التفاعل
6
الجوائز
167
- تاريخ التسجيل
- 6 نوفمبر 2007
- المشاركات
- 1,333
- آخر نشاط

القول الواضح المبين
في المراد بظل الله
الذي وعد به المؤمنين العاملين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه أما بعد :
فقد حصل أخيراً اختلاف في حديث " سبعة يظلهم الله في ظله " وكثرت التساؤلات عن المراد منه فرأيت أن من واجبي أن أبين مراد رسول الله r من هذا الحديث في ضوء النصوص النبوية والقواعد الشرعية المستمدة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أسأل الله أن ينفعني وينفع إخواني المسلمين بهذه الدراسة وأن يجعله في صحيفة حسناتي .
نص الحديث
عنأبيهريرةرَضِيَاللَّهُعَنْهُعنالنبي rقال: (سبعةيظلهماللَّهفيظلهيوملاظلإلاظله: الإمامالعادل،وشابنشأبعبادة الله،ورجلقلبهمعلقفيالمساجد،ورجلانتحابافياللَّهاجتمعاعليهوتفرقاعليه،ورجلدعته امرأةذاتمنصب وجمالفقال :إنيأخافاللَّه،ورجلتصدقبصدقةفأخفاهاحتىلاتعلمشمالهماتنفقيمينه،ورجلذكراللَّهخالياًففاضتعيناه "مُتَّفَقٌعَلَيْهِ ( [1] )
هذا الحديث : صحيح اتفق الشيخان على تخريجه نسأل الله أن يجعلنا من أهله .
لكن ما المراد من قوله r: " يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله " .
والجواب : أن هذا الظل إنما هو ظل العرش وإضافته إلى الله إنما هو من باب إضافة المخلوق إلى خالقه إضافة تشريف مثل:
1- قول الله تعالى : {نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا }.
2- ومثل قوله تعالى : {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ }.
3- ومثل قوله تعالى : {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ}.
4- وقوله تعالى : {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ}.
فإضافة هذه الناقة إلى الله إضافة تشريف, وإضافة البيت إلى الله -والمراد به الكعبة- إضافة تشريف, وكذلك إضافة الرسول إلى الله إضافة تشريف, وكل أولئك مخلوقون وإضافتهم إلى الله إضافة مخلوق إلى خالقه إضافة تشريف وإلا فالعالمون كلهم مخلوقون .
وهناك قواعد عظيمة يجب مراعاتها عند تفسير كلام الله وكلام رسوله r .
منها قاعدة عظيمة يذكرها شيخ الإسلام في المضاف إلى الله ينبغي للباحث في قضايا التوحيد وما يتصل بها أن يراعيها ويجعلها نصب عينيه ومن لم يراعها وقع في الخطأ مهما بلغ من العلم والفضل . وسألخص كلامه بحسب ما يقتضيه المقام :
قال -رحمه الله- في مجموع الفتاوى (9/290-291) وهو يتحدث عن الروح في الإنسان وأنها تدبر الجسم وتخاطب وأن نسمة المؤمن طائر تعلق من ثمر الجنة ثم تأوي إلى قناديل معلقة بالعرش .
وأن الأرواح أسودة عن يمين آدم وعن يساره، وأنها تقبض وترسل، وأنها تعرج إلى السماء، وأنها تسمى روحاً وتسمى نفساً باعتبارين .
ثم قال : " ولهذا تسمى الريح روحاً وقال النبي r " الريح من روح الله" ، أي: من الروح التي خلقها الله .
ثم ذكر القاعدة العظيمة فقال : " فإضافة الروح إلى الله إضافة ملك لا إضافة وصف إذ كل ما يضاف إلى الله إن كان عيناً قائمة بنفسها، فهو مِلك له وإن كان صفة قائمة بغيرها ليس لها محل تقوم به، فهو صفة لله .
فالأول : كقوله: {نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا}، وقوله: {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا}، وهو جبريل، {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً . قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً . قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَاماً زَكِيّاً } .
وقال : {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا} .
وقال عن آدم: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ} .
قلت : يعني أن هذه الأمور المذكورة في هذه الآيات التي مثل بها هي أعيان قائمة بذاتها فإضافتها إلى الله إضافة ملك، أو قل إضافة تشريف وليست من باب إضافة الصفة إلى الموصوف تعالى الله عن ذلك .
ثم قال -رحمه الله- : " والثاني: كقولنا علم الله وكلام الله وقدرة الله وأمر الله " .
