذا؟ لأن المؤمن ينبغي أن يكون صورة في كل هذه السلوكيات من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، انظر إلى الصالحين كيف كان عملهم؟ تَعلَّم العلم ولم يخبر به أحد حتى أخوه. وهذا الوصف الظاهري للنبي صلى الله عليه وسلم ، والذي يقف عنده كثير من المؤمنين: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ} الكهف110

هذا الوصف يُحير الأولين والآخرين،{أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ} أي أنا مثلكم جميعاً ، والحديث يُفسر ذلك ، فبعد أن شق الملائكة صدره قال أحدهم كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: {زِنُوهُ بِعَشَرَةٍ مِنْ أُمَّتِهِ، فَوَزَنُونِي، فَرَجَحْتُهُمْ، ثُمَّ قَالَ: زِنُوهُ بِمِائَةٍ مِنْ أُمَّتِهِ، فَوَزَنُونِي، فَرَجَحْتُهُمْ، ثُمَّ قَالَ: زِنُوهُ بِأَلْفٍ مِنْ أُمَّتِهِ، فَوَزَنُونِي فَرَجَحْتُهُمْ، قَالَ: دَعُوهُ فَلَوْ وَزَنْتُمُوهُ بِأُمَّتِهِ جَمِيعًا لَرَجَحَ بِهِمْ}{4}

إذا كان إيمان أبو بكر الصديق مثل إيمان الأمة فما بالك بإيمان رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ مثل إيمان الأولين والآخرين ، فكان صلى الله عليه وسلم ظاهره بشرية وباطن الظاهر حقيقة نورانية ربانية لأن الحقيقة البشرية لا بد أن يكون لها ظل ، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن له ظل ، إذاً الحقيقة التي بداخل الظل نور:

أبرزته يد العناية كوناً وهو نور في صورة آدمية

الحقيقة الآدمية يقف عليها الحشرات كالذباب ، لكنه صلى الله عليه وسلم ما وقف على جسمه ذباب قط ، الحقيقة الظاهرية الجسمانية تُنتنها العرقة ، لكنه صلى الله عليه وسلم كان عرَقه أطيب من ريح المسك​


{1} صحيح البخاري ورواه مسلم بصيغة: " وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَيُعْطِي اللَّهُ " عن معاوية {2} سنن الترمذي ومسند أحمد عن أبي سعيد الخدري {3} معجم الطبراني وشعب الإيمان للبيهقي عن هند بن أبي هالة {4} المطالب العالية لابن حجر وتاريخ الطبري عن شداد بن أوس


http://www.fawzyabuzeid.com/table_b...C7%E5%D1%E5%20%E6%C8%C7%D8%E4%E5&id=578&cat=4


منقول من كتاب {الجمال المحمدى ظاهره وباطنه}
اضغط هنا لقراءة الكتاب أو تحميله مجاناً



https://www.youtube.com/watch?v=NuFYFQQUHag


algmal2.jpg

 
جزاك الله اخي
وبارك الله فيك
images

 
توقيع سفيان اسلام
بسم الله الرحمن الرحيم

قال رسول الله صلى الله عليه و السلم ( الدين النصيحة ثلاثا قلنا لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) رواه مسلم.و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان ) . رواه مسلم .

ونصح لمن قرأهذا الموضوع احذر من كاتب وموقع المدعوا ( فوزي محمد أبو زيد ) فهو صوفي قبوري فحذروا كتبه و موقعه فحذروا بارك الله فيكم

و السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
 
ولا بد من التأمل لدرجة أنك إذا جلست بمفردك أو عند النوم أن يكون في مخيلتك صورة حضرة النبي صلى الله عليه وسلم التي كانت ظاهرة وواضحة للأنام لأن هذا أقرب طريق لرؤيته وأقرب طريق للسعادة الإلهية وال****ا الربانية ، لأنه قال: {اللَّهُ الْمُعْطِي وَأَنَا الْقَاسِمُ}{1}

سيدنا يوسف قال: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ} يوسف55

خزائن الأرض هي طلبات الجسم ، لكن رسول الله ليس حتى على خزائن الملكوت فقط ولكن على خزائن الله من العلوم الإلهية والتجليات الربانية والأنوار القدسية والمكاشفات العلية: {كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلاء وَهَـؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُوراً} الإسراء20

{هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} ص39

هل هناك أمين مخازن لا يحاسب؟ رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يُحاسب ولا يُعاتب ، لكن رسول الله عندما خاطبه الله بهذا المقام يعلم أنه لا يتصرف بأمره وإنما كان مؤدباً شديد الأدب مع ربه فلا يتصرف في أمر صغير أو كبير إلا بإذن صريح من ربه عز وجل
......................................

