°+°كتابة المسرحية°+° ارجوووكم يا اساتدة وياتلميد المسسسسساعدة))

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

kikina

:: عضو مُشارك ::
إنضم
4 ديسمبر 2008
المشاركات
280
نقاط التفاعل
0
النقاط
6
°+°كتابة المسرحية°+° ارجوووكم يا اساتدة وياتلاميد المسسسسساعدة))

السلام وعليكم
.
.:crying::crying::crying::crying::crying::crying:
طُلب منا درس المسرحية مثل أي حوار بين أشخاص يستطاع تمثيله ويتكون من عدة مشاهد
أريد منكم كتابة مسرحية مصغرة تصلح كنموذج لمادة التعبير وجزاكم الله خيراً
 
كي حواست في google لقيت نصوص مسرحية حبيت نحطها بلاك تفادوا منها

ليلة ماطرة في دار السلام


اقتباس وإعداد عبد الفتاح قلعه جي*

عن نص ليلة في لينينغراد
للكاتب الروسي قسطنطين باوستوفسكي


الشخصيات



- فاضل شاب من رجال المقاومة
- أمين شاب من رجال المقاومة
- حياة فتاة دون الخامسة عشر من عمرها
- نعمان بشير ملحن موسيقي
- مصطفى مهندس عجوز
- ظلال أسرة





* قدمت هذه المسرحية فرقة عبد المنعم رياض المسرحية بحلب في آذار 2005

مدخــل

يسمع في الظلام موسيقى شهرزاد / ألف ليلة وليلة، لكورساكوف. ينعكس على شاشة كبيرة في عمق المسرح ظلال لمدينة بغداد برموزها التاريخية، ويتعانق فيها الواقع بالأسطورة. تستمر الموسيقى فترة ثم يختلط معها صوت إنذار بغارة، ويتلوها صوت قصف بقنابل هائلة الحجم ، انفجارات في خلفية المسرح وومضات ضوئية تختلط مع استمرار القصف بتكبيرات من المآذن وقرع نواقيس الكنائس ثم يتلاشى كل شيء ويسود الظلام وصوت الريح.

المشهد الأول


الوقت: قبيل المغرب / المكان: طريق
في الجانب الأقصى والأيسر الأمامي من الخشبة ، بقعة ضوء على فتاة في الثانية عشرة من عمرها ، ذات جدائل طويلة مصفرة الوجه ومتعبة من الريح ، تحمل في يدها رغيفاً من الخبز . تتوقف وكل الدلائل تشير إلى أنه سيغمى عليها. الفتاة تسقط على الأرض ببطء ويقع الخبز من يدها ويسقط إلى جانبها . يسمع وقع أقدام . يدخل اثنان من المقاومين هما فاضل وأمين ، يحملان البنادق ينحنيان على الفتاة )
فاضل : (يهز الفتاة بهدوء من كتفها ) إنها تتنفس ، إنها فاقدة الوعي فقط .
أمين : (يرفع قطعة الخبز وينظفها بكمه ) غريب ، جميع الأطفال يأكلون خبزهم حتى قبل أن يخرجوا من المخبز ، أما هي فلم تأكل منه شيئاً . يبدو أن أهلها قساة لا يسمحون لها بتناول الخبز إلا أمام أعينهم، والأطفال يعجبهم الخبز المقمر الساخن من الفرن .
فاضل : دع الفلسفة جانباً ، علينا أن نحملها إلى البيت فهي ستتجمد هنا من البرد، والسماء تنذر بالمطر (المقاومان يرفعان الفتاة ، تتنهد وتفتح عينها وتنظر بنوع من الذنب نحو المقاومين )
حياة : (بصوت خافت جداً ) هذا يحدث لي للمرة الأولى ، يجب أن أذهب.
فاضل : هل تسكنين بعيداً ؟
حياة : كلا . هنا في هذه الحارة .
فاضل : هيا بنا ! ( يقود الفتاة وهو يسندها من كتفها ، أمين يمسك الخبز بيده ويسير في المؤخرة )
(إظلام)



