محكمة التنازع

CHEMSO

:: عضو مُشارك ::
إنضم
7 ديسمبر 2011
المشاركات
285
نقاط التفاعل
8
النقاط
7
المبحث الأول: ماهية محكمة التنازع.
تعد محكمة التنازع الجهة القضائية التي تقوم بالفصل في تنازع الاختصاص، وتستمد أساسها أو مصدر النظام القانوني لها من نصوص قانونية محددة التي أكسبتها خصائص معينة.
..ومن خلال هذا قسمنا هذا المبحث إلى ثلاث مطالب تتمثل في:
المطلب الأول: التعريف بمحكمة التنازع.
المطلب الثاني: المكانة القانونية لمحكمة التنازع.
المطلب الثالث: خصائص محكمة التنازع.

المطلب الأول: التعريف بمحكمة التنازع.
تعد محكمة التنازع مؤسسة دستورية قضائية، أسندت لها مهمة ذات طابع تحكيمي تتمثل في الفصل في حالات التنازع في الاختصاص التي قد تحدث بين جهات القضاء العادي وجهات القضاء الإداري، ولا يمكن لها أن تفصل في منازعات الاختصاص بين الجهات القضائية الخاضعة لنفس النظام فهذه الأخيرة تخضع لتنازع الاختصاص بين القضاة والذي يتم الفصل فيه عن طريق قانون الإجراءات المدنية، وقد نظمت إجراءات تنازع الاختصاص بين القضاة المواد من 205 إلى 213 قانون الإجراءات المدنية ، أما في القانون رقم 08-09 المؤرخ في 25 فبراير 2008 يتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية فقد نظمت في المواد من 398 إلى 403.
وقد نظم المشرع محكمة التنازع في القانون العضوي رقم 98-03 المؤرخ في 03 يوليو 1998 الذي يحدد اختصاصات محكمة التنازع وتنظيمها وعملها.
وقد جاء في نص المادة 2 من القانون 98-03 أن مقر محكمة التنازع يكون في الجزائر العاصمة، طبقا لأحكام المادة 93 من الدستور.
كما أنه ألزم في المادة 4 منه أن كل أشغال ومداولات ومناقشات المحكمة ومذكرات الأطراف تكون باللغة العربية.
المطلب الثاني: المكانة القانونية لمحكمة التنازع
إن محكمة التنازع تستمد مكانتها القانونية من الدستور ومن القانون العضوي 98-03 ومن بعض النصوص القانونية الأخرى ولهذا سنتناولها كما يلي:
الفرع الأول: الأساس الدستوري
لقد اقر صراحة دستور 96 على تأسيس محكمة التنازع وهذا ما جاء في نص المادة 152/4: ""تؤسس محكمة تتولى الفصل في حالات تنازع الاختصاص بين المحكمة العليا ومجلس الدولة".
وتعد هذه الفقرة بمثابة شهادة ميلاد دستورية لمحكمة التنازع، إذ أن المشرع الدستوري كرس فيها الضمانة الأساسية لحسن سير النظام القضائي المزدوج، وذلك بتأسيسه محكمة التنازع فقد أوكل لها اختصاص تحكيمي محدد، وهو الفصل في حالات تنازع الاختصاص بين المحكمة العليا ومجلس الدولة.
كما نجد أن المادة 153 من الدستور تنص على: " يحدد قانون عضوي تنظيم المحكمة العليا، ومجلس الدولة، ومحكمة التنازع، وعملهم واختصاصاتهم الأخرى".
وقد نصت هذه المادة على أن الثوب الذي يفرغ فيه نظام محكمة التنازع يكون في شكل قانون عضوي، إلا أن ما جاء في آخرها " من شأنه إثارة عدة تساؤلات قانونية بالمقارنة الاختصاص المحدد سالفا الذكر والوارد في المادة 152/4 من دستور 96.
الفرع الثاني:الأساس القانوني
يتمثل الأساس القانوني لمحكمة التنازع في القانون العضوي 98-03 المؤرخ في 3 يوليو 1998، والمتعلق باختصاصات محكمة التنازع وتنظيمها وعملها ويعد بطاقة تعريفها، وقد تم عرضه على المجلس الدستوري لمراقبة مطابقته للدستور طبقا لنص المادة 123/2 من الدستور، وتمت المصادقة عليه من قبل المجلس الشعبي الوطني في جلسته المنعقدة في 3 فبراير 1998، ومصادقة مجلس الأمة في جلسته المنعقدة في 3 مايو 1998ونلاحظ انه من خلال تفحص أولي لهذه البطاقة القانونية نجد أنه تكتنفها عدة نقائص منهجية، شكلية وإجرائية وموضوعية.
