إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يُضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه ،و أشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً.
...أما بعد :
قال الله تعالى (سَنُرِيهِمۡ ءَايَـٰتِنَا فِى ٱلۡأَفَاقِ وَفِىٓ أَنفُسِہِمۡ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمۡ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّۗ أَوَلَمۡ يَكۡفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ ۥ عَلَىٰ كُلِّ شَىۡءٍ۬ شَہِيد) 53 سُوۡرَةُ فُصّلَت
وقال العزيز القدير أيضاً أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَۚ وَلَوۡ كَانَ مِنۡ عِندِ غَيۡرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخۡتِلَـٰفً۬ا ڪَثِيرً۬ا) 82 سورة النساء
كل آية من آيات القرآن تصوّر لنا حقيقة علمية لم يكتشفها العلماء إلا حديثاً جداً
ولذلك يمكننا القول إن في القرآن إعجازاً تصويرياً رائعاً ويتجلى ذلك من خلال الصور التالية:
ملاحظة: المرجع في هذه الصور هو مجموعة مواقع عالمية موثوقة وهي:
وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"
موقع ناشيونال جيوغرافيك
موقع الموسوعة الحرة
موقع وكالة الفضاء الأوربية
جامعة أريزونا
المجلة الطبية البريطانية
وكالة الجيولوجيا الأمريكية
وغيرها
ولنجعل الموضوع متجدد يا إخوة علنا نزيد في الفائدة مع التيقن من صحة الإكتشاف العلمي ولنبدأ على بركة الله
فعندما كان سيدنا سليمان عليه السلام يسير هو وجنوده أتوا على وادي النمل، وهنا عندما علمت إحدى النملات بقدوم هذا الجيش (جيش سيدنا سليمان) ماذا قالت؟ يقول الله تبارك وتعالى: (حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) [النمل: 18]. في هذه الآية يصف الله تبارك وتعالى لنا لغة النمل والموقف الذي تحدثت فيه تلك النملة وحذرت صديقاتها من أن جنود سليمان سوف يحطمونهم بأقدامهم، لذلك قالت لهم:(ادخلوا مساكنكم).
عندما يتعمق الإنسان في عالم النمل يرى أن العلماء حديثاً اكتشفوا أن أنثى النمل هي التي تتولى مهمة التحذير عند اقتراب أي خطر. فاللهتبارك وتعالى قال: (قَالَتْ نَمْلَةٌ) بالمؤنث، وعندما بحث العلماء أكثر وجدوا أن عالم النمل له حياته الخاصة، وله مجتمعاته، وهو أمة قائمة بذاتها، مثل الأمم من البشر: (قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ)فالنمل يتكلم وهذا ما كشف عنه العلماء حديثاً. [في البداية قالوا: إنه يصدر روائح يتخاطب بها. وقالوا أيضاً: هناك موجات كهرطيسية يصدرها دماغ النملة وتتخاطب بها مع الآخرين على مسافات بعيدة طبعاً. ولكن الاكتشاف الجديد أن خلايا النمل تطلق ترددات صوتية في المجال الذي نسمعه، وجزيئات DNA داخل خلايا النمل أيضاً تصدر هذه الترددات الصوتية، ولذلك فإن الله تبارك وتعالى أعطى لسيدنا سليمان قدرة تضاهي قدرة الأجهزة الذرية التي يستخدمها العلماء اليوم لالتقاط هذه الإشارات وتكبيرها وتضخيمها والاستماع إليها]. وهنا نحن أمام معجزة قرآنية عندما حدثنا الله تبارك وتعالى عن قول النملة (قَالَتْ نَمْلَةٌ) إنما يحدثنا عن حقيقة اكتشفها العلماء حديثاً، وعندما يقول تبارك وتعالى: (قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ) فكلمة (مَسَاكِنَكُمْ) كلمة دقيقة علمياً، لأن عالم النمل يبني مسكناً بكل معنى الكلمة، حتى إن علماء الغرب اليوم، يقولون إن النمل مهندس بارع جداً في البناء، فعندما يبني مسكنه يبنيه في مكان مناسب جداً ويرفعه قليلاً ليتقي به شر الأمطار، ويصنع لهذا المسكن فتحات للتهوية.