التعليق:
قد عاتب الله نبيه صلى الله عليه وسلم فقال له : \" وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا (24) سورة الكهف .
وكان سبب ذلك أَنَّ الْكُفَّارَ سَأَلُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الرُّوحِ ، وَعن أَصْحَابِ الْكَهْفِ ، وعن َذِي الْقَرْنَيْنِ ، فَقَالَ لَهُمْ : سَأُخْبِرُكُمْ غَدًا ، وَلَمْ يَقُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، فَعَاتَبَهُ رَبُّهُ بِعَدَمِ تَفْوِيضِ الْأَمْرِ إِلَيْهِ ، وَعَدَمِ تَعْلِيقِهِ بِمَشِيئَتِهِ - جَلَّ وَعَلَا - فَتَأَخَّرَ عَنْهُ الْوَحْيُ ,ثُمَّ عَلَّمَهُ اللَّهُ فِي الْآيَةِ كيف يكون الأدب معه ، فِي قَوْلِهِ : ( وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ) ثُمَّ قَالَ لِنَبِيِّهِ : ( وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ) يَعْنِي إِنْ قُلْتَ سَأَفْعَلُ كَذَا غَدًا ، ثُمَّ نَسِيتَ أَنْ تَقُولَ : إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ تَذَكَّرْتَ بَعْدَ ذَلِكَ ، فَاذْكُرْ رَبَّكَ ، أَيْ قُلْ : إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، أَيْ لِتَتَدَارَكَ بِذَلِكَ الْأَدَبَ مَعَ اللَّهِ الَّذِي فَاتَكَ عِنْدَ وَقْتِهِ ، بِسَبَبِ النِّسْيَانِ ، وَتَخْرُجَ مِنْ عُهْدَةِ النَّهْيِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ .الشنقيطي : أضواء البيان 7/266.
وأيضاً عتاب الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم حينما أذن لبعض المنافقين بالتخلف عن غزوة تبوك ، فعاتبه ربه بقوله : \" عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ (43) سورة التوبة .
وكذا عتابه له حينما قال له : \"يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ \". سورة التحريم 1-3.
أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه عن ابن عباس قال نزلت سورة التحريم بالمدينة، ولفظ ابن مردويه سورة المحرم. وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير قال: أنزلت بالمدينة سورة النساء \"يا أيها النبي لم تحرم\". قوله: \"يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك\" اختلف في سبب نزول الآية على أقوال: الأول قول أكثر المفسرين. قال الواحدي: قال المفسرون: كان النبي صلى الله عليه وسلم في بيت حفصة فزارت أباها، فلما رجعت أبصرت مارية في بيتها مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلم تدخل حتى خرجت مارية ثم دخلت، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم في وجه حفصة الغيرة والكآبة قال لها: لا تخبري عائشة ولك علي أن لا أقربها أبداً، فأخبرت حفصة عائشة وكانت متصافيتين، فغضبت عائشة ولم تزل بالنبي صلى الله عليه وسلم حتى حلف أن لا يقرب مارية، فأنزل الله هذه السورة. قال القرطبي: أكثر المفسرين على أن الآية نزلت في حفصة، وذكر القصة.
وقيل السبب أنه كان صلى الله عليه وسلم يشرب عسلاً عند زينب بنت جحش، فتواطأت عائشة وحفصة أن تقولا له إذا دخل عليهما إنا نجد منك ريح مغافير فحرم النبي صلى الله عليه وسلم العسل على نفسه فأنزل الله هذه الآيات. تفسير ابن كثير 8/161, تفسير القرطبي 10/312 , فتح القدير للشوكاني 5/348 صحيح البخاري (5431).

مثاله أيضاً ما روى أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم كان قد أوحى إليه : أن زيدا يطلق زينب وأنه يتزوجها بتزويج اللّه إياها ، فلما تشكى زيد للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم من خلق زينب وأنها لا تطيعه ، وأعلمه أنه يريد طلاقها قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على جهة الأدب والوصية : \" اتّق اللّه في قولك هذا وأمسك عليك زوجك \" . وقد كان الله عز وجل قد أعلم نبيه صلى الله عليه وسلم أن زيداً سيطلق زينب ، وأنه ستكون زوجة له ، و أنه صلى الله عليه وسلم كان يخفي هذا ويخشى من مقولة الناس ، أنه تزوج مطلقة من كان يدعى إليه ، فعاتبه ربه على ذلك قول الله تعالى : \" وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (37) سورة الأحزاب . انظر : جامع البيان للطبري (22/11) و تفسير القرآن العظيم لابن كثير (3/489) ، و انظر البخاري ( برقم 4787) .