المشهد الثاني


( غرفة ذات نافذتين عاليتين .. أثاث قديم . أبواب مزخرفة . على الجدران علقت لوحات محاطة بإطارات ذهبية . عود معلق على الحائط . أريكة قديمة وبجانبها مدفأة حديدية. على الأرض وبجانب المدفأة مجموعة من الكتب . خلف النافذة يبدو نهر دجلة ، وأبنية مهدمة . كل شيء محاط بجو شتائي قارس ومضاء بنور خفيف . المقاومان يدخلان الفتاة إلى الغرفة. فاضل يضعها على الأريكة . الفتاة ترتمي على الزاوية وتلف نفسها بمنديل . أمين يضع الخبز بجانب الفتاة ويجلس بقرب المدفأة . )
فاضل : هل حولتم مدفأة المازوت إلى مدفأة على الحطب ؟
حياة : لا يوجد وقود .. والكهرباء مقطوعة ..
(فاضل يهم بإلقاء كتاب داخل المدفأة ولكنه في الحال يستعيده ويبدأ بتصفحه )
أمين : مغامرات سندباد .. آه كتاب ممتع .. ألا توجد هنا أشياء مشابهة ؟ ( يبحث بين الكتب ويقرأ العناوين) ليلى والذئب، سندريلا ، أليس في بلاد العجائب.
حياة : احرقها فقد قرأتها كلها .. عدة مرات .
أمين : شيء مؤسف . ربما توجد كتب سيئة للحرق ( تهز الفتاة رأسها بالنفي ) آه من المؤسف أن تضيع هذه الكتب في النار ( يأخذ كتاباً سميكاً يقرأ) أمريكا رسول الديمقراطية إلى العالم .. أوه هذا كتاب يصلح للمدفأة ( يرمي الكتاب في المدفأة ) لم تقولي ما اسمك يا فتاة ؟
حياة : حياة ..
أمين : حياة اسم جميل ..وأنا أمين وصديقي اسمه فاضل .. يجب أن تشربي شيئاً ساخنا.ً لابد أن نطمئت عليك قبل أن نذهب للسير بجانب نهر دجلة فنحن في مهمة .
فاضل : سأقوم أنا بالخدمة، أين الإبريق؟
حياة : الإبريق هناك عند النافذة.
فاضل : ( يأخذ الإبريق ) سأملؤه ماء .. أين المطبخ ؟
حياة : المطبخ من هنا ( يخرج فاضل ، أمين يتجول في الغرفة ويتأمل اللوحات )
أمين : هل والدك رسام ؟
حياة : كلا .. ليس رساماً ..
أمين : إن لم يكن رساماًُ فإنه فنان وذوقه رفيع حتى يقتني مثل هذه اللوحات الجميلة لا شك أنك تفخرين بوالدك ( الفتاة تصمت ،تحزن ، تمسح دمعة ) آسف .. هل قلت ما يحزنك يا صغيرتي ؟ ( يدخل فاضل ويضع الإبريق على المدفأة) توجد لوحات كثيرة هنا وتقول إن والدها ليس رساماً !
فاضل : ( يتناول العود ) لا بد أن والدك موسيقي .. العود صنع في حلب .. قديم وصناعته ممتازة وخشبه من النوع النادر .
حياة : كلا ليس موسيقياً .
فاضل : من هو والدك إذاً .. وماذا يعمل .. وأين هو ؟ (تدير وجهها وتمسح خفيةً دمعة حزن ثم تلتفت )
حياة : أنا وحيدة .. هذا ليس بيتي .. هنا يعيش الملحن الموسيقي نعمان بشير .
أمين : ( يلتفت نحو فاضل ) هل تسمع ؟ آلاتي .. هذا من اختصاصك.
حياة : ( تبتسم بضعف ) وماذا تعني بكلمة آلاتي ؟
أمين : هذا تعبير شعبي عند العامة ..يعني موسيقار.
فاضل : حاول أن تكف عن الثرثرة ( يرفع غطاء إبريق الشاي ) سيبدأ الماء بالغليان .. أين الشاي ؟
حياة : لا يوجد شاي .. لقد نفذ الشاي منذ أسبوع .
فاضل : لا بأس، الماء المغلي يفيدك .. هل نعمان بشير قريبك.. عمك؟ خالك؟
حياة : كلا .. إنه ليس من أقربائي، كنت أعيش في الشقة المجاورة ( صمت .. تكاد تغص بالكلمات ) ذهبوا كلهم .. وبقيت وحيدة .. فدعاني الأستاذ نعمان إلى العيش معه .
فاضل : ذهبوا ؟! أين ذهبوا حتى تركوك وحيدة ؟ ( صوت إنذار بغارة .. صوت طائرة .. قصف .. انفجار .. الفتاة تتكوم على نفسها وهي متألمة وخائفة ) هل أنت خائفة؟
حياة : كلا.. ولكن أخاف على العم نعمان، أخشى أن يصيبه مكروه.
أمين : (يهرع إلى النافذة ) إنهم يقصفون الحي الشرقي في الكرخ .
فاضل : عليهم اللعنة .. وهل بقي حي لم يقصف ؟ والمدينة محاصرة ( يمسك بكفي حياة) لا تخافي نحن معك ( يتوقف القصف ) سيعود الأستاذ نعمان، أنا متأكد، اطمئني،( يجمع كفيها في كفيه وينفخ فيهما بفمه ليدفئهما) يداك باردتان ( لأمين ) صب لها كأساً من الماء المغلي المحلّى بالسكر( يصب لها أمين ) سأعزف لك لحناً (يتناول العود )
حياة : (تهدأ وتشرب الماء المغلي ) من أين عرفت ؟
فاضل : عرفت ماذا ؟!
حياة : أن هذا العود من حلب .
فاضل : لي دراية بسيطة بهذه الأمور ( يلاحظ وهو يحمل العود وجود نوتات موسيقية على الطاولة ، يحملها بحذر )
حياة : (بخوف ) لا تلمسها .. إنها مخطوطات .
فاضل : أعرف ذلك ..(يقرأ) سيمفونية دار السلام .. لا يوجد لدي وقت وإلا حاولت عزفها .
حياة : وما هي دار السلام ؟
فاضل : هذا هو الاسم التاريخي لبغداد .. هذه مدينة من مدن ألف ليلة وليلة، هل قرأت كتاب ألف ليلة يا حياة؟
حياة : كلا..
فاضل : يجب أن تقرئيه، إنه كتاب رائع. يوجد عندي نسخة سأحضرها لك، ورحلات سندباد واحدة من أجمل قصص ألف ليلة وليلة.كان سندباد عندما يعود من رحلاته ويصل إلى بغداد يقول : ووصلنا دار السلام بأمان .
حياة : ولماذا سمّوها دار السلام؟
فاضل : لأن الخليفة العباسي أبا جعفر المنصور عندما اختطها وبناها أرادها أن تكون داراً للسلام. وكانت حقاً مركز العالم في الحضارة والسلام.
أمين : عن أي سلام تتحدث ؟ عما قريب سيبدؤون بعزف موسيقاهم الجهنمية . دعنا نذهب .
فاضل : لا بد أن أعزف لحياة لحناً قبل أن نذهب (لأمين ) أشعل الشموع قبل أن يحل الظلام (أمين يشعل الشموع الموزعة في الغرفة وفاضل يعزف )
( يفتح باب الغرفة ، يدخل رجل عجوز هو مصطفى يحمل لوحة مخطوطة بخط كوفي قديم غير منقط ، مكتوب فيها .." إن مع العسر يسرا" . يرفع الغطاء عنها ويضعها جانباً . يخلع نظارته ويمسح عنها الغبار ثم ينظر إلى فاضل .. فيتوقف عن العزف . ينهض ويحمل بندقيته )
مصطفى : أرى أشياءً غريبة في هذه الغرفة .. غريبة جداً .. كيف دخلتما إلى هنا أيها الشابان ؟
أمين : عفواً أستاذ نعمان .. لقد أغمي على الفتاة في الشارع فأحضرناها إلى هنا .
مصطفى : أنا لست نعمان بشير .. أنا جاره المهندس مصطفى .. شكراً لمساعدتكما للفتاة .. إنها طيبة جداً (يلتفت نحو فاضل ) إنك تعزف بشكل جيد .. ويمكن القول إنك عظيم .
فاضل : (بخجل واضح ) أعزف على قدر استطاعتي .
مصطفى : (يتنهد ) نعم . في الأيام الماضية كانت الجيوش تسير نحو المعركة تحت أصداء الموسيقى، وبخاصة موسيقى القرب والآلات النحاسية، وهذا يعني الكثير .. ألا تعتقد ذلك ؟
فاضل : طبعاً .
مصطفى : لم تعد هذه الأشياء ممكنة في أيامنا للأسف .
أمين : الموسيقى ترفع المحارب إلى الأعالي .. آه .. عندما تسمع أصوات الموسيقى والأناشيد الحماسية .. ما نفع الحديث الآن؟ فلنذهب يا فاضل .
فاضل : فلنذهب ( يضع العود على الطاولة ، أمين يأخذ من حقيبته رغيف الخبز وهو حصته من الطعام وبدون أن يلاحظه أحد يضعه على الأريكة بجانب الفتاة. المقاومان يتجهان نحو الباب )
أمين : (يتوقف عند اللوحة ويلتفت نحو العجوز ) أرى أشياءً غريبة في هذه الغرفة .. غريبة جداً .
مصطفى : (بخوف ) ما هي ؟
أمين : هذه اللوحة، خط قديم لا أستطيع قراءته ..
مصطفى : (يقرأ اللوحة) "إن مع العسر يسرا ً" هذا نموذج للحرف العربي قبل أن توضع النقاط على الحروف.
أمين : من أين أخذت هذه اللوحة ؟ أرجو أن لا تكون سرقتها .
مصطفى : أنا لم أسرقها .. لقد قصفوا الجامع الكبير في الحي الشرقي .. خفت أن تضيع في الركام .. فأحضرتها إلى هنا . في غرفتي لا يوجد مكان لها .. فقد ملأتها بمثل هذه القطع . أخاف أن تضيع فهي كما تعرف أشياء ثمينة ..ويجب أن تعود إلى مكانها بعد أن تنتهي هذه الحرب ثم إني أحتاجها الآن.
أمين : لماذا تحتاجها ؟
مصطفى : كيف لماذا؟ لقد أفهمتك أنني مهندس. وأنا باحث في الخطوط والآثار أيضاً.. لقد ألفت كتاباً في هذا الموضوع. أنا أعرف قيمة هذه القطع جيداً. ولهذا أحاول المحافظة عليها من أجل المستقبل.
أمين : ( لنفسه) إنسان غريب.
مصطفى : نعم من أجل المستقبل. فمن جديد سوف تنهض بغداد بكل عظمتها فوق نهر دجلة.. ألا تؤمنان بذلك أيها الشابان.
فاضل : كلنا نؤمن بهذا .
أمين : مفهوم تماما ً .. الوداع
فاضل : لحظه من فضلك أستاذ مصطفى ( يأخذه جانبا ً ) ما قصة هذه الفتاة ... قالت إن أهلها ذهبوا كلهم وتركوها وحيدة ... وأين ذهبوا ؟
مصطفى : إنها لا تذكر شيئا ً ... أو لا تريد أن تتذكر، دعها وشأنها .. لقد قصفت دارهم وقتل أهلها جميعهم ... أمها وأبوها وإخوتها ... وانتشلناها من تحت الأنقاض بعد يومين، كان أبوها مدرّسا للتاريخ ... إنها لا تتذكر شيئا ً وقد أسميناها حياة.
فاضل : عليهم اللعنة ... يريدون أن يدمروا الحياة ولكن الحياة ستستمر(يخرج المقاومان)
مصطفى : حياة.. أين الأستاذ نعمان بشير ؟
حياة : ذهب للعزف في معهد المعوقين ... إنه حريص على موعده الأسبوعي معهم .
مصطفى : اشربي الماء المغلي ... لم أستطع الحصول على الشاين وأخشى أن ينفد السكر أيضاً (صمت) أنت ضعيفة جدا ً يجب ترحيلك من هنا .. هذا المكان خطر جدا ً على حياتك يا ابنتي .
حياة : لن أذهب إلى أي مكان آخر ، لا تحدثني عن هذا أبدا ً يا عم مصطفى (تبكي بهدوء )
مصطفى : لن أحدثك .. لن أحدثك .. استريحي قليلاً ( يذهب نحو الباب ويحمل اللوحة) سأعود الآن وسأدعك تشربين الماء المغلي ( يخرج. صوت صفير من بعيد)
الفتاة : ( تصغي) آه..لعله قادم
(تنهض بسرعة وتصطدم برغيفي الخبز . تصرخ الفتاة من الفرح وترفعهما بيدها . انفجار خلف النافذة .. في الظلام خلف دجلة يرى ضوء غير واضح)
حياة : (تهمس ) رغيفان من الخبز ! من أين أتى الرغيف الثاني (تقسم قطعة من رغيف الخبز وتضعها في جيبها ، تنهض وتتقدم من العود ، ترفعه وتضع تحته رغيف الخبز ثم تستعيده ) لا.. ربما لا يستعمل العود في التأليف الموسيقي ، سأضعهما بين المخطوطات ( تضع الرغيفين بين المخطوطات ) هكذا سيجد الخبز بسرعة. ( يدخل مصطفى )
مصطفى : مرة أخرى .. قنبلة ذات مدى بعيد . لقد انفجرت قرب الجسر .. هيا يا حياة دعينا نشرب الماء المغلي . (تعود الفتاة نحو الأريكة ،يسكب العجوز الماء المغلي في كأسين ويبدأ الشرب ) آه يا حياة .. لقد أكلت رغيفي من الخبز في الفرن .. لم أستطع الصمود . لقد كبرت وضعفت إرادتي وتغيرت
حياة : ( تخرج من جيبها قطعة الخبز وتناولها له ) تفضل يا عم مصطفى.
مصطفى : وأنت ؟
حياة : أنا لا أريد. ما عندي شهية للطعام.
مصطفى : ( يأخذ قطعة الخبز ويقسمها إلى قسمين ويعطي قسمها الآخر لحياة وهو يحاول تقليدها ) لا أريد .. لا أريد .. ربما أنت أيضاً أكلت خبزك في الشارع .
حياة : أكلت يا عم مصطفى .
مصطفى : وربما أيضاً أكلت بعضاً من خبز الأستاذ نعمان .. ولكن لا تغضبي . وبالمناسبة من الخطأ أن نأخذ حتى حبة قمح من نعمان .
حياة : أعرف ..
مصطفى : أنت لا تعرفين شيئاً .. أنت لا زلت صغيرة .. لا تفهمين هذه الأشياء .. إنه يكتب سيمفونية عن بغداد المحاصرة . هذه السيمفونية يجب أن تعزف في جميع الإذاعات المرئية والمسموعة والمحطات الفضائية وأن توزع اسطوانتها على كل مقاتل وفي كل بيت .. يجب أن يسمعها كل العرب .. وكل العالم .
حياة : أعرف.. إني أسمعه كل ليلة وهو يعزف .
مصطفى : يا حياة .. في هذه السيمفونية يصور حبنا ونضالنا وقوتنا وفخرنا ، يصور بغداد عاصمة الدنيا في العصر العباسي .. في هذه السيمفونية يا حياة ستقرئين جلجامش وسومر وآشور وبابل .. حكايات عظيمة لم يعرف مثلها تاريخ الشعوب. وهذه السيمفونية في أي ظروف يكتبها !! في هذه الغرفة الباردة أمام قطعة من الخبز والماء المغلي تحت أصوات الانفجارات والموت . تعلَّمي كيف تصبحين قوية يا حياة .
حياة : (بهدوء) أعرف .. قل لي يا عم مصطفى تلك الأشياء التي يُكتَبُ عنها في الأساطير هل تحدث في الحياة ؟
مصطفى : هذا يعتمد على ما يُكتب.
حياة : إذاً فكيف يمكن أن يظهر في هذه الغرفة فجأة رغيف من الخبز لم أحمله معي من الفرن كما في أسطورة العصفور الأزرق ؟
مصطفى : ولماذا التعجب ؟ يمكن أن يحدث هذا ، لقد عشت خمسين سنة يا حياة وأنا الآن أصدق كل شيء
حياة : لا بد أن هنالك ملاكاً في السماء قد ألقي إلَّي رغيفاً من الخبز من النافذة ولكن النافذة مغلقة .. آه .. كيف أفسر هذا الأمر يا عم مصطفى .. لقد أحضرت من الفرن رغيفاً واحداً وها أنا ذا أرى على الأريكة رغيفين .
مصطفى : لقد نعستِ يا ابنتي .. وبدأتِ تخلطين في الكلام .. نامي يجب أن تستريحي حتى يعود نعمان.
(تخفت الأضواء وتبقى الشموع مشتعلة ، يخرج مصطفى، حياة تتكىء على جانب الأريكة وتلتف بمعطف ومنديل.
موسيقى حزينة، ظلال على الشاشة لأسرة حياة: في الطرف الأيمن من الشاشة الأب يحمل كتاباً، الأم تحمل رضيعاً، طفل بجانبها متعلق بذيل ثوبها. في الطرف الآخر من الشاشة ظل حياة.
تشتد الموسيقى وتصبح صاخبة ثم تخف، يرفع الأب والأم والطفل أيديهم ملوحين مودعين ثم ينسحبون رتلاً من طرف الشاشة. ترفع حياة " الظل" يدها مودعة، وترفع حياة يدها وهي نائمة يدها أيضاً بشكل تلقائي وكأنها تودعهم.
صوت حياة : بابا.. ماما ( تخبو الأضواء على الظلال)
(إظلام)