• من حيث منهجية القانون العضوي 98-03:المتمثلة في سوء ترتيب وتقسيم مواده حسب مواضيع محددة تسهل فهمه، ويتمثل هذا النقص في عدم تخصيص فصل لاختصاصات محكمة التنازع رغم أن المادة 153 من دستور 96 نصت صراحة على ذلك، وان القانون العضوي 98-03 هو بذاته نص على ذلك في المادة الأولى التي نصت على:" يحدد هذا القانون العضوي اختصاصات محكمة التنازع وتنظيمها وعملها طبقا لأحكام المادة 153 من الدستور".
وقد تضمن القانون العضوي 98-03 على 35 مادة مقسمة إلى 5 فصول: حيث أن الفصل الأول يتكون من 4 مواد تتضمن أحكام عامة، ويتشكل الفصل الثاني من 7 مواد تتعلق بتشكيلة محكمة التنازع، أما الفصل الثالث فيحتوي على 3 مواد مخصصة لعملها، والفصل الرابع من 19 مادة وتشمل الإجراءات المتبعة أمامها، أما الخامس فمن مادتين تتعلقان بالأحكام الانتقالية والختامية.
وفضلا عن ذلك وعلى سبيل المثال المواد 3،15،16،17/2،18 كلها تتعلق بمجال اختصاص محكمة التنازع، لكنها وردت في الفصل المعنون بالإجراءات -باستثناء المادة 3 فقد وردت في الفصل الأول- كما وردت المواد 30،31،32 المتعلقة بقرارات محكمة التنازع .
• من الناحية الإجرائية: أنه لم يحترم ترتيب تأشيرات أي الترتيب بين مصادقة البرلمان ورأي المجلس الدستوري على القانون العضوي، حيث أن المشرع رتب مصادقة البرلمان بعد رأي مجلس الدستوري، فإنه لم يراعي في ذلك أحكام المادة 165/2 من الدستور التي تقر صراحة أن المجلس الدستوري يبدي رأيه وجوبا في دستورية القوانين العضوية بعد أن يصادق عليها البرلمان.
• من الناحية الموضوعية: فيمكن ملاحظة سوء توظيف المصطلحات القانونية فمثلا في عنوان القانون العضوي وبعض أحكامه، فباعتبار أن المشرع باستعماله في عنوان القانون العضوي وعنوان الفصل الثالث والمادتان الأولى و14 المصطلحات ""صلاحيات"، ""سير""، و ""تسيير" فإنه لم يعبر بأمانة عن المصطلحات المقابلة لها الواردة في المادة 153 من الدستور.
كما نلاحظ الاختلاف بين عبارتين ""تنازع الاختصاص" الواردة في المادة 152 من دستور96 وعبارة "منازعات الاختصاص" التي وردت في نص المادة3 من القانون العضوي 98-03، فشتان بين العبارتين لغة واصطلاحا.
كما عيب على المادة3 من القانون العضوي 98-03 التعبير المطل فقد حددت مجال اختصاص محكمة التنازع في الفصل في تنازع الاختصاص بين الجهات القضائية الخاضعة للنظام القضائي العادي والجهات القضائية الخاضعة للنظام القضائي الإداري فكان من الأفضل قول: تنازع الاختصاص بين جهات القضاء العادي وجهات القضاء الإداري.
وبالإضافة إلى المواد الموجودة في الدستور والموجودة في القانون العضوي 98-03 نجد أن هناك نصوص قانونية عامة لها علاقة بمحكمة التنازع، فهي تشمل النظام القانوني العام، والتي يستند غليها في القيام باختصاصاتها وهي تتمثل في:
. الأمر 65-278 المؤرخ في 16-11-1965 والمتضمن التنظيم القضائي.
. الأمر 66-154 المؤرخ في 8-6-1966 والمتضمن قانون الإجراءات المدنية المعدل والمتمم.
. القانون 89-21 المؤرخ في 12-12-1989 المتضمن القانون الأساسي للقضاء المعدل والمتمم.
. القانون 89-22 المؤرخ في 12-12-1989 المتعلق بصلاحيات المحكمة العليا وتنظيمها وسيرها المعدل والمتمم.
. القانون العضوي 98-01 المؤرخ في 30-5-1998 المتعلق باختصاصات مجلس الدولة وتنظيمه وعمله.
. القانون 98-02 المؤرخ في 30-5-1998 المتعلق بالمحاكم الإدارية .

