الرشوة الخراب القائم والإثم الدائم.

ابو ليث

:: عضو مَلكِي ::
أوفياء اللمة
الرّشـــوة:في اللّغة: قال ابن الأثير: الرّشوة الوصلة إلى الحاجة بالمصانعة، وأصله من الرّشاء الذي يتوصل به إلى الماء؛ وفي الاصطلاح: قال الجرجاني: " ما يُعْطَى لإِبْطَالِ حَقٍّ أو لإِحْقَاقِ بَاطِلٍ".وهو من أوضح التعاريف التي قيلت في الرشوة وأشملها بيانا.وفي الشّق القانوني – تعرف الرشوة على أنها استيلاء موظف عام على مبالغ من أجل القيام بمهام وظيفته [3].

أركان الرشوة
:


الرّاشي: هو الذي يبذل المال أو المنفعة لمن يحقق له مصلحة، أو يعينه على باطل.

والمرتشي: هو الشخص المستفيد من غيره مالا أو منفعة لإيصال حقّ يجب عليه أداؤه إلى الراشي ، أو أن يقوم له بمصلحة غير مشروعة.


والرّائش (أو الواسطة): الذي يسعى بينهما ليحقق مصلحة الطرفين.

الرشوة: وهي المال أو المنفعة التي تبذل بقصد حمل المرتشي على قضاء المصلحة المذكورة[4].
مسميات مختلفة للرّشوة والمقصد واحد:
جاءت ألفاظ مرادفة للرشوة سواء في القرءان أو السنة أو كلام الناس: منها السّحت، والبرطيل، وَفِي الْمَثَل: الْبَرَاطِيل تَنْصُرُ الأَبَاطِيل[5]. وفي بعض الأوساط الشعبية يقولون: الإكرامية، والحلاوة، والهدية، والقهوة[6]، وحقّ القات[7]، والْمُصَانَعَةُ: وقد قيل: مَنْ صَانَعَ بِالْمَال لَمْ يَحْتَشِمْ مِنْ طَلَبِ الْحَاجَةِ [8].
وغيرها من الكلمات المصطنعة التي في ظاهرها أنها بعيدة عن الرّشوة، وفي حقيقتها وجوهرها هي السّحت الحرام ، فالمسمّيات لا تغيّر من الحقائق شيئا، ومن ذلك أيضا ما جرى في عالمنا اليوم وقلّدناه تسمية "غسل الأموال" و"تبييض الأموال" و"تطهير الأموال" وغيرها من المصطلحات بدلاً من المال الحرام.
والسحت لغة
: الحرام، أو ما خبث من المكاسب فلزم عنه العار؛ سمّي بذلك لأنه يسحت البركة ويذهبها، يقال: (سحته الله) أي أهلكه، ويقال: (أسحته)، وقرئ بهما في قوله تعالى: ﴿ فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ[9] أي يستأصلكم ويهلككم.
أما البرطيل: فقيل هو الحجر المستطيل، وسميت به الرّشوة لأنّها تُلْجِم المرتشي عن التّكلم بالحقّ، كما يلقمه الحجر الطّويل.

هل هناك فرق بين السحت والرشوة
:

يقول الشيخ عطية محمد سالم رحمه الله تعالى: " أنّ ما كان فيه اشتراك بين طرفين في ارتكاب الإثم فهو الرّشوة؛ لوجود راش ومرتش، وما كان الإثم فيه من طرف واحد مع اضطرار الطرف الثاني فهو السّحت.
ويشهد لهذا ما رواه البيهقي [10] بسنده عن مسروق قال: سألت ابن مسعود -رضي الله عنه- عن السّحت أهو رشوة في الحكم؟ قال: لا؛ ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾، و﴿ الظَّالِمُونَ ﴾ و﴿ الْفَاسِقُونَ[11]، ولكن السّحت أن يستعينك رجل على مظلمة فيهدي لك فتقبله، فذلك السّحت.وحكم الرشوة أنها حرام، وسحت يأكله صاحبه، ونصوص الوحيين واضحة في حكمها على الكسب الخبيث.