المشهد الثالث


( ليل .. الستائر مسدلة على النوافذ .. المدفأة موقدة ... الفتاة نائمة على الأريكة وهي ملتفة بمعطف ومنديل ... أصوات انفجارات .. وبعد كل انفجار تتأرجح شعلة النار في المدفأة . صوت صفير خارج النافذة.. يدخل نعمان .. رجل عجوز متعب الوجه .. يفك لفحته .. يخلع قبعته فيبدو شعره الأبيض )
نعمان : ( ينفض حبات المطر عن ثيابه يقترب من المدفأة ) لقد تبللت ثيابي بالمطر .. لقد أحرقت هذه الغبية كل المكتبة ( ينهض ويقترب من العود يرفعه ، يجلس، يفكر قليلا ً ثم يبدأ العزف ) حركة جميلة يجب أن أدونها ( ينهض يأخذ قلما ً ويقلب المخطوطات ) ما هذا ؟ .. ( يخرج الخبز من المخطوطات ) رغيفان من الخبز ؟ .. خبز رائع ... من وضعه هنا ..( يبدأ في الأكل .. يمد يده إلى جيبه فيخرج قطعة من السكر ) وقطعة السكر هذه من وضعها في جيبي يا ترى ؟!.. أشياء غريبة تحدث هنا في هذه الغرفة .. هل أنت نائمة يا حياة ؟ ( حياة لا تجيب ) شكرا ً لمن وضع الخبز هنا على كل حال .. سيكفيني الخبز طوال الليل .. ( يطفئ النار ثم يرفع الستار .. تتلألأ بعض الأضواء خلف النافذة ) هل هو البرق أم انفجارات من بعيد ( يجلس ويبدأ بالعزف .. ترفع الفتاة رأسها بحذر وتصغي ... موسيقى حزينة تملأ جو الغرفة وتسمع الانفجارات من الخارج .. نعمان يستمر في العزف .. تنهض الفتاة وتجلس قرب المدفأة وترمي فيها الكتب بحذر وتصغي، يدخل العجوز مصطفى وهو يمشي على أطراف أصابعه نحو المدفأة ، يتوقف ثم يبدأ في الإصغاء )
مصطفى : ( بهدوء ) تعلَّمي كيف تصبحين قوية يا حياة .
نعمان : ( يتوقف عن العزف ثم ينظر حوله ) من وضع الخبز بين المخطوطات ؟
حياة : لا أعرف .. ( تخبو أنوار الغرفة إلا من الشموع ، حياة ومصطفى في وضعية التثبيت ، ونعمان مستمر في العزف )


المشهد الرابع


الوقت: ليل. المكان: طريق
(بقعة ضوء على المقاومين فاضل وأمين في الجانب الأقصى الأمامي والأيمن من الخشبة، يقفان ويصغيان في الليل، لا زالت تسمع أصوات الانفجارات وهدير الطائرات مختلطة بصوت المطر)
فاضل : ( يمسك بأمين من يده ) انظر يا أمين.. هل تسمع ؟
أمين : أسمع .. مطر وموسيقى .( المقاومان يصغيان ، من بعيد تسمع الموسيقى ) من أجل هذا يا فاضل أنا أحب بغداد.
فاضل : من أجل ماذا يا أمين ؟
أمين : المحنة على أشدها .. حرب وظلام ومطر .. ومع ذلك ينبض قلب بعنف ... وسوف ينبض بقوة أكثر .. اسمع العزف على العود ( يصغيان )
فاضل : ( يشير بأصبعه نحو البعيد ) انظر .
أمين : ماذا هناك ؟
فاضل : انظر إلى الجسر على نهر دجلة .. ألا ترى ؟
أمين : أرى رجال المقاومة يتحركون بسرعة ويقفزون بين الخنادق وفوق السواتر والجدران .
فاضل : هذه مدينة لا تنام على ضيم .
أمين : آه ... ما أعظم هؤلاء .. إني لأحزن عليهم يا فاضل .
فاضل : ( بغضب ) أتحزن لأنهم يدافعون عن حرية هذا الوطن .. بعد الحرب سوف تتذكر هذا الحزن يا صديقي .
أمين : لم أقصد ذلك .. أنت أيضا ً موسيقي، شيء مؤسف أنهم لا يستمعون إلى هذه السيمفونية .. سيمفونية دار السلام ... لو استمعوا إلى هذه الموسيقى لأصبحت قلوبهم تغلي كالمراجل .
فاضل : هذا إذن ما فكرت فيه ... شيء مؤسف حقا ً ... من المؤكد أن قلوبهم ستتقد ناراً.
أمين : لدي فكرة يا فاضل ( يهمس في إذن فاضل ، فاضل يضحك ، يخرج أمين من جيبه علبة لحم ويرميها لفاضل ) بهذه سوف نذهب إليه .. فبدونها سنشعر بالحرج كما تعرف ( يخرجان ) .
(إظلام)

المشهد الخامس


( غرفة نعمان ، نعمان يعزف بهدوء شديد .. قرع على الباب ، نعمان يستمر في العزف ، الفتاة تنظر بخوف نحو الباب )
مصطفى : ( يتجه نحو الباب ) الحراس.. لقد كان هذا أمرا ً متوقعا ً .. قلت لكم إن نار المدفأة ترى من الشارع ... ألم أقل ذلك ؟ ( يخرج ، نعمان يتوقف عن العزف وينهض. يسمع وقع أقدام وأصواتاً مبهمة ، يفتح الباب بقوة ) تفضلا أيها الشابان، الأستاذ نعمان بشير هنا .( يدخل المقاومان ويتوقفان عند الباب ، أمين يحمل بيده علبة اللحم )
أمين : (يبدو أنه مضطرب في التعبير) تفضل ... الفتاة عندكم ضعيفة ... طبعا ً هذا مفهوم ... لقد انتهت نوبتنا ... يوجد عندنا وقت الآن ... وهذه الليلة شاتية ... إنها تمطر في الخارج.. وهناك رياح وبرد..وبغداد لم تنم هذه الليلة(ينتبه إلىالعلبة في يده) أوه .. وهذه العلبة ( نعمان ينظر بتعجب إلى الشابين )
فاضل : ( يدفع أمين من ظهره ويخطف منه العلبة) بماذا تثرثر يارجل، دخت ودوّخت البنت ودوّختنا معك ... هكذا يجب أن تفعل ... تفضلي بقبول العلبة ( يقترب من الفتاة ويناولها العلبة ، الفتاة تأخذها منه وهي مضطربة ) مرتديلاّ من لحم الغنم الفاخر، أرجو أن تعجبك.
حياة : ( خجلة) شكراً.
أمين : كنت سأفعل ذلك، ولكنك لم تمهلني. ولكن لن أفوِّتها لك، ولن أدعك تسبقني (يخرج من جعبته كتاباً ويعطيه للفتاة) تفضلي بقبول هذا الكتاب.
فاضل : ما هذا؟
أمين : (مقلداً في سخرية) ما هذا.؟ تعد وتنسى وعودك، وعليّ أنا أن أنفِّذ ما وعدت. (للفتاة) هذا كتاب ألف ليلة وليلة أحضرته لك من مكتبتي، اقرئيه، ولكن لا تلقيه في المدفأة بعد أن تقرئيه، فبغداد كلها في هذا الكتاب.
نعمان : (في استغرابً) يبدو أنكما شابان لطيفان، هل أتيتما إلى هنا من قبل .
أمين : نعم .. أغمي عليها في الشارع فأحضرناها إلى هنا ... يمكن القول إننا تعارفنا منذ زمن طويل .
فاضل : كانت خارجة من الفرن تحمل رغيفاً واحداً. كانت جائعة ومتعبة.
نعمان : آه ... إذن فالخبز الذي وجدته بين مخطوطاتي منكم .
مصطفى : ( يهمهم ) أية أشياء غريبة في هذه الغرفة ... أشياء غريبة .( الفتاة تخفي رأسها وتعبث بمنديلها )




 
أمين : أنا لم أضع رغيف الخبز بين المخطوطات ... لقد وضعته على الأريكة ... أجل هذا ما فعلت ولا يمكن أن أخفي ذلك (حياة تنظر إلى أمين بارتباك وتبتسم له )
حياة : وكنت أعتقد أن أحد الملائكة قد رمى لي بالرغيف الثاني من النافذة .
نعمان : حياة ! ... أنت إذن يا صغيرتي وضعت لي الخبز بين المخطوطات وحرمت نفسك .
حياة : أنا يكفيني القليل من الخبز مع الموسيقى أما أنت فحياتك أكثر أهمية ... إنها ملك لبغداد..دارِ السلام (لفاضل) ألا يسمونها أيضاً دار السلام( الفتاة تحني رأسها ، يتجه نعمان نحوها )
أمين : أستاذ نعمان.. سنطلب منك أمراً قبل أن نذهب، نرجو أن تلبيه.
نعمان : وما هو هذا الأمر ؟.. ( يقترب أمين من نعمان ويهمس في أذنه، نعمان يبتسم ويهز برأسه ) تدثري جيدا ً يا حياة ( يقترب من النافذة ويفتحها بنشوة ، يسمع صوت المطر والريح )
مصطفى : ( يصرخ بخوف ) نعمان هل جننت؟.. إنها العاصفة والمطر!
أمين : ً لا تقلق أيها العم ... سنشعل المدفأة حتى نحافظ على حرارة البيت، توجد قضية مستعجلة كما ترى .
فاضل : هناك قضية مهمة حقا ً يا مهندس مصطفى ... يجب أن تسمع بغداد ويسمع العالم كله موسيقى دار السلام ( نعمان يحتضن العود ، حياة تلف نفسها بالمنديل تقف في منتصف الغرفة وتنظر نحو نعمان بخوف ، يسمع وقع أقدام من الشارع ، نعمان يبدأ العزف وتملأ الغرفة الأصوات الاحتفالية، المقاومان ينظران من النافذة ويبتسمان ، يقفان بجانب النافذة بحيث لا يراهم أحد من الشارع وينظران )
أمين : أسمع بغداد كما لو أنها تسير في الهواء ... خطواتها غير مسموعة ( صوت انفجار من بعيد ثم صمت )
فاضل : فليضرب الغزاة على طبول جهنم ... وليرمِ هولاكو ما يشاء ومن شاء في دجلة حتى يجري ماؤه بالأسود والأحمر ...من هنا مر طغاة التاريخ وزالوا كأن لم يكونوا بالأمس، وبقيت مراكب الحضارة تبحر في دجلة والفرات. أين العمالقة وأبناء العمالقة؟ أين الفراعنة وأبناء الفراعنة؟ أين عاد وثمود؟ مضى هولاكو وبقيت بغداد. مضى تيمورلنك وبقيت دمشق. فهل من يسأل الوالغين في الدماء أين المفر إذا استيقظت في غلس الصبح الدماء ( صوت قصف) هم يعزفون لحن الموت، أما نحن فسنعزف لحن الحياة ( يركع أمام حياة ويمسك يديها ) أيتها الطفلة الطالعة من بين الركام، أيتها الذاكرة


