ذكرى استشهاد البطل عز الدين القسام

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

drissemed

:: عضو فعّال ::
أوفياء اللمة
ShowPic.php

ذكرى استشهاد البطل عز الدين القسام
عز الدين القسام

مولده ونشأته :

ولد عز الدين القسام في مدينة جبلة السورية الساحلية قضاء مدينة اللاذقية السورية المشهورة ،والأرجح أن ولادته كانت في سنة 1882م .

والد الشيخ القسام هو عبد القادر مصطفى القسام من المشتغلين بالتصوف وعلوم الشريعة . ومن ذلك نشأ في بيت علم وتقى قد رُبى وتعلم في زاوية الإمام الغزالي وعمل في مدرسة " كُتاب " درّس فيها أبناء القرية أصول القراءة وحفظ القرآن ثم اشتغل لفترة مستنطقاً في المحكمة الشرعية .





الشهيد عز الدين القسام


سافر الشيخ المجاهد عز الدين القسام لمصر للأزهر طلباً للعلم وهناك كان يحضر دروس الشيخ محمد عبده واستمرت دراسته في الأزهر عشر سنوات .

عاد الشيخ عز الدين القسام إلى سوريا عام 1906 بعد أن نال الشهادة الأهلية وأخذ يدرس العلوم الأدبية والقراءة والكتابة وحفظ القرآن لأطفال القرية وتولى خطابة الجمعة في مسجد المنصوري فدب في القرية حماس ديني شديد فكانت شوارعها تُرى مقفرة إذا أذن لصلاة الجمعة، وبنشاطه في الدعوة والتعليم ذاع صيته وانتشر اسمه .

واصبح موئلاً ومقصداً ، وكان في سيرته الشخصية مثال الفضيلة والكمال ، لا ينهى عن خلق ويأتي مثله ، ولا يدعو إلى طريق إلا ويكون أول سالك له ، فكثر اتباعه ومريدوه وعظم شأنه وذاع صيته .

جهاده:
في 27 أيول 1918 أعلن جمال باشا انسحاب الدولة العثمانية جيشاً وحكومة من سوريا وفي مطلع تشرين الأول 1918 دخلت جيوش الحلفاء دمشق .

في العام 1919 تألفت المجموعات الثورية في سوريا بعد قيام فرنسا بتقسيم المنطقة إلى عدة أقسام ، وكانت المجموعات الثورية تعمل تحت قيادات متباينة وفي مناطق مختلفة وهذه المجموعات هي :



مجموعة إبراهيم هنانو

مجموعة الشيخ صالح العلي

مجموعة صبحي بركات

مجموعة عمر البيطار وعز الدين القسام

دور الشيخ عز الدين القسام في الثورة : _
خلال الحرب العالمية الأولى " 1914 _ 1918 " أخذ القسام يعطي الدروس التحريضية تمهيداً لإعلان الثورة، و عندما نادي المنادي للجهاد وكان القسام أول من لبى و أجاب ، فانضم إلى مجموعة عمر البيطار في قرية شير القاق من جبال صهيون ، وانتظم في عداد رجالها وتقلد السلاح جنديا في خدمة الإسلام ، وكان معه طائفة من مريديه واتباعه الذين علمهم وهذبهم .

فاندلاع الثورة في جبال صهيون كان من نتائج دعاياته وفي هذه المنطقة قاوم القسام أشد مقاومة وكان أول من رفع راية المقاومة لفرنسا وأول من حمل السلاح في وجهها . كما كان في طليعة المجاهدين واستمر هو وإخوانه حوالي سنة في مقارعة الفرنسيين " 1919 _ 1920 " .

محاولة الفرنسيين اقناع القسام بترك الثورة : _
لقد نجح الاحتلال الفرنسي في جر صبحي بركات إلى شباكهم، وحاولت أن تقنع الشيخ عز الدين القسام بترك الثورة والرجوع إلى بيته، فأرسل الاحتلال إليه زوج خالته فوعده باسم السلطة أن توليه القضاء وإن تجزل له العطاء في حال موافقته على الرجوع والتخلي عن جهاده فرفض الشيخ اللقسام العرض وعاد رسول الفرنسيين من حيث أتى .

