التفاعل
10.3K
الجوائز
2.5K
- تاريخ التسجيل
- 8 جانفي 2010
- المشاركات
- 10,646
- آخر نشاط
- الوظيفة
- تاجر
- الأوسمة
- 2

رائعة ابن القيم في ذم شطحات الصوفية و أهل الغناء
ذهب الرجال وحال دون مجالهم == زمرمن الأوباش والأنذال
زعموا بأنهم على آثارهم == ساروا ولكن سيرة البطال
لبسوا الدلوق مرقعا وتقشفوا == كتقشف الأقطاب والأبدال
قطعوا طريق السالكين وغوروا == سبل الهدى بجهالة وضلال
عمروا ظواهرهم بأثواب التقى == وحشوا بواطنهم من الأدغال
إن قلت : قال الله قال رسوله == همزوك همز المنكر المتغالي
أو قلت : قد قال الصحابة والأولى == تبعوهم في القول والأعمال
أو قلت : قال الآل آل المصطفى == صلى عليه الله أفضل آل
أو قلت : قال الشافعي : وأحمد == وأبو حنيفة والإمام العالي
أو قلت : قال صحابهم من بعدهم == فالكل عندهم كشبه خيال
ويقول : قلبي قال لي عن سره == عن سرع سري عن صفا أحوالي
عن حضرتي عن فكرتي عن خلوتي == عن شاهدي عن واردي عن حالي
عن صفو وقتي عن حقيقة مشهدي == عن سر ذاتي عن صفات فعالي
دعوى إذا حققتها ألفيتها == ألقاب زور لفقت بمحال
تركوا الحقائق والشرائع واقتدوا == بظواهر الجهال والضلال
جعلوا المرا فتحا وألفاظ الخنا == شطحا وصالوا صولة الإدلال
نبذوا كتاب الله خلف ظهورهم == نبذ المسافر فضلة الأكال
جعلوا السماع مطية لهواهم == وغلوا فقالوا فيه كل محال
هو طاعة هو قربة هو == سنة صدقوا لذاك الشيخ ذي الإضلال
شيخ قديم صادهم بتحيل == حتى أجابوا دعوة المحتال
هجروا له القرآن والأخبار == والآثار إذ شهدت لهم بضلال
ورأوا سماع الشعر أنفع للفتى == من أوجه سبع لهم بتوال
تالله ما ظفر العدو بمثلها == من مثلهم واخيبة الآمال
نصب الحبال لهم فلم يقعوا بها == فأتى بذا الشرك المحيط الغالي
فإذا بهم وسط العرين ممزقى == الأثواب والأديان والأحوال
لا يسمعون سوى الذي يهوونه == شغلا به عن سائر الأشغال
ودعوا إلى ذات اليمين فأعرضوا == عنها وسار القوم ذات شمال
خروا على القرآن عند سماعه == صما وعميانا ذوي إهمال
وإذا تلا القارى عليهم سورة == فأطالها عدوه في الأثقال
ويقول قائلهم : أطلت وليس ذا == عشر فخفف أنت ذو إملال
هذا وكم لغو وكم صخب وكم == ضحك بلا أدب ولا إجمال
حتى إذا قام السماع لديهم == خشعت له الأصوات بالإجلال
وامتدت الأعناق تسمع وحى == ذاك الشيخ من مترنم قوال
وتحركت تلك الرءوس وهزها == طرب وأشواق لنيل وصال
فهنا لك الأشواق والأشجان == والأحوال لا أهلا بذي الأحوال
تالله لو كانوا صحاة أبصروا == ماذا دهاهم من قبيح فعال
لكنما سكر السماع أشد == من سكر المدام وذا بلا إشكال
فإذا هما اجتمعا لنفس مرة == نالت من الخسران كل منال
يا أمة لعبت بدين نبيها == كتلاعب الصبيان في الأوحال
أشمتمو أهل الكتاب بدينكم == والله لن يرضوا بذي الأفعال
كم ذا نعير منهم بفريقكم == سرا وجهرا عند كل جدال