 
المفقودة ستكبرين وتذكرين أن بغداد مدينة لا تموت.
( يخرجان ويستمر نعمان في العزف قليلا ً ثم يتوقف ويغلق النافذة ، مصطفى يغذِي النار في المدفأة، نعمان يقترب من الفتاة يرفع رأسها وينظر في عينيها الدامعتين )
نعمان : الآن فهمت لماذا أجد كل يوم الخبز بين مخطوطاتي أو السكر في معطفي ... إذن أنت يا حياة ؟.. (الفتاة لا تجيب ) وأنت يغمى عليك في الشارع من الجوع. ( يضم الفتاة نحوه ويعبث بشعرها ) لا تفعلي هذا مرة أخرى أتسمعين ؟
حياة : بابا نعمان ... أنا أعرف أن النساء يتحملن الجوع أكثر .. والأمر بالنسبة لي ليس صعبا ً ، وأنت كبير في السن ( تخفي رأسها في صدر نعمان)
مصطفى : إذن فهذه هي القصة ... الخبز بنفسه يختبئ بين المخطوطات والسكر في المعطف ولكن أرى شيئاً واحداً يا نعمان. للأسف لا توجد أوسمة بعد لفتيات في مثل سنها ... لا توجد ولكنها ضرورية ... لكن لماذا لا نحدث وساماً نسميه وسام القلوب الصغيرة الشجاعة. إنه الوسام المناسب في رأيي .
نعمان : نعم قلوب صغيرة شجاعة ( ينظر من النافذة ) عظيمة هي مدينتنا بغداد ألا تعتقد ذلك يا مصطفى؟
مصطفى : وكيف لا أعتقد ذلك .! .. وأنا أرى مراكب الرشيد والمأمون والسندباد البحري تمخر عباب دجلة والفرات، وأرى جيوش المعتصم تتجه نحو عمورية حاملة على رؤوس الحراب صرخة أطلقتها فتارة عربية.. وامعتصماه ( يجلس نعمان ويحتضن العود ويبدأ بالعزف ، مصطفى ينظر عبر النافذة ) إذن فقد تعلمت يا حياة كيف تصبحين قوية. إن بغداد هي مدينتك ... بغداد هي الذاكرة وسوف يزداد حبك لها يوماً بعد يوم .. هاهي الشمس تشرق من جديد ... صباح آخر ... العالم يا حياة لا يعرف مثل هذه المدينة. لم ير العالم بعد مثل هذه الأحزان ومثل هذه الشجاعة وهذا الحب يا حياة .
حياة : أعرف ... ( تقف وتلتصق بنعمان وتبتسم وهي تنظر نحو النافذة) أعرف ... هناك دائما ً شيء آخر نتغذى به غير الخبز ( يعلو صوت العزف على العود ثم يتحول إلى عزف للنشيد الوطني المعروف "موطني" ، يفتح مصطفى النافذة ينفذ منها نور الشمس، كما تصل أصوات بعيدة آتية من البيوتات على شاطئي دجلة تشارك في نشيد "موطني" )*

( مسكين من يحيـا … ورقة بيضـاء يضـع عليـها الآخرون أختـامهم )

من المسرحية

الشخصيات :-
الأول:-.. عينه نافذة تطل على جرح في روحه ….
الثاني:- ضخم....ردة فعله سريعة ….
الثالث:- هادئ …يتلعثم ..يتردد قبل أن يتكلم ..يتحول فجأة إلى رجل قاس .
المرأة : أحياناً تبدو وقد أصابها الجنون .
المكــان
بقايا مكان …
لا ملامح محددة ….. ليس سوى أريكة انتظار في وسط المسرح ..وكل ما حولها …فضاء تركت عليه بصمات مصمم اختزل رؤياه ببقايا أشياء لهياكل تحطمت . ومر عليها زمن .


اللوحة الأولى
تتضح الرؤيا تدريجياً .
يخرج الأول، وكأنه خارج من العاصفة .يقف على الأريكة ينظر إلى كل الاتجاهات ثم يجلس عند الحقيبة الكبيرة التي يسحبها بصعوبة تخرج المرأة … تحمل بقايا جمجمة ....تنظر إلى كل الاتجاهات ثم تعود إلى مكانها وهي تشعر بالخيبة .
الثالث ما أن يدخل و يراهما حتى يخرج .
يدخل الثاني ويجلس على الأريكة في المقدمة قرب الأول .
(الجميع يرتدون معاطف قديمة . أو بقاياها )
الأول (لا زال ينظر إلى البعيد) .
الثاني ( يقترب منه بحذر) هل مرت العربة ؟
الأول هل أنت واحد منهم ؟
الثاني ( ينظر بعيداً ) الزمن سيصلح الأمر .
الأول ستأتي العربة ..من هذا الاتجاه
الثاني وربما تأتي من هذا الاتجاه…(يشير إلى ا لاتجاه المعاكس )
الأول لا ..لا ..ستأتي من هناك .(( تبدو عليه الثقة ))
الثاني ولكنهم قالوا .
الأول لا تصدق أحداً .
الثاني ( يتأمله ) ولماذا أصدقك ؟
الأول لأنني .. لا أحد . ( يشير لرأسه ) ولا شيء هنا(يضحك ) ستأتي العربة من هذا الاتجاه لتأخذنا (ينظر إلى البعيد ) لابد للإنسان أن يبقى على علاقة بشيء ما ، هذا ما حكم به علينا
الثاني من حكم على من ؟؟
الأول هم .
الثاني من ؟
الأول ليس مهما ..ولكنهم أشاروا إلى الساعة . وحين صحوت ، أدركت أن الزمن قد مر .
الثاني لا أحد هنا (يتلفت ثم يجيب على سؤال طرح في داخله) نعم . لا أحد
الأول لا أدري …ربما .
الثاني إذن ،أنت من كان يجلس هنا،طوال الوقت ؟ ثم جاء رجل ..لم أشاهد ملامحه ،حملك بعد أن بقيت ممدداً على هذه الأريكة لشتاء كامل .
الأول كنت أنتظر ..وستأتي العربة من هنا .
الثاني بل من هنا …
الأول وإن وصلت من هذا الاتجاه …ألا تذهب معهم ؟
الثاني ( يفكر ) سأذهب ..ليس مهما إلى أين ، بل المهم أن أغادر هذا المكان .
الأول إذن …انتظر هناك ..وأنا أنتظر هنا …(( يركض الثاني مبتعداً ))
الثاني وإن جاءت عربة من هذا الإتجاه ..وأخرى من الاتجاه المعاكس واصطدمتا . فهل يبقى أمل ؟
الأول لا أظن ( آلة الكمان تعزف لحناً حزيناً ) . ( تخرج المرأة حاملة الرأس ، بقايا جمجمة.. تجلس على الأريكة هي الأخرى ثم تضع الرأس إلى جانبها )
المرأة هل ستأتي العربة ؟
الأول تتكلمين معي ؟
المرأة لا ( تشير إلى الرأس ) معه .
الأول من هذا ؟
المرأة ابني .
الأول ولماذا تحملينه ؟
المرأة ميراث المأساة ، وعلىّ أن أعيده لقد ظل جسده هناك بعد أن خرجت من العاصفة
الأول أنا خرجت من الدخان .
الثاني ( يقدم لها نفسه ) أنا خرجت من الضباب .
الأول لازلت في الدخان
المرأة لازلت أدور ولا أعرف أين أنا ؟ (( ترفع رأس الطفل))العاصفة تطارده وأنا أطارد أباه وحين وجدته ،أضعنا الطريق(تشير إلى الرأس ) لابد أن أعيده إلى الجسد ، نعم سأعيده حتماً ( الأول يتطلع إلى الثاني بهدوء )
الأول (للثاني ) هل أعرفك ؟
الثاني (ينظر إلى المرأة )
المرأة لا أظن ….فأنا خرجت من العاصفة .
الثاني وأنا خرجت من الضباب .
الثالث (تشير للرأس ) وهو خرج .. هكذا ..رأس أفزعته المأساة .
الأول (للثاني ) ولكن..قبل الدخان والعاصفة والضباب ..ألم نلتق ؟
الثاني كل من التقيت بهم كانوا بشراً .
الأول ما دمت تتكلم بهذه القسوة .فيخيل لي أن ….
الثاني لقد مر زمن على وجودي هنا، سنوات طويلة وثلاث وأربعون ثانية
الأول ماذا تعني ؟. ولماذا هذه الثواني .
الثاني هي الأساس
المرأة أنا خرجت من العاصفة . ( تشير للرأس ) وابني نسي جسده فيها.لكني ..أضعت ….ذاكرتي (( تبتعد إلى الزاوية ))
الأول يبدوا أنها لا تأتي (( صمت )) العربة ….يبدو أنها لن تأتي
الثاني لما لا تنادي ..علهم يسمعون
الأول ( يمثل الصراخ بلا صوت )
الثاني ماذا تفعل . أصرخ .أصرخ .
الأول لقد مللت الصراخ ، صرخت كثيراً ، صرخت بما فيه الكفاية ، فمن ولادتي ولحد الآن وأنا اصرخ لا جدوى ومع ذلك..سأصرخ الآن .. عل أحداً يأتي .. عل أحدا يسمع .
الثاني إذا كان من سينقذنا رجلا …فأنا ارفض .
الأول أتحب النساء ؟
الثاني المأساة جعلتنا لا ندري ما نحب …..
الأول قلت لأمي ذات يوم …أنا طائر أعرج ..ركض الأغبياء ليمسكوا به لكنه طار…لقد نسوا أنه يستطيع الطيران…أنا ذلك الطائر .
وهكذا خرجت من الدخان .
الثاني لم أفهم .
الأول أمي قالت ذلك أيضاً …لم أفهم .
الثاني ولكنني رجل ….وعقلي واسع جداً ….من هنا ..إلى
الثالث ( يقاطعه ) اسمع صوت عجلات .
الأول اسكت .(يصمت )
الثاني صوت عجلات ؟؟ .
الأول ( يصغي ) عربة تسحبها أيائل .
الثاني لا …لا ….ربما حشرة تعدو في مكان ما .
الأول ما أدراك ؟
الثاني لا أعرف ولكنني متأكد ..لانها الحقيقة الوحيدة ..الدود هو الحقيقة الباقية
الأول تذكرت ..هذه الكلمة …كنت تقولها على الدوام وتضحك..كيف تدعي أنني لا أعرفك؟
الثاني قلت لك لا أعرفك (( يرددها بجنون )) لا أعرفك …لا أعرفك.
الأول هل أنت متأكد .
الثاني لا لم أعد قادراً على تذكر كل شيء فسنوات طويلة كافية (يتهرب) لم لا تصرخ؟ عليهم يسمعون صراخنا.( يصرخ لوحده ) ها..يا من هناك نحن هنا…( للأول ) ماذا أقول؟ أين نحن ؟ ..في السجن أم ماذا ؟ ماذا يمكن أن تسمي هذا المكان ؟ ما تبقى ؟ ليكن ( يصرخ من جديد ) نحن هنا في ما تبقى من الـ….نحن هنا هيا ..
الأول ( يشاركه ) نحن نموت هنا .
الثاني نحن هنا ولسنا في كوكب آخر .. أتسمعون ؟
( يواصلان الصراخ )
يندفع الثالث بكل قسوته إلى المكان كأنه مجنون .يقف أمامهما حتى (( يتوقفا عن الصراخ . ))
الثالث أيها الأغبياء …دعوني أفكر عسى أن أجد الطريق .
الثاني الطريق على الأرض .
الثالث ( يفرح ) بل هنا .. في رأسي .
الثاني وهل يسع رأسك كافة الطرق ؟
الثالث اسكت .
المرأة زوجي …هل وجدت شيئاً .
الثالث تراجعي
المرأة هل وجدت الطريق ؟
الثالث أنا أبحث عن طريق آخر غير الذي تريدين ، وسأختفي وأخفي أثري كي لا تتبعيني أيتها المجنونة .
المرأة وابنك ؟!
الثالث أنا لا أصلح أن أكون أباً …ولا زوجاً .ولا أصلح لما تريدين أبدا بل لا أصلح لشيء .ولا أريد إلا أن أبقى وحيداً ،فالعاصفة لم تبق في صدري غير الحطام .
الثاني أنت تشبهني …
الثالث لقد سرقوا مني شيئا ،لا أستطيع تحديده ، لا أعرف ما هو .لكنه أفقدني صوابي
الأول من فعل ذلك ؟
الثالث هم ؟
الثاني أنا أعرفهم ….(بهدوء) كنت بينهم
الأول هذا يؤكد أنني أعرفك .
الثاني قلت لا .
الثالث اصمتوا.وإلا قتلتكم جميعاً ، الآن (يرفع بيده قضيباً حديديا،ً فيصمت الجميع) هذا أفضل .. أما الآن فلنطفئ القمر.