النّصوص الواردة في الرّشوة في القرآن الكريم:لقد جاءت الأوامر والتوجيهات في القرآن الكريم إلى النّاس أن ينالوا حقوقهم بالوجوه المشروعة، ونهى عن أكل أموال النّاس بالباطل والطرق الممنوعة قال تعالى: ﴿ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ[12] فجاءت الآية الكريمة بعد انتهاء آيات الصيام، وكأنّ الحقّ جلّ في علاه يقول يا معشر الصّائمين عن الحلال في شهر رمضان، صوموا عن الحرام طيلة الأيام، وإيّاكم وأكلَ مال الغير بالباطل سواء كان بالقمار أو الميسر أو الرّبا أو دفع الرّشوة للحكام، "اعتماداً على المغالطة في القرائن والأسانيد، واللّحن بالقول والحجّة، حيث يقضي الحاكم بما يظهر له، وتكون الحقيقة غير ما بدا له"[13].وقوله تعالى: ﴿ وتدلوا بها إلى الحكام ﴾ شبيه بمن يدلي دلوه في ظلام البئر لينال شيئا منه، وكذلك الرّاشي كأنه يدلي بدلو الرّشوة ليأخذ شيئا خفيّا لا يستحقّه في الوضوح، فيرجع إلى الحيل والواسطات.وذكر ابن كثير في تفسير الآية: « قال علي بن أبي طلحة، وعن ابن عباس: هذا في الرّجل يكون عليه مال، وليس عليه فيه بيّنة، فيجحد المال، ويخاصم إلى الحكّام، وهو يعرف أنّ الحقّ عليه، وهو يعلم أنّه آثمٌ آكلُ حَرَامٍ. وكذا روي عن مجاهد وسعيد بن جبير، وعكرمة والحسن وقتادة والسّدّي ومقاتل بن حيان وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم أنّهم قالوا: لا تخاصم وأنت تعلم أنّك ظالم ".وقد ورد في الصحيحين عن أمّ سلمة رضي الله عنها أنّ رسول الله – -صلى الله عليه وسلم- - قال: « إنّما أنا بشر، وإنّما يأتيني الخصم فلعلّ بعضَكم أن يكون ألحنَ بحجّته من بعض فأقضيَ له، فمن قضيتُ له بحقّ مسلم فإنّما هي قطعة من نار فليحملها أو ليذرها ».وهكذا يتركهم لما يعلمونه من حقيقة دعواهم. فحكم الحاكم لا يحلّ حراماً، ولا يحرّم حلالاً. إنّما هو ملزم في الظّاهر، وإثمه على المحتال فيه.وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ﴾(النساء 29)، قال ابن كثير: نهى (4) تبارك وتعالى عباده المؤمنين عن أن يأكلوا أموال بعضهم بعضا بالباطل، أي: بأنواع المكاسب التي هي غير شرعية، كأنواع الربا والقمار، وما جرى مجرى ذلك من سائر صنوف الحيل... ولا تتعاطوا الأسباب المحرّمة في اكتساب الأموال، لكن المتاجر المشروعة التي تكون عن تراض من البائع والمشتري فافعلوها وتسببوا بها في تحصيل الأموال"[14].وقال تعالى في معرض ذكره لأخلاق اليهود: ﴿ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ [15].وهنا ملازمة أكل السحت للكذب؛ فالكذب والإثم والعدوان ملازمات لأكل السّحت لا ينفك عنها لتحقيق غرضه والوصول إلى هدفه وعدوانه.وقال تعالى: ﴿ وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ [16]، "وترى كثيراً من هؤلاء يسارعون في المعاصي والاعتداء على غيرهم، وفى أكل المال الحرام كالرّشوة والرّبا ولبئس ما يفعلونه من هذه القبائح، ثمَّ أنحا باللاّئمة على العلماء الساكتين عن الحق المصانعين لأهل الباطل، فقال لهم: أما كان ينبغي أن ينهاهم علماؤهم وأحبارهم عن قول الكذب وأكل الحرام، ولبئس ما كانوا يصنعون من ترك النّصيحة والنّهى عن المعصية "[17].وقد خصّص قوله تعالى ﴿ ولا تأكلوا أموالكم بالباطل... ﴾ الرّشوة في الحكام مع أنّها ليست قاصرة عليهم، ولكنّها منهم أعظم خطرا وأشدّ فتكا؛ لأنّهم ميزان العدالة؛ فإذا فسد الميزان اختلّ الاتِّـزان، وإذا خان الوَازَّنُ ضاع التّوازنُ، ومن ثمّ ينتشر الفساد.

الرّشوة في الأحاديث النبوية
:
روى التّرمذي وأحمد وابن حبان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: « لعن الله الرَّاشي والمُرْتَشِي »، وفي رواية عند أحمد: «والرَّائش» وهو الذي يمشي بينهما[18].
ويؤخذ من هذا الحديث
:
1- أن الرشوة من كبائر الذنوب.
2- أن صاحبها ملعون ومطرود من رحمة الله تعالى سواء كان المعطي أو الآخذ أو الواسطة ، نعوذ بالله من ذلك.وروى الطبراني بإسناد صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: « الرّشوة في الحكم كفر، وهي بين النّاس سحت » [19]،
ويعني بالكفر هنا أنّـه إذا أعطي الحاكم أو القاضي ومن في معناهما من أهل الولايات الرّشوة من أجل استحلال حقوق الناس وغصبها وإعطائها لآخرين، فإنّ في ذلك تحليل لما حرّم الله، أو تحريم لما أحلّ الله فذاك هو الكفر لقوله تعالى ﴿ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ﴾.
ولما بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معاذًا -رضي الله عنه- إلى اليمن أرسل في أثره، فلمّا جاءه قال: « أتدري لِمَ بعثتُ إليك؟ لا تصيبنّ شيئًا بغير إذني فإنّه غلول، " ومن يغلل يأت بما غلَّ يوم القيامة"، لهذا دعوتك فامض لعملك » رواه الترمذي (1335)[20].وذلك أنّ من أخذ شيئا من الناس من غير طيب نفوسهم، أو أخذه من المال العام دون إجازة الحاكم له فإنما هو غلول والرشوة نوع من هذا الغلول.
وعَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رضي الله عنه-، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: « مَا مِنْ قَوْمٍ يَظْهَرُ فِيهِمُ الرِّبَا، إِلاَّ أُخِذُوا بِالسَّنَةِ[21]، وَمَا مِنْ قَوْمٍ يَظْهَرُ فِيهِمُ الرُّشَا، إِلاَّ أُخِذُوا بِالرُّعْبِ » أخرجه أحمد 4/205(17976).قال السّاعاتي في معناه: أي الخوف والفزع بحيث يسلّط الله عليهم من يخيفهم من الأعداء، أو يخيفهم بالطاعون ونحو ذلك "[22]، وقال ابن حجر: وفي هذا الحديث ما يقتضي أن الطاعون والوباء ينشأ عن ظهور الفواحش "[23]، الله اكبر !! أليس هذا حالنا يا قوم، أمة لما فشا فيها الرشا جبنت أن تواجه أعداءها بل صار منها فئام عملاء لهم، أمة أصابها الفزع كلّما قالوا هناك انفلونزا كذا أو كذا، وما هو والله إلا وعيد الحبيب -صلى الله عليه وسلم- الذي أوعد به.