الحكم عليه بالإعدام هو ورفاقه : _
ونتيجة لإصراره على خط الجهاد حكم عليه الديوان العرفي الفرنسي في اللاذقية وعلى مجموعة من اتباعه بالإعدام " فلم يزده ذلك إلا مضاء وإقداما " وطارده الفرنسيون فقصد دمشق وفي العام 1920 غادر القسام دمشق بعد أن احتلها الفرنسيون قاصداً فلسطين ليبدأ في تأسيس حركته الجهادية ضد البريطانيين والصهيونيين .

الشيخ القسام في فلسطين : _
بعد أن قدم الشيخ القسام إلى حيفا بدأ في الأعداد النفسي للثورة وجعل القسام من دروسه في المسجد التي تقام عادة بين الصلوات المفروضة ، وسيلة لإعداد المجاهدين وصقل نفوسهم وتهيئتها للقتال في سبيل الله ، معتمدا اختيار الكيفية دون الكمية ، وكان للشيخ القسام حلقات درس يُعلم فيها المسائل الدينية، ولكنه كان أكثر المشايخ تطرقا لضرورة الجهاد ولمنع الصهيونية من أن تحقق أحلامها في بناء وطن قومي على أرض فلسطين ، وكان يركز على الاستعمار البريطاني وعلى الصهيونية ، ولقد استجوبته السلطات البريطانية لعدة مرات ، ولما كان له شعبية كبيرة كانت الحكومة تتجنب اعتقاله ، وكان من نتيجة وطنية الشيخ ودعوته للجهاد أن التف حوله جماعة من الرجال دفعتهم الوطنية والإيمان .

وكان الشيخ يجلس مع رفاقه بعد صلاة الفجر في حلقة صغيرة يتحدث الشيخ عن فضائل الجهاد في الإسلام وثواب الاستشهاد في الآخرة .

استغل الشيخ القسام ثورة البراق وأخذ يدعو في خطبه العرب و المسلمين إلى التصدي لكل من الإنجليز والصهيونية الحاقدة .

وكان يُذكّر الناس بالشهداء محمد جمجوم وفؤاد حجازي وعطا الزير ويحث الناس على الجهاد باستمرار .

تأسيس جمعية الشبان المسلمين ونشاط القسام فيها:
أسس الشيخ القسام هو وصديقه رشيد الحاج إبراهيم رئيس فرع البنك العربي في المدينة فرع لجمعية الشبان المسلمين . وكان ذلك في شهر أيار من عام 1928م .

وكان الشيخ القسام يزور القرى المجاورة والمدن ويدعو فيها للجهاد وفي ذلك كان يختار القسام العناصر الطليعية للتنظيم وبدأت عصبة القسام السرية تنسج خيوطها الأساسية في عام 1925م ولكن العصبة لم تبدأ عملها الجهادى إلا بعد العام 1929 م .

وكان الأسلوب الذي اتبعة القسام في تنظيم الأفراد يعتمد على مراقبته المصلين وهو يخطب على المنبر ، ثم يدعو بعد الصلاة من يتوسم به الخير لزيارته ، وتتكرر الزيارات حنى يقنعه بالعمل لإنقاذ فلسطين ضمن مجموعات سرية لا تزيد عن خمسة أفراد ثم اتسعت المجموعات لتضم 9 أفراد ، وكان يشرف على الحلقة الواحدة نقيب يتولى القيادة والتوجيه، ويدفع كل عضو مبلغاً لا يقل عن عشرة قروش شهرياً .

خطبة القسام الأخيرة في حيفا :-
وقف للمرة الأخيرة خطيبا في جامع الاستقلال في حيفا "وخطب في جمع من المصلين وفسر لهم الآية الكريمة :" ألا تقاتلون قوما نكثوا إيمانهم وهمّوا بإخراج الرسول وهم بدؤوكم أول مرة . أتخشونهم ؟ فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين" (التوبة 13-14) " وكان في صوته تهدج وحماسة وفي نبراته رنين ألم ممض، وفي عينيه بريق من بأس وقوة" وقال أيها الناس : لقد علمتكم أمور دينكم، حتى صار كل واحد منكم عالما بها، وعلمتكم أمور وطنكم حتى وجب عليكم الجهاد، ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد: فإلى الجهاد أيها المسلمون، إلى الجهاد أيها المسلمون .

