في حكم زيارة المعابد الوثنية

الفتى المغامر

:: عضو فعّال ::
أوفياء اللمة
الفتوى رقم: ١١٨٣

الصنف: فتاوى العقيدة - الولاء والبراء

في حكم زيارة المعابد الوثنية
السؤال:

أنا طالبٌ بإيطاليا، أقوم ـ في إطارِ دراستي ـ برحلاتٍ استكشافيةٍ للمعابد الأثرية وأصوِّرها، وهذه المعابدُ تكون ـ غالبًا ـ نصرانيةً، وتحوي الكثيرَ مِنَ التماثيل، وأنا ـ ولله الحمدُ ـ متديِّنٌ، وأريد أَنْ أعرف: هل هناك إثمٌ في زيارة الكنائس والمعابد الدينيةِ وتصويرِها باعتبارها جزءًا مِنَ التاريخ؟ وهل هناك إثمٌ إذا نشرتُها على مواقع التواصل الاجتماعيِّ؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فلا يجوز زيارةُ الكنائسِ والمعابدِ الشركية، ولا شهودُ عباداتِ الكُفَّار، ولا حضورُ طقوسِهم، ولا المشاركةُ في أعيادهم؛ لأنها مِنْ خصائص الكُفَّار، والتشبُّهُ بهم فيها محرَّمٌ بقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ»(١)، ولِمَا في هذه الأماكنِ مِنْ تعظيمِ مَعابدِهم وإجلالِ عباداتهم وتكثيرِ سوادِهم، وهذا منهيٌّ عنه ـ أيضًا ـ يعرِّض صاحِبَه للآفات والبليَّاتِ والسخط؛ فقَدْ روى البيهقيُّ ـ رحمه الله ـ عن عمر بنِ الخطَّاب رضي الله عنه أنه قال: «اجْتَنِبُوا أَعْدَاءَ اللهِ ـ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى ـ فِي عِيدِهِمْ يَوْمَ جَمْعِهِمْ؛ فَإِنَّ السَّخَطَ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ فَأَخْشَى أَنْ يُصِيبَكُمْ، وَلَا تَعَلَّمُوا رَطَانَتَهُمْ فَتَخَلَّقُوا بِخُلُقِهِمْ»(٢).

هذا، والأصلُ في خُلُقِ المسلم ودِينِه أَنْ يُعظِّم حُرُماتِ اللهِ وشعائرَه، فيجتنب معاصيَه ومحارمَه وكُلَّ ما يغضب اللهَ تعالى، فلا يحضر المجالسَ والأماكن المُشتمِلةَ على الأقوال والأفعال المحرَّمة، بل المسلمُ يعظِّم مَحَابَّ اللهِ تعالى المقرِّبةَ إليه، التي مَنْ عظَّمها وأجلَّها أعظمَ اللهُ له المثوبةَ، وكانَتْ خيرًا له في دُنياهُ وأُخْراهُ عند ربِّه، وقد قال اللهُ تعالى: ﴿وَمَن يُعَظِّمۡ حُرُمَٰتِ ٱللَّهِ فَهُوَ خَيۡرٞ لَّهُۥ عِندَ رَبِّهِۦ﴾ [الحج]، وقال تعالى: ﴿وَمَن يُعَظِّمۡ شَعَٰٓئِرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقۡوَى ٱلۡقُلُوبِ ٣٢﴾ [الحج]، وقال اللهُ تعالى واصفًا عِبادَ الرحمن: ﴿وَٱلَّذِينَ لَا يَشۡهَدُونَ ٱلزُّورَ﴾ [الفرقان: ٧٢]، أي: لا يحضرون القولَ والفعلَ المحرَّم، ومنه الشركُ وعبادةُ الأصنام، وقد ذَهَب بعضُ السلف إلى تفسير الزور بأعياد المشركين(٣).

ولا يخفى أنَّ نَشْرَ صُوَرِ المعابد والكنائس على مواقع التواصل الاجتماعيِّ يتضمَّن إشراكَ المسلمين فيه، وتحبيبَ هذه الأماكنِ لهم، والإشادةَ بها على وجه الإعجاب والإكبار والتعظيم، وذلك ـ بلا شكٍّ ـ يُنافي دِينَ المسلمِ وخُلُقَه ـ كما تقدَّم ـ.

غير أنه يجوز ـ في بعض الأحوال ـ الدخولُ إلى كنائس النصارى ومعابدِ الكُفَّار لحاجةٍ آكدةٍ أو لمصلحةٍ شرعيةٍ أو لغرضِ التحقيق والإثبات عمومًا ـ سواءٌ كان تاريخيًّا أو غيرَه ـ استثناءً مِنْ أصل التحريم للحاجة، ويزول الحكمُ بزوالها كما تقتضي القواعدُ العامَّة.

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ١٦ ذي القعدة ١٤٣٧ﻫ
الموافق ﻟ: ١٩ أغسطس ٢٠١٦م


(١) أخرجه أبو داود في «اللباس» بابٌ في لُبْسِ الشهرة (٤٠٣١) مِنْ حديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما. وصحَّحه الألبانيُّ في «إرواء الغليل» (١٢٦٩) وفي «صحيح الجامع» (٦١٤٩).

(٢) أخرجه عبد الرزَّاق في «مصنَّفه» (١٦٠٩)، وابنُ أبي شيبة في «مصنَّفه» (٢٦٢٨١)، والبيهقيُّ ـ واللفظ له ـ في «شُعَب الإيمان» (٨٩٤٠، ٨٩٤١) وفي «السنن الكبرى» (١٨٨٦١، ١٨٨٦٢).

(٣) انظر: «تفسير ابن كثير» (٣/ ٣٢٨ ـ ٣٢٩).

فتاوى الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس -حفظه الله-

في حكم زيارة المعابد الوثنية | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
 
توقيع الفتى المغامر
أهلا بني نور الدين
أنا طالبٌ بإيطاليا، أقوم ـ في إطارِ دراستي ـ برحلاتٍ استكشافيةٍ للمعابد الأثرية وأصوِّرها، وهذه المعابدُ تكون
في سيرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه لما فتح بيت المقدس دخل الكنيسة
حتى ان الفقهاء أجازوا الصلاة فيها اذا لم يكن فيها صورة أو تمثال أو قبر
الأمور احيانا تختلط علي فالسؤال عن الدراسة و الجواب جله عن الاعياد
 
توقيع الامين محمد
بارك الله فيك أخي على الإجابة
 
تنبيه: نظرًا لتوقف النقاش في هذا الموضوع منذ 365 يومًا.
قد يكون المحتوى قديمًا أو لم يعد مناسبًا، لذا يُنصح بإشاء موضوع جديد.
العودة
Top Bottom