و للاسف.
لم يفهم المؤلف و غيره من الصوفية و من شاكلهم أن العتاب أو العتب دليل وجود الود بينك وبين الشخص الذي تلومه, وعلى قدر الود يكون اللوم، فان كان اللوم عظيما كان هناك مكان للوم ولو على شيء صغير، وإذا كان الود بسيطا لا يكون اللوم إلا على أشياء كبيرة .
وأن العتاب جاء ليوجه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الأمثل والأوفق والأرفق والأحسن من السياسات والقرارات، عندما يفعل النبي صلى الله عليه وسلم ما يكون خلاف الأولى.
كما جاء في قوله سبحانه :\" عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (4) أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (7) وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (8) وَهُوَ يَخْشَى (9) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (10) كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (11) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (12) سورة عبس .

فهذه الحادثة نزلت في عبد الله بن أم مكتوم الأعمى الفقير؛ الذي أعرض عنه الرسول عليه الصلاة و السلام لانشغاله مع كبراء قريش، لعلهم يسلمون ويسلم معهم من يتبعهم، وهذا الفعل لم يقصد به النبي صلى الله عليه وسلم أي انحياز طبقي بين الغني أو الفقير، ولكنه ظن أن الغني سيكون مؤثرا في الدعوة إن أسلم أكثر من الأعمى الفقير، ونزلت الآية تعاتب الرسول عليه الصلاة و السلام عتابا رقيقا حتى أن الله تعالى لم يوجه الخطاب مباشرة لرسوله الكريم تلطفا ورحمة به ،وإنما جاء بصيغة المجهول (عَبَسَ وَتَوَلَّى) ثم بعدها جاء ضمير المخاطب (وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى) وهذا من حب الله تعالى لرسوله ولطفه به، لأنه يعلم أنه لم يعرض عن الأعمى تكبرا، وإنما حرصه الشديد على إسلام صناديد قريش وزعمائها ما هو إلا عزة للإسلام و المسلمين .
فعاتب الله تعالى رسوله قائلا يا محمد لما تترك السهل وتدخل الصعب، إن الله غني عن هؤلاء جميعا فلا تضيق على نفسك وتحملها المشقة لتهدي من يرفض قلبه الهداية , قال تعالى : \" فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (6) سورة الكهف , وقوله تعالى : \" فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8) سورة فاطر.
ومن ذلك أيضًا ما رواه مسلم عن ابْنِ عَبَّاسٍ أنه قال: لَمَّا أَسَرُوا الْأُسَارَى في بدر قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مَا تَرَوْنَ فِي هَؤُلَاءِ الْأُسَارَى فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا نَبِيَّ اللَّهِ هُمْ بَنُو الْعَمِّ وَالْعَشِيرَةِ أَرَى أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُمْ فِدْيَةً فَتَكُونُ لَنَا قُوَّةً عَلَى الْكُفَّارِ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُمْ لِلْإِسْلَامِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا تَرَى يَا ابْنَ الْخَطَّابِ قُلْتُ لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَرَى الَّذِي رَأَى أَبُو بَكْرٍ وَلَكِنِّي أَرَى أَنْ تُمَكِّنَّا فَنَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ فَتُمَكِّنَ عَلِيًّا مِنْ عَقِيلٍ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ وَتُمَكِّنِّي مِنْ فُلَانٍ نَسِيبًا لِعُمَرَ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ أَئِمَّةُ الْكُفْرِ وَصَنَادِيدُهَا فَهَوِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَلَمْ يَهْوَ مَا قُلْتُ فَلَمَّا كَانَ مِنْ الْغَدِ جِئْتُ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ قَاعِدَيْنِ يَبْكِيَانِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي مِنْ أَيِّ شَيْءٍ تَبْكِي أَنْتَ وَصَاحِبُكَ فَإِنْ وَجَدْتُ بُكَاءً بَكَيْتُ وَإِنْ لَمْ أَجِدْ بُكَاءً تَبَاكَيْتُ لِبُكَائِكُمَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبْكِي لِلَّذِي عَرَضَ عَلَيَّ أَصْحَابُكَ مِنْ أَخْذِهِمْ الْفِدَاءَ لَقَدْ عُرِضَ عَلَيَّ عَذَابُهُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ شَجَرَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : \" مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (67) لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (68) سورة الأنفال . أخرجه أحمد1/30(208) و\"مسلم\"5/156 و157(4609 و4610).
فقد عاتبه الله تعالى على ترك الأولى وهو قتل هؤلاء الأسرى من كفار قريش الذين لا يرجى منهم الخير .
وقوله قال الله تعالى : \" فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (55) سورة غافر .
أي : اطلب من ربك المغفرة لذنبك بأن تفعل الأسباب التي تحصل بها المغفرة : من الدعاء بالمغفرة والتوبة النصوح ، وفعل الحسنات الماحية ، وترك الذنوب ، والعفو عن الخلق والإحسان إليهم.تفسير السعدي 35.
فالاستغفار هو طلب المغفرة وهو مرتبط بالتسبيح ،ويعتبر الاستغفار من الذنوب، والتسبيح بالعشي والإبكار، من مكملات العبادة والطاعة والقرب من الله تعالى. وطلب الرحمة والمغفرة من الله مطلوب من كل مؤمن مهما بلغت درجة إيمانه، ومكمل للعمل الصالح مهما كان هذا العمل الصالح مقبولا عند الله. والرسول عليه الصلاة والسلام كان يحرص على أن يؤدي ما يجب على أمته أن تقتدي به، حتى ولو كان هذا العمل قد أعفاه الله منه، والله تعالى قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر, ولكنه مع ذلك كان يستغفر الله في اليوم مائة مرة ويقوم الليل ويصلي حتى تتورم قدماه الشريفتان وتسأله عائشة رضي الله عنها في عجب: يا رسول الله ألم يغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر فيقول الرسول عليه أفضل الصلاة: أفلا أكون عبدا شكورا.
فهذه الآيات التي وردت في عتاب النبي صلى الله عليه وسلم هي دليل أكد على صدق النبي صلى الله عليه وسلم , وبرهان صادق على أن هذا القرآن نزل من عند الله تعالى .