الفرق بين الهدية والرشوة
:





الهدية: هي أن يعطي شخص لشخص شيئا دون أن يشترط عليه العوض.
والهدية مشروعة ومرغّب فيها، ولها أثر ضدّ أثر الرشوة؛ لأنها تؤلف القلوب وتورث المحبة، كما قال -صلى الله عليه وسلم- « تهادوا تحابوا »[24].
والهدية تزيل أضغان النّفوس، بينما الرّشوة على العكس تورث القطيعة وتوقع العداوة.
والهدية يدفعها المهدي عن طيب نفسٍ تقديرا للمهدي إليه، أو تطييبا لخاطره أو تأليفا له، وكلها مقاصد حسنة وعن طواعية، ولذا فهو لا يخفيها كما يخفي الراشي رشوته، والمهدي إليه قد يكافئ عليها إن عاجلا أم آجلا.
بينما الرشوة يدفعها الرّاشي مُكرها ويأخذها المرتشي متستّرا، وقد جاء الحديث: "لا يحلّ مال امرئ مسلم إلاّ عن طيب نفس"[25]، وهو موافق للهدية معاكس للرشوة.
أنّ الرّشوة عطاء مع شرطِ أن يُعِينَهُ، والهدية لا شرط معها[26].

تحـذير: وهنا يلزم التحذير الشديد من تسمية الرشوة باسم الهدية؛ لأنّ من أكلها عالما بها أنها رشوة مستحلاًّ إيّاها فإنه يخشى عليه الكفر؛ لأنّه يدخل في عموم من استحلّ ما علم تحريمه بالضرورة[27].


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/39666/#ixzz3RZ1rBKG0
 
توقيع ابو ليث
رد: الرشوة الخراب القائم والإثم الدائم.

هدايا العمال:
أي (الهدايا التي يأخذها الحكّام والولاَة
، والقضاة، ورؤساء البلديات، والموظّفون في الإدارات، والجمارك، والمطارات وكلّ مسؤول في كلّ مكان ينتفع به النّاس إنما هي جمر من نار جهنّم فليُقِلَّ أو لِيَسْتَكْثِر من جمر النار):
فقد جاء في حديث عبد الله ابن اللُّتبيّة وحديثه معروف عند المحدثين بهذا الوصف، وابن اللتبية هو أحد الموظفين في جمع الزكاة وكان النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- يبعثهم في تلك المهمّات الرّسمية، فانظر أخي المسلم ماذا قال عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- لما أهدي له وهو موظف يتقاضى راتبا من الدولة، روى البخاري في صحيحه [28] عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ -رضي الله عنه- " قَالَ: اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلًا عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ يُدْعَى ابْنَ اللُّتْبِيَّةِ[29]، فَلَمَّا جَاءَ حَاسَبَهُ قَالَ: هَذَا مَالُكُمْ وَهَذَا هَدِيَّةٌ. فَقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "فَهَلاَ جَلَسْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ حَتَّى تَأْتِيَكَ هَدِيَّتُكَ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا ثُمَّ خَطَبَنَا فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَسْتَعْمِلُ الرَّجُلَ مِنْكُمْ عَلَى الْعَمَلِ مِمَّا وَلاَنِي اللَّهُ، فَيَأْتِي فَيَقُولُ: هَذَا مَالُكُمْ وَهَذَا هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي، أَفَلاَ جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ حَتَّى تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ، وَاللَّهِ لاَ يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقِّهِ إِلاَّ لَقِيَ اللَّهَ يَحْمِلُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَلأَعْرِفَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ لَقِيَ اللَّهَ يَحْمِلُ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةً تَيْعَرُ. ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ حَتَّى رُئِيَ بَيَاضُ إِبْطِهِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ؟ بَصْرَ عَيْنِي وَسَمْعَ أُذُنِي" [30]"، ثم رفع يديه حتى رأينا عفرتي إبطيه: "ألا هل بلّغت؟ ثلاثا » نشهد أنّه بلّغ، فهل بلغكم هذا يا معشر العاملين والمؤتمنين على وظائف الدولة، لا يأتي أحدكم يوم القيامة يحمل شيئا كائنا ما كان ولو قَلَماً، ولو ورقة، فما بالكم غير هذا.قال السّندي: " وقد أبان هذا الحديث أنّ عمال الحكومة ومستخدمي الدولة وذوي النّفوذ فيها لا يحلّ لهم تقبل الهدايا فإنها في الحق رشوة في ثوب هدية، وإنما حرمت الهدايا للعمال حفظا لحقوق الدّولة وحرصاً على أموال الأمّة، وصَوناً لحقوق الأفراد من عبث هؤلاء الحكّام ومنحهم حقّ فلان لفلان، وإكرام المهدي على حساب خصمه، ولولا طمع المهديين في الظّفر بحقّ خصومهم أو بحقّ من حقوق الدّولة ما بذلوا تلك الهدايا ولهذا حرّمت الرّشا والهدايا على أصحاب الحكم والنفوذ إلاّ ممّن اعتاد أن يهديهم من قبل أن تصير الولاية إليهم "[31]، بل نص العلماء "أن القضاة لا يجوز لهم أن يقبلوا من الهدايا حتى ولو كان ذلك في ختان وأعراس فلا يجوز قبولها"[32]، وقال في الفتاوي البزازية: القاضي لا يقبل هدية الأجنبي والقريب إلا من كان يهدي قبله، وإن زاد يرد الزيادة إلا أن تكون خصومة فلا يقبل منه أيضا فإن قبل منه وأمكن الرّد ردَّ، وإلاّ وضعها في بيت المال ". وعَنْ عَدِيِّ بْنِ عَمِيرَةَ الْكِنْدِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- : « مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَلٍ، فَكَتَمَنَا مِخْيَطًا فَمَا فَوْقَهُ، كَانَ غُلُولاً يَأْتي بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَالَ: فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ أَسْوَدُ، مِنَ الأَنْصَارِ، كَأنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، اقْبَلْ عَنِّي عَمَلَكَ، قَالَ: وَمَا لَكَ؟ قَالَ: سَمِعْتُكَ تَقُولُ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: وَأَنَا أَقُولُهُ الآنَ: مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَلٍ، فَلْيَجِئْ بقَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ، فَمَا أُوتِيَ مِنْهُ أَخَذَ، وَمَا نُهِيَ عَنْهُ انْتَهَى ». "[33].
وفي سنن البيهقي بسنده عن أبي حميد السّاعدي قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "هدايا الأمراء غلول" [34].ومعلوم أنّ الغلول[35] جمع غلّ، وهو الطّوق في العنق، وذلك إذا كانت ممن لم يهد إليه من قبل، أو كان لا يكافئ عليها.
وعن سلمة بن كهيل عن علقمة ومسروق أنّهما سألا ابن مسعود عن الرّشوة؟ قال: يقال: من السّحت. قالا: في الحكم؟ قال: ذلك كفر. ثم تلا هذه الآية: ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون )، هذا حديث حسن من قول عبد الله بن مسعود وقد تقدم بيان ذلك فلينظر.وجاء في الأثر: « إذا دخلت الرّشوة من الباب خرجت الأمانة من الكوة »[36].