وما أن أنهي خطابه حتى كان الحاضرون قد أجهشوا بالبكاء واقبلوا على يديه يقبلونهما وعاهدوه على القتال في سبيل الله . وبعد ساعة من إلقاء الخطبة أخذت السلطة تفتش عن الشيخ القسام للقبض عليه ومحاكمته ولكنه كان قد ودع أهله وعشيرته ، وحمل بندقيته وذهب وصحبه إلى الجبال ليجاهدوا وليستشهدوا .

ويذكر أن سيارة كانت تنتظره خارج المسجد ولم يشاهد مرة أخرى بحيفا بعد ركوبه فيها .

حادثة الاستشهاد :-
غادر الشيخ القسام مع مجموعة من المجاهدين حيفا متجهاً إلى يعبد ، وكان يتعقبهم مجموعة من عملاء البريطانيين إلى أن عرفوا مكان استقرار الشيخ و رفاقه، فحاصرهم البوليس الإنجليزي يوم 20/11/1935م وكان يقدر عدد أفراد البوليس بـ 150 فردا من الشرطة العرب والإنجليز وحلق القائد البريطاني فوق موقع الشيخ ورفاقه "في أحراش يعبد" في طائرته وعندها عرف القسام أن البوليس قادم لا محالة … عندها أعطى الشيخ لاتباعه أمرين :-

عدم الخيانة حتى لا يكون دم الخائن مباحا .

عدم إطلاق النار بأي شكل من الأشكال على أفراد الشرطة العرب، بل إطلاق النار باتجاه الإنجليز . وكان الضباط الإنجليز قد وضعوا البوليس العربي في ثلاثة مواقع أمامية ولم يكن هؤلاء عارفين بحقيقة الجهة التي أُحضروا إليها وحقيقة الجماعة التي يطاردونها .

اتخذت المعركة بين الطرفين شكل عراك متنقل ، وساعدت كثافة الأشجار على تنقل أفراد الجماعة من موقع إلى آخر و استمرت حتى الساعة العاشرة صباحاً . و كان الشيخ من الفعالين في القتال ، فقد حارب ببندقية و مسدس بالتناوب ، في الوقت التي كانت شفتاه تتفوهان بالدعاء … ورغم المقاومة الباسلة التي أبداها الشيخ ورفاقه ، فقد كانت نتيجة المعركة استشهاد الشيخ و اثنان من رفاقه .

وبعد انتهاء المعركة ، تعمد قائد البوليس الإنجليزي أهانة جثة الشهيد القسام و يقال أنه داس على رقبته .

رحــمــ الــلــه الــشــيــخ عــز الـديـن الــقــسـام
 
يوم استشهاد القسام.. كيف رثاه الشعراء؟؟!!

يوم استشهاد القسام.. كيف رثاه الشعراء؟؟!!

ezzedeen.jpg

بقلم : ياسر عزام


بعد سبعين عاماً من استشهاد الشيخ عزالدين القسام، وبعد أن قدم المثقفون العرب الكثير عن حياته، أورد هؤلاء الكتّاب الشعر والأدب في عصر الشيخ القسام، ولكنهم لم يقرأوه بعين النقد، فجاء ذكر الأدب والشعر واستخدامهما في حركته عارضاً.. غير أننا لا نستطيع المرور كراماً على هذا الجانب، ولم يكن أصلاً يستطيع القسام تجاهل هذا الجانب لو أراد ذلك.

لم يكن يخفى دور الشعراء العاميين في التأثير على الفلسطينيين، بل كانت أبيات الزجل تنتشر في أسماع الناس أكثر من الإذاعات وعلى ألسنتهم أسرع من الأغاني، وكان الشعر الشعبي هو وسيلة الإعلام الأقوى، حيث كان في تلك الفترة بعض التجار يستخدمون شعراء الزجل للإعلان عن بضاعتهم، وقد ساهموا في ترويج البضاعة مثلما ساهم الشاعر العربي صاحب قصيدة ((قل للمليحة في الخمار السود)) في ترويج الخمار الأسود بين نساء ذلك العصر..

