الدّرة الحسناء من نونيّة أبي الخنساء

البحر الهادي

:: أستاذ ::
أوفياء اللمة
واذكُـر إذا ما كـاد يَـغْلِـبُك الرّيـا --- ءُ حَـديثَ مَنْ قَد جـاء بالفُرقـان
إذ جَـاءهُ جـبْريـل يَـسْألُـهُ عَنِ الْـ --- إيـمـان والإسْـلام والإحـسَـان
أن تـعـبد المـولَى كـأنَّـك في عـبا --- دَتـه تَـرَى مَـوْلاكَ رَأيَ عِـيَـانِ
أو تـعـبد المـولَى عـبادة من يـقُـو --- لُ بـنـفـسـه: إنّ الإلاه يـرانِي
فـمَتَى تَـحقَّق يا أخـي الإحْـسانُ فِي --- مَسْعَاكَ أدركْ سَابـقِي الفِـتْـيـان
هـذا وندعـو ربّـنا التَّـثْـبِيت في الـ --- إيـمان والإحـسانَ للرّحْـمـان
كَـي نـقْـتدي في سَيْرنا بأولـئك الـ --- ـمـتَخَلِّـقـين بـخلْقَة الْقُـرآن
فَـإذا رغِـبْتَ بأن تُـحَاذيَ حـذوهُمْ --- فَـاسْـمعْ مَعِي يا صاح غيرَ مُهَـان
فاعْـلم أخِـي أنّ الدُّنَــا دارُ الرّحـى --- فـيها الْـتقى جَـيشانِ يَقْتَتِـلان
هـذا لـه أنْـصاره كَـالدّيـن والْـ --- ـعَـقْل السّـليم ومنّـةِ الإيمَـان
ومَلائـكِ الرّحمْاَن أهْـلِ الْحِـفْظِ مـعْ --- كُـتُب السّـما وجَوَارحِ الأبْـدان
وكـذاك ذاك لـهُ جُـنُودٌ فـيهمُ النْـ --- ـنَفْسُ الْغَـوِيْ ومكائدُ الشَّيْطَـان
جُـنْدٌ تَـمَـيَّـزَ بالْهُـدَى سـلْكًا وَآ --- خَـرُ بِالْعَـمَى أفـيسْتَوي الْجُنْـدان
جـيشٌ تَـقـوّى بالتُّـقَـى درعًا وآ --- خـرُ بالْهَـوَى أفَيستَوي الْجَيْشَـان
فَـحَذَارِ أنْ تَـردَ الْوغَى دون التَّـسلْـ --- ـلُحِ بالتُّـقَى فـتَصيرَ في العُـزلان
أفـلا تُـدافـع مِـنْ عـدوّ مــاردٍ --- لا يَـنْـثَـنِي أبَـدا عن العـدوان
أمْ كَـيفَ تَـغْـفَل عن عَـدُوٍّ رَاصِـدٍ --- مُـتَـوقِّعٍ للضَّـرْب والطَّـعَـنـان
فَـاجْـعل سلاحك طاعة الْمولى فَـفي --- هَـذا تَـنَـالُ الأمْـنَ كُـلَّ أوَان
والْـزَمْ لِـنَفْسِكَ فِـعْلَ خَـيْرٍ دائِـمًا --- وإذا زللْـتَ ابْـدَرْ إلَى الْغُـفْـرَان
واحـرصْ عَلى طَـلب العلُـوم مُخلِّصًا --- عِـلْمَ الْهُدى الْهَـادي إلى الرّضـوان
فَـإذا علِمْتَ اعْـمَلْ بعلْمِكَ واقْـتَصِدْ --- وإذا جَـهِلْتَ اسْـألْ أولِي الأذْهَـان
عِـلمٌ بـلا عَـملٍ كَـمِصْبَاحٍ يُـحرْ --- ـرِقُ نَـفْسَهُ ويُـضِيءُ للْجِـيـرَان
واحْـرِصْ على تَحسين خُلْـقِكَ وَاجْتَهِدْ --- فَـبـخُلْقـنَا يَـتَـفَاوتُ الرَّجُـلان
أنْـصفْ تَـحرَّ الصِّدْقَ واقْـصد واعْتَدِلْ --- واصْفَحْ وَجَـامِلْ جُمْلَـةَ الأَخْـدَان
