الفرق بين الرؤيا و الحلم

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

kaya44

:: عضو مُشارك ::
إنضم
11 نوفمبر 2008
المشاركات
442
نقاط التفاعل
1
النقاط
7

الفرق بين الحلم والرؤيا



يفرق العلماء بين الحلم والرؤيا ، لقوله -صلى الله عليه و سلم- : « الرؤيا من الله ، والحلم من الشيطان».


والمقصود بالتفريق نسبة الخير لله ، والشر للشيطان ، كما في الرواية الأخرى : « إذا رأى أحدكم رؤيا يحبها فإنما هي من الله فليحمد الله عليها وليحدث بها وإذا رأى غير ذلك مما يكره فإنما هي من الشيطان ».
وإلا فقد ذكر النبيّ-صلى الله عليه وسلم-الرؤيا من التهاويل أنّها من الشيطان فسمّاها رؤيا .
قال : عيسى بن دينار : (الرؤيا : هي رؤية ما يتأول على الخير والأمر الذي يسر به، الحلم : هو الأمر الفظيع المجهول يريه الشيطان للمؤمن ، ليحزنه ويكدر عيشه)
والمقصود أن كلا المشاهدتين من أسماء الخواطر القلبية ، ممّا يعرض في ذهن النّائم من الصور والتخيّلات ؛ وعليه : (فمعنى الحلم معنى الرؤيا ، ولكن غلب استعمال الرؤيا في المحبوبة ، والحلم في المكروهة ).
ولذلك قال ابن الأثير –رحمه الله- في «النهاية» (1/417) : «الرؤيا والحلم عبارة عما يراه النائم في نومه من الأشياء، لكن غلبت الرؤيا على ما يراه من الخير والشيء الحسن ، وغلب الحلم على ما يراه من الشر القبيح ، ويستعمل كل واحد منهما موضع الآخر ، وتضم لام الحلم وتسكن».


وأحسن منه أن يقال : «الحلم عند العرب يستعمل استعمال الرؤيا ، والتفريق بينهما من الاصطلاحات الشرعية التي لم يعطها بليغ ، ولم يهتد إليها حكيم ، بل سنها صاحب الشرع للفصل بين الحق والباطل ، كأنه كره أن يسمى ما كان من الله وما كان من الشيطان باسم واحد»


وأيضاً تقول عائشة بنت عبد الرحمن المعروفة ببنت الشاطئ في كتابها «الإعجاز البياني في القرآن» (ص215-216 ط المعارف) ، وهي تتحدّث عن الألفاظ المترادفة في العربية : «في آيتيّ يوسف مثلاً ، عن رؤيا ملك مصر :

{ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُون قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلاَمِ بِعَالِمِين} [يوسف:43،44] .

المعاجم تفسر الحلم بالرؤيا ؛ فهل كان العرب الخلّص في عصر المبعث يضعون أحد اللفظين بدلاً من الآخر ، حين تحدّاهم القرآن بسورة من مثله ، فيقال مثلاً : أفتوني في حلمي إن كنتم للحلم تعبرون ؟
ذلك ما لا يقوله عربيّ يجد حسّ لغته ، سليقة وفطرة ، ونستقرئ مواضع ورود اللفظين في القرآن فلا يترادفان ..
استعمل القرآن الكريم ( الأحلام ) ثلاث مرات ، يشهد سياقها بأنها الأضغاث المهوشة والهواجس المختلطة ، وتأتي في المواضع الثلاثة بصيغة الجمع ، دلالة على الخلط والتهوش لا يتميز فيه حلم عن آخر : { بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ } [الانبياء : 5 ] .

وعلى لسان الملأ من قوم العزيز ، حين سألهم أن يفتوه في رؤياه : { قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلاَمِ بِعَالِمِين} [يوسف:44] .

وأما الرؤيا ، فجاءت في القرآن الكريم سبع مرات ، كلها في الرؤيا الصادقة ، وهو لا يستعملها إلا بصيغة المفرد ، دلالة على التميز والوضوح والصفاء .​