لقد أدرك القسام أهمية الدور الذي يلعبه الشعراء في فلسطين قبل انطلاق حركته، ونحسب أنه حصل إثر عملية الإعدام الشهيرة التي نفذها الاستعمار في 17 حزيران 1930، في ساحة سجن عكا، الإعدام الذي شمل بالشهداء الثلاثة محمد جمجوم وفؤاد حجازي وعطا الزير (وهم ممن كان يحضر دروسه في جامع الاستقلال).. فألقى القسام خطبة نذيرية دعا إلى اليقظة والجهاد والانتقام للشهداء.. وأبكت خطبته الناس وحمّستهم، غير أن أحداً من الناس لم يحفظها كما حفظوا حتى اليوم قصيدة نوح إبراهيم. وباعتقادي أنه شاهد تأثير هذه القصيدة التي يقول فيها شاعر القساميين نوح إبراهيم:
من سجن عكا طلعت جنازة
محمد جمجوم وفؤاد حجازي


رثاء شعراء فلسطين للقسام

لم يكن خبر استشهاد القسام ورفاقه خبراً عادياً، فقد صدرت الصحف العربية في فلسطين تحمل الخبر في العناوين الرئيسية..
ففي صبيحة يوم 22/11/1935 خرجت صحيفة الجامعة العربية بالعناوين التالية:
- حادث مريع يهزّ فلسطين من أقصاها إلى أقصاها..
- معركة حربية حامية الوطيس تسفر عن مقتل خمسة أشخاص وجندي إنكليزي..
- شخص يقتل خطأ.. بلاغ من الحكومة عن الحادث.. المصاحف في جيوب الشهداء.. شماتة الصحف اليهودية..
- جنازة حافلة للشهداء في حيفا، وبرقيات التعزية.. وفود فلسطين.. الحكومة تأسر خمسة أشخاص وتحقق معهم..

وفي الأعداد التي تلت هذا العدد من الصحف الفلسطينية، كانت تصدر القصائد الرثائية في الشيخ القسام ورفاقه، ففي 25/11/1935، صدرت أولى قصائد الرثاء في الشيخ الشهيد في جريدة الجامعة الإسلامية للشاعر حسان فلسطين اليعقوبي، وهي بعنوان ((قتلوك)) نقتطف منها التالي:
قتلوك، لا كانوا ولا كان الألى ........... ولّوا عليك، وما لهم من شأنٍ
لك في الحسين ومن إليه أسوة ........... فيما جناه عليك ذاك الجاني
إن كان أول من أصابوا مقتلاً ........... منه الحسين، فأنت عندي الثاني

كما صدرت في المجلة نفسها قصيدة ((شهيد فلسطين)) أطلق شاعرها على نفسه لقب ((الصارخ))، وقصيدة أخرى بعنوان ((شهيد الوطن الخالد)) لواصف عبد الرحمن من نابلس وذلك في 27/11/1935.
ونشرت جريدة الدفاع قصيدة للأديب الفلسطيني (ابن خلدون) بعنوان ((يا رحمتنا))، نقتطف منها الأبيات التالية:
ما بين أرضِك أو سمائك .. آيٌ تتيه بكبريائكْ
قد حاولوا غمز الإباء وما دروا مغزى إبائكْ
قد ثرتَ تعلم أن ما تبغيه صعبٌ جد شائكْ
آثرت لقيا الله لما ضقت ذرعاً في قضائك
بين المهابة والجلالة سار ركبك والملائك
ولقد صمتّ فكان صمتك فيه معنى من وفائك
ما اخترت إلا ما يشرّف في ختامك وابتدائك

وقد أورد صاحب كتاب ((جهاد شعب فلسطين)) قصيدة للشاعر فؤاد الخطيب منها:
أولت عمامتك العمائم كلها ........... شرفاً تقصّر عنده التيجان
يا رهط عز الدين حسبك نعمة ........... في الخلد لا عنتٌ ولا أحزان
شهداء بدر والبقيع تهللت ........... فرحاً، وهشّ مرحّباً رضوان

أما شاعر حركة القسام نوح إبراهيم فنظم قصيدة بالعامية بعنوان ((عز الدين يا خسارتك)):
عز الدين يا خسارتك ........... رحت فدا لأمتك
مين بينكر شهامتك ........... يا شهيد فلسطين

جمعت رجال من الملاح ........... من شريت سلاح
وقلت هيا للكفاح ........... لنصر الوطن والدين

واقرأوا الفاتحة يا إخوان ........... عا روح شهيد الأوطان
وسجل عندك يا زمان ........... كل واحد منا عز الدين

البيت الأخير يقودنا إلى قصيدة للشاعر نفسه أشهر منها، بعنوان ((أبو إبراهيم ودّع عز الدين))، إلا أن هذه القصيدة لم تصدر بعد استشهاد القسام مباشرة، بل بعد عدة سنوات، وأحسب أنها في رثاء ((أبو إبراهيم الكبير)) القائد الأبرز في الثورة العربية الكبرى..