وقد قال أحد الشعراء:
إذا أتتِ الهَدِيّةُ دارَ قَوْمٍ
space.gif
... تطايرتِ الأمانةُ مِنْ كُوَاهَا
space.gif


ولله دَرُّ القائل:
تَزَوَّدْ حِكْمَةً مِنِّي ... وخَلِّ القِيلَ والقَالاَ
space.gif


فسادُ الدّين والدّنيا
space.gif
... قَبُولُ الحاكِمِ المَالاَ
space.gif


وقال آخر وقد شاع الرّشا في القضاة :
قضاء امرئ لا يرتشي حكومة
space.gif
... إذا مال بالقاضي الرِّشا والمطامع
space.gif


وكذلك ما أُهْدِيَ لأهلِ العاملِ أو الوالي فهو رشوة:
فإنّ كثيرا من لصوص الحقوق، وسرّاق الأموال، يلجأون إلى الطّرق الملتوية ليصلوا إلى بغيتهم عند المسئولين ، بهدف التّوصل إلى إبطال حقّ أو تحقيق باطل، فيأخذون الهدايا إلى نساء أولئك الموظّفين أو أبنائهم أو آبائهم ومن له صلة بذلك المسئول، زعما منهم أنّها هدايا وصِلات لا علاقة لها بما يَخْتُلُونَ[37] من حقوق الغير، وقد سدّ الخلفاء الرّاشدون هذا الباب لئلا يكون للأقارب يد في وصول تلك العقارب من الرّاشين إليهم من طرق أخرى، فقد روى البيهقي في سننه عن عبد الرحمن بن القاسم حدثنا مالك قال: أهدى رجل من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- - وكان من عمّال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- - نمرقتين[38] لامرأة عمر -رضي الله عنه- ؛ فدخل عمر فرآهما فقال: (من أين لك هاتين؟ اشتريتهما؟ أخبريني ولا تكذبيني!) قالت: بعث بهما إليّ فلان، فقال: قاتل الله فلانا إذا أراد حاجة فلم يستطعها من قِبَلِي أتَانِي من قِبَلِ أهلي؛ فاجتذبهما اجتذابا شديدا من تحتِ من كان عليهما جالسا، فخرج يحملهما فتبعته جاريتها فقالت: إنّ صوفهما لنا، ففتقهما وطرح إليها الصّوف، وخرج بهما فأعطى إحداهما امرأة من المهاجرات، وأعطى الأخرى امرأة من الأنصار" [39].

قال في تحقيق القضية [40]: وإن ارتشى ولد القاضي أو كاتبه أو بعض أعوانه فإن كان بأمره ورضاه فهو كما لو ارتشى القاضي سواء، ويكون قضاؤه مردودا، أما إذا كانت الهدية بغير علم القاضي نفذ، وكان على المرتشي ردّ ما قبض.

وقد منع العلماء قبول الوالي ومن في معناه هدية ممن لم يكن له عهد بالإهداء إليه، ولو لم تكن له حاجة بالفعل عنده خشية أن تأتي له حاجة فيما بعدُ فيميل إليه بما كان من هديته الأولى.

"وقد وقع مثله لعمر -رضي الله عنه- ؛ كان رجل يهدي إليه رِجل جزور كلّ عام؛ فخاصم إليه يوما فقال: يا أمير المؤمنين اقض بيننا قضاء فصلا، أي كما تفصل الرِّجل من سائر الجزور؛ فقضى عمر -رضي الله عنه- وكتب إلى عماله: ألا إنّ الهدايا الرشا؛ فلا تقبلن من أحد هدية"[41].

 
آخر تعديل:
توقيع ابو ليث
رد: الرشوة الخراب القائم والإثم الدائم.