وحتى عندما يعيش النمل داخل هذا المسكن، هيأ الله تبارك وتعالى له مواد معقمة يفرزها جسده، هذه المواد يعقم بها البيض، يأتي بالبيض ويضع عليه هذه المواد المعقمة ولولا ذلك لماتت هذه البيوض وانقرض النمل منذ ملايين السنين لم يستمر. ولكن الله تبارك وتعالى زوده بهذه المواد وهداه إلى أن يحافظ على حياته (يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ) المسكن الذي يبنيه النمل يبنيه ويهيئه ليكون مكيفاً أي له فتحات للتهوية مناسبة تماماً للحفاظ على درجة حرارة منخفضة داخل هذا المسكن.
هنالك أيضاً احتياطات يتخذها النمل أثناء الشتاء وأثناء الصيف في مسكنه لكي يكون المسكن محصناً بشكل جيد، وهنا ندرك أن الله تبارك وتعالى عندما قال:(يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ) لم يقل (أوكاركم) لم يقل مثلاً (كهوفكم) لم يقل كلمة أخرى.. بل قال (مَسَاكِنَكُمْ) لأنها مساكن بكل معنى الكلمة. ويقول العلماء بالحرف الواحد: "إن المهارات التي يتمتع بها النمل من حيث بناء وهندسة البيوت تجعله يتفوق على الإنسان، قياساً لحجم النملة، فإن النملة أقوى من الإنسان بمئة مرة على الأقل". فمثلاً عندما قالت هذه النملة: (لَا يَحْطِمَنَّكُمْ) هذه الكلمة دقيقة علمياً، فقد اكتشف العلماء أن الغلاف الخارجي للنملة صلب جداً وهو يتكسر تماماً مثل الزجاج. هذا الغلاف الخارجي للنملة له صلابة كبيرة ولولا هذه الصلابة لم تستطع النملة أن تحمل أوزاناً أكثر من عشرين ضعف وزنها. وإذا تأملنا عالم النمل نلاحظ أن هنالك الكثير من الأسرار ولذلك فإن سيدنا سليمان عليه السلام ماذا قال عندما رأى هذا الموقف ؟ قال: (فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ)[النمل: 19]. هكذا ينبغي على كل مؤمن عندما يرى آية من آيات الله، سيدنا سليمان رأى هذه الآية أمامه: (فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي)أي يا رب أعني وألهمني(أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ)أن أريتني هذه الآيات.
سبحاك اللهم وبحمدك نستغفرك ونتوب إليك السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سبحانك اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إياه سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله جزيت خيرا بالتوفيق في المواضيع القادمة ان شاء الله
جـــزاك الله كل خير ابو تراب ثم انى سمعت امس درس للشيخ عبد الرحمان العريفي يتكلم فيه عن اعجاز القرآني في حديث سيدنا سليمان مع النمل ،،و حاجز الصوتي بين النمل و الانسان ..
السلام عليكم ورحمةاللهوبركاته إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يُضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه ،و أشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً.
...أما بعد :
تتمة الخيط الأبيض والخيط الأسود
إن الذي يراقب الكرة الأرضية من الخارج ويرى سرعة دورانها وكيف يتداخل الليل والنهار يجد بأن أفضل وصف لهذا المشهد هو قول الله تعالى:(يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) [الحديد: 6]. ويقول أيضاً: (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ) [فاطر: 13].
منذ القديم ظن الإنسان أن الليل يخيم على الأرض بشكل كامل، لأنه ظن أن الأرض مسطحة، ثم يخيم النهار على الأرض بشكل كامل أيضاً. ولكن عندما جاء العصر الحديث تبين أن الأرض عبارة عن كرة تدور حول نفسها مما يسبب تعاقب الليل والنهار.
وقد وصل العلماء إلى نتيجة وهي أن الليل يتداخل مع النهار بصورة معقدة جداً، وكذلك يتداخل النهار مع الليل، وبسبب دوران الأرض بسرعة ودوران جميع الأقمار الاصطناعية حولها فإنه يصعب التقاط صورة للأرض تكون فيها ثابتة لدراسة المنطقة التي تفصل الليل عن النهار.