من بين المرّات السبع ، جاءت الرؤيا خمس مرّات للأنبياء ، فهي من صدق الإلهام القريب من الوحي :
  • رؤيا إبراهيم –عليه السلام- في آية الصّافّات : {وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيم قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِين} [الصافات: 104 ، 105]
  • رؤيا يوسف–عليه السلام- إذ قال له أبوه : { قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ } [ يوسف : 5 ] .
نتابع سياقها في السورة وقد صدقت وتحققت : {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَـذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا } .
  • رؤيا المصطفى –صلى الله عليه وسلم- في الإسراء : { وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ } .
  • رؤياه في الفتح : {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لاَ تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح:27] .
فهذه خمس مرات من استعمال القرآن للرؤيا من الأنبياء ،
والمرّتان الأخيرتان في رؤيا العزيز ؛ وقد صدقت . وفي آيتها عبر عنها القرآن مرتين على لسان الملك بالرؤيا ، لوضوحها في منامه ، وجلائها وصفائها ، وإن بدت للملأ من قومه هواجس أوهام وأضغاث أحلام : {وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُون قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلاَمِ بِعَالِمِين} [يوسف:43،44] .
وتمضي القصّة في سياقها القرآني ، فإذا رؤيا الملك صادقة الإلهام ، وليست كما بدت للملأ من قومه أضغاث أحلام . »


وبهذه التعريفات من كلام أهل العلم ، يظهر أنّ الرؤى والأحلام لها حقيقة ، وجوديّة ، مخلوقةٌ في ذهن الرائي ، والنّائم ، وليست هي بالشيء العدميّ كما ينكره أهل البدع ؛ بل ذكرها الله –عز وجلّ- في كتابه ، وأخبر برؤى جماعة من الأنبياء –عليهم السلام- وغيرهم، والواجب حمل الكلام على الحقيقة الشرعيّة ، وهذا هو الذي فهمه أهل العلم ، وردّوا على من أنكر ذلك ، بل ذكروا أنّ منكر الأحلام ، وعلوم التعبير من أهل البدع ، كالمعتزلة والقدريّة وغيرهم حتّى ذكر هذه المسألة جماعة ممّن صنّفوا في الاعتقاد ، وأثر فيها نقول عن أهل العلم الكبار .
  • يقول الإمام أحمد بن حنبل –رحمه الله-:«و الرؤيا من الله حق ، إذا رأى صاحبها في منامه ما ليس ضغثا ، فقصها على عالم ، وصدق فيها فأولها العالم على اصل تأويلها الصحيح ، و لم يحرف ، فالرؤيا تأويلها حينئذ حق ، و قد كانت الرؤيا من الأنبياء وحيا ، فأي جاهل اجهل ممن يطعن في الرؤيا ، و يزعم أنها ليست بشيء ، و بلغني أن من قال هذا القول لا يرى الاغتسال من الاحتلام ، و قد روى عن النبي –صلى الله عليه وسلم- :«أن رؤيا المؤمن كلام يكلم به الرب عبده» و قال –صلى الله عليه وسلم-: «إن الرؤيا من الله» ».
وقال أبو الطيّب في «قطف الثمر» (ص : 111-112) : «والرؤيا من الله تعالى وحي حق ... وتأويلها حقّ ... فأيّ جاهل أجهل ممّن يطعن في الرؤيا ، ويزعم أنّها ليست بشيء ».
  • قال عثمان بن سعيد الداني (ت : 444هـ) –رحمه الله- في «الرسالة الوافية لمذهب أهل السنة في الاعتقادات ، وأصول الديانات» (ص:190-192) : "ومن قولهم –أي : أهل السنة والجماعة- إن التصديق بالرؤيا واجب ، والقول بإثباتها لازم ، وأنها جزء من أجزاء النبوة ، كما ورد الخبر عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ، وروى أنس ، وأبو هريرة عنه قال : «الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة» .
ومعنى ذلك ، أن الأنبياء عليهم السلام يخبرون بما سيكون ، والرؤيا تدل على ما سيكون .
وقال –عز وجل- { لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ } [يونس : 64] .
وجاء عن النبيّ –صلى الله عليه وسلم- ، وعم غير واحد من الصحابة ، والتابعين ، أنها «الرؤيا الصالحة يراها أو تُرى له» .
وقال –عز من قائل- مخبراً عن نبيه يوسف –عليه السلام- :{إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِين} [يوسف:4] إلى آخر الآيات .
وقال مخبرًا عنه : { هَـذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ } وكذلك ما أخبر به من رؤيا إبراهيم –عليه السلام- في قوله : { فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ } يريد : العمل ، أي : بلغ أن يتصرف معه وأن ينفعه : { قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ } إلى آخر الآيات .
وقال النبيّ –صلى الله عليه وسلم- : «الرؤيا من الله ، والحلم من الشيطان»"


للشيخ الالباني رحمه الله
 
بارك الله فيك وحفظك واطال عمرك وثبتناالله واياك على الحق
 
بارك الله فيكم
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top