الرّشوة خلق من أخلاق اليهود:
قد مضت الآيات في صفات أكلة السّحت من أهل الكتاب، وثمّة نصوص كثيرة تبيّن حرص النّفوس المريضة من اليهود والمنافقين في أكلهم أموال الناس بالباطل، أو محاولتهم إبطال الحقّ المشروع كما فعل يهود خيبر مع عبد الله بن رواحة -رضي الله عنه- فقد روى مالك رحمه الله تعالى - عن سليمان بن يسار: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « كان يبعث عبد الله بن رواحة إلى خيبر فيخرص بينه وبين يهود خيبر، قال: فجمعوا له حَلْياً من حلي نسائهم، فقالوا له هذا لك، وخفّف عنّا وتجاوز في القسم، فقال عبد الله بن رواحة: يا معشر اليهود والله إنكم لمن ابغض خلق الله إلي، وما ذاك بحاملي على أن أحيف عليكم، فأما ما عرضتم من الرّشوة فإنها سحت، وإنا لا نأكلها، فقالوا: بهذا قامت السماوات والأرض "[42].
وكان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يقول: "لا تستعملوا اليهود والنصارى فإنهم أهل رُشا في دينهم، ولا يحلّ في دين الله الرشا".
مضارّ الرّشوة
:
لاشك أن كل عمل خالف سنن الرّشد والإصلاح، وافق سبيل الغيّ والفساد، ومن ثمّ فإن للرشوة مضار متعددة، دينيا، واجتماعيا، واقتصاديا، وامنيا، وإداريا.

الآثار الدينية: أنّ صاحبها مطرود من رحمة الله تعالى، لارتكابه كبيرة من كبائر الذنوب[43]، وسيصلى نارا تلظّى بقدر ما كسبت يده من المال الحرام، والتّفريط في واجبه الّذي كان موكولا إليه بعقد وأمانة، وبناء على ذلك يكون الفعل تدميرا للمبادئ والأخلاق الكريمة، كما أنها تأخذ العبد بعيدا عن الله تعالى فلا يستجاب له دعاء، ولا تقبل له طاعة.

الآثار الاجتماعية: "إنّ الآثار الاجتماعية للرشوة لا حصر لها، ولعل أخطرها أنها تقلب موازين البنية الاجتماعية باعتلاء المنحرفين مواقع لا يستحقونها في البنيان الاجتماعي، ويتراجع الملتزمون بالأنظمة والقوانين في قائمة البنية الاجتماعية، فعندما يصبح المال معيار القيمة الاجتماعية عند بعض الأفراد - بصرف النظر عن مصدره - فإنّ الأمر يؤدّي إلى اهتزاز كلّ القيم وتفشّي ظواهر الأنانية وعزوف الأفراد عن أداء واجباتهم وأنشطتهم المشروعة[44]. كما أن المرتشي يؤثر بسلوكه في أسرته فيصبح قدوة سيئة بأفعاله، والأفعال أقوى صوتا من الأقوال، وإيحاء السّلوك أقوى من إيحاء الألفاظ لذلك تنحرف الأسرة ويصبح وجودها ظاهرة غير عادية [45].

الآثار الاقتصادية
: يترتب على الرشوة آثار تدميرية للبنية الاقتصادية، حيث الكساد في العمل الموقوف على الدّفع مقابل التسيير، مما يترتّب عليه قلّة الانتاج، ووقف عجلة التنمية، وتهميش أصحاب الأموال النظيفة التي في أيدي الصالحين فلا يقدمون على المشاريع التي يقف على أبوابها المرتشون، مما يؤدي إلى تعطيل جزء كبير من الأموال في إدارة الدولة [46].


الآثار الأمنية
: هناك آثار كثيرة سالبة، حيث تدفع ضعاف النفوس إلى غض الطرف عن الراشي، والسماح للمهرّبين بإدخال الممنوعات كالمخدّرات والأسلحة وخلافها، وتهريب السلع الضرورية ولاسيما المستوردة بالعملة المضاعفة، مما يرتب الضرر الأكبر على الفرد والمجتمع.


ثمّ إنّ في ذلك إهدار للأموال وتعريض الأنفس للخطر: فلو تخيّلت أنّ الرّشوة قد سادت في مجتمع حتى وصلت إلي قطاع الصحة وإنتاج الدواء، فكيف ستكون أحوال الناس الصحية حين يستعملون أدوية رديئة مغشوشة أُجيز استعمالها عن طريق الرشوة[47].ثم تخيّل أنك تسير على جسر من الجسور التي بها عيوب جسيمة تجعل منها خطرًا علي أرواح الناس وممتلكاتهم، وقد حصل المقاول على شهادات إتمام العمل والبناء عن طريق الرشوة، كم سيترتب على انهيار هذا الجسر من خسائر في الأرواح والأموال، وكم من متجر ومدرسة ومرافق عمومية وعمارات شاهقة انهدمت على رؤوس ساكنيها بسبب التّغشيش، وقس على ذلك جميع المجالات، فكيف يلقى الله تعالى عبد قتل الخلق من أجل دريهمات فانية، ذهبت لذّتها وبقيت حسرتها، فلهذا كانت الرشوة إهدارًا للأموال، وتعريضًا للأنفس للخطر.

الآثار الإدارية: تهميش الطّاقات الإدارية المتميّزة والنّظيفة لتعفّفهم، وعزّة نفوسهم، واعتدادهم بكفاءتهم.ممّا يزيد في ترسيخ الفساد، وتكديس المعاملات وتأخيرها ويفوّت على أصحابها كثيرا من المنافع المادية والمعنوية.

رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/39666/#ixzz3RZ9FQDq8
 
توقيع ابو ليث
رد: الرشوة الخراب القائم والإثم الدائم.

مكافحة جرائم الرشوة يمكن أن تتحقّق بعدّة وسائل من بينها:

1- تعظيم حرمات الله تعالى في نفوس النّاس أن تنتهك.
2- تمسّك المواطنين بحقوقهم المشروعة، وعزوفهم عن تقديم الرّشاوى للموظفين.
3- رفع المستوى المادّي للموظفين للحيلولة بينهم وبين العوز والاحتياج وبالأخصّ الموظفين ذوي الدَّخل المحدود.

4- تشجيع الموظفين على الاستقامة والنزاهة بتقرير مكافآت مالية لهم على النّحو المتبع في المؤسسات الحرّة.