المطلب الثالث: خصائص محكمة التنازع.

بناءا على النصوص القانونية السالفة الذكر المتعلقة بالنظام القانوني لمحكمة التنازع يمكن أن نستنتج أن محكمة التنازع تتمتع بجملة من الخصائص تميزها عن بقية المؤسسات الدستورية المستحدثة من قبل الدستور 96 ومن أهمها:
. أن محكمة التنازع تابعة للنظام القضائي باعتبارها مؤسسة قضائية دستورية مستقلة عن الجهات القضاء الإداري والعادي، وليست مؤسسة إدارية، تقع خارج هرمي التنظيمين القضائيين الإداري والعادي، ومن ثمة لها وضع متميز ومكانة خاصة.
. تشكيلة أعضاءها يسودها مبدأ التناوب والتمثيل المزدوج بين قضاة القضاء العادي والقضاء الإداري.
. إن قضاء محكمة التنازع قضاء تحكيمي محدد وليس باختصاص عام، فهو يقتصر على الفصل في حالات تنازع الاختصاص بين جهات القضاء الإداري وجهات القضاء العادي.. إن ملزم سواء لجهات القضاء الإداري أو العادي، ونهائي غير قابل لأي طعن .
المبحث الثاني: قواعد تنظيم محكمة التنازع:
سنتناول في هذا المبحث تشكيلة محكمة التنازع وكيفية سيرها ولهذا ارتأينا تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين هما::
المطلب الأول: تشكيلة محكمة التنازع.
المطلب الثاني: تسير محكمة التنازع
المطلب الأول: تشكيلة محكمة التنازع.
لقد تناولت المواد من 5الى 10 من القانون العضوي 98-03 المتعلق بمحكمة التنازع أعضاء محكمة التنازع و من خلالها يمكن القول أن تشكيلها يسوده مبدأ التمثيل المزدوج و مبدأ التناوب بين قضاة القضائيين الإداري والعادي وعلى هذا الأساس تتشكل من عدة أعضاء هم: رئيس محكمة التنازع, قضاة المحكمة ومحافظ الدولة.
الفرع الأول: رئيس محكمة التنازع.
خلافا للوضع في فرنسا حيث يتولى وزير العدل رئاسة محكمة التنازع، فان رئيس محكمة التنازع بالجزائر يعد قاضيا والذي يتم تعينه لمدة 3 سنوات بالتناوب من بين قضاة المحكمة العليا أو مجلس الدولة، وهذا ما جاء في نص المادة 7 من القانون العضوي 98-03 والتي تنص على:" يعين رئيس محكمة التنازع لمدة 3 سنوات بالتناوب من بين قضاة المحكمة العليا أو مجلس الدولة من قبل رئيس الجمهورية بالاقتراح من وزير العدل و بعد الأخذ بالرأي المطابق للمجلس الأعلى للقضاء" .
الفرع الثاني: قضـاة المحكمة
إضافة رئيس المحكمة تتشكل محكمة التنازع من 6 قضاة نصفهم من قضاة المحكمة العليا (القضاء العادي)، ونصف الآخر من قضاة مجلس الدولة (القضاء الإداري)أي المستشارين في مهمة عادية. ويضفي تشكيل محكمة التنازع على النحو السابق الطابع التحكيمي لها.
ويتم تعيين أعضاء المحكمة التنازع بمرسوم رئاسي صادر عن رئيس الجمهورية كما هو الحال بالنسبة لرئيس المحكمة وهذا ما جاء به نص المادة 8 من القانون العضوي:" يعين نصف عدد قضاة محكمة التنازع من بين قضاة المحكمة العليا، والنصف الآخر من بين قضاة مجلس الدولة، من قبل رئيس الجمهورية باقتراح من وزير العدل وبعد الأخذ بالرأي المطابق للمجلس الأعلى للقضاء".
الفرع الثالث: محافظ الدولة
إضافة إلى تشكيلة محكمة التنازع المؤلفة من7 قضاة بما فيهم الرئيس (المادة يعين بالمحكمة محافظ الدولة ومساعد له، وهذا جاء في النص المادة 9 من القانون العضوي:" إضافة إلى تشكيلة محكمة التنازع المبينة في المادة 5 أعلاه، يعين قاض بصفته محافظ دولة و لمدة 3 سنوات من قبل رئيس الجمهورية باقتراح من وزير العدل وبعد الأخذ بالرأي المطابق للمجلس الأعلى للقضاء لتقديم طلباته وملاحظاته الشفوية.