ولذلك فقد بدأ اهتمام العلماء بدراسة المنطقة التي تفصل الليل عن النهار، وبرزت فكرة عند أحد العلماء وهي كيف يمكن أن يكون شكل الأرض عندما ننظر إليها في نفس اللحظة عندما يتداخل الليل مع النهار؟
إن الصور التي التقطتها الأقمار الاصطناعية كانت غير محددة ولا تُظهر بوضوح هذه المنطقة، بسبب الغيوم الكثيفة وبسبب عدم دقة الكاميرات التي تعمل بالضوء العادي.
هكذا يظهر الليل والنهار بالصور العادية، نلاحظ أن المنطقة الفاصلة غير مرئية جيداً، بسبب أنه لا يمكن للكاميرات التقاط صورة أدق من هذه.
وهذا ما جعل العلماء يلجئون إلى التقاط عدد كبير من الصور وباستخدام عدة أقمار اصطناعية إذ أن قمراً واحداً لا يكفي، لأن المطلوب إظهار الكرة الأرضية بشكل كامل وواضح، وبعد ذلك قاموا بإدخال هذه الصور في الكمبيوتر ومن خلال برنامج معين قام الكمبيوتر بدمج هذه الصور بهدف إظهار الشكل الحقيقي للأرض في منطقة الليل والنهار، وكانت النتيجة أن هنالك منطقة ضيقة جداً تفصل الليل عن النهار، وقد رأى فيها العلماء وجود خط فاصل بين الليل والنهار، هذا الخط الدقيق لم يكن لأحد علم به قبل سنوات قليلة، ولكن الكمبيوتر أظهره لدى تركيبه مجموعة من الصور الملتقطة للكرة الأرضية في أوقات مختلفة من الليل والنهار. وذلك بعد إبعاد تأثير الغيوم وإدخال الصور الأكثر وضوحاً في الكمبيوتر، وإظهار الإضاءة الناتجة عن المدن في الليل وإظهار البحر واليابسة بوضوح.
هذه الصورة الرائعة لم تلتقطها كاميرا عادية، إنما هي عبارة عن مجموعة من الصور التي التقطتها الأقمار الاصطناعية، ثم تم تركيبها بشكل يشبه تماماً الواقع، ، وقد تم التقاط هذه الصور من على ارتفاع أكثر من مئة ألف كيلو متر عن سطح الأرض ، ونلاحظ وجود خيط دقيق يفصل بينهما، تماماً كما ذكر القرآن قبل 1400 سنة، فسبحان الله!
ويعتبر العلماء أن هذه الصورة من أروع الصور التي شاهدوها للأرض، ويؤكدون أن هنالك منطقة محددة تفصل الليل عن النهار، وهي منطقة يتداخل فيها كل من الليل والنهار بطريقة رائعة.
هذا ما وصل إليه علم الفلك في العصر الحديث، فماذا قال القرآن عن هذه الحقائق منذ أكثر من أربعة عشر قرناً؟
1 يقول تعالى مؤكداً وجود منطقة فاصلة ودقيقة على شكل خيطين أبيض وأسود: ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ)[البقرة: 187].إن هذه الآية تصف لنا بدقة تلك المنطقة الفاصلة بين الليل والنهار قبل أن نراها بالأقمار الاصطناعية والكمبيوتر!
2 ويقول أيضاً واصفاً لنا العمليات التي تتم داخل هذه المنطقة: (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)[الحديد: 6]. فكلمة (يولج) تعني يُدخل، أي أن الليل يدخل في النهار وبالعكس، وهذا ما يحدثتماماً في هذه المنطقة .
حتى إن هذا الخيط يتحرك بسرعة وكأن الليل يلحق بالنهار ويطلبه بسرعة ولا يكاد يسبقه، وكأنه يلاحقه باستمرار لدى حركة الأرض ودورانها. وهنا يتجلى في وصف هذه الصورة قول الحق تعالى: ( إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)[الأعراف: 54].
أخي القارئ! إنني لا أبالغ إذا قلت إن كل ما يكتشفه العلم حديثاً قد تحدث عنه القرآن، كيف لا وهو الكتاب الذي أنزل الله تبياناً لكل شيء، يقول تعالى: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ) [النحل: 89].فسبحانالذي أخبرنا عن هذه الحقائق الكونية وجعلها براهين مادية ملموسة لكل من يشك في صدق القرآن، وصدق رسالة الإسلام.