قلت : يعني أن هذه الصفات الجليلة صفات لله قائمة بذاته، فإضافتها إليه من إضافة الصفة إلى الموصوف .
ثم قال -رحمه الله - : " لكن قد يعبر بلفظ المصدر عن المفعول به، فيسمى المعلوم علماً والمقدور قدرة، والمأمور أمراً, والمخلوق بالكلمة كلمة، فيكون مخلوقاً كقوله: { أَتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ }، وقوله : { إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ }، وقوله: { إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ ... }, ومنه قوله في الحديث الصحيح للجنة: " أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي " كما قال للنار " أنت عذابي أعذب بك من أشاء ولكل واحدة منكما ملؤها " .
قلت : أي إن الإضافات في هذه الأمثلة من إضافة المخلوق إلى الخالق عز وجل كقوله: {أَتَى أَمْرُ اللّهِ}، أي مأموره، وقوله عن عيسى: إنه كلمته وكلمة منه أي أنه كان وخلق بالكلمة التي هي كلمة الله التي يخلق بها، قال تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }، {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ . فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ}. الآية .
وقوله للجنة: أنت رحمتي ، وللنار: أنت عذابي ، من إضافة المخلوق إلى الخالق .
وكل هذه الأشياء المذكورة أعيان قائمة بنفسها فإضافتها إلى الله من إضافة المخلوق إلى الخالق .
وذكر شيخ الإسلام هذه القاعدة العظيمة في موضع آخر(2) وجعل المضاف إلى الله في الكتاب والسنة ثلاثة أقسام ومثَّل لإضافة الصفة إلى الموصوف بقوله تعالى: {وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ} .
وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ }، وقوله r " اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك " .
قال وفي الحديث الآخر " اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق " .
ومثَّل لإضافة المخلوقات إلى الخالق بقول الله تعالى: {نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا}، وقوله تعالى: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ}، وقوله:{رَّسُولُ اللَّهِ} [الفتح:29] و{عِبَادَ اللَّهِ} [الصافات:40]،وقوله: {ذُو الْعَرْشِ} [البروج:15]، وقوله:{ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ}.
ثم قال -رحمه الله - فهذا القسم لا خلاف بين المسلمين في أنه مخلوق .
كما أن القسم الأول لم يختلف فيه أهل السنة والجماعة في أنه قديم وغير مخلوق ".
وقد لخص هذه القاعدة الشيخ عبد الرحمن بن حسن -رحمه الله- في (فتح المجيد)(3) .
ثانياً – ومن القواعد التي يجب مراعاتها عند تفسير كلام الله وعند شرح كلام رسول الله r: حمل المبهم على المبين والمطلق على المقيد .
فإذا لم يراع هذه القواعد وقع في الزلل وفي القول على الله بغير علم .
ومن القواعد التي يجب مراعاتها في باب التوحيد وإثبات صفات الله: أن يثبت لله ما أثبت لنفسه وما أثبته له رسوله r من غير تكييف ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل على أساس قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ }، وقوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ{1} اللَّهُ الصَّمَدُ{2} لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ{3} وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ{4} ، وقوله تعالى: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً}، أي: نظيراً وشبيهاً .
فإذا لم يراعِ العالم وطالب العلم هذه القواعد في أبواب تفسير كلام الله أو شرح وبيان حديث رسول الله r وقع في الزلل والقول على الله بغير علم .
وسوف أسوق في هذا البحث بعض الأحاديث التي نصّ فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم على إكرام الله بعض عباده المؤمنين العاملين بأن يظلهم الله في ظل عرشه منها:
1- حديث أبي هريرة
قال الإمام الترمذي في الجامع (2/ 575) حديث 1306) :
حدثنا أبو كريب, قال :حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي, عن داود بن قيس, عن زيد بن أسلم, عن أبي صالح, عن أبي هريرة قال : قال رسول الله r: (من أنظر معسراً أو وضع له, أظله الله يوم القيامة تحت ظل عرشه, يوم لا ظل إلا ظله).وفي الباب عن أبي اليسر, وأبي قتادة, وحذيفة, وابن مسعود وعبادة, وجابر .
حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه .
وأخرجه الإمام أحمد في مسنده (2/359) .
قال :حدثنا إسحاق بن سليمان حدثنا داود بن قيس عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة وساق المتن مثله إلا أنه قال: (أظله الله في ظل عرشه يوم القيامة) .
وهو حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه, كما قال الإمام الترمذي .