( ظــلام )




( اللوحة الثانية )


[ يبدو أن الزمن يمر سريعاً وأن العاصفة تدور لا شيء هناك… يزحف الأول ثم الثاني إلى الأريكة ] ..
الأول لم تأت العربة .
الثاني لم يأت أحد .
الأول ولم كنا ممددين على الطريق ؟
الثاني لقد رموا بنا .
الأول كنا أمواتا …ومع ذلك فقد حلمت .
الثاني وهل يحلم الميت ؟
الأول من يستطيع الإجابة على ذلك ( صمت)هل سنبقى ننتظر ؟
الثاني يبدو أن علينا أن نتكيف مع ما هو حاصل لا محالة
( ينهض الأول متأملاً )
الأول تكيفت دائماً ..تكيفت على الدوام ..انحنيت لأتكيف ..وخسرت الكثير كي أتكيف.
(( يخرج ورقة ويقرأ )) إن القرن الذي عشنا به وتسلقنا زمنه لم يكن إلا ضحية نفسه ومع ذلك قمنا بعملية التكيف رغم أنه قد اندفع كالمجنون …وقتل في طريقه الملايين…الملايين،حتى شاخ وهاهو يتمدد أخيراً على فراش الموت مودعاً …يبكي لقد شاخت أوصاله ، وانتشرت السموم في جسده وأكلت التجاعيد محيّاة ….حتى أصيب بالهذيان .ولم يعد أحد يعرف ماذا يصدق من تاريخه وما يقصه علينا ….نحن الذين شربنا كأسه المسمومة حتى النهاية …ولم نعش اللذة التي عاشها البعض ...سنقف في النهاية هكذا ( يقف بطريقة مضحكة) لنجيب على الأسئلة رغم أننا لم نعرف شيئاً ولم نحي ولم نشاهد ( يتحسس كل واحد منهم ما يقال ) إننا نتسابق للموت، ومع ذلك ربما ستأتي العربة لتنقلنا بعد أن شربنا الكأس المسمومة …تنقلنا من هذا الحطام فهو يحترق كورقة..ولم يعد صالحً . فماذا يمكن أن نكتب فيه بعد؟…كيف نسطر انتصاراتنا على الرماد ؟ إنها بقايا الدخان ، بقايا العاصفة ...بقايا الحريق .
(يرمي الورقة …يجلس مواصلاً البكاء )
الثاني لم تبكي ….وهل يستحق بكاءك ؟ توقف .. لماذا تبكي ؟
الأول لا أعرف .
الثاني ( يصرخ ) ومن يعرف إذن أيها الغبي ؟ ( يقفز الأول لمواجهته )
الأول ألا أعرفك ؟
الثاني إذا كنت لا أعرفك ،فكيف تعرفني؟ ( يتلمس وجهه وكأنه يقف أمام مرآة ) لأنك كنت شخصاً واحداً …أما نحن فأرقام لا أكثر
الأول هذا بالنسبة إليك .
الثاني ماذا تعني ؟
الأول هذا الوجه …هل تنساه …(صمت) نعم أعرفك وهذه قبضتك هذا هو أنت إذن (يهرب إلى الزاوية)...( يتظاهران بالعمى ويدوران في المسرح )
الثاني لماذا تهرب ؟
الأول لأنني عرفتك فعلاً …هذا هو أنت .
الثاني وهل تهرب عندما تتعرف إلى أحد ؟( يبدو أن )
الأول إحذر …لا تقترب مني …أنا لم أفعل شيئاً لا تقترب (يصرخ ) هذا أنت
الثاني من تقصد ؟
الأول الشخص الذي في ذاكرتي ..
الثاني وكيف أعرف الشخص الذي في ذاكرتك لأخبرك إن كنت هو أم لا
الأول هو شخص واحد ، والأجسام المعلقة كلها أرقام .
الثاني ماذا تعني ؟
الأول ألا تذكر ضحاياك ؟ …إذا كنت قد نسيتهم فكيف تتعرف على ضحاياك ممن كان يمكن أن يولدوا، رجال ونساء ،عباقرة ومجانين ، كان يمكن أن يعيشوا …أنت قتلتهم .
الثاني يدي لا تطال المستقبل ..فلا تكن مجنوناً .
الأول قتلت المشروع … الرغبة … الحلقة ..قتلت أحلامهم وشعرهم وجنونهم وحقدهم ، وأطفالهم وصراعهم …لأنك لم تسمح لهم أن يوجدوا أصلاً ( يصرخ ) كان يمكن أن يوجد كل هؤلاء لولا يدك التي عملت عملها يا صاحب العين الجاحظة .
الثاني ( يصرخ بعنف ) من أنت؟؟
الأول ( يقف أمامه ) واحد من الأرقام ، واحد من ضحاياك .
الثاني من أنت ؟؟
الأول واحد ممن قتلت ذريتهم .
الثاني ( يصرخ ) يا إلهي ..
الأول كنت جلاداً .
الثاني كنت .
الأول وكنت أنا أحد ضحاياك .. علقتني إلى حد الموت …لقد أخبرت ابنتي بما جرى فظلت تبكي … لسنة كاملة.
الثاني ابنتك ؟؟ ولكنك قلت إنك (( تقاطعه )) .
الأول نعم لم استطع الإنجاب ..لأنك السبب فأنت من قتل الحياة في داخلي أتتذكر تلك الليلة …الليلة …الليلة ،توسلت أنا فيها ولكنك لم تصغ .
الثاني كنت حجراً .
الأول ( يصرخ ) لم فعلت ذلك ؟
الثاني لم أكن أسمع …كنت حجر .
الأول بكيت أنا …ولم ترحم .
الثاني كنت حجرا .
الأول ثم فعلت فعلتك الشنيعة ، تلك الفعلة جعلتني رجلاً لا حلم له .
الثاني يا الهي ..الهي .
الأول فهربت أنا إلى الضياء ، وسقطت أنت في الوحل ….تزوجت ولم أنجب ثم تزوجت أخرى ..ثم أخرى .
الثاني ألم تقل أن لديك طفلة قبل قليل .
الأول هي إحدى محاولاتي للانتصار عليك ..ولكن حين كبرت..أدركت أن الفتاة لم تكن ابنتي ولن تكون فعاودني ذلك الشعور بالوحدة وظل شبح وجهك يطاردني …و ها أنت ذا أمامي .
الثاني ( بهدوء مرير ) حصان شاخ… كسرت ساقه …ولم يعد يصلح إلا لطلقة الرحمة …( يستدير إليه ) أتعرف …كنت كل ليلة بعد أن أنهي عمل بتعذيبكم أعود إلى البيت لأبكي وأطلب الرحمة والصفح ( يجلس أمامه ) اصفح عني .
الأول لو كنت قد أسأت إلي ….لصفحت عنك ، ربما ، لو كنت غرست سهامك بصدري ربما كنت أستطيع الصفح عنك لو عذبتني أو سرقت مالي …ربما كنت قد صفحت ، ولكن هل تصفح عنك أجيال ، كان يفترض أن تأتي من صلبي ؟؟هل يصفح عنك من لم تره ؟ هل تصفح عنك فتاة كان يمكن تأتي للحياة ويدعوها الربيع ، فتزهو، يداعب شعرها الهواء ؟ هل تصفح عنك روحاً تصارع كي تأتي إلى النور ؟ بعد أن تخترق الظلام كالنجم ثم تحيا وتتنفس وتكبر لتعيش دورة الحياة ( يستدير إليه صارخاً ) أتعلم ما قيمة الهواء ؟ ... رغم كونه بلا ثمن ، إنني أحلم برجال ونساء يندسون بين الغابات والمزارع ويركبون البحر أو ينطلقون في الفضاء أشخاص يولدون في زمن سيأتي .. كل هؤلاء قتلتهم ..سرقت الحياة منهم بفعلتك الشنيعة ، فياله من جرح آثم هذا الذي تحمله ولن يندمل ، ليساعدك الله أيها الإنسان الذي يدرك ما قيمة الحياة ، هل سيصفح عنك كل هؤلاء ؟ ذلك هو السؤال ؟.
الثاني اقتلني لأرتاح .
الأول ها قد أصبح الموت راحة تطلبها . بعد أن كنا نتمناه لننجو منك .
الثاني ماذا أصنع الآن .
الأول لا شيء ….لا شيء ….لا شيء .
( يدخل الثالث حزيناً …يدور وحده )
الثاني ( يقف أمامه ) انظر إلي …أتراني مزقاً ؟؟ ( صمت ) ممزقاً ؟…نعم ممزقا ، إذن لا تركب الطريق الذي ركبته أنا …توقف …تراجع ، انسحب …استرح ، واغسل يديك إن كان ذلك لا يزال ممكناً .( يرفع يديه بوجه هو) هذه البقع لن تمحى إلى الأبد … انظر إليها
الثالث لقد خدعت …دفعوا بي …أجبروني على فعل ما يريدونه وكنت أنفذ ، عسى أن أنجو بنفسي ،لكنها العاصفة لم تترك شيئاً ، ولم أجد إلا مخلفاتهم تلاحقني ، انظر إلى جسدي ، لقد دفعت ثمن ما لم أفعل وتعفن جسد بسببهم ..ولا خلاص لي .
الثاني تراجع .
الثالث من يستطيع التراجع ؟ !! من ؟ (( ينظر إلى الرأس )) أنت ؟
( من الزاوية تصرخ المرأة )
المرأة لا تلمس ابني .
الثالث هذه أماكن البراءة ، هذا فمٌ كان يبتسم ، هذا ما وصلت إليه ( يترك الجمجمة ) يا الهي لقد حاولت أن أنجو ، رضيت أن أكون عبد أي شئ ، إلا أن ذلك لم يفلح أيضاً ( يدور وحده ثم يصرخ فجأة ) مسكين من يحيا كورقة بيضاء ، يضع عليها الآخرون أختامهم ( يدفع قفصاً فيه تجلس المرأة وكأنها تجلس في زاوية .. الثاني يدفعها ليواجه بها الثالث ، فهي الحقيقة التي يهرب منها)
الثالث ماذا تريد من وراء ذلك ؟
الثاني انظر إليها .
الثالث ضعف البصر ….ضعف البصر ...
الثاني لا تنظر بعينيك ..فكلنا نرى ..بل انظر بعين أخرى واسمع ما تريد قوله .
المرأة بحثنا عنك طويلاً ..وأضعنا الطريق .( يندفع الأول )
الأول هل وصلت العربة (( لا أحد يجيب )) لا بأس سأنام بعض أيام إذن ، علها تأتي ( يدخل إلى الحقيبة الكبيرة وينام )
الثالث ( للمرأة ) لماذا تتبعينني ؟
المرأة لأنك لم تعد .
الثالث أضعت الطريق .
المرأة ونحن أيضاً …أنا وابني .
الثالث ( يصرخ ) ما كان عليك أن تغادري المكان . لم فعلت ذلك ؟
المرأة أجبروني على مغادرة المكان الذي كنا نحيا فيه …ولم أستطع حزم أشيائنا ، كم كنت أتمنى أن أحمل كل شيء معي .إلا أنهم لم يسمحوا لي بذل
الثالث رفضوا ؟
المرأة كانوا على عجلة من أمرهم …وكان واجبا علي أن أطيع…فأخذت راس ابني ،وتركت جسده في الغرفة تحت السرير ، هناك دفنت جسده ،ولم تبق العاصفة على القليل الذي حملته معي .
الثالث أتريدين البقاء هنا ؟( يدور في المكان مفجوعاً ) أهذا مكان مناسب للحياة ؟
المرأة لا .
الثالث لم تبعتني ؟
المرأة لا أدري .
الثالث ربما لتتخلص مني …..أتريدين قتلي ؟
المرأة لا أدري .
الثالث لماذا جئت ؟ لم تبعتني ؟
المرأة ( تصرخ ) ربما لأنه لم يعد هناك متسع من الوقت بعد أن سحقتنا العاصفة لقد أضعنا الطريق ،أضعنا اتجاه البيت ..ورغم ذلك فهناك في مكان ما.. بيت لا تضاء مصابيحه في الليل ، أظلمُ كرحم امرأة عاقر لابد أن نعود إليه ، لابد أن أعيد رأس ابني إلى جسده .
الثالث لقد أضعت الاتجاهات وأحدهم سرق مني شيئاً أخل بوجودي لم أعد كما كنت …أتفهمين ؟ لا ادري كيف أصف لك ذلك، اسمعي ... في جسدي حلقة تورمت ،فأصابت جسدي كله بعطب وما أن أستعيد أمراً حتى أجد نفسي فقدت أموراً غيره ،لابد أن أعود كما كنت لكي أستطيع العودة إلى من أحب .
ا
 