قالوا لنا : دين عبادة أهله == هذا السماع فذاك دين محال
بل لا تجىء شريعة بجوازه == فسلوا الشرائع تكتفوا بسؤال
لو قلتمو فسق ومعصية وتزيين == من الشيطان للأنذال
ليصد عن وحى الإله ودينه == وينال فيه حيلة المحتال
كنا شهدنا أن ذا دين أتى == بالحق دين الرسل لا بضلال
والله منهم قد سمعنا ذا إلى الآذان من أفواههم بمقال
وتمام ذاك القول بالحيل التي == فسخت عقود الدين فسخ فصال
جعلته كالثوب المهلهل نسجه == فيه تفصله من الأوصال
ما شئت من مكر ومن خدع == ومن حيل وتلبيس بلا إقلال
فاحتل على إسقاط كل فريضة == وعلى حرام الله بالإحلال
واحتل على المظلوم يقلب ظالما وعلى الظلوم بضد تلك الحال
واقلب وحول فالتحيل كله == في القلب والتحويل ذو إعمال
إن كنت تفهم ذا ظفرت بكل ما == تبغى من الأفعال والأقوال
واحتل على شرب المدام وسمها == غير اسمها واللفظ ذو إجمال
واحتل على أكل الربا واهجر شنا == عة لفظه واحتل على الابدال
واحتل على الوطء الحرام ولا تقل == هذا زنا وانكح رخى البال
واحتل على حل العقود وفسخها == بعد اللزوم وذاك ذو إشكال
إلا على المحتال فهو طبيبها == يا محنة الأديان بالمحتال
واحتل على نقض الوقوف وعودها == طلقا ولا تستحي من إبطال
فكر وقدر ثم فصل بعد ذا == فإذا غلبت فلج في الإشكال
واحتل على الميراث فانزعه م == الوراث ثم ابلع جميع المال
قد أثبتوا نسبا وحصرا فيكم == حتى تحوز الإرث للأموال
واعمد إلى تلك الشهادة واجعل == الإبطال همك تحظ بالابطال
فالحصر إثبات ونفى غير == معلوم وهذا موضع الاشكال
واحتل على مال اليتيم فإنه == رزق هنى من ضعيف الحال
لا سوطه تخشى ولا من سيفه == والقول قولك في نفاد المال
واحتل على أكل الوقوف فإنها == مثل السوائب ربة الإهمال
فأبو حنيفة عنده هي باطل == في الأصل لم تحتج إلى إبطال
فالمال مال ضائع أربابه == هلكوا فخذ منه بلا مكيال
وإذا تصح بحكم قاض عادل == فشروطها صارت إلى اضمحلال
قد عطل الناس الشروط وأهملوا == مقصودها فالكل في إهمال
وتمام ذاك قضاتنا وشهودنا == فاسأل بهم ذا خبرة بالحال
أما الشهود فهم عدول عن طريق == العدل في الأقوال والأفعال
زورا وتنميقا وكتمانا == وتلبيسا وإسرافا بأخذ نوال
ينسى شهادته ويحلف إنه == ناس لها والقلب ذو إغفال
فإذا رأى المنقوش قال : ذكرتها == يا للمذكر جئت بالآمال
ويقول قائلهم : أخوض النار في == نزر يسير ذاك عين خبال
ثقل لى الميزان إني خائض == للمنكبين أجر بالأغلال
أما القضاة فقد تواتر عنهم == ما قد سمعت فلا تفه بمقال
ماذا تقول لمن يقول : حكمت أنت == فاسق أو كافر في الحال
فإذا استغثت أغثت بالجلد الذي == قد طرقوه كمثل طرق نعال
فيقول طق فتقول : قط فتعارضا == ويكون قول الجلد ذا إعمال
فأجارك الرحمن من ضرب ومن == عرض ومن كذب وسوء مقال
هذا ونسبة ذاك أجمعه إلى == دين الرسول وذا من الأهوال