5- إنشاء إدارة خاصّة تسمى" إدارة مكافحة الرّشوة" على غرار إدارة مكافحة المخدّرات وغيرها، وأن يختار لها أناس ذوو أمانة وكفاءة أقوياء.

6- العمل الجادّ على رفع المستوى الأخلاقي للشعوب لأنّ القوانين التي لا تساندها أخلاق الشعوب المستقيمة مآلها الفشل والاندحار.

7-
إيمان المشرّع بأن القوانين التي يصدرها يجب أن تستمد قوتها من الشّرع الحكيم.
8- أن يكون لوسائل الإعلام المختلفة دور فعال في تشجيع الهيئات المكافحة للفساد، وأن تتابع قضايا الرشوة في المحاكم وتشهر بها ترهيبا للناس من هذه الظاهرة، وأن تكشف للرأي العام عن الإدارات والأماكن التي توجد فيها هذا المرض لتتحرك الجهات المسؤولة ولإحراج المتكاسلين عن أداء واجبهم أو الخائفين المتخاذلين.
9-على ولاة الأمور أن يسلّطوا العقوبات القاسية؛ ضدّ كلّ من يثبت عنه بالدّلائل القاطعة استغلال منصبه في المؤسسات الرّسمية وأجهزة الدّولة لحسابه الخاصّ، وأوّل هذه العقوبات الفصل النّهائي من عمله، ومصادرة الأموال التي اكتسبها من الرّشوة والنّماء النّاتج عنها ليكون عبرة لغيره لاسيما وأننا إذا نظرنا للناحية القانونية، فإن قانون العقوبات يجرّم كل ما يسمي هدايا، فهو يعاقب الموظف العمومي الذي يقبل، بل حتى الذي يطلب وعدًا أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته، حتى ولو كان العمل داخلاً في اختصاصه، وسوف يمارسه بطريقة مشروعة، فمجرد الحصول على مقابل أو عطيّة - كما يقول القانون - يعتبر رشوة.
10- يتعين على الأئمة والوعاظ أن يكثروا من تذكير الناس بفناء الدنيا وما فيها من أموال وبيوم الحساب، وسرد الوعيد الوارد في أكل المال الحرام والظلم عموما، والوارد في الرشوة خصوصا من فوق المنابر وعلى صفحات الجرائد والمواقع الإليكترونية وكلّ ما هو متاح لهم من وسائل الإعلام.
11- أن تجعل في البرامج التعليمية في مختلف المستويات دروسا تشرح فيها مفاسد الرّشوة على الفرد والمجتمع وعاقبة أهلها في الدنيا والآخرة، وأخرى لبيان خطر أكل المال الحرام، ودروسا في العقيدة يعرف فيها النّشء بأنّ رزقه مقدر له قبل أن يولد وأنّ السرقة والرشوة وأكل أموال الناس بالباطل لن يزيد في ماله ورزقه شيئا.[48].
عقوبات مقترحة على المرتشين:لم يرتكب المرتشي جريمته إلاّ لأنّه يريد الاستزادة من المال، ويملأ خزائنه من الحرام، ضاربا بذلك عقد العمل وقوانينه، وحاجات النّاس وأعمالهم عرض الحائط، غير مكترث بوعيد الله وانتقامه، فلذلك ينبغي للسلطان المقسط أن يقيم حد التعزير على مثل هؤلاء المفسدين، " فإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن " ويكون التّعزير ذلك إما:
1- بتغريمه أضعاف أضعاف ما أخذ معاملة له بنقيض مقصوده.
2- أن يحبس ليختلي بنفسه ويجتر سوء فعلته، فالحبس مدعاة لابتعاده عن بيئته الآسنة، وإفطاما له من رضاعته الفاسدة.
3- عزله من وظيفته ليكون عبرة للمفسدين من أمثاله، وقد قيل: مما يعين على العدل اصطناع من يؤثر التقى، واطّراحِ من يقبل الرُّشا، واستكفاء من يعدل في القضية، واستخلاص من يشفق على الرعية، فإنه ما عدل من جار وزيره، ولا صلح من فسد مشيره[49].
4- تأخيره عن رتبته الوظيفية، وسلّمه في العمل.
5- التّشهير به إن كان ثبت عنه تكرير فعلته سواء في وسط زملاء العمل ومرؤوسيه، أو عبر وسائل الإعلام المقروءة أولا، ثم السمعية، ثم المرئية، بحسب فظاعة الجريمة [50].


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/39666/#ixzz3RZBEnKUJ
 
توقيع ابو ليث
رد: الرشوة الخراب القائم والإثم الدائم.