يعين حسب نفس الشروط المذكورة في الفقرة الأولى أعلاه ولنفس المدة محافظ دولة مساعد.
يقدم محافظ الدولة ومحافظ الدولة المساعد طلباتهما وملاحظاتها الشفوية ".
إلا أن القانون هنا لم يبين جهة انتماء محافظ الدولة ومساعده كما هو عليه بالنسبة لقضاة محكمة التنازع, وهذا من شأنه المساس بمبدأ ازدواجية التمثيل والتناوب، كما انه لم يبين مدى التأثير القانوني للرأي المطابق للمجلس الأعلى للقضاء على المرسوم الرئاسي المتضمن تعيين قضاة محكمة تنازع في حالة عدم الحصول على الرأي المطابق للمجلس الأعلى للقضاء .
الفرع الرابع: كتابة الضبـط
كتابة الضبط التي يتولاها كاتب الضبط رئيسي يعد قاضيا يعين من قبل وزير العدل، إلا أنه لم ينص صراحة على ذلك في المادة 10من القانون العضوي 98-03 التي نصت على: " يتولى كتابة ضبط محكمة التنازع كاتب ضبط رئيسي يعين من قبل وزير العدل"، على خلاف كاتب الضبط الرئيسي بمجلس الدولة الذي نص صراحة على أن يكون قاضيا وفقا للمادة 16 من القانون العضوي 98-01 المتعلق بمجلس الدولة ، حيث نصت على:" لمجلس الدولة كتابة ضبط يتكفل بها كاتب ضبط رئيسي يعين من بين القضاة، بمساعدة كاتب ضبط، وذلك تحت سلطة رئيس مجلس الدولة".
وقد وضع وزير العدل تحت تصرف رئيس محكمة التنازع الموظفين والوسائل الضروري لتمكن من تسييرها، وهذا ما أشارت إليه المادة 11 من القانون العضوي98-03.
المطلب الثاني: عمل محكمة التنازع.