لمرأة لم يبق أحد .
الثالث ما فائدة العودة إذن ؟
المرأة ( تصرخ ) لا ..لا تقل ذلك …ولا تهرب .
الثالث تحبين البيت إلى هذا الحد ؟
المرأة هناك جسد ابني …وال .. ال.. ال.. البيت كله .
الثالث أتحبينه إلى هذه الدرجة ؟
المرأة العالم بدونه موحش ، وهو يحبك .
الثالث لا أريد إلا أن أواصل الهرب حتى النهاية .فاتركيني ، اتركيني سأهيم على وجهي علني أجد طريق الخلاص ، سأهيم بكل الاتجاهات..
المرأة ونحن ؟
الثالث سأقطع ذلك الحبل الذي يشير إلى تاريخ لم يعد فيه إلا الحكايات ( يخرج )
المرأة ( تصرخ ) ونحن ؟



( ظــلام )




(اللوحة الثالثة )





( يدخل الثاني وكأنه يهرب من شخص يطارده حتى ينزوي ثم يصرخ فجأة )
الثاني في صدري رجل آخر يجرجرني للتهلكة .
( يجلس ويضع رأسه في الأرض ويعيد تكرار ما قاله .. تفتح الحقيبة ويظهر الأول الذي كان نائماً فيها )
الأول ( يهمس ) أستطيع قتله الآن وهو يهذي .. إلا أن ذلك سيجعل الدم ثوب هذيانه البريء الذي .
الثاني في صدري رجل آخر ...رجل آخر في صدري هو المذنب الوحيد .
الأول إنه يتذكر ضحاياه ، الاعتراف يعيد براءة الموجودات إلى بدايتها، ولكن هل سيكون ذلك كافياً ؟ (صمت ) أأقتله لأحمل عنه همومه التي تطارده ، ذلك ما يتمناه .
الثاني (ينفجر ) في صدري رجل آخر ، لا علاقة بيني وبينه ، يحطم كل ما أريد أو أحلم به ، فحين اندفعت لحب فتاة راح يسخر منها وسحبني للأزقة المظلمة والدهاليز رغماً..رغماً ، ولما حاولت إبعاده عني ، رمى بي في التهلكة وبقيت مثل رجل سقط في حفرة من الوحل.
الأول ( يردد ) ينبغي أن لا نصاب جميعاً بالعمى .
الثاني ( يصرخ ) في صدري رجل آخر .
الأول ( يصرخ ) إننا نصاب بالجنون .
( تخرج المرأة وتضع الرأس في حضنها تهدهده )
المرأة هل وصلت العربة ؟
الثاني ليتها تصل الآن .
الأول ( يواجه )وحتى إن وصلت فلن تذهب معنا .
الثاني لم أعد أثق أنها ستأتي .
المرأة زوجي لم يعد هو الآخر يثق بشيء .
الثاني انتظاركم …..جنون .
الأول لا تحاول خداعنا….لابد أن تأتي .
الثاني كان لدى جارنا كلب يحتجزه لأيام ،حتى يكاد يموت من الجوع فيذبح أمامه كلباً آخر ثم يدفعه لأكله رغماً .. رغماً..وما أن يستعيد نشاطه ويحيا حتى يعيده إلى القفص مرة أخرى ويعيد التجربة بوحشية .كان الكلب وفيا لغرائزه ولهذا فما أن يدخل جارنا كلبا ًآخر بعد أيام ..حتى يدرك الكلب أن عليه أكله ليبقى حيا ًفيلتهمه وذات يوم قرر جارنا أن يأتي بكلب أكبر حجماً وبنفس الطريقة اندفع الأول مدافعا عن وجوده ، لكنه مات بفعل اندفاع الآخر الذي استمر بمواصلة اللعبة .
الأول كان حقاً جاركم ؟
الثاني بل أنا ، وتلك كانت لعبتي .
الأول وتطلب الصفح ؟
الثاني لقد كسرت مثل شجرة وأخذني التيار …هذا ما بقي مني جذع ميت ولكني لا أريد مواصلة اللعبة ،ولهذا على أن أضع حداً ( يصرخ ) كفى،كفى ذهبوا إلى النوم الآن ،هيا …فلن تأتي العربة ليلاً ..أخلدوا للنوم ولا تخرجوا إن سمعتم صراخا .
( تختفي المرأة ..ويدخل الأول في حقيبته ويغلقها . )
( الثاني يعلق ملابسه في مسامير بدو وكأنها شخص آخر ويبقى عاريا، يسود الصمت ثم تستدير الى الهيكل الذي شكله )
الثاني أهذا أنا ؟هذا ما بقي مني ، لقد عذبتني زمناً.( يخاطب الهيكل المعلق) أنظر ماذا فعلت بي .أنظر إلى ضحيتك الأخيرة …أنا ..تبعتك كالكلب ،ووثقت بك ، ولكنك رميت بي إلى التهلكة ،كم تحمل من شرور ؟يا لعذابي (يبكي ،يتألم ، يصرخ ، يعوي،يئن ، ثم ينتهي إلى سكون ) كنت كلما فكرت بالتوبة …وحاولت الهرب تركض مسرعاً قبلي وتغلق الطرقات كلها وتعيدني مرغماً…مرغماً مرغما .فلم انتصر وأهرب إلا حين ..خطرت لي فكرة الصمت .لم أفكر كثيراً كي لا تصغي ..ولم أقل كي لا تسمع .وفي الوقت الذي كنت نائما في صدري ..متلذذاً بانتصارك …هربت أنا . سرت في ليل وفجأة لفني الدخان..ولا أعرف كيف وصلت إلى هنا . ولم اعد اعرف أين اقف ؟ ( يصرخ ) لا أريد مواصلة اللعبة …لا أريد .ولم يعد ممكناً بقاؤك معي …هنا …لا ترغمني…يكفي ذلك .ولهذا سأقتلك.. سأسرق منك وجودك ، علني أبقى كما أريد ..كما أريد ( يهجم على ملابسه كما لو أنه يقتل آخر ،ويسقط كلاهما في الظلمة )



( ظـلام )


اللوحة الرابعة

المكان نفسه
الأول كما لو أنه شاهد العربة …يقفز فرحاً …
الأول ( يعلن بفرح ) وصلت العربة ..وصلت العربة ( تظهرالمرأة مسرعة فرحة )
المرأة ماذا أسمع ؟
الأول وصلت العربة التي ستأخذنا وصلت أخيراً .وصلت العربة
المرأة أعد على مسامعي ما قلت .
الأول وصلت يا امرأة ..وصلت .
المرأة ( للرأس )وصلت العربة يا بني ، وسأعيدك (للأول ) أين هي ؟ أين العربة ؟
الأول انظري هناك ..هناك ….أرأيتها ؟
المرأة نعم .هناك ..ولكنها بعيدة .
الأول ستقترب ما دامت مقبلة ….ستأتي ..ستأخذنا ..
المرأة أتراها بوضوح ؟
الأول نعم .ياله من مشهد أخّاذ ..لم أشهد موكباً بهذا الجلال والروعة، خيول بيضاء تسحب العربة .
المرأة ولكنها بعيدة ..ويخيل لي ..أنها توقفت .
الأول أبداً ….بل هي مقبلة لا محالة .
المرأة إنها لا تتحرك .
الأول ولماذا تفترضي ذلك ؟
المرأة لا أدري ، لكنها لا تتحرك .
الأول أحدٌ يترجل منها،هناك.انظري إليه ( بفرح أكبر ) مقبل إلينا …مقبل
المرأة نعم ..إنني أراه ..ولكن العربة لم تتحرك.
الأول لابد أن تأتي ….لابد أن تتحرك .
المرأة تحركت .
الأول أقبلت .
المرأة بل ابتعدت …ابتعدت .
الأول ( يصرخ ) لا .. (( ينظر إلى البعيد )) الخيول العشرة البيضاء تأخذ العربة وتختفي …لقد …(( ينهار )) لقد ابتعدت ….اختفت واندثرت، نعم ((صمت )) كأنها لم تظهر أصلاً . (تبقى المرأة والأول مفجوعين بلا حركة يتطلعان إلا البعيد ) ( يدخل الثالث .. يتطلع إلى الاثنين )
الثالث ألا زلتما أحياء ؟
الأول ( بلا حركة )) كانت العربة ….هناك …ثم اختفت .
الثالث نعم . أعرف ذلك . فقد كنت أنا من ترجل منها( يبتعد إلى الزاوية ) لقد عدت .
المرأة عدت ؟* …والعربة ؟
الثالث كما رأيت …..اختفت .
المرأة لماذا ؟
الثالث ماذا تنتظرين ؟لا تترددي …تكلمي …ماذا كنت تنتظرين ؟
المرأة أن نذهب …نعود .
الثالث إلى أين ؟ …لم يعد هناك شيء .
المرأة ماذا تقصد ؟
الثالث المدينة .ما عادت هناك اختفت .لا شيء في كل مكان .
المرأة والبيت ؟
الثالث ( يصرخ ) لم أجد أحدا. لم أجد شيئا على الإطلاق ، حتى ولا بقايا.
المرأة ربما لم تستدل على الطريق …أضعته .
الثالث قلبي يدلني يا امرأة .
المرأة يخدعك .
الثالث قبل أن أشك بنفسي …عليّ أن أشك يما هو أمامي .
الأول ( يتقدم ليسأل ) والعربة ؟ لماذا ذهبوا دون أن يأخذونا ؟
الثالث أين صاحبك ؟
الأول أتسمي معذبي .صاحبي ؟ أتسمي الرجل الذي قتل بداخلي الحياة،صاحبي ؟ ( يبتسم ) ياله من أمر مضحك .
الثالث أين هو ؟
الأول مات . حفرت له قبراً هناك،ولم أدفنه ..فقد تذكرت ضحاياه الذين خلفهم بلا قبور ،ولهذا أعدت التراب وتركته هناك . لم أعد أشعر بوجوده وكل ما علي فعله الآن ، أن أركب العربة لأعود .
الثالث لا شيء هناك ،فإلى ماذا تريد الذهاب ؟
المرأة أنت تكذب وهذا هو طبعك ،أنا على يقين من ذلك ، هناك جسد ابني ،ولابد أن أعيد له رأسه ، نعم .. ولكن ( تصرخ بقوة ) في أي اتجاه علينا أن نسير يا إلهي ؟
الثالث ربما يطول الانتظار .
الأول أنت أضعت الفرصة …أضعتها ، بفعلتك أصبحت رماداً .
الثالث لم تكن العربة صالحة ، كانت بقايا .
الأول والخيول البيضاء التي رأيتها بنفسي ؟
الثالث أنا هي ، أنا من كان يسحب العربة ،أنا الخيول التي رأيتها أنت ، ولكني رميت بها أخيراً …نعم رميت بالعربة إلى هوة سحيقة تملؤها رائحة البارود( يذهب إلى الزاوية ليعيد ترتيب مكانه )
الأول ( يدور ) والعربة …..العربة .
الثالث ربما ستأتي ذات يوم …لا أدري ( للمرأة ) لنرتب المكان .هيا .فهو الحقيقة الوحيدة المتبقية .
المرأة ( للثالث ) تتكلم معي ؟
الثالث نعم .
المرأة وهل أعرفك ؟ هل أعرفك ؟ لقد جمعنا الانتظار . ( بحزن شديد ) أنت لا تفهم ماذا يعني ذلك ؟ و لا تؤمن بشيء ، وأنا أنتظر ، لابد أن أنتظر ، لا خلاص من ذلك (تجلس على الأريكة قرب الأول ) ستأتي العربة ؟
الأول نعم ..لابد أن تأتي ..من هذا الاتجاه .( يشير إلى اليمين )
المرأة وربما جاءت ،من ذلك الاتجاه ((تشير إلى الجهة المعاكسة ))
الأول لا ..أنا متأكد …أنها ستأتي من هذا الاتجاه .
المرأة وهل جاءت العربة يوماً من هذا الاتجاه ؟ .
الأول لا أدري ..فالتاريخ لا حدود له . ولكنها ستأتي .
المرأة قبل أن تعود العاصفة .
الأول ستأتي من هذا الاتجاه .
المرأة بل من ذاك الاتجاه .
الأول ( يضحك بسخرية وهو يعيد اللعبة بعناد )بل من هذا الاتجاه .
المرأة لا ..ستأتي من ذلك الاتجاه .
الثالث (من عمق المسرح) وربما ن هذا الاتجاه يشير إلى اتجاه ثالث)
الأول لا …ستأتي من هذا الاتجاه .( يواصلون لعبتهم بعناد وهم يشيرون الى مختلف الاتجاهات ،حتـى يسود الظلام )