2-3 حديث معاذ بن جبل وعبادة بن الصامت
قال الإمام أحمد في المسند (5/236-237) :
حدثنا وكيع حدثنا جعفر بن برقان, عن حبيب بن أبي مرزوق ,عن عطاء بن أبي رباح , عن أبي مسلم الخولاني قال أتيت مسجد أهل دمشق فإذا حلقة فيها كهول من أصحاب النبي r وإذا شاب فيهم أكحل العين براق الثنايا كلما اختلفوا في شي ردوه إلى الفتى فتى شاب .
قال: قلت: لجليس لي: من هذا ؟ قال: هذا معاذ بن جبل، قال: فجئت من العشي, فلم يحضروا, قال: فغدوت من الغد قال: فلم يجيئوا, فرحت فإذا أنا بالشاب يصلى إلى سارية فركعت ثم تحولت إليه, قال: فسلم فدنوت منه فقلت: إني لأحبك في الله قال: فمدني إليه, قال :كيف قلت؟ قلت: إني لأحبك في الله, قال: سمعت رسول الله r يحكى عن ربه, يقول: (المتحابون في الله على منابر من نور في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله) .
قال : فخرجت حتى لقيت عبادة بن الصامت فذكرت له حديث معاذ بن جبل, فقال : سمعت رسول الله r يحكي عن ربه عز وجل يقول : (حقت محبتي للمتحابين فيَّ وحقت محبتي للمتباذلين فيَّ, وحقت محبتي للمتزاوين فيَّ, والمتحابون في الله على منابر من نور في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله) .
إسناد حديث معاذ وعبادة بن الصامت رجاله رجال الصحيحين إلا جعفر بن برقان فإنه من رجال مسلم والأربعة , وثقه ابن معين وابن نمير إلا في حديث الزهري فإنه ضعيف فيه, وقال الإمام أحمد: لأبأس به في غير حديث الزهري, وقال : أبو حاتم محله الصدق يكتب حديث ، وقال الحافظ: صدوق يهم في حديث الزهري, ونقل فيه الذهبي توثيق ابن معين فقط.
وإلا حبيب بن أبي مرزوق فإنه" ثقة فاضل" من رجال الترمذي والنسائي وبقية رجاله رجال الصحيحين, فالحديث حسن لذاته يحتمل الصحة ويزداد قوة وصحة بحديث أبي هريرة السابق وبما يأتي بعده .
وأخرج البغوي حديث " سبعة يظلهم الله في ظله "... الحديث, في شرح السنة (2/354-355) ثم قال : " قيل في قوله : يظلهم الله في ظله معناه إدخاله إياهم في رحمته ورعايته, وقيل : المراد منه ظل العرش" .
وروي عن شعبة عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة في هذا الحديث" سبعة يظلهم الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله "وعلق عليه المحقق بقوله: أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات (ص371) وفي سنده جعفر بن محمد بن الليث ضعفه الدار قطني وقال : كان يتهم في سماعه .
وقال البغوي : وروي عن سلمان أنه قال : " التاجر الصدوق مع السبعة في ظل عرش الله يعني مع هؤلاء السبعة التي جاءت في الحديث .
وقال البغوي: " وروى أيضاً عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة " .
وأورد البيهقي في الأسماء والصفات (ص371) حديث السبعة، قال: ومعناه عند أهل النظر إدخاله إياهم في رحمته ورعايته كما يقال : أسبل الأمير أو الوزير ظله على فلان بمعنى الرعاية، وقيل : المراد بالخبر ظل العرش " .
أقول : وتأويله بالرحمة والرعاية غلط وأهل النظر هنا - فيما يبدو - هم أهل الكلام الذين دأبهم التأويل .
والحق أن المراد به: ظل العرش، كما هو ثابت بالأحاديث الصحيحة .
ثم ساق البيهقي بإسناده رواية شعبة عن خبيب عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة ورواية ابن سيرين عن أبي هريرة بدون إسناد .
وأخرجه الخطيب في تاريخه (9/253-254) والبيهقي في الشعب.
من طريق عبد الله بن عامر الأسلمي عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ " تحت عرشه " وعبد الله بن عامر ضعيف لكنه ليس بمتروك وحديثه حسن في المتابعات " قاله الحافظ في الفتح (2/147) .
ونقله عنه الألباني في الثمر المستطاب ( 2/631-632) .
وقال: يقويه الحديث الآخر المشار إليه حديث سلمان عند سعيد بن منصور بإسناد حسن موقوف عليه، قال الحافظ : " لكن له حكم الرفع " وهذا القول للحافظ في الفتح (2/147).