وتـخَشَّ ظُـلْمَ النَّـاس عـند الإقْـتِدَا --- رِ وإنْ حَكمْتَ اعْـدِلْ بلاَ شَـنَـآن
إيّــاك والْـمـظـلُـومَ إنّ دُعَـاءَهُ --- سَهْمٌ يُـصِيبُكَ حِـيْـنَـة الأحْيَـانِ
إيّـاك إيّـاك الـنّـفَـاقَ فـإنّــهُ --- بـئْسَتْ خِصالُ مُـنافـقٍ جـبّـان
يُـرْدِي ذويـه هُـنَا ويُـهْويهِمْ غَـدًا --- فِي أسْـفَـل النِّـيـران والْوُهْـدانِ
مِنْـهُ التَّـخَلُّقُ بـالْخـيانـة للأمَـا --- نَـةِ ذاكَ خُـلْـقُ مُـنَافِـقٍ خَـوّان
مَعَ خُـلْفِ وَعْـدٍ والفُجُور لِـخَصْمَةٍ --- وإدَامَـةِ الْـكُـذبَـان والأيْـمَـان
وتـحـلَّمنّ ولا تَكُـنْ مُـتَـعَـجْرِفًا --- وألِـنْ جَـنَاحَكَ عَامِلَـنْ بـلِيَـان
والْـطُفْ وبـرَّ بِـوالدَيْك أطِـعْـهُمَا --- مَـا دام لَمْ يَـسُـقَاكَ لِلطُّـغـيان
واصْـبرْ فإنّ الصَّـبْرَ مِفْـتَاحٌ لِـكُـلْـ --- ـلِ فَلاَحَـةٍ واحْزمْ بـغَـيْر تَـوَانِ
فَـإذا عَزبْتَ اسْـتَعْفِفَنْ ولْـتَسْتَـعِـنْ --- بـالصَّـوْمِ تَكْـثِـيرًا بـلا إدْمَـانِ
فَمَتَى اسْتَطَعْتَ تَزوَّجَنْ وَاقْـبَلْ نَـصِيـ --- ـحَـةَ خَـيْرِ مَبْعُوثٍ إلَى الشُّبَّـان
فاظْـفَرْ بذَاتِ الدِّيـنِ يَـا ذَا خِطْـبَـةٍ --- تَـربَتْ يَـدَاكَ وَقَـرَّتِ الْعَيْـنَـان
واصْـبـرْ عَلَى نَـزَوَاتِـهِـنَّ لأنّـهَا --- قَـدْ مُـثِّلَتْ بالضِّـلْع في الْمَيَـلاَنِ
فَـإذَا ذَهَـبْتَ تُـقِيمُـهَا كـسّرْتَـهَا --- تَـكْـسِيرُهَا وَطَـلاَقُـهَا سِـيَّـانِ
وإذَا صَحِبْتَ فَـصَاحِبِ الْحُلَمَاءَ لا الـ --- ـسُّـفَهَاءَ أهْـلَ الْفِسْقِ وَالْعِصْيَـان
وإذا جَلَسْتَ فَـجَالِـسِ الأنْجَابَ لاَ الْـ --- أدْنَـاءَ أهْـلَ الْحُمْـقِ وَالصُّغْـرَانِ
عَاشِـرْ إذا عَاشَـرْتَ أهْـل الرُّشْـدِ دو --- نَ خِـلاطِ أهْـل الزّيْـغِ والزَّيَغَـانِ
كَـالنَّـار تَـحْرقُ مَا تَكَـتَّلَ حَوْلَـهَا --- عِنْدَ اهْـتِـيَاجِ الرِّيـحِ والنِّـيـران
وتَـجَـنَّب الظَّـنَّ الْكَـثِـيـرَ لأنَّـهُ --- لاَ خَـيْرَ فِي ظَـنٍّ بـلاَ بُـرْهَـانِ
وتَـجَنَّبِ الْحَـسَدَ الْبَـغِيضَ فَـإنَّـمَا --- قَـسَمَ الخَلاَئِـقَ خَالِـقُ الإِنْـسَـانِ
وبِـعَيْبِ نَـفْسِكَ لاَ بِـغَيْرِكَ فَاشْـتَغِلْ --- إنْ كُـنْتَ ذَا عَـقْـلٍ وَذَا إزْكَـانِ
هـذا يـصلِّي بَـلْ يـصُومُ وَيَجْـتَدِي --- لـكِنْ يَـضُـرُّ النَّـاسَ كُـلَّ أوان
يُـؤْذِي يَـذُمُّ يَسُبُّ يَـهْتِكُ سِـتْرَهُمْ --- ويـغِيبُ يَـشْتمُ عِرْضَ أهْل زمـان​
Haut du formulaire​