( انتهت )
 
المشهد الاول

(مجموعة من الطلاب يلتفون حول داتا شو يعرض مشاهد من فلسطين ولبنان وبعض الدول الاخرى

ويمرا بهما طالبان يضحكان وهما فى حالة انسجام)

أحمد: اية دا اية اللمة دى

فتحى : ايوة صح عرفتة دا باينله مهرجان السينما للجميع

أحمد: دا باينلها لعبت يا توحة وهنتفرج بلوشى

فتحى : طب ياللا بينا

(يدخل الطالبان فى وسط المجموعة ويقف طالب من بينهم خطيبا)

طالب1 : وهكذا يا اخوانى العالم الاسلامى كلة يأن ويتعذب

طالب2 : وليس هناك مكان على الخريطة تضع يدك علية الا وتجد مسلم يستنجد بك وبى ان ننقذهم ونمد يد العون لهم.

طالب3 : فلسطين الشيشان البوسنة والهرسك لبنان العراق كلها جراح فى الأمة الاسلامية

احمد: كابتن كابتن , ايه الاماكن البعيدة قوى دى الشيشان والبوسنة والهرسك مالنا احنا ومالهم.

ط2: مالنا ومالهم اذاى , مش دول بردة بشر ذى ما احنا بشر , مسلمين ذى ما احنا مسلمين ,

ط1 : كل الضحايا اللى احنا شايفنهم دول بينادو علينا ليل نهار.

فتحى : لا يا عم , بينادو عليك انت لوحدك انا عن نفسى محدش نادى عليّـه.

أحمد : وحياتك ولا انا , وبعدين احنا اساساً ساكنين فى السابع يعنى لو حد نده مش هنسمع وإن سمعنا هنكسل ننزل.

ط3 : احنا هنا مش بنهزر احنا بنتكلم عن ناس بتموت ضحايا.

ط1: أم طلعوها من الانقاض حاضنة ابنها , والطفال متشعلق بصدر امه جريمتة إيه , جريمتها أية انهم مسلمين.. ! فوقوا بقى.

ط2 : دم الضحايا بينادى علينا.

فتحى : ياعم دم ايه ! والله العظيم الأرض نضيفة وذى الفل ولسة مسفلتين المسرح اهه.

أحمد : يا جماعة يا جماعة ! احنا جايين الجامعة عشان حاجة واحدة.. ننبسط ونهيص ونتروشن

فتحى : (يعد على اصابعة) دا يبقوا تلاتة ياحبيبى.

احمد : وبس

فتحى : كدا بقوا اربعة (يضحك الاثنان معا)

ط1 يا جماعة مين اللى قال كدا بقولك احنا اتخلقنا لغاية اكبر من كدا.

أحمد : لغاية كدا ياعسل كفاية قوى انا هسيبك ويا الضحايا بتوعك وعندى دفنة فى الكافتيريا اخلصها واجيلك اخد العزا بالإذن يا عم المصلح هتصلحوا الدنيا ؟!

فتحى : يمشى وهو يغنى اغنية العيال مين هيشلها

المشهد الثانى

يدخل فتحى واحمد غرفتهما وهما يضحكان ويلقيان انفسهما على السرير

أحمد: البوستة والهرسك الشيشات

فتحى: كوبرى العطف اول القطعة

احمد: انت عارف احلى حاجة فى الموضوع دة , حكاية الضحايا اللى تنادى ليل نهار دى.

فتحى: ياعم داباينلهم عالم فاضية.

أحمد : بقولك إية خلينا فى المهم (احممم) احنا لازم ننام علشان عندنا الليلة سهرة جامدة طحن

فتحى : بينا ننام يا عم الحلو انت كمان خخخخخخخخخ

(اظلام تام للمسرح يظهر فردان وهما يرتدون ملابس بيضاء عليها أثر الدماء يحاولان ايقاظهما)

أحمد : يوووة يابنى يابنى ارحمى عايز اتخمد

احد الرجلين : قوم للحساب

أحمد : حساب اية وقرأة اية فى ليلتك الجبر دى

الرجل الثانى : ماقلنالك قوم للحساب

أحمد: قامت قيامتك يافتحى يا فتححىىىىىىى

فتحى : يوووو يابنى انا جيت يام ي ي ياااااما انتو مين وعايزين اية

(الرجلان معا احنا الضحايا وجايين علشان الحساب)

أحمد: انت طلبت حاجة دلفرى واكلت مين غير ماتحاسب ؟ إديهم حسابهم ومشيهم

فتحى: يا عم واللة اول مرة اشوفهم

احمد: ايوة بس دى حركة صح حركة وعاملينها فينا علشان تخوفونا

فتحى : اطلع من دول ياعم الحلو انت وهو دا احنا عملتها يجى تلتمتين مرة قبليكم

ضح1 : احنا صبرنا عليك نفد , قوم وبلاش كلام كتير (يمسكة من زراعة)

أحمد: دا بينلة بجد يا فتحى دا اديهم تقيلة قوى

فتحى انا قايم لوحدى انا مؤدب ونبى ماتزقش

أحمد: مين دول دول بقية الضحايا من صبرا وشتيلا وقانا وجنين وفلسطين والعراق

ضح2: دا غير بتوع البوسنة والشيشان وافغانستان البلاد البعيدة قوى دى

أحمد : كنت بهزر

فتحى: ممكن اعرف انتوا عايزين مننا اية

ضح1 : جايين نحسبكوا

فتحى: تانى..! يحاسبونا على اية احنا عمرنا ماكان لنا دعوة بحد

احمد: يعنى على بلاطة طول عمرنا فى حالنا ويس

ضح : 2 يابنى افهم ماهو علشان كدة احنا جايين نحاسبكوا

أحمد:إذاى بقى

ضح1 انت ماسمعتش حديث النبى صل الله علية وسلم من لم يهتم بامر المسلمين فليس منهم

فتحى : يعنى اية

يعنى علشان احنا مسلمين ربنا واحد نبينا واحد لازم نشيل هم بعض والا

احمد : وللا اية

ضح2: ماتستحقش تكون مسلم

فتحى : على فكرة ياجماعة انتو مكبرين المسائل قوىاحنا صحيح عمرنا ما اهتمينا باللى بيحصل فى أى مكان فى العالم

فتتحى : ايوة بس احنا ما اذنكوش ما ضرنكوش فى شئ

ضح1 : سكاتكم صمتكم كان هو الخنجر االممدود لصدورنا ولضهرنا كمان

ضح2 : الساكت عن الحق شيطان اخرس

احمد: اذاى ياجماعة فهمونا اكتر

ضح1عارفين قصة التلات تيران والا سد

أحمد : اية دخل دا فى الموضوع بتاعنا

ضح 2 : دا هو دا الموضوع بتاعنا

ضح1 : كان يا ما كان فى سالف الايام كان فية تلت تيران الاسود والبيض والاحمر

وكان فية أسد حاول كتير انة ياذيهم اويقربلهم لكن ما قدرش

ضح2 : لانهم كانو يد واحدة قوة واحدة

ضح1 : الاسد كان متأكد انة مش هيقدر يتغلب عليهم الا لما يفرق بينهم

ضح: فرق تسد

ضح1 : فعلا راح لهم وأقنعهم انهم يعملوا معاهدة سلام وانهم اولاد عمومة واحتمال يكونو اخوات ومن اب واحد

فتحى: وعلى كدة صدقوا

ضح2 : للاسف ذى ما بيحصل دايما صدقوا

ضح1 : وبعدين راح للتور الاسود والاحمر واقنعهم ان الطور الابيض دا شايف نفسة قوى ومتعنتظ (بصوت منخفض) وعلى فكرة هو دايما اللى بيدل عليهم

ضح2 : وتقريبا له ميول ارهابية وانة تلقى تدريبات فى افغانستان او ايرن وانة ينتمى لتنظيم القاعدةالثور الاسود والاحمر ابتدوا يبعدوا حبه بحبه عن التور الابيض

ضح1 : استغل الاسد الفرصة و هجم على طول على التور الابيض استغاث بخواتة فى ظنكم كان رد فعلهم اية

أحمد: اكيد اكيد ماسبهوش لوحدة

ضح2: محدش سمع ولاشاف , و أعتقد انهم قالوا انه يستاهل لأنه جر شكل الأسد , ولأنه كان بيقاومه لما حاول يأكله..