- حديث معاذ من طريق أخرى
وقال الإمام أحمد في المسند (5/233) :
حدثنا روح ثنا الحجاج بن الأسود عن شهر بن حوشب عن معاذ بن جبل أن رسول r قال : ( المتحابون في الله في ظل العرش يوم القيامة ) .
حديث معاذ هذا فيه الحجاج بن أبي زياد الأسود, وثقه الإمام أحمد وقال: رجل صالح وقال أبو حاتم: صالح الحديث وفيه شهر بن حوشب, قال الحافظ ابن حجر: صدوق كثير الإرسال والأوهام, وضعفه شعبة ووثقه الإمام أحمد وابن معين, وقال أبو حاتم:" ليس بدون أبي الزبير 4" , وقرنه مسلم :راجع الكاشف (1/ 491 ) .
وروح بن عبادة ثقة فاضل روى له الجماعة .
وعلى كل حال فهو يتقوى بما قبله وبما بعده من الأحاديث الواردة في هذا البحث.
وأخرج حديث عبادة بن الصامت ومعاذ بن جبل -رضي الله عنهما- عبد الله بن أحمد في زوائد المسند (5/328) وأبو يعلى الموصلي في مسنده وابن حبان كما في الإحسان (2/338) .
قال عبد الله بن أحمد: ثنا أبو أحمد مخلد بن الحسن أبو زميل إملاء من كتابه ثنا الحسن بن عمر بن يحيى الفزاري ويكنى أبا عبد الله ولقبه أبو المليح الرقى عن حبيب بن أبي مرزوق به .
وساقه أبو يعلى بهذا الإسناد ورواه ابن حبان من طريق أبي يعلى به .
الحسن بن عمر الفزاري أبو المليح الرقى، قال فيه الحافظ الذهبي :"وثقه ابن معين وأحمد " وقال فيه الحافظ ابن حجر : " ثقة / بخ دس .
ومخلد بن الحسن قال فيه الذهبي : " وثقه النسائي " وقال الحافظ ابن حجر : " لا بأس به" .
فهذا الإسناد صحيح يحتمل التحسين ويقويه ما قبله وما بعده .
4- حديث العرباض بن سارية
قال الإمام أحمد في مسنده (4/ 128): حدثنا هيثم بن خارجة قال حدثنا ابن عياش يعني إسماعيل , عن صفوان بن عمرو وعبد الرحمن بن ميسرة عن العرباض بن سارية قال : قال رسول الله r: قال الله عز وجل : ( المتحابون بجلالي في ظل عرشي يوم لا ظل إلاً ظلي)، قال عبد الله: وأحسبنى قد سمعته منه .
حديث العرباض رضي الله عنه في إسناده إسماعيل بن عياش الحمصي, قال فيه الذهبي: عالم الشاميين, قال يزيد بن هارون: ما رأيت أحفظ منه, وقال دحيم :هو في الشاميين غاية وخلط في المدنيين, وقال البخاري: إذا حدث عن أهل حمص فصحيح وقال أبو حاتم لين، الكاشف (1/ 249) .
وقال الحافظ ابن حجر: صدوق في روايته عن أهل بلده, مخلط في غيرهم .
أقول : والذي يترجح لي ما قاله فيه يزيد بن هارون و دحيم والبخاري, لاسيما ودحيم من أهل بلده فهو أعرف به من أبي حاتم وروايته هنا عن الشاميين الحمصيين .
صفوان بن عمرو السكسكي أبو عمرو الحمصي ثقة, وعبد الرحمن بن ميسرة الحضرمي مقبول من الرابعة, وفيه الهيثم بن خارجه الخراساني، قال فيه الذهبي: " الحافظ ببغداد وكان يسمي شعبة الصغير" . الكاشف (2/344)
وقال أبو حاتم: "صدوق" . الجرح والتعديل (9/ 86) .
وقال :الحافظ ابن حجر: "صدوق خ س ق ".
فالحديث صحيح يحتمل التحسين ويتقوى بما قبله وبما بعده .
وحسَّن الألباني إسناد حديث العرباض هذا في مختصر العلو (ص 106) ثم قال: أخرجه أحمد (4/128) وقال : قال المنذري في الترغيب (4/48): بإسناد جيد .
5- حديث أبي قتادة
قال الإمام أحمد في المسند (5/ 300 و 308 ) .