وتتلخص قواعد سير محكمة التنازع فيما نصت عليه المادتان 12 و13 من القانون العضوي 98-03 اللتان جاء فيهما انه لصحة مداولات محكمة التنازع يجب أن تتشكل من 5 أعضاء على الأقل من بينهم عضوان من المحكمة العليا وعضوان من مجلس الدولة برئاسة رئيس محكمة التنازع، وفي حالة حدوث مانع لحضور هذا الأخير يخلفه القاضي الأكثر اقدمية دون أن تبين مصدر انتمائه، إذ يحتمل أن يكون القاضي الأكثر اقدمية لا ينتمي إلى الجهة القضائية التي ترأس محكمة التنازع، وهذا لا يخدم مبدأ التناوب خاصة أنهم كلهم خاضعون للقانون الأساسي للقضاء، وعليه فانه من الأفضل لفكرة التناوب في حالة وجود مانع لرئيس محكمة التنازع أن يخلفه القاضي الأكثر اقدمية ضمن القضاة الممثلين لنفس الجهة التي ينتمي إليها الرئيس.
أما المواد 27، 28 و29 من القانون العضوي 98-03 فنصت على أن محكمة التنازع تعقد جلساتها
بدعوة من رئيسها وهو الذي يسهر على ضبط الجلسة.
كما تفصل في الدعاوي المرفوعة أمامها بمقتضى قرارات تتخذ بأغلبية الأصوات، وفي حالة تساويها يرجح رأى الرئيس وهذا خلال مدة 6 أشهر ابتداءا من تاريخ تسجيلها، كما أحالت المدتان13و14 إعداد النظام الداخلي لمحكمة التنازع والموافقة عليه إلى أعضائها والذي يحدد كيفية عملها خاصة استدعاء الأعضاء وتوزيع الملفات وكيفية إعداد التقارير .
المبحث الثالث: اختصاصات محكمة التنازع وإجراءات المتبعة.
باعتبارها هيئة قضائية فان اختصاص محكمة التنازع يكمن في النظر والفصل في تنازع الاختصاص، حيث تنص المادة 15 من القانون العضوي 98-03 على ما يلي:"لا ترفع أمام محكمة التنازع إلا المواضيع المتعلقة بتنازع الاختصاص".
ولدراسة هذا يجب تحديد معيار ذلك الاختصاص والإجراءات المتبعة أمامها ولهذا ارتأينا تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين:
المطلب الأول: من حيث الاختصاص.
المطلب الثاني: من حيث رفع الدعوى والفصل فيها.
المطلب الأول: من حيث الاختصاص.
انطلاقا من المادتين 152/4 و153 من دستور 96، والمواد رقم 15الى18 من القانون العضوي 98-03 المتعلق بمحكمة التنازع، يستخلص أن اختصاص محكمة التنازع خاص ومحدد قانونا، يقتصر على حل مسالة تنازع الاختصاص بين درجات القضاء العادي والإداري دون التطرق إلى الموضوع الدعوى المنشورة أمامها إلا في حالة ما إذا كان النظر في الموضوع ضروري لتحديد الجهة القضائية المختصة.
ويمكن تحديد اختصاص محكمة التنازع من الناحية العضوية ومن الناحية الموضوعية والذي يتمثل في:
الفرع الأول: من الناحية العضوية.
لا تختص محكمة التنازع بالنظر بتنازع الاختصاص بين جبهات القضاء الإداري فيها بينها، أو جهات القضاء العادي فيما بينها، إذ يخضع الأمر بهذا الصدد إلى أحكام تنازع القضاة طبقا لقانون الإجراءات المدنية.
لقد نصت م152/4 من دستور على أن:" تؤسس محكمة تنازع تتولى الفصل في حالات تنازع الاختصاص بين المحكمة العليا ومجلس الدولة".
ومع ذلك فان القانون العضوي98-03 قد وسع من نطاق ذلك الاختصاص، حينما نص في مادة 03 منه على:" تختص محكمة التنازع في الفصل في منازعات الاختصاص بين الجبهات القضائية الخاضعة للنظام القضائي العادي الجبهات القضائية الخاضعة للنظام القضائي الإداري حسب الشروط المحددة في هذا القانون" .
وعليه فان اختصاص محكمة التنازع إنما يطال وينصب على التنازع في الاختصاص القائم بين مختلف هيئات القضاء العادي والإداري: المحاكم الإدارية ومجلس الدولة من ناحية، والمحاكم والمجالس القضائية والمحكمة العليا من ناحية أخرى.
الفرع الثاني: من الناحية الموضوعية.
كما هو الحال في فرنسا ومصر, فان اختصاص محكمة تنازع بالجزائر يتعلق وينصب على مختلف صور وأشكال التنازع وهي تتمثل في :"تنازع ايجابي، تنازع السلبي، تناقض الأحكام ونظام الإحالة.
أولا:التنازع الايجابي:وتتمثل هذه الحالة في تمسك كل من جهتي القضاء العادي والقضاء الإداري باختصاصها في نفس النزاع موضوعا و أطرافا. إلا أن هذا التعريف الذي نصت عليه م16 ق.ع يتعارض مع الغاية الأساسية المبتغاة من تكريس الازدواجية القضائية والمتمثلة في وجود قضاء إداري مختص مبدئيا دون سواه بالفصل في النزاعات الإدارية واستبعاد القضاء العادي في ذلك.
إن شروط تحقيق هذه الحالة لا يمكن إطلاقا تصورها عمليا والمتمثلة في:
• القضاء المزدوج لجهات القضاء العادي والإداري باختصاصها في الفصل في نفس النزاع، كأن يقضي مجلس الدولة باختصاصه في نفس القضية التي تقضي المحكمة باختصاصها فيها أيضا .
• وحدة النزاع من حيث الأطراف والموضوع وقد ورد هذا في المادة 16/2: "يقصد بنفس النزاع عندما يتقاضى الأطراف بنفس الصفة أمام جهة إدارية وأخرى قضائية، ويكون الطلب مبنيا على نفس السبب ونفس الموضوع المطروح أمام القاضي".
ثانيا: التنازع السلـبي:ويتجلى في حالة إصدار كل من القضاء العادي والقضاء الإداري حكمين بعدم اختصاصهما بنظر ذات النزاع، ومثاله أن يرفع شخص دعوى أمام القضاء العادي فيقضي بعدم اختصاصه، فيتوجه إلى القضاء الإداري ليرفع أمامه ذات النزاع فيحكم بعدم اختصاصه كذلك.
ومن ثم فان التنازع السلبي يقوم كما جاء في المادة 16في حالة قضاء جهة القضاء العادي والقضاء الإداري بعدم الاختصاص في نفس النزاع موضوعا وأطرافا .
ومن هنا سنتخلص شروط التنازع السلبي والمتمثلة:
1-إصدار كل جهة من القضائين العادي والإداري حكمين بعدم اختصاصهما في الفصل في نفس
الدعوى على أساس آن موضوعها يدخل ضمن اختصاص القضاء الآخر.
2-أن تتحقق وحدة الدعوى من حيث الأطراف والموضوع والطلبات.