فتحى : مسكين الأسد !

ضح 1: الأسد ما كتفاش بالتور الأبيض , راح للتور الأسود و أقنعه إن التور الأحمر لونه فاقع قوى , وأنه المنافس الوحيد ليه فى الغابة.

ضح2: و أعتقد كمان إنه أقنعه إنه هيكون حليفه و دراعه اليمين فى المنطقة , آسف فى الغابة. كل اللى كان مطلوب منه الصمت و السكوت و أحياناً الشجب و الإدانة.

ضح1 : طبعاً أكيد وصلتوا لنهاية القصة , التور الاسود يا سادة أصبح وحيد.

ضح2 (متهكماً و هو ينظر إلى أحمد و فتحى) : ما هو كان فى حاله و ملوش دعوه بحد.

ضح1: لما جت اللحظة الموعودة و فاق من الصدمة اكتشف.

ضح2: إن كل الوعود و المواثيق الدولية خدعة كبيرة.

ضح1: التور الأسود قال كلمة بقت حكمة , وكل الناس بترددها لحد دلوقتى.

ضح2: إنما أكلت حينما أُكل الثور الأبيض...

فتحى : تقصد إن إحنا كنا التور الأسود , وانتم كنتم التور الأبيض (مشيراً إلى الضحية 2)

ضح2: بس لو سمحت ما تشاورش.

ضح1: صح مظبوط تمام.

ضح2: و سكاتكم كان هو السبب فى اللى وصلناله دلوقتى. أصبحنا يا سادة (مشيراً إلى نفسه و إلى زميله) ضحايا.

أحمد : لأ لأ , انتم بتبالغوا , انتم كده بتظلمونا , محدش كان يقدر يعمل لكم حاجة.

فتحى : أيوة إيه اللى كان فى إيدينا نعمله.

ضح1: كنتم تقدروا تعملوا زى المعتصم.

أحمد : المعتصم ! , و إيه بقا اللى عمله المعتصم.

ضح2: المعتصم يا سيدى كان خليفة المسلمين , ولما أسر الروم إمرأة و احدة بس صرخت بأعلى صوتها.. وا معتصماه.. وا معتصماه

(إظلام المسرح و إضاءة بجانب آخر)

يبدأ المشهد على كرسى يجلس عليه خليفة المسلمين , يدخل عليه الوزير مهرولاً.

الوزير : يا خليفة المسلمين , يا خليفة المسلمين.

المعتصم : ماذا هنالك يا رجل , ماذا حدث.

الوزير : أ ُسرت إمرأة فى الروم و نادت بأعلى صوتها مستغيثة بك قائلة : وامعتصماه وامعتصماه.

المعتصم : وا إسلاماه وا إسلاماه.

اكتب هذه الرسالة.. من المعتصم أمير المؤمنين إلى كلب الروم , إن لم تأتينى المرأة فسوف أرسل إليك جيشاً أوله عندك و آخره عندى.

(إظلام مع وجود أبيات شعرية ,

رب وا معتصماه انطلقت ملئ أفواه الصبايا اليتم ِ

صادفت أسماعنا لكنها لم تصادف نخوة المعتصم

إضاءة)

ضح2: بالفعل تم إعداد هذا الجيش و لكن الروم أرسلوا المرأة معززة مكرمة تحرسها كتيبة من النساء

ضح1: و أرجع المعتصم للأمة كلها كرامتها و عزتها.

أحمد : شفت بقا , أهو دا أكبر دليل على كلامنا.

فتحى : فعلاً , إحنا مش معتصم إحنا مش خليفة للمسلمين , إحنا مش رؤساء دول , روحوا حاسبوهم إحنا مالنا.

أحمد : إحنا مجرد أفراد ضعفاء , مفيش فى إيدينا أى شئ نعمله.

ضح1: مين اللى قال كده.

ضح2: فيه فى إيديكو ميت ألف طريقة تعملوها.

فتحى : لأ قول لنا طريقة واحدة كفاية.

ضح1: أقل شئ إنك تحس بآلامنا.

أحمد : نحس بآلامكم ! تقصد إيه.

ضح 2 (مشيراً إلى مجموعة من الضحايا) : كل الضحايا دول كانو زيك , ليهم أحلام. آمال.. طموحات , و فى لحظة واحدة صاروخ غادر هدم البيت موت الأم و الأب و الطفل , وفى نفس اللحظة كل الأحلام اتساوت بالتراب.

فتحى : برده مش فاهم إزاى أقدر أحس بآلامهم.

ضح1: اسألهم. !

(يتجه فتحى إلى مجموعة من الضحايا من بينهم طفلة و يبدأ فى سؤالهم)

فتحى : انتم منين ؟ و إيه اللى عمل فيكم كدة ؟ إيه قصتكم ؟

طفلة : أنا من لبنان , مش بعيدة قوى عنكم , كنت فاكرة إنى قريبة قوى منكم , قبل ما تحصل المذبحة

أحمد : مذبحة إيه ؟!

طفلة : كنت أنا و أخويا محمد الصغير و أبويا و أمى فى بيتنا , نايمين , حاضنين الحلم و الدفا.. و جوانا قلوب بتحب كل الكون , و تكره الحرب و الدمار , و فجأة إتحول الحلم الجميل لنار بتحرق كل حاجة , أمى ماتت قدامى.. أخويا محمد.. أبويا , و فى الآخر كان الدور عليّـه.

ما كنتش متخيله إن الدنيا وحشه و إن فى وحوش فى هيئة بشر , وإن العالم كله هيتفرج عليّـه و أنا بموت و الرصاص بيقطع كل حته فى جسمى.. إيه اللى انت عملته , إيه اللى انتوعملتوه.!

كنتوا ممكن تقولوا لأ , كنتوا ممكن تقفوا جنبنا , و كان ممكن أبقى لسه عايشه و سطكم.. إنتوا اللى قتلتونى , , , إنتوا اللى قتلتونى.

ضح1: يا ترى حسيتوا بالألم ؟

فتحى : صدقنى إحنا بنحس , و بنتألم , بس انت برده مجاوبتنيش على سؤالى. إحساسى بالألم هيغير إيه ؟ !

ضح1: إحساسك بالألم هيخليك ترفع إيديك للسما , تدعى.. تقول يا رب ساعدنى , نفسى أكون معاهم , نفسى أخفف عنهم.

ضح2: دى بقا اسمها سهام السحر.

ضح1: دى سهام من ربك مضمونة , محدش يقدر يردها أو يمنعها.

ضح2: إحساسك بالألم هيخليك تتبرع بكل اللى تقدر عليه , علشان أخوك فى فلسطين أو فى لبنان أو فى العراق ما يموتش من الجوع و انتا شبعان , يلاقى البطانية اللى تدفيه , يلاقى الرصاصة اللى تدافع عنه.

ضح1 : إحساسك بالألم هيخليك تحسس الدنيا كلها بنفس الألم , عارف زى مين. !

صلاح الدين الأيوبى.. أكيد تسمع عنه ! ليه كلمه مشهورة قوى.

ضح2: كيف أضحك و القدس أسير..

ضح 1: صلاح الدين الأيوبى حس بالألم , حس إن المسجد الأقصى أول القبلتين و ثالث الحرمين فى الأسر , و أنه بيستغيث بيه , و أنه لازم يحرره من الأسر. ما قدرش يضحك غير لما حرره.

أحمد : يا جماعة صدقونى إحنا اتأثرنا قوى و تعبنا قوى و حسينا إن إحنا كنا بعيد قوى.

فتحى : ممكن بقا نمشى ؟ متشكرين قوى يا جماعة , سلام عليكم.

ضح2: على فين يا حبيبى ؟ انت كنت فكرنا بنهزر؟ دى محكمة , و فى حكم و ها يصدر عليك دلوقتى

أحمد : و مين بقا اللى هايحكم علينا ؟ (الإتنين فى نفس واحد) الضحايا.

ضح2: و دلوقتى هنسمع الحكم.. أظن إن الضحايا سمعوا بما فيه الكفاية دفاعكوا عن نفسكوا. و مستعدين دلوقتى لنطق الحكم.

ضح1: القرار للضحايا , هل ترى الضحايا بعد كل ما سمعناه من السيد أحمد و السيد فتحى و بعد كل ما علمناه أنهم كانوا لا يعيشون سوى لانفسهم , و لم يهتموا يوماً لما يحدث فى العالم.

هل ترى الضحايا أنهم مذنبين ؟

(صوت جماعى للضحايا كآنه صوت آلى) مذنبين , مذنبين

(وهما يلتفون حول أحمد و فتحى فى شكل دائرى)

ضح1: و إيه الحكم اللى شايفاه الضحايا ؟!

الضحايا فى صوت واحد : لازم يحسوا بالألم.. لا زم يحسوا بالألم.

ضح2 : حسسوهم بالألم.(الضحايا ـاخذ أحمد و فتحى إلى مكان مظلم فى جانب المسرح)

أحمد وفتحى يصرخون : لأ لأ.

خلاص إحنا فهمنا , سيبونا نعيش مش معايزين نبقا ضحايا.

(إظلام تام للسرح , ونهاية المشهد)



المشهد الثالث

(اضاءة يظهر على المسرح أحمد وفتحى وهما فى حالة دهشة)

فتحى: اية دة انت حلمت باللى انا حلمت بية

احمد: مستحيل دا يكون حلم

فتحى: امال دا اية

احمد: دا اكيد علم

فتحى: يعنى المأسى اللى احنا شوفناها دى بجد والضحايا دول بجد

احمد:يبدوا يا احمد انها كانت طول عمرهابجد بس احنا دايما ذى النعام بندفن راسنا فى التراب

فتحى: طب والحكم اللى صدر علينا

أحمد : اتنفذ

فتحى: أذاى

أحمد: مش قالو لازم نحس بالالم

فتحى : فعلا واحنا حسينا بالالم والندم كمان يا ترى الوقت فات ولا ممكن تعمل حاجة

احمد: اكيد لسة فية قدمنا فرصة واول حاجة نعملها اننا ذى ما حسينا بالالم لازم كل الناس وكل الشباب اللى زينا يحسوا بالالم هما كمان

فتحى: وما يقولوش ذى ما احنا قلنا (أحنا مالنا)



(تبداء موسيقى التتر وتبداء اغنبة الختام)



ياللى بتقولو احنا مالنا

احنا خلينا فى حالنا

مهما كات النار بعيدة

إن سكتنا هتيجى دارنا

اوعى تبقى شيطان وأخرس

يوم ماتلقى صوت طبول الحق تخرس

غير المنكر بكفك

وان عجزت هيكفى قلبك

بس إياك لما تسمع صوت

طبول الحق تخرس

اوعى تبقى شيطان وأخرس

فينك انت مش لاقيك

شوف عدوك بين عنيك

فاكر انك مستخبى

ناسى ان الدور عليك

صدقونى الدم واحد

صدقونى الجرح واحد

يوم م تحزن ولا تبكى

عين أخوك تبكى عليك

بس اياك لما تسمع

صوت طبول الحق تخرس

اوعى تبقى شيطان وأخرس



تأليف/ زكى محمد خلفة
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top