من أمثلة العرب في الرشوة:
إنّ البراطيل تنصر الأباطيل.
مَنْ صَانَعَ بِالْمَال لَمْ يَحْتَشِمْ مِنْ طَلَبِ الْحَاجَةِ.
ما الأعْرَابُ بالكُشَا، أولعُ من القضاة بالرُّشَا.[78]
كتب ورسائل في الرشوة: الرشوة لفضيلة الشيخ عطية محمد سالم رحمه الله تعالى.
تحقيق القضية في الفرق بين الرشوة والهدية لعبدالغني النابلسي.
الرشوة وأحكامها في الفقه الإسلامي للدكتور مجيد صالح إبراهيم الكرطاني.
أثر الرشوة في تعثر النمو الاقتصادي د/حمد عبد الرحمن الجنيدل.
جريمة الرشوة للدكتور عبدالله الطريقي.
الخاتمة: إنّ الأمّة الإسلامية تمرّ بمرحلة من أصعب مراحل وجودها، وهي في أمسِّ الحاجة لمن يأخذ بيدها إلى عوامل البناء الحضاري الرّشيد الّذي عاشته أيّام مجدها ورفعتها، إلاّ أنّ عوامل الهدم تتنوّع وتتكاثر لكثرة المفسدين، لاسيما أولئك الذين لا يعيشون إلّا على أكتاف غيرهم، ولا يتمتّعون إلاّ بامتصاص الدّماء ومنهم ذلك الصّنف الرّديء ألا وهم الراشي والمرتشي والرائش الملعونون عند الله على لسان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، المطرودون من رحمة الله، الممحوق كسبهم، الزَّائلة بركتهم، خسروا دينهم وأضاعوا أمانتهم، استسلموا للمطامع، واستعبدتهم الأهواء، وأغضبوا الرّبّ، وخانوا الإخوان، وغشّوا الأمّة، في نفوس خسيسة وهمم دنيئة. فكم من مظالم انتهكت، وكم من دماء ضيّعت، وكم من حقوق طُمست، ما أضاعها وما طمسها إلاّ الرّاشون والمرتشون فحسبهم الله الذي لا تنام عينه، وويل لهم مما عملت أيديهم وويل لهم ممّا يكسبون. فيأيّها الرّاشون والمرتشون والرّائشون توبوا إلى الله قبل أن يقال لكم ﴿ بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللهِ وَغَرَّكُمْ بِاللهِ الغَرُورُ، فَاليَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ المَصِيرُ [79].
[1] - في " صحيحه " 3/85 ( 1015 ) ( 65 ).
[2] - من خطب الشيخ صالح بن حميد إمام المسجد الحرام.

[3] - جريدة الراية ملفات ملغومة: الرشوة قانون رغم أنف القانون! ثقافة الفساد والرشوة (2) تاريخ النشر: الأربعاء26/4/2006.

[4] - انظر جريمة الرشوة للدكتور عبد الله الطريقي

[5] - التعريفات 148 - دار الكتاب العربي ، الرهوني على الزرقاني 7 / 294 - بولاق، الباجوري على ابن القاسم 2 / 343 - مصطفى البابي.

[6] - في المغرب العربي.

[7] - في اليمن.

[8] - لسان العرب ، المصباح ، المعجم الوسيط.

[9] - من الآية ( 61) سورة طه.

[10] ج 10 ص 139.

[11] - من الايات( 44، 45، 47 ) من سورة المائدة.

[12] - من الآية (188) البقرة.

[13] - الظلال لسيد قطب ( 1/150 ).

[14] - تفسير ابن كثير ( 2/268).

[15] - من الآية (42) من سورة المائدة.

[16] - الآيتان(62-63) من سورة المائدة.

[17] - تفسير المنتخب المؤلف: لجنة من علماء الأزهر.

[18] - أخرجه الترمذي ( 3 / 614 - ط الحلبي ) وقال: " حديث حسن صحيح " وأخرجه أحمد ( 5 / 279 - ط الميمنية ) من حديث ثوبان وفيها زيادة: " والرائش ".

[19] - صحيح الترغيب برقم (2213).

[20] - قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي: ضعيف الإسناد.

[21] - ( إلا أخذوا بالسنة ) أي الجدب والقحط.

[22] - الفتح الرباني (15/212).

[23] - قال الحافظ: وهذا الحديث وإن كان ضعيفا لكن له شواهد منها عند الحاكم ، قال ابن حجر: بسند جيد " ولا ظهرت الفاحشة في قوم إلا سلط الله عليهم الموت" ، ولأحمد" لا تزال أمتي بخير ما لم يفش فيهم ولد الزنا فإذا فشا فيهم أوشك أن يعمهم الله بعقاب ". وسنده حسن فيض القدير شرح الجامع الصغير للمناوي (5/494).

[24] - البيهقي(6/169)، والبخاري في الأدب المفرد ص( 208)برقم (594)، وقال الحافظ ابن حجر في التّلخيص الحبير: إسناده حسن (3/70)وانظر إرواء الغليل برقم (1601).وأخرجه ابن عبد البر بسنده في الاستذكار (8/293).

[25] - صحيح ورد من حديث جماعة من الصحابة. انظر: إرواء الغليل 5/279-282.

[26] - تحقيق القضية (184).

[27] - الرشوة للشيخ عطية محمد سالم رحمه الله تعالى.

[28] - رواه أحمد" 5/423 (23996)، و"البُخاري" 2/14(925) ، و8/162(6636)وبوَّبَ عليه فقال: باب هدايا العمال، وساق بسنده ، و"مسلم" 6/11(4766).

[29] - اللُّتْبِيَّةِ: بضم اللام وسكون التاء نسبة إلى لتب قبيلة معروفة واسم هذا الابن عبد الله.

[30] - تيعر: بمثناة فوقية مفتوحة ثم مثناة تحتية ساكنة ثم عين مهملة مكسورة ومعناه تصيح.

[31] - مسند الشافعي بترتيب السندي كتاب الزكاة (الباب الثالث فيمن تحل له الزكاة وما جاء في العامل).

[32] - (تحقيق القضية في الفرق بين الرشوة والهدية ص 128 وانظر ص188-189)للنابلسي عبد الغني بن اسماعيل ط/1402 وزارة الاوقاف الكويتية ) والموسوعة الفهية الكويتية ، ودرر الحكام 4 / 538، شرح أدب القاضي للخصاف 2 / 33 ، 64، ينظر مراجع للشافعية وغيرهم ككتاب أدب القضاء للماوردي وابن أبي الدم.

[33] - "أحمد"4/192(17869) و"مسلم"6/12(4771) و"أبو داود"(3581 ).
[34] - السنن الكبرى (20261).

[35] - الغلول: السرقة من الغنيمة.

[36] - الرشوة لفضيلة الشيخ عطية محمد سالم رحمه الله تعالى ( 3 ).