ثالثا:حالة تناقض الأحكام:وهي تعني وجود حكمين متناقضين صدرا في موضوع دعوى واحدة احدهما عن محكمة عادية والآخر عن محكمة إدارية. الأمر الذي يترتب عنه إنكار للعدالة
وقد نصت المادة17/02 ق.ع على: "وفي حالة تناقض أحكام النهائية ودون مراعاة للأحكام المنصوص عليها في الفقرة الأولى أعلاه، تفصل محكمة التنازع بعدي في الاختصاص".
ويقوم هذا الشكل على توافر الشروط التالية:
• صدور قرارين نهائيين عن كل من مجلس الدولة ومحكمة النقض فصلا في نفس النزاع
• أن ينصب النزاع على الموضوع لا على الاختصاص.
• أن يتناقض القراران فيما قضيا بصفة تؤدي إلى إنكار العدالة، وهنا على محكمة التنازع وبخلاف اختصاصها التحكيمي الأصيل في مسألة تنازع الاختصاص مجبرة على التصدي لموضوع النزاع بصفة سيادية لتفصل محددة الجهة القضائية المختصة بالفصل فيه، ومن ثمة إبطال قرار الجهة القضائي غير المختصة نوعيا وتثبيت قرار الجهة القضائية المختصة نوعيا .
ومنبت هذه الحالة في فرنسا هي قضية rosai والتي صدر عقبها قانون 20-04-1932 الذي نظمها، وتتمثل وقائع هذه القضية في أن السيد روزاي ركب سيارة يقودها صديق له وأصيب بجروح إثر اصطدام مع سيارة تابعة للجيش. رفع دعوى أمام المحكمة المدنية طالبا التعويض، رفضت هذه الأخيرة دعواه على أساس أن الضرر كان بسبب سيارة تابعة للجيش (مرفق عام)، رجع أما محكمة الإدارية التي بدورها رفضت دعواه على أساس أن مسؤولية الضرر تعود لسائق السيارة الخاصة إذ نتج عن هذه القضية صدور حكمين متعارضين من جهتين قضائيتين عادية وإدارية وأصبح المتقاضي في حالة إنكار للعدالة نتيجة عدم إنصاف السيد روزاي وجبر الضرر الذي لحقه ولتغطية هذه الوضعية أصدر المشرع الفرنسي القانون السالف الذكر وأجاز للمتقاضي اللجوء لمحكمة التنازع لكي تفصل في الموضوع بحكم نهائي غير قابل للطعن
رابعا: نظام الإحالة:
يشكل نظام الإحالة طريقة لتفادي التنازع أي السعي لإيجاد حل للنزاع المحتمل قبل حدوثه، حيث تنص المادة 18 ق.ع:" إذا لاحظ القاضي المخطر في خصومة أن هناك جهة قضائية قضت باختصاصها أو بعدم اختصاصها، وأن قراره سيؤدي إلى تناقض في أحكام قضائية لنظامين مختلفين. يتعين عليه إحالة ملف القضية بقرار مسبب غير قابل لأي طعن إلى محكمة التنازع للفصل في موضوع الاختصاص، في هذه الحالة تتوقف كل الإجراءات إلى غاية صدور قرار محكمة التنازع.
عند الإحالة يتعين على كاتب الضبط للجهة القضائية المخطرة إرسال نسخة من قرار الإحالة إلى محكمة التنازع مصحوبة بكل الوثائق المتعلقة بالإجراءات في أجل شهر ابتداءا من تاريخ النطق بهذا القرار".
وعليه فإن هذه الحالة تقوم على الشروط التالية: صدور حكم قضائي بالاختصاص أو بعدم الاختصاص صادر عن جهة قضائية تابعة لنظام قضائي آخر يختلف عن النظام الذي يتبعه قاضي الإحالة.
تقدير قاضي الإحالة أنه في حالة فصله في الدعوى فإن حكمه سيكون متناقضا مع الحكم الصادر عن القاضي الآخر.
وهكذا فإن نظام الإحالة له طابع وقائي، كما يهدف إلى تبسيط الإجراءات وتوفير الجهد والوقت بالنسبة للمتقاضين بموجب قرار مسبب غير قابل لأي طعن .