غير أن قصيدتين من البحر الكامل بزّت كل القصائد السابقة في رثاء القسام، كانت الأولى للشاعر صادق العرنوس نشرها في جريدة ((الجامعة الإسلامية)) في 15/12/1935، نختار منها:
من شاء فليأخذ عن القسام ........... أنموذج الجندي في الإسلام
وليتّخذْه إذا أراد تخلصاً ........... من ذلّة الموروث خير إمام
ترك الكلام ووصفه لهواته ........... وبضاعة الضعفاء محض كلام
هذا الفدائي الجواد بنفسه ........... من غير ما نزعٍ ولا إحجام
إنْ يَقْضِ عزالدين أو أصحابه ........... فالسرّ ليس تكلّم الأجسام
هيهات تنزع أو تهي أثارها ........... مهما استعان بمدفع وحسامِ
قل للشهيد وصحبه أديتمُ ........... حق الرسالة فاذهبوا بسلام

أما القصيدة الثانية، فقد جاءت رداً على بيان حكومة الانتداب الذي أعلن القضاء على عصابة من الأشقياء في أحراش يعبد، فهي للشاعر نديم الملاح بعنوان ((سمّوك زوراً..))، نختار منها:
ما كان ذودك عن بلادك عارا ........... بل كان مجداً باذخاً وفخاراً
سمّوك زوراً بالشقي ولم تكن ........... إلا بهم أشقى البرية دارا
قتلوا الفضيلة والإباء بقتلهم ........... لك واستذلوا قومك الأحرارا
أنكرت باطلهم وبغي نفوسهم ........... فاسترسلوا في كيدك استكبارا
ورأيت كأس الموت أطيب مورداً ........... من عيشة ملئت أذى وصغارا
خلصت إلى الديان روحك حرة ........... فحباك منه في الجنان جوارا.


بقيت هناك ملاحظتان لا بد من ذكرهما هنا قبل اختتام المقالة، هما: أن ما أوردناه من قصائد لا يتضمن إلا القصائد التي صدرت بعد استشهاد القسام مباشرة.
والملاحظة الثانية: أن طبيعة القسام فرضت نمطاً معيناً على القصائد (الدين، الأصولية، الجهاد، العمامة، الاستشهاد...)، لذلك فإن القصائد التي صدرت وقتها في الجرائد اتخذت صبغة إسلامية كانت بعيدة عن قصائد ذلك الزمان وأساليبها، ومردّ ذلك يعود إلى سعي القسام الدؤوب إلى إبراز وإثبات إسلامية حركته وجهاده، بشكل أعاد الإسلام إلى الواجهة الثورية، كما قال عنه أحد الشعراء:
لهفي على القسام لهفة دمعة........ تجري على خد اليتيم بلا انقطاعْ
فهو الذي سنّ الجهاد مجدداً ....... وأعاد –رغم الكل- تأصيل الصراعْ
 
يوم استشهاد القسام.. كيف رثاه الشعراء؟؟!!

يوم استشهاد القسام.. كيف رثاه الشعراء؟؟!!

ezzedeen.jpg

بقلم : ياسر عزام


بعد سبعين عاماً من استشهاد الشيخ عزالدين القسام، وبعد أن قدم المثقفون العرب الكثير عن حياته، أورد هؤلاء الكتّاب الشعر والأدب في عصر الشيخ القسام، ولكنهم لم يقرأوه بعين النقد، فجاء ذكر الأدب والشعر واستخدامهما في حركته عارضاً.. غير أننا لا نستطيع المرور كراماً على هذا الجانب، ولم يكن أصلاً يستطيع القسام تجاهل هذا الجانب لو أراد ذلك.