[37] - الختل: هو المَشْي للصيد قليلا قليلا في خُفْية لئلا يسمع حِسّاً ، والمقدمون للرشوة باسم الهدية لأقارب الموظف إنما يحاولون وضع ذلك الموظف في شبكة صيدهم بطريقة أخرى.

[38] - النمرقة: النُّمْرُقُ والنُّمْرُقة والنِّمْرِقة بالكسر الوسادة وقيل وسادة صغيرة وربما سموا الطِّنْفِسَةَ التي فوق الرِّحْل نُمْرُقة.

[39] - السنن للبيهقي (10/ 138) (20264).

[40] - تحقيق القضية في الفرق بين الرشوة والهدية ( 175 ).

[41] -تاريخ تاريخ دمشق لابن عساكر(44/320).

[42] - الموطأ (1388) كتاب المساقاة. ووصله أبو داود في سننه (3412).

[43] - وممن عدها من الكبائر الذهبي في الكبائر (99) ، والزواجر عن اقتراف الكبائر للهيتمي (2/188).

[44] - جريدة الراية ملفات ملغومة: ثقافة الفساد والرشوة (2) تاريخ النشر: الأربعاء26/4/2006.

[45] - انظر الرشوة وأحكامها في الفقه الإسلامي (65).

[46] - انظر الرشوة للدكتور مجيد الكرطاني (70-71).

[47] - انظر أثر الرشوة في تعثر النمو الاقتصادي د/حمد عبد الرحمن الجنيدل: ص12.

[48] - مشكلة الرشوة وعلاجها محمد حاج عيسى/ قسم الدكتوراه - أصول الفقه الجزائر.

[49] - المحاضرات في اللغة والأدب لليوسي.

[50] - انظر أثر الرشوة في تعثر النمو الاقتصادي (24).

[51] - تحفة الأحوذي على سنن الترمذي للمباركفوري (4 ص565)، وعارضة الأحوذي لابن العربي ( 6 /80). وانظر مجموع الفتاوى – (ج 29 ص 258).

[52] - تحقيق القضية في التفريق بين الرشوة والهدية للنابلسي (ص166).وانظر كشاف القناع 6 / 316، نهاية المحتاج 8 / 243، القرطبي 6 / 183، ابن عابدين 4 / 304، الحطاب 6 / 121، المحلى 9 / 157، مطالب أولي النهى 6 / 479.

[53] - حاشية الرهوني 7 / 313.

[54] - القرطبي 6 / 184.

[55] - مجموع الفتاوى – (ج 29 ص 258).

[56] - الملحف: هو الملح في الطلب.

[57] - صحيح الترغيب والترهيب - الألباني.

[58] -. ابن عابدين 4 / 311، نهاية المحتاج 8 / 243.
[59] - وليس هذا معناه أن الحاذقين تقبل رشاواهم.

[60] - اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ، عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ، صالح بن فوزان الفوزان الجزء رقم: 23، الصفحة رقم: 570 – 572 ).

[61] - لقاءات الباب المفتوح " (ج 7 ) ابن عثيمين.

[62] - جريدة الراية ملفات ملغومة: ثقافة الفساد والرشوة (2) تاريخ النشر: الأربعاء26/4/2006.

[63] - من فتاوى فضيلة الشيخ محمد الخطيب على موقعه الالكتروني.

[64] - موقع الإسلام سؤال وجواب للشيخ محمد صالح المنجد.

[65] - شرح أخصر المختصرات عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن جبرين رحمه الله تعالى.

[66] - الحطاب 6 / 102، الجمل على المنهج 5 / 337، تحقيق القضية 175، ابن عابدين 4 / 304، الزواجر( 1 / 158 ). الموسوعة الكويتية (الرشوة ).

[67] - الروضة 11 / 94.

[68] - كشاف القناع 6 / 288.

[69] - درر الحكام 4 / 537.

[70] - القرطبي 6 / 183، ابن فرحون 1 / 78، مغني المحتاج 4 / 381، مطالب أولي النهى 6 / 468.

[71] - قاضي خان 2 / 362، ابن فرحون 1 / 78، أدب القضاء لابن أبي الدم 24 انظر الموسوعة الكويتية (22/226).

[72] -(3). تبصرة الحكام لابن فرحون - بهامش فتح العلي 1 / 197، الحطاب 6 / 121 ، 175، المهذب 2 / 330، المغني( 9 / 40، 160).

[73] انتهى من "المحلى" (8/118).

[74] - "الفتاوى الكبرى" (4/174).

[75] - "فتاوى إسلامية" (4/302).

[76] - والأثر عن عمر بن عبد العزيز أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الهبة وفضلها - باب من لم يقبل الهدية لعلة ، وانظر تبصرة الحكام لابن فرحون على هامش فتح العلي المالك 1 / 30.

[77] - الطبقات الكبرى لابن سعد تحقيق: إحسان عباس (6/ 135).

[78] - والكُشَى جمع كُشْيَةٍ وَكُشَّةٍ وهي شحمة مستطيلة في الضب يقول آكله: إنه لا ألَذَّ منها.(الآثار للبشير الإبراهيمي 2/47). وفيه يقول بعض الشعراء: وأنت لو ذقت الكُشى بالأكباد... لما تركت الضبّ يعدو بالواد.

[79] - الايتان من سورة الحديد(14-15).



رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/39666/#ixzz3RZDOkDg2
 
توقيع ابو ليث
رد: الرشوة الخراب القائم والإثم الدائم.

للرفع.
 
توقيع ابو ليث
تنبيه: نظرًا لتوقف النقاش في هذا الموضوع منذ 365 يومًا.
قد يكون المحتوى قديمًا أو لم يعد مناسبًا، لذا يُنصح بإشاء موضوع جديد.
العودة
Top Bottom