قطوف دانية (6)

ام اشراق

:: عضو بارز ::
أوفياء اللمة
بسم الله الرحمن الرحيم


عباس بن الأحنف امام العاشقين



العبّاس بن الأحنف أبو الفضل العباس بن الأحنف بن الأسود بن طلحة الحنفي اليمامي، والحنفي نسبة إلى بني حنيفة قومه. شاعر عباسي من شعراء القرن الثاني للهجرة. نشأ في بغداد. ويُعد من فحول شعراء الغزل، الذين اقتصروا عليه دون غيره من الأغراض إلا ما ندر، حتى قال ابن المعتز في طبقاته: ¸كان شعره كله في الغزل والوصف·. وتكاد المصادر تجمع على ما تحلى به الشاعر من الفضائل، فبعضها يصفه بأنه: ¸كان غزلاً ولم يكن فاسقًا·، كما وصفه آخرون بالكرم ومحاسن الأخلاق والفضل.
ويشبه العباس في عصره، عمربن أبي ربيعة في العصر الأموي، فكلاهما انصرف إلى الغزل، غرضًا قائمًا بذاته. وقد توطدت علاقة العباس بالخليفة العباسي هارون الرشيد، فكان من ندمائه المقربين، ويقال: إنه كان يصحبه في غزواته لأرمينيا وأذربيجان.

خالف الشعراء في طريقتهم فلم يتكسب بالشعر، وكان أكثر شعره بالغزل (شعر) والنسيب والوصف، ولم يتجاوزه إلى المديح والهجاء،
وفي ذلك يقول الجاحظ:
«لولا أن العباس بن الأحنف أحذق الناس وأشعرهم وأوسعهم كلاما وخاطرا، ما قدر أن يكثر شعره في مذهب واحد لا يجاوزه، لأنه لا يهجو ولا يمدح لا يتكسب ولا يتصرف، وما نعلم شاعرا لزم فنا واحدا فأحسن فيه وأكثر»

يلفت النظر في شعر العباس بن الأحنف موسيقاه الآسرة , وإذا كان القدماء قد وصفوا الأعشى بأنه صنـّاجة العرب , فأن العباس بن الأحنف جدير بأن يسمى صنـّاجة الشعر العربي في العصر العباسي كله , لما تميز به شعره من إيقاعات موسيقية عذبة مطرّدة ,وأجراسا ً حلوة متناغمة وسلاسة تجعل لشعره وقعا ً طيبا ً في النفس والعقل ِمعا ً .

وقد وقع العباس بن الأحنف في حب جارية يقال لها فوز لأنها كانت كثيرة الفوز بالسباقات والمنافسات لكي لا يصرح باسمها الحقيقي أشعلت قريحته الشعرية، فمضى يتغزل بها، ويصف مايعانيه من حبها، حتى أوقف عليها ديوان شعر، يفيض بصدق المعاناة، ويرسم صورة وضيئة للحب الطاهر العفيف، ويجعل حب العباس بن الأحنف وشعره الغزلي رمزًا خالدًا في الأدب العربي. ومن رقيق غزله قوله في محبوبته واميرته (فوز)
:

أميرتي , لا تغفري ذنبي فأن ذنبي شدّة الحــــــــــب ِّ
حدّثت قلبي دائما ً عنكمو حتى قد استحييت من قلبي
وقال ايضا


ألم تعلمي يا "فوز" أني معـــــــــــــذب ُ
بحبكم , والحين للمرء يجلــــــــــــــــب ُ (1)
وقد كنت أبكيكم بيثرب مـــــــــــــــــرة ً
وكانت منى نفسي من الأرض ِ يثـــرب ُ
أُؤملكم حتى إذا ما رجعتمـــــــــــــــــــو
أتاني صدود ٌ منكم ُ وتجنــــــــــــــــــب ُ
فان ساءكم ما بي من الصبر , فارحموا
وان سرّكم هذا العذاب , فعذّبــــــــــــوا
فأصبحت ُ فيما كان بيني وبينكـــــــــــم
أحدّث عنكم من لقيت ُ فيعجـــــــــــــب ُ
وقد قال لي ناس تحمل دلالهــــــــــــــا
فكل ُّ صديق سوف يرضى ويغضـــب ُ
واني لأقلى بذْل غيرك فاعلمــــــــــــي
وبخلك ِ في صدري ألذ ُّ وأطيــــــــــــب ُ (2)
فاني أرى من أهل بيتك نســــــــــــــوة ً
شبين َ لنا في الصدر ِ نارا ًتلهــــــــــب ُ