لم يكن يخفى دور الشعراء العاميين في التأثير على الفلسطينيين، بل كانت أبيات الزجل تنتشر في أسماع الناس أكثر من الإذاعات وعلى ألسنتهم أسرع من الأغاني، وكان الشعر الشعبي هو وسيلة الإعلام الأقوى، حيث كان في تلك الفترة بعض التجار يستخدمون شعراء الزجل للإعلان عن بضاعتهم، وقد ساهموا في ترويج البضاعة مثلما ساهم الشاعر العربي صاحب قصيدة ((قل للمليحة في الخمار السود)) في ترويج الخمار الأسود بين نساء ذلك العصر..

لقد أدرك القسام أهمية الدور الذي يلعبه الشعراء في فلسطين قبل انطلاق حركته، ونحسب أنه حصل إثر عملية الإعدام الشهيرة التي نفذها الاستعمار في 17 حزيران 1930، في ساحة سجن عكا، الإعدام الذي شمل بالشهداء الثلاثة محمد جمجوم وفؤاد حجازي وعطا الزير (وهم ممن كان يحضر دروسه في جامع الاستقلال).. فألقى القسام خطبة نذيرية دعا إلى اليقظة والجهاد والانتقام للشهداء.. وأبكت خطبته الناس وحمّستهم، غير أن أحداً من الناس لم يحفظها كما حفظوا حتى اليوم قصيدة نوح إبراهيم. وباعتقادي أنه شاهد تأثير هذه القصيدة التي يقول فيها شاعر القساميين نوح إبراهيم:
من سجن عكا طلعت جنازة
محمد جمجوم وفؤاد حجازي


رثاء شعراء فلسطين للقسام

لم يكن خبر استشهاد القسام ورفاقه خبراً عادياً، فقد صدرت الصحف العربية في فلسطين تحمل الخبر في العناوين الرئيسية..
ففي صبيحة يوم 22/11/1935 خرجت صحيفة الجامعة العربية بالعناوين التالية:
- حادث مريع يهزّ فلسطين من أقصاها إلى أقصاها..
- معركة حربية حامية الوطيس تسفر عن مقتل خمسة أشخاص وجندي إنكليزي..
- شخص يقتل خطأ.. بلاغ من الحكومة عن الحادث.. المصاحف في جيوب الشهداء.. شماتة الصحف اليهودية..
- جنازة حافلة للشهداء في حيفا، وبرقيات التعزية.. وفود فلسطين.. الحكومة تأسر خمسة أشخاص وتحقق معهم..

وفي الأعداد التي تلت هذا العدد من الصحف الفلسطينية، كانت تصدر القصائد الرثائية في الشيخ القسام ورفاقه، ففي 25/11/1935، صدرت أولى قصائد الرثاء في الشيخ الشهيد في جريدة الجامعة الإسلامية للشاعر حسان فلسطين اليعقوبي، وهي بعنوان ((قتلوك)) نقتطف منها التالي:
قتلوك، لا كانوا ولا كان الألى ........... ولّوا عليك، وما لهم من شأنٍ
لك في الحسين ومن إليه أسوة ........... فيما جناه عليك ذاك الجاني
إن كان أول من أصابوا مقتلاً ........... منه الحسين، فأنت عندي الثاني

كما صدرت في المجلة نفسها قصيدة ((شهيد فلسطين)) أطلق شاعرها على نفسه لقب ((الصارخ))، وقصيدة أخرى بعنوان ((شهيد الوطن الخالد)) لواصف عبد الرحمن من نابلس وذلك في 27/11/1935.
ونشرت جريدة الدفاع قصيدة للأديب الفلسطيني (ابن خلدون) بعنوان ((يا رحمتنا))، نقتطف منها الأبيات التالية:
ما بين أرضِك أو سمائك .. آيٌ تتيه بكبريائكْ
قد حاولوا غمز الإباء وما دروا مغزى إبائكْ
قد ثرتَ تعلم أن ما تبغيه صعبٌ جد شائكْ
آثرت لقيا الله لما ضقت ذرعاً في قضائك
بين المهابة والجلالة سار ركبك والملائك
ولقد صمتّ فكان صمتك فيه معنى من وفائك
ما اخترت إلا ما يشرّف في ختامك وابتدائك