حدثنا يونس وعفان قالا ثنا حماد بن سلمة قال عفان في حديثه أنا أبو جعفر الخطمي عن محمد بن كعب القرظى ,عن أبي قتادة قال :سمعت رسول الله r يقول : (من نفس عن غريمه أو محا عنه كان في ظل العرش يوم القيامة) .
ورواه الإمام أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي في سننه ( 2/ 176) من طريق عفان به .
حديث أبي قتادة في إسناده حماد بن سلمة الإمام قال فيه الحافظ ابن حجر ثقة عابد أثبت الناس في ثابت وتغير حفظه بأخرة خت م 4 .
وقال فيه الذهبي : قال ابن معين إذا رأيت من يقع فيه فاتهمه على الإسلام" ثم قال الذهبي (قلت هو ثقة صدوق يغلط وليس في قوة مالك ) .
أقول: وكون حماد بن سلمة تغير بأخرة فإن تغيره لا يضر بكثير من أحاديثه .
ومنها هذا الحديث فإنه من رواية عفان عنه ,قال عبد الله بن أحمد سمعت يحيى بن معين يقول : من أراد أن يكتب حديث حماد فعليه بعفان بن مسلم .وقال النسائي: ( أثبت أصحاب حماد بن سلمة ابن مهدي وابن المبارك و عبدالوهاب الثقفي ) . الكواكب النيرات (ص461 ) .
أبو جعفر الخطمي هو عمير بن يزيد الأنصاري نزيل البصرة قال الحافظ ابن حجر ( صدوق )4."
وقال الحافظ الذهبي: ( ثقة ) . الكاشف ( 2/98 ) .
وقال ابن أبي حاتم: عن إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين أنه قال: أبو جعفر الخطمي ثقة .
وفيه محمد بن كعب القرظى: " ثقة حجة " قاله الحافظ الذهبي في الكاشف ( 2/213) .
وقال الحافظ ابن حجر: " ثقة عالم " التقريب .
فهذا الحديث بهذا الإسناد صحيح يحتمل التحسين ويزداد قوة بما قبله .
وبالجملة فهذا الحديث صحيح في أقصى درجات الصحة حيث روي عن عدة من الصحابة وبعض طرقه صحيح لا غبار عليه وبعضها صحيح يحتمل التحسين وبمجموع طرقه يقرب من التواتر .
ورواه البغوى في شرح السنة (8/ 199) من طريق الدارمي به وقال هذا حديث حسن وصححه الألباني في الجامع الصغير ( 6452) .
6- حديث أبي اليسر
قال أبو بكر بن أبي شيبة ( 7/552 ) حديث (22484 ) : حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن عبد الملك بن عمير عن ربعي قال : حدثني أبو اليسر قال : قال رسول الله r: " من أنظر معسراً أو وضع له أظله الله في ظل عرشه " وهذا إسناد صحيح .
أبو بكر هو الإمام ورجال إسناده كلهم ثقات رجال الجماعة .
7- حديث سلمان رضي الله عنه :
قال البيهقي -رحمه الله- بعد أن نقل قول من قال: إن المراد بالخبر ظل العرش وإنما الإضافة إلى الله بمعنى الملك .
قال: واحتج من قال ذلك بما أخبرنا أبو الحسن بن بشران أنا إسماعيل الصفار حدثنا أحمد بن منصور حدثنا عبدالرزاق أنا معمر عن قتادة قال: إن سلمان: قال: " التاجر الصدوق مع السبعة في ظل عرش الله تعالى يوم القيامة"، ثم ذكر السبعة في الخبر المرفوع " الأسماء والصفات ( ص 371 ) ، وحسن ابن حجر إسناده في الفتح ( 2/144).
والحاصل أن حديث سلمان يتقوى بما قبله من الأحاديث، وهي تزداد به قوة وصحة لاسيما وحديث سلمان في درجة الحسن كما قال الحافظ .
ولقد تمنيت ألا يذكر البيهقي والحافظ هذا التأويل لاسيما وقد دلت الأحاديث الصحيحة على مراد رسول الله من قوله" في ظله" حيث بينتْ هذه الأحاديث أن هذا الظل المبهم في حديث السبعة أنه ظل عرش الله ، وإن كان يظهر من كلامهما ترجيح ما دلت عليه هذه الأحاديث بل صرح الحافظ بترجيح ما دلت عليه هذه الروايات.
ويظهر والله أعلم أن بعض العلماء حينما يسوقون حديث السبعة لا يستحضرون هذه الأحاديث .
ويحتمل أنها لم تبغلهم ولولا ذلك لما لجأوا إلى التأويل المذكور .
يتبع