المطلب الثاني: من حيث رفع الدعوى والفصل فيها.
وقد نصت المواد 17على 21 من القانون العضوي98-03 على الإجراءات المتبعة، حيث ترفع الدعوى أمام محكمة التنازع بموجب عريضة خلال أجل معين.ويجب أن تستوفي الشروط الأساسية وهي:
. أن تكون العريضة مكتوبة تودع وتسجل بكتابة الضبط طبقا للمادة19 من القانون 98-03.
. أن تكون موقعة من طرف محام معتمد لدى المحكمة العليا ولدى مجلس الدولة، أما بالنسبة للدولة أي السلطات الإدارية المركزية فيجب التوقيع العريضة من طرف الوزير المعني أو من طرف موظف مؤهل لهذا الغرض، وبالنسبة للجماعات العمومية الأخرى ( الولايات والبلديات) والمؤسسات العمومية، فإن تمثيلها يكون من طرف الشخص المؤهل قانونا (الوالي، رئيس البلدية والمدير)، وإن كان ذلك لا يعفيها من ضرورة تمثيلها بمحام وهذا ما جاء في المادة 20.
. أن تكون العريضة مرفقة بعدد النسخ حسب الأطراف الواجب تبليغهم، وفي حالة الإخلال بهذا الشرط، تنذر كتابة ضبط محكمة التنازع الطرف المعني لتقديم عدد النسخ اللازمة في أجل شهر، وإلا ترتب على ذلك عدم قبول العريضة وبالتالي الطعن وهذا ما جاء في المادة 21.
أما بالنسبة للأجل المحدد لرفع الدعوى فنجده يختلف فبالنسبة لحالات وأنواع التنازع الثلاث (التنازع الإيجابي، السلبي وتناقض الأحكام) فترفع الدعوى أمام محكمة التنازع في اجل شهرين من تاريخ الذي يصبح فيه القرار الأخير نهائيا أي غير قابل للطعن.