سبحاك اللهم وبحمدك نستغفرك ونتوب إليك السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِين: رؤية جديدة آيات كثيرة أودعها الله في هذه الأرض وسخرها لنا لنكتشفها ونزداد إيماناً ويقيناً بهذا الخالق العظيم، ولتكون وسيلة نرى من خلالها قدرة الله لنكون من الموقنين....
يقول تبارك وتعالى في محكم الذكر: (وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ * وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ) [الذاريات: 20-23].هذه آيات عظيمة يحدثنا فيها تبارك وتعالى عن آياته في هذه الأرض وفي الأنفس، فالأرض التي خلقها الله تعالى لنا هيأها بصورة مناسبة للحياة. فلو كانت الكرة الأرضية التي نعيش عليها وهي تبعد بحدود مئة وخمسين مليون كيلو متر عن الشمس، لو كانت أبعد بقليل من هذه المسافة عن الشمس لتجمدت الحياة على الأرض، ولو كانت أقرب أيضاً بقليل من الشمس لاحترقت المخلوقات على وجه الأرض.
فالله تبارك وتعالى جعل هذه الأرض في مدارها الصحيح والمناسب للحياة، والعلماء اليوم يقولون بالحرف الواحد:
إن هذه الأرض وُضعت في المدار الصحيح، والقابل للحياة، ولولا ذلك لم تظهر الحياة على ظهرها أبداً.
فهذه آية من آيات الله تبارك وتعالى تردُّ على أولئك الذين يقولون إن الكون نشأ بالمصادفة، إذ أن المصادفة لا يمكن أن تحدث بهذا الشكل، فلا يمكن للمصادفة أن تضع الكرة الأرضية بالذات على هذه المسافة الدقيقة من الشمس وتجعلها تدور بالحركة المناسبة، لأن الأرض لو كانت أسرع مما هي عليه الآن لقذَفت بالمخلوقات إلى الفضاء الخارجي، لم تستطع جاذبيتها الحفاظ على الاستقرار للناس، ولذلك قال تبارك وتعالى: (اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً) [غافر: 64].
لو أن هذه الأرض كانت بطيئة في دورانها، ماذا حدث؟ نحن نعلم أن دوران الأرض حول نفسها في مواجهة الشمس يولد الليل والنهار، فلو كانت الأرض أبطأ مما عليه اليوم، لامتد الليل طويلاً، ربما لأشهر أو لسنوات وامتد النهار طويلاً أيضاً، ولكن الله تبارك وتعالى الذي جعل الليل لباساً والنهار معاشاً جعل مدة دوران الأرض حول نفسها هو بحدود 24 ساعة، وهذه المدة مناسبة لتركيبة جسم الإنسان، فالإنسان لا يستطيع أن ينام أكثر من 7 أو 8 أو 9 ساعات، ولذلك فإن الله تبارك وتعالى جعل الليل، وجعل النهار، مدتهما مناسبة لحجم وعمر وحركة هذا الإنسان، وهذه نعمة من نعم الله تبارك وتعالى الكثيرة والتي قال فيها: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) [إبراهيم: 34]. فهذا هو حال الإنسان.. دائماً يظلم نفسه ويكفر بنعم الله تبارك وتعالى التي أنعمها عليه.
من نعم الله تبارك وتعالى أنه جعل هذه الأرض كروية فاختار لها محيطاً أو قطراً لدائرتها مناسباً تماماً للحياة على ظهرها، فعندما ننظر حولنا في أي اتجاه لا نرى كروية الأرض ولا نحس بحركة هذه الأرض أيضاً ولا نشعر أن هنالك تقوساً أو انحناءً، بل نراها ممهدة ونراها مسطحة أيضاً، لماذا؟ لأن الله تبارك وتعالى جعل محيط الأرض وهو بحدود 40 ألف كم هو الرقم المناسب لكي نرى الأرض مسطحة أمامنا، وأمرنا أن ننظر ونتأمل في هذه الأرقام وهذه الحقائق، قال تبارك وتعالى:(أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ) [الغاشية:17-20]، والعلماء اليوم عندما ذهبوا إلى الكواكب الأخرى، واكتشفوا حقيقة هذه الكواكب، وجدوا أن الأرض هي الكوكب الوحيد الذي إذا وقفت على ظهره لا تشعر بأي انحناء أو أي خلل، بل تراه مسطحاً وممهداً ومفروشاً أمامك، لذلك قال تعالى: (وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ ) [الذاريات: 48].