Bas du formulaire​




فَـمَتَى يَـتِمُّ لَهُ الْبِـنَا إنْ كَانَ يَـهـ --- دِمُ مَا بَـنَى بـالأَمْـسِ بِالأَسْـنَـان
أنَّـى يَـكُـونُ لَـهُ بِـنَاءٌ قَـائِـمٌ --- إنْ كَـانَ يُـرْبِـحُ آخِـرَ الأقْـرَان
هـذاك مُفْـلِسُ نَـفْسـه في ديـنـه --- ـ وَاللهِ ـ هَـذَا غَـايَـةُ الْخُسْـرَانِ
هَـذَاك مُفْقِـرُ نَـفْسِهِ فِي رِبْـحِ غَيـ --- ـره ِ إنَّ هَـذَا فِـيهِ خُـسْـرانـان
فَـاسْـتَغْفِرَنَّ وَعَـوِّدِ النَّـفْسَ الْخَـلاَ --- ءَ إذَا ابْـتُلِيتَ بـغِيـبـة الإخْـوان
فَـالْعَـيْنُ إنْ أَبْـدَتْ إلَـيْكَ مَعَايِـبًا --- قُـلْ: عَـيْنُ لاَ إنَّ الْعُـيُـونَ تَـرَانِي
والأُذْنُ إمَّا سَـمَّعَتْ وَتَـجَـسَّـسَتْ --- قُـلْ: أُذْنُ لاَ فَـلِـغَـيْرِنَـا أذُنَـانِ
شَـفَـتَاكَ إِنْ بِـهِمَا نَـطقْتَ بِـريـبَةٍ --- فَـغَدًا تُـكَرِّرُ لَـفْظَكَ الشَّـفَـتَانِ
وَيَـدَاكَ إمَّا أرْكَـبَـتْكَ جَـرِيـمَـةً --- فَـغَدًا سَـتَـشْهَدُ ضِـدَّكَ الْكَفَّـانِ
رِجْـلاَكَ إنْ سَـقَـتَاكَ نَحْوَ جَريمَـةٍ --- فَـغَـدًا تُـكَـلِّمُ ربَّـك الرِّجْـلانِ
وكـذا الْجَوَارحُ سَوْفَ تُـصْبحُ حُجَّةً --- لكَ أوْ عَـلَيْكَ غَدًا بـلا كِـتْـمَـانِ
أُهْـدي إلَـيْكَ قَـصِيدَةً مَنْظُـومَـةً --- مَمْـزُوجَـةً بـالطِّـيبِ وَالرَّيْـحَـانِ
نُـونِـيَّـةً عَـقْدِيَّـةً فِـقْـهِـيَّـةً --- مَمْـلُـوءَةً بـالنُّـصْـحِ وَالتِّـبْـيَانِ
هِـيَ دُرَّةٌ حَسْـنَاءُ جَاءَ النّـظْمُ فَـيْـ --- ـضًا من أبِي الْخَنْـسَاءِ مِنْ عُـثْمَانِ
عَـبْدٍ فَـقِـيرٍ عَـاجِـزٍ مُـتَـذَلِّـلٍ --- مَنْ يَـرْتَـجِي الْغُـفْرَانَ خَـيْرَ أَمَانِي
فَـاللهُ يَـنْـصُرُهُ وَيَـغْـفِرُ ذَنْـبَـهُ --- وَيُـعِـيـنُـهُ فِي السِّـرِّ والإعْـلاَنِ
واللهُ يَـحْـفَظُـهُ وَيُـجْـزِلُ أَجْـرَهُ --- وَيُـجِـيـرُهُ مِنْ خِـزْيَـةٍ وَهَـوَانِ​
 
توقيع البحر الهادي
تنبيه: نظرًا لتوقف النقاش في هذا الموضوع منذ 365 يومًا.
قد يكون المحتوى قديمًا أو لم يعد مناسبًا، لذا يُنصح بإشاء موضوع جديد.
العودة
Top Bottom