أما في حالة الإحالة فيتعين على كتابة ضبط الجهة القضائية أن ترسل قرار الإحالة مصحوبا بكل الوثائق على محكمة التنازع في اجل شهر واحد من تاريخ النطق بالقرار.
وبعد إخطار رئيس محكمة التنازع بالنزاع يقوم بتعين أحد قضاة المحكمة مستشارا مقررا ليقدم تقريره كتابيا إلى كتابة الضبط قصد إرساله إلى محافظ الدولة ، ويجب على الطرف المبلغ إليه الرد خلال شهر إذا كان مقيما بالجزائر وخلال شهريين إذا كان مقيما بالخارج من تاريخ التبليغ ، وفي حالة عدم الرد ينذره المستشار المقرر ويمهله مدة شهر أخر من تاريخ منحه الأجل.
تعقد المحكمة جلساتها بدعوة من رئيسها في تشكيلة تضم خمسة أعضاء على الأقل –من بينهم عضوان من مجلس الدولة وعضوان من المحكمة العليا - لنظر في النزاع ويترأس الجلسة رئيس محكمة التنازع ويضبطها طبقا لقانون الإجراءات المدنية ويتم استخلافه لوجود مانع من طرف القاضي الأكثر أقديمة.
وبعد تلاوة تقرير المستشار، يمكن للأطراف أو محاميهم تقديم ملاحظاتهم الشفوية، ثم تسمع مذكرة محافظ الدولة.
تصدر قرارات محكمة التنازع بأغلبية الأصوات مع ترجيح صوت الرئيس في حالة التساوي، وذلك خلال 6 أشهر من تاريخ تسجيل الدعوى فيها .
وتصدر محكمة التنازع قراراتها باسم الشعب الجزائري، ويجب أن تشمل أسماء الأطراف والمستندات الرئيسية المؤشر عليها والنصوص المطبقة وعند الاقتضاء طلبات الأطراف. وتكون قراراتها مسببة وتذكر بها أسماء القضاة المشاركين في اخذ القرار وكذا اسم محافظ الدولة. ويوقع الرئيس والمستشار المقرر وكاتب الضبط على الأصل ( المادة 30).
ويتم تبليغ قراراتها من طرف كتابة الضبط إلى الأطراف المعنية في أجل أقصاه شهر من تاريخ النطق به، وفي حالة الإحالة تقوم كتابة الضبط بإرسال ملف القضية مرفقة بنسخة من القرار إلى الجهة القضائية التي كانت قد أحالت القضية طبقا للمادة 18 من القانون العضوي 98-03.
والقرارات التي تصدرها محكمة التنازع غير قابلة لأي طعن، وهي ملزمة لقضاة النظام القضائي سواء الإداري أو العادي.
الموضوع منقول للافادة و الامانة العلمية.
 
نقل موفق أخي
فالمشرع الجزائري في اطار تجسيد مبدا ازدواجية القضاء أقر بانشاء هياكل قضائية متخصصة سواء في القضايا المدنية من جهة او القضايا الادارية من جهة اخرى ، وفي المقابل أقر كذلك بانشاء محكمة تنازع وهي هيئة قضائية مهمتها الفصل في النزاعات التي يمكن ان تقوم بين جهات القضاء العادي و جهات القضاء الاداري .
+
جزاكـ الله الف خير على الطرح
واصل تميزكـ
.
 
شكرا علي المرور
 
شكرا شمس كنت نحوس عليه هدا الدرس مهم جدا في دروس السنة التانية الخاص بتنازع الاختصاص بين القضاء العادي والقضاء الاداري
 
الله ينجحك ان شاء الله اخ عبد الاله
 
بــــــاارك الله فيك أخــــــــي موضوع قيـم:re_gards:
 
لا شكر علي واجب اختي الكريمة
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top