إذا نظرنا إلى سطح القمر مثلاً، نلاحظ أنه مليء بالفوهات البركانية، وبالحفر التي أحدثتها الزلازل والنيازك التي ضربته لبلايين السنين، فإذا نظرنا إلى القمر نرى أنه غير مسطح وغير ممهد وغير صالح للحياة أصلاً، فلا يمكن إنشاء وإعمار الحياة على ظهر القمر، بينما الأرض هيأها الله تبارك وتعالى لنا، لكي تناسب حياتنا بالشكل الذي يجعلنا أكثر استقراراً على ظهرها، وذكرنا بهذه النعمة، وأن الله تعالى هو من مهدها لنا وجعلها قراراً: (اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِين َ) [غافر: 64].
من عجائب هذا الكوكب أن الله تبارك وتعالى خلقه مقسماً إلى طبقات، فالكرة الأرضية طالما نظر الناس إليها على أنها جسم مستوٍ محاط بالبحار من كل الجوانب، حتى إنهم كانوا يسمون البحار البعيدة مثل المحيط الهادئ والمحيط الأطلسي وغيرها بحار الظلمات، أي يعتبرون أن هنالك بقعة من اليابسة تحيط بها البحار من كل جانب، هذه نظرتهم قديماً إلى الأرض. ولكن بعد أن اكتشف العلماء بعض أسرار الأرض تبين لهم أن هذه الأرض ليست كتلة واحدة، إنما هي عبارة عن طبقات، بعضها فوق بعض.
لو بدأنا من خارج الأرض، من سطح الأرض نلاحظ أن لدينا طبقة رقيقة جداً هي: القشرة الأرضية، والتي تمتد لسبعين أو ثمانين كيلو متر أو مئة كيلو متر (وتختلف من منطقة لأخرى)، هذا الغلاف أو هذه القشرة الأرضية ليست كتلة واحدة إنما منقسمة إلى مجموعة من الألواح يفصل بينها صدع كبير وهو عبارة عن تشققات هائلة تمتد لآلاف الكيلومترات، تقسم قشرة الأرض إلى مجموعة من الألواح.
إذا تأملنا الصور الواردة من الأقمار الاصطناعية، وكذلك الصور التي رسمها العلماء نلاحظ أن هذه الأرض ليست كتلة واحدة، إنما مقسمة إلى مجموعة من الألواح وفيها صدع مشترك، ومتعرج ويقسم هذه القشرة الأرضية إلى مجموعة من الألواح، ولذلك قال تعالى: (وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ)[الطارق: 12]، وهذه الميزة لم يكن لأحد علم بها في ذلك الزمن، زمن نزول القرآن. ونرى في هذه الصورة الصدع الموجود في أثيوبيا والذي يمتد لآلاف الكيلومترات.
لقد رأى أخيراً الإنسان هذا الصدع وصوره وصور حركته أيضاً، وصور حركة هذه الألواح وهي تتحرك متباعدة عن بعضها، ففي العام 2005 قام بعض العلماء بمراقبة الصدع الذي يفصل اللوح العربي الذي يضم الجزيرة العربية والبحر الأحمر وهكذا، عن اللوح الأفريقي الذي يضم قارة إفريقيا، عند منطقة أثيوبيا (هنالك شق واضح)، صوره العلماء وأجروا التجارب ووجدوا أن اللوح الأفريقي يبتعد عن اللوح العربي، ووجدوا أن هنالك مجموعة من الحمم البركانية تتدفق أثناء تباعد هذين اللوحين، وهذه الحمم البركانية تتجمد وتشكل بعض أنواع الصخور.
وهذا ما تحدث عنه القرآن بل وأقسم بالأرض وبأن لها ميزة هي ذات صدع، يقول تعالى:(وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ * وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ * إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ * وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ) [الطارق: 11-14]
هذه الألواح كما قلنا تتحرك باستمرار، وتتحرك معها الجبال، وقد استطاع العلماء قياس هذه الحركة بدقة، فمثلاً قارة استراليا، تحركت في العام الماضي مسافة 73 ملم باتجاه الشمال الشرقي، وقد رصد العلماء هذه الحركة بالأقمار الاصطناعية وقاسوها بدقة، وهنا نتذكر قول الحق تبارك وتعالى عن حركة الجبال: (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) [النمل: 88].