حاشا رسول الله يحكم بالهوى == والجهل تلك حكومة الضلال
والله لو عرضت عليه كلها == لاجتثها بالنقض والإبطال
إلا التي منها يوافق حكمه == فهو الذي يلقاه بالإقبال
أحكامه عدل وحق كلها == في رحمة ومصالح وحلال
شهدت عقول الخلق قاطبة بما == في حكمه من صحة وكمال
فإذا أتت أحكامه ألفيتها == وفق العقول تزيل كل عقال
حتى يقول السامعون لحكمه : == ما بعد هذا الحق غير ضلال
لله أحكام الرسول وعدلها == بين العباد ونورها المتلالى
كانت بها في الأرض أعظم رحمة == والناس في سعد وفي إقبال
أحكامهم تجرى على وجه السداد == وحالهم في ذاك أحسن حال
أمنا وعزا في هدى وتراحم == وتواصل ومحبة وجلال
فتغيرت أوضاعها حتى غدت == منكورة بتلوث الأعمال
فتغيرت أعمالهم وتبدلت == أحوالهم بالنقص بعد كمال
لو كان دين الله فيهم قائما == لرأيتهم في أحسن الأحوال
وإذا همو حكموا بحكم جائر == حكموا لمنكره بكل وبال
قالوا : أتنكر حكم شرع محمد == حاشا لذا الشرع الشريف العالي
عجت فروج الناس ثم حقوقهم == لله بالبكرات والآصال
كم تستحل بكل حكم باطل == لا يرتضيه ربنا المتعالي
والكل في قعر الجحيم سوى الذي == يقضى بدين الله لا لنوال
أو ما سمعت بأن ثلثيهم غدا == في النار في ذاك الزمان الخالي
وزماننا هذا فربك عالم == هل فيه ذاك الثلث أم هو خالي
يا باغى الإحسان يطلب ربه == ليفوز منه بغاية الآمال
انظر إلى هدة الصحابة والذي == كانوا عليه في الزمان الخالى
واسلك طريق القوم أين تيمموا == خذ يمنة ما الدرب ذات شمال
تالله ما اختاروا لأنفسهم سوى == سبل الهدى في القول والأفعال
درجوا على نهج الرسول وهديه == وبه اقتدوا في سائر الأحوال
نعم الرفيق لطالب يبغى الهدى == فمآله في الحشر خير مآل
القانتين المخبتين لربهم == الناطقين بأصدق الأقوال
التاركين لكل فعل سيء == والعاملين بأحسن الأعمال
أهواؤهم تبع لدين نبيهم == وسواهم بالضد في ذي الحال
ما شابهم في دينهم نفص == ولا في قولهم شطح الجهول الغالي
عملوا بما علموا ولم يتكلفوا == فلذاك ما شابوا الهدى بضلال
وسواهم بالضد في الأمرين قد == تركوا الهدى ودعوا إلى الإضلال
فهم الأدلة للحيارى من يسر == بهداهم لم يخش من إضلال
وهم النجوم هداية وإضاءة == وعلو منزلة وبعد منال
يمشون بين الناس هونا == نطقهم بالحق لا بجهالة الجهال
حلما وعلما مع تقى == وتواضع ونصيحة مع رتبة الإفضال
يحيون ليلهم بطاعة ربهم == بتلاوة وتضرع وسؤال
وعيونهم تجرى بفيض دموعهم == مثل انهمال الوابل الهطال
في الليل رهبان وعند جهادهم == لعدوهم من أشجع الأبطال
وإذا بدا علم الرهان رأيتهم == يتسابقون بصالح الأعمال
بوجوههم أثر السجود لربهم == وبها أشعة نوره المتلالي
ولقد أبان لك الكتاب صفاتهم == في سورة الفتح المبين العالي
وبرابع السبع الطوال صفاتهم == قوم يحبهم ذوو إدلال
وبراءة والحشر فيها وصفهم == وبهل أتى وبسورة الأنفال