..........................


هذا الوصف يُحير الأولين والآخرين،{أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ} أي أنا مثلكم جميعاً ، والحديث يُفسر ذلك ، فبعد أن شق الملائكة صدره قال أحدهم كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: {زِنُوهُ بِعَشَرَةٍ مِنْ أُمَّتِهِ، فَوَزَنُونِي، فَرَجَحْتُهُمْ، ثُمَّ قَالَ: زِنُوهُ بِمِائَةٍ مِنْ أُمَّتِهِ، فَوَزَنُونِي، فَرَجَحْتُهُمْ، ثُمَّ قَالَ: زِنُوهُ بِأَلْفٍ مِنْ أُمَّتِهِ، فَوَزَنُونِي فَرَجَحْتُهُمْ، قَالَ: دَعُوهُ فَلَوْ وَزَنْتُمُوهُ بِأُمَّتِهِ جَمِيعًا لَرَجَحَ بِهِمْ}{4}

إذا كان إيمان أبو بكر الصديق مثل إيمان الأمة فما بالك بإيمان رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ مثل إيمان الأولين والآخرين ، فكان صلى الله عليه وسلم ظاهره بشرية وباطن الظاهر حقيقة نورانية ربانية لأن الحقيقة البشرية لا بد أن يكون لها ظل ، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن له ظل ، إذاً الحقيقة التي بداخل الظل نور:

أبرزته يد العناية كوناً وهو نور في صورة آدمية

الحقيقة الآدمية يقف عليها الحشرات كالذباب ، لكنه صلى الله عليه وسلم ما وقف على جسمه ذباب قط ، الحقيقة الظاهرية الجسمانية تُنتنها العرقة ، لكنه صلى الله عليه وسلم كان عرَقه أطيب من ريح المسك
..............................................................................................................................
التعليق:
و هذه بإختصار عقيدة الحلاج المبنية على الحلول يعني حلول الله في خلقه، فهو يزعم هنا أن النبي الأكرم انما اجتمعت فيه حقيقتان، حقيقة الناسوت المعبر عنها بقوله (إنما أنا بشر مثلكم)، و التي تمثل ظاهر الرسول البشري، و حقيقة اللاهوت التي يعني بها حلول الله أو روح الله في النبي محمد مما يجعل الله و محمد متحدا في بدن واحد، ظاهره محمد و باطنه الله، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
هداك الله و سددك و الى جادة الحق ردك و أرشدك، لا تأخذ العقيدة غلاة الصوفية التي يهرثون بما لا يعرفون، و يعتقدون زبالة الأفكار و أفسد العقائد على وجه هذه البسيطة.
 
توقيع ابو ليث
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
العودة
Top Bottom