صدع أندرياس الذي يمتد لأكثر من 1300 كيلو متر، ونلاحظ بوضوح المسافة التي تقسم لوحين أرضيين، إن هذه الصور الملتقطة حديثاً لم يكن لحد علم بها زمن نزول القرآن، فكيف جاء ذكرها في القرآن؟! التفسير المنطقي الوحيد هو أن القرآن نزل بعلم الله تعالى!
ثم يأتي بعد القشرة الأرضية طبقة ثانية هي: الغلاف الصخري الحارّ وهذه الطبقة أيضاً تمتد تحت القشرة الأرضية، وتتحرك أيضاً مع القشرة الأرضية. ثم يأتي بعدها ثلاث طبقات متتالية يسميها العلماء: (الوشاح) هذه الطبقات الثلاثة هي: الوشاح الأعلى والوشاح الأوسط والوشاح الأدنى.
ثم يأتي بعد ذلك كلما تعمقنا في الأرض تأتي طبقة هي: النواة وهذه النواة تنقسم إلى طبقتين: طبقة خارجية صلبة تسمى النواة الخارجية، وطبقة داخلية سائلة تسمى النواة الداخلية.
لقد كان العلماء سابقاً يظنون بأن الأرض تتألف من ثلاث طبقات فقط: القشرة والنواة وطبقة ثالثة بينهما. ولكن بعد ذلك اكتشفوا أن النواة عبارة عن طبقتين فقالوا: إن الأرض أربع طبقات. ثم اكتشفوا أن القشرة الأرضية يوجد تحتها غلاف صخري فقالوا: إن الأرض تتألف من خمس طبقات. ثم اكتشفوا أن منطقة الوشاح هذه فيها: مناطق حارة ومناطق أكثر حرارة ولذلك قالوا: هنالك طبقتين فأصبحت عدد الطبقات ستة. وآخر الدراسات وهي الدراسات اليقينية التي أجريت في منتصف العام 2007 باستخدام الموجات الزلزالية أثبتت أن الأرض سبع طبقات.
ولكن ما هي الموجات الزلزالية؟ هذه الموجات هي عبارة عن موجات يسببها الزلزال، فالزلزال عندا يحدث فإنه يسبب موجات ميكانيكية عنيفة جداً تنتقل إلى نواة الأرض، هذه الموجات كلما وصلت إلى طبقة من طبقات الأرض فإنها تنعكس تماماً مثل الضوء عندما يسقط على الزجاج مثلاً أو على المرايا فينعكس، وكلما نزل على طبقة نجد أن هذا الشعاع ينعكس عن كل طبقة يسقط عليها، فلاحظوا أن عدد طبقات الأرض هو سبع طبقات، وهذه أحدث نتيجة وصل إليها العلماء في وكالة الجيولوجيا الأمريكية، وهذه الوكالة طبعاً هي مصدر موثوق جداً للمعلومات تماماً توازي وكالة ناسا للفضاء.
وهنا ربما نعجب إذا علمنا أن القرآن الكريم حدثنا عن هذا الأمر قبل 14 قرناً وحدد لنا عدد هذه الطبقات، يقول تبارك وتعالى: (اللَّهُ الَّذِيخَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ)وفي آية أخرى يقول: (سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا) [الملك: 3] بعضها فوق بعض طبقات، (وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ)أي مثل هذه الطبقات السبع،(يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا )
فانظروا إلى الحكمة والهدف من هذه الطبقات السبع: (لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً) [الطلاق: 12].
تصوروا معي هذه الحمم المنصهرة التي تقذف يها الأرض وهي عبارة عن صخور منصهرة!! تصوروا لو أن إنساناً فكر مجرد تفكير باختراق الأرض! إن العلماء لم ينزلوا إلى باطن الأرض، ولا يستطيعون أصلاً أن يصلوا بسبب الضغوط الهائلة ودرجات الحرارة التي تصل إلى آلاف الدرجات المئوية والتي تصهر أي مادة مهما كانت قوية، لذلك لا يمكنهم أبداً أن يخترقوا أقطار الأرض أو ينفذوا من خلالها، وهذا ما حدثنا عنه القرآن، قال تبارك وتعالى:(يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ)[الرحمن: 33].
فالله تبارك وتعالى أخبر أن هذه الأرض لا يمكن لأحد أن ينفذ من خلالها، وهنا ربما نرى إشارة عجيبة إلى طبقات الأرض وإلى اختلاف أقطارها، في قوله تبارك وتعالى: (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)فلم يقل "قطر" واحد بل قال (أَقْطَارِ) وطبعاً كل طبقة من هذه الطبقات لها قطر يختلف عن الأخرى، إذاً هي طبقات بعضها فوق بعض، ولكل طبقة هنالك قطر.
هدف هذه الحقائق
والآن لنتساءل: لماذا ذكر الله تبارك وتعالى هذه الحقيقة الكونية في كتابه: هل لمجرد أن نطلع على معلومات كونية؟ أو مجرد حب المعرفة؟ أم أن هنالك هدفاً عظيماً؟ لنتأمل الآية من جديد: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا) تأملوا معي هذه الكلمة لماذا جعل الله تعالى سبع طبقات وحدثنا عنها:(لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) أيها الإنسان – أيها الملحد – أيها الغافل عن ذكر الله تبارك وتعالى – إن الله تبارك وتعالى حدثك عن طبقات الأرض السبعة وأخبرك أن السموات سبعة أيضاً وأنت اليوم تشاهد بنفسك هذه الطبقات السبع وهو أعلم بالسر وأخفى، فكما أن الله تبارك وتعالى حدثك عن شيء لا تراه بعينك ولا يمكن لأحد رؤيته، ولكن الأجهزة تقيسه لك، كذلك فإن الله يعلم جميع أعمالك، وأنه أحاط بكل شيء علماً:(لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا).
سبحاك اللهم وبحمدك نستغفرك ونتوب إليك السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يُضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه ،و أشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعــــــــــد..
توقيت مكة المكرمة: هل هو حقيقة علمية؟ هناك العديد من الفرضيات المزعومة حول مكة المكرمة، ومنها ما هو خطأ علمي، ومنها ما هو مجرد فرضيات تحتاج إلى برهان ودليل، لنقرأ....
إنها أم القرى وأفضل بقاع الأرض وأشرفها عند الله... فيها أول بيت وُضع للناس، وفيها وُلد خير البشرصلى الله عليه وسلم، وإليها تتوجه قلوب المسلمين وعقولهم ووجوههم... إنها مكة المكرمة التي اختارها الله لتكون قبلة المؤمنين وملاذ المشتاقين وأمان الخائفين.
وبما أنني مسلم فإنني أتلهف لأي معجزة تتعلق بهذا المكان المقدس، وبخاصة إذا تعلق الأمر بمركزية هذا البيت العتيق، وأن مكة تتوسط اليابسة وأن توقيتها أدق من غيرها، لأنه لا يوجد فيها أي انحراف مغنطيسي... ولكن المشكلة أن لغة الحقائق العلمية تختلف عن لغة العواطف.
فالملحد يتربص بأي معجزة يتم نشرها ويبدأ بمهاجمتها على الفور، ولذلك نحرص كل الحرص على أن تكون المعلومة التي نبثها تمثل حقيقة علمية، وليس مجرد محاولة أو نظرية أو فرضية. مع العلم أننا نستأنس بالمحاولات والفرضيات إذا كانت تتفق تماماً مع ما جاء في كتاب الله وسنة نبيهعليه الصلاة والسلام.
هل ينطبق الشمال المغنطيسي لمكة على الشمال الجغرافي؟
يقول بعض علمائنا "وللأسف" إن منطقة مكة المكرمة لا يوجد فيها أي انحراف مغنطيسي، أي أن الشمال المغنطيسي ينطبق على الشمال الجغرافي، ولذلك فإن مكة يجب أن تكون هي مركز التوقيت العالمي بدلاً من غرينتش؟!
وسبحان الله، كيف يصدر مثل هذا الكلام عن علماء متخصصين في العالم الإسلامي دون دراسة أو بحث علمي، إن الشمال المغنطيسي يتغير من سنة لأخرى، ومن مكان لآخر، وهناك مناطق كثيرة في العالم لا يوجد فيها انحراف مغنطيسي! ولذلك فإن القول بأن الشمال الحقيقي ينطبق على الشمال المغنطيسي لمكة المكرمة هو خطأ علمي واضح. وأقول: ما هي علاقة التوقيت بالانحراف المغنطيسي لمدينة ما، فأي مدينة على وجه الأرض تصلح لاعتبارها مرجعاً للتوقيت وتبقى المسألة نسبية.
الانحراف المغنطيسي لأي بقعة على الأرض هو الفرق بين الشمال الحقيقي أو محور دوران الأرض وبين الشمال المغنطيسي حيث تتوجه الإبرة المغنطيسية (البوصلة). ويتغير هذا الانحراف ببطء بمرور الوقت، ولذلك نجد أن الخرائط الجغرافية التي تحدد خطوط الانحراف المغنطيسي يتم إرفاقها بالتاريخ الذي رُسمت فيه هذه الخريطة، لأن الخطوط تتغير من سنة لأخرى بسبب الحركة المعقدة لنواة الأرض الحديدية.
خريطة المجال المغنطيسي للأرض وذلك لعام 1995، فهذه الخريطة تختلف من عام لآخر، ونلاحظ أن منطقة مكة المكرمة يوجد فها انحراف مغنطيسي أكثر من درجتين، وهناك مناطق كثيرة في أفريقيا والهند وأمريكا وأوربا، يكون الانحراف المغنطيسي لها صفر، وهذا الانحراف يتغير من سنة لأخرى. وهذه الخريطة العالمية تكفي لدحض المزاعم التي تقول بأن مكة لا يوجد بها انحراف مغنطيسي.
ولذلك فإن الشمال المغنطيسي لمكة المكرمة لا ينطبق على الشمال الجغرافي، ولو بحثنا عن الدليل العلمي على ذلك نذهب لأحد المواقع العلمية المتخصصة بإعطاء الانحراف المغنطيسي لأي مكان في العالم، وعند البحث عن الانحراف المغنطيسي لمكة المكرمة عام 2008 مثلاً نجد النتائج الآتية في الصورة:
هذه صورة نتيجة البحث في أحد الواقع العلمية عن الانحراف المغنطيسي لمدينة مكة المكرمة، يمكن الحصول على هذه النتيجة بإدخال خط الطول وهو أقل من 40 درجة بقليل (39 درجة و58 دقيقة و 25.5 ثانية)، وخط العرض وهو 21 درجة و 33 دقيقة و 14.4 ثانية، وهذه إحداثيات مدينة مكة المكرمة، وقد كان الانحراف المغنطيسي لهذه المدينة هو 2 درجة و 50 دقيقة، أي أنه ليس صفراً. وهذا الانحراف في عام 2008 ويختلف من عام لآخر.
النتيجة: القول بأن مكة لا يوجد لها انحراف مغنطيسي هو خطأ علمي، ولا توجد علاقة بين التوقيت وبين الانحراف المغنطيسي.
وأخيراً يا أحبتي يمكنني أن أقول:
إنني شخصياً أحب مكة المكرمة وأي شيء يرتبط بها، وأتمنى أن يتبع العالم الإسلامي كله توقيت مكة المكرمة، وأميل بفطرتي نحو هذه البلدة الطيبة، ولكن عندما نقدم للناس أمراً كهذا (الاعتماد على توقيت مكة المكرمة) ينبغي أن نربطه بقدسية المكان وليس بالنظريات العلمية الخاطئة، أو أننا ننتظر حتى نحصل على حقيقة علمية صحيحة ونقدمها للناس، لأن الهدف من علم الإعجاز بالدرجة الأولى خطاب غير المسلمين، وهؤلاء عندما يكتشفون بأن مكة ليست مركز العالم مثلاً، أو أن النظريات العلمية المتعلقة بها غير صحيحة، فستكون ردة فعلهم سيئة تجاه الإسلام، ولا نريد لأحد أن ينتقد الإعجاز العلمي، فهذا العلم تعرض للكثير من الانتقادات مما جعل بعض علمائنا ومشايخنا ينفرون منه.
وحبذا لو اعتمد العالم الإسلامي توقيت مكة المكرمة، ليس لاعتبارات علمية، بل لأنها أقدس مكان على وجه الأرض، وأن ننتظر حتى نجد دليلاً علمياً على ذلك، ولا نتسرع فنسيء لعلم الإعجاز بدلاً من أن نخدمه .
ولا نجد خيراً من دعاء الحبيب صلى الله عليه وسلم:
اللهم اهدنا لما اختُلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.