وقال ايضا

قد خِفتُ أن لا أراكم آخرَ الأبدِ
وأن أموتَ بهذا الشّوقِ والكَمَدِ
الموتُ يا فوْزُ خيرٌ لي وأروحُ لي
من أنْ أعيشَ حليفَ الهمّ والسّهدِ
لمّا أتاني كِتابٌ مِنكِ يا سَكَني
جعلتهُ شَبَهَ التّعويذِ في عضدُدي
يا فوزُ يا زهرة الدّنيا وزينتها
أنْضَجتِ قلبي وألبَستِ الهوى كَبِدي
ما ضرّ قوماً وطِئتِ اليومَ أرضَهُمْ
أن لا يروا ضوءَ شَمْسٍ أخِرَ الأبدِ
من جَاورَتْهُ جرَى بالسّعدِ طَالِعُه
ومَن رآها فلَن يَخشَى من الرَّمَدِ

وقال ايضا


قَـد كُنـتُ أَرجُـو وَصلَكُـم
فَظَلَلـتُ مُنقَـطِـعَ الـرَّجـاءِ
أَنـتِ الَّتِـي وَكَّلـتِ عَيـنِـيَ
بالـسُّـهـادِ وَبِالـبُـكــاءِ
إِنَّ الـهَـوَى لَـو كَـانَ يَنفُـذُ
فِـيـهِ حُكمِـي أَو قَضـائِـي
لَطَـلَـبـتُـهُ وَجَـمَـعـتُـهُ
مِـن كُـلِّ أَرضٍ أَو سَـمــاءِ
فَـقَـسَـمـتُـهُ بَينِـي وَبَيـنَ
حَبـيـبِ نَفسِـي بِالـسَّـواءِ
فَنَعيـشَ مَـا عِـشـنـا عَلَـى
مَحـضِ الـمَـوَدَةِ وَالصَّـفـاءِ
حَـتَّـى إِذَا مُتنَـا جَمـيـعـاً
وَالأُمــورُ إِلَــى فَـنــاءِ
مَـاتَ الـهَـوَى مِـن بَعدِنـا
أَو عَـاشَ فِـي أَهـلِ الـوَفـاء

وقال ايضا


أَيا أَهلَ فَوزٍ أَلا تَسمَعونَ *** أَلا تَنظُرونَ إِلى ما لَقينا
أَلا تَعجَبونَ لِفَوزِ المُني *** تَميلُ وَتُصغي إِلى الكاشِحينا
وَلَو شِئتُ مِلتُ إِلى غَيرِها *** إِلى مَن يَكونُ بِوُدّي ضَنينا
وَلَكِنَّني كُنتُ عاهَدتُها *** عَلى أَن أَدومَ وأَن لا أَخونا
فَقَد عَجِبَ الناسُ مِن أَمرِنا *** وَأَنساهُمُ قِصَصَ الأَوَّلينا
وَصِرنا حَديثاً لِمَن بَعدَنا *** تُحَدِّثُ عَنّا القُرونُ القُرونا



وتقول كتب التراث انه توفي وسنه اقل من ستين سنة وذلك عام مائة واثنتين وتسعين من الهجرة وقيل بل سنة مائة وأربع وتسعين من الهجرة وان يوم وفاته كان يوم وفاة إبراهيم الموصلي نديم الخلفاء والكسائي النحوي المعروف .
















 
آخر تعديل:
تسلم ايدك اختي
على هاته الابيات
ربي يوفقك
 
توقيع سفيان اسلام
تنبيه: نظرًا لتوقف النقاش في هذا الموضوع منذ 365 يومًا.
قد يكون المحتوى قديمًا أو لم يعد مناسبًا، لذا يُنصح بإشاء موضوع جديد.
العودة
Top Bottom