وقد أورد صاحب كتاب ((جهاد شعب فلسطين)) قصيدة للشاعر فؤاد الخطيب منها:
أولت عمامتك العمائم كلها ........... شرفاً تقصّر عنده التيجان
يا رهط عز الدين حسبك نعمة ........... في الخلد لا عنتٌ ولا أحزان
شهداء بدر والبقيع تهللت ........... فرحاً، وهشّ مرحّباً رضوان

أما شاعر حركة القسام نوح إبراهيم فنظم قصيدة بالعامية بعنوان ((عز الدين يا خسارتك)):
عز الدين يا خسارتك ........... رحت فدا لأمتك
مين بينكر شهامتك ........... يا شهيد فلسطين

جمعت رجال من الملاح ........... من شريت سلاح
وقلت هيا للكفاح ........... لنصر الوطن والدين

واقرأوا الفاتحة يا إخوان ........... عا روح شهيد الأوطان
وسجل عندك يا زمان ........... كل واحد منا عز الدين

البيت الأخير يقودنا إلى قصيدة للشاعر نفسه أشهر منها، بعنوان ((أبو إبراهيم ودّع عز الدين))، إلا أن هذه القصيدة لم تصدر بعد استشهاد القسام مباشرة، بل بعد عدة سنوات، وأحسب أنها في رثاء ((أبو إبراهيم الكبير)) القائد الأبرز في الثورة العربية الكبرى..

غير أن قصيدتين من البحر الكامل بزّت كل القصائد السابقة في رثاء القسام، كانت الأولى للشاعر صادق العرنوس نشرها في جريدة ((الجامعة الإسلامية)) في 15/12/1935، نختار منها:
من شاء فليأخذ عن القسام ........... أنموذج الجندي في الإسلام
وليتّخذْه إذا أراد تخلصاً ........... من ذلّة الموروث خير إمام
ترك الكلام ووصفه لهواته ........... وبضاعة الضعفاء محض كلام
هذا الفدائي الجواد بنفسه ........... من غير ما نزعٍ ولا إحجام
إنْ يَقْضِ عزالدين أو أصحابه ........... فالسرّ ليس تكلّم الأجسام
هيهات تنزع أو تهي أثارها ........... مهما استعان بمدفع وحسامِ
قل للشهيد وصحبه أديتمُ ........... حق الرسالة فاذهبوا بسلام

أما القصيدة الثانية، فقد جاءت رداً على بيان حكومة الانتداب الذي أعلن القضاء على عصابة من الأشقياء في أحراش يعبد، فهي للشاعر نديم الملاح بعنوان ((سمّوك زوراً..))، نختار منها:
ما كان ذودك عن بلادك عارا ........... بل كان مجداً باذخاً وفخاراً
سمّوك زوراً بالشقي ولم تكن ........... إلا بهم أشقى البرية دارا
قتلوا الفضيلة والإباء بقتلهم ........... لك واستذلوا قومك الأحرارا
أنكرت باطلهم وبغي نفوسهم ........... فاسترسلوا في كيدك استكبارا
ورأيت كأس الموت أطيب مورداً ........... من عيشة ملئت أذى وصغارا
خلصت إلى الديان روحك حرة ........... فحباك منه في الجنان جوارا.


بقيت هناك ملاحظتان لا بد من ذكرهما هنا قبل اختتام المقالة، هما: أن ما أوردناه من قصائد لا يتضمن إلا القصائد التي صدرت بعد استشهاد القسام مباشرة.
والملاحظة الثانية: أن طبيعة القسام فرضت نمطاً معيناً على القصائد (الدين، الأصولية، الجهاد، العمامة، الاستشهاد...)، لذلك فإن القصائد التي صدرت وقتها في الجرائد اتخذت صبغة إسلامية كانت بعيدة عن قصائد ذلك الزمان وأساليبها، ومردّ ذلك يعود إلى سعي القسام الدؤوب إلى إبراز وإثبات إسلامية حركته وجهاده، بشكل أعاد الإسلام إلى الواجهة الثورية، كما قال عنه أحد الشعراء:
لهفي على القسام لهفة دمعة........ تجري على خد اليتيم بلا انقطاعْ
فهو الذي سنّ الجهاد مجدداً ....... وأعاد –رغم الكل- تأصيل الصراعْ
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
